![]() |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الرابع * أي مقاس يصلح ليكفّن شجني .. ؟ أهو المقاس بين طاولتي و حدود عبورها ... إذن يلزمني انحناءة أخرى تحت شمس ذلك المكان ... كإعادة تمثيل لجريمة التنكيل بشواهدي و آهاتي التي تصدَّعت حتى يكون الزفير أكثر رعونة .. فيشطر بذلك صدر الأحلام الباهتة لتنتهي بعده أسطورية ليلة لعينة .. الندبة التي تركتها بذاكرتي تلك اللّيلة شوَّهت عددا من الذكريات، كانت محاذية و تطفَّلت بطريقة أرستقراطية منعت معها كل لحظة شك أو مراوغة خاطر .. على كم هائل من أخبار المساءات .. و جلسات تناول الشاي المحلَّى بأطياف نساء و كعك العبور الآسر الذي يُخلّف معه وشم احتراق .. يَختفي بعدها بزلّة من جبل جليدي .. ***** مصر تتألّم و الموت يقدِّس طقوسه ... و يصنع لفافاته العصرية .. و ينفثها في الشوارع المزدحمة بالأفكار التحرّرية و الأجساد التي أنهكها السهر و المبيت في العراء محاولة لإيصال أصوات بقيت مكتومة طيلة نصف قرن .. حتى الأطفال في مشهد تاريخي تنازعوا الشارع مع الرجال .. كدليل أنّ السلطة للشعب . لا مكان لدكتاتورية لا تملك شرعية تصفية الحسابات، لا مكان لفرد يأمر و لا ينتبه لزلّات لسانه، يردع و لا يحاصر هفواته .. وحدها فئات الشعب المختلفة صاحبة القرار السياسي و لها فقط حق التمثيل الدبلوماسي أمام الرّأي العام الدولي و الحكومات المناهضة للأفكار الدكتاتورية الهدامة .. وحده الشارع يملك صلاحية تشييد قصر رئاسي على مقاييس ميوله و أهوائه بحيث يعرف أبوابه الخفيّة التي يمكنه الولوج منها عند كل تمرّد و خروج عن دستورية حكم الأغلبية .. مطر الدماء لا يزال يهطل بغزارة و لا توجد أيّة بوادر لربيع قريب .. قد يُسكن غضب الشتاء، العاصفة التي استدعت كل غطرستها و جنونها لتصبهم هناك .. تهافت جمهوري كبير و مطالب سياسية و عدسات كاميرا تشحن الحدث و و و و .. الوضع يتأزّم .. الواضح أن أعواد الكبريت التي خلّفتها علبة البوعزيزي قد هُرِّبت بأيادٍ مسؤولة عبر حدود العروبة لتصل في زي تنكّري ( في صورة أنثى ) و كانت النساء صديقات حميمات للحدود .. منذ زمن التجسّس الأول .. حتى أنّ التاريخ يثبت أنّ الحروب العالمية و الأزمات سببها أنثى .. حتى جرائم الإنسانية نُفِّذت بتواطؤ نسائي .. ذلك أن المرأة هي الهدف الأول و الأخير لكل توجّه سياسي رجالي .. و لكل حزب يعمل في الخفاء و لكل رغبة في الارتقاء .. حتى الجزائر بدأت تختنق من حجم الدخان المتصاعد .. فتيل الفتنة يواصل اشتعاله بوتيرة بطيئة لكنه سرعان ما أُخمد بتلبية مطالب اجتماعية محضة ...كان الشارع الجزائري لا يزال يعايش آثار النكبات القديمة و العشرية السوداء و سيول الدماء التي جرفت معها الأخضر و اليابس من الرّضع و الشيوخ .. مفارقات ليل أسود لا يزال متربصا بكهوف الذاكرة ... و مواقد الحدث . لا زالت رائحة الموت تُعبِّق الأمكنة .. مسك توارثته أجيال الاستقلال و الحقبة السوداء ... يوزّع في عنصرية شديدة .. فيضانات باب الواد التي جرّدت الشطآن من رمالها و غطّتها بأفرشة خريفية فاخرة ( جثت و رفات ) و كأنّه تغيير رداء ... لأشهر طويلة و سكان باب الواد يدوسون الجثث .. المئات من القتلى و المفقودين لحدود الساعة ... احتفلت الجزائر على إثر ذلك بمهرجان الموت الوطني و قدّمت قرابين عزاء لسماء ذرفت حدا أسطوريا من الدموع حزنا على مجتمع غاص في وحل مشبوه، تلّته انتكاسة قدر انهار ليزعزع الأرض بانهياره .. حتى البحر أعلن سخطه فجأة و انفجر ضاحكا في وجه مدينة صنعت قدرها المهووس بالخداع، ثم في لحظة تعر من هيبته تراجع للخلف و كأنّه احتضار، إثر شهقة مباغتة و في ثوان استرجع أنفاسه و ضخَّها بشحنة مضاعفة انتقاما من أرض شهقت فجأة ثم نتيجة لزفيرها المدّمر و في لحظة استفزاز من الطبيعة الغاضبة، ولد من تحت أنقاض الشجن زلزال 2003 الذي جاء ليفضح غش المباني .. عمارات بكاملها سقطت ... و كسور في الذاكرة و تذكير من الله بيوم الحساب .. و شحنات التوبة التي غزت الجزائر لما بعد الهيجان، حتى و إن خفتت بعد ذلك بزمن .. العاصمة الجزائرية بدت و كأنّها تغيّر حلّتها من الحين للآخر .. برداء موت جديد، شتوي و صيفي و قد تمتزج الفصول فيتيه الشارع بين اللّباس الصوفي و خرقات الصيف البالية .. الممزّقة .. العارية .. غير أنّها تتشابه في الانتماء السحري ليقين اسمه الموت .. الشعب في الجزائر لم يطالب بإسقاط النظام ( غير التفاتات باهتة من أحزاب معارضة ) لم يعرها الشارع انتباها .. الشعب استفاد من حالة الغليان العربي و البخار الذي تحوَّل إلى غيمات متنقّلة تضخّ مطرها شعارات مندّدة و رقصات متناسقة .. ساندها في شقّها الاجتماعي .. وجدها فرصة سانحة ليضع قائمة مشتهياته على طاولة الأحلام وشيكة التحقيق و كأنّ المصباح السّحري جاهز لاستقبال الطلبات الآن و كفى ... فرص عمل ... زيادة رواتب ... سكنات .. هناك من تأثر بأسطورية انتحار البوعزيزي فحاول تقليده لإيصال بحَّته لأصول الشتاء في غياب المسكّنات ... و لأنّ الحرق أصبح موضة و وسيلة سريعة للشهرة و الأضواء .... كانت تجربة مقتبسة بمظاهرها فقط .. قد لا يعلم البوعزيزي أنّه دخل التاريخ بمجرّد تحوّله لتمثال متفحم، لا يصلح لوضعه رمزا لوطن فوق منصّة تاريخ جريء لا يبرئ ذمة داخليه عنوة بقدر ما يسجِّل انتكاسة مبتورة الهوامش ثم يُوَّقع خلفها و يبصم بإصبعه العاشر حتى تُصدِّقه الأجيال القادمة التي لا تعترف بالكتب و لا الأوراق .. مسكين .. أشدّ ما آلمني ما لحق به من مجد دون أن يستفيد ... دون أن يشهد مراسم إعادة دفنه كبطل أسطوري و شهيد وطن بزغردات نساء و باقات ورود من تلك التي تُغرس للأمراء، دون أن يقصّ شريط حي سيسمى باسمه و يوقّع على وثيقة تولّيه حكم مجد ملفّق .. يا لسخرية القدر .. ***** تلك المرأة التي أشعلت لفافات أحرفي لأشهر و نفثت دخانها بسماء شجني فلبدّتها ... ستدخل التاريخ، ستدوّن سراب وجودها بين صفحات ديوان جديد سيوزّع قريبا على مكتبات شوارع الجنون ... سيحمل تصاميمها الغربية ... و تصاميمي التي أصبحت كلاسيكية بعد ليلتها تلك .. و كأنّها سارت بها عبر جسر من زمن روماني غابر .. فألبستها ثياب التاريخ المطرّزة .. غرفتي مثخنة بشحنات زفيري ... و بخار تنهيداتي المتصاعد و الغيم المكوّم فوق زجاج نافذتي و صفحات تنتظر هطول الشعر عليها ... ميدان التحرير المصري يشهد عرسا تهافت عليه الملايين من المدعوين ممن يحملون بطاقات تعريف عربية و هوّية مصرية مهزوزة .. شعارات مرفوعة و أخرى تحرِّرها الألسن الملتهبة و تمليها الأرواح المعذّبة التي رحلت قبل أن تخفّ وطأة الزِّحام و تفتح الطريق نحو ميدان التحرير .... مصر خرجت أخيرا من بؤرة الضياع بعد جمعة رحيل أخرى تضاف إلى رفيقاتها السابقات .. نجحت ثورة 25 يناير و انتصر الشتاء أخيرا على حمم صيف مجهولة الفوهة البركانية التي لفظتها و كأنّ فصلا غريبا تلاعب بعقارب الفصول .. سقط النظام أيضا رغم حصاده المبّكر و الغنائم الكثيرة ... بعض الحقول احترقت بفعل القصف العشوائي لأشّعة شمس حارقة و صيفٍ جاء حرا أكثر من سابقيه .. تمرُّدا على كل ما هو كلاسيكي في اللّعبة السياسية الموسمية .. سقط النّظام إذن .. و معه سقطت أنظمتي و مبادئي على جدار ملهى ليلي ... و دون شعارات .. وحدها انحناءات الضمير أمام قداسة المشاعر من كانت تشحنني بمكابرات خافتة، واهية في مجملها و كأنّها تداري عجزا و تذمرا متواريا خلف أنسجة الخيال .. حتى أحرفي ملَّت الانتظار .. حتى دفاتري شابتها حالات ضجر خانقة جعلتها تتثاءب في محاولة لاستدراجٍ فاشل .. مصر تعيش عهدها الذّهبي الجديد، دخلت في ترميمات تحالفت عليها قوات شعبية محاولة لبناء مصر جديدة .. و كأنّه استكشاف لمعلم تاريخي جديد .. يحتاج لرتوش و زخرفات ليصبح جاهزا ليوضع بإطار زجاجي لامع في متحف عربي، يحتاج كل إطلالة مساء لتلميع خاص حتى لا يفقد بريقه .. تلك الفصول من الذاكرة العربية الموّقعة فجرا بأقلام غامضة لا يُكاد يُرى منها غير الرماد المنثور فوق الخطوط المرسومة قبلا .. حتى يظهر التوقيع في أيّة لحظة يُطلب فبها التوثيق و الرسمية المقتناة لحالات الحرج المباغتة .. تماما كعقد زواج عرفي .. بتاريخ معيّن و توقيع ينتسب لما قبل مرحلة التفقّد الضميرية .. كإثبات على شرعية فرضت نفسها بقوة .. و اختلست من الواقع فرضية صحيحة لتلفّق التهم و تحيد بعد ذلك عن جادة صوابها و تتفرّغ للهوس الكاذب على العقول المرهفة، السطحية .. و أنا في كامل إصغائي لقلمي الحائر .... تذّكرت قضية أم درمان السودانية و حكاية المشادة العربية البائسة بين شعبين لهما نفس الماضي الثوري المجيد و الحاضر الكروي الأحمق ...و كأنّ نقاط الالتقاء بين الجيلين قد داستها أصابع أقدام حقيرة ... احترفت اللّعب بعقول المجانين المشوّهة .. القضية التي تصبَّبت عرقا لأشهر طويلة على صفحات القلوب الميتة ... جرفت معها تنهيدات طفل فلسطيني لا زال جالسا فوق أنقاض بيته المدّمر ينتظر .. مرور علم عربي يقهر بداخله شجن فراق أحبته .. و يضمّه في استنساخ تام لصورة والديه من وحي الدم العربي .. و همسة أمومة خافتة تستنكر عدوان الألم عليه .. شتّتت قافلة فلسطينية كانت تُجهّز للعودة إلى الوطن، عبر ممر عربي سحري .. تشنق على حوافه هفوات الخيانة .. معبر بانعطافات شعرية، بمتاهات حرفية تشحن العيون للبكاء .. لأنّ القلم الجاف لا يصلح لأنّ يطالب بحقّه في حبر فاخر .. تلك القضية أضاعت رداءنا الشتوي المقاوم لقطرات المطر المجمّدة .. مزّقت بهفوتها الصارخة مضلّة الصقيع التي كانت ستقهر فوهة بركان تربّصت بمداخل الربيع ... أشاحت عنا وجه الخريف الذي كان سيحمل فوق أوراقه المتساقطة رسائل حنين مشفرّة تدعو العروبة لتستفيق بصفعات عاصفة عربية محضة لا مكان فيها لذرة رمل غربية .. !! قضية فجّرت تساؤلات حول المصير السياسي .. عفوا الكروي و حتمية دخول كأس العالم العار ... العروبة لا زالت تعيش فصول مراهقتها ... فهل كانت الصفعة التالية حقا ربيعا عربيا داخله الخريف في مواقع مجهولة .. ؟ أم كان ذلك مجرد سخرية متعمّدة من الفصول .. ؟؟ |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
حياة شهد
دعيني ألتقط أنفاسي أولا ثم أستوعب دهشتي حياااااااااااااااااااااااااة ما كل هذا ؟ ما شاء الله عليك قرأت قراءة عابرة لأنني أصلاً خدعت بالعنوان ظننت أنني سأجد نصوصاً ناعمة تليق بالمساء الهادىء وإذ بي أمام نصوص تحتاج شحذ الهمم والجلوس بوضع جيد لاستقبال المعلومة بشكلها السليم هنا ما يستحق القراءة أو بالأحرى نحتاج المكوث هنا طويلاً ماذا تدرسين أيتها الرقيقة حياة شهد .. كم أنا فخورة بك بنيتي الغالية إلى الأمام وأعدك بعودة تليق بك وبما تفضلت به من طرح مميز بوركت |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
سيدتي الفاضلة الرقيقة الغالية ميساء .. و الله أنا خرساء أمام كلماتك .. لا أجرؤ على الرد و قد شملتني بعطفك و رقتك و طيبتك .. شكرا بقدر النجوم .. و المطر .. و بقدر الدنيا .. لك كل عبارات الحب و التقدير و لا تكفيك .. علّ ابتسامة خجولة تبثك عمق امتناني شكرا |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الخامس * كل ما تجلّى أمام نظري تلك الثواني أنّ العروبة لا زالت تعيش فصول مراهقتها ... ! ****************************** كما كنت تماما أسترجع تفاصيل مراهقتي ... كنت أُقلّب دفاتري القديمة علّني أجد بين أنقاض الكلمات طيف امرأة ... بتفاصيلها المرسومة على لوحات وصفي كرجل يتوق لكل ما هو خاص .. و شاعري، متدّفق البراءة و العفّة .. كنت أبحث بين الكلمات المتلعثمة التي تخرج من شفتيّ مشلولة من أثر الانحناءات الكثيرة بمجاري دمي .. و لأنّها مرّت بقالب شراييني المكّهرب خرجت مشوّهة، خرجت مشنوقة، أعماقي تحتضر .... التحفت الصمت لليال طوال بعد أن شعرت ببرد يدوس باحتقار شديد منطلق الكلمات .. و أدخلت قلمي في استراحة استجمام بتاريخ مفتوح حتى لا يفضح تاريخا قد خرج لتوّه من عتمة الحاضر .... رفضت الكتابة و كلّ ما له صلة بمعترك الصفحات المشحونة .. لطالما طاردتني خاطرة البحث عنها بين زحام الأجساد المتمايلة في تناغم شديد و الموسيقى الشاردة الحواس ... و بين الطاولات الملّغمة بكؤوس الضلال و بين قطع القماش و بين جسور الطّيش و العبث .... خرجت منتصرا من حروبي النّفسية المتجبّرة بخسائر أكثرها معنوية، زجّت بي بأقبية الشجن الموحش، الذي التهم جزءا من ذاكرتي و شوّه تصاميم قصري بمداخله الاثني و العشرين، ... و أتلف أشجار حديقتي الغنَّاء و شرَّد حدود الظِّلال، داس زهر الياسمين الأبيض، بما يحويه من معانٍ لكفنٍ عربي أصيل و أبقاني وحيدا تجلو الرّياح هشاشة عظامي فتصعقني كل ثانية و تلتّف حول عرس تَحطُّمي، ترقص و تُسرِف في بذخ التعالي المهووس بالكذب .. تركني وحيدا عند شواطئ الألم بعد أن أقفل محادثتي الشاعرية و طيور النورس، حين كشف علاقة شعري الوطيدة بالبحر ... و معالم الشتاء .. ذات مساء و أنا أتابع أخبار طفولتي المتشرّدة، حاصرتني هي بأمومتها و قد كتبت شعارها فوق لفافتي حين كنت رضيعا، العشق يولد بمغص شديد يتزامن و لحظة الميلاد لذلك كان الصراخ لئيما .. و كأنّها بمنطق الحب الآسر و هفواته المغفورة ترّصدتني حتى زمن مولدي الأول، كتبت جملتها على زجاج الرّوح و كان المطر حينذاك يرسم ممراته السرّية على شفتيّ فلا أستطيع معه تحدي الكلمات . كتبت عصفورتي الصغيرة " على مرأى من أمومتي ولِد جنس آخر من الرجال " ... و كأنّها تستوضح أمرا من خلال تلاعبها الذكي بالكلمات .. تلك الجملة التي جعلتني أتفقّد شيئا مني لها و لي .. طفولتي و رجولتي .. فأين أنا من الصنفين .. ؟؟ قهوتي الصباحية و المسائية قطعت خلوتها السوداء قطعان الكلمات التي خرجت من مرتعها، من مللها، لتحطّ فوق فنائها و بين الفقّاعات الجميلة لتعكّر طقس استئناسي بفنجان قهوة صُنِع خصيصا ليقهر مساءً مداعبات النّوم المنافقة و ليفضح صباحا تثاؤبات رغبة خفيّة في الاستيقاظ الشرس .. الحروف المتراصّة على طاولتي تمنعني من شغل مكانها بقطعة حلوى و تابوت الدفاتر المنسية .. و هي .. هي التي اكتسحت طاولتي بملامحها الممسوحة .. فرشت شعرها كرمال فاجأتها زوبعة قاسية فقَلَبَت فنجاني و تعثَّرت أفكاري بقطعة زجاج مكسورة .. حتى القهوة لها رغباتها الخفيّة في الانتقام من كل دخيل قد يشوِّه لحظات ارتشافها .. كأنثى لحظة تجبّر أنوثة غيرها .. و كأنّي كنت أبصر قصائد شعر محلّقة تعلو طاولتي ... تتراقص في فتنة و تدعوني لأن أضمّها و أسكنها عش كتبي للأبد .... غير أنّي كنت أخشى حفلات الزّفاف المفاجئة ... خفت من شبح تلك المرأة المحفور بجداري الشعري .... خفت أن يحتَّل مساحة جغرافية تتنازعها قارات عزوبيّتي فيما بعد ولم أعد أقوى على مجابهة أيّ حصار .. خفت أن أضعف أمام نداء الأبوّة رغم تنكّرها لي .. !! و كأنّ مناعتي تداعت أمام حصانة تواجدها ... بميزة فريدة " امرأة بدون ملامح " " بدون تصاميم معلومة " ... بدون حاضر .... و بدون شاهد إثبات .. لأنّي نويت حينها أن لا أُعمِّد ولادتها القيصرية و الجرح الغائر الذي تركه مخاض ولوجها سلسلة أفكاري محكمة القيد .... شغلت عيادتي الشعرية فقط بلملمة آثار النكبة على باقي الشقوق النفسية القديمة المتهرّئة من كثرة الزلازل .... و الكدمات .. و عنجهية الفصول المتراكمة و كأنّها ملك لسنة شمسية حُذِفت في غفلة من قدر ... فاضطربت معها الشهور و تعطلّت المواعيد المقرّرة المعقودة بساعات معينة .. كل ساعات العالم ضُبِطت على زاوية الصفر و لأنّ الصفر لا يطابق شيئا من عقارب الزمن انتكست رغبتي في لقائها و انتكس القمر .. أكيد أنّها تحمل حرفا جديدا أو مكرّرا من بين حروف شيفرات الأنوثة، حرف يئِست قدراتي عن إدراكه ..و أيّ حرف قد تحمله أنثى أشاحت بوجهها عني .. أيّ اسم قد أرمز لها به في شهادة ميلادها الجديدة ... يوم ولدت من أنقاضي .. في انتظار ميلاد آخر .. سنة 2011 دخلت ثورية مدّمرة .... أحداث العدوان المفاجئ على قلبي المسالم بدأت تأخذ منحى خطيرا ... وشوشات طفولية تشحن ذخيرتي من الرجولة لتسحقني على حدود طيف امرأة .. وكأنّ الهزيمة لا تستحق إلا إذا كان الخصم رجلا أو امرأة مكتملي الوصف الإنساني ... ثم من تلك المرأة ..؟؟ كي تدوس على رجل لطالما سُحِقَت حروف لنساء تحت قدميه و بحذاء شتوي فوق أرض موحلة .. آه من تلك الحقبة التاريخية من زمن طفولتي و المطر و شرخ الكلمات .. آه من دبدبات الكعب العالي الذي كانت تنتعله طفلة تَشَبُّها بامرأة .. ********************** العدوى تطال أقطارا عربية أخرى لتخرج عن نطاقي الشخصي و تشغلني عن مسبح الخواطر .... مخطّط الموت يسير تحت الأنفاق المرسومة ليصل ليبيا و اليمن بوتيرة بطيئة و عدد من الدول العربية الأخرى ... لكن سرعان ما خمد اللّهيب المتفرّق ليشتعل و يتأجّج بليبيا ... احتجاج شعبي و عسكري و قتلى و تخريب و تفجير مخازن أسلحة و دبلوماسيات و أمم متحدة و خطى غربية نحو معتقلات الحرب الكلامية ... و تدّخل أجنبي في وقت كان الشتات العربي يواصل فكّ أصول ترابطه ليتبعثر على قارعة طريق غير ممهّدة لتدوسه أنواع الأقدام المتّسخة و المدّنسة بقمامة الخزي و العار ... ألاف الجثث العربية و ألاف من البشر اقتُطِعوا من شجرة العروبة التي كان ينبغي أن تنمو أكثر فأكثر و تتناسل أكثر فأكثر لتضع لنا جيلا في كل منطقة من العالم، جيلا يتميّز بمقوّمات المناطق المأهولة به ... حتى نحافظ على جنسنا البشري المتلّصص على ثقافة الغرب المنطلقة .. ليبيا و انتهاكات الذاكرة .. فصول الرّدع لشعب تفطّن لقهره المصلوب على جذع شجرة مائلة .. ذلك البلد الذي تطاول فجأة على قوانين ملكية صامتة أخرستها الدساتير و كلمة " جماهيرية " المفرغة من معانيها .. ليبيا الموت المزروع .. أكبر " جغرافية " للقتل الجماعي و انتصاب لتمثال قاتل بنظرات صاعقة .. الثورة بليبيا تحدَّت في عظمتها حربا عالمية تدّخلت فيها و لو لمجرّد النزهة السياسية العابرة كل بلدان العالم، و لو بإطلالة حرف من شفاه تدّعي المؤازرة لروح الإنسانية .. و تداخلت فيها حروف الهجاء و الرّثاء .. الموت فيها يُشرِق بحرارة تنهيدة .. و لا داعي فيما بعد لممارسة طقوس الغروب .. الشروق كان وحده كافيا ليمرّ النهار داميا، مثقلا بألوان الشفق الكئيبة، الجريئة .. الموت يحتمل ألف خدعة و خدعة .. ***************************** الوقت يمر و حادثتي لا زالت تشهد فصول هزيمتي النكراء ... و لا جديد يذكر غير قهقهات المساء الصامتة .. و ضحكات اللّيل المستهترة و هي تكبّدني خسائر في ذخيرة الحروف التي أمتلك و مدّخرات عمر من القصائد التي تخلّت عن معانيها و طقوس ممارساتها و أسباب طيشها و تصّببها حبرا على أوراقي ناصعة البياض بحمرة خجل واهية و نقاط سوداء خلّفتها لمسات حريق .. فقط إطلالة مقتضبة لحروف ترمز لشبح عشق قديم فُكَّت طلاسمه تلقائيا بعد سلسلة خصامات مع الذاكرة، تشغلني عن خساراتي بلقطات رقص شعبي على وقع دف مغترب .. وحدها أنثى بفارق أنثى تصلح لتبثّ الرّعب في أوصالي و ترمز لقداسة وجودها برموز لا تفكّها رعونة نساء و لا انسياق رجل خلف نزوة حب جديدة .. تُدَاخلها أشباح في قاعة عرض رئيسية مزدحمة بأطيافها و تماثيلها المصنوعة من البلور المزركش الذي يغطي كل تصدّع قد يطرأ في لحظة فقدان ثقة .. ذات ليلة من ليال آذار تلَّبستني كآبة قاتلة حتى خرقت بفضل اندفاعها المميت بذلتي الرسمية المحاطة بوابل من عطري المفضّل ... تهيّأت للخروج، كان المساء قد ذرف بقايا دمع شموعه المضاءة ليستقبل اللّيل في ثوبه الحريري الناعم و في ردائه الخشن لحظة قسوة و تجبّر ... اللّيل و بضاعته البشرّية المزجاة .. و كان بيني و بين الشارع لحظة سفر قصيرة ... بعدها ألثم أضواءه الخافتة الخجلى من الخطى المترنّحة و عابري السعير أو السبيل .. رحت أجوب الشوارع المتلهّفة لقطعة قمر يابسة ( و كأنّ اللّيلة المنصرمة التهمت قطعا من القمر بشراسة متشرّد )، بعدما تنحّت النجوم .. لتترك المدينة غارقة في دنسها مختفية خلف سياج اللّيل المعتّم ... بعضا من طفولتي المسلوبة، لا زالت تتجوّل بين الطرقات .. بعضا من لعبي لا زالت تتحسّر على أنامل طفولة حزينة داعبتها يوما .. فأتقنت التباهي بحنان فقدته .. حتى و هي مشروخة تتفاخر، حتى و هي فاقدة لبعض أجزائها تتحسّس بصماتي .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
وها دوما في المقاعد الأولى...أقرأ أعيد القراءة ..وأستمتع...أنتظر دوما مرور عبده..رشيد..وأل النور جميعا...استمري شهد استمري...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و أنا لا تكتمل سعادتي إلا بحضورك أبتي الغالي .. يسرني أنك موجود و تسرني كلماتك الراقية التي تشعرني بالحياة .. تحياتي و تقديري .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء السادس * [align=justify] آه كم أشعر بالوحدة . لأوّل مرة حضن والدتي يترّبص بي، كم أحنّ لجلساتها و همساتها .. منذ دخولي العاصمة لأكمل دراستي الجامعية و حتى حين اخترت الإقامة طواعية بين زقاقها و توظّفت ودّعت طفولتي و حاجتي للجلوس على ركبتيها، لم أفتّش بعدها عن غير إطلالة أنثى و كأنّ والدتي تخرج عن وصف أنثى لتلبس ثوب والدتي و كفى .. شيء مقدّس لا ينتمي لأي جنس .. أبحث عن أنثى تختلف عصورها و عطورها و مقاساتها عن كل أشياء أمي .. [/align]شعرت حينها أنّ بقايا طفولتي التي حملتها يوما بين حقائبي قد احترقت و تبعثر أريجها بين شوارع موحشة و في غمرة ليل حزين .. الآن فقط أستشعر أن شيئا منها قد تخفّى خوفا من بطش رجل كان بداخلي و الآن الرجل الطفل يطلّ بكل تداعيات الطفولة .. ويتهالك بضعف شديد على جسدي، على روحي، على دفاتري .. فلا أكاد أحرّك ساكنا غير لمسة حنان أمرّرها على شعره الأشقر .. طفولتي التي كنت أمارسها تحت أشجار الزيتون وارفة الظِّلال .. كانت تظلّلني حتى من شمسي الحارقة .. من ترّهلات الشباب المبكّر .. قبل سنة فاتحتني والدتي بموضوع الزواج و كنت قد تجاوزت عقدي الثالث ببضع سنين، عارضة على بصري تصاميم نساء .. بقامات طويلة و قصيرة و نحيلة و ممتلئة .. و أخريات بارتفاع شاهق أو محدود .. و لم تدرك حينها أن الأنثى عندي لا تقاس بمقياس البصر .. كلّهن رفضتهن لعيوب في الذاكرة و الوجدان ... و كأنَّ النساء عندي تقاس بمقياس الأوزان الشعرية و درجة الإيقاع الذي تتركه كل واحدة على مستوى أنفاسي و حركة نبضي المتسارعة أو المتباطئة .... أجّلت الموضوع لحين إخطار آخر كما هو في لغة القانون ... و لأنّي رجل قانون قبل أن أكون رجل موسيقى حسيّة .. و رجل كلمات .. ماذا أقول لوالدتي لو عادت و سألتني يوما ... ؟؟؟ حين أصرَّت ذات صباح على معرفة أسباب رفضي رغم أنّهن كلّهن جميلات و مثّقفات .... قلت .. بعد لحظات تفكير مطوّلة و كأننّي أبحث عن الأجوبة بمقياس فهم والدتي البسيط ..و حتى لا أشلّ تفكيرها بمنطق جد شاهق يتجاوز عتبة باب منطقها بآلاف الطوابق ... قلت و على شفتيّ إطلالة تمرّد و عصيان لمنطق كان لي : - لا أفكّر في الزواج حتى أعيد بناء نفسي ... حسّيا و جسديا و عقليا ... لكنّي تخلّيت عن جزء من الجواب، ظننته يخصّ تعقيد تفكيري، كان مكتوما سمعته أنا و فقط و جنّبتها بذلك متاهات كانت ستضيع بين خلجانها و وديانها السحيقة .. حاولت أن أجنّبها فلسفتي في الرّد .. حتى لا تضيع ثم صمتّ و كنت أعشق الصمت بعد كل موجة حوار مبهم .. لحدود مجنونة . اكتفيت بأن أشرح لها درسا في الجغرافيا حدوده تتلّخص في الحصول على شقة بموقع جغرافي يليق ببنات العاصمة .. و أهداف اقتصادية جلّها تتمحور حول جمع مبلغ من المال يسدّ رمق أطفال قد يكونون يوما ما أطفالي .. طبعا حتى أخرس شجارا بدأ ينشب بداخلي .. سكتّ و في مقلتيّ أشباه دموع .. !! كنت أشرح لها شيئا بعيدا تماما عن منطقي و مفاهيمي .. حتى أتفادى حالة صدام بين منطقين قد يشلّ أحدهما .. و يتفرغ الآخر لمعاتبة الضمير و ماضٍ كان أهول من فاجعة الضباب الممهّد لجريمة إبادة روحية .. و كان عليّ أن أتفّهم حالات الهبوط و الصعود في مستويات التفكير .. ماذا سأقول لوالدتي لو سألتني يوما .. - هل وجدت بنت الحلال التي ستقاسمك الحياة .. ؟؟ سأقول لها : - نعم وجدتها بفارق جد بسيط ( في المصطلحات فقط ) .. وجدت بنت الحرام و من عائلة جد محترمة، تجاوزت درجة الشرف لديها الحد المسموح به فاختلطت المفاهيم عندها .. لدرجة الإقامة بين حيطان ملهى تمهيدا لتجارب حب و مشاريع زواج .. و علاقات مرموقة .. حد السماء .. و لو سألتني عن اسمها .. قواميس العالم لن تسد فراغ اسمها المشبوه بخطأ خطّي و فني تمايل على طبول مشيتها و ترنّحها و تراشق جسدها بحروف موسيقية، كانت تغازل خصرها النحيل تدعوه للجنون، تواجدها لم يكن صدفة صيفية و لا هفوة رياح خريفية بعثرتها في لحظة جنون و لملمتها هناك .. هل لي بقاموس يسجن أسماء الخارجات عن قوانين الحب .. ؟ و نزلاء الملاهي المرموقين .. !! مع مواصفات شخصية لهم .. و صور رمزية تمجد انحرافاتهم .. و أي حرف قد أختار لها يناسب تدفّقها الغزير بشراييني .. و قد عجزت تماما عن تدارس الحروف و مدى علاقتها بدرجة الانحراف .. و كأنّه خلف كل حرف لأنثى لغز بشيفرات لا تُفَكّ إلا بالموت .. و كنت قبل تلك المرأة أشهد مراسيمه بعد أن تتجرّد كل أنثى من ألغازها باستكانة روح، تفكّ طلاسم حرفها بانقياد تام لمخابرات رجل .. هل يمكنني إشعال أحد أحرفي لينطفئ على أوراق هويتها و أخاله لها و أسكن لهفتي و جنون تطفّلي بسيجارة، أمارس عبر دخانها شعوذة ذات قوى خارقة .. تشرح لي تواريخ متعاقبة لميلادها أنثى فوق أسوار عدد من الرجال، ثم تخفت سيجارتي و تنطفئ بعدها بألف سنة، تكون عمر ولهي بها .. بتاريخ كلّه رموز مبهمة و بأبواب سرّية بقصر عتيق لا يدخله رجل إلا و حمل معه عقدا من ياسمين وقلادة من خزامى ليبقى منتشيا بعد موته .. قد لا تصلح عبقريّتي لتفنّد نزعتها في التملّك الجبري، كما قد لا تصلح شعوذتها الممارسة عبر تنهيداتي في هزّ أرجوحة الأوهام بداخلي و تتسلّط على أفكارٍ خِلْتها ذات يوم وليدة رجولة خارقة .. أسئلة راودتني حين عزفت شمس الحقيقة لحنها على أوتار سمائي الملبّدة ... حين أراحت هواجس الخوف من أنثى قدّها العظيم على كتفيّ و حطّت غيمة مساء حانق، متبرّم فوق جفنيّ المتورمتين فأسدلتهما عن قطرتي مطر فأخرستهما و هما بعد في طور التجمهر مطالبة بفكّ الحصار عن شجن متوار .. كمن يسدل ستارة عن مسرحية فاشلة قبل أن تتّم فصولها . آه كم أحن لصدر والدتي الذي أنهكته الحياة و لحظات سكرها المدّمر و ترنحاتها العشوائية و التي قد تدفعها للمبيت على أفرشة جسدها المنهك ... كم أحن لمداعبة خصلات شعرها المصبوغ بالحناء و الملفوف في قطعة قماش .... آه من قطعة القماش تلك .... النساء كلّهن متشابهات ... يتقاسمن أتفه شيء قد يمرّ أو يطغى على مخيّلتي و قد يغدو هذا الشيء أثمن من قطع ألماس حقيقية .... قد تساوي ملايين الدولارات ... لو وجدتها يوما ... كم سأطلب ثمنا لشالها المسكون بهوسي ... إذا أفلست من أحرفي و اضطررت لبيع مقتنيات عشقها المجنون ... لأقتني شعرا يحرق قصائدها، أقتني دخانا يشرّد ملامحها من على مرآة وجهي، كل سراب أقتنيه بدلا منها و بدلا عن ليلة ألبَسْتُها تاج مملكتي فتَسَكَّعْت ثمنا لذلك في شوارع العمر أبحث عن مكان ترقد تحت ترابه حسرتي .. أقضي فيه لحظة رجولة تجبرت فَشُلَّت أطرافها و تعلّمت بعدها المشي مع انكسارات متتالية كالأطفال تماما . هل هناك من الرجال من يقاسمني ثروتي المفقودة تلك .... ؟؟؟ شعرت عند أول خاطرة تفقّدتها رجولتي المسجونة .. بغيرة قاتلة، بوحش تربّص بأوردتي يودّ اقتلاعها ... بجنون ساحق أرخى سواعده ليخنقني ... ببطء شديد و بحركات منعدمة .. حتى يتشبّه الخنق بالانتحار و حتى أفقد على إثره حياةً تداخلت معانيها .. مجرّد الوخز كفيل بأن يقتلني ... و لن يبالي إن كان هناك تشريح أم لا .. فقوانين الموت لا تعترف بغير الإسراف و البذخ .. !! آه كم أشتاق للأراجيح المعلّقة على شجر الزيتون و الرّيح التي تقذفني كلّما دفعني أحد حيث يرقد البدر و ترتجف شفتاه للثم أمسية ربيعية و كان الصباح المستشيط غيضا لا يزال يعدو خلف هفوة مساء سرقت منه إشراقة شمس دافئة، كم أحنّ لوشوشات النسمات الربيعية حين تداعب وجنتيّ و أنا أفكِّكُ توتري و قهري بإغفاءة مسالمة .. آه على طفولتي المتسكّعة هناك ... و شبابي المبعثر كقطع حجارة عربية الأصل بجنسيات مختلفة .... و الأحجام كأطفال و رجال تساووا في المصير الشامخ ( عند افتراش الأرض ) و كأنّ المأساة لا تفرّق و لا تعترف بالطبقات الجسدية و العمرية .. و لا حتى الحسّية و لا درجات التفوّق العقلي . تتشابه في وقع ارتطامها العربي ... و كأنّها تنطق ... حروف الأبجدية العربية ... أشعر بعطش شديد ... و مياه المستنقعات الموجودة هنا لن تسدّ رمقي ... و لن تعوّض ثمن الدموع المذروفة منذ زمن ... فقط حنفية قريتي المسخّرة من الله من تحلّ معضلة العطش في جسدي المحموم ... و تنزع عن وجهي أثر آخر ماء توضأت به لأداء صلاة الفجر .... و أنا هناك في زيارة خاطفة .. الماء هناك يشعر بوطأة الشجن فيطفئه و يتسرّب ليهطل دمعا بدل دمعي حتى لا يلازمني ألم البكاء .. تماما كما أطلَّت هي على أوراقي إطلالة خاطفة ... و بحنكة لص محترف سرقت سطور عمر دون أن ترد لي دين غروبها المبكّر و فوائد استهلاكها المسرف لتفكيري و خواطري و أشجاني ... أسكرتني تلك المرأة دون أن تلامس شفتيّ كأسٌ صُنِعت لتضمّ قطرات نبيذ .. دنت بحبل أفكاري ليلامس سيناريو فيلم بأكمله ... شَرَّعت له كل الديانات طقوس البوح فيها ليمارس حبّه العذري على راحة الأوراق الناضجة و كأنّ المراهِقة منها لا تصلح لحمل شتات فاضح .. فيلم يسافر بأوراقه الدبلوماسية عبر حدود الشّعر كلّها شرقها و غربها شمالها و جنوبها .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
معك أقرأ وأتابع وأستمتع..استمري...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
امتناني العميق و شكري الذي لا حدود له .. حفظك الله .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
ولم أكن اتوقع أن أجد في انتظاري هذه المفاجأة .. هو فعلا عشاء دسم لكنه لن يصيبني قطعا بالتخمة .. الرائعة حياة .. ربما كان إخوتي هنا يجمعون على عدم التعليق مرة واحدة ويجزئون هذا التعليق حسب أجزاء روايتك .. وأنا طبعا لن أخرج عن الإجماع .. لأن تعليقي مرة واحدة سيكون حيفا سيلحق بنصك .. اسمحي لي أولا أن أسقط على روايتك هذه اسمين يمكنهما اختزال الوصف الذي يمكنه أن يطول .. حياة .. هذا الوصف الأول .. لأن الرواية تعج بالحياة و تنبض بها رغم أن الأحداث لم تتجاوز المونولوج في ذلك المقهى الليلي . شهد .. وهو الوصف الثاني .. لأن نصك يقطر عذوبة مثل عذوبة الشهد .. أمني نفسي بأجزاء أخرى تمتعني وتزيد في نشوتي عند قراءتي لكامل الأجزاء إن شاء الله .. حياة شهد .. لست ناقدا و لا أدعيه ، وربما كان هنا بالمنتدى من له باع طويل في النقد .. لكني وبكل تواضع أقول لك : ما شاء الله .. إن لم تكوني روائية الآن ، فستكونين حتما ذلك بإذن الله .. وأتحمل مسؤولية هذا الكلام .. موفقة إن شاء الله .. تحية إعجاب دون تحفظ ,, ولك المودة كلها . [/align] |
الساعة الآن 07 : 10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية