منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   شعراء عصر النهضة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=302)
-   -   ديوان الشاعر التونسي الكبير ( أبو القاسم الشابي ) (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=21523)

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 47 : 07 PM

الأشواق التائهة - أبو القاسم الشابي
 
الأشواق التائهة

أبو القاسم الشابي


يا صَميمَ الحياة ِ! إنّي وَحِيدٌ *** مُدْلجٌ، تائهٌ. فأين شروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! إنّي فؤادٌ *** ضَائعٌ، ظامىء ٌ،فأَيْنَ رَحِيقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! قد وَجَمَ النَّايُ *** وغام الفضا. فأين بروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! أين أغانيك *** فتحت النجومُ يُصغِي مَشوقُكْ

*****

كُنْتُ في فجركَ، الموشَّحِ بالأحلامِ، عِطْراً، يَرِفُّ فَوْقَ وُرودِكْ
حالماً، ينهل الضياءَ، ويُصغي *** لكَ، في نشوة ٍ بوحي نَشِيدِكْ
ثمَّ جاءَ الدّجى ..، فَأمسيتُ أوراقاً، بداداً، من ذابلاتِ الورودِ
وضبابا من الشّذى، يتلاشى***بين هولِ الدُّجى وصمتِ الوُجودِ
كنتُ في فجرك المغلَّف بالسِّحرِ، *** فضاءَ من النّشيد الهادي
وسحاباً من الرَّؤى ، يتهادى *** في ضميرِ الآزال والآبادِ
وضياءً، يعانق العالَمَ الرحب، و يسري في كل خافٍ و بادٍ
وانقضى الفجرُ..، فانحدرتُ منَ الأفْق تراباً إلى صَمِيمِ الوادي

*****

يا صميمَ الحياة ! كم أنا في الدُّنيا غَريبٌ أشقى بغُرْبَة ِ نفسي
بين قومٍ، لا يفهمونَ أناشيدَ فؤادي، ولا معاني بؤسي
في وجودٍ مكبَّل بقيودٍ، تائهٍ في ظلام شكّ و نحس
فاحتضِنِّي، وضُمَّني لك- كالماضي- فهذا الوجودُ علَّة ُ يأسي

*****

لم أجد في الوجود إلا شقاءً، *** سرمديّاً، ولَذَّة ُ، مضمحلّهْ
وأمانيَّ، يُغرق الدمعُ أحلاها،ويُفنى يمُّ الزّمان صداها
وأناشيدَ، يأكُلُ اللَّهَبُ الدّامي مَسَرَّاتِها، ويُبْقِي أَساها
وَوُروداً، تموت في قبضة ِ الأشْواكِ ما هذه الحياة ُ المملَّة ْ؟
سأَمٌ هذهِ الحياة ِ مُعَادٌ *** وصباحٌ، يكرُّ في إثرِ ليلِ
ليتني لم افِدْ إلى هذه الدنيا *** و لم تسبح الكواكب حوالي!
ليتني لم يعانق الفجر احلامي، *** و لم يلثم الضياءُ جفوني!
ليتني لم أزل- كما كنت- ضوءاً، شائعاً في الوجود، غيرَ سجين!

أسماء بوستة 08 / 12 / 2011 22 : 08 PM

أيُّها الليلُ - أبو القاسم الشابي
 
أيُّها الليلُ

أبو القاسم الشابي

أيُّها الليلُ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ *** لِ، ياهيكلَ الحَياة ِ الرَّهيبِ!
فِيكَ تَجْثُو عرائسُ الأَمَلِ العذْ *** بِ، تُصلَّي بصَوتِه المحبوبَ
فَيُثيرُ النَّشِيدُ ذكرى حياة ٍ *** حَجَبَتها غيومُ دَهر كَئيبِ
وَتَرُفُّ الشُّجونُ مِنْ حول قلبي *** بسُكُونٍ، وَهَيْبَة ٍ، وَقُطُوبِ
أنتَ ياليلُ! ذرَّة ٌ، صعدت للكونِ*** من موطئ الجحيمِ الغَضوبِ
أيُّها الليلُ! أنت نَغْمٌ شَجِيُّ *** في شفاهِ الدُّهورِ، بين النَّحيبِ
إنَّ أُنشودة السُّكُونِ، التي ترتجّ *** في صدرك الرّكود، الرحيب
تُسْمِعُ النَّفْسَ،في هدوء الأماني ***رنة َ الحقَّ،والجمال الخلوبِ
فَتَصوغُ القلوبُ، منها أَغَارِيداً، *** تَهُزُّ الحياة َ هَزَّ الخُطُوبِ
تتلوّى الحياة ُ، مِنْ أَلَم البؤْ *** س فتبكي، بلوعة ونحيبِ
وَعَلى مَسْمَعيكَ، تَنْهلُّ نوحاً *** وعويلاً مُراً، شجون القلوبِ
فأرى بُرقعاً شفيفاً، من الأو *** جاع، يُلقي عليك شجوَ الكئيبِ
وأرى في السُّكون أجنحة الجبَّــــارِ، مخضَّلة ً بدمعِ القُلوبِ
فلَكَ اللَّهُ! مِنْ فؤادٍ رَحيمٍ *** ولكَ الله ! من فؤادٍ كئيب
يهجع الكونُ، في طمأنينة العصفور *** طفلاً، بصدركَ الغريب
وبأحضانك الرحيمة ِ يستيقظُ، في *** نضرة الضَّحُوكِ، الطَّرُوبِ
شَادياً، كالطُّيوبِ بالأَملِ العَذْ *** بِ، جميلاً، كَبَهْجَة ِ الشُّؤْبُوبِ
ياظلام الحياة !يا روعة الحز *** نِ! وَيَا مِعْزَفَ التَّعِيس الغَرِيبِ
إنَّ في قلبكَ الكئيب، لمرتادا *** لأحلام كل قلب كئيب
وبقيثارة السّكنة ، في كفَّيـك ، تنهلّ رنّةُ المكروب
فَيكَ تنمُو زَنَابِقُ الحُلُمِ العذْ *** بِ، وتذوِي لدَى لهيبِ الخُطوبِ
خلف أعماقك الكئيبة تنسَا *** بُ ظِلالُ الدُّهورِ، ذَاتَ قُطوبِ
وَبِفَوْديكَ، فِي ضَفَائِرِكَ الس*** ـودِ، تدَّب الأيامُ أيَّ دَبيبِ

******

صَاحِ! إنَّ الحياة َ أنشودة ُ الحُزْ***نِ، فرتِّلْ عَلَى الحياة ِ نَحِيبي
إنَّ كأسَ الحياة ِمُتْرَعَة ٌبالذَّمْـ***عِ، فاسْكُبْ على الصَّبَاحِ حَبيبي
إنّ وادِي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ *** لِ، فما أبعد ابتسام القلوبِ!
لا يُغرّنَّك ابتسامُ بني الأر***ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهِيبِ
أنتَ تدري أنَّ الحياة َ قطو***بٌ وَخُطُوبٌ، فَما حَيَاة ُ القُطُوبِ؟
إنّ في غيبة ِالدهور، تِباعاً ***لخَطيبٌ يمرُّ إثر خطوبِ

******

سَدَّدَتْ في سكينة ِ الكونِ، للأعما*** قِ، نفْسي لحظا بعيدَ الرُّسوبِ
نَظْرة ٌ مَزَّقَتْ شِغَافَ اللَّيا***لي فرأتْ مهجة َ الظْلام الهيوبِ
ورأتْ في صميمِها، لوعة َ الحزْ***نِ،وأَصْغَتْ إلى صُراخِ القُلُوبِ
لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ، إنّي*** قد خبرتُ الحياة َ خُبرَ لبيبِ
فتبرمتُ بالسّكينة والضجّـ ***ـة ، بل فد كرهتُ فيها نصيبي...
كنْ كما شاءَت السماءُ كئيباً *** أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأَريبِ؟
أنفوسٌ تموتُ، شاخِصَة ً بالهو*** لِ، في ظلمة ِ القُنوطِ العَصيبِ؟
أم قلوب محطات على ساحلِ لُجِّ الأَسَى، بموْجِ الخُطوبِ؟
إنما النّاسُ في الحياة طيورٌ*** قد رَمَاهَا القَضَا بِوادٍ رَهِيبِ
يَعْصُفُ الهولُ في جَوَانبه السو*** دِ فيقْضي على صَدَى العندليبِ

******

قَدْ سَألتُ الحياة َ عَنْ نغمة ِ الفَجْــرِ، وَعَنْ وَجْمة المساءِ القَطُوبِ
فسمعتُ الحياة َ، في هيكلِ الأحزا *** نِ، تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ:
مَا سُكوتُ السَّماءِ إلا وُجُومٌ *** مَا نشيدُ الصَّبَاحِ غيرُ نحيبِ
لَيْسَ في الدَّهْرِ طَائرٌ يتغنّى *** في ضِفَافِ الحياة ِ غَيْرَ كَئيبِ
خضَّبَ الإكتئابُ أجنحة َ الأيّا *** مِ، بِالدَّمْعِ، والدَّم المَسْكُوب
وَعَجيبٌ أنْ يفرحَ النّاسُ في كَهْـ *** ـفِ اللَّيالي، بِحُزْنِهَا المَشْبُوبِ!»
كنتُ أَرْنو إلى الحياة ِ بِلَحْظٍ *** باسمٍ، والرّجاءُ دونَ لغوبِ
ذَاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَة َ الـ *** ـفَجْر، ولكنَّه شُعاع الغُروبِ
ذَاكَ عَهْدٌ، كَأَنَّه رَنَّة ُ الأفرا *** ح، تَنْسَابُ منْ فَمِ العَنْدَليبِ
خُفِّفَتْ ـ رَيْثَما أَصَخْتُ لَهَا بالقَلْـ *** ـبِ، حيناً ـ وَبُدِّلَتْ بَنَحيبِ
إن خمر الحياة وردية ُ اللونِ *** ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ

******

جرفتْ من قرارة ِ القلبِ أحْلا *** مي، إلى اللَّحْدَ، جَائِراتُ الخُطُوبِ
فَتَلاشَتْ عَلَى تُخُومِ الليالي *** وتهاوَت إلى الجحيم الغضوبِ
وثوى في دُجنّة النّفس، ومضٌ *** لم يزل بين جيئة ٍ، وذُهوبِ
ذكرياتٌ تميسُ في ظلمة ُ النَّفــسِ، ضئالاً كرائعاتِ المشيبِ
يَا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعة َ المُرَّ *** ة َ منْ جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ!
وَمَضَتْ في صَمِيمِهِ شُعْلَة ُ الحُزْ *** ن، فَعَشَّتْهُ مِنْ شُعَاعِ اللَّهيبِ..


أسماء بوستة 14 / 12 / 2011 57 : 01 AM

بقايا الخريف - أبو القاسم الشابي
 
بقايا الخريف

أبو القاسم الشابي



كَرِهْتُ القُصورَ وقُطَّانَها
..........وما حولَها من صِراعٍ عنيف
وكَيْدَ الضَّعيفِ لِسَعْي القويِّ
..........وعَصْفَ القويَّ بجَهْدِ الضَّعيفْ
وجَاشَتْ بنفْسي دُمُوعُ الحَيَاةِ
..........وعَجَّتْ بقلبي رِياحُ الصُّروف
لقَلْبِ الفقيرِ الحطيم الكسيرِ
..........ودَمْعِ الأَيامَى السَّفيحِ الذَّريفْ
ونَوْحِ اليتامَى على أُمَّهاتٍ
..........تَوَارَيْنَ خلفَ ظَلامِ الحُتوفُ
فسرْتُ إلى حيثُ تأوي أَغاني الرَّبيعِ
..........وتذوي أَماني الخَريفْ
وحيثُ الفَضَا شاعرٌ حالمٌ
...........يُناجي السُّهولَ بوَحْيٍ طَريفْ
وقد دَثَّرَتْهُ غيومُ المساءِ بظلٍّ
...........حزينٍ ضَريحٍ شفيفْ
وبينَ الغُصونِ التي جَرَّدَتْها
..........ليالي الخَريفِ القويِّ العَسُوفْ
وقَفْتُ وحوْلي غديرٌ مواتٌ
..........تمادتْ به غَفَواتُ الكُهوفْ
قَضَتْ في حفافِيهِ تِلْكَ الزُّهُورُ
..........فَكَفَّنها بالصَّقيعِ الخَريفْ
سوى زهرةٍ شَقِيَتْ بالحَيَاةِ
..........وملْبَثها بالمُقامِ المُخيفْ
يُرَوِّعُها فيه قَصْفُ الرُّعودِ
..........ويُحْزِنُها فيه نَدْبُ الزَّفيفْ
ويَنْتابُها في الصَّباحِ السَّديمُ وفي
...........اللَّيلِ حُلمٌ مُريعٌ مُخيفْ
وتُرْهِبُها غادياتُ الغمامِ
...........وتُؤلِمُها كلُّ ريحٍ عَصُوفْ
فَتَرْنو لمَا حولَها مِنْ زُهورٍ
...........وما ثَمَّ إلاَّ السَّحيقُ الجَفِيفْ
فتبكي بكاءَ الغريب الوحيدِ
........... بشجْوٍ كَظيمٍ ونَوْحٍ ضَعيفْ
تُباكي بهِ لُبَّها المستطارَ
............وَتَرْثي بهِ مَا طَوَتْهُ الحُتُوفْ
وتشكو أَساها بَيَاضَ النَّهارِ
............وتندُبُ حَظَّ الحَيَاةِ السَّخيفْ
ولكنْ لقد فَقَدَتْ في الوُجُودِ
............رفيقاً مُصيخاً وقلباً رَؤُوفْ
فما ثَمَّ إلاَّ الصُّخُورُ القَواسي
............وإلاَّ الصَّدى المُسْتَطارُ الهَتُوفْ
فَجَادتْ بروحٍ شجيٍّ لقد
............عذَّبتهُ اللَّيالي صُنُوفْ
ومَاتتْ وقد غادَرَتْها بقاعٍ منَ
............الأَرضِ ضنْكٍ حَيَاةُ الصُّروفْ
فبانَتْ حَيالَ الغديرِ الأَصمِّ
............وقدْ أَخرسَ الموتُ ذاك الحَفيفْ
وقد خَضَّبَتْها غيومُ المساءِ
............كغانيةٍ ضرَّجَتْها السُّيوفْ
فسلْها تُرى كيفَ غاضَ الأَريجُ
............وكيفَ ذَوَى سِحْرُ ذاك الرَّفيفْ
وكيف خَبَتْ بَسَمَاتُ الحَيَاةِ
............بأَجْفانِها وعَرَاها الكُسُوفْ
وكيفَ لَوَتْ جيدَهَا الحَادِثاتُ
............وأَلْوَتْ بذاك القوامِ اللَّطيفْ
ذَكَرْتُ بمضجَعِها المطمئنِّ
............ومرقَدِها في السَّفيرِ الجَفيفْ
مصارعَ آماليَ الغابراتِ
............وخيْبَتَها في الصِّراعِ العَنيفْ
فقلَّبتُ طَرْفي بمهْوى الزُّهُورِ
............وصعَّدته في الفضاءِ الأَسيفْ
وقلتُ هوَ الكونُ مَهْدُ الجمالِ
............ولكِنْ لكلِّ جمالٍ خَريفْ
وأَطرقتُ أُصغي لهَمْسِ الأَسى
............وقد غَشِيَ النفسَ هَمٌّ كَثيفْ
وَغَاضَتْ ثُمالَةُ نورِ النَّهارِ
...........وأَرْخى ظلامُ الوُجُودِ السُّجوفْ

أسماء بوستة 17 / 12 / 2011 48 : 01 AM

رد: إرادة الحياة - أبو القاسم الشابي
 
هذه القصيدة يا فاطمة هي الأحب إلى قلبي، ذلك أن مطلعها هو جزء من نشيدنا الوطني و هو سر ثورتنا و صمودنا..
وهو المقطع الذي تردد بجميع ساحات الثورات بربيعنا العربي..

إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة
...........فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي
..........ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ


أشكرك عزيزتي على مرورك.


الساعة الآن 32 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية