منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كتبي... (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=362)
-   -   زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=16081)

طلعت سقيرق 02 / 05 / 2010 44 : 01 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
الطريق إلى عمري ..

[align=justify]تلك هي الحكاية ، وهذا هو النداء .. في كلّ قطرة من هذا البناء ، أشعر أنني أضع قطرة من عمري .. يا ألله هل وصلت حقاً إلى هنا ؟؟ أحياناً أنسى فأعود إلى طفولتي لأشرب حليب الصباح من يد أمي .. كم من الوقت مضى .. كم من الوقت تبقى .. كم من الوقت سرقنا كي نرفع أعمارنا إلى هذا الحدّ ؟؟ مضحك جدول الضرب حين يكون مقياساً للزمن الذي راح ، وحين يكون مقياساً للزمن الذي يأتي .. ومضحك أكثر هذا المرور السريع لقطار الوقت .. هل تحولت أعمارنا إلى دولاب يدور بسرعة الصوت ؟؟ ..
الطفولة باب إلى السحر .. باب إلى الخلود .. ودائماً أحبّ التشبث بكلّ ما في الطفولة من جمال .. أرفض أن أنظر إلى الشيب في شعر رأسي.. أرفض أن أرفع قامتي أكثر لأدّعي أنني أطول من كلّ الحكايات .. فأنا ابن الطفولة .. والطفولة وحدها هي التي تحميني من كلّ ما في العالم من حزن .. لذلك أبتسم .. أضحك .. أعري شجر الحزن والألم وألقيه خلف ظهري.. تلك ميزة الطفولة .. لكن هل يستطيع الواحد منا أن يبقى طفلاً إلى الأبد ؟؟..
أن تولد طفلاً ، وتعيش طفلاً ، وتموت طفلاً ، فتلك أجمل الأمنيات.. وليس تحقيقها مستحيلاً.. إذ كلّ ما عليك أن تبحث عن عطر الوردة فيك.. أن نبقي كمّ البراءة دون أن يطاله الصدأ .. أن تضحك ..
لماذا أصرّ على الضحك إلى هذا الحدّ ؟؟ .. لأنّ الضحك هو الإنسان ، ولا شيء آخر يعطي الإنسان إنسانيته مثل الضحك .. ولأنّ الطفولة هي الأحلى ، فقد كانت مرتبطة بالضحك .. هما محوران لا غير ، الطفولة والضحك ، فما أجمل العمر الذي يمتلئ بالطفولة والضحك .. ما أجمله .. [/align]



ليلى مقدسي 02 / 05 / 2010 48 : 01 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" للتأمل غموضه "
يقول القديس ـ اغناطيوس ـ:إن ساعة تأمل واحدة ، علمته حقائق كثيرة ، أكثر مما أفادته تعاليم رجال الدين جميعاً ..
تأملت الإنسانية ، وشعرت برعشة من الخوف لا أدري كنهها ، لأني وجدت أنها مبنية على خوف الإنسان من الموت ، فكأن بالإنسان يتأمل الموت فيعي الحياة ، ويخيل لي أن الموت لن يحدث إلا للذين هم خارج نطاق محبتي ، أما ما يعانقه حبي سيبقى إلى الأبد ..
" وعلى ضوء النجوم أفقت من تأملاتي وقد تبدى لي تمثال ـ الزهرة ـ آلهة الحب واقفة بين الشجر وقد سقط على انحناءة كتفها شعاع أزرق ، وعلى إحدى ذراعيها من الضوء مما جعلها تبدو كغصن يابس منحن ، ولكنها ساكنة سكونها الأبدي " .
وكان جمع من العشاق في ملابس زاهية اللون ، وزورق ينتظر صعود العشاق ، وزهور مجهولة الأسماء تعوم حول الزورق ثم تتفتح أوراقها لتقود سفينة العشاق ..
يبدو أنني حين أدخل أزمنة البوح بعد أن أكون خرجت منها لفترات. وفترات متباعدة .. أو متواصلة أحياناً ، أكتب بشكل لا واع لأني لا أفكر بألوان الصور التي يسلسلها الفكر التأملي، وبشكل لا واع أيضاً أنتقي الألفاظ ، وربما تكون أفكارنا اللاواعية أدق وأعمق لأنها حين تدخل المدرسة التحليلية تتعثر .. وتضطرب .
وقد قال ـ شاتوبريان ـ" يجب أن تكون طبيعة المبدعين قادرة على الالهام والحركة . فالأولى تولد الفكرة ، والثانية تحققها " .
أليست الفنون مترابطة ولا انفصال بينها ، إنما كل شيء لم يقل بعد وكل شيء لم نعبر عنه بعد..
لماذا تورطت معي للدخول إلى هذه الأزمنة الفوضوية ؟
وورطتك هذه جعلتك ملزماً أن تسمعني وأنا أتنقل في قاعات الأفكار ، والتأملات ، فنولّد فكرة . وننسى أخرى ، ونتعثر في التعبير أحياناً .. ونهاجر من أزمنة بوحنا أحياناً أخرى ويتجمد الصمت على شفاهنا ..
أحس هذه الأيام وأنا أترع كؤوس وحدتي ، وأشرب حتى الثمالة نخب الألم من مقلتي ، أنني فرع نخيل منعزل في صحراء والأعاصير تهزني بعنف ، وتتفتح على رمال المفاجآت من كل جانب ، فأحمل أمتعتي من المتاعب الزائدة وأنثرها في غياهب هذه الصحراء اللامتناهية ، لأثبت لنفسي أني أستطيع العيش بمفردي ، أليس هذا يعني أني أتمتع بحرية حزينة يا صديقي ، لأن الحياة التي حولي خلت من الشجيرات غير المتراصة ، غير المتماسكة بأرض الصداقة. ومعاني الإنسانية ، وما الصداقة التي يعيشها الآخرون إلا حالة من النفاق الاجتماعي ، لأن الشكل غير متناسق ومنسجم مع المضمون ، وكأن في هذا الزمن القلوب تحجرت ، والروح تجف وتذبل..
وقد قال أحد الحكماء :البوم يشبه الإنسان كثيراً ، مخالبه مخبأة تحت ريشه فالإنسان بشرِّه المخبأ تحت قناع تهذيبه الاجتماعي هو انعكاس لصورتنا في مرآة الحياة الحيوانية ، وفي الطبيعة لذا نكرهه ، ونحبه ، بآن واحد ..
وقد كان البوم في بعض العصور رمزاً ـ للحكمة ـ منذ / 2500 / سنة وقد صك اليونان صورة البوم المقدس على عملتهم مقروناً بأثينا ـ ربة الحكمة .. والبوم يملك أكثر العيون جاذبية وغموضاً وإثارة في العالم.


[/align]

طلعت سقيرق 02 / 05 / 2010 54 : 01 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
الصوت والصدى

[align=justify]من البعيد تأتي لحظة الحلم ، لحظة امتشاق الصورة التي كانت .. في مثل تلك اللحظة السحرية يخرج مني آخر يأخذ في ملاحقة الظلال .. وأرقبه .. لا يكون عليّ إلاّ أن ارقبه .. أتلذّذ بكلّ حركة من حركاته .. أضحك بصوت مرتفع عندما يأخذ في القفز والركض واللهاث .. ولد يلعب في الحارة الضيقة ، أو في باحة المدرسة ، ويقف مأخوذاً عندما تمرّ تلك التي كان يحبها..
كان الولد مشاغباً .. كثير الحركة .. لا يعرف الهدوء .. يتمنى أحياناً أن يملك جناحين ليطير.. لا تتسع المسافات والمساحات لأحلامه .. يتلذذ بممارسة طقوسه الخاصة التي لا تصدر إلاّ عن الأولاد .. تدوخه القبلة الأولى فيظن أنّ الوجود كله في شفتين من كرز .. هل كانت تلك البنت الحلوة تشعر بمثل شعوره ، أم أنها ذاقت القبلة قبل أن يذوقها ؟؟.. الجواب يحتاج إلى العودة طويلاً في الزمان .. وهذا مستحيل.
يقف الأطفال الذين كبروا ، في المدرسة الجديدة مبهورين .. ويقف هو آخر طالب ، لأنّ طوله يستدعي أن يكون الأخير .. ولهذا الطول رغم سيئة الوقوف في آخر الصف ، ميزة القدرة على المشاغبة ، وممارسة الحركة بحرية ، والحديث مع الطالب القريب دون أي حرج.. لكن المدرسة الاعدادية تختلف عن المدرسة الابتدائية .. فهنا تكبر المسؤولية ، ويدخلون الطفل ، شاء أم أبى ، في زمرة الأولاد الكبار .. وعليه أن يتصرف على هذا الأساس ، مع أنه ما زال راغباً في ممارسة طفولته بطولها وعرضها .. ويستطيع بين الحين والحين ، أن يلقي حجراً في البركة الساكنة ، لتكون الدنيا كما يريد .. ومع الأيام ، يشعر أن منطق الكبار لا يرحم .. وعندما يصل بعد سنوات إلى التواصل مع أصواتهم ، مع صورهم، يمارس دون أن يدري منطق الكبار ، صارخاً في وجه الأطفال : الهدوء .. الهدوء.. ويتمنى الأولاد الذين ما غابت طفولتهم ، أن يصمت ، ليعيشوا سحر الطفولة كما يرغبون ..
[/align]

ليلى مقدسي 03 / 05 / 2010 10 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" رؤى الخيام "
إلهي قل لي من خلا من خطيئة
وكيف ترى عاش البريء من الذنب
إذا كنت تجزي الذنب مني بمثله
فما الفرق بيني وبينك يا ربي ؟ .
/ عمر الخيام /
لقد كان عمر الخيام ليس من أولئك الذين لا يعدو إيمانهم أن يكون خوفاً من يوم الحساب ، ولا تعدو صلاتهم أن تكون سجوداً ..
وطريقته في الصلاة : يتأمل وردة ، يعدّ النجوم ، يتدله بجمال الخليقة ، بكمال نظامها وترتيبها، بالإنسان أجمل ما أبدع الخلاق بعقله المتعطش إلى المعرفة ، بقلبه المتعطش إلى الحب . بحواسه متيقظة كانت أو مترعة .
وقد قال : أنا متعبد للحياة ، أنا أهتف إن كنت لا تعرف الحب فما يجديك شروق الشمس أو غروبها ..
وهل يتجاهل الناس ـ الحب . والموسيقى . والشعر ، والخمر ، والشمس . هل نحتقر أجمل ما في الخليقة ونجرؤ على التلفظ باسم الخالق؟. فسلام إلى الإنسان في ظلمة صمت الآخرة .. ومن أقواله : ـ عندما يريد المرء أن يشرب فإنه يختار ساقيه ونديمه .
ـ ليس للبحر جيران ، ولا للأمير أصدقاء .
ـ الشعر لا يعرف قانوناً .. إنه لا ينكر ما سبقه ، ولا ينكر ما تبعه ، وهو يجتاز العصور في دعة تامة .
ـ جعلنا الله عاشقين . كما جعل بعض الأزهار سامة .
ـ لا تعجب لشيء . إن للحقيقة وجهين .. وللناس أيضاً ..
ـ إن اليوم الذي تستطيع أن تعبر فيه عن كل ما يجول بخاطرك ، سيكون فيه أبناء أبنائك قد وجدوا الوقت الكافي ليصبحوا عجائز ..
ـ إننا في عمر الأسرار والخوف ، وينبغي أن يكون لك وجهان : واحد تريه للناس . وآخر لنفسك ولخالقك .
ـ ما أشد وحدتك وأنت بقرب محبوبتك ، والآن وقد رحلت تستطيع أن تلوذ بها .
ـ الجنة والنار هما ذات نفسك .
ـ السعيد من لم يظهر قط إلى الدنيا .
ـ العلماء لا يجود الزمان إلا بحفنة منهم في العصر الواحد ، في حين أنه بالإمكان تعيين خمسمائة وزير في العام الواحد .
ـ ينبغي أن يوارب المرء في حديثه مع القضاة والسلاطين لا مع الخالق.
ـ حُرمت الصلوات الخمس لأننا الآن في الجنة متصلين بالخالق على الدوام ولا حاجة بنا إلى التوجه إليه في ساعات محدودة .. فمن يعاند في إقامة الأوقات الخمسة يكشف بذلك عن قلة إيمانه بيوم الحساب ، ولقد غدت الخمرة وهي شراب أهل الجنة كما في ـ القرآن ـ من المحللات وعدم شربها آية على ضعف الإيمان .
وقد قال :
كسرت يا رب ابريق المدام كما
سدد ت لي باب عيشي حيثما كانا
أنا شربت وتبدي أنت عربدة
ليت الثرى نعيمي . هل كنت نشوانا
[/align]

طلعت سقيرق 04 / 05 / 2010 57 : 01 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]القصيدة والحب ..
لا أدري إن كان بالإمكان فصل الشعر عن الحب ، أو الحبّ عن الشعر .. في الأول لا يكون الشعر شعراً ما لم يكن في البداية خفقة قلب ، وصرخة عشق .. وفي الثاني لا يلجأ الحبيب حين تضيق الكلمات عن استيعاب ما يريد قوله للحبيبة إلا للشعر .. فالشعر يطابق الحب ويداخله.. ومن الصعب الفصل بين هذا أو ذاك ..
في ذواتنا منذ الصغر احترام للشعر غريب عجيب .. كأنّ الواحد منا يرضع الشعر مع حليب أمه .. ويكبر واحدنا ليكبر معه هذا الإحساس الجميل .. ويكون تواصله مع كلّ فتاة ، أكثر حضوراً وجمالاً وروعة ، حين يكون الشعر حركة القلب واليد واللسان والملامح .. فالشاعر ، وإن كان في طور الأولاد الصغار ما زال ، مميز في كلّ حركة من حركاته، ومرهوب الجانب حتى من الأصدقاء والأحباء .. لأنهم يعتقدون ، أنه يستطيع بشعره ، أن يسرق الكحل من العين ، فكيف يصمدون في وجهه وينافسونه في حب هذه أو تلك .. وفي مثل هذه الحالات ، يكون الأجدى، أن يقربه كلّ واحد إليه ليتلافى منافسته عند الحاجة ، أو ليكون إلى جانبه يسانده في قصيدة إذا أحب .. وكم كان القلم يتحرك ليكتب لهذا أو ذاك ، قصيدة تحكي عن اللوعة والحزن ، لتقدم إلى فتاة ما زالت بعمر الورد ..
قد يكون الأمر مجرد صورة أو تصور فيما بعد .. لكن لا يمكن أن يكون الشعر شعراً في البداية وإلى سنوات ، ما لم يكن الحبّ محرك الشعر ومؤجج صوره .. وحتى عندما يصبح الشاعر في الثمانين ، لا يكون الشعر شعراً حقيقياً ما لم يكن الحب وقوده ومحركه ودافعه .. ويخطئ من يظن أنّ الحبّ يتوقف في هذا السن أو ذاك ، أو أنه يموت .. فالحب مثل الحياة ، مثل الأنفاس ، وإن أخذ أشكالاً متعددة ، لكن الاستغناء عنه لا يكون ، خاصة عند الشعراء ..

[/align]

ليلى مقدسي 06 / 05 / 2010 55 : 12 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" صمت الجواب "
" وضعتني في جواب الصمت ، لأنني أحببت
قلقاً يا قلبي أراك .. تندي أعماقي بأحزان هواك "
- أسطورة سمرقند –
يحكى أن ملكاً من ملوك سمرقند أراد أن يحقق ما يحلم به كل إنسان أن يفر من الموت ، وإذا كان مقتنعاً بأن الموت يُقبل من السماء رغب في القيام بعمل يمنعه من ادراكه ..
فابتنى قصراً تحت الأرض ، قصراً شاسعاً وسد جميع منافذه ، وكان ثرياً ثراء خيالياً وقد اصطنع فيه شمساً تشرق في الصباح وتغرب في المساء كي تدفئه ، وتعين له مرّ الأيام ، غير أن إله الموت تمكن من خداع نباهة الملك ، وانسل إلى قلب القصر لانجاز عمله ، وكان عليه أن يثبت لجميع الناس أنه ما من مخلوق يهرب من الموت مهما تكن قوته . أو ثروته . أو حذقه أو صلفه .وهكذا غدت ـ سمرقند ـ رمز اللقاء المحتوم بين الإنسان وقدره .
وفي ـ نيسابور ـ حجب الخيام إلى مثواه الأخير وهو في الرابعة والثمانين من عمره . وقبره مستند إلى جدار حديقة، وشجيرات كمثرى ودراق تمد أغصانها وقد نثرت أزهارها على القبر حتى أنه كان مختفياً تحت بساط من ـ البتلات ـ .
وقد قال الخيام قبل موته : ـ سيكون قبري في مكان تنثر فيه ريح الصبا والأزهار في كل ربيع ـ .
قد تبدو هذه الكلمات غير معقولة على الفور . ومع ذلك رجل مثله لا يمكن أن ينطق عن هوى . وكتب على قبره ما قاله من تأمله في الموت :
كقطرة عادت إلى الخضم أو كذرة قد رجعت إلى الثرى
أتيت للدنيا وعدت حاكياً ذبابة بدت وغابت إثرا
ألم يكن الشاعر قد تمنى ـ لرباعيته ـ الخلود على الأقل . ذلك الخلود الذي لم يكن يجرؤ على تمنيه لنفسه .
وقد قاله لحبيبته جيهان :
هاتي خمراً ولتكن في مثل ورد خديك
وليكن نديمي مثل خفة خصلات شعرك
وحين وجد حبيبته ـ جيهان ـ في خطر أراد أن يهرب بها من قصرها قائلاً ـ اتركي هذا القصر .. لا تلتفتي وراءك ، لا تقولي وداعاً ، لا تجمعي حتى متاعك . هاتي يدك . ولنعد إلى بيتنا فتنظمي قصائدك وأرقب نجومي . وتأتين كل مساء فتلتصقين عارية بي وتحدونا الخمر الممسّكة بالغناء .. ويتوقف العالم في نظرنا عن الوجود ، ونقطعه من غير أن نراه أو نسمعه ..
اغرورقت عينا ـ جهان ـ قائلة : هؤلاء الناس يا عمر لا يفكرون إلا في الانتقام . وسيأخذون عليك أنك خبأت ـ جهان ـ وسوف يقتلونك في الوقت الذي يقتلوني أنا فيه .
أجابها : سنظل في بيتنا معاً . وإذا كان مكتوباً لي أن أموت معك فإني أذعن .
لكن جهان رفضت أن تذعن لموته معها ـ وعادت إلى القصر حيث ذبح الجنود جميع أهل القصر ـ وصرخ ـ جهان ـ ثم هدأ روعه فجأة ـ فعلى المرء أن يحتفظ بكرامته في اللحظة الأخيرة . لقد عرفت ـ جهان كيف تحتفظ بكرامتها .
فقال :انقضى عهد الصبا الميمون
ولكي أنسى أســكب الخمر
وطعمها مرّ هكذا يعجبني
وهذه المرارة هي طعم حياتي
[/align]

طلعت سقيرق 06 / 05 / 2010 29 : 01 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]هذا التواصل الجميل ..
وكان زمن البوح روح الروح .. حاولت أن أغسل عند الصباح ضلعين من وردة الحلم ، فكان صوتك مائي وامتداد الخصب في عمري .. وكنتُ أعلم أنك ترسمين بحبق الروح دفء وجهي ، وترسلين كلّ الحكايات لتطرق في صلاة الوجد باب عمري .. فكم كان رائعاً أن آخذ كفيك في دفقة وجدي لأرحل في كلّ خط من خطوط يديك حتى الثمالة ..
هل حاول العاشق أن يشعل الوردة في دروب الزمن الجميل ؟؟ كلّما أعدتُ ترتيب أصابعي يدركني الذهول فأعود إلى كأسي العاشرة لأشرب نخب تفاحة فردت سرّتها على سنابل شفتي فأزهر الوجد قبل أن يطلق الربيع دهشة الورد في صباحات الحدائق والحقول ..
لماذا كان عليّ وأنا أمشي إلى جسدي أن أصعد سلّم الزهرة الأولى ؟؟ لا تقولي انني أضعتُ انتباهي حين تركت ذهولي على مقعد حجري أمام الباب .. ولا تقولي إنّ الصباح كان ساحراً إلى الحد الذي ينسيني كيف أعود من حقل الوعد إلى حقل العهد ..
فأنا في صعودي نحوي أو نحوك ما نسيت أن أحمل سلّة الشعر لأسكب عند يديك كلّ ارتعاشات قصائدي .. وأنا في صعودي نحوك أو نحوي ما نسيتُ أن أحمل كلّ حقول الشوق لأفرد جسدي غصن عمر لا يعرف غير الحب زهراً ..
ضيعتني الدروب .. تهت .. نسيت الطريق إليّ .. وحين صحوت كنت في الطريق إلى سرّة تفاحة أخصبت في العمر حقل أغنيات .. لا أريد أن أستدير حتى لا أفقد شيئاً من حبق الحضور المذهل .. فخذي شكل يدي واتركي لي شكل يدك ، حين يسيج العمر أيامنا بألف لقاء ..

[/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 58 : 07 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" للخيال سحره "
يقول جيته : أنبئيني ما الذي يهواه قلبي
-- إنـّما قلبي لديك فاحفظيهِ
امبراطورة النمسا الفاتنة كان جيته يقدسها حتى العبادة، ولكنها شاءت ألا يذكرها الشاعر في أي مؤلف من مؤلفاته ، فوعدها جيته أن يظل مخلصاً لها في قلبه ، وأن يضلل الباحثين عن تقديمه لها . بأن يجعل إشاراته إليها عسيرة الفهم كل العسر .. فلا يستطيع المولعون باصطياد النوادر أن يعرفوا من تكون حبيبته ؟ ..
فقال : إنّ حبي دائماً يقسو علي .... فأشدو بقلب يختنقُ..
أما مجنون ليلى : إني لا أستطيع أن أكون رضي البال لأني بعيد عنها كل ذا البعد الكبير .
فسأله الآخر : فهل لديك شيء أكون رسولك إليها به ؟ ..
أجابه المجنون : لا حاجة لأن أنكر حيث هي توجد ..
ـ أليست أجمل قصيدة نكتبها ولم نستطع الغوص في أعماقها حتى الآن هي ( الإنسان) ـ رغم كل شيء .
إن الجمال في كل ما حولنا ، في كل مكان ، لِم لا يعبر عنه الإنسان بطريقته الخاصة . بأسلوبه الخاص . بإحساسه الخاص .
قال فولتير ـ نطلق كلمة جمال على كل ما يثير في نفوسنا السعادة والاعجاب وهو انطلاقة القوة الأصيلة .
أما لامنيه ـ أحد كهان الفلاسفة :
" إن الفن بالنسبة للإنسان هو بمثابة قوة الخلق عند الربّ .."
أما فان كوخ ـ يمكنني التخلي عن ربي . وعن حياتي ولكن لا يمكنني التخلي عن مقدرة الخلق أبداً ..
ويقول ـ ديلاكروا ـ الفنان ليس الذي يملك الموهبة والعبقرية والقدرة على التعبير ، إنما هو الذي يملك معرفة واسعة بالعالم وممارسته مستمرة . بذلك يستطيع أن يعبر عن كل شيء ابتداء مما هو مرئي إلى ما هو خفي وحالة النشوة والالهام تنبع من داخله . وهذا العالم يتم التعبير عنه بقاموس الطبيعة الواسع من خلال ذات الفنان . والموهبة المفتعلة لا يمكنها أن تثير النفوس الصادقة .
ويقول جيته : الخيال هو ابن الإله المدلل الدائم الحركة والتجديد . فالخيال هو تلك الرقة الخفية في الشعور ، والتي تجعل الفنان يرى في الكلام ما لا يراه الآخرون بطرق مختلفة . ولا توجد قواعد أو قيود للنفوس الكبيرة ..
سُئلت في إحدى الحوارات الصحفية .. ماذا يعني لك الحب . وقد أسست له كل أعمالك النثرية والشعرية والقصصية ؟ ..
قلت : الحب الذي أكتب عنه كمثل الكون لا ينتهي ، إنه تجليات المطلق للتسامي بالإنسان ..
والحب لديّ يتجه نحو الكينونة لا نحو الملك . وليس هو عاطفة وانفعال وتأثر وجداني .. هو فعل ، تضحية . عطاء . وحركة نشاط إبداعي .
قيل ـ لديك التكرار في موضوع واحد ـ الحب ..
أجبتُ : التكرار لدي حركة للنمو .. والتغيير . والتنوع . لأني بالحب وحده أجسد حلم اللحظة .. وأرى فيه سكري الروحي مما لا يراه الآخرون.. وأعبر عنه بطرق مختلفة .. وألوان منوعة .. [/align]

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 06 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
وقت لـوقت قادم
تغسل المسافات جسدها بعسل وفضة الوقت الجميل .. ومع كلّ دقة على جدار الزمن ، ينفتح باب يوم أحلى سيأتي .. أتدرين ؟؟ كثيراً ما أفكر باليوم الذي مضى ، وأصر رغم كلّ الجمال فيه، على أنّ اليوم القادم أجمل .. قد تقولين إنّ مساحة التفاؤل عندي كبيرة ، وأقول لك بصراحة: ولماذا لا تكون ؟؟.. أليس جميلاً أن تقف النحلة على زهرة الحرف ذات صباح ؟؟..
أجمل الأشياء تلك التي لا نعرفها .. وأجمل الأيام تلك التي لم نعشها.. وأجمل الساعات تلك التي خبأها لنا الزمن في جيب سترته .. ليس جنوناً ، ولا يشبه الجنون ، أن أكون مع ضوء الأغنية ، مع نشيد الصباح ، مع يقظة الوردة .. إذ ما أزال مصراً على أن التوازن النفسي والجسدي يستدعي أن نكون أكثر تفاؤلاً بما هو قادم .. ربما كان هناك جزء من خطأ .. جزء من فلسفة تقول إن الإفراط في التفاؤل يؤدي إلى الغرق في بحر الوهم .. لن أناقش ولن أحاول.. فأنا لاأريد أن يكون الفرح نوعاً من التظاهر ، ولا أريد أن يكون التفاؤل نوعاً من التعلق بوهم .. بل أريد أن ينبع كلّ شيء بشكل طبيعي ، وإن لم يكن ذلك كذلك ، فلا جدوى ..
الوقت الذي نعيشه ، يعني أن نمهد للوقت الذي سيأتي .. فالسلسلة متتابعة الحلقات ، وحين تكون حلقة ما ضعيفة ، ينكسر معنى الترابط في السلسلة .. والأيام القادمة ، لا تكون بعيداً عن الأيام الراهنة ، فما يأتي يكون من الذي مضى .. لذلك أحب أن نزرع الوردة في كلّ زمن ، لتكون الأيام القادمة أكثر حضوراً .. ولا يظن أنني أقول إنه لامكان للحزن .. لأن الحياة لا تسمح بلون واحد ، وصيغة واحدة .. لكن علينا أن نكون مع الصورة المشرقة ، مع التوازن ، لا أن نحول الأيام إلى مجرد توجس وخشية وخوف مما هو قادم .. لأنّ هذا مرض .. وأي مرض ..!!..

[/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 18 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" نشوة اللغة "
" اللغة طاقة وهي التي تبني رؤيتنا على العالم . وتفتح آفاقاً أخرى على ذواتنا وهكذا تتوصل اللغة إلى وحي . واللغة الشعرية هي لغة تخطف القارئ وتنقله إلى اللا منتهي . واللغة الصوفية عالمٌ داخل عالم هي لغة الحب " .
وجدت يا صديقي .. يا من رافقتني بأزمنة البوح المتشعبة ، أن اكتشاف حقائق الحياة يعني تدمير الأوهام الجميلة ، ورغم ذلك فإن تلك الأوهام تعاود الظهور متجاهلة كل معرفة قدمتها التجارب ، ولذلك يبقى الإنسان مشروعاً منفتحاً لكل الاحتمالات ، وبنفس الوقت الإنسان موقف فإذا تخلى عنه فهو ليس إنساناً ..
أحياناً أكره هذا الانتماء الذي وجدت نفسي فيه ، هل يعني لي شيئاً ؟ وهل أنا إلا مجرد حصيلة باهتة لوجهات نظر الآخرين ، وهل أنظر لهم بعيني أم أنظر إلى الحياة بعيون الآخرين المدقوقة في اللاوعي .
والأفكار المتوارثة ، والمعتقدات الخاطئة والتي تتخذ صفة الحكم في نفوسنا ليس بالضرورة صحيحة ، فلو حاولنا مرة أن نسأل أنفسنا عنها ونناقشها بوعي ومنطق عقلاني ؟ ..
قال أب لابنه : إذا خيبت النساء يوماً أملك فاذهب إلى أصدقائك ، فالصداقة أعمق من الحب ، وإذا خذلك أصدقاؤك كلهم فالجأ إلى ثروتك لتروح عن نفسك ، وإذا وجدت أنك بسوء تدبيرك بددت مالك ولم يبق لك صديق أو حبيب ، وخيم اليأس على قلبك ، فاعلم أنك كنت فاشلاً في عمرك ، فخير لك أن تضع حداً لحياتك ..
وقد هيأت لك حلقة في منتصف السقف لتستعملها في انتحارك . حين فشل هذا الشاب في كل شيء ، ربط الحبل حول عنقه وقفز عن الكرسي فوقع على الأرض ، وهطلت عليه دنانير ووجد بينها رسالة من والده يقول فيها : علمت أنك سوف تتدهور مع تقلب الزمن ، لذلك هيأت لك بهذا المال حياة جديدة ، وأملاً جديداً . ولكن اعقل في تصريف شؤونك هذه المرة.
لذلك بعض الناس لا تستعمل كلمة ضجر قط ، لأن الإنسان يكون جزءاً من الفصول : الربيع بأزهاره وأغانيه ، الصيف بحصاده وشهواته ، الخريف بزيتونه وأعراسه ، الشتاء بزمهريره وتوقعاته ..
رغم أن الصعاب تتآلب عليّ من كل جهة ، ثم تنزل في لهب محرقة الذات . ولكن سأحاول ألا اسمح لشيء في الوجود أن يشوه صورة الحياة والحقيقة . طالما أني لست قادرة على تفريغ شحنات الحب من مجاري دمي ..[/align]
:nic78:

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 32 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
وكان الشعر .. كان القلب ..
أحاول الكتابة أحياناً فتطل الحروف من مخابئها ثم تعود رافضة أن تسير معي إلى حيث أريد .. من قبل كان ذلك أكثر من كثير .. ثم أخذ يقلّ شيئاً فشيئاً ، ليكون في القليل النادر اليوم .. وقد يسأل سائل : لماذا.. هل تغير الإبداع .. هل تبدلت روح الكتابة .. ؟ وأحبّ هنا أن أقول إنّ السنوات ، والكتابة باستمرار ، تجعل التآلف قائماً بين الحرف والكاتب .. فلا يعود الحرف على جفائه الذي كان ، ولا تعود الكلمات على نفورها الذي مضى .. وتصبح الخبرة ميزاناً جميلاً يستطيع الكاتب من خلالها أن ينتقي المفردة التي يريد دون حاجة لإطالة البحث والتنقيب.. وهذا لا يعني بأي حال ، أنّ الكاتب يتحول إلى مضخة تضخ الحروف في كلّ وقت ..
هناك دائماً مساحة تجدر دراستها عند الكاتب ، يمكن أن نسميها مساحة التآلف والالتصاق بدفء الحرف .. وكلما ازدادت هذه المساحة اتساعاً، كلّما كان الكاتب أقدر على التعامل مع الحرف بتدفق وحيوية وتميز .. وإذا كان الكاتب المبتدئ يحتاج لساعات طويلة كي يشكل نصاً إبداعياً ، فإنّ الكاتب والمبدع الذي أمضى سنوات طويلة من العطاء ، لا يحتاج إلا إلى القليل من الوقت ، ليقدّم نصاً أكثر نضوجاً وجمالاً وروعة ..
أذكر ، وربما تذكرين ، أننا كنّا نتباهى بتمزيق الورق وإعادة الكتابة ، وكلما ازداد عدد الأوراق الممزقة أو الملقاة في سلة المهملات ، كنا نشير إلى حجم التميز الذي عندنا ، وندّعي أنّ فعل الإبداع يستدعي ذلك ، وأن العبقرية لا تكون إلا مع تمزيق الورق مرة بعد مرة .. ومع الأيام تغير الحال ، وعرفنا أنّ الصورة القديمة ، كانت تدلّ على أنّ نضوجنا لم يكتمل ، وصرنا نضيق الآن حين نمزّق الورق ، وكلّ ما نفعله ، حين تأبى القريحة أن تجود علينا ، كما نريد ، يبدو في أن نترك الورق لمرة أخرى.. فالعبقرية لا تعني أن نمزق الورق ، بل أن تكون الحروف مسكونة بكلّ ما في العالم من سحر ..

[/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 47 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
" الزمن من نقطة انطلاق "
" الزمن هو أسوأ اللصوص لأنه سلبني بقية الحب الذي كان لا يزال في قلبي "
الزمن نقطة انطلاق ، فإذا أضعنا نقطة الانطلاق .. دخل الزمن منطقة الخطر .. مع أبخرة فنجان القهوة الصباحي ولهاث الدخان يضج في رماد حزن مذبوح على خاصرة الزمن ، كنت أتأمل حالة الصراع بين العقل والروح .. في الأرجح أن الفوز سيكون في معركة المعرفة والنور.. لأن الروح وضعت في سجن الجسد فهي في خطر دائم لأنها لا تستطيع مد ذراعيها فيه بحرية.. أليس الإنسان هو الذي يصنع تاريخه ؟ .. الأفكار وحدها لا تفعل إنما الفعل الحر ، الأثر الممتد.. هو التاريخ .. لي .. ولك .. ماهو فعل الزمن ؟ .. هو شعورنا بالعجز والقصور والملل، والكتابة وحدها هي التي تحول وهم الزمن إلى معنى ، وتأخذه إلى شاطىء الأمان حين تركض الحروف في حقائب المعاني وتفتح في فضاءات أبراج النجوم السرمدية .. كالطائر الحر في بياض لا حدود له ..
الأخيلة تتداعى كالجدول المنساب الذي يتمتم ، ويقلق أشجار المسافات التي تنسى ما همست به لغمامات متوردة؟ .. إذن لمن يعزف لحنه ؟ ..
الرغبات هي اشتعال الحيوية مع العطاء ، فنحرق الأوراق ، ونحزن الكلمات ، ونرمز بالمعاني ، لأننا نبحث دائماً عن شكل آخر لتنطلق الروح من الواقع المؤلم .. إلى العقل الحي ، إلى المعنى.. إلى المعرفة .. هذه القوة تشيع الانسجام أو التنافر في شبكة الحروف ، ثم تتآلف وحدة متناغمة كنبتات اسطورية تنمو في غابات اغتراب الكلمة المرتجفة على فراغات لا نهائية ..

[/align]

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 56 : 08 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]

ذاك الجانب من القلب
وفي ردهة البوح بوح .. تأخذني الشوارع فأرمي على رصيف الوقت بعضاً من معطف انتظار كان .. تسألين كم كان عليّ أن أحبّ ؟؟ كم كان عليّ أن أعطي ذراعي لوردة تخطف العمر في ردهة الذهول ؟؟ وتعرفين ليلى أنّ الشاعر معلق في لحظة الوعد مثل بندول الساعة الذي لا ينام .. لكن كم عدد اللواتي سرقن قميص عمري حين أخذت في تلاوة النشيد الطويل ؟؟ متهم أنا بكلّ زهرة كان لي معها وإن نصف لحظة في حديقة عابرة .. لذلك يصعب أن أحدد شكل ملامحي في مشوار الحب .. وأستطيع قبل أن تطلقي الرصاص لاغتيال مسافة قد تطول أن أقول : فرق كبير بين أن أعطي قلبي ، وأن أعلّق طوق الياسمين على شرفة في طريق.. في الأولى يكون العشق ناراً أختبئ من لفحها وفي الوقت ذاته أحترق .. وفي الثانية أكشف صدري للعابرين وأضحك من جهلهم بالذي كان أو يكون..!!.. فأين هو الحب في طلقة الورد وصيحته ، وأين هو العشق في طلوع المطر حتى غسق الكلام ؟؟..
حاولي أن تعبري لحظتي مرتين لأدخل في كلّ أزرار الروح وسر الوجد الذي لا ينام .. لماذا تريدين أن يطارد الناس ظلين من وعدٍ في مساء شفيف؟؟ أردت أن أخبئ وردة حلمنا في عالم من سرّ مغلف بسر .. وعندما بدأتُ في بوحي كنت تكشفين مع الوقت ، عن دقات قلبك في ساعة قلبي، وعن دقات قلبي في صدرك الذي حاول الاختباء ذات كلام وراء ظلّ حرف من زجاج ..
لا تقولي طال الشجر حتى وزع الورق على فضاء من ريح ومطر .. ولا تقولي كان الذي كان همس عاشقين في شارع مكسور .. ولا تتركي يدك تبحث عن مسافة تخبئ ارتعاش الوعد في ظل أخير .. فما زال في الشرفة وقت من وقتنا .. ما زالت في كلّ زاوية رائحة من بنفسج الروح وسحر الهمس الجميل .. ضعي ما شئت من حبق الاختباء ومدّي ذراع النوم لكلام يدور في شوارع المدينة .. فما كان كان .. ولن تعيد الساعة عقارب الوقت إلى الوراء ..
هل كان عليّ في وعد من مطر ، وفي ساعة من وقت ظليل ، أن أفتح باب الكلام للكلام .. ما كان عليك أن تسألي في استدارة غضب .. وما كان عليّ أن أتلو كلّ طلوع الشجر والورد وحناء الوقت في ذهاب حتى حدود الروح .. مطارد يا ليلى الكلام في شرقنا وملاحق.. مطاردة حروف الجر والعطف .. ومباحة كلّ الفواصل التي تمدّ ألف بياض بين الحرف والحرف .. لماذا نعرض أمام المتخمين بغفوة الأحلام التي لا تحمل صورة واحدة ، هذا الكمّ اللا نهائيّ من وجد الكلام ؟؟ أما كان من الأجدى أن نبقي بوحنا في سلة الأيام التي لا تجيء ..؟؟..
أي حب .. وأي مطر .. أي شجر .. وأي ربيع ؟؟ نسي الكلام بعد أن خلع الورد ثوب العبق ، كلّ ما في الحروف من كلام .. وها أنا أتلو صلاتي في ندهة صباح مزروع على شفة حملها طائر الليلك المستحيل ..
أعيدي ذاكرتي أو خذيها .. لمي فوضاي أو بعثري ما شئت من ورق وبقية نبض تشعل الواحدة منه الف عالم من هوى .. سأبقى مع ذاك الجانب من القلب .. سأبقى محتفظاً بكلّ ما في الورد من ورد .. أحمل المكان للمكان .. والزمان للزمان .. وأضحك من مشاوير لا تغسل العصافير دروبها بزقزقة الغرام ..
هكذا أنا .. ولن أكون إلا كذلك .. ربما نبتة غريبة في زمن غريب .. وردة تطلع لتطلق الصباح .. ندهة تقف مثل إشارة التعجب في وجه كلّ ظلام .. ولن أحني قامتي إلا لأشم عطر الزهرة الأولى في دفتر صباح لا ينام.. خذي مفتاح عمري فلن أغلق الأبواب إلا على ابتسامة من ضوء النهار..

[/align][align=justify][/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 03 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" للحب عصيره "
" الحب يبدأ حيث تنتهي الرغبة بالأخذ "
زمننا يافع أبداً ، أحس أنّي لم أكتب بعد .. رغم أن الكلمات تتفتح بيننا كالأزهار الخيالية على مروج الحب والإنسانية ، وتلتقط العبير من الوجدان ، وأوراقنا مسافرة وراجعة ككل ربيع .. تهدهد أنفاس الحروف بالأمل المرح ، ثم تسترخي ضفائره ممتطية على سياج المسافات.. متى تسترسل على سفوح رحبة لا يحدها شيء ؟ . أليس الإنسان أسمى من كل الأشياء ؟.. ومصدر فرحه وجوده في الحياة ، إنما الأعظم هو التمتع بالوجود ..
تفرغ الكلمات من شفتيك كقطرات ندى فرحة على أرض عشبي بعد مطر خريفي ، فأغرق في بحيرة مغسولة بالصفاء .. ونجوم الأمسيات شاردة حولي تخبو كالبجع المتموج في صمت السماء المسكون بالعتمة .. مدّ دافق من لمسات الفتنة يشجيني خريرها .لِم لا تكون الحياة لي ولك بلون العشب المنتشي بُقبل المطر ؟ لِم تبقى ابتسامة الحب خافتة ولا تلامسها بخصل الغمام الرمادي ؟ . متى ندخل بياض الروح ، ونعبر جسر المسافة ، في هذا العالم المثخن بالجراح ؟..
أليس الشاعر طفل الزمن الذي يخلق المعرفة برؤيا جديدة ؟ ألا يصنع الجمال لحبيبته بلوحات مختلفة .. لأنه يدرك قوانين الكون من أجل غاياته الجمالية . وهو الظامئ أبداً إلى تغيير الإنسان ، وتحريك القوى الخيرة في كيانه .
في شجر الذاكرة تنبت الرؤيا الروحية والشعرية لتشكل تناغماً لكشف الجمال الحقيقي والداخلي ، هل كانت ـ الجوكندا ـ غير خلق فني لم ينته . وابتسامة باهتة ، أو ساخرة ، أو فرحة تشع من بحيرة دموع ساكنة .. لأنه فن عظيم ما زالت تعطي للمشاهد حالة خلق ذاتية لانفجار داخلي لحزن ما .. لفرح ما ، لذكرى .. أو للامبالاة بكل الأشياء .. [/align]

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 12 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
شجرة الوقت الآتي ..
هل تستطيع الكتابة أن تغطي أعمارنا بما نريد من شجر وحلم ومطر؟؟ يصير السؤال في بعض الأحيان دالية لا تحمل عناقيد عنب .. حيث يسقط القلب في مساحة الجواب مجروحاً مثل قبرة تتخبط بحلكة وجع لا يرحم.. ودائماً تعود العصافير حاملة بمناقيرها ما تبقى من رائحة الوقت الرخو..
أحاول قدر استطاعتي ، في أحيان تقلّ أو تكثر ، ضبط إيقاع صوتي حين أبحث في زمن الكلام عن تلك التي أحب .. ولا أدري لماذا تصفعني مآذن الأشياء الباردة حين لا تكون التي أحب إلا في زاوية المكان الذي لا أصل إليه .. تلك هي المعادلة الأصعب ، وذلك هو الصوت الصارخ .. وبين أن تحب في تواصل مع من تحب ، وأن تحب في احتراق جارح لا يصل بك إلى من تحب .. تكون رخاوة الوقت الرجراج دون حد .. وأكاد في كثير من الأحيان أن أترك العنان لدموع القلم أن تشجّ مساحة البياض بصرخة لا تحد .. وأضحك .. لماذا يضحك الإنسان في حالة البحث عن وقته الضائع الغائب ؟؟..
لا تظني ليلى ، وقد سكن وجع المساء في أضلعي عند مخاض الوردة الذهبية ، أنني أوزع ورق الذات على سطر الشموع المائلة نحو المغيب .. فما تعودت اجترار الألم ، ولا تعودت وضع قامتي في قالب من عمر مكسور.. كلّ ما أردته أن أداخل مساء هارباً ، لأفتح الباب لشجرة الوقت الآتي ، فأنا مع الصباح القادم ، مع الضحكة التي ترتسم على باب الشفتين الهامستين لوعد جميل .. وفي كلّ فضاءات المطر.. سأكون الرعشة التي لا تحترق ولا تنام .. سأكون ظل النهار إن لم أكن النهار كله.. فلا تبحثي طويلاً عن قامتي إذا كان الشجر في كلّ مكان ، لأنّ كلّ شجرة قامتي ، وكلّ رصيف خطوتي . ولا شيء أجمل من ضحكة بطول الزمان والمكان..

[/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 23 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" الشاعر يصب أحلامه .. "
" الشعر كالمرأة .. يهجرك حين لا تعصر له قلبك "
كالشرر المفاجئ يتقد شرر الحب في نبض الشاعر ، حين ومض الشرر بين مسافات تأكل جوعها النهم في الأبعاد ، نجمة الخيال أغمضت عينيها في ليل معتم بينما الدموع الواكفة ما زالت تقدح على محارق الانتظار ..
رفة البعد بيننا تواصل حزنها بينما شجو الحروف يغني لنا .. ولولا حبر الحروف لبقي العالم وهماً باطلاً ممعناً في قسوته ، متشرباً حنين أغصان الروح التي تتفرع وتتهدل على شجرة حياتنا السامقة . فتخصب الأوراق ، وتثمر الحروف .. وتعرش العناقيد على دوالي العمر .. أليس قلب الشاعر المحب يعتلي هامات الشمس على ظلال الحبيبة ؟ .. وأيام الحب كالزهور يصنعها حلم ضبابي معطر بأبخرة البياض ، وأنفاس الشوق، أحس أنّي ورقة مرمية ضمن فراغ باطن زهرة برية محاصرة في براري الاغتراب منسابة في هدوء السكينة ، والأبخرة السحرية ترصع الصفحات سابحة بي في حالات الانفعال . والخلق . الغضب والحب . تتيه الروح في شروق آتٍ ما من شرفات قد تمزق ستائر العتمة في فرح ما ..
أثمل في حانة الشعر بلغتي السرية التي تتوالد في لحظة بوح اللاوعي في النفس ، هذه اللحظة ترعشني ، وارتعاشتها لا تدوم إلا هنيهة قليلة .. ثم كالغيمة المخضلة أعصر قبلاتي للأرض/ الصفحات وأنبت براعم الأحاسيس من داخل الذات لأخلق مادة .. نصّاً وأنا في نشوة سكر الانخطاف .. [/align]

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 26 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]

زهوة التماهي
من بابِ أولى أن يعيد الشجر في زهوةِ التماهي مع حبر قلبي ترتيب خطاه على شارع من شوارع الياسمين .. أحياناً يطيب للبعض أن يصفني بالغرور ، وربما أكثر من الغرور .. وأضحك .. صدقيني يا ليلى أضحك ولا أجيب . لأنني أمام احتمالين لا ثالث لهما : إما أن يكون الذي يصفني بالغرور صغيراً إلى حد يراني فيه أكبر من احتماله ، وإما أن يكون حاسداً لا يريد لي أن أتقدّم خطوة إلى الأمام .. ومع هذا وذاك ، لا يطيب لي أن أجادل ، والأغلب أن أترك في رأسه أنني أكثر غروراً مما يظنّ .. هل أنا مخطئ ؟؟ ربما ..!! لكن أحياناً لا أستطيع التعامل مع الجميع بمستوى واحد .. لأنّ هناك ، من يظنّ ، وينتفخ في ظنه ، أنّ التواضع يتيح له أن يفعل بنا ما يشاء ، ومع هذا ، أستطيع أن أكون جبلاً ، ليكون قزماً ..
أعترف ، وأنتِ أدرى الناس بذلك ، أنني طيب مليء بنبض الحبّ والحياة والعطاء والشعر والجمال . لكن مع من يستحق ذلك .. مع الناس الذين ترتسم في وجوههم وقلوبهم كلّ آيات الجمال والبهاء والطيبة .. هؤلاء أعطيهم دون قيد أو شرط ، كلّ مفاتيح قلبي وعمري.. أكون طفلاً في حدائق أعمارهم ، وشاعراً يغنّي ويشدو في كل دقيقة من دقائق أوقاتهم .. فأنا يا ليلى مع الحب والحياة ، والماء والهواء ، لكنني أشترط حتى لا يظن الآخرون ، أنني سهل حين يريدون ذلك .. هل يدهشك هذا القول .. لا أظن ..
من حقي وحقك يا ليلى ، ومن حق كلّ مبدع ، أن يكون في المكان الذي يستحق .. لأنّ المبدع إنسان استثنائي ـ وأنا لا أتحدث هنا عن المبدعين الذين لا يعرفون عن الإبداع شيئاً ـ ومن واجب الناس أن ينظروا إليه على أنه إنسان استثنائي .. ألا يقوم بتقديم عمره شمعة تغير لهم الطريق ؟؟ ألا يعمل على أن يكون الكون أجمل من أجل كلّ واحد منهم؟؟ فلماذا لا يكون استثنائياً في كلّ شيء ؟؟..
صدقيني يا عصفورة الشعر أنني أبعد الناس عن الإيمان بالغرور .. لكنني لا أريد في يوم من الأيام إلا أن أكون أنا .. وكم أكره أن ينتفخ الصغار أمامي .. أن يتباهى البعض بمال أو جاهٍ أو مظهر وما شابه .. عندها أحبّ أن أكون أنا .. أحبّ أن أريهم أنني أكبر منهم بما أملك من حب وشعر وإبداع وعطاء .. هذا هو غروري ، ولا شيء سواه .. ألستُ محقاً في غرور كهذا..؟؟..
الحياة أجمل من أن يشوهها البعض بصور مزيفة .. والحب أكثر اتساعاً من أن يجعله البعض صورة لمظهر ما.. لذلك أحبّ أحياناً أن يكون غروري صدمة لكلّ ما هو مزيف، ولكلّ ما هو أجوف .. أحبّ أن يكون غروري صرخة في وجه كلّ من يحاول أن يرى أنّ هذا الإنسان أو ذاك أقلّ شأناً منه .. وهذا في النهاية يا ليلى ليس غروراً ، لكنه محاولة لترتيب الأشياء .. محاولة لجعل الإنسانية أكثر جمالاً وسطوعاً وعطاء ..
ما أصعب هذا الطفل المشاكس داخلي ، وما أجمله .. لا يريد أبداً أن يصمت أمام أي خطأ .. لذلك يعلو صراخه كلما رأى اعوجاجاً في هذا المكان أو ذاك ..
ستقولين ذات يوم ما أجمل هذا الطفل المشاكس وما أروع صلابة رأسه حين يواجه الناس المزيفين .. وستضحكين يا ليلى حين تقتربين من دفقة الشعر الفوّار في قلبي .. فأنا مع من أحب ، أكثر الناس عطاء ومرحاً وحباً..

[/align]

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 32 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" الشعر ، الحب ، هما واحد حارق ومحروق "
" أنت رائعة كالمسك .. فأينما تكوني يلحظك الناس "
( جيته )
أما كان الهدهد رسول الغرام بين سليمان النبي والملكة بلقيس ؟ .. والحرف طائر المسافات بيننا . رسولنا للحب والشعر .. فالحب هبة إلهية كالشعر تماماً . وهل يستطيع أي إنسان قسره عليها ؟ ..
نحب ، نتغنى شعراً ، ونثراً ، بمن نحب ، وحين يقسو الحب نشدو على أوتاره الجريحة بقلب يحترق .
وكما قال ـ جيته ـ :
إن حبي دائماً يقسو علي أشدو بقلب يختنق
فالمعرفة الحقيقية هي التي تصدر من الحب ، وليست التي تؤخذ من الكتب ، لأن الحب عاطفة ومعرفة ( كالحب الصوفي ) . والذي يجعل له قيمة أنه تجربة حية روحية ، وقد عرف الإنسان الحب قبل أن يعرف الله . وبالحب استطاع الإنسان أن يهتدي إلى الله ، ثم إلى الإيمان ..كل شيء في الكون يفنيه الزمن ، أما كتب الحب والشعر نبض لحروفها ، كل سطر فيها خالد خلود الحب نفسه .. لأننا نقيم في الكون ثم نولي كفرار حلم ، ومع ذلك يحاول البعض تقليل الشمس بالظلام، ونزع الظل من نضارته . والحياة تسلب منا الكثير ، ومع ذلك تبقى سخية لأنها تترك لنا ( الفكرة ، الحب ، الذكرى ) .
كم تمنيت أن أنعم بمن أهواه .. وكنت مع سؤال الشاعر ضمن إشارات استفهام أجوب متسائلة :
" أنبئيني ماالذي يهواه قلبي إنما قلبي لديك فاحفظيه "
وخرجت من دوائر الكثير من الأسئلة المستعصية الحل ، لأنها لا تجد لها جواباً إلا عند المحبوب !. وهل يرتوي ظمأ المحب وهو في بيداء المسافة وسراب الماء يغريه عن بعد ؟… [/align]

جمال سبع 21 / 05 / 2010 38 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[frame="14 10"][align=justify]في كل مرة أدخل .. ترفض كلماتي لمس الماء لكي لا يصدر الخرير .. مساءات البوح الجميل تتلقلق بين الأنفس الطيبة .. بمداد المطر و السفر فوق مواطن الثلج .. الجو دافئ هنا .. هنا يتلذذ جسدي بمعانقة السمر الجميل ..
ربما قد يقفز من كفي اعتذار .. شكر .. اعجاب .. وقفة تأمل .. معركة بين الأصابع مع أغنية قديمة .. فيروز على مسرح الرحابنة تجسدت .. تمنحكما تقدير من جبال الآرز و حلم الزيتون..
من هنا مررت .. هنا كتبت .. هنا سجلت اعجابي برسائلكما سيدتي الأديبة ليلى مقدسي ، و سيدي الشاعر طلعت سقيرق .[/align][/frame]

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 40 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
أغنية لمساءات الشعر
أردت في بوحي هذا أن أتحدث عن طيور قلبي ، فانفلت الحبر فجأة وأخذت أحدّق طويلاً في عالم الشعر ، هذا العالم الجميل الجليل ، ولا أدري لماذا شعرت وأنا أحدق فيه ، وأداخله ، أنني مسكون بالحزن والفرح معاً .. صدقاً لا أدري.. فالصورة ما زالت غائمة ، أو مشوشة ، وظني أنّ الحديث عن الشعر يجعلنا نقف دائماً في هذه المساحة الغريبة من الذهول والغياب معاً .. وربما الأصح القول إنها المساحة التي لا تتصف بأي صفة من الصفات المتعارف عليها .. لكن لماذا كان الشعر .. وما معنى أن نصرّ على عالم من الشعر ؟؟ ..
قد أعود إلى طفولة ما كان لها أن تبقى حتى الآن دون شعر .. فالشعر أبقاني في عالم الطفولة ، والشعر أعطاني الحق في أن أبقى مسكوناً بفرح العالم وحزنه .. وجعلني قادراً في كلّ الأحوال على التوازن والصمود والوقوف بثبات .. وظني أنني دون الشعر ، ما كان لي أن استمر على ما أنا عليه ، وما كان لي أن أحب كلّ هذا الحب ..
كنت طفلاً مليئاً بورد الفرح .. وعندما كبرت صرت طفلاً مسكوناً بزهر الليمون الذي تماوج بين الحزن والفرح .. وبذلك حققت أروع المعادلات . وكان لي كلّ هذا العشق الممتدّ على كلّ الأرصفة خطوات لا تعرف التعب..
كثيراً ما يسألني الآخرون : متى تكتب ؟؟ ولا أدري لماذا أضيع في الإجابة ولا أستطيع تحديد الملامح تماماً .. ربما لأنّ (( متى )) هذه تحاول أن تبعد الطفل قليلاً .. أو ربما لأنّ كتابة الشعر لا تحتاج إلى مواعيد هبوط وإقلاع .. إنها الإنسان في كلّ حالاته .. ولا شيء يعادل الشعر أو يشبهه ، لأنّ كلّ الكتابات الأخرى تبقى بحاجة إليه ، ويبقى هو مكتفياً بما فيه . فالشعر تكامل ، بينما الكتابات الأخرى بحاجة إلى التكامل ، ولا يكون تكاملها إلا مع الشعر . وحتى لا أطيل ، أختصر فأقول : إنّ الشعر طفولة الإنسان وبراءته ، وعندما يتخلى الشاعر عن الطفولة والبراءة ، يفقد بالتأكيد كلّ ما لديه من شعر ، عندها يتعالى صراخه : إنّ زمن الشعر قد ولّى.. وينسى أنّ هذا الزمن قد ولى بالنسبة له، ليس إلا ..

[/align]
:nic110:

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 48 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" الشعر سحر اللغة "
تحت قميص الليل الفضفاض ، أعصر عنب الحزن وأشرب خمره .. لماذا وضعتني في جواب الصمت .. أ لأنني أحببت ؟..
" قلقاً يا قلبي أراك .. تندي أعماقي بأحزان هواك " ..
أليست روح الحب هي نكران النفس من أجل من تحب أو توسيع النفس إلى حد أن تراها بالذي أحببت ..
ربما لأنك تختلف عني أحببتك ، ولا أحب فيك إلا ما يختلف عني.. ولأنك الغمامة الشاردة التي تداعب أفكاري مع أغنيات كل صباح يتأرجح الفرح على أغصان محبتك ، وفي فلك بوحنا همسة الكون الغامضة ، ولهذا غرقنا في نشوة الكلمة ، ونشوة دن الشعر أليس من يشرب يختار ساقيه ونديمه ؟ ..
فالشعر هو الذي يجعل النفس منطوية على ذاتها على أعماق أعماقها . لأن النفس لحن تقوم على إيقاعها ارتجاف دائم لتموجات جنبات الكون..
والشعر ليس الاغراق في اصطياد الألفاظ والعبارات التي تؤدي إلى ترمد العاطفة وصنع لوحة براقة من القصيدة ، الشعر هو لحظة الرؤيا تأتي ثم تختفي فجأة .. لذلك الشعر الحديث يمر بمرحلة القلق والضياع وتعقيد التراكيب ، وغموض المعنى ، وقد أهمل الصورة الشعرية التي هي الضوء الذي يخترق ويكشف ، الكلمة في الشعر التقليدي جاهزة المعنى ، حاضرة الفهم ، وسحرها البيان وفي الشعر الحديث الكلمة تحمل المعنى إلى مرحلة الحدس والرؤيا لا في الشكل بل بما يوحي به هذا الشكل من معنى إنساني لخلق هزة كيانية تستمد وجودها من معاناتنا ، من تجاربنا ، من الصور المحلقة في الأخيلة .
فالشاعر هو الرسول الذي يعلمنا أن نتحدث كما نشعر ونرى . والسائد في النقد الحديث أن التجربة لا تنفصل في الأثر الفني عن أسلوب التعبير عنها وهي أسلوب الرموز والكلمات واللغة والصور التي تصبح شيئاً نابضاً يفاجئنا ويدهشنا ، ويعيش معنا اللحظة . وقد صنعت زمني بتأملاتي بالحب ، ولغتي بالغيمة الرقيقة تستر الشمس بحيث يصبح من الممكن النظر إليها والتمتع بدفئها .. وزمني حركة متميزة ومستمرة . ضمن الأضداد والمتناقضات .. [/align]:nic110:

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 54 : 09 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
دهشة العمر .. دهشة الحلم
تلك إذن آخر الأغنيات .. أو ربما آخر الفصول في حكاية زمن البوح الجميل .. لا أدري كم من الوقت مضى .. كم من الصرخات اشتعلت في عالم الروح .. كان عليّ أن أبوح بشكل لا يخرج عن عنب القلب وخمرته، لذلك جاء الحرف أول ما جاء ، مسكوناً بشيء من ذهول المكان والزمان ، وربما بدهشة العمر الجميل ..
أتذكرين يا ليلى كم من الوقت أمضينا ؟؟ أتذكرين كم من صراخ العمر أرسلنا ؟؟ أتذكرين العتب والألم واعتصار الذاكرة شوقاً لأيام مضت ؟؟ أتذكرين ما كان من غضب وبعاد وكسر لزجاج الحروف في ساعة من ساعات التوحّد بطرقات الغرابة وانشغال العمر بسيرورة الحياة ورتابتها؟؟..
كانت محاولة منا أن نبقي على النبض خالياً من الشوائب.. وكانت محاولة منا أن نبقي الأنفاس مسكونة بعطر الورد .. وكانت محاولة قبل كلّ ذلك ، أن نحافظ على نقاء العالم الذي صنعنا ، بعيداً عن حد السكين التي حاولوا أن يغرسوها في قلبينا .. كان علينا أن نجترح معجزة البقاء في فضاء خاص بنا ، وفعلنا .. رغم كلّ الحرائق .. فعلنا .. وخرجنا من دفقة الوقت معبئين بكلّ هذا العنب الجميل وسكرته ..
هل هي الحروف الأخيرة في السطر الأخير من دفتر البوح ؟؟ لا أظن.. فالامتداد الذي بدأ منذ أورقت شجرة العمر لا يمكن أن يكون امتداداً مرتبطاً بتوقيت أو نقطة نضعها بعد هذه الجملة أو تلك .. إنها معجزة اللقاء الذي ما كان له أن يكون إلا في هذا البوح الذي خرجنا به عن جادة الصمت ، لنقول ما نريد قوله دون خشية . وظني أنّ البوح في زمن قادم ، لابدّ أن يمتدّ ليأخذ شكلاً آخر .. لكنه في كلّ الحالات سيكون كما أردنا له أن يكون ، بوحاً صادقاً متصلاً مسكوناً بما نملك من حلم وفرح ودهشة وحزن وتطلع .. كلّ واحد منا استطاع أن يقول ما يريد ، وكلّ واحد منا وضع الحرف الذي يريد في ا لمكان الذي يريد .. لذلك كان البوح حلواً مثل قطعة سكر .... هل آن للحروف أن تنام إلى حين ؟؟ ..
صدقيني لا أريد للحروف أن تنام ، لا أريد للعصافير أن تترك الشجر.. لا أريد للبوح أن يترك مقعد الاعتراف خالياً من صرخة حب تريد أن تقول العالم كله بجملة ، وتريد أن تغني القصائد كلها بدفقة موسيقى ..
كان حباً ، وصار عشقاً .. أين الفواصل .. النقاط .. الجمل التي تقول شيئاً من العمر الجميل .. إشارات التعجب .. صرخات الحبر .. فوضى السير على رصيف مجروح .. سماء قبرة نسيت أن تضع زجاجة العطر في مدّ الفضاء .. أصابع يد امتدّت لسلام ما في شارع ما ، وتركت نصف حضورها المدهش على حافة اللحظة المشتعلة بالياسمين والنرجس وزهور النداءات الجميلة ..
في الوعد أن المطر قد يحمل العالم كله قطرات لا تذوب.. وفي الوعد أنّ الحلم دهشة ، وأنّ العمر دهشة .. وما بين دهشتين كان عليّ أن أضع خطاي .. أن أعبر سكة الروح إلى سكة الروح تماماً .. قد يصعب التفسير، لكنها المعادلة القابلة لكلّ البراهين ، والرافضة لكلّ البراهين . وبين هذا وذاك يكبر الشارع وتمتلئ الشبابيك بصرخة المكان ..
ربما جاء المساء بعد وقته بقليل .. وربما جاء الصباح في غير موعده .. كذلك ربما وضع البوح شيئاً من دفتر الحلم على طاولة لا تكون .. هل يعني ذلك أنّ الوقت لا يتسع للوقت أحياناً ؟؟ قد يكون الأمر مضحكاً .. لكنها الحقيقة .. فالظلال التي ترتسم على جدار من ورق مفقود ، تبقى هي الأجمل .. وأعترف أنّ البوح كان سلّم الصعود إلى سرّ الروح ، مع أنّ الروح تحاول أن تصعد إلى سرّ القلب ..
يستريح الحبر في هدأة القلم .. وتستريح الضحكة في هدأة الشفتين .. هكذا كان الحب دهشة الحبر الأولى ، وكان الحلم لحظة الصعود إلى الحلم الأروع .. وكنت في كلّ اللحظات أسجل بصماتي كي لا تضيع ، وكي لا يقع مطرها في غير الأرض التي أريد ..

[/align]:nic110:

ليلى مقدسي 21 / 05 / 2010 00 : 10 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]" عمري لحظة وحدة وتفرد "
وحدتي الذاتية لحظة سكونية صامتة مضيئة بتوهج الروح ووخز الألم.. الكل يحاورني أتواصل معهم .. واليوم أستجوب ذاتي .. باستفسارات تحمل المعنى لحياتي ..
الحب .. لغز كالفن لا يفسر .. الصداقة .. أعمق من الحب، هو يومض كالشرر وينطفئ ، هي تكسر عزلة القلب وأصابعها الفضية كشعاع نحيل تغمس بموجات عطر ناعم يتدفق بسخاء الأرض ..
الشعر : في الشعر كما في الحياة يصح تطبيق عبارة ـ برناردشو ـ اللا قاعدة هي القاعدة الذهبية .
لأن الشعر وليد أحداث هامة في الحياة ، وليس للحياة قاعدة معينة تتبعها في ترتيب الأحداث ، ولا نماذج معينة للألوان ونقاد الشعر من مدارس ومذاهب يقولون :هذا شعر كلاسيكي ، رومانسي ، واقعي ، رمزي ، سريالي . هذه ليست قواعد إنما أحكام..
فالروح هي التي تجعل من قول ما قولاً شعرياً ، والإبداع لا يتمثل فيما عرفناه ، ولا فيما نعرف بالتقليد ، إنما يبحث عن استشفاف هذا الجمال في كل ما يخلق من صور الفنون وأشكال المعرفة والأصالة ليست اللوحة ، ولا القصيدة بل شعورنا باللوحة والقصيدة هذا الشعور يثير دهشتنا بغرابتها وهذا سر إبداعه ..
لايمكن أن أنسى : أن الحياة جميلة ولكن بعض المخلوقات تشوهها بقسوة .
نقطة تحول : حين أنتعش بالكلمة الصادقة الملتهبة في خدود الشفق يرتجف صوتي مع بحة أغنية الحب الخالدة..
أبتسم : عندما تكون أغصان الزيتون مسترخية بين خضرة السلام في هذا العالم المثقل بالجراح .أبكي .. عندما أرى دمعة حزن صغيرة على وجه طفل ، وصرخة احتجاج من حيوان يؤذى ويتألم..
أتعجب عندما : أسمع النهر يغني منتشياً بخريره ، رغم غربته في كآبة أرض مهجورة.. أخاف من : الذين يملكون الكثير ، وهم حائرون بين عناكب الأنانية والقلق .
أحب الصراحة : ولكن يجب أن أعرف الحد الذي أتوقف عنده وعندما أصل إلى هذا الحد ، أحس بالأمان .
أشعر بالخجل .. حين أقف كالقطار الذي لا يتحرك تحت المطر .. والزمن يسبقني ..
التأني ..في أشد المواقف غضباً .. أستطيع أن أسيطر على انفعالاتي ولا أقرر موقعاً ..
تمنيت أن أنسى : منظر الأوراق التي تنتحر عندما تشعر باصفرارها ، ومنظر الشجرة التي تموت واقفة .
شيء لم أذكره : إساءة كل إنسان لي ، أغسل ذاتي بنقاء طهر أطفال العالم ..
أعجب : بالذي يستطيع أن يغني وحيداً في قرار بحيرة مهجورة وروحه تنتشي باللحن . فيمسح بأنامل الحنان دموع عرائس البحر الحزينة …..ما أتمناه : أن تقرض جميع أسلحة الشر الفتاكة والمكروهة من البشر لأن حيث تكون الأشواك والأحراش تسكن الجيوش .
أسأل : أين ينتهي قوس قزح .. في نفس من أحب أم في الأفق البعيد ؟ لأنه يزهر أشجاري دائماً بربيع الحلم ..
أليس ما نسميه حياة . أسرع من خفقة الأوراق الذابلة على كتف الريح ..
كلمة لا أنساها : يا رب .. لا تعلمني الحكمة .. بل علمني المحبة ..ولا أنسى أن أسأل من أحب : لماذا كلما أمعنت في غيابك يتكشف في ذاتي توهج حضورك .. فهل أراك وأنت البعيد القريب ..؟.. [/align]:nic110:

طلعت سقيرق 21 / 05 / 2010 12 : 10 PM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
[align=justify]
بدل المقدمة ..
تتلو العصافير وعدها ، والبوح لا ينام .. كان الحوار بيني وبين ليلى عزفاً على وتر جميل .. حاول كلّ منا أن يقول الكلمة دون رتوش ، أولنقل ، دون فواصل تداخل الحرف فتلغيه.. هي في البداية والنهاية ، قصيدة شاعر وشاعرة ، مكتوبة بهذا الأسلوب الذي يقارب النصّ السردي في بنيته ، ولا يكون هذا النص في المطلق العام ..
أعترف ، كانت الشاعرة ليلى مقدسي ، أكثر مثابرة مني على إعطاء البوح استمرارية جميلة.. وأعترف ، أنّها كانت، كما هي في الحياة ، ورقة خضراء لا تعرف إلا العطاء الجميل ، وقلباً كبيراً يستطيع أن ينبض لأجلها كما للإنسانية.. فقد تعودت ليلى أن تكون قامة عالية ، رغم البرد والعواصف والنار .. ولعمري فقد كانت أكبر قلباً من التوقف عند محطات باهتة كثيرة ، امتدّت فيها بعض الأيدي لتخدش مساحة البياض عندها ، ولتجرح مشاعرها الرقيقة، دون ذنب ، إلا حبها للناس ، إذا كان مثل هذا الحب ذنباً ..!!.. إذ أنّ بعض الناس ، وللأسف ، يضيرهم أن تكون مساحة البياض واسعة شاسعة إلى هذا الحد..
ولا أكتم خشيتي من نشر هذا البوح مرات ومرات ، لا على نفسي والله ، بل على الشاعرة ليلى مقدسي .. لأنّ الخائضين في سير الآخرين ، سيطيب لهم أن يخوضوا في بحر البوح هذا ، ولن يصدّقوا كمّ العطر وأريج الورد في هذا البوح .. لأنهم يبحثون في كلّ وقت عما يعكس صورهم في المرايا .. وما تعودوا أن تعكس المرايا ملامح عمر جميل ثر عذب .. بل تعودوا في كلّ مرة ، أن ينظروا في المرآة ، ليروا وجوها تنقط عذاباً وغيرة وتلذذاً بدخان الحرائق ..
لا يهم ، فإني وليلى ، نتوجه مباشرة إلى الوجوه التي تشبه وجوهنا، وإلى الملامح التي تشبه ملامحنا ، وإلى النبض الحقيقي والطبيعي الذي يشبه نبض قلوبنا .. ولا نريد غير هؤلاء .. فالكتابة في البداية والنهاية ، اتجاه نحو السموّ والنبل وتحليق الروح والتواصل .. ولا شيء يشبه التواصل الإنساني في جماله ورقته وعذوبته ..
هل يعني كلّ ذلك ، أنّ زمن البوح قد انتهى .. لا أظن .. فالبوح لا ينام في يوم من الأيام .. وإذا كنّا نضع نقطة النهاية في هذا الكتاب ، فلكي نفتحها نقطةً للبداية في كتابٍ آخر سيأخذ الشكل الذي يريد ، والبعد الذي يريد .. وسيأتي يوم يتواصل فيه القارئ مع كتاب جديد للشاعرة ليلى مقدسي ولي ..
هذا البوح إذن أكثر من مجرد سطور ، وأكثر من مجرد حكايات كتبت بقلم شاعرة وشاعر .. إنها في المحصلة بصمات أرادت أن تتلو نشيدها وحضورها وألقها ، فكانت كما هي عليه ..
وبعد ، أشكر للشاعرة ليلى مقدسي أنّها حافظت على شكل قامتها العالية ، وعلى مساحة النور عندها .. فكان لها أن كانت أقوى وأشدّ من الانحناء جراء عواصف كثيرة ساقها أو أثارها بعض ضعاف النفوس ، هؤلاء الذين يخافون صعود كلّ شجرة خضراء ..
إنه البوح .. زمن البوح الجميل .. يمتد ويمتد .. ليعلن على الدوام أن السطور المكتوبة بنبض العمر تبقى الأحلى والأجمل ..
[/align]

------------
انتهى
-------------------------------------

:nic110::nic110::nic110:

عادل سلطاني 04 / 07 / 2010 04 : 01 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي الفاضل طلعت سقيرق لماذا لا تستمر هذه الرسائل المحلقة في الملكوت هذه التي تنقلنا إلى عوالم بن عربي والحلاج وبن الفارض ليحلوا من جديد من خلال ذاتيكما فينا في القرن الواحد والعشرين لماذا قطعتما هذا المدد وهذا النبع لماذا قطعتما أيها الشفيفان هذا الإتصال المتوحد بالمطلق والملكوت لماذا قطعتما هذه التهاويم المحلقة المضمخة بتباريح الوجد والإنجذاب ولماذا خبت لحظات التجلي الغازية لتذوب الروح في الروح لماذا لم تتركا خيمة الله تجمع المشتتين لماذا لن تنتهي إذا تركت العنان لهذه الأسئلة ........عودا واملئا هذا الخواء ......فعواء القرن الواحد والعشرين ملأ الكون والإنسان .....عودا لتموت الذئاب ......
تقبل أيها الشفيف المبدع دعوتي وجدد سابق العهد والود......وهكذا حدثانا عن المواجد لنحلق بعيدا بعيدا تاركين قساوة زمن الإسمنت الردئ
تقبل تحيات أخيك عادل سلطاني

عزة عامر 19 / 10 / 2016 53 : 04 AM

رد: زمن البوح الجميل / رسائل بين الأديبة ليلى مقدسي والشاعر طلعت سقيرق
 
حلقت هنا نحو غيمة .. عسى أن تصيبني.. رائحة المطر ..
أشعر أنني حلم ..داخل حلم ..أشعر أن الشعر سجينا .. وأن السجن بلاد الظلم..فمن ذا يعاقب ذاك الجرم ..لا تيقظني ..دعني أنام طويلا ..على راحتي الشمس .. غدا سوف أكمل حلم الأمس ..


الساعة الآن 56 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية