![]() |
رد: رفقة الأمس
6
هبطت ستائر الليل بمخملية بانورامية ترصد سحرها العدسات الذكية بعد حفل عشاء صاخب، شاركت فيه مختلف انواع الموسيقى، لم ألمح "مانويل"ولا صديقته، ربما سيطول مكوثها أما أنا فعلي حزم حقائب العودة، والسفر بعد 48 ساعة، تناولت كاس عصير من البرتقال من أمامي ونهضت لأستمتع ببرودة وصفاء سماء الخريف في هذا الليل الأيلولي. ـ كم هو غجري ليل أيلول، التنزه فيه يثير المشاعر بفوضوية، يلقي بنسائمه الحيرة والدهشة، تتوسد أوراقه الصفراء صفحات الماء الرقيقة، فوق البحيرات والأنهار، تنجلي الأتربة عن الأسطح القرميدية، تغسلها زخات ماطرة تهيئها لغيم تشرين السارح الذي يرطب الخواطر الحزينة، يغسلها ينقي الوجدان من الحقد، والنفوس من الدنس، والصدور من الوسواس الخناس. ـ في أيلول"ياصديقي" كُتب لنا أن نلتقي، ونزرع الدروب وروداً، ما أجمله من لقاء حار الدمع بوصفه، كلماتنا طفولية شفافة كما قلبينا، أتكئُ على يدك، وتتكئُ على كتفي، ويخضر الأمل في عيوننا، كبرنا ياألم القلب، وكم ادمتنا أشواك الأمس! كبرت ابنة الأربعة عشر ربيعاً، بعد صلوات طويلة بأن تكبر وطارحها زهر الخريف الغزل، وعتق شفافها بكرز الأمنيات. ـ ألقت بعباءتها لأيلول، قبل أن يورق فيها حلم الطيران بدون أجنحة لعالم مهموم تريد أن تمسح الحزن عن مراياه الساطعة، وأهدت حبيبها باقة ورد لدى عناقها إياه وغادرت على غفلة من غفوته تاركةً له فوق وسائده روائح من عطرها تذكره بموعدها أواخر أيلول، وكبرنا يا صديقي..كبرنا لنستنجد بالشمس، ونور القمر، كبرنا وأُمنياتنا كبرت معنا ها نحن عُدنا التقنيا بعد فُراق، وما تبدلت الأحوال. ـ وسط هذه المشاعر التي تمايل لها النسيم بارداً، تقدم نحوي شاب في مُقتبل العمر وألقى عليّ تحية المساء بكل أدب ـ بادلته التحية بدوري، وانشغلت عنه بمداعبة برعم من الجوري، نسيته الريح فلم تعصف بعبقه الذي يتسلل الذبول إلى قلبه رويدا رويدا، تمايل بين أناملي مستغيثاً لأستسلم لصخب الطبيعة وتبدل فصولها الماء لن يعيد له الحياة! نظرت إلى الشاب فإذا به يدعوني لأجلس على طاولة في أحد اركان الحديقة المغلقة، حيث كان "مانويل"ينتظر لقائي قبل أن تنتهي إجازتي، توجهت إليه بهدوء متصنعة نسيان فتاة الثلج تلك التي أشعلت في قلب وعقل جاري حنين الحكايات التي كان يرويها لنا مسني الأحياء العتيقة عن "أرض الميعاد"، اِقتربت منه لأجلس على الكرسي الذي وقف وراؤه مفسحاً لي مساحة كافية لأجلس، ثم عاد ليجلس أمامي، بعد أن أشار للشاب بالابتعاد عن مساحتنا الدافئة خلف براعم الزنبق الأصفر، وعلى ضفاف الورود العطرية البيضاء والحمراء التي يكتنزها أيلول لمحبي الإبحار في أيامه المثيرة. تبادلنا عبارات الإعجاب والإطراء، لم أشأ أن أبدأ الحديث بأي عبارات لوم، أو شكوى أو عتب، أردنا إنهاء لقاءنا في هذه الرحلة بشكل ودي للغاية وأخويّ، فلم يكن بيننا أي موعد سابق لنلتقي هنا في واحة أيلول التي احتضنت تناقضات الطبيعة، واختزلت مواسمها العطرية التي أهدتها لزوارها ندية رطبة، تمسح عن الجباه تعب المدينة الذي هربوا منه قاصدين الراحة والاستجمام بين أحضان الطبيعة الغناء. هاهو مانويل يعود ليكمل مابدأ به بداية الرحلة من حديث، كان الأسى يعتصر قلبي حتى أوشك دمعي على أن ينسكب لكنني داريت ذلك عنه، لقد نسق وحزم أمره وهو على بعد خطوات من تحقيق حلمه، هي جلسة وداع إذاً؟رمقني بنظرة تستدرجني للحديث معه، والإفصاح عنا يجول بخاطري، لكنني تمالكت نفسي وأسرفت بالنظر للبعيد متجاهلة عينيه الملتهبتين، ثم أردفت قائلة عليّ حزم حقيبتي استعداداً للعودة إلى منزلي، ومد يده بإشارة على الموافقة سرعان ما توقفت مبتعدة لأدخل صالة الفندق متوجهة إلى غرفتي أريد ترتيب حقيبتي والنوم. دخلت الغرفة متعبة، صداع خفيف يحتاج لمسكن يريحني حتى الصباح، تناولته واستلقيت مسترخية فوق السرير حتى ساعات الصباح الأولى، شعرت بشيء من التحسن والنشاط الممزوج قلقاً من الساعات القادمة هذا القلق كان وراؤه مانويل إثر حديثه ليلة امس شعرت بالكآبة والتوتر. جلست خلف النافذة المطلة على الجبل، في غرفتي الأنيقة التي كانت دافئة، بعثت في نفسي الرغبة في الاستلقاء في حوض الاستحمام، غير ان اقتراب موعد تناول وجبة الفطور جعلني أعيد النظر في كبح هذه الرغبة التي أجلتها للمساء. هيأت نفسي للتوجه إلى مطعم الفندق الذي كانت طاولاته تذخر بألذ الأطباق والمشروبات، غادرت الغرفة بعد أن تأكدت من إغلاق نافذتها، وحزمت حقيبة السفر استعداداً للعودة، بعدها توجهت إلى المطعم الذي اكتظ بنزلاء الفندق حجزت لي طاولة مطلة على نهر أودعته الأشجار وأحراج الطبيعة أسرارها فألقت بأوراقها بكل ماتحمله من وشوشات لتطوف بها صفحة مياهه الساكنة، تناولت كأساً من عصير البرتقال، ورحت أتامل هدأة الصباح البارد لمحت وجه مانويل وفتاة الثلج عبر اللوحات الزجاجية، عدت بهدوء إلى طاولتي ومعي كأس البرتقال، وضعته فوقها وتوجهت إلى البوفيه ليتبعني "مانويل وصديقته" بشكل عفوي وقفنا وراء بعض، وتناو لكل منا طبق واخترنا ما اخترناه لوجبة الصباح ثم عدنا إلى حيث اختار كل واحد أن يكون في هذا الصباح الخريفي. على عجل تناولت وجبتي الصباحية، وتوجهت قبل أن يتبعني جاري إلى الصالة الرئيسية للفندق باتجاه الحديقة المائية المغطاة بألواح زجاجية تتساقط فوقها أوراق أيلول بشاعرية ممتعة، على أطراف حوض الماء توزعت كراسي للاسترخاء وتوسط الحوض دلافين راحت تتمايل على وقع الموسيقى، كم ممتع هذا الصباح وكل صباح يبدأ بالموسيقى لاأحد يعلم كيف ستكون الصباحات الأيلولية لو لم تكن الموسيقى وأوراق أيلول؟ استلقيت فوق كرسي طويل، ورحت أراقب حركة الدلافين لأفاجأ بفنجان من القهوة يصل من مانويل وصديقته، على مايبدو هو فنجان "مع السلامة" هكذا حدثت نفسي التي شغلتها بمتابعة رقص الدلافين الاستعراضي الذي يشبه رقص حوريات البحار التي قرأناعنها في القصص المصورة وشاهدناها عبر القنوات الفضائية. ماهي سوى لحظات حتى دخل إلى الحديقة المائية الشبان الثلاثة وعلى الفور سارعت في الابتعاد بينما عيونهم بقيت تراقب خطواتي حتى وصلت إلى المصعد متوجهةً إلى غرفتي التي ما إن وصلتها، حتى استلقيت فوق السرير مطلقةً العنان لأفكاري وتوجساتي راسمة الإنطباع عن رحلتي، متأملةً سقف وجدران المكان الهادئ الجميل الذي سيلازم ذكرياتي فترةً من الزمن، هاهي الساعة تقترب من الحادية عشر تسلل نعاسٌ خفيف إلى عيني استسلمت له بإغماضة هادئة وغفوت حتى تمام الساعة الثانية عشر! نهضت وأنا أشعر بنشاط ممتع، يشجعني على التجوال بين أشجار الغابة المجاورة، استبدلت ملابس الصباح، بملابس رياضية وعدلت من تسريحة شعري، وتوجهت بهدوء إلى باب الغرفة الذي ما إن فتحته حتى فاجأني وجه "مانويل"وكأنه كان على وشك اقتحام الغرفة، وظهوري أمامه أحبط شيئاً ما، خرجت مسرعةً إلى البهو، تاركةً باب الغرفة مفتوحاً استدنيته باتجاهي بمحاولة مني لمنعه من دخول غرفتي وكأنه فهم قصدي، ابتعد مشيراً لي بإغلاق باب الغرفة والتوجه معه، وهذا ما حصل. أغلقت باب الغرفة بسرعة، وتوجهت مع مانويل باتجاه إحدى صالات الفندق، حيث كان بانتظاره صديقته والشبان الثلاثة الذين حاولت الفرار من أمامهم عبثاً. يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــع |
رد: رفقة الأمس
انقضى شهرأيلول ومعه انقضت أيام الإجازة، في اليوم الأخير من العطلة استيقظت على وقع حبات المطر وهي تنقر نافذة الغرفة بإيقاع متناغم كان صباحاً ندياً حصد أوراق الشجر عن أغصانها الذابلة، وعن الأرصفة والمنعطفات الجبلية، الغيوم سابحاتٌ، تعتلي قمم الجبال التي انفردت باستقبال ندف الثلج والشمس غادرت لمستقرٍ لها، هي أبجدية الطبيعة منذ أن أراد الإله للخليقة الحياة!
سافر أيلول ومعه مسافرة أنا، فتحت باب الغرفة مغادرةً لأجد تبدلاً ملموساً في أجواء الفندق بدأ النزلاء بارتداء المعاطف الشتوية وحمل المظلات المطرية كأنها مهرجان تتنافس فيه الألوان والتصاميم شمسيات مخططة أومنقوشة بأشكال هندسية أو عليها رسوم حيوانات أليفة، مناظر تدعو للتسلية يتم مراقبتها من داخل الفندق، توقفت لتسليم مفايتح غرفتي بينما تم حمل حقيبتي إلى حيث العربة، استدرت مبتعدة نحو الباب الرئيسي، لأشعر ببرودة لاسعة درجات لقد بدأت درجات الحرارة تميل للانخفاض! فتحت باب السيارة لأبدأ مسير ة العودة إلى منزلي سرعان ما أدرت المحرك ثم أشعلت التدفئة ما إن خرجت من فناء الفندق الخارجي حتى شعرت بالدفء يملأ السيارة نزعت معطفي، وانعطفت باتجاه المدينة بكل هدوء وروية. كان طريق العودة رطباً، تغسل قطرات المطر زجاج سيارتي الأمامي بكل انسيابية، وفوقي السماء رمادية داكنة، غيمة ماطرة وأخرى سابحة، أشعر بغصة كبيرة وعلى وشك أن أبكي، لاأعلم لِم خلق في نفسي هذا الضباب الشعور بالقلق بعض الشيء، لدي رغبة كبيرة في البكاء وأكاد أختنق انعطفت إلى اليسار لأتوقف وأستجمع قواي لمحت استراحة أنيقة الديكور ذات ألوان هادئة وجذابة، توقفت ونزلت من السيارة باتجاهها. دخلت من الباب الرئيسي للاستراحة، كانت دافئة تزينها نباتات خضراء من كل جانب وزاوية، نظافتها طاغية، ذات أرضيات رخامية لم تكن لي رغبة بارتشاف قهوة أو شرب أي نوع من العصير، توجهت إلى دورات المياه غسلت وجهي وعدت أدراجي لمتابعة مسيرة العودة، لفت انتباهي "مانويل" بسيارته برفقة فتاة الثلج، تتبعه سيارة ذات لون أزرق يستقلها الشبان الثلاثة، استقليت سيارتي وأدرت المحرك متابعة مسيرتي إلى المدنية.. مازلت أصارع شعور الإحباط والقلق، أدرت المذياع لأستمع لآيات من القرآن الكريم، شعرت بسكينة نوعاً ما تنزلت على قلبي، استدرت بعيني دامعتين رهبة وخشوعاً على الناحية اليسرى لأتفاجأ بسيارة "مانويل" وهي تنحرف عن مسارها لتصطدم بجذع شجرة، انعطفت يميناً لأستطلع ما الأمر، على مايبدو فقد السيطرة على المكابح وانعطف يساراً ماهي سوى بضع لحظات حتى بدت السيارة وكأنها ترجع إلى الخلف باتجاه الوادي وبداخلها مانويل وصديقته وقد ارتطم رأسيهما بالوسائد الهوائية. تسمرت أوصالي من هول المشهد!لقد انحدرت السيارة بمانويل وصديقته نحو الوادي وقبل أن يسمع دوي انفجار ٍ كبير ابتعدت مسرعة سيارة الشبان الثلاثة وسط حشد السيارات الذي توقف مصدوماً من هول المشهد!كان صوت ارتطام السيارة بالوادي مدوياً رافقه رعد السماء قوياً منذراً بعواصف ماطرة، وشتاءٍ قاسٍ جداً. هي تداعيات صفقة القرن، أو صفعة القدر، أن تعصف بمانويل وصديقته هذه الحادثة الأليمة، لقد غادرا الحياة على عجل، مع بدايات تشرين وانسكاب المطر فوق خدود الورد الجوري، ومع عبور القلوب إلى الضفاف الأخرى من القلب باتجاه الشمس، ترجل من سيارتي مطبقة الشفاه، كانت مختلف الأشياء أمامي تتدحرج، الناس والسيارات وأوراق الشجر، تلاشى جسد جاري وصديقته، كما تلاشت أمامي عشرات الأسئلة التي صِغتها أثناء إقامتي في الفندق. تشرين تبدل فيك كل شيئ، الشمس والقمر، الليل والنهار، الصباح والمساء، اليوم والأمس، الطاقة والنشاط، الحب والكراهية، الإخلاص والوفاء، المطر والغيوم، خطوات المارة، وحكايات المسير، هاهي جثثهم هامدة ملقاة أسفل الوادي بدون حِراك أو أنفاس!شهد نهار هذا اليوم حادث أليم غادرنا مانويل وصديقته إلى حيث يليق بهما من مقام كبير أو صغير، جميل أو قبيح، جحيم أو فردوس، الله أعلم! مر الشبان الثلاث على عجل، منزلين العقاب على "مانويل وصديقته" واتجها كما الشهاب الماطر إلى أرضٍ ثانية، إلى عالم آخر يبحث عن الفضيلة والوفاء فوق أرصفة الوجود الإنساني، تغيبت خطواتهم خلف الأفق البعيد الذي ارتسم بابتسامة وردية حالمة تعد الأجيال القادمة بأرضهم التي سيعودون إليها يوماً ما. أدرت محرك السيارة مبتعدة عن مكان الحادث، بدأت قطرات المطر بالهطول من جديد فوق المنحدرات والتلال والوديان الندية، المنعطفات كانت ساكنةً، والأشجار كانت عاريةً وقلبي كان قلقاً حزيناً تنخر بين ضلوعه وخزات مؤلمة كلما انعطفت مقتربة من المدينة، لقد حدثني قلبي بأمر مانويل، وحذرني من الاِقتراب منه كثيراً، كُنت على يقين بأنه يخطط لضرب هدفٍ ما، وبأنه لم يعد إلا لأمر غاية في الأهمية، لقد ابتعدت عن وجوه الشبان الثلاثة ليقيني بملامحهم العربية التي لها رسالتها ولأجلها نذروا أنفسهم. بدأت زخات المطر بالتراجع شيئاً فشيئاً، الطريق إلى المدينة ماتزال بعيدة ورغم تعبي لم أجرؤ على التوقف بأي استراحة، أشعر بشيء من الخوف والقلق عليّ التوقف لبضع دقائق، لكنني أخشى من "مانويل"جديد ومن أشياء أخرى تحول دون وصولي إلى المدينة قبل حلول الليلّ، تابعت طريقي مرغمة، تحت سماءٍ داكنة السُحب، ماطرة حيناً وعاصفةً حيناً آخر. أتخيل جثامين "مانويل وصديقته"أتسائل كيف لعربات الحياة أن تُطوى فجأة بدون موعد، تسلب الروح ليهوي الجسد بلاحِراك؟ساعات قليلة ويوارى الجثمانين الثرى، لايسترهما سوى قطعة قماشٍ صغيرة، ثم يُذرف التراب فوقهما ذرات ذرات، يتأهب الموتى لاستقبالهما، انقطعت الصلة بالحياة وتمت كلمات ربك. لم أدر كيف توقفت عن متابعة المسير، أشعر بأنني متعبة جداً نظرتً إلى جانبي الطريق وجدت مطعماً خشبياً أنيق الطلة توقفت على مقربةٍ منه ونزلت من السيارة ما إن وصلت أمام الباب الرئيسي ألقيت نظرة إلى داخله كانت تتوسطه مدفأة خشبية اتقدت بداخلها أعواد الحطب، وعلى جانبيها اصطفت طاولات بترتيب ريفي، وفوق الأرضيات سجادات يدوية برسوم قوقازية وشيرازية، أما على النوافذ ستائرٌ من الكتان السادة، دخلت ببطء شديد إلى القاعة كانت تشع دِفئاً جلستُ على مقربة من النافذة متلفتة يميناً ويساراً إنه مطعم أنيق بالغ مالكه بأناقته ليشد انتباه المارة إليه طلبتُ كأساً من الشاي سرعان ماحضر طلبي، كان ساخناً دافئاً استمتعت برشفه كثيراً. دفعت الحساب، وخرجت إلى سيارتي مُسرِعةً خشيةً أن أتعثر بحدث يُعيق وصولي إلى المدينة قبل حلول الظلام، كان المساء قد بدأ يسدل بستائره بارداً، كانت الدروب ساكنة، والسماء ملبدةً بالغيوم، الشوارع رطبةوالأشجار التي كانت تجعل من المنعطفات سياجاً أخضر فوضوي الصفوف، بدت عارية تئن برودة، والتلال غطت أفقها قلنسواتٌ بيضاء والمروج التي طربت خلال شهور الصيف بخطوات محبي الطبيعة قاحلةٌ جرداء، أما قلبي قلعة صامدة لا تقوى على كسرها مصائب الزمان. ومرت ساعات الرحلة بهدوء، بعد عاصفة من أحداث عصفت بصباحها الأخير!ما إن لاحت من بعيد مشارف المدينة بمبانيها الشاهقة بدأت المطر بالهطول بشكل خفيف، تبعه صوت إقلاع طائرة كلما اقتربت سيارتي من دخول المدينة كان يعلو صوت محركها وهي تعلو ثم تعلو عالياً، ظهرت أمامي وهي تحلق باتجاه ديمات تشرين لتبدو كما صقر يعلو متحرراً من قيود الجاذبية متوجاً حارسِاً للسماء، حمل على متنها شبان العملية الصباحية عائدين إلى ديارهم مع تبدل المواسم التي معها تبدلت طقوس اللقاءات اليومية وتغيرت مباهج الحياة الدنيوية. تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــت |
رد: رفقة الأمس
رائعة جدا قصتك عروبة ومؤثرة أيضا..
دمت مبدعة متألقة وأنتظر منك عطاء مزيدا ليزيد معه استمتاعي.. تحيتي ومودتي |
رد: رفقة الأمس
أتابع بشغف ولي عودة
دمت مبدعة ودام سردك الشيق بهذا النفس الرائع مودتي |
رد: رفقة الأمس
قص فيه من الروعة والإبداع ما يشد الانتباه
شكرا لك عروبة على الإمتاع. |
رد: رفقة الأمس
كل الشكر لمن مر وترك تعليقاً
بانتظاركم على الدوام |
رد: رفقة الأمس
اقتباس:
*إثر قراراه بالابتعاد: قراره... *غادرت إلى أصقاع الأرض بدوري برفقة أحزاني: .....رفقة أحزاني... *وضع النقاط المتتالية أو الفواصل المتتالية بدل الفاصلة الواحدة للفصل بين الأحداث من حيث الزمن ، وكمثال ما ورد في هذه العبارة : (وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي(، )مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض (، ) غادرت مكتبي باكراً، خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا، يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه) (وابتعدت عن الساحل المؤدي إلى منزلنا الصيفي..مرت الأعوام لأشعر بشيء من الإنقباض .. غادرت مكتبي باكراً.. خرجت من المبنى لألمح طيفاً أنيق الطلة وسيم المحيا يقترب من باب المبنى الذي خرجت منه.) *التي لسعتها الشمس بحراراتها :....بحرارتها... *لم يطق ساكنيه طلتنا اليومية التي اتسمت بالأناقة والرصانة:.....ساكنوه ..... *الذي دخل المبنى من لحظات قليلة: ...منذ.. *التقديم والتّأخير أفسد وضوح السياق : ( كثيرا ما كانت تشعر بالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي زميلتي ليلى التي كان من النادر جدا أجده يقف برفقتها ليتحدث إليها). (كثيرا ماكانت زميلتي ليلى تشعر بالضيق من ترتيبي ونظافة حقيبتي..إذ كان من النّادر جدّا أن أجده يقف برفقتها ليتحدّث إليها). *ما إن غاردر المدينة :...غادر... *الغربية ليتثنى له السفر :...ليتسنّى... *غير أن نار الثور لم تخمد بين ضلوعه :....الثورة.... *نظر إلى :...إليّ.. *كما حفظنا إياها شعرنا العربي وكما ضمتها خارطة الوطن العربي : ...حفّظنا.....ضمّتها.... هي الأوّلى، هي القِبلة الأولى:..الأولى.. |
رد: رفقة الأمس
لن أعلق أستحق النقد وأكثر أشكر تعليقك وتصويبك أ. محمد الصالح
عرفت الخطأ متأخرة هي آنات السرعة والعجلة وعدم المراجعة بشكل متروي |
رد: رفقة الأمس
اقتباس:
|
رد: رفقة الأمس
رمضان كريم، وكل عام وأنتم بخير أشكر رحابة صدركم تمنياتي لكم بدوام الصحة والعافية
كنت بين شك ويقين من الفاصلة والنقاط للفصل بين الجمل لكنني اتبعت أراء آخرين المعذرة. |
الساعة الآن 43 : 12 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية