منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القصص (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=249)
-   -   نـور العيون - قصة قصيرة - هدى الخطيب (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=28)

رويده الدعمي 17 / 10 / 2009 39 : 08 PM

رد: نـور العيون
 
أختي الأديبة والأستاذة الفاضلة ( هدى نور الدين الخطيب )
كلمات مؤثرة فعلاً ، قصتكِ هذه هي اول موضوع اقرأه في هذا المنتدى لأنني عضوة جديدة فيه ، وكم انا متشوقة لقراءة المزيد من كتاباتكم القيّمة .
تحياتي لكِ من ارض العراق الجريح .. وأرجو ان تتقبلي مروري هذا مع خالص التحايا وفائق التقدير .

د ثروت عكاشة السنوسي 26 / 12 / 2009 02 : 03 AM

رد: نـور العيون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى نورالدين الخطيب (المشاركة 31)
[frame="8 10"]
أحبّت كل ما يكتبه، بدأت تنتظر ملهوفة صدور المجلات والصحف التي يكتب بها شهور قبل أن تعرف أي شيء عنه.. شاهدته أوّل مرة على الطريق، لكزتها زميلتها قائلة: " انظري هناك، هذا نـور الدين الـخطيب، شاعر وأديب فلسطيني"
بدا لها شاب مهيب الطلعة شديد الوسامة، واسترسلت زميلتها بالثرثرة: " فارس أحلام الصبايا يقال أنّ نصف بنات البلد واقعات بغرامه و أنّ فلانة فعلت كذا و كذا و و.. . "
في المرّة الثانية رأته من على المنبر و هو يلقي قصائده أو كما أحسّت يرتلها بصوته العذب، و ما أن غصّت القاعة بالتصفيق حتى وجدت الصبايا من حوله تحلقن كما يتحلق السوار بالمعصم، تذكرت ثرثرة زميلتها و خرجت.
في المرّة الثالثة وجدته أمامها عند الباب، تسمرت عيناه في عينيها لحظات بدت لها طويلة جداً و أحسّت بتيار كهربائي ممتع يربط ما بين عينيه وكيانها، سرعان ما أخفض رأسه وسألها بصوت مهذب: " الشيخ عمر موجود؟"
أخبرها فيما بعد أنه ومنذ تلك اللحظة وقع أسير جمال عينيها و غمّازات خديها.
لا تدري كيف تسارعت الأحداث حتّى وجدت نفسها خطيبة فارس القلم، وفارس أحلام الصبايا فارس لها وحدها!
حبها الأول و الأخير قدرها و خلاصة عمرها..
قال لها: " أنت الثالثة بالترتيب في قائمة الأحبّة، حيفـا الأولى و الأغلى و أميّ الثانية و أنت الثالثة..
لم تكن تدرك حين تزوجا أنّ باستطاعة القلب حمل كل هذا الكم من الحب والعشق،دنياها كلّها عيناه الحزينتان بسياجهما المخملية، و بشفتيه، حبُ يشي بالقداسة والوله، كانت تنظر إلى يديه التي تبدو مثل أيد الناس بكف و خمسة أصابع،إلاّ في عينيها العاشقتان يداه كان بهما سر! سحر!..
و هو أيضاً لم يكن أقل حباً لها، كان رجلاً خلق ليحِب و يُحَب، وكان حتماً مختلف. . .
كان جريحاً ينزف عصارة قلبه وروحه عبر فكره و قلمه منذ أن امتدت يد الغدر والإجرام و سرقت وطنه و مدينته ومنزله، طفولته وأحلامه، وتواطأ العالم بأسره مع أكبر و أقذر جريمة في التاريخ المعاصر، يُسرق وطن و تاريخ و يعطى لعصابات من القتلة و أسافل المجرمين جمعوهم من شتى أصقاع الأرض!!!
احترمت جراحه و شاركته آلام نكبته، بكت معه و آمنت بقضيته . . .
كان يحلو لها في سويعات الصفاء أن تغني له: " نـور العيون يا شاغلني " و يردّ عليها بأغنية : " كلّ الحكاية عيون بهـية "...
في البداية أرقها و قضّ مضجعها تحلّق النساء من حوله و ملاحقة بعضهن له، قال لها: " اخترتك أنت بقلبي و عقلي شريكة لحياتي و أم أولادي و أضاف أنا صاحب مبدأ و قضية سامية ولا أسمح لنفسي بالانزلاق في الإثم و الخيانة، أنا إنسان و شاعر يطربني الإطراء والإعجاب ليس إلاّ " ، اطمأنت وتأكدت مع الأيام أنه أديب حقيقي بنفسه و روحه و سلوكه.. أكبر في عمق إنسانيته و نبل قيمه من أن تغار عليه..
أنجبت له بنت و بعد ست سنوات أنجبت الثانية، كان يقول لها :" ينتابني إحساس أنّ عمري قصير و لا أريد المزيد من الأيتام! " ومع هذا فرح بالطفلة الثانية جداً فلم ترَ هدية له أجمل من أن تسميها على اسم والدته ( نجلاء)
يستيقظ باكرا يحتسي معها قهوة الصباح على الشرفة ويلاعب طفلتيه وقبل أن يذهب إلى المكتب يمرّ بمنزل والدته يتناول إفطاره معها..
مشاغله وهموم قضية وطنه السليب لم تلغ تفاصيل حبه و حنانه و وقته، خفة ظلّه وروح النكتة لديه...
حلم جميل كانت الحياة معه ، والأحلام دائماً عمرها قصير!
ذات مساء أخذ كفيها بين يديه و قال لها: " خائف عليك و على البنات أحسّ بالموت يطوف بي هل هو الإحساس بدنو الأجل؟ "
قالت: " بل الوهم والحزن الدفين في روحك الشفّافة "
ومع هذا أصرّت أن تذهب معه إلى الطبيب و أصرّت على تخطيط القلب، قال له الطبيب: " قلبك مثل الحديد و ستعيش مائة سنة!


الرابع من آذار في ذلك الصباح المظلم بكت الرضيعة كثيراً ، دخلت عليها وجدته يحملها بين ذراعيه و يخاطبها : " لا تبكي الآن أيتها اليتيمة ما زال أمامك الكثير من الدموع التي سأعجز عن حمايتك منها "
غفت على زنده وضعها في سريرها، تنهد ثمّ التفت إليها و قال لها:
" مسكينة أنت و سيئة الحظ كنت أتمنى إسعادك و اليتيمتين ثمّ أشعل لفافة أخذ منها نفساً واحداً وقال آخر جملة: " بهية أنا انتهيت " رفع سبابته بالشهادة ونام إلى الأبد............
كـــابوس! حقيقـــة! مــزاح ســمج! نــــــــــــــــور؟!
لا نـور! انطفأ النور والرضيعة تبكي...
غاب في صباح العمر.. غاب نـور البيت وانقضّت عواميده..
انطفأ وجه الشمس و النجوم وأشرق زمن الجراح و الدموع . . .
لطالما تساءلت ما بينهما كان لقاء أم وداع؟!
و حلماً كان أو سراب ؟!
و هل كان نـور إلاّ جرح وطن في ملامح رجل؟!!
في الثامنة و العشرين وجدت نفسها وحيدة مع طفلتين،
لا أب و لا أخ و لا زوج.
رحل حب العمر ونور العيون، فجيعتها مريرة،
أصيبت على أثر الصدمة بمرض السكّر، لولا طفلتيهما لاستسلمت لما يشبه الموت..أحضرت مربيتها و دخلت سلك التعليم مجدداً،و درست في دورات إضافية اللغة الفرنسية لتعليم المعلمين وحتّى الفخار والصدف لتزيد من دخلها، تعلمت الخياطة و التطريز أيضاً لتخيط أجمل الملابس لبناتها " حتى لا ترتديان ملابس اليتم الكئيبة " ، لن أنسى ثوب الطاووس الذي سهرت عليه شهرين لتجعل من ثوبي مفاجأة الحفل و قبلة الأنظار في فرح أحد الأقارب!
علّمتني كيف أحبّ فلسطين و أعيش همّ القضية، قالت لي ذات يومٍ: " ليس كل الشهداء يموتون بالمذابح و الرصاص والدك مات شهيد حبّ حيفا و ترابها و جرح فلسطين و بنصل الغدر الذي لم يحتمله حت قضى عليه "...وفي كلّ هذا، كنت أصحو على نحيبها في الليل، أقف خلف الباب أسمعها تناديه وتناجيه وتغني له: ( نـور العيون ياشاغلني!!)..
لم يتركوها طويلاً في حالها، الأقارب والمعارف والصديقات، " ابنة عائلة محافظة لا يصح أن تبقى بلا زوج "، بقيت على هذه الحال تعاني منهم و من قائمة عرسانهم التي لا نهاية لها، تبكي و تقول: " لن يأخذ أحد مكان نـور " و يقولوا : "مصلحتك ومصلحة البنات وسمعة العائلة الخ " إلى يوم فاض بها أحضرت القرآن الكريم و أقسمت عليه أنها ومهما فعلوا لن تتزوج بعد نـور ! و ستبقى هكذا حتّى تلقاه زوجة في الجنّة!.

تعيش الآن في آخر بقاع الأرض مريضة بعد أن هدّتها الهموم، لا تعترض و لا تضيق حتى بالألم، صابرة محتسبة راضية بقضاء الله. . .
أدخل عليها أحياناً فأجدها ساهمة تنظر عبر النافذة بعيداً إلى السماء هامسة أغني لها: " نـور العيون يا شاغلني "أمسك بكفها و أتابع: " كل الحكاية عيون بهية "، تبتسم مطمئنة وتضغط قليلاً بيدها الحبيبة على يدي، ونعاود النظر معاً إلى السماء و لسان حالنا يقول:
طال شوقنا يا نـور و وجودك فينا لم يزل أشدّ حضوراً في الوجود. . . .

[/frame]
[frame="8 10"]ملف مرفق 36
[/frame]

المبدعة الرائعة/ هدى نور الدين
تحياتي لشخصك الكريم ووفاؤك النادر في دنيا عز فيها الوفاء.. ما سطرته يداك رائع في فحواه، راقٍ في أسلوبه.. سليم في صياغته.. سلمت يداك أيتها السامية، وأتمنى لك المزيد من التفوق والرقي..
لك كل احترام وتقدير
د/ ثروت عكاشة السنوسي

امال حسين 27 / 12 / 2009 17 : 04 PM

رد: نـور العيون
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أستاذتى هدى نور الخطيب

قرأت قصتك وقد تأثرت جداً بها

كقصة عشق لوطن وبلد وزوجة وابنة لأبيها

رحم الله أبيك واثابك الله على برك بوالديك

بعمل نور الادب منبر ومنارة تضيئ للآخرين لمواصلة مشواره الكفاح والبطولة الحقة

كل تقديرى ومحبتى

عبد الحافظ بخيت متولى 16 / 04 / 2010 35 : 09 PM

رد: نـور العيون
 
كان ميخائيل نعيمة فى مقدمة كتابه " الأربعون" يقول فى معرض حديثه عن ادب السيرة الذاتي: "إن الاديب يجب ان يقدم للناس المحطات الضاهرة فى رحلة حياته ولا يصح أن يبوح بالمحطات التى تتصف بالخصوصية" وأنا لا اتفق معه فى هذا القول فالجميل فى أدب السيرة الذاتية ان نقدم السرى والمجهول وان نعلى من المحطات التى تلتصق بالوجدان وتعبر عتبات الذات لانها هى التى تمثل الصدق وتهمش الخيال فى ادب السيرة الذاتية وكان طه حسن فى كتابه " الأيام "اكثر جرأة من غيره فى عرض ادق التفاصيل عنه وعن اسرته
وهذه القصة تمثل الأدب الحقيقى للسيرة الذاتية وتركز عدسة السرد حو جانب واحد هو الصدق فى الوجدان والوفاء ولم تتحرج فى ان تذكر كيف ان الام استطاعت ان تعمل من اجل استمرارية الحياة وان تحفظ امتداد هذا الزوج والحبيب الذى رحل فى وقت تمنت ان يكون فيه معها ومع ذلك تحملت مفاجأة القدر وضربت مثلا يحتذى فى الوفاء والحب وعززت ذلك المبدأ التربوى الذى ينتج عن أن الغخلاص فى الحب يفرز نماذج منفتحة على الذات والعالم بشكل فيه وعى منهجى وليس ادل على هذا من وضع نور الهدى فى ثقافتها وفكرها وشخصيتها المنحوتة نحتا
جميلة هذا القصة التى تحتاج الى تامل طويل والتى سوف تبقى فى ذاكرة التاريخ شاهدة على على النموذج العربى الذى خلط الحب بالمقاومة بالصدق فاخرج مزيجا فريدا من الانسانية الجميلة

مرفت محمد فايد 17 / 04 / 2010 59 : 09 AM

رد: نـور العيون
 
الرائعة هدي عندما قرأت القصة إنتابني إحساس بأن فلسطين وردة السماء و حيفا تسكن قلبي ، فما أروع الوطن و ما أروع الشهيد


لي عودة

مع خالص تحياتي

سليمان الشطي 18 / 04 / 2010 58 : 04 PM

رد: نـور العيون
 
سيدتي الجميلة هدى نور الدين الخطيب
كل تحية وحب
يسرني أن اقرأ روائعك واقف عندها مذهولا
تكتبين بقلم ساحر يستحق أن يكون وريث شاعر كبير
اسلمي سيدتي
لك حبي

منى هلال 06 / 10 / 2010 18 : 06 AM

رد: نـور العيون
 
سرد إبداعي منسوج بنور الوفاء والإخلاص والحب لهذين الوالدين

أصابني في الصميم
وسلب مني العبرات
رغمًا عني

يا لك من ابنة بارة حنونة تعرف كيف تخلد ذكرى والدها بما حباكِ الله من نور الكلمات التي تخرج من القلب لتخترق قلوب قرائك

والله إنه لجرح سيظل ينزف إلى أن نستعيد هذا الوطن السليب

متى الخلاص يارب
رحماك بهذه القلوب الممزقة لوعة وأسى على الوطن المنهوب
الذي خذله الجميع تحت مرأى ومسمع العالم أجمع

لا تتوقفي أختاه عن الكتابة ففي ذلك شفاء لروحه الطاهرة
وأرواحنا جميعًا

أخلصتِ بهذا الإبداع النوراني

اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد واجعل روحه الطاهرة تحلق في أعلى عليين من الجنة
حق لهذه الروح أن تستريح بإذن الله العلي القدير
بعد الجراح والعناء والشقاء في هذه الدنيا

اللهم اجعل بكل كلمة تكتبيها في حقه رفعة له في الجنة وثقلًا في ميزان حسناتك إن شاء الله

لكِ حبي ومودتي

هدى نورالدين الخطيب 08 / 10 / 2010 51 : 08 AM

رد: نـور العيون
 
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
الأديب والقاص المبدع الأستاذ سليم عوض علاونة تحياتي لك
حقيقة يا أستاذ سليم مداخلتك القيمة من أروع المداخلات التي قرأتها
أعترف أني مقصرة بسبب ظروف كثيرة مررت بها وحين أعود بعد فترة طويلة وتطالعني مداخلة بروعة مداخلتك الكريمة أشعر بحزن ينتابني على ما فاتني
حقيقة مداخلتك الرائعة وسام على صدري أعتز به
أما بشأن والدتي فأنا تشرفت بإبلاغها تحياتك لها وهي بدورها تهديك التحية والاحترام والامتنان
أطال الله في عمرك وأعاد لنا فلسطيننا محررة من رجس الاحتلال
تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي لشخصك الكريم
هدى الخطيب
[/align][/cell][/table1][/align]

مقبولة عبد الحليم 14 / 05 / 2011 53 : 11 PM

رد: نـور العيون
 
صمت هنا صمت هناك

ودمعة

ودمعة

ودمعة على من رحلوا وشمعة

سيدة الكلمات ليس هينا على الأديب أن يجعل دمعة من عين القارئ تهمي إلا إذا كان قد كتب بحبر القلب والإحساس

وها هي دمعتي تنحدر على الخد ساخنة مبتسمة تارة وباكية تارة أخرى

لله درك قد حملت قلبا بوسع الأرض وبصفاء السماء فاض حبا وشوقا وهياما لمن علموك الحب حب الأرض والوطن

فأصبحت مدينة لهما بالروح والأمانة وعشق لهما قد تعدى حدود الخيال

سيدة الكلمات وقبلة على جبينها وجبينك مملوءة بلهفة المشتاق للأحبة

كوني بخير لنكون :nic92:

شيماء البلوشي 09 / 06 / 2011 43 : 08 PM

رد: نـور العيون
 
اسجل حضوري صامتة ..
بعد ان عشت تفاصيل الحكاية وبكيت معها ..
تقبلي عزيزتي الاستاذة هدى مروري المتواضع :)


الساعة الآن 55 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية