![]() |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عـــــــدنا ...
عاد عمي " العياشي " من جولته التفقدية .. النخيل في أمان .. الضفادع في أمان .. اليراع و الحشائش في أمان .. الخنازير البرية هي أيضا في أمان . قطه المدرب على طريقة "الكينكفو" هرع إليه بمجرد أنه سمع خطواته المتثاقلة ، طرح السلام بشاكلة " هاي هتلر " ، أخد زجاجته الخضراء التي لا تصر الناظرين ، قبلها في هيام من القلب إلى سائل نكهة الروح ، كان منهك القوى ، عرق اللف و الدوران تصبب من جبينه ، فضلت عدم إزعاجه بحلمي الذي كان . قضيت ليلة بأكملها أصارع البعوض الأسود و الأصفر و الأخضر ، أما أصوات الضفادع و الصراصير فيا رب لا يسمع احد بها ، خاصة على موسيقى تغريد البعوض الليلية ، صدقوني لم أحس أن عيني غمضت للنوم ، يدي ضلت طول الليل تمارس عملية الصيد ، أما جلدي فقد احمرت لمساته الطرية من شدة الحك ، أظافري تفننت في طرق الحك .. الحك الجانبي .. الحك الحاد .. الحك مع الإصرار و الترصد .. الحك الظاهر و الخفي . في الصباح الباكر قررت العودة إلى المنزل ، سئمت من الهروب إلى الخلف .. سئمت من الكلاب و القطط .. سئمت من البعوض مع أنني كنت أسمى "بالناموسة "، اشتقت للنوم في سريري – آه يا سرير – و كأنني أتكلم على نوم في نزل خمسة نجوم ، أو قصر من قصور الذين نهبوا ما نهبوا ثم هربوا و يا ليتهم رجعوا . سريري كان عبارة عن ألواح من جريد النخل ، فراش خشن و شبه وسادة ، في غرفة كانت بها فتحة علوية للتهوية ، ليست نافذة لأن هذا النوع من الرفاهية موجود في القصور و المنازل "الهاي كلاس" . لم أكن أعلم أن طريق العودة ستكون طويلة.. موحشة .. مرهقة .. صورة العصا "شردودة "و هي تهوي على راسي كالمطرقة لم تفارق تفكيري ، كنت أتمنى أن يتم قتلي بطريقة رحيمة ، لم أكن أريد أن أقصف بصاروخ "شردودة" العابر للقارات ، و لا بدخان أبي المسيل للدموع و اللحم و الجلد ، حتى منظمات حقوق الطفل كانت ستتحرك لنصرة قضيتي ، و ستكتب الجرائد بالبند العريض – اغتيال طفل أعزل – أما قنوات bbc و cnn و nbi سينشرون في الأخبار العاجلة أنني مضطهد من قبل أبي و عمي و خالي ، لكنهم طبعا سيغضون الطرف على قتل طفل آخر .. في مكان آخر .. على يد مجرم آخر .. بصاروخ آخر . لمحت باب منزلنا من بعيد ، كأنني كنت في الغربة و عدت بعد طول غياب، قلت في داخلي الغربة مرة و كان يجب أن أحمل مع السكر . ما إن اقتربت حتى توقفت في مكاني من شدة المفاجأة ، سيارات شرطة .. الدرك .. الإسعاف .. الحماية المدنية .. و حتى الجيش و الكشافة .. قلت ربما اكتشفوا أن أبي منخرط في منظمة إرهابية . كانت الجنازة كبيرة و الميت فأر ، كنت أنا الفأر طبعا ، فقد علمت بعد ذلك أن أبي كان قد أخبر كل الجهات المسؤولة و الغير مسؤولة ، أداع الخبر في كل مكان ، حتى القنوات المشفرة نقلت الخبر في ساعات الذروة من المشاهدة " خرج و لم يعد " و " أنقضوا الطفل الضائع " . تسللت إلى المنزل لأنني كنت مطلوب على جناح السرعة من جهات فاعلة ، لمحتني أمي الحزينة ، و كأنها اشتمت رائحة حدائي ، دموعها تتوقف من روعة فرحتها ... يتبع [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أهلا بك أخى الكبير جمال
ففى الحلقة الخمشتاشر من الجزء التشعتاشر أؤكد إنك بارع فى السرد القصصى الظريف والذى شدنى دون استدعاء عاجل للقراءة والكتابة والرد السريع بالاعجاب والتصفيق للكتابات الرائعة الساخرة من اضطهاد الأطفال والتخويف والترويع للطفولة البريئة بآلة الترهيب شردودة العصا الشريرة .........ووصفك الرائع للباعوض (الناموس فى لغتنا المحلية فى القرية الذكية ) استمر مع تقديرى ومتابعتى المتأنية لك أخى تقبل تقديرى واحترامى |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
أما سردي القصصي فهو لكم أخوتي .. نابع من القلب .. مع رسائل طفل ، و طفل آخر بين ويلات الحصار يتألم . جميل أن نكتب ، لكن الأجمل منه أن نبحث بين السطور عن أنفاس طيبة و الكثير من العبر لمن يريد أن يعتبر ، الحياة دروس ننهل منها من تجاربنا الأليمة و السعيدة ، و في وسط الطريق نرسم لوحة لعمر قادم . تقبلي فائق لمسات الأخوة الصافية .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
لا اريد ان أعلق عما قرأت أنتظر المزيد مع نصيحتي لك بنشر مذكراتك في كتاب دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
أعدك أختاه و أعد الجميع أنه عند انتهاء مذكرات الفتى الطائش ، سأنطلق بحول الله في سلسلة جديدة بعنوان " خمسة في مهب الريح " ، أكثر تشويقا . من يريد متابعة مسلسل "خمسة في مهب الريح " فليحجز مكانه من الآن على قناة نور الأدب التي ستبثه حصريا .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
الأخ العزيز جمال
أنا متابعة بإذن الله لمذكرات الفتى الطائش الممتعة والجميلة , ومن الآن أحجز مكان لمتابعة مسلسل " خمسة في مهب الريح" تحياتي . :nic70: |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
مسلسل خمسة في مهب الريح هو من وحي ما وراء الواقع ، احداثه فعلا دسمة بالمفاجأت ، لكن أعلم أن كتابته ستكون مرهقة لي ، لكن من أجلكم أخوتي يهون كل شيء . مكانك أختاه درجة أولى و في الصف الأمامي . دمت طيبة و منيرة لمساحاتنا .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عـــــــدنا ......
أمي فرحت بعودتي إلى المنزل سالما ، أما أبي فمنعته قوات الأمن المدججة بالأسلحة المتطورة من تسليط عقوبة الفرار الطويل ، طبعا شكرتهم في سري ، فلو لا وجودهم لكنت أكلت طريحة بمعجون المشمش و التفاح و البرتقال ، المهم أن أبي عاد إلى طبيعته القديمة بعد أن أخد منه تعهد كتابي بعدم معاقبتي مستقبلا. الهدوء القاتل عاد إلى المنزل مع دخول فصل الصيف ، و لأنها كانت فترة عودة المغتربين إلى البلدة ، ترقبت أن يحل هلال بنت الجيران، التي ما إن تحضر إلى البلدة حتى ينطح رأسي أقدامي و قلبي يرقص طربا ، كان والدها يعمل مدير في إحدى المؤسسات التربوية في ولاية مجاورة ، اسمها "رونق" و هي رونق بجميع المقاييس العالمية و المحلية، عيناها بحجم الفنجان ، شعرها يسافر في كل المكان ، و القد الممشوق أدهشني و أدهش الصبيان ، قد تقولون أنني كنت صغير على العشق ، ماذا أفعل و قلبي اللعين يجرني إلى حيث ألقى هلاكي . في صبيحة ساخنة قرر أبي التوجه إلى الحقل ، حماره العاق و المتمرد على أوامر سيده رفض أن يخرج ، منحه ما استحق من ضرب و شتائم بجميع اللغات حتى لغة الصم البكم ،في آخر المطاف خرج و رجله فوق رأسه ، كان يريد أن يأخذني معه ، لكنني اختبأت تحت السرير ، آه بعد أن كان يتربص بي و يحضر لي العصا "شردودة" لكي تحطم إحدى أضلعي يأخذني معه !!!!، لو كنتم مكاني هل ستذهبون معه ؟ بكل تأكيد لا . بعدما غاب عن الأنظار ، خرجت يومها لكي ألعب قليلا في الخارج ، فإذا بسيارة ماركة "مرسيدس " متوقفة أمام باب منزلهم ، عرفت أنها جاءت ، قلبي راح يخفق في 160 كلم في الساعة ، رجعت في الحال إلى المنزل ، لبست سروالي الوحيد الجديد .. قميصي الوحيد الأزرق .. نظارتي البلاستيكية التي صنعها الرومان الأوائل ثم ماتوا أو انتحروا .. عدت إلى الشارع لكي ألمح فتاتي بعد عام من الانتظار .. الانتظار مؤلم خصوصا بالنسبة للعشاق من أمثالي . خرجت و ابتسامتها النرجسية لفحتني كفراشة ترفرف فوق غصنها الأخضر ، رومانسي أنا أليس كذلك ، لكنني كنت مهووس بالجمال و أكره كل الأشكال القبيحة المقرفة، كانت بنت عمي من هذا النوع ، شعرها اجتمعت فيه كل الأتربة ، الحمراء و الصفراء و السوداء ، دوما تضع به غاز و بترول لكي تقتل القمل ، أنفها دائم السيلان " بالخنونة " ، تكره الماء و إن وصفه لها الطبيب و هي على سرير الموت لا تغتسل. فتاتي كانت سبحان من أبدع و صور ، ماركة مسجلة فأمها كانت ألمانية مستوردة ، أما والدها فكان من سكان البلدة ، لم أكن أعرف قصة زواجه بخالتي " أندريا " ، ليست في محلها كلمة خالتي " أندريا " أليس كذلك ، كلمة خالتي لا يمكن ربطها بالأسماء الغربية، ربما تصلح على "الطاوس" ، "خضرة" ، "بركاهم" و مجموعة أخرى من الأسماء محلية الاكتشاف . عمي "سعد" خرج ، لمحني بعين و عينه الأخرى صوبها نحو بنته "رونق"، شاربه الكثيف وجه نحوي رسالة ، فهمتها طبعا ، لكنني لم أكن من الأطفال الذين يهزمون من أول جولة ، نهر المسكينة فدخلت مسرعة إلى المنزل ، غلق الباب في غضب حتى كاد يكسره ، قررت أن أنتقم لكل حسناوات العالم و منهم طفلتي الجميلة ، أحسن حل لرد الكرامة المنتهكة أمام الجميع هو القصف و بقوة . عجلات سيارته كانت الهدف الأمثل لضربتي الأولية ، أخذت لوحة خشبية و غرست بها مسامير مسمومة ، وضعتها في خبث تحت العجلات الجميلة و الجديدة ماركة " ميشلان "، عدت إلي البيت لكي أسمع انفجارها في هدوء تام ......... يتبع[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
ولكن سنسامحك لجمال القصة استكمل وإلا شردودة كل تقديرى واعجابى اخى الكبير جمال |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]لا تفكرينني أختي امال في " شردودة " ، فهي تزورني في الأحلام .
أسعدني جدا تواجدك الدائم عبر مذكراتي الطائشة .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
الله يسعدك أخى الطيب
وانتظر استكمال مذكراتك الشيقة كل تقديرى واحترامى |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عدنا ....
كانت حبيبتي الصغيرة تزورنا على فترات متفاوتة عندما يغادر عمي سعد المنزل ، أتابعها من بعيد كلما حلت بوجهها المشرق ، أتغزل ملامحها في صمت ، أمي كانت تحس أنني مولع بها ، لذا تنهرني كلما اقتربت من مجمع النسوة ، أم حبيبتي خالتي " اندريا " كانت تحب أمي كثيرا، فكلما جاءت منزلنا تفتح صفحات عام من الأحداث السعيدة و الحزينة ، من يسمعها لا يقول أنها ليست عربية الدم .. فلانة ماذا حدث لها ؟ علانة هل تزوجت ؟ و سيل جارف من الأسئلة لأمي لتي كانت تجيب بانفعال تام . تكلمت كثيرا عن معشوقتي الصغيرة ، و جاء الدور لأتكلم عن الغارات التي كنا نقوم بها مع أطفال الجيران ، كنت زعيم العصابة الصغيرة بحكم أسبقية الطيش ، لنقل حركة تحرر ضد الوقت ، تنفيذ الأوامر من أهم قوانين العصابة ، سلاحنا كان اليقظة و الحرص الشديد و المداهمة على حين غرة . في العطلة الصيفية يتعذر علينا الذهاب إلى شواطئ البحر للاستجمام ، ليس بسبب بعد المسافة ، و لا بسبب ضعف الإمكانيات المادية ، و لا بسبب نسيان الدولة لأطفال المناطق المغمورة ، و لا بسبب أن أبي لم يكن شهيدا أو مجاهد ، إنما بسبب أن أجسادنا لم تكن مؤهلة لملامسة ملح البحر. كنا نستجم في البحر الأسود المتوسط ، و أحيانا الأحمر المتوسط ، برك اختلط فيها الماء بالطين ، و البعوض .. يا البعوض !! أنجز مخيمات صيفية عائلية بالمجان ، الدفع رمزي بصك عضة و قليلا من الدم ، و أحيانا "ونونة" استفزازية . مزرعة عمي "حشاني "الزاخرة بكل أنواع الفواكه ، تين ، خوخ ، عنب و رومان ، بطيخ أحمر ، أصفر و برتقالي ، كانت متنفسنا و الكافتيريا المتاحة مع كثرة المصاعب ، و عصير الفواكه كان هناك طازج و لذيذ . كانت محاطة بسياج ملغم بالشوك من جميع الأنواع ، و لو وجد الألغام المضادة للمدرعات لوضعها لتنفجر كلما حاولنا اختراق منطقته المحرمة . كنت عندما أقرر عمل طائش لا أعي لا أرى لا أسمع ، و لكي أداهم الكافتيريا عفوا المزرعة ، قررت أن أضع خطة محكمة . كان عمي "حشاني" عندما يريد أن يغادر مزرعته يترك حماره مقيد إلى جدع نخلة ، لكي يعتقد كل من يراقب المزرعة أنه لم يهم بالمغادرة ، يتسلل من مكان سري و يخترق مزارع مجاورة ليجد نفسه في الطريق الرئيسي بعد ذلك . قسمت مجموعتي إلى عناصر مراقبة و عناصر متدخلة ، "سفيان" و "العيد" يترصدون مروره بالشارع الرئيسي ، أنا و "الطيب" نخترق الجدار الفاصل عفوا الحدود المسيجة و ننهب ما لذ و طاب . تموقعنا قبل ساعة الظهيرة و الشمس ملتهبة في كبد السماء ، اتخذنا الحشائش مخبأ تمويهي كجنود "المارينز" ، بعد ساعة من الانتظار و الترقب جاء "سفيان" مسرعا ، عرفت أنها إشارة الانطلاق في عملية عاصفة الصحراء ، عود ثقاب واحد كان كاف لكي يشعل السياج الجريدي المشوك ..القليل من الماء جعلنا ندخل من غير أن نحترق ..قطعة لحم ممزوجة بالكبريت جعلت الكلب يقتل في خمسة دقائق . انتشرنا بأمر مني ..كل واحد في شجرة .. الأكياس كانت قمصاننا ، و لكي يبدو العمل محترف حطمت العمود الأوسط لقصر الجمهورية ..كان كوخ مغطى بسعف النخيل و مفروش بالحشائش الطرية ....... يتبع [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
رئيس عصابة الله يسامحك أستاذ جمال عندما بدأت القراءة لأول جملة فقط كانت حبيبتي الصغيرة تزورنا قلت الفتى الطائش كبر واصبح له حبيبة ولكن تبين انه رئيس عصابة اتابعك وأريد المزيد دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
كما أشرت الى أنه داخل كل طفل عاشق ولهان .. اتمنى الانتباه الى هذه النقطة أيضا . الأخت ناهد مرحلة التعقل و الالتزام على الأبواب فتابعي جديدها .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
كمل أخ جمال سبع
سأنتهى عن قريب من الامتحانات سوف أحجز مقعد بالصف الأمامى فلا تبخل بالمزيد فالحكاية فيها من الطرافة الكثير كل تقديرى واحترامى أخى الكبير جمال سبع |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]أختي الطيبة امال ..
موفقة بحول الله في امتحاناتك .. لك مني كرسي مريح بعد ايام من المذاكرة و الامتحانات . الفتى الطائش سيعود بحول الله بحلقة جديدة و آخيرة .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
استاذ جمال سبع القدير
وين كل هاي الغيبة ان شاء الله خير يعني انا اشتقت لكتباتك الرائعة ومذكرات الفتى الطائش اصدي الشقي ههههههه دمت استاذ بكل الخير وما تغيب كتير لأنو كتاباتك مميزة جداً وطيبة دمت بالف الف خير وحفظ الله تعالى |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عدنا ...
الغنائم كانت لذيذة .. بنكهة أخذ الحقوق بالقوة .. مع أنها لم تكن من حقنا .. صورت لنا أنفسنا الخبيثة أن ما حجب بالقوة لا يأخذ إلا بالقوة .. يومها رجعت للمنزل منتفخ البطن .. كيف لا و فواكه الصيف كانت تتراقص في معدتي .. معدتي يا معدتي .. صغيرة الحجم لكنها تحملت ما وضع بها .. لكنني في ساعة الطحن و الهضم و التحليل نقلت على جناح السرعة إلى المستشفى .. أجريت لي عملية غسيل بمسحوق "أريل" سريعة .. شاهدت النجوم في الظهيرة .. أنابيب دخلت و أخرجت ما قمت بسرقته .. لو تأخرت نصف ساعة لزرعوا لي معدة حديدية بدل المتوقفة عن العمل .. معدة حديدية ، فكرة جديرة بالدراسة من قبل أصحاب تغيير الأعضاء و زرعها مقابل ملايين الدولارات . سألتني أمي عن الشيء الذي أكلته .. أجبتها " خبز قديم و بصل من وقت قارون " .. لو قلت لها أنني تناولت تين و تفاح و عنب من وقت "أوباما" لأخبرت أبي فتتحرك العصا "شردودة" العظيمة . هذه التجربة جعلتني أتراجع عن طيشي .. عن مغامراتي المجنونة .. قررت العودة إلى جادة الصواب .. ليس العيب أنني كنت طائشا ، و لكن العيب إن كنت تماديت في طيشي ، كان الطالب حركاتي هو من أرشدني إلى طريق الهدى .. طريق الالتزام بالأخلاق الحميدة . رميت بجلدي الطائش من أول كلمة قالها لي " إلى متى و أنت بهذا الحال يا ابني ؟ " .. غابت عني الإجابة .. لأول مرة يتوقف لساني الذي كان كالمقص يقطع كل من يتهجم عليه .. ربما وقاره و لحيته البيضاء هو ما جعلني أتلعثم فصمت .. كان يصدر من ناصيته نور غريب .. كلماته بمثل بلسم .. بمثل مرهم .. بمثل صيدلية روحانية . عدت إلى المنزل .. اغتسلت .. لبست ثوبي الأبيض الذي أهداني إياه عمي بعد عودته من البقاع المقدسة .. توجهت إلى المسجد الذي لم يكن يبعد كثيرا من المنزل .. أديت صلاة المغرب .. اجتاحت جسدي رعشة ربانية .. كان موعدي مع الولادة من جديد .. سلخت جلد الفتى الطائش و لبست جبة الفتى الملتزم.. ما أجمل أن يكون الإنسان صورة للأخلاق الجميلة . في المدرسة لاحظني مدرس مادة الرياضيات .. كان اسمه " الأستاذ عبد الناصر " .. قال لي " لقد تغيرت 180 درجة .. لا مشاغبات .. لا تشويش .. لا مضايقات .. لا ضحكات من تحت الطاولة .. تركيز في الدرس و فقط .. ما الذي غيرك هكذا ؟ ..أجبته " الله يفعل ما يريد بعباده " .. و لأنني كنت أمتلك قدرة رهيبة على الاستيعاب الفوري .. استقطبت اهتماماته . أول عمل قام به معي ، أن حولني من المقاعد الخلفية إلى الأمامية .. استحسنت هذا التغيير .. خاصة أنه كانت الآنسات الحسناوات يقبعن في الأمام .. لا تأخذوا كلامي محمل الجد .. هي أفكار طائشة قديمة و فقط .. كنت أعتبرهن زميلات طيبات و ليس إلا . بمرور الوقت بدأت نتائجي الدراسية تتحسن .. أصبحت فتى مجتهد في كل شيء .. طبعا إلا الطيش و أعمال الشيطنة .. حضوري لدروس الإرشاد الديني كان بلا انقطاع .. حفظت الأربعين حديث نبوي .. و تمكنت من ختم نصف القرآن الكريم في ظرف وجيز . أوقات الفراغ كانت محصورة بين المسجد و مداعبة كرة تنس الطاولة .. تحاشيت متعمدا كل أصدقائي القدامى .. حاولوا في العديد من المرات سحبي إلى عالم الطيش الصغير .. رفضت و كأن الرعاية الربانية كانت ترعاني . أبي فرح كثيرا بتغييري هذا .. ربما يكون في نفسه قال " الحمد لله الآن ذهب عني وجع الرأس " .. كنت أساعده في كل أعماله .. في الحقل .. في التسوق .. حتى في ربط حماره بعد عودته من واحتنا الصغيرة . هل تعلمون أن أمي وزعت " الكسرة " عندما أخبرها الطالب "الحركاتي" أنني ختمت نصف القرآن .. كانت تحبني كثيرا و لم تدخر خبز الأيام لتوزعه صدقة تعبيرا عن فرحتها .. كنت كظله الذي لا يفارقه إلا أوقات النوم .. تعلمت منه الكثير في أمور الدين . من الأشياء التي كانت صعبة في بداية عودتي إلى الطريق الصحيح ، صلاة الفجر ، الجو بارد ، الماء بارد ، و الفراش دافئ ، تخيلوا منظر الماء المثلج و هو ينساب على جلدكم في صباح بارد ، و تذكروا دفئ الفراش و الوسادة . آه .. تفوقت في كل مراحلي الدراسية .. نلت الجوائز و الإكراميات و التشريفات.. أبي كان يفتخر بي في جلسات الدردشة .. في المقاهي .. حتى في حديثه مع حماره المسكين .. التوفيق كان حليفي بقبس رباني ظهر أمامي في أمسية جميلة . الآن أنا حاصل على شهادة جامعية عليا .. أعمل في مجال صعب جدا.. جدا .. جدا . متزوج و أب لطفلة مشاغبة جدا .. جدا.. جدا .. ربما طيشي تكرر من جديد في ابنتي .. ربما هي وراثة . تمت على بركة الله .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[type=218303]جمال سبع يضرب لكم موعد جديد بحول الله مع مسلسل " خمسة في مهب الريح "[/type] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
سبحان الهادى
كيف تتخلى عن شفرتك الوراثية بكل سهولة هكذا ؟؟؟؟؟؟؟ فالشقاوة والطيش هما من المواهب الربانية للانسان والله حكاياتك لطيفة ومشوقة وننتظر حكايات أخرى عن مراحل متعددة فى حياتك ومذكراتك كل التقدير أخى جمال والاحترام لشخصكم |
رد: مذكرات الفتى الطائش
استاذ جمال سبع
رائع رائع ما خطته يدك الكريمة وانا سعيدة لكوني اقرأ ما تجود به نفسك دمت بكل الخير على هذا المجهود العظيم ودمت بحفظ الله تعالى متمنية لك دوام التوفيق والتألق |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
سررت كثيرا بمرافقتك لمذكراتي الطائشة .. طبعا لكل طفولة شقية نهاية تتمثل في رجل صار جد طيب . أعدك أنني لن أتأخر عليكم بكل ما هو جديد و نافع .[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
كلامك الطيب أثلج صدري .. تواجدك زهرة أخوة نبتت في حديقتي الصغيرة عملي الجديد خمسة في مهب الريح في غرفة المونتاج .. أعدكم بحول الله انني لن أتأخر لكم مني كل التقدير و الاحترام [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أحيانا نعود لكي نتأمل ما كان
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
مذكرات رائعة أيهذا المدهش الجميل ، قدرة عالية متمكنة من السرد الخلاق المبدع المضيف ، هكذا يتعرى الواقع لنبصر ذواتنا دون زيف أو رتوشات مضللة ، قرأت مذكراتك الجديرة بالقراءة من ألفها إلى يائها واستمتعت كثيرا بأجوائها ، أرجو أن تنقحها لتكون مشروعا ورقيا رائدا يكسر رتابة ثقافتنا وجمودها ...
تحياتي مبدعنا الفاضل الحبيب الأستاذ جمال سبع |
الساعة الآن 57 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية