![]() |
الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
اعتدلت " شذى" في جلستها وهي تردد بصوت هامس : طالما قدّرت له ذلك .. طالما احترمته . فأنا منذ ذلك اليوم إلى الآن أقُر بمعروفه معي , ليس كطبيب فقط ولكن كإنسان. وبحسرة وألم وقفت " شذى " أمام الصفحة التالية لتقرأها : في ذلك اليوم م تعكر مزاجي لموقف قد ساءني وأزعجني , رغم صعوبته إلا أنني تجاوزته بانتصار كنت بعده مضرباً للمثل والاحترام . عندما زاراني في ذلك الصباح البارد كان كعادته رائعاً .. صافياً ..و لطيفاً بينما أنا صامته كعادتي , كانت عينه رائعة كما عهدتها سخية بالحنان , كريمة بالاهتمام , معطاءة بكل شي . عندما نظرت إليها انفجرت بالبكاء لا أعلم لماذا ! ؟ شعور غريب جديد لا أعلم !؟ إلا انه كان رغمَّاً عني كنت أنظر إلى عينيه وكأني أريد أن أتحدث إليه وأكسر حاجز الصمت , وعندما أنظر لعينيه ثانيه وأرى وجودي فيهما أزداد رغبة في البكاء . حينها تساءلت مع نفسي : ماذا الذي حصل لي في هذا الصباح ؟ هل لأني كنت في موقف صعب تجاوزته , ولأنه يمثل لي الأمان ؟ ؟ المهم إنني أحسست بأني وحيدة ضعيفة , أحسست بغياب أسرتي , أحسست , بوحدتي شعور شديد جعلني لا أتمالك نفسي . حينئذ اعتقد الجميع أن الدكتور " إبراهيم " أثقل علّي المزاح فلم أعد قادرة على تحمله فأصبح مثار لوم وغضب من الجميع . منذ ذلك اليوم أصبح صامتاً لا ينطق بلسانه كلمة , حتى عينيه أصبح يبعدهما عني , حتى بعد انتهاء العملية بنجاح على يديه . ظل حريصاً على زيارتي والسؤال عني من بعيد لكن دون أن تنظر عيناه لي . يتشاغل بالنظر إلى ا لنافذة أو الأرض ,أو الأوراق التي بين يديه فقط كان يريد أن يبعد نظره عني , وإذارفع بصره إلّي كانت عيناه تنطق بالملام والعتب . افتقدت عينيه .. افتقدت مزاحه .. افتقدت كل شي فيه رغم إني أراه دائما ولكن سوء الفهم وانتقاد الآخرين جعلني أفتقده . أنا لست مغرمه به لم انظر إليه يوماً كما تنظر المرأة إلى رجل بحب , فقط كانت أرواحنا متقاربة ومتآلفة, وكما التقينا غرباء ... افترقنا غرباء وأنا مازلت إلى الآن أحترم صمته،كما احترمت كلامه،فكلامه كان نبلا، وصمته كان نبلاً أعظم. وفي أثناء خروجه الأخير لم يعطيني فرصه لأشكره , فطالما كان هناك شعوراً بيننا و يدور في أعيننا مازلت إلى الآن أقرأه جيداً , إننا لن نلتقي مرة أخرى . فالوقت معنا يتسرب دون أن نشعر . وفي الصفحه الأخيره كتبت في أول سطر : مرت الأيام والشهور وأنا أعتبره ذكرى 0 فيكفيني أن أتابع نجاحاته عبر الصحف والتلفاز . وعلى الرغم المسافات البعيده إلا أنني كنت اشعر به وأراه دائماً في مناماتي مريضاً او متالماً او أرى إني أدعو له بالحاح 0كنت أرى تلك المنامات وأشعر أنه ليس بخير . لكنها في نهاية الأمر أحلام وأنا لا آبه بها . بعد مرور سنه من لقائنا فتحت المجله الطبيه لأسعد بأحدث أبحاثه القيمه .فرحت وزاددت سعادة وانا أقرأ شي من نجاحاته التي وقعت بين يدي صدفه , أكملت البحث وأنا أقرأ والسعادة تحملني كما أحمل المجله , لتسقط من بين يدي بفزع شديد لأني قرأت في الهامش أنه أثرى الطب في تخصصه بالأبحاث ولكن هذا البحث هو الأخير له, لأنه مات سريعاً بمرض لم يمهله طويلاَ . وقعت الجريدة مني وأنا احتضن بقاياه , وأنظر إلى عينيه وهي ترمقاني , وبين أعيننا مسافات مزدحمه بلا حروف جلست شذى على المكتب من جديد وقد خيم عليها الصمت لحظات ليست بالقليله , كادت تختنق خلالها وهي تصارع العبرات لتفتح صفحه جديدة , وتترك مساحه بيضاء وتكتب في سطورها الاخيرة وفي كراستها الخاصه مايلي : . . . . ساسجل لك أعترافاً طالما قلته ورددته .... لم أرك ذاك الرجل الوسيم ذو المكانه العاليه كما رأتك تلك النساء . بل رأيتك بعين أخرى بيضاء خالصه كبياض الماء ... الندى ..... وكبياض اعلى الورقه ... وكبياض أرواحنا عندما التقت معاً ... وكبياض الثلج ... وكبياض البرد ... الذي أعرفه ... وأدعو الله ان يغسلك بالماء والثلج والبرد الذي أجهله . أقفلت شذى كراستها لتقف الآن أمام نافذة غرفتها تفتحها على مصراعيها وتتنفس الهواء باستمتاع , بينما تنظر الى أعلى السماء وتحدق بصفائها ورحابتها, لتعيش واقعها بحلاوته ومرارته وهي تتذكر الدكتور إبراهيم بإبتسامه واحترام . . . النهاية نوره الدوسري |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
تنتهي القصة على نفس الإيقاع .. مشحونة بالعواطف والأحاسيس ..
لكن الرائع أني لمست انصهارا بين نورة الكاتبة وشذى البطلة وكأنها سيرة ذاتية . من جديد أحييك نورة على سردك الممتع . مودتي . |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
اقتباس:
اقتباس:
الاستاذ الاديب الفاضل // رشيد الميموني تشرفت بحضورك المقدر ومتابعتك للجزء الاخير اما الانصهار الذي حدث بين نوره وشذى فهذا التناغم والحب الذي يحدث بيني وبين الابطال فانا اتألم لالمهم وافرح لفرحهم اعيش معهم واتقمصهم لدرجة لاتتصورها اما ان تشبه هذه القصة بسيرة ذاتية للكاتبة فهذا ما ارفضه دائماً فلو كل قصة نكتبها تنسب لحياتنا اذن فلنتعمد اخي رشيد ان كل قصصك انت بطلها وسردك هذا كله ماهو الاسيرة ذاتية لك فانا في قصصي كتبت عن الفتاة الحالمه والارمله والمطلقة والزوجة المهجورة ولم انس الرجل فرسمت مشاعره ورصدت احاسيسه في قصة الجانب الاخر الطابور وفي خاطرة عابر مقيم و كل شيئاً قبلك وهما فيوسفني ان اكتب قصة وفي الاخير تعتبرها سيرة ذاتيه لي الاستاذ الفاضل // تشرفت بحضورك ممتنة لك وشاكرة عبقك تقديري نورة الدوسري |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
[align=justify]
الأديبة العزيزة أستاذة نورة تحياتي لك [/align]الغريب أني قرأت الجزء الثاني ثم عدت وقرأت الجزء الأول ، واسمتعت.. استمتعت فعلاً بسردك الرشيق أسلوبك سلس جداً وممتع في القراءة وقدرتك على قراءة النفس الإنسانية في غاية الدقة وتملكين الكثير الكثير من الشفافية.. في هذه القصة تحدثت عن نوع من الحب الأعمق أثراً وشأناً والأعمق إنسانياً - تآخي الأرواح وتعارفها - والعين نافذة الروح ، لا يهم هذا النوع من الحب التواصل الجسدي والمادي، لأنه أعمق من المتعارف عليه بين الناس ، ولا يدخل في ميزانه طول ولا قصر ولا جمال وقبح أو شباب وشيخوخة (( لم أرك ذاك الرجل الوسيم ذو المكانه العاليه كما رأتك تلك النساء . بل رأيتك بعين أخرى بيضاء خالصه كبياض الماء ... الندى ..... وكبياض اعلى الورقه ... وكبياض أرواحنا عندما التقت معاً ... وكبياض الثلج ... وكبياض البرد ... الذي أعرفه ...)) هنا يكمن مفتاح السر النفيس والشفافية أحييك من أعماق روحي التي استمتعت معي جداً بقراءة هذه القصة |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
أجل أختي نورة .. كلنا يرفض أن تكون قصصه سيرة ذاتية .. ربما كنت أقصد بذلك أن كل قصة تحمل شيئا من الكاتب ، فتجده منبثا هنا وهناك بآلامه وآماله التي يجسدها في أبطاله ..
مزيدا من الإبداع والتألق . |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
لماذا .. الموت .. ؟
نوره يا غالية في الواقع وعلى الأرض قصص الحب لا نعرف كيف تبدأ وكذلك لا نعرف كيف تنتهي .. وغالباً ما تنتهي دون إرادة الطرفين لتدخل أطراف غير معنية بقصد أو بدونه فتساهم في تشكيل نهاية مرّة .. عادة لا أحب نهايات الموت لأنها تقفل جميع أبواب الأمل ولكن إن كان هذا قد حدث فلا حول لنا ولا قوة .. ويبقى كم من الأموات يبقون حاضرين في حياتنا وكم من الأحياء كأنهم أموات لا حياة فيهم أو معهم .. لا أخفي حزني للفراق الأولي والفراق النهائي ودمت قاصة مبدعة بارعة في كل صنوف الأدب بالتوفيق |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
اقتباس:
استاذتنا القديرة // هدى نور الدين الخطيب بداية كل عام وانت بخير بيننا ومعنا في هذا الصرح الكبير ننهل من مناهل النور الادب والعلم نرقي ونرتقي نسمو نبدع ونتعلم تحت سقف مؤسسها الغائب الحاضر اسناذنا طلعت سقيرق وكل سنينك واعوامك وانت بخير والى الله اقرب محققة احلامك ومجسدة لاهدافك استاذتنا القديرة// اصبتي سيدتي في وصف ورصد الحب الذي اقصد حب الارواح هو حب عميقاً هو الصدق بعينه فصاحبه قد يعيش دنياه في حالة من الحب دون ان يرنو لتواصل جسدي والمادي لانه من ارقى واسمى العواطف على الاطلاق استاذنا // شكرا لهذه القراءة الرائعة والعميقة للفكرة باقتدار بالفعل قراءة اسعدتني واضافت الى هذا النص اثراء تشرف بحضورك الكبير ممتنة لك وشاكرة عبقك تقديري نورة الدوسري |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
اقتباس:
اقتباس:
الاستاذ الفاضل // رشيد الميموني تشرفت بحضورك المقدر نعم روح الكاتب تظهر في نصوصه واماله وفكره ربما يبثها هنا وهناك ولكن دون ان تمثل كتاباته سير ذاتيه مختلفه له شكرا لعودتك وتوضيحك تقديري نورة الدوسري |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
اقتباس:
اقتباس:
الاستاذة القديرة // ميساء البشيتي الموت صديقتي سيف على الرقاب اضحك الله سنك كل من قرأ هذه القصة قال معلقاً :. ليه الموت سامحك الله نوره اشعلتينا بالسرد فاطفئتينا بالموت غاليتي ,,, الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات والاحبه والقصة التي كتبتها هي من كتبت نفسها قبل ن اسردها فالوفائع والاحداث واقعية وانا فقط من سردها وطعمتها بالخيال وباسلوبي وبالفلاش باك اذن لاحول ولاقوة الا بالله عزيزتي كنت رائعة هنا اقتباس:
الاستاذة الفاضلة // ميساء البشيتي تشرفت بحضورك المقدر وباضافتك الرائعة ممتنة لك عبقك شاكرة لك حضورك المنتظر تقديري نورة الدوسري |
رد: الغرباء يتعارفون ... الجزء الأخير
|
الساعة الآن 54 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية