![]() |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
..ولن أضيف شيئا..استمري فقط..هناك من يتابعك باهتمام شديد...مودتي ..وشكرا لك أخي الغالي دوما رشيد...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
صدقاني لولاكما لكنت توقفت عن النشر ليس لأني لا أثق في نفسي .. لكن أفضل في هذه الحالة الانسحاب كأنثى بكبرياء شديد .. ههه في الكتابة نحن نكتب للآخرين طبعا بعد انفسنا لذلك نتطلع كما قلت أخي رشيد لكل ما يقوله القارئ .. قد يحدث أن ترتبك رغبة الكتابة و تنتكس لمجرد عدم الاهتمام .. و هذا لا يعني انتقاص من الثقة في النفس .. لكنها نوع من الإحباط النفسي قد يحدث أيضا بعد ثقة مبالغ فيها .. قد أكون بادلتك هنا القليل من الفلسفة التي قلت عنها .. ههه تلك امنيتي ان أرى الاهتمام في شخصين قريبين هما فخري و عزتي .. و الله سعيدة جدا لأنكما هنا .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء العاشر * [align=justify]وجدت في فكرة الحديث عن نزار قباني جسرا يوصلني بها، امتدادا لسلسلة الجسور المقطوعة قبلا و كأنّها كانت تفتقد لمُلْهِم هو صانع كلمات و امرأة تقتات منها .. فاتحة كتاب جديد بيننا .. رحلة كلمات لتوّها انطلقت .. قلت لها : و قد استاء أيلول فجأة و أرسل زخّات استيائه لتعكّر طقسا تبنّاه الربّيع على حين غفلة : - نزار قباني و صباح أيلولي ... قد تحتاجين لمضلّة تخفي تحتها رقصات شعره المجنونة ... خاصة أنّ أوراقه في جلّها نساء مختفيات . رفعت رأسها دون عينيها و كأنّ حرفا ما قد سجنهما .. الحروف في عالمي نساء و قد تكون في عالمها رجلا، أو لمسة شعرية متزاحمة العهود الرجالية تماما كما هي ربطات العنق، تلك التي تتكئ عليها أنثى كلّما شعرت بحاجتها لرجل و كأنّ الرجولة في زماننا تفتقد لشيء من خصوصياتها، فتتخفّى تحت شرعية معقودة .. لذلك خفت أن تكون بذلك مرتبطة أو متورّطة بمشاريع ارتباط .. قالت : - رقصات الشّعر المجنونة قد تستهويك و أنت تحت المطر ... تحتاج فقط لشيء تحمي به الصفحات من التلف .. فكلّ ورقة يتلفها المطر هي إسدال لذاكرة و تمزيق لشرعية امتدت مترابطة .. لذلك أنا أرفض أن يتذمر المطر على صفحاتي . قلت : - قد يكون ذلك صحيحا .. لكن الزّكام أيضا شعر شرس .. ابتسمت و قالت : - فليكن .. لست أخشاه بقدر ما أخشى فضيحة مطرية، تتصوّر فصولها بنشوة انتصار فوق كتبي . تفكّ الحصار عن أسوار الكلمات، فيتطاير الألم بأجنحة متعثّرة و يتبعثر .. هناك و في المدى البعيد .. فلا يمكنني معايشته بطريقة مبتهلة .. و بنصف رغبة في البكاء .. قلت : - بنصف رغبة في البكاء ... !! و هل يصّح تجزئة الرّغبات ..؟ و كبت الدموع .؟ قالت : - قد يحدث ذلك إذا امتزج الضعف بلحظة كبرياء قاتل، يهزم نصف الرّغبة و يدع نصفها الآخر يتبعثر على أمل اللّقاء، على أمل الخطيئة و لحظة شجن تبيح لمَا بعد الغرور التصنّت على رقرقة الدموع و هي تتجمهر محاولة لعقد اعتصام يطالب بحرية الانهمار، ألا يقولون أنّ الخوف يولّد الاستسلام .. الهزيمة النّصفية و ترك النّصف الآخر لطواعية الألم و كأنّك تهزمه بطريقة التعذيب النفسي . كأنّك تقتصّ من لحظة الضعف تلك التي جعلتك تبكي .. رفضا لكل ثانية ضعيفة . قلت : - حتى البكاء .. يصلح ليرضخ لفرضية الهزيمة أو الانتصار .. ألا تعتقدين أنّ ذلك من قبيل الجنون .. و الهمس الكاذب .. قالت : - أنا لم و لن أجبرك على أن تسلّم بأفكاري .. هي رؤى شخصية أكتفي بعرضها متى شعرت أنّ المتلقي يصلح ليشرب من مائها العكر .. فتموت رغبة العطش لديه كلّما ..... ثم صمتت فجأة دون أن تُتِّم جملتها و كأنّها كانت في لحظات تجربة و خواطرها المجنونة .. كأنّ لغة الانتصار استفحلت فجأة لتردع لحظة ضعف فاقت حدودُهَا، طاقتها لأنّها كانت ترغب في البكاء ثم أجهضت رغبتها كلّها ليس فقط في نصفها الذي ادعته لتوّها . و مع ذلك كانت أذكى من أن يفوتها تلميح تشكيك أو ارتياب .. قالت : - البكاء أمام رجل لا يحتاج لهزيمة أو انتصار، هو الجنون بحدّ ذاته و الذي يحتاج لطمس أجزائه الأربعة .. تبقى فقط معادلة رياضية تحلّ بطريقة الأرقام و الحروف المشفّرة و هي لعبة سهلة بتعقيدات عقلية، فكرية محضة، تنطوي على خدعة بصيرية، تتواري كي لا تدركها الأبصار، يجيدها فقط بعض الشعراء و الأدباء .. لأنّها تحتاج لذكاء خاص . و هي الصفة التي لا تتوافر في الكثيرين ممن يجيدون لغة الحروف .. وجدت نفسي أشاطرها الرّأي فجأة و كأنّي أبحث لنفسي عن مكان ضمن الأمكنة المحجوزة مسبقا لمن تراهم أهلا لمداعبة ذكائها، كأنّي بموافقتي أحاول إقناعها أنّي ممن تتحدث عنهم و لها أن تمارس طقوس استجلاب لقوى خارقة تفجّرها على أوراق مخيّلتي و فكري و كنت على استعداد تام و مربك و متوتّر، كنت أُبْقِي على شعلة الذكاء التي خزّنتها لسنوات متّقدة، بل أزيدها اشتعالا و اتقادا مع كل نظرة تحد تصوّبها نحوي و كأنّي في أيّة لحظة خمود قد أفقد تواصلها و وصالها و ينقطع بذلك حبل التواصل الفكري المعقود بلعبة كلمات لطالما اعتقدت أنّي مالكها . ذلك أنّها كانت ترفض أن تضيِّع ذكاءها على جثث رجال، بعقول متحجّرة .. أو أن تورّطه في قضية جنون فاشلة .. !! كان منطقها غريبا لكنّه نال من نفسي و أربك دفاتري و أخرس حروفي الذابلة على إثر شمسها الحارقة .. لأوّل مرة تفقّدت أحراش ذاكرتي المتراكمة و ما فعلته بحديقتي و أزهاري . لأوّل مرة بحثت بين أدراج طفولتي، لأسترجع جزءا من مهاراتي في اللّعب و في التفكير و التأمل و الاستفراغ فجرا من كل الشوائب التي علقت في كل ليلة فائتة .. حتى أبدأ يومي طفلا جديدا للتوّ خرج من رحم الحياة .. يبحث عن رغيف أنثى، كي يواسيه في لحظة صراخ و كأنّ الثّغر المملوء يُسْكن فجوات الألم .. أطفأت شعلة كلماتها بنقطة نهاية مستبدة، أخرستني و أنا بعد مشروع حرف .. ثم أسدلت صفحات كتابها في حزن شديد و في رقّة شديدة أيضا و كأنّها ترفض أن تربك حِسًا كان ممدّدا بين الحروف، كأنّها خافت أن تمزِّق خيوط زوبعة من مشاعر أو أن تجرح لحظة حب عاشتها و هي بين السطور و استأذنت دون أن تلتفت نحوي و غابت .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
..ونحن لن نغيب إن شاء الله سنظل نجاريك فيما تكتبين قراءة واهتماما...زادك الله من فضله...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
شكرا أبتي الغالي بحجم نقاء روحك .. و قلبك الذي يسع الكون .. حفظك الله لنا .. أبا و أستاذا و معلما .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
[align=justify]ليلة ممتعة بكل المقاييس و الحمد لله .. عائلة مجتمعة .. استمتاع بفن الكرة .. ثم التسلل إلى هنا في الوقت المحدد لأعانق من جديد هذه الحروف الممعنة في جماليتها .
الخطان المتوازيان لا زالا يشقان طريقهما عبر هذه الرواية التي تكاد تكون صامتة لولا ذلك الصراخ الآتي من بعيد .. من نفس تتلظى بنيران الحيرة و المعاناة .. الأنثى / الربيع العربي .. هناك خيط رفيع يجمع بينهما وإن كان غير واضح .. لكن المتتبع لذاك التناوب المتزن يحس أن المعاناة تكاد تكون واحدة وإن اختلفت. ليلة أخرى تمر وأستمتع من جديد .. أغتنم فرصة تواجدك أخي الغالي محمد الصالح لأوجه لك تحية حب على حدبك الأبوي الصادق النابع من روحك النبيلة و قلبك الكبير الطيب . أما حياة .. واسمحي لي أن أناديك دون ألقاب .. لأنك لست بحاجة إليها (ابتسامة) ، فإني أقدم لك باقة ورد جديدة تليق بك و بإبداعك . محبتي .[/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
فعلا كانت ليلة ممتعة...إمتاع بارصوي وإمتاع شهدي ههههه شكرا لك أخي الغالي رشيد على نقاء سريرتك...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أخي الكريم رشيد .. أولا نادني كما شئت .. و انا أيضا لا أحبذ الألقاب .. راقت لي جدا قراءتك .. على أمل أن أجد قراءات أخرى مستقبلا رائعة كهذه .. و طبعا انت اهل لذلك .. شكرا لأنك هنا ... و شكرا لأنك منحت كتاباتي جزءا من وقتك الثمين .. و شكرا لروحك الطيبة .. تقبل تقديري و امتنان اعمق من العمق .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
شكري و امتناني لك أبتي الغالي .. تقديري .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الحادي عشر * [align=justify] [align=justify]غابت .. و هي تنثر دخان سجائري فوق لوحات الخريف العارية ... فتكسوها حلّة من ضباب حجبت عنّي الرؤيا .. كان خريف تلك السنة بنكهة شتوية خالصة و مذاق صيف منتحر على عتبات الشتاء .. امتزجت على حوافها خصلات الصّقيع المنسدلة في غير اهتمام و الشحنات الكهربائية لأيلول و ضفائر صيف ملتوية، قد تعبُر جسر مساء ما .. لتنقل عدوى حمى ساخرة .. [/align]غابت .. و العناد المرسوم فوق شفتيها، حتى قبل أن تلتئم لديها رغبة الإدلاء، يشنق شرعيّتي .. و يفنّد لحظة عشق تناثرت حبّاتها لؤلؤا شاحبا فوق عمرٍ تقاذفته النساء .. فتلوّن المساء بلون خيبتي .. و شيئا من شحوبها .. غابت .. كما لو أنّها مزّقت بغيابها، جريدتي لعمرٍ قادم .. كما لو أنّها استقالت منه فجأة تاركة له خيار النسيان و النسيان .. !! و كنت حينها لمساءٍ آخَر، و آخِر مساء بعد فاجعة اللّقاء المغرور، في أشدّ لياقة غروري . ما كنت أرضى لامرأة أن تصفع ببلادةٍ قصائدي المحاكة على ضوء شموع الفاتنات .. و لا أن تتدحرج من فوق كلماتي لمجرّد المرور الكريم .. ثم تغادر أفرشة الذكرى متى شاءت هي .. و قبل أن أوقّع لها سند الرحيل .. ترحل هكذا و تتركني واقفا، مشدوها، غارقا في بحر صمتي الخامد، الذي لا تهزّه عواصف و لا رعود . كانت تشبهني في شحنة الغرور الزائدة .. و في الرّصيد الهائل من الحروف، لذلك كانت قوية ... و كنت أخاف ممن تجيد ممارسة هواياتي .. كنت حين أكتب أصنع لنفسي امرأة و أدمّرها أو أسجنها أو أقتلها كيفما أشاء و كأنّ الحروف صيدلية سموم، أبعثرها بين السطور لتتجرّعها أنثى، اختارت الانتحار على عتبات شعري .. كل النّساء حروف عشوائية، إلا تلك المرأة .. انساقت لها الحروف في طواعية كما لو كانت ستشنقها، ستقتلها .. وكأنّني خفت أن تسجنني في صفحة قرأَتْها ذات مساء و هي تقلّب دفاترها القديمة و دواوينها القديمة و نزارها ذاك الذي تحدّتني يوما عبر صفحة جريئة كانت تقرأها له، فكان أن تعرّت التحديات من سذاجة السكون و تصبّبت تحرقني بلهفة كانت سجينة الصفحات قبلا، تلك الصفحة التي كانت تشبهني لمجرّد أنّي تحرّشت بها في حضورها، في لحظة سحرية انطبقت مواصفات الرّجل المحنّط بين حروفها عليّ، قرّرت أن تعذّبني بها و المرأة بطبعها تميل إلى التعذيب النفسي و إلى المكابرات الحرفية .. فأين سأجد كتابها هذا .. ؟ و كيف سأفكّ رموزه المشفّرة .. ؟ و كيف أواري دفتري المشنوق بحبل أفكارها .. ؟ و جثث الدفاتر قد لاحت فجأة و حجزت ضِعْف المسافات .. كيف لي أن أطرد شبحها .. ؟ بعد أن تجاوزتني هي ببرودة دم و غابت ... كنت ألتقي بها عادة و هي جالسة في حديقة الجامعة، تجلس وحيدة غالبا .. أشدّ ما جذبني إليها مطالعاتها الكثيرة و كأنّ قلبها المتعب يتنفّس أكسجين الكلمات و يضخّ آلامه حروفا " حرفا، حرفا " حتى تدبّ فيه حياة جديدة .. حتى في حواراتها و أحاديثها مراوغة كلامية، و كأنّها تستنجد بها عند كل عاصفة شعرية مفاجِئة، لحظة ضعف تنخر جدار التماسك الصلب، فيتفتّت و يتبعثر على أرضية المشاعر كآنية من فخار ... حتى و إن كان الحوار عاديا، فزوبعة كلماتها تلفّك و تدوّخك و تأخذك بعيدا لجزيرة نائية ... على ضفاف بحرها الأشقر بحدوده المبتورة القسمات .. تنسخك كزهرة ياسمين كي تسفك على حدود وريقاتها دم الأمنيات . يلفّ تلك المرأة غموض قاتل .. رحلة في متاهات التاريخ . حتى عندما جمعتني بها الصُّدف و تعرّفت عليها من خلال صديقة كانت زميلتها من أيام الدراسة الثانوية تنكّرت لي، و لم تعرني من اهتمامها القدر الكافي الذي يرضي رجلا بمثل شحنة أحاسيسي المرهفة .. كأنّها كانت تقصد تحقيري حتى ترضي غرورها المجنون .. كأنّها أطفأت لقاءها الأول بي كما أطفأت شرارة الحوار الذي جرى بيننا ذات يوم، كأنّها أوصدت صفحة خريفية في وجهي و صفعتني بها، فكان وقع الكلمات المتساقطة على وجنتيَّ قاسيا . صفعة شقّت خارطة ود و عتاب صمّمتها صدفة لقائنا . كانت صفعتها مدمّرة، امتدت لِمَا بعد انتكاسة الخريف تلك .. لست أدري كم مرّ من الوقت حتى شفيت منها .. !! اكتفَت بالقول " معريفة خير " دون أن تعلن للذكرى أنّها رأتني قبلا، أو أنّها شوّشت بفلسفة حديثها .. تاريخي .. قلبت صفحتي لتنتقل إلى صفحة اللاّمبالاة من خلال مخطّط جفاء محفوف الجنون .. حمَّلتني عدواها لليال طوال .. علّمتني تلك المرأة كيف أجن و أمارس طقوس الغضب الحارق بين جدران سجن غرفتي و أصارع شبحها المتصوّر على قارعة طريق سكوني .. ذات ليلة كنت ممدّدا أحاول عبثا الطفو فوق مسبح أفكاري و كان عميقا جدا .. و حتى لا تنكل الحيتان بجثثها .. علّني أتعلّم فنون الموت البطيء، دون رعشات و دون خجل ممن يترصّد سكرات التيه التي تتخلّلني، كلّما استدرجتْ أنثى .. خواطري إلى جزء نائي من ذاكرتي .. أنثى ليست كأيّة أنثى .. و كأنّها الجيل الوحيد من النّساء الذي يحمل مواصفات أنثى .. كأنّما شحنة الأحداث الأخيرة و صدف اللّقاء المجنون قد جلدت مرقص الكلمات العابثة، التي لطالما آثرت الاهتزاز العشوائي دون الرُّسو على حدود ميناء رواده أصحاب الطبقات العليا من مجتمع الكلمات الهادفة .. رفعت قلمي و كأنّ نزوة اتزان ما، عصفت بحروفي الطائشة و العابثة و كأنّها الرغبة في الاستقرار بعد طول شتات . كتبت على دفتر جديد لا يمتّ لها بصلة : " في وقت تصدَّرت فيه أخبار الغزو الشاذ صحف الصباح و لم تترك للمساء غير الابتسامات الباهتة و الضحكات المنكسرة و لفائف التبغ المترنّحة بين أفواه مدركة و أخرى غابت في متاهات عدم الإدراك .. ساد القرية سكون تام، بعد ليلة مجهدة بكوابيس و لقطات كاذبة لانتصارات واهية وكأنّه النّصر الكلاسيكي، حين يرتدي حلّته الجديدة .. حلّة التمدّن .. في زمان مضى، كنت أحيك قصصي من قصص جدّتي و تلك التي كانت تتقاذفها الألسن في شكل سلسلة مترابطة من الثورات و الفارق بينها يكمن في اختلاف اللّغة و الدين و عدم شرعية التمرّد .. و الاجتياح العاطفي المغمور بسطوة التملّك ... كانت حياكتي تصلح لأن يرتديها الوطن في لحظة تعرٍ .. ( تماما كما كانت هي حين يعتري سطوري شتاء متمرّد ) .. تنحني فتتغطّى الكلمات بظلّها الصيفي، تتبخر لعنات الشتاء لتُكَوِّن سحابة تظلّلني لسنة شتوية أخرى ..... الوطن .. حين لا يجد معاطفه الصوفية و (قشابية ) الأجداد الدافئة في عزّ البرد ... حين لا يجد بين الأفواه الممتلئة ( حشيشا ) نفسا دافئا يلطّف هفوة الشتاء القادم باكرا و كأنّه يتنكّر لتعاقب الفصول، يسترزق من الكلمات و يشعل لهفته المنكوبة بين زقاق مدينة نائمة و ينفث دخانه فيها ، حتى يغطي الضباب كهولة شوارعها . كنت أستلهم من نشيد الأوطان لأكتب الشّعر، فكل دفقة شعورية يؤجّجها حنيني و حبي ( المفجوع ) لوطني و ترسّخها خربشاتي ( اللاّعشوائية ) على ورق حقيقي من شجر تغزّل يوما ما بجسد شهيد، انحناءة موت متعالية . كنت أحفر في غابات شعوري، علّني أجد متكأ لحروفي المتدفّقة و نفقا طويلا يحرّرني من جنون الكلمات ... و غطرسة الأسطر المتمايلة و كأنّها تدعوني لأن أنحني لها .. كنت أُعلِّق أشرعتي على أعواد الكبريت الهزيلة ... ( فقط ) ... لأجد روحي قد تأجّجت و حبست من أنفاسي أشدّها حرارة، لأبحر على وقع أعنف عاصفة غيرة على الوطن و على المرأة التي لها شموخ وطن و لوعة حنين للوطن ..فكانت وطني ..[/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
الاميره حياه شهد اسمحي لي ان البسك تاج الاماره فأنت تستحقين
كعادتي عزيزتي انا لا أاتي الا متأخره انا لست بقامة ولا مقام من علق وتواجد هنا ولكن انا وكقارئه بسيطه احترت امام من أقف امام فيلسوف يوناني يمخر في عباب الذات او فنان تشكيلي يحيك خيوط الصور ويمزجها بالحياه ام امام محلل سياسي ام امام مؤرخ واو شاعره او روائيه......لا بل امام كل هؤلاء وكنت اشعر انني امام قامة ادبيه راقيه جدا ومتمكنه جدا ............... والشكر ايضا للجندي المجهول الصالح الجزائري على الدعم والمواكبه الحثيثه وللرشيد السامق الرائع ولجميع المارين من هنا لدي اقتراح انا في الحقيقه ارى ان هذه القصه تستحق ان تنشر الكترونيا و ورقيا وانا على اتم الاستعداد بعد انتهاء هذه الروايه للدعم والمساهمه مع من يرغب لطباعة القصه فحياة شهد بما قدمت تستحق هذه الهديه وان يبرز اسمها كروائيه ناشئه تبشر بمستقبل رائع اليك عزيزتي باقات من الياسمين والنرجس ............ رغم أأنني كنت ألهث في اتباع خطواتك هههههههههه هنا............انت قامة ايتها الاميره تستحق الانحناء امام فكرها المغداق اشعر بحاجه لاعادة القراءه مرات ومرات تقبلي تحيتي ومودتي أختكم فاطمه |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
سيدة الاناقة الروحية و الجمال الروحي الباذخ .. الرائعة الغالية فاطمة .. وقفت طويلا أمام ردك .. قبل أن أجرؤ على الرد .. فهل هناك كلمات تليق بمقام حضورك .. ؟ و هل هناك حروف تستطيع بجرأة ان تجاري حرفا واحدا مما كتبته هنا .. ؟ أكيد لا .. لا شيء ... سوى حقائب السفر .. شخص كعاصفة يكتسح الصفحات فتخرس امامه لا يمكنه ان يكون قارئا عاديا .. أشكرك عزيزتي على كل ما كتبت .. اما عن موضوع النشر فلا يزال مبكرا جدا .. الرواية لم تكتمل بعد .. لا زلت أراجع فصولها .. لا زلت أبحث عن ضالتي فأفكارها عميقة جدا تتجاوز مفهوم الأنثى الذي يظهر من خلال العنوان .. لذلك أحتاج المزيد من التركيز الجاد و التعمق اكثر .. مع العلم أني استخدمت الأسلوب الوصفي و الانغماس في نفسية البطل .. اكثر من الحوار و الشعرية أكثر من مجرد عرض الوقائع .. كل فقرة كتبتها لها معانيها العميقة جدا ليس مجرد وصف .. لذلك أتمنى أن يصل المعنى و لا ينزعج القارئ من كثرة الكلام و الوصف .. سيدتي القديرة .. ينحني حرفي لك تقديرا و اعتزازا و مودة و كل منها لا تكفيك .. شكرا .. شكرا .. شكرا مودتي و محبتي العميقة ... |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اتابع بشغف هنا اجزاء هذه الرواية وهى تترى عازفة على بنائية الحدث ونموه عبر فضاءات زمانية ومكانية مرصودة بعناية ووعى جميل للسارد الضمنى فى تشكيلات الحدث ورسم الشخصيات واتساع عدسة الراوى متحركا بين الازمنة والامكنة وعدد كبير من الشخوص ومتحدثا الينا من زوايا متعددة للسرد والرؤيا والرصد وقدرته على النظر الشمولى المتنوع ونسيج يكشف عن سلطة الداخل للشخصية فى تبرير الفعل فى الخارج
ولى معها وقفة نقدية فور الانتهاء منها جهد مشكور اختنا الجميلة حياة ونتمنى ان يضاف الى كتاب الرواية فى الوطن كاتبا جديدا بهذا الوعى كل محبتى وعظيم تقديرى |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أستاذي الكريم الحكيم عبد الحافظ .. أخيرا أطليت و كم كانت صفحتي بحاجة لقراءتك الواعية الهادفة المفيدة .. سرني انك موجود .. و أتمنى أن تتواجد هنا دائما حتى أستفيد من وجهات نظرك و آرائك القيمة و قراءاتك النقدية الواعية الغنية التي قد تفتح لي مجالات للتوسع اكثر خصوصا أني لم اكمل الرواية بعد و هذه الخطوة التي قمت بها حين قررت نشر رواية لم تتم بعد كان لها دوافع أنت تعلمها لذلك أحتاج للكثير من الآراء و الوقفات .. شكرا سيدي الفاضل على الحضور الذي أقل ما يقال عنه أنه رائع .. تقبل تحياتي و تقديري ... |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اشكرك استاذة حياة على ردك الراقى وانا اتابع معك واعد بقراءة نقدية لهذه الرواية بعد الانتهاء منها واتباع معك كل جزء والاجزاء السابقة مبشرة بكتابة روائية جيدة فاستمرى وانا معك
كل نحبتى وعظيم تقديرى |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
الأستاذ القدير عبد الحافظ .. شرف لي أن تنال خربشاتي رضاك و تحضى بفرصة معانقة نقدك البنّاء .. كلي ثقة أنك ستصنع جمالية اخرى .. تقديري العميق سيدي الفاضل .. *** أبتي الغالي محمد الصالح .. أعتقد أن الوقت مبكرّ جدا لشرف كالذي حمّلتني إياه هنا .. شكرا من أعماق قلبي .. لك كل التقدير و الاحترام و مودة ابنة لأبيها .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الثاني عشر *
[align=justify]...... كنت أجرِّد كتبي من أحرفها الغزيرة، لأُوَّطن الكلمات اليتيمة ... لأنّ وطني كان قادرا على أن يحوي المزيد و المزيد من الصفحات المتراكمة، تماما كما كان قلبي متّسعا يضمّ ألف علبة تبغ تشتعل سيجارة واحدة وتسارع في الاحتراق لتخلِّف من رمادها رجلا آخر ( و سيجارة أخرى ) مستعدّة للاحتراق لأجل الوطن و لأجل الحبّ أيضا ... كنت أَعُّد أنفاس جدّتي، لأُكَوِّن غيمة تسكب فيضها لي بتَأَنٍ شديد، تُطربني كلّما بكت .. لأنّ كل لحظة استشهاد كانت ترافقها زغاريد و بكاء ممزوج و إعلان زفاف .. و الآن أبحث في قبو قلبي المملوء بالثغرات و بالأنفاق الملتوية و بالمتاهات المظلمة، فلا أكاد أستبين حتى طريق العودة بعدما لفَّنِي الدّخان بسحبه المحتقنة، كأنّها خُنِقت برياح موسمية غاضبة . لا أكاد أبصر في ظلّ الرّكام و الغبار المتصاعد، حقيقة الحروف المبعثرة دون انتظام ...لا أكاد أشعر بتلك اللّسعات القاتلة و لا بتلك الأشواك المزروعة بجسدي بتفنّن شديد ... و كأنّي فقدت إحساسي تماما، كما يفقد الشّتاء رداءه البارد ليتعرّى أمام لسعات الصّيف ومداعبات الخريف و نسمة الرّبيع التي فقدت الكثير من حنانها ...لا أكاد أرفع بصري المتهالك على أريكة الظلم و الجور... لا يستوطن سمعي، غير تلك الأناشيد التي قرّرت أن تأخذ قيلولتها أمام منظر الدخان و الموت، فتُضَيِّع لحنها و تتبعثر كلماتها و تغرق في دلال أنثوي .. لم أعد أعرف حدودي و لا اتجاه القارات ...لم أعد أفرّق بين حروف اللّغات ... لم أعد أستطيع أن ألملم شَرْقِيَّتِي بعدما تفتّتت جغرافية العروبة.... أي فريق قد أستجير به أهو العربي ..... أم العربي .... ؟؟؟؟ ضاقت أمام نظري المسافات و اغرورقت الحروف بالدّمع فلا أكاد أكتب كلمة، حتى تغرق الصفحات في نحيب عاصف ... تختلط السطور ... فلا أكاد أفهم شيئا .... فقط تراءت لي معالم النّزيف في لغتي العربية و الانشقاق في وطني و حرب أهلية تهدّد مرتع الشّعر في نفسي و موطن الآهات في جوفي ... توقيت عصيب ذلك الذي ضيّع قلمي بين وطنٍ و هي ... " ***** قد تدّمر في الشمال، البيوت المتهرّئة بلفحاتها الحارة و تلّطف حرارة صيف الجنوب بقبلاتها الباردة ... حتى العواصف تتلّعثم أمام الفارق الجغرافي .. و خطّ السير الملّغم بمفترق طرق فجائي . فلا تنطق بحقيقة ميولها المدّمر بل تُرسِّبُها لموعد آخر .. و إشعار آخر و نداء عاجل يطلب فيه صاحبه بانحناءة مكابرة، زيارة خاطفة منها تبثّ الرّعب في أواصل المنحرفين و فاقدي التوازن من السكنات الهشّة المحتملة الانهيار ... ............ جاءت لتقضي على فوضى البناء العشوائي ... جاءت لترفع عني غبن الأعراف الغربية التي تلَّبست جدران قصري ..كأنّها نبتة برّية تسلّقت بعدوانية شديدة، واجهة بيت أرضي معلنة سخطها على كل النباتات التي تحمل هوّية ... منتقمة من انتمائها البرّي اللّقيط .. جاءت لتقتلع الأحراش عن مواقع مجهولة من ذاكرتي، تعيدني إلى أصول شرقيتّي و ترفع على مسامعي أنشودة الرّجل الشرقي الغيور ... التائهة بين ألاف مقطوعات الطفولة و الشباب و ما بعد شباب أتقن الرجولة ... شرقيّتي التي انشطرت و تبعثرت بين أجيال عمر مغتربة و أخرى احترفت التسكّع فضاعت بين طرقات مكتظة بالألم .. المرأة الأولى، أنثى الشال، المسجونة ذكراها بين جدران ذلك الملهى و في وشم ذاكرتي .. حين اجتاحتني بشَعْرِها الممشوق كأنّه اقتباس لأنثى ... اتّكأت على جرح آخر لتوطِّن جذورها و ترسخ ذكراها المشبوبة بالغموض . و كأنّه تحالف نسائي .. جاءت لترشق نافذتي المكسوّة بعصور من زجاج، تتحطّم عليها كقطرة ندى جريئة، لتكسر منها ما يعكس الزّيف الأنثوي شيئا فشيئا و حتى تبقى نافذتي معطوبة الأطراف .. بعقدة مصوّرة بكاميرا هاوية .. كلّ أنثى لها درجات مجون .. كلّ النساء بنسبة مجون خاصة .. تماما كالخلايا السرطانية الخامدة أو الثائرة، قد تفيق يوما بجنون و قد لا تفيق .. و قد تفيق بهزّات خفيفة توقّر مقدّسات الأنوثة .. لذلك رفضت أن تكون خلايا أنثاي قد استفاقت قبل أن أداهمها بحنكتي، أقتل فيها تلك التي تعشقها الأورام الخبيثة الرّاغبة في التفاقم و السّيادة، قبل أن ألقّنها تحيّتي الصباحية و المسائية، قبل أن توقّع لي عقد ملكيتي على خلاياها الدماغية و الجسدية و الرّوحية .. كنت أرفض ذلك بتجبّر شديد و وصولية قاتلة .. كنت أريد أنثى لم تفق بعد من سباتها الطفولي .. لم أكتب شيئا قد يشي بحقيقة انتماءاتي العاطفية غير وشوشات مشفّرة، رموز عبث ملتوية القسمات و مواقف شعرية قد تفضح نزوات و ميول زائفة .. كانت سلاحي الوحيد في وجه الزّيف و الخديعة . في حقيقة الأمر لم أكن رجلا بقد عبث فاره . بل كنت رجلا ارستقراطيا جدا فيما يتعلّق بتصاميم الأنثى التي أريدها، بمثالية عالية، حتى الملامح أكاد أرسمها من وحي رغباتي .. حتى الانعكاس على المرايا و خصلات الشمس المرسومة بحمرة خجل على وجنتيها، حتى أثوابها أكاد أفصّلها على ذوق شاعريّتي، بإطلالة شموع و غمّازات قمر، حتى بريق عينيها أحجزه لنفسي و أبعثره في اللّيالي الحزينة، حين تسودني سحابة غثيان من رائحة العطور الفاخرة مع نقطة استفهام عميقة، و كأنّها تحوي لحظات تشكّك ضمن مزيج الزّهور .. تلك المرأة التي صنعها تاريخي مع النساء لازالت شظاياها مبعثرة في أنحاء العالم .. لست أدري كيف يمكنني أن ألملمها في ظلّ التشابه القوّي و العنيد و قوائم النساء و الظلال المشوَّهة المنثورة على حواف الطرقات .. لوحتي هي .. أرسمها كما تشاء ريشتي و أتحدى بألوانها الخارقة أشهر لوحات المتاحف العالمية .. ما عزفي على أوتار النساء إلّا ارتقاء أفكار، تحميض صور و صقل مواهب و تسلّق سلم موسيقي لأصل إلى نشوة الانتصار، بعثوري على امرأة بمواصفات عود عربي أصيل .. لم تُدنِّس أوتاره أنامل عازفين عابري سبيل .. من خلال جسر أسسه مرمّمة، قد ينهار في أي وقت .. و في أيّة ساعة دون أن يولّي اهتماما بثانية المرور و لا بالشخصيات المرموقة التي قد يكون مرورها معاصرا للّحظة الانهيار ... كانت هذه فلسفتي في تصميم نموذج أنثى . [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الثالث عشر *
[align=justify]جيناتي الأخلاقية سليمة تماما، لا توجد بها خدوش و لا وصمات و لا وشم قد يعرّضني لمساءلة شعرية أو نثرية .. لأنّي كنت رجلا شرقيا أتنفّس شرقيّتي و أطرح منها الأنفاس الملّقنة .. عندما دقّت خلاخل تلك المرأة تحت نافذتي . تيقّنت ساعة الرّحيل، فأعددت حقيبتي و جلست أنتظر مرور قاطرة الشّجن الكلاسيكية العتاد، بكراسي مطرّزة و ممر يشبه خط سير عروس .. دقاتها فرعونية متجبّرة .. جاءت قويّة في منتصف ليل العمر و كنت استلقيت لتوّي على سرير شراشفه ثلجية بأصول شتوية خالصة لم يعكرها الخريف بنزعاته الترابية و تقلّباته .. و أوراقه المتناثرة مجهولة النّسب ... كنت قرّرت لتوّي فصل أبوّتي عن أمومة زائفة، تهيّأت لحضور حفل تأبين لصور نساء منزوعة الملامح، فقط الظّل ينْحِتها بجسد امرأة .. فوق أرضيّتي الخشبية الشاحبة، تماما كملامح الخريف .. لأنّي أخفقت في نيل وسام أجمل تصميم عن امرأة، كانت في تلك الأحيان مختفية في غياهب الدنيا . ظهرت فجأة و كأنّها شمس أشرقت بعد ليلة جليدية و كانت حارقة لدرجة أنّها في ثوان أذابت كتل الجليد و صنعت لنفسها بين الطرقات نهرا جديدا، يجرف كل اللّوحات التي أضاعت ألوانها حين استسلمت لخريف شاحب .. الرّبيع سلَّم لها ألوانه، بافتتاحية شرقية صامتة .. تلك هي لوحتي باذخة الطفولة التي تحتمل ترسّبات كل الفصول، تشنق نفسها كلّما تعالى زجاجها و اعتنق مذهب الضباب ليغطّي قامتها الشاهقة بين آلاف اللّوحات المتحيّزة لصفة أنثى .. هي أنثى الحروب النّفسية .. و توسّلات الجدران بأن تُعْتِقها و الهالات السوداء للمرايا من شدّة السهر على خدمة انعكاسها و تصبّب زجاج النوافذ بندى طلَّتها .. كانت هي .. حربا طفت فيها أصداف البحر فوق سطحه و كأنّها تمهيد للتراشق بالصّدف .. تماما كما كانت صدف لقاءاتنا خارج الجامعة بانحناءات مكابرة و تنكّر ساحق، تعتريني كلّما تمتمت للّيل أن يسكب جرأة التحرّش بأنثى .. فتصمت شرعية النّساء و يفنّدني الصراخ كقصيدة منتشلة .. كان الخريف كبحر علت أمواجه فأصابت أشرعة أَعدَّت خصيصا لتداري لحظات البكاء فمزّقتها، امتزج وقار البحر و تعاليه بسذاجة الدموع، لحظتها أعلن المدّ و الجزر ميلاد حب شوّهته الطبيعة و حركة المياه العشوائية المتألّمة بدهائها . أيمكن أن أصفها بالساذجة .. ؟ و هي التي تغابت لتفضح ذكاءها .. و تهاوت على بحور شعري حتى ألبستها تاج وقارها .. خرجت من شحنة غرق . قافية ممشوقة القوام لا تشبهها قافية، حرف مسكون بهوس الدنيا لا تنطقه شفاه و لا تطوّقه حركة و لا سكون .. حرف أنا نفسي بعثرته بين خلايا لساني فخرج مشوّها لا يمتّ لاسمها بصلة .. لذا اكتفيت بالتعبير عتها بكلمات هجاء ..!! تمادت لتقطِّع الذكرى و تهزأ بما قبلها من حروف .. لذلك استغنيت عنها لأجلها و تعاهدت مع القدر على كتم أوّل حرف لاسمها حتى لا تحترق الأوراق و تضيع أمنيّتي الأخيرة .. لست أدري إن كنت أحببتها أم أحببت إغراء المكابرات فيها ... أم أحببت غواية جفائها المسكون بحيرة غريبة ... أم أحببت تصميمها مجهول القسمات .. في اللّيلة التي أعلنت فيها أني أحبّها .. حاورتني النجوم و كانت لحظتها غائبة في عالم مجهول .. لا أعرف عنها شيئا غير أنّها غائبة .. الأماكن التي كانت تلّحن لها قصائد نزار ساكنة تماما كما الموت .. الأشجار التي كانت تلامس سرا خصلاتها المتطايرة هادئة و كأنّها تسترجع شيئا من الذّكرى .. نبضي الذي كان يسابقني ليصل إليها توقّف عند ثانية آخر لقاء بيننا حين سألتني عن صديق لا أتذكر منه غير ملامحها .. أيعقل أن تقسو السماء في تلك الأمسية، فتسلب البحر انعكاسها عليه فيغرق في انحلاله و يتعرّى ليفضح دواخله و أسراره هكذا .. و كأنّه يبحث عن حلّة اصطناعية تداري حاجته للبكاء المتستر .. يرفض بكبريائه التشبّه بنهر هادئ مسالم، شفاف قد يفضي بأسراره لأيّ جاسوس يجلس على ضفافه .. تلك المرأة رغم وداعتها و تجرّدها من عجرفة البحر، تجسّست على أخطر أسراري .. و غاصت كعروس البحر بأعماق بحاري .. و امتلكت بصدّها كنوز شعري و أغواري ... أيمكن أن يحرمني حرفها المقيم بهدنة مع الكتمان، من التغطّي بحروف أخرى، قد تكون أنعم منه و أدفأ منه معدّة للاستعمال الموسمي فقط .. و بمواصفات عالية تخدم فصول ذاكرتي و تخدم حاجتي لاشتهاء لحظات حزن .. فالحزن كان شيئا مقدّسا في حياتي، له طقوسه و له احتفالياته الخاصة و له أيضا بدلاته الرّسمية التي أستقبله بها .. و عطوره و تجاوزاته .. أم أنّ تصميمها جاء نتيجة عمالة لمخابرات شاعرية خاصة .. بشيفرات خاصة .. حين طفت كصدفة، أمر البحر كل أصدافه بالانحناء أمام ملكها .. تماما كما الحروف على سطح بحر الصفحات .. حين طفا حرفها، لم أكن حينها أعلم إن كنت أحبّها أم كانت مجرّد فرض وجود .. و كأنّها بعدم اهتمامها و تجاهلها، مزّقت شهادة ميلادي و ألحقتني عنوة بملجأ أيتام بتاريخ ميلاد مجهول، رسمتني نجمة عسكرية فوق بدلات شارعها المكتظ بالنجوم التي فقدت بريقها .. يوم تخلّت عتها .. ترى كم نجمة علّقتها ثم أعادت مراجعة قرار التعليق .. ؟ فأطفأتها بتوقيع قلم جريء و بصمة أحمر شفاه تخلّت عنه، فالتقطه متشرّد هاو للرّسم المجنون فزوّر توقيعها و أدخلته لعبة التلاعب بأسلحة أنثى غياهب الضياع .. و كم نجمة أتلفتها أو أحالتها على التقاعد .. ؟؟ لمجرّد خطأ فنّي شاب تاريخ ميلاد، فدنا بصاحبه من عمر الستين على حين غفلة .. أيّ قانون ذاك الذي يحمي المغفّلين في عالم الحب .. ؟ أهو قانون الأجساد أم الأرواح .. ؟ أم أصوله تاريخية اندثرت .. ؟؟ أيّ قانون ذاك الذي يحمي حقّك في التعويض عن الاستغلال التعسّفي .. ؟ لمكان نَفَضْتُ عنه غبار السنين و أصلحته ليكون جناحا يؤوي إليه كل عطلة صيفية، نجمة شغلتني ببريقها فقرّرت استنزاف بريقها و احتكار لمعانه حتى يذبل على شرفاتي، ثم أنفضه كما أنفض يوميا رماد سجائري و ألّمع النافضة لاستقبال جزء جديد من روايتي المفتونة بإشعال سيجارة و تركها تحترق وحيدة، فكلّ احتراق يسرق من الصفحات بياضها و ينثر فوقها حبرا شغلته حمى الهذيان .. ؟ أيّ قانون ذاك الذي يكفل لك حقّك في التعويض عن التلف الرّوحي ..؟؟ و حقّك بعد التقاعد العاطفي التعسّفي مع درجة الشرف التي تضمن لك رجولة أخرى .. تصلح لأن تتقلّدها أنثى من زمن آخر، لا تعترف بالفوارق و لا تُكِّن للفصول و التقلّبات احتراما تجعلها تتمادى في إهانة طقوس الاعترافات و لا تسمح للورود البرّية بالذبول على ضفاف المدينة .. ؟؟؟ أي مرتبة شرف تلك ... ؟؟ في عالم اختَّلت فيه موازين مراتب القيادة على قلب امرأة .... كم ستكون يا ترى نسبة التعويض .. ؟؟ هل ستكون 20 ألف حرف .. ؟؟ بغض النّظر إن اكتمل نصاب القصيدة أم لم يكتمل، إن تحرّرت شهقات الألم الدفين أم لازالت مغروزة كخنجر للذّكرى . إن تفكّكت شيفرات التنهيدات المكتومة أم ظلّت غامضة تزهق كل يوم إشراقة ابتسامة .. هل سيكون الشيك بتوقيع قلم يتنفّس الشّعر على صفحة باهتة .. ؟ ، عاشت طقوس الانتظار لأكثر من قرنين فأضاعت سطورها .. ؟؟ أم قد يكون الشيك على بياض ... تستطيع أن تُدوِّن على نقاطه الموضوعة بعشوائية تامة، المبلغ الذي تريده حسب ( شطارتك ) و طول الفترة التي استحوذت عليها خلالها ... التي استثمرتك فيها كرجل مذر للرّبح في الاقتصاد النسائي الدكتاتوري ... لا يمكنني التكّهن فالبورصة في عالم الحبّ أكثر غموضا ... و كأنّ ضباب أنفاس المنتظرين و المساومين قد أثلج الصفقة ... قرأت ذات يوم شيئا عن قتل الذّكرى في صفحات كتاب .. للأوراق سطوتها الخاصة و طريقتها الذّكية جدا في قتل الأشخاص .. و مواراة ذكراهم تراب الأسطر و الكلمات .. [align=justify]لكنيّ رغم ذلك .... و رغم اقتناعي بفكرة الموت داخل كتاب ... إلا أنّني كتبتها لأخلّدها ... لا لأقتلها .. لأنّي كنت أرفض أن تصبح ذات يوم مجرّد ذكرى أقرأها، دون أن تعصف بي رياحها المسجونة كمارد في كتبي، كنت أرفض أن أبحث عن شيء بداخلي كان لها، فلا أجد غير حبر جاف و تاريخ تجاوزه عمري بسنوات .. ثم أبتسم أمام رماد اشتعال كان يوما لها ثم بعثرته شواهد النسيان بين فصول سنّة شعرية حتى تحقّقت معها أمنية انتقام شتوي، فأطفأته برغبة دفينة و حقد شرس .. حينها كيف سأنفض عنّي بقايا الاحتراق الآسر .. امرأة ليست ككل النساء و جسدا نسخ نفسه و سكن أعماقي ، روحا سافرت منها لتستوطن عروقي .. كنت أحتضر كلّما مرّ طيفها على صفحاتي .. كلّما لوّحت ذكراها من علو شاهق لحرف متكبّر .. كلّما استشاطت الشمس غيظا من سطوة شروقها .. كلّما أبحر الحبر الممسوخ فوق أوراقي المبلّلة بقطرات مطر .. [/align] [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
وأواصل متابعتي للأجزاء بكل اهتمام...أحجز مقعدا ..وأنتظر رواد المنتدى...مودتي..
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
كما أنت دائما أبتي .. حاضر بروحك النقيّة .. تقديري و احترامي لشخصك النبيل .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
وأتابع مع من يتابع بشغف وأنظر الى أميرة الحروف بدهشه وحيره وفرح وسعاده وأتلمس القدره الرائعه على امساكا بحبل الكلمات وصياغتها المتينه والعميقه فتراها تسكن في قوانين الجمال والحب وتضيف تشريعات جديده او تنتقد وتقدم اجتهادات تعزز افكارها ثم تذهب الى فن العماره لتبني بخيلاء وبحنكة وحكمه صوره امرأة افتراضيه سكنت في اضطرابات الواقع وتنقلتها الى خليج ذاك الرجل .........وتسبح وتغوص في مكنونات واوجاع الرجل وتتعمق في طبيعة تكوينه النفسيه والبيولوجيه والفكريه ................
حياه اتابع وأحلل وبالطبع فأنا افقر من ان اطال وهج وافكارك ومقاصدك عزيزتي لا زلت عند موقفي هذه الروايه لن تبشر بروائية من العيار الثقيل وحسب بل ستقض مضاجع اهم الروائين ولست ابالغ اكملي سيدتي ايتها الاميرة الشاعره حياة شهد فانا معك اتابع بشغف تقديري ومحبتي فاطمه |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و انا لم أخطئ حين وصفتك يسيّدة الأناقة الرّوحية .. و نسبتك لمملكة الجمال قلبا و قالبا .. سيدتي الغالية .. أعجز أمام الكلمات الجميلة و أنت ترهقينني جدا بلطفك و بكلماتك الساحرة .. حتى لا أكاد أرفع بصري لأقرأ ما تكتبين .. أشكرك لأنّك كنت هنا و يسرّني تتبعك .. فكل سعادتي أن أشعر بنسمات تواجدك و أشمّ عطور حضورك الفاخرة .. عزيزتي فاطمة شكرا بقدر الحبّ الموجود و الذي كان منذ بداية البشرية .. فسيّدة تتقن الحبّ كما أتقنته هنا و هناك حرفا ساحرا لا يمكن إلا أن تفرش لها الدنيا جسورها ورود .. تقبّلي محبتي العميقة ... |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الثالث عشر *
[align=justify]كانت كمن ينجز من شظايا الرّوح كتابا، لتطلع منه عطور الكلمات باهظة القيمة الحسّية .. تعطّر الأجواء و قد تسرقها أسقف أخرى كي تتداوى من عللها الفتّاكة .. و من أطياف النساء المتجمّعة، من آخر سحابة مرّت ليلا عبر سيجارة ساخطة و أنفاس هدّها سلّم التنهيدات العشوائية بين صعود و هبوط .. كانت امرأة جافتني حدود كبريائها، حتى ضعت وسط جغرافية أبنيّتها الشاهقة .. و المتعجرفة التفاصيل .. تماما كأغنية توقّف الرّقص عليها عند شهقة حرف ... قد يكون كاتب كلماتها، انتحر على عتباته تراشقا بجمر قسوته .. الشّعر أيضا له وصلات أنانية .. تصنعها عنجهية الكلمات و حروف استعطاف مكابرة .. حتى يوم سقطت أمامي بعد غصّة ألم .. و هي تعبّر عن حبّ الوطن و عن فلسطين و عن العروبة المسفوكة .. في معرض حديثنا العشوائي الذي طال أقطار الأزمات و النّكبات و الحروب .. يومها تناهى لسمعي صوت قلبها الهزيل و هو يدّق بشحنات متوتّرة، زاهدة في السكينة .. كانت ترتجف إيذانا بسقوط وشيك .. يومها تيتّمت عينيها من بريقهما فجأة و كأنّه إنذار بقدوم ليل غريب .. شعرت أنّها تبكي حبا وطنيا خاصا، اختلطت على حواف قلبها مواجعه المتطرّفة ... غير أنّ بكاءها لم تُحيِّنه صدف نداء وطن، بقدر ما حيَّنته ذكرى ما .. و كأنّ صوتي الرّجولي المكتوم .. قد استأثر مواقف الضعف في نفسي، فأحنى لها قامته و تركها تنبش قبر الألم و الغيرة القاتلة .. ذكرى تجاوزت جدارها الملغوم و حائطها المزروع بأنواع الأسلاك الشائكة و تمدّدت تواسيني عند أوّل صاعقة حطَّت .. فتهالك الوطن ( ذلك الذي ادّعت أنّها تبكيه .. !!) على أريكة صُنِعت من جلد الشجن الخالص .. و تعاويذ رجولة ممارسة بتخفٍ شديد .. يومها أيقنت أنّها جُرِحت كأنثى .. و ليس كمجرّد شخص ينتمي لجنس النساء ... قلت لها ذات مساء و نحن جالسين داخل نادي الجامعة .. و هي تسكب في فنجان قهوتها، حفنة من آهات .. بعد أن أفرغته من محتواه المر، الآسن دفعة واحدة و كأنّها تبحث عن جسد تُزْهِق فيه روح الألم : - كيف لقلب مصاب .. ؟ أن يغرق في حبّ ( شيء ) ينهار منه كلّ ثانية عمود كهرباء، فقد يتوقّف عند ثاني شرارة تخفت .. لن يحتمل هذا الكمّ الهائل من المواجع و الجراح . قالت : و كأنّها تتغنّى برجل في صورة وطن : [align=justify]- الفارق بين قلبين، تفاصيل شرايين .. قد تكون متطابقة و قد تكون ضيّقة لا تستوعب غير قضايا الشجن الجادة، حتى تستدرجها بحنكة و مهارة تطويع .. فيذوب الجزء المتماسك منها و ينصهر، أمّا القضايا الموسمية فلا تعيرها اهتماما، غير منحها تأشيرة العبور المسلوب صفة الوقار .. تلك هي ميزة القلب المريض .. تساوى أمام كلماتها منطق الصّمت و الصراخ و البكاء العاصف .... لم أبرح أوّل درج لمبنى أفكاري الصدئة .. و لو حاولت لانتحرت من أعلى طابق .. كانت ساحرة في كلامها و كانت قاتلة أكثر، كانت حروفها أشهى من أن يعانقها كتاب أو يُشَرِّحها قلم، في تجربة لتدوينها، ثم يخفق فيمحو حبره الموشوم بلحظة جنون .. وجدت نفسي تائها حيالها، بذاكرة أبديّة مختومة .. ترفض المعالجة الرّوحانية، ترفض تدنيس فقراتها الموثّقة، ترفض لحظة تخريف تجاوز عمرها الألفي/ سنة .. وجدتني أتسكّع كورقة صفراء، باهتة بين صحاريها المتمرّدة، الجافة .. أشتهي قطرة ماء تفكّ أسري .. - تخيّل أن يحبّك قلب موّشح بمرض .. أيّ اهتزازة حبّ قد تقضي عليه، أيّ عنفوان ذلك الذي يصيب الموت و أيّ شموخ .. - أن يحبّك قلب مريض فذلك أشرس أنواع الحبّ .. يتعلّم كيف يتعامل مع ساكنيه بحذر شديد و كأنّ أيّ لحظة شوق قد تسكنه للأبد .. يتعلّم كيف يضخّ الأكسجين بطريقة لا تؤذي أنفاسه المتألّمة .. يتعلّم كيف يحرّر آهاته بصمت .. حتى لا يؤذي الجدار الذي يؤوي إليه حبّه عند كل لحظة هبوط .. - يتعلّم كيف يحبّك كل ثانية، حتى لا تداهمه لحظة إغماء، فيفقد معها وعيه الحسّي و لا يشعر بتدفّقاتك بداخله .. - يتعلّم كيف لا يبذّر الحروف و لا يسرف في الكلمات، حتى لا يضيّع منه رصيدا يرسمك به شعرا على صفحاته المتعبة .. - يعرف كيف يصادق الهواء و يثني على لمساته الصاخبة .. - يتنفّس منك .. حين يُضيّق عليه المرض شرايينه ... - أن يحبّك قلب مريض، معناه أنّه قد تخلّى عن كلّ التوافه و الهوامش و اكتفى بكلّ لحظة راسخة، جادة، حازمة ... كل لحظاتك داخله محفورة بعمق ساحق .. لا وجود معها لِمَا هو سطحي مبتذل .. لا وجود لأطياف الذّكرى .. كلّ ذكرياته خالدة، كلّ معزوفاته صادقة، كلّ عطوره مستوردة من عمق الأصالة .. - فكيف بوطن تنتمي له الرّوح و يوقّره الجسد .. ؟ لدرجة الانبطاح أرضا أمام ندائه و ممارسة الموت باشتهاء كبير ... - تخيّل .... [/align] كانت تربطني بها صداقة علَّمتني معها فنون ممارسة النّقاء ما بين رجل و امرأة .. و كنت لأوّل مرّة أفقد ولّاعتي مع حاجتي المميتة لسيجارة مجنونة، لأوّل مرّة أتفقّد طفولتي، لأوّل مرّة أعقد صفقة أخوّة بين جنسين، تفصلهما لعبة حقارة و شيطان و جسر شبهات، بمنطق أنا نفسي استبعدته .. لكنّي رضيت به بل استجرت به حين عاودتني حاجتي للسكينة .. رضيت به كما هو لأنّني كنت أتوق للحظة صدق حقيقية مع أنثى .. حتّى و لو أُفْرِغت من محتواها الرّومانسي و الكلاسيكي المألوف .. حتى و لو تصيّدت صبري من بركة صدئة، حتى لو أتلفت أناقتي و ألبستها جسدا غير ذلك الذي تعرفه، حتّى و لو تعلّمت كيف أعقد ربطة عنقي بسطحية تامة، تفسد لمسات رجولتي .. حتى و لو مزّقت أوراقها كأنثى ... !!! حين عدت لقريتي فيما بعد، شعرت برغبة جارفة في الجلوس وحيدا تحت شجرة الزّيتون العتيقة، التي تغطّي بقامتها ارتفاع موج الذهول .. و تسحبني نفسا من سيجارتها، حتى تسكنني عباب السماء .. فأغدو غصنا يافعا ينتظر الخريف القادم كي يجتثّ منه ما تبقّى من وريقات مراهقته .. و يلحقه نهائيا بجيل الرّجولة .. هذا ما كنت أشعر به حين أجلس وحيدا، تسترضيني ابتسامات شجرتي و دموعها عند كل إطلالة شمس .. هناك كانت طفولتي .. و هناك استرجعت شبابي المسفوك .. و هناك سأؤرّخها، تحت شجرة أعرفها أنا فقط، بتفاصيلها و كلّ انعراجات الأصالة العربيّة فيها .. و كأنّ شجر الزّيتون يصرخ كل مساء بصوته المبحوح، حتى تسمعه كل الأقطار المسلمة، صوت يستنكره العالم الغربي و توقّره قداسة القدس الشريف .. تسامرت معها طيلة ليالي الشتاء و الخريف و بعضا من سويعات صيفي الخاص و ربيعي المتعثّر بزلّة شتوية .. حين كنت أخرج متخفٍ باللّيل و أجلس تحتها و كثيرا ما كنت أقضي ليلتي هناك .. تلك السكينة التي كانت تمدّني إياها تعجز الدنيا حيالها .. و تعجز القصور و الرّفاهية الزائفة، عن صنع لهفتي و سكينتي و وصلة الغناء الصامت التي كانت الرّياح تهديها لي، كلّما اجتاحت السماء كآبة مفاجئة .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
..وها مقعدي المحجوز منذ أول جزء ينتظرني....استمرّي..
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
امتناني العميق أبتي .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الرابع عشر *
[align=justify]والدتي كانت تعرفني و تفقه لحظات الجنون التي تسكنني كلّما استبدّ بي هوس الوحدة، كانت تستيقظ باكرا جدا لتتفقّد سريري .. حين لا تجدني .. تسأل عنّي أغصان شجرة الزّيتون، التي تلتفّ بطريقة سحرية حولي لتدفئ ما جلدته قسوة اللّيل البارد .. و لتمسح بأوراقها قطرات المطر من على شعري .. تسترجعني من حضن الشجرة بهدوء تام، حتى لا توقظني و توقظ لهفة الشجرة لأن تمارس أمومتها معي .. تعيدني إلى سريري و تسرف في تغطيتي حتى لا أصاب بالزّكام .. تلك اللّحظات تركت فجوتها العميقة بروحي .. الوحيدة التي لم تشغلها حياة أخرى .. كثيرا ما أنَّبتني و صفعتني بكفّها المسكون برعشة غريبة و هي تواري نظرتها الحزينة، الخائفة ... لكنّي ما كنت لأقاوم نداء وطن .. في صورة شجرة وفيّة لكلّ ما هو عربي .. كانت خيمتي التي تؤويني، كلّما شعرت باليتم و حاجتي لأم جديدة، تلفّني بصمتها حتى أكاد أغرق في نحيب مكتوم .. تحت مضلّة الأوراق و ذراعين من أغصان .. و قبلات من حبّات الزّيتون المترامية و أفرشة العشب التي تحبط محاولاتي في السهر ... و القمر الطالع كأنّه فاكهة تخلَّت عن زهرها للتّو .. كنت ألفظ تصاميم النّساء الواهية، المكوَّمة كدخان في حلقي .. و أبرئ نَفَسِي و تنهيداتي .. عدت لأشرح لشجرتي تفاصيل غربتي .. و هجرتي و رحيلي عنها .. و رغبتي في امتلاك أنثى و لأمارس حقّي في الأبوّة و لو بخيبة متوارية خلف رغبة مغتالة .. !! ذلك الإحساس، الذي تفجّر لتوّه صار يحاصرني و يترصّدني .. كأنّه خنجر مسموم يبحث في جسدي عن إثارة خاصة .. تفقدني الحياة بفنيّة عالية .. رغم أنّي كنت قد تجاوزت أزمتي القديمة و هواجسي القديمة و لحظة ضعف لست أدري إن كانت تقبل وصف الماضي عليها أم أنّها امتداد يوقّر العصور و الأزمنة .. يصلح لأن يتربّع على عرش حزني أبد الدّهر .. كانت ستتفهّم، بل و تستميت لتحمل طفلي بين أغصانها بتشوّهات دمية .. كجدّة تسترجع تفاصيل أمومتها الأولى ... عدت لأعاتب تاريخا كان يؤويها بين تواريخه الرّاسخة، تماما كعيد ميلادي و أسجّله على جذع شجرة لا تتلفها سنين النّسيان، لا تُحيِّن أقصوصات العشق المتتالية و لا تتخلّى عن الذّكرى لمجرد نزوة .. لا تدّعي نسيان تاريخ أوّل مرّة رأيتها فيها و لأورّط شجرة الزّيتون في حبّها علَّها تتلقّفها يوما، حين تعود من عمق الذّكرى، حين تستحضرها نفسي من عمق الأحزان .. قد تأتي يوما لاجئة، فارّة من ضجيج المدينة حتى تلتحف صمتي المدفون .. ستتعرّف عليها القرية و الأشجار و الطيور و الصخور و حتى الأشباح المختفية خلف حلكة الغابة المجاورة، سيتعرّف عليها الجنون من كتاب التاريخ المفتوح على الطبيعة .. من لهفتي المنثورة، من سطوة أحرف اسمها المنقوشة بكبرياء بائس .. من غصّة الألم المفضوحة هناك .. في بصمة طفلي المطبوعة على حافّة اسمها، يوما حين مرّرت بمحض الصدفة شيئا من ألمي، فوق جرح سبّبته مزهرية الياسمين الشقراء، فنُسِبَ الدّم المرسوم .. لها، بإصبع طفل صغير تزامنت لحظة عبوره مع لحظة طيش هستيرية .. صبّت غضبها على نفسي المتعبة .. بصمة تحمل ظلال جسدها المتكّرر كأنّه استنساخ للشجن .. و البصمات مجرّد توثيق لا غير، قد تحتمل التّزوير و الزّيف كما الخديعة .. كما الحقيقة أيضا .. !!! عدت لأرتشف فناجين قهوتي و أنا أستمع للعصافير .. و أدندن معها معزوفتي التي مارستها برغبة جارفة و أنا طفل، حين تحرّشت بحسون و سجنته بين أقفاصي ليعلّمني لحنه الساحر .. ثم أطلقت سراحه، يوم كففت عن الغناء و اعتنقت ثقافة الهمس و البوح الصامت .. ساعة قيلولة صيفية متعجرفة .. قهوتي المرّة، التي كنت أضيف لها كل يوم حرف من اسمها . كان كافيا ليرفع نسبة السكر في دمي و يدخلني الإنعاش .. و أنا على طاولة التشريح، تعلّمت كيف أمتصّ رحيق كلّ حرف مائة سنة .. حتى أحافظ على توازني و أحافظ على قهوتي حلوة، لأطول وقت ممكن . و لأحافظ على نبضاتها في كلّ قطعة سكر أشطرها نصفين .. أو أربع .. على حسب نسبة الأنسولين المتوفّرة و حتى لا تتسبّب لي في أزمة قلبية مطاوعة .. تعلّمت كيف أحافظ عليها بين حبّات البن و في انحناءات رغوة القهوة و في دخانها و في تمايلات ظلّي داخل الفنجان . حتى أنّي كنت أنسى ارتشافها و أنا أبحث عنها بين الدخان .. فتبرد و تضيع هي في ما تبقّى من بخار، في السماء .. حتى قهوتي كانت قاسية .. قريتي تلك و عزف أنثى الخافت بين الأشجار، لقناني دروسا في الحبّ العذري، لما وراء الطبيعة . أدركت و أنا أسابق الزّمن و أحاسب الثواني على تلاعبها بفراشات صبري، أنّي أفتقد لكلّ ما تطوّقه المدينة . من أزقّة و مراجيح و صور و أفاعي آدمية ... و سيارات تسابق البشر في عجرفتها .... و هي .. هي أجمل ما في المدينة و أعتق ما في المدينة و أحدق ما في المدينة و أكثر النّساء تفقّدا لأعصابي المضطربة ... بلمسة هيجان خاصة، مفرطة، تشعل رغبة الأعاصير في زعزعة كياني .. تشعل رغبة شتوية في اقتحامي .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
...وأستمرّ في القراءة والإستمتاع....واصلي فالوالد تعوّد ألا ينام حتى يهجع الجميع!!!
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و أنا أبتي الرائع .. لا أطفئ جهازي حتى أرى توقيعك .. دمت لنا .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الخامس عشر *
[align=justify]في شرايينها المعتَّلة تشيَّد القصور و الجسور و كأنّ العاهة دوما تصادق العبقرية بطريقة ما .. تشبه السّحر . كنت أرفض أن أناقش أو أحاور المرايا ... حين كانت تعزف لحنها الحساس على أوتار شجني و تحفل بمشاحنتي و مطاردة هواجسي، لتفضحني أمام نفسي و تعرِّيني من موجات الغرور و الكبرياء . حين كنت أرفض أن أعترف بشرعيّة رحلاتها البحرية و النّهرية بعروقي .. كل المرايا فاضحة .. يوم انتحر صديق طفولتي عزيز، بشنق نفسه على شجرة زيتون .. تدلّى الألم من فوق جسدي .. حتّى كاد يقاسمني طولي و كان بظلَّين .. الزّيتون في قريتي له منطق غريب جدا .. كلّ شجرة لها تلميحة تاريخية و نبذة عن شهيد وطن .. لها قسوة ماض و إغراء حاضر و شرعيّة مستقبل، تريده لنفسها .. لذلك كان الانتحار القروي تذكير منها بأصالة منسيّة .. كأنثى تلبس فستان أنوثتها، ببريق قسوة لافت و بكعب عال حتى تبدو فاتنة .. يومها كنت بحاجة ربّما لفصل آخر أعنون به جرحي . و أطرحه غازا تتنفّسه أفعى لتضخّ سمّها على أوراقي فتسكرها و حتى أفقد وعيي و أنا أتفقّد أسطري المجروحة، ببارقة شجن مسمومة .. حتى أتعلّم كيف أتجرّع الألم قطرة، قطرة فلا يستيقظ دمعي لحظة واحدة، فيغرق الدّنيا .. حتى لا تستيقظ رغبة خفيّة في الانتحار كانت تراودني، منذ أن تخلّيت آخر مرّة عن آخر شعار يتّهمني بالطفولة .. منذ التحاقي بالعاصمة فقدت تعاقب فصول صداقته و اكتفيت بزيارات واهية و ثرثارات عابرة سطحية . قد تتعدّى الجدّ ببضع كيلومترات فقط ... أيّامها، ما كنت لأطيل المكوث في القرية و لا لأشعر بميل للإقامة بين سجونها .. كانت بدايات الفرار نحو الحرّية و رحلة استكشاف لا تعترف بحدود .. غير العتمة .. عزيز كان شابا ينبض بالحياة .. مجلّدات أفكاره تحوي مشاريع ضخمة كان يسطّرها و يرسم لها أبنيتها الهندسية الفخمة و يزّخرفها بأنواع الأحجار المضادة للانهيار .. متخرّج من الجامعة بتقديرات ممتازة . لذا صدمتني قضيّة انتحاره الفجائي . وكأنّه أحد مشاريعه المسطّرة و المقيّدة في سجل أحلامه الموشوم بفحم أشجار الزّيتون .. قد يكون مشروعه الوحيد الذي نُفِّذ بحذافيره . آلمني باستقالته المبكّرة و بتعاطيه الموت بجرعات زائدة .. أسكنته للأبد . و كأنّه بذلك يرفض سياسة الإدمان البطيء و ما تخلّفه من نكسات قد تعطّل أصدق مشروع قد أطلق صفّارته، قبل أن يقلع من مرفأ الحياة نحو جزيرة الموت .. تلك التي لا يمكن أن تطالها قدرات بشرية . حتى القرية الهادئة، تعلّمت كيف تمارس طقوس الضجيج المتخفّي .. تماما كما كانت النّساء و قضيّة العلاقات المشبوهة و الخيانات .. في القرية الأبواب موصدة و النوافذ محكمة الإغلاق و الأرصفة خالية و ما وراء هذا الصّمت .. وشايات .. و أحاديث سمر و أقصوصات و نوادر .. و شواهد فجر على ليال صاخبة ممارسة في الخفاء .. قد يرقد اللّيل و تترصَّع السّماء بنجوم خافتة، خجلى من شروق قريب و القرية تقف خلف غطرسة جدرانها تزّف بناتها في حياء مصطنع بعد قصص عشق لا تنتهي .. لولا وشاية قصيدة .و فنجان قهوة و ليلة سهاد .. بأعذار أنثى و حياكة أنثى و تَصنُّع أنثى، كانت تقام الجلسات الحميمية السرِّية .. تمهيدا لانقلاب سلمي ... تتساوى عند خططه إطلالة من خلف ستار و إطلالة عبر خصلات شعر صريحة في تمرّدها و تصارحها مع الذات دون نفاق .. الفارق بين المدينة و ضجيجها و القرية و صمتها الرهيب، حالة الهذيان الأخرس بصدى جنون و فصول الشعوذة المرئية و الشفَّافة و طقوس ممارسة الحياة جهارا أو خلف أسوار معتّمة الستائر . لم تكن القرية تختلف عن المدينة، من حيث لملمة تصاميم النّساء أو بعثرتها .. و لا في تدارس فنون الهوى و الشّعر، بقدر اختلافهما في درجات الاحتشام المرئي أو المتخفّي .. و في مدى الحرّية الممنوحة على حواف الطرقات أو المطوّقة بسياج .. المدينة تتعرَّى كخريف من أوراقها و تتبعثر على الأرصفة و على الطرقات، ثم تسحب نفسا عميقا من غليون كرامتها و تطرحه بقوّة زلزال لتنظّف شوارعها .. تماما كحالة اللّيل و النّهار .. و القرية تخفي حتى رغبتها في تقليم جذوع أشجارها في حالة انتكاسة خريفية مفاجئة ... ذات يوم من الزّمن الغابر، الضائع من حياته المسلوبة قال لي عزيز : المدينة يا صديقي، أنثى تخلَّت عن عباءتها التقليدية و ارتدت فستان سهرة، مزركش .. بحدود مكشوفة، بأضواء انعكاس حلّي على مصباح معلَّق، لذلك كان البريق ساطعا، ساحرا يجذب المتطفّلين من رواد الخداع البصري لا غير .. الشوارع منطلقة و الزّقاق شحنة كهرباء زائدة، تشعل البدر ليكتمل، هوس المجون سطحي، لا تعمّقه إلا هفوة النازحين، المتذمرين من ندرة ترياق الحياة في القرى .. أمّا القرية، فنساء يدنين عليهن أشباه عباءات بثقوب مجهرية .. تماما كزجاج مخادع .. يبدو للعيان مرآة، حتى أنَّك قد تستعين بها لتعدِّل من هيئتك و لتمشّط شعرك .. بعد زوبعة رملية قادمة من عمق شرق الصحراء و لتضبط ربطة عنقك على ساعة عشاء فاخر و ترتدي بذلة تهيّؤك لتكون عريسا ليلة زفافك و أنت تدرك حقيقة انتماء تلك البذلة .. غير أنّك تصدِّق خداع المرايا لغاية مجهولة .. طبعا ليس ككلّ العرسان، بفارق سنة تحضر متأخرة ... و من الداخل مجرّد زجاج عادي، يصلح للجوسسة النّسائية .. لو تحطّم، اختلّ التوازن بين منطق المرايا و الإطار الفارغ من محتواه .. و بين تلك الصورة الّتي اعتنقتها مخيِّلتك و الصورة الّتي تُرْسَم بتواطؤ التحطّم .. حينها ستبحث عن مرآة أخرى و تقتني ربطة عنق أخرى، أكثر حنكة حتى تساعدك على شنق آخر غصّة فجّرت حقيقة كنت ترفضها بتفاصيلها .. هكذا هي تلك المدينة الّتي تدَّعي أنَّك تخرّجت منها برتبة رجل مع وقف التنفيذ .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
...وأتابع دائما..أنا هنا للقراءة والاستمتاع...استمرّي...مودتي..
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أبتي العزيز لك امتناني .. و مودة صادقة كما روحك .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء السادس عشر *
[align=justify]النّساء متشابهات في كل زمان و مكان .. كما المدن و القرى .. الفارق الوحيد يكمن في الديكورات و الألوان و الأقمشة و تصاميم الأبنية .. و الطرقات و الجسد الّذي سوف تُلْبِسه ثقافتك العربية أو الغربية .. و في ذلك الرّصيف المحاذي لملكاتك العقلية، ذاك المهووس بالانتقام، الّذي قد يشوّه شيئا من حكمة متواضعة .. فيتركك تتنازع جغرافية الرّجولة لأجل راقصة، على أبواب الجنون .. أتعتقد أنّ العاصمة ستمنحك تأشيرة الاستيطان بقلب امرأة، مكتملة الأنوثة و الجمال .. لا يا صديقي .. الفاجعة وحدها من ستمنحك تأشيرة السّفر الصامت .. لذلك أرفض أن أسرق لحظات خلوة مع الذات، أستبيح فيها غزو شجني عن طريق امرأة و أشحن بطارية الألم حتى إذا طُفْتُ بصخرة الأحزان سبع مرّات، أصابني الدّوار و ارتميت في حضن أمي أبحث عن طفولتي ... المصلوبة على ظلّ أنثى ... عزيز كان مرتبطا منذ مراحل الدّراسة الثانوية بفتاة تخلَّت عن دراستها فيما بعد، بحصولها على تأشيرة زواج إلى الخارج .. تخلَّت عن أبخرة أحلامهما المتجمّعة كغيمة تمطرهما و تظلّلهما .. تخلَّت عن أشجار الزّيتون و مراجحها، تخلَّت عنه حين دقَّت ساعة التمدّن الحقيقية .. لذلك كان يقول : المرأة لن تعترف بحقيبتك المرتدية علم الجزائر و طائرتك الّتي تحطُّ فوق مطار تعبِّقه أكلات جزائرية تقليدية، لن تعترف بفنجان قهوتك و حلوياتك الشّرقية .. و كل ما كُتِب بالخطّ العربي الأصيل .. لن تعترف بك ما دمت تسكب شعرا عربيا في كأسها لتتجرّعه كأنَّه علقم، فيُحَنِّط ذاكرتها و مجونها و جنونها .. لألف سنة تكون خلالها ملك يمينك .. الواقع أنَّ الخيط الرّفيع جدا بين الذّكاء و التغابي، لن يمهلك حتى تقطعه بفطنةٍ داهمتك فجأة و أنت تراجع مخرج الكلمات لتفضح متاهة نسائية .. بل ستكون مجبرا على السّكون .. كأنّك كلمة بدون حركة .. حينها فقط ستقتني كتابا فرنسيا، ليغطّي عيوب ذاكرتك العربيّة المكشوفة .. و لتداري أخطاءك اللّغوية و حتّى لا تضطر لكتم حالة شعورية .. تعلَّم أن تصنع لكتابك غلافا يشبه ملامح أنثى، بأحمر شفاه و قلم تحديد يصلح للتجوّل في كلّ المناطق الآهلة بخبث و تصنعّ .. من وجهها .. حتى تفاجئها بتلاعبك بملامحها كلّما فكّرت في امتهان الطّيش و العبث .. ثم بعد ذلك .. و هي في حالة سكون، تراقب الملامح المرسومة، و تبحث بين تفاصيلها عن أطياف نساء، قد يكون الطّيش المشفّر بين لوحاتك صوّرهم لها .. حينها فقط سينطفئ ذكاؤها مقابل اشتعال آخر .. ذاك هو وقت القصيدة المُحْرِقة .. !! كلّ قارئة فنجان هي مشعوذة جاءت لتتلصّص على بقايا قهوتك إن كانت أرستقراطية، فتطلب مقابل حلّ شيفرات رغوتها و فقّاعاتها و دخانها المتصاعد، ثمنا للجوسسة النّسائية المحنّكة، و قد تدَّعي أنّ التلوّث الشديد على حواف فنجانك الفقير منع عنها الرّؤيا .. فتضع بذلك حدا لتأويلاتك المستقبلية المشرقة، المكتئبة و كأنّ العربي مرادفه من الفصول الخريف .. و تدفعك للانتحار، تحقيقا لنزوة قطعة بن مكابرة .. و تحقيقا لِمَا ادعاه فنجانك المهووس بالكذب الفطري .. و تحقيقا لذاتية الأشياء الناطقة .. وحدها حدود المهجر تستهوي النّساء .. للمكوث تحت شمس المغيب و التمتّع بإطلالة فجر أجنبية الجنسيّة .. حتى الشّمس تُغدق في تلوّنها و إرسال أسلحة أشعّتها المموّجة، السّاحرة .. فتقتلها و هي مستلقية، منتشية، لتنهض بعد المّوت امرأة غربية، تتلقّفها كقطعة بلور نادر، إن حدث و استقلّت طائرة تحمل كنية أجنبية تُقلع فوق جبل يحمل لقبا غربيا .. وحده المهجر، يستلقي في جوّ رومانسي و يغري روّاده بجلساته الشّاعرية .. و ما دونه ثقافة العملة الوّرقية، هي الأنسب للانصياع لمعزوفة موسيقية أنثوية .. لذلك اختر ما شئت من آلات العزف و ارسم كما شئت متاهات من الكلمات، فلن ترضخ لك غير راقصة شدّتها وصلات الموسيقى الشّرقية لتتمايل عليها ثم تغادر .. لتدعك منهكا على إثر لحظة إعياء حسّي .. !! سيظلّ برج إيفل، معلما تاريخيا أثريا مشهورا تفتخر به السّحب المضاءة .. ما دام يحمل أوراق هويّة فرنسية .. مزروعة كمصابيح ملوّنة تفضح انتماءه ليلاً ... أمّا مقام الشّهيد الجزائري فهو لعبة طفولية .. و لعنة أثرية .. خلّفتها وشاية تاريخية و كأنّها محاولة لتصنيع تاريخ فحسب .. ألا ترى أنّ زواره عادة أطفال .. حتّى الصور المأخوذة بجانبه، تفقد رونقها بمجرّد إطلالة باريسية أخاذة .. فتُمزِّق نفسها استعدادا لتغيير الخلفية .. فكرة السّياحة يا صديقي، تتوقّف على حواف باخرة بذخيرة إبحار للّيال طوال، لا لمجرّد شهوة إبحار .. تُرَاجِع خطاها قبل المغيب .. ببطاقة سفر على متن طائرة تحلّق بعلوّ شاهق و بإطلالة تمتّد لبحار و محيطات .. لا لمجرّد التّحليق بين حدود راية وطن، ألوانها الأخضر و الأبيض و الأحمر، هي سجنها السّماوي .. لا تصلح ظِلالها لأن تتلوّن بغيرها .. أمّا دون ذلك، فمجرّد تأدية لخدمة وطنية .. حتّى و إن أُفْرِغَت من محتواها العسكري .. مجرّد نزهة .. أو نزوة ..[/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء السابع عشر * [align=justify].... لذلك اكتفيت بحدود غربتي الضيّقة، المتربّعة على امتداد عشر شجرات زيتون، لو جمعناها بلحاف فستكون خارطة وطني الجديد .. الوحيدة الّتي لم تتخذ راية، تُسْكن بها عنجهيتها المتوارثة .. و بقايا وادٍ جفَّ منذ زمن، بعد فاجعتي .. !!و كأنَّ الأمطار الطوفانية الّتي ذَرَفْتُها من وحي جرحي، سحبت معها مياه كل المنابع و السّدود و ألحقتها ببحر شرقي يجهِّز نفسه من جروح الحزانى .. ليكون جسرا لهجرات غير شرعية، بحثا عن إقامة شرعية على ضفاف نهر أنثوي ... يمتاز بملوحته العذبة .. !! و بمراسيم تشييع قصّة حبّ كانت ستبدأ لولا ... أن هاجمتها مومياء فرعونية .. !! اكتفيت بذاكرة سَلَخْتُها على جذع شجرة، فبقي جلدها النّاعم متشبثا به و كأنّه امرأة في بداية استكشاف لأنوثتها .. بعدها تغيّر الأفعى جلدها و تقرّر الوّخز لتقتل ضحاياها ..و كأنّها لا تستطيع التخلّي عن نزعتها العدائية لبني البشر من ذوي القلوب المرهفة .. و الأرواح النديّة .. هكذا النّساء بعد كل نكسة طفولة ... اكتفيت بمساحة ترابية مجهولة النّسب و الشّكل، تحدّها شجرة زيتون من الشّمال و الجنوب و الشّرق و الغرب .. هي وطني الّذي سأشيِّد فيه منزلي الرّيفي، المعاصر المطل على شاطئ أشقر بخصلات سوداء .. لا هو بعربي و لا بأجنبي، لكنّه أكثر واقعية منهما .. و أقرب إلى الحقيقة الخالدة غير المهدّدة بالانهيار أو الاندثار .. لا جرح، لا عتاب، لا ألم، لا ضياع، لا مطر، لا ثلج، لا هجر، لا حصار .. كل ما فيه غيبي لا تدركه العقول و لا الأبصار .. حين زرت قبره فيما بعد، صُدِمت من مفارقات الحياة و الموت .. و القدر العاصف .. دفن في مكان يبعد عن المقابر الأخرى المتواجدة بنفس المقبرة ببضع مترات ... اتجاهاته الأربعة، تتوقّف عند ظلال شجرة زيتون .. رغم الخدش البسيط و الخطّ المائل قليلا، المرسوم بحنكة مهندس في بداية حياته التطبيقية ... و كأنّ قبر عزيز كان مشروع توسيع للمدافن .. و خارطتها الجديدة .. كل هذه التّفاصيل .. ما كان لينتبه لها بشر و حتى أنا، لو لم يطلعني على آخر مشروع كان يناقش رسالته على مرأى من الطبيعة و مُقوِّم هو شجرة زيتون .. حتى الانتحار لعبة حربية يجب التّحضير لها و رسم خططها .. بأدقّ التفاصيل .. لكأنّه رسم خارطة قبره بمسطرته، بخطوط هندسية مرتبكة ..كما كانت نفسي لحظة مثولي أمام حقيقة صنعها عزيز بكلّ فخر العروبة الّتي ينتمي إليها، مختلّة التفاصيل في بعض جوانبها و كأنّ الصّدف لا تكتمل بنسبة مئوية شاذّة ..كانت خيالية لدرجة الواقعية التّامة، تتطابق تماما مع عقل الإنسان النّسبي .. و كنت قانونيا .. لا أجيد التسكّع بين الخيوط المتشابكة !! لحظتها و أنا واقف، مشدوه .. أراقب تمثاله السّامق الّذي خلَّفته أبخرة تحوُّل ليلي لمقبرة كانت بالأمس القريب مجرّد مقبرة .. لتصبح قطعة أثريّة بعد أن شفرَّها بخطوط وهميّة ..كلّ جهة تحمل رسم حرف فارسي بنكهة عربيّة خفيّة، لذلك ظلَّت المعاني مدفونة خلف تشوّهات النّطق فقط .. تلك اللّغة كانت بمخارج صمّاء، لا تجيد ترتيب السّعرات لذلك كانت حارقة ... تساءلت .. و أنا أبحث في قاموس اللّغة عن معاني مبهمة شرقية أو غربية .. ؟ للاتّجاهات الأربعة الّتي رمز لها بأشجار الزّيتون و جعلها بحكم التّاريخ شاهدة على حياديّة انتمائه .. علّني أفكّ لغز خارطة، كنت أرى جزءا منها و لو مجازا بحكم آخر تصريح ظننته عند أول وهلة رقصة جنون أو تسريب ذهول .. لكنّها بعد ذلك اتضحت كما لو أنّها الحقيقة الوحيدة الّتي تنتسب لشفافية الحياة .. !! و ما بعد الحياة .. و مع ذلك بقي الجزء الأكبر منها غامضا .. كنت كالمجنون أنتقل بجسدي و عقلي و بصري بين جهاته الأربعة المشفّرة، بجسد أنثى في صورة شجرة زيتون .. أبحث عن ملاذ لأفكاري، تلك الّتي عبرت رسم خارطته فأشعلت الحروف من حولي .. تلتهمني نيرانها حتى لا أكاد أخمد حركتها حتى أتيه في زوبعة الدّخان المتصاعد من أثر الاشتعال .. هل كان انتحاره إنجازا لمشروع مموّله الوحيد مليوني أو ما يزيد من الدّيدان .. ؟؟ الّتي تجيد فنون الاستثمار ... و تحقيق الرّبح السريع بتناسلها العشوائي على الهياكل العظمية .. بطاقّة عقلية تسلّم بفرضيّة مفادها .. سلامة جيناته الفكرية من أيّ أثر للانتحار، فظلّ فكره فطنا، مشتعلا إلى ما بعد الموت تحقيقا لشرعية ترابية مجهولة .. بطاقّة عقلية نشلتها من رماد جمجمته و كأنّ الأفكار أيضا تخلِّف رمادا بعد أن يلهمها الشجن و تشعلها فيما بعد، حالات الإرهاق العصبي و الإحباط و الألم الشديد .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الثامن عشر * [align=justify].... هل كان انتحاره ردّ اعتبار .. ؟؟ صمت مقابل صمت .. موت مقابل موت .. مشاريعه الّتي انتحرت برمي نفسها من أعلى سطر لأوّل ورقة دوَّن عليها فصول رواية عشقه المسلوب بتواطؤ أجنبي .. و أنثى جرّدت نفسها من أوراقه، الّتي كانت تلفّها .. كشجرة استسلمت لأوّل بادرة خريفية، أسقطت عنها كسوة سنين .. و كان الشّتاء .. فماتت بردا، عند أوّل قطعة ثلج سلخت عن السّماء رياء الفصول .. هل كان انتحاره لعبة تخف و مخادعة لفنجان قهوة .. ؟؟ ذلك الّذي داهمته هي فيه، على حين غفلة، فرحل عنه مع دخانها المتوارث كأنّه سُحِبَ من سيجارة عرّافة، لا تجيد غير تزوير تواريخ الحبّ .. كان ذلك انتقاصا من فتنة القهوة و استنكارا لسطوتها، فكانت النتيجة أن انكسر الفنجان و انسكبت قهوته قهرا .. لحظة انتحاره كانت انتقاما منه، حتى يشعر بعد ذلك بتيتّمه .. و حاجته لأنثى و حبّة بن .. و رجل يمارس شعوذته من خلالهما .. أم كان انتحاره تكذيبا لفضيحة أنثوية .. ؟؟ قد يكون كلّ ذلك سببا دفعني لأبحث عن أنثى مغتربة، لأوَّطن ذاكرتي بأوراق ثبوتيّة أجنبية، لأفكّ عنه طلاسم لعنة تلبَّستها الأبديّة حتى قتلته، ثم أدَّعي فيما بعد، مروري بمنعطف خطير، كان سببا في تعثّر صديقي يوما ما .. و لأثبت أنّ وطني يصلح لأن يعيد إلى أحضانه إحدى الرّاحلات عنه، بسبب رجل أيضا، رجل امتصّ وطنيته من أزهار الغربة بحقد شديد و وزّعها بتفنّن رجولة و غيرة، فاستجابت له كلّ أنثى متمرّدة .. راجعت أوراقها، أحرقت ما أتلفته منها غطرسة الكلمات .. ثم انحنت تُقبِّل قصائدي الوطنيّة .. ألأجل خنجر غرسته امرأة مزَّقت هوِّيتها على حافّة جواز سفر و تأشيرة عبور مشبوه بجوسسته على حدود وطن .. أَعْلَنْتُ انتقامي و كنت في أوجّ معاركي الكلاسيكية من أجل استئصال ورم خبيث من تصاميم النّساء المعروضة في متحف للفرجة الجماعية، تلك الّتي تتحدّى شرقيّتي .. و كنت أرفض التواجد داخل حوض للأسماك المجمّدة .. تسبح و هي ترى حدودها الممنوعة فلا تتجاوزها .. آليا تتحاشى الاصطدام .. فترسم خطوطها الدّائرية ثم بعدها لا تشغل نفسها بالتّأويل و التنجيم و إغراء المجهول، بخطوط حظّ .. رُسِمَت بكُحْل عربيّ، يدّعي الأصالة و رسّختها حِناء مغاربيّة مخادعة .. ذلك الوّشم، لا يلبث أن يزول بمزحة مطر خريفي عابر لحدود الخُرافة .. منطق تلك المرأة لم يفاجئني، بالقدر الّذي استنكرته على أنثى .. كان يجب أن توَّطن نفسها في حدود أضيق من وطن .. و جغرافيّة لا تعترف بالقّارات و لا المحيطات و لا التّضاريس و لا حتّى بالمساحة و لا المسافات الخرافيّة الّتي تقاس بمحض الصّدفة .. كلّ ما تعرفه أوراق زوج .. و دفتر يأوي إليه مجموعة أطفال .. و كأنّي بعد سنين نضجي السّياسي و المدني استرجعت أصالة الرّجل الشرقي، الّذي اختفى منذ زمن بأعماقي .. محاولة منه لمسايرة العصر و متطلّبات التحضّر الزّائفة .. كنت أفكّر في السّفر دون الهجرة، في كسر جدار أصبح بالنّسبة لرجل اكتفّى بشرقيّته، رجل لم يبرح جذوره الأولى .. إلّا لمجرّد تعاطي نَفَس من لفافة فجر طلعت شمسه باكرا، متخفيّة عن أنظار لحظات غضب و قهر و تمرّد، رجل لم يزوّج جنسيته بجنسيّة فرنسية أو إيطالية، وصمة عار .. لم ينجب وطنا أصغر يصلح لأن يكون أجنبيا، قد يكون عربيّا بحدود مرسومة بسياج حجري آيل للسّقوط في أيّ لحطة تعر من الوطنيّة .. حتّى الأطفال في بلدي، أقاموا علاقات غير شرعية مع شهادات الجنسيّة الأجنبية .. و كأنّها كانت تُمْنح لهم بالتبنّي و بالمراسلة الالكترونية .. اللّغة تدحرجت بين مخالب ذئب برّي، أفقدها نكهتها الطبيعية و شوَّه معالمها بأشلاء طريدة التهمها للتوّ .. ثقوب في الذّاكرة المعرّبة و فجوات أخفتها قطرات الدّم المتبقّية من عروق نزفت طويلا ... و الدّم لا يصلح لأن يرمّم جرحا غائرا .. بقدر ما يمنحه بركات النّزيف و تعويذاته الّتي تمنع عنه الألم .. حتى إذا تجاوز مرحلة التعفّن تيبّس و على حوافه قطعة جرداء، لا تصلح لأن تتولّى الديدان مصاهرتها .. حتّى الجرح الغائر .. يُورِّث القسوة .. و كأنِّي استدركت ثقب فضاء ذاكرتي، الّذي أخذ يتسّع يوما عن يوم .. من وقع التلوّث و كميّة الغازات التي تطرحها حروق الذّاكرة .. و تفحّم الحواس و الاستغناء عن التنفّس الطبيعي بآخر ذو نزعة كربونية . في إحدى خرجاتي الصيفيّة في فنادق العاصمة، ذات السّبع نجوم .. بإضافة نجمتين أجنبيتين من أصول عريقة .. تعرّفت على حرف القاف .. طالبة جامعية مقيمة بنيس الفرنسيّة .. حضرت لتتطفّل على وطن .. نسبتها الأقدار له، دون عذر شرعي و لتوقّر شهادة ميلادها الّتي حملته طفلا لقيطا بين سطورها . يحتاج للمسات حنان من الحين للآخر، حتى لا يشعر بتيتّمه .. بعد أن أضاع رسم خصر خارطته النّحيل من كثرة ما أنجب من أطفال .. بعضهم بار و البّعض منكر للجميل .. و بعضهم حمل نقمة الدَّيْنِ طويلا، حتى أسدل جفنيه عن شتاء مزدوج .. أضاع ذاته بينهما .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
وينقطع النت...ولكني ما زلتُ أحتفظ بمقعدي المفضّل لأقرأ قاصّتي المفضّلة...ولا أبالي...مودتي..
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و الله افتقدت توقيعك جدا أبتي الغالي .. كنت لي القمر الذي يضيء الدّرب هنا .. فغاب القمر لأيام .. فأضعت طريقي .. لك احترامي و تقديري .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء التاسع عشر * [align=justify]أم قد يكون الحنين لمسقط الرّأس، من دفعها لزيارة محذوفة من تاريخ أسفارها .. تَفَقُّد لجزء نائي من شهادة جنسيّة مزدوجة .. جزء منسي حمل وبال المسافات .. تطفَّلت على طاولتي من تحت ملاءة شعرها الممشوق، كأنّه قَدُّ غانية .. في تسريحة موقّرة تداعبها تموّجات خصلات شقراء، بملامح أنثوية صارخة، حتى لون عينيها تجنّس بزرقة العيون الغربية .. كانت جميلة لحدود غير معقولة، حتّى لا تكاد التفاتة رجل أن تخطئها .. و كأنّها المدى البعيد الّذي تقع عليه النّظرات المتطفّلة و ليس بعدها شيء يُرى .. آخر نقطة تُقْفِل قصيدتك عنوة، لا مجال بعدها للسّطور .. و لا للكلمات .. و كنت أنا ليلتها، بكامل أناقتي النّفسية و الجسدية .. بربطة عنق ترقص لها الفاتنات و بذلة شرقيّة الملامح، تطرب لها الأفئدة .. كأنّها معزوفة شعرية لكمان تنصّل من أصابع عازف جبان .. فاختار أن يمارس جنونه تحت شرعيّة أنثى .. أنثى فاتنة، لا تخضع للتّفتيش و لو عبرت حدود كارثة جويّة .. ملتحفة راية وطنية مغمورة بالكتمان اللّوني .. و الحسّي .. ذلك الانتماء الصارخ، لا تطوّقه دونية المواثيق و لا الدساتير .. تَرَبَّصْت بعطر تساقطت قطراته مباشرة على جسدي من طائرة أقلعت للتّو من باريس .. و كأنّه لا تزال قطع الزّهر و الياسمين و أنواع الياقوت و الزّمرد و المرجان و أنواع الورود المحنّطة متشبثة به، تماما كما يتشبّث الزّهر الحرّ المغترب عنوة .. في قارورة عطر أجنبية، بأرض فلسطين، فيعودها كلّما أقلعت طائرة نيسان .. ليبحث عن أنثى، تخبّئ علما فلسطينيا بين شُعَبِها الهوائية .. بين ما يختلسه النّحل من رحيقٍ، ليداوي به علّة مجهولي النّسب، ممّن يعانون من عقدة الأصل المجهول و مترادفات الجرح اللّفظي و تتبّع للعاهة مع إشراقة حزن وفيّة لميعاد طلوعها .. من بين جبال قهر و ذل .. فتات ذاكرة .. و بقايا زجاج تحطّم من قلب تحوَّل من كثرة بكائه، لآنية زجاجية قد تنكسر بمجرّد اقتطاع نَفَس ..كضريبة على توارث الأنفاس العليلة، العقيمة ... كنت جالسا على طاولة عشاء فاخر، أُعِدَّت خصيصا على شرف صديقي الدّبلوماسي حسن، و كان في زيارة ترفيهية لجذوره الجزائرية .. كان العشاء نجمة ثامنة، تضاف للسّبع نجوم المعلَّقة " سهوا " على جدار الفندق الرّسمي .. بصورة شفافة .. لا يراها غير مبتوري الأجنحة، ممّن لا يُسْمَح لهم بالتّحليق فوق أبنيّة تفوقهم عزّة و كرامة .. و كأنّ الكرامة تقاس بالأرصدة البنكية .. كان هو النّجم اللّامع، الّذي أشهر ليله في وجه اصطناعية اللّيالي .. فلفَّها بظلامه الحالك ثم شهق شهقته المسكونة بضياء ساحر، فأشعل شموسها النائمة اقتداءً به .. تحوَّلت اللّيلة، من ليلة ضَجِرة إلى ليلة فارهة الضّياء، تسكب من فيض نورها شعرا صامتا في كأسي فيُسْكِرُني .. كان هو .. كما عهدته رجلا بمقاس ليلة قمراء .. يكفي حضوره حتى يعتلي اللّيل قمّة هرم الجمال و السّحر .. ثم خلفه و قبله .. أشباه نجوم لحراسته .. ببدلات سوداء تشبه ليل الحزانى .. لولاه لاستحالت الرّؤيا .. كان رجلا مهما بوزارة الخارجية الجزائرية، حتى أنّي أعتقد اليوم أنّه أصبح سفيرا للجزائر ببلد ما .. مظاهر رفاهية عاصفة .. و قطع جليد و قارورات نبيذ .. ترقص على أغلفتها عناوين السّيادة .. تُحَضَّر على الطريقة العاصمية المدنّسة بغرور أجنبي .. كما لو أنّها تُعْصَر له خصّيصا من نوع خاص من الفواكه اللّاموسمية .. الّتي تحتاج لسنة من الإلحاح و التّبجيل حتى تنمو و تُزْهِر .. بدلال أنثوي .. و" قمّة الغموض " في طريقة سقيها .. كراسي الطّاولة يشغلها رجال أعمال مُهِمِّين و نساء مُهِمَّات صعبة أم هي عملات صعبة ... بتصميم مختلف تماما عن الأنثى الشرقيّة الكلاسيكية، الّتي تشهق على دخان سيجارة مشتعلة بين أسوار شقّة مجاورة .. حتى تموت خجلا و تلفظ أنفاسها الأخيرة على عبارة ( أستغفر الله ) .. تجاوزت تلك المرأة السّياج الأسود المربك .. و أطلَّت من خلف ستارته المعتّمة لترصد لحظات نقمي و مللي و أنا في جلسة رسميّة، فقدت على ضفافها نكهة البّساطة و التّلقائية و الابتسامات الشاهقة بتلقائيّتها الشديدة .. حتى أنّ السّيجارة الباريسية المظهر، تثاءبت بين شفتيَّ من قوّة قهري و رغبتي في التّنصل من الرّسميات و الصفقات و حكايا المجتمع الرّاقي .. أطلَّت و كان يفصلني عنها مجرّد شرفة ليلية .. تواطأت و صدفة مغيب القمر، مجرّد سحب شيطانية تنفثها الشّفاه، نكاية في الصّقيع المنسدل كأنّه اغتراب مشاعر .. تلك الأمكنة كانت جافّة، باهتة لا تربت على كتفيْ اليّتم و لا تكفكف دمعة نزلت لتفضح حزنا متواريا خلف ظلال شقراء .. [/align] |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
..ومتابعة لكل جزء بنفس الشغف..استمرّي...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
شكرا أبتي .. امتناني الشديد .. و مودتي .. |
الساعة الآن 39 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية