منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   ( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة الاولى ’’ الى ’’ المجموعة الحادية عشر ’’ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=9579)

سليم عوض علاونة 03 / 04 / 2009 45 : 07 PM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) المجموعة الثالثة
 
الأخت العزيزة .. الأستاذة الفاضلة / ميساء البشيتي حفظها الله ورعاها
لتعذريني على عدم الرد السريع على تعليقكم الكريم .. ولن أجد الأسباب أو الأعذار..
ولكن صدقيني أختاه .. بأنني أسعد بكل كلمة .. بكل حرف .. من كلماتكم الحروفة والمضيئة .. والتي لا .. ولن أستطيع مجاراتها ... فقلمكم الرشيق .. وفكركم المعطاء .. أعظم من أن أستطيع محاولة مجاراتها على الإطلاق .
إن ما أقوم به من أعمال أدبية متواضعة .. لا ترقى بأي حال من الأحوال لمستوى ما تجود به قريحتكم رائعة العطاء ..
لا يسعني سوى التقدم لشخصكم الكريم وجنابكم الموقر بكل آيات التقدير والوفاء والاحترام .. لمواقفكم الأخوية الرائعة على طول الدرب وعرضه .. وعلى مؤازرتكم ومساندتكم لي في هذا المشوار .. وهذا الدرب الشائك ..
أرجو أن تكون أعمالي الأدبية الأخرى قد نالت أعجابك ولو بالنزر اليسير ..
ثمة ملاحظة .. هل تفضلين اختي الفاضلة باستمرار ارسال ( صور باللون الأحمر ) " المجموعة الخامسة " أم ارسل لسيادتكم الصورة الأولى من ( صور .. باللون الوردي ) .. علماً بأنني ألاحظ عدم الإقبال في موقعكم الكريم على صور باللون الأحمر والذي وصل إلى حد ودرجة عدم مشاركة أحد في المجموعة الرابعة ..
أرجو المعذرة لهذه الملاحظة .. واكون سعيد جداً برأيكم ومشورتكم .
كل التحية والتقدير والوفاء
أخوكم
سليم عوض علاونه

ميساء البشيتي 03 / 04 / 2009 43 : 08 PM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) المجموعة الثالثة
 
اخي واستاذي القدير سليم عوض

الله يسعد اوقاتك بكل الخير

لاحظت أنك تكتب سليم علاونة .. سليم عيشان ..أنا شخصيا ً ما بعرف

الأسم الذي ترغب بالتعامل به لذلك أخبرني حتى نعدله لك بالحال

أقصد ابعث لي الأسم مثل ما بتحب يكون .

بالنسبة للنشر فأنا أرسلت لك على بريدك الألكتروني رسالة حتى أعرض

لك مجموعة من أعمالك الرائعة والمميزة التي لدي الرغبة بنشرها بالأضافة إلى صور باللون الأحمر

اتمنى لك كل السعادة ,,كل انجاح .. كل التوفيق استاذي الرائع والقدير والفاضل

سليم عوض علاونة

ميساء البشيتي 03 / 04 / 2009 46 : 09 PM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) " المجموعة الرابعة"
 
استاذي القدير وأخي العزيز سليم علاونة

تاخرت بالرد ولكني لم أتأخر بالمرور والقراءة

وهل استطيع ؟؟

هذه الحرب الهمجية على غزة طالت كل شيء .. حتى خلافاتنا الصغيرة

التي كنا نتسلى بها أيام الحصار ..طالتها .. فتتها ..لم تبق لنا شيء

كالنار حين تلتهم الحصيد تأكل الأخضر واليابس

الحرب لم تبق إلا الموت والدمار ولكن ..

لم يكن انتصار غزة في حينها بحجم اليوم فبعد كل هذا الدمار والموت الذي خلفته

الحرب الهمجية على غزة فها هي غزة تصافح الحياة من جديد وتعانق النجاح

وتذر الفشل في عيون بني صهيون

الف شكر أخي واستاذي الأديب والقاص البارع سليم علاونة

والله يعطيك الصحة والعافية .

سليم عوض علاونة 04 / 04 / 2009 01 : 12 AM

( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة الخامسة ’’
 
[align=center][table1="width:95%;background-color:orange;"][cell="filter:;"][align=center]
( صور ... باللون الأحمر )
( المجموعة الخامسة )
بقلم / سليم عوض علاونه
++++++++++++++++++
( الصورة الأولى )
يتضور الأطفال جوعاً .. يتلوون ألماً .. يرتعشون خوفاً .. لقد حرموا طعم الأمن والحياة خلال أيام طوال .. فالخوف يحيط بهم من كل جانب .. الدمار يحيط بهم من كل صوب .. الجوع يلتهمهم بأنيابه المتوحشة .. والموت يتربص بهم في كل لحظة .
لقد استشهد الأب في بداية الأحداث .. في بداية العدوان الغاشم المفاجئ على الوطن قبل أيام قلائل .. وترك وراءه زوجة مثقلة بالأمراض والهموم .. وبيت مثقل بالأطفال .
نفد ما لديهم من مخزون متواضع من طعام وغذاء .. وبدأوا يقتاتون بفتات الخبز الجاف .. وبقايا أطعمة قاربت على التعفن .. أو لعلها كذلك .
قررت الأم أن تخرج للحصول على " ربطة خبز " .. لسد رمق الأطفال .. وذلك بعد نفاد مخزون الدقيق من جميع المخابز والمحال .. وانقطاع التيار الكهرباء عن كل أنحاء المدينة .. والمدن الأخرى المجاورة .. وعدم وجود الغاز أو أيٍ من مشتقات البترول في الأسواق .
أمرت الأطفال بعدم الخروج من المنزل على الإطلاق .. خشيت تعرضهم للموت المفاجئ في الخارج .. فالموت يحصد الأرواح بلا هوادة أو تمييز .
" نصف ربطة " .. " نصف ربطة " من الخبز.. هي كل ما استطاعت الحصول عليه .. وذلك بعد لأيٍ شديد .. وبعد أن طافت على العديد من المخابز الخاوية .. وبعد أن وقفت في الطابور الطويل أمام أبواب أحد المخابز لساعات طوال من أجل الحصول عليها .
قبضت على " نصف الربطة " من الخبز بيد من حديد .. ضمتها لصدرها بحنان بالغ .. راحت تتشمم رائحة الخبز الطازج الذي حرمت منه طويلاً .. ظهرت على وجهها ابتسامة شاحبة لأول مرة .. فها هي تتصور نفسها وقد وصلت المنزل .. ها هم الأطفال الجياع يتهافتون عليها .. ها هي تناول كلاً منهم رغيفاً كاملاً ؟؟!! .. رغيفاً طازجاً .. ساخناً .
الانفجارات المتتالية تقصف المكان من كل ناحية .. تفر المرأة من مكان إلى آخر .. من زقاق إلى آخر .. وهي ما زالت تطبق بقوة على " ربطة الخبز " .. " نصف الربطة " .. تحاول الوصول إلى المنزل .. حيث الأمان .. وحيث الأطفال الجياع في انتظارها .
تصل بعد جهد وعناء شديدين .. تنادي على الأطفال بمجرد وصولها أطراف الحيّ .. يتردد صوتها في جنبات الأرض .. حتى يصل عنان السماء .. قوياً .. مدوياً .. ولكن قوته ودويه يتلاشيان إلى جانب الغضب الهادر للصوت المزمجر .. فيبتلع صوتها .. تماماً .. كما ابتلع منازل الحيّ .
تندفع بقوة عجيبة .. وسرعة غريبة .. نحو المنزل .. حيث الأطفال بانتظارها .. وبانتظار الخبز الطازج .
تقف مشدوهة .. الجميع من حولها يتنادون .. يتصايحون . أصوات متنافرة تتمازج لتشكل سيمفونية غريبة نشاز .. صراخ .. نداء ..استغاثة .. تهليل .. تكبير ..أبواق سيارات الإسعاف .. سيارات الدفاع المدني ..
يبدأ الجميع بإخراج جثث الأطفال من تحت الأنقاض ... من تحت الركام .. تندفع الأم نحو الجثث المحترقة .. المتفحمة .. تضع على صدر جثة كل طفل رغيفاً من الخبز .. تصرخ بصوت مجلجل .. يدوي في أنحاء الأرض ... تردده السماء بقوة :
-ها أنا قد عدت يا أطفالي ... حقاً أنني تأخرت كثيراً .. ولكن ذلك كان من أجل الحصول على " ربطة الخبز " .. " نصف الربطة " .. ولكنني عدت .. ها أنا قد حضرت .. هذا رغيف لك ... وهذا رغيف لك .. وهذا ... هيا انهضوا يا أطفالي .. انهضوا لتتناولوا الخبز الساخن ؟؟!!!
++++++++++++++++
( الصورة الثانية )
هدنة مزعومة لساعات محدودة .. كان خلالها الجميع يسارعون بمحاولة الحصول على بعض الاحتياجات الضرورية اللازمة .. من بعض الغذاء .. شيء من الماء .. قليلاً من الدواء .. ولكن كل هذا كان يتم بحذر .. بحذر شديد ..
اصطحب الأب زوجته وأطفاله الصغار لزيارة شقيقه لبعض الوقت في زيارة خاطفة وسريعة .. يطمئن عليه ويطمئنه ..
استقبلهم شقيقه وزوجته وأطفالهما بالترحاب رغم الشحوب الشديد الذي كان يبدو على محيا الجميع .. بسبب الأحداث الجسام التي مر بها الجميع ... وما زالوا .
جلس الشقيقان وزوجتيهما يتجاذبون أطراف الحديث والذي كان محوره تلك الأحداث المؤسفة من قتل وبطش .. تنكيل وتشريد .. قصف وتدمير .. والذي يقوم به العدو المتغطرس من البر .. البحر .. والجو .. منذ عدة أيام متتالية .
صخب الأطفال ولهوهم من حولهم يشوش عليهم الحديث .. ويعكر عليهم صفو اللقاء السريع .. فما كان من المضيف إلا أن طلب من جميع الأطفال اللهو بعيداً عنهم .. واقترح عليهم الذهاب إلى الحجرة المجاورة .. أو إلى سطح المنزل .. وليصطحبوا معهم ألعابهم المختلفة .. فاختار الأطفال السطح ليكملوا لهوهم ولعبهم هناك .
صوت مزمجر هادر قطع حديث الأخوين وزوجيتهما بعد وقت قصير .. قصف معربد مزمجر يأتي من ناحية السماء .. من الجو .. القصف قريب .. بل هو قريب جداً .. اندفع الجميع نحو السطح .. ليستطلعوا الأمر هناك .. حيث الأطفال يلهون .. يلعبون .
وصدق حدسهم بالفعل ... فلقد وجدوا الأطفال جثثاً هامدة مقطعة الأوصال ... مبعثرة الأشلاء .. وسط بركة كبيرة من الدماء ... ومن حولهم الألعاب المختلفة التي كانوا يلهون بها ..
ثمة " منظار " بيد جثة أحد الأطفال ... مجرد " منظار " .. من تلك المناظير البلاستيكية التي يلهو بها الأطفال في العادة ؟؟؟!!! .
++++++++++++
( الصورة الثالثة )
تكدس العشرات .. المئات .. رجال .. نساء ... أطفال ... شيوخ ... عجائز.. تكدسوا في حجرات المبنى الكبير .. بعد أن قصفت منازلهم بعنجهية من قبل طائرات العدو ... ومدفعيته ... وأسطوله البحري .. فاستشهد منهم من استشهد .. ونجا من نجا .. ولجأ من نجا إلى هذا المبنى الضخم .. وقد اعتقدوا بأنهم في أمان .. أمان مطلق .. لأن العلم يرفرف على البناء ... علم الأمم المتحدة الأزرق المميز ؟؟!! .
فالبناء عبارة عن مدرسة .. مدرسة من مدارس وكالة هيئة الأمم المتحدة .. وهو يتمتع بالحصانة .. الحصانة المطلقة ؟؟!! .. ولا تجرؤ قوات العدو أن تهاجمه على الإطلاق .. أو أن تفكر في قصفه .. أو مجرد الاقتراب منه ؟؟!! .
كل أسرة .. أو أسرتين .. أو أكثر في بعض الأحيان .. اختارت حجرة كبيرة ( غرفة صف ) من حجرات المدرسة الكبيرة .. اتخذته سكناً مؤقتا .. بعد أن تقطعت بهم السبل من أجل الحصول على سكن .. أو أي مسكن يأويهم .
بعض الأطفال يلهون في ساحة المدرسة .. يلعبون .. بعض النسوة يقمن بالطبخ .. بالغسيل .. وبعض الرجال يثرثرون .. ويتجاذبون أطراف الحديث ..
ثمة قصف مزمجر .. عربد في المكان .. أحال المكان إلى جهنم .. إلى جحيم .. القنابل الحارقة .. أصابت العديد من الأطفال ... النساء .. الرجال .. الشيوخ والعجائز .. سقطوا على الأرض مضرجين بدمائهم ... تناثرت الأشلاء لتملأ المكان .
فر الناجون من المكان .. هربوا من المدرسة ... فروا إلى الخارج .. إلى الشوارع .. الأزقة .. يصرخون .. يستغيثون.. يولولون .. يستنجدون ..
وسرعان ما كانت النجدة تأتيهم ... على شكل قنابل من كل لون .. تقذفهم بحمم الموت بكل شكل .. من كل مكان .. من الأرض .. من السماء ... ... من البحر ..
ركض الجميع في كل اتجاه بلا هدف .. وعلى غير هدىً .. يفرون من الموت ... فيلاقيهم .. يهربون من الجحيم .. فيترصدهم .. تتساقط الجثث على الأرض ... تتناثر الأشلاء في كل مكان ...
قذيفة تضرب المبنى من جديد .. تصيب أعلاه .. تسقط الحجارة والأتربة على الفارين من الجحيم .. الهاربين من الموت .. ثمة شيء يسقط تحت أرجلهم ... قطعة قماش زرقاء اللون ...؟؟!! ( علم الأمم المتحدة ) .. شبه محترقة ... تلطخت بالدم .. وسقطت في الوحل والطين .
++++++++++++++++++++++++
( الصورة الرابعة )
القصف المدوي المتوالي أحال المكان إلى جهنم .. إلى جحيم .. قصف من كل نوع ... وبكل الأشكال .. ولم يلبث أن هدأ بعد ساعات وساعات طوال من قذف حممه المجنونة الحمقاء .
المكان ناءٍ بعض الشيء .. يقع في أطراف المدينة .. في منطقة زراعية .. تنفس السكان الصعداء قليلاً .. بعد أن هدأت حدة القصف .. ولكن الأمر لم يدم طويلاً ..
فسرعان ما كانت أصوات الآليات العسكرية تئز بشكل متصل .. وتزمجر بصوت مرعب .. وتصخب بشكل يثير القشعريرة في الأبدان .
طوقت المكان من كل ناحية .. من كل جانب ... ارتفعت مكبرات الصوت لجنود الاحتلال تطالب المتواجدين .. ومن نجا من القصف أن يغادروا المكان فوراً .. أن يسيروا حفاة .. شبه عراة .. وأن يرفعوا أيديهم فوق رؤوسهم .. وأن لا يلتفتوا إلى الوراء .. وأن .. وأن .. رزمة ضخمة من الأوامر .
لم يسع السكان سوى الانصياع للأوامر .. وتنفيذها .. ساروا في طابور طويل .. يضم الرجال والأطفال .. النساء والشيوخ .. بينما كانت الطلقات النارية من الأسلحة الأتوماتيكية الرشاشة للعدو تلاحقهم بقسوة .. وتحثهم على السير .
ما كادوا يسيرون بعض الشيء حتى عاد فحيح الأصوات الكريهة لجنود العدو عبر مكبرات الصوت .. تطلب إليهم التوقف .. فتوقفوا .. طلبت منهم الدخول إلى مكان قريب .. فتكدسوا فيه .. وتوالت الأوامر المتلاحقة ..
ساعات طوال والجميع مكدسين في المكان الضيق .. أحسوا بالجوع .. بالعطش .. بالبرد .. رغم أنهم يعرفون جيداً بأن لا شيء من متطلبات الحياة في متناول اليد .
تلوى الأطفال من الألم لشعورهم بالظمأ .. الظمأ الشديد .. تبرع أحد الشباب بإنقاذ الموقف .. فهو يعرف المكان جيداً .. ويعرف بأن هناك " ماتور مياه " قريب من المكان ... فخرج من المكان .. وتوجه ناحية " ماتور المياه " لكي يعمل على تشغيله ليروي ظمأ الجميع .
ما كاد يصل ناحية " الماتور " ويحاول أن يعمل على تشغيله ... حتى كانت قذيفة مباشرة تسقط عليه فتحيله إلى كتلة لحمية مهلهلة .. خرج من المكان أحد أقارب الشهيد لمحاولة الإنقاذ .. وإحضار جثة الشهيد .. والعمل على تشغيل " الماتور " ليروي ظمأ العطشى ..
ما كاد يحاول أن يفعل .. حتى كانت قذيفة مدوية تلقي به إلى جانب الشهيد الأول .. حاول البعض الوصول إلى مكان الشهيدين ..فانهالت عليهم الطلقات النارية من كل جانب .
تلوى الأطفال .. الرجال .. النساء .. الشيوخ من العطش .. من الظمأ ..
بعد ساعات .. استطاعت سيارة الإسعاف الوصول إلى المكان .. نقلت جثة الشهيدين .. ولم تستطع شيئاً بالنسبة للمحاصرين العطشى .. ولم يجرؤ أحد من المحاصرين على الاقتراب من " الماتور " لتشغيله .
بعد لحظات قليلة .. فتح الجميع أفواه الدهشة ... فلقد بدأ " ماتور المياه " بالعمل .. وانسابت المياه لتروي ظمأ العطشى ..
أقسم البعض بأنهم رأوا شبحين بالملابس البيضاء يقومان بتشغيل " الماتور " ... تمتم رجل فاضل من بين المحاصرين :
-إنها أرواح الشهداء .
++++++++++++++++
( الصورة الخامسة )
وقفت المرأتان في المقبرة ... مقبرة المدينة الواسعة الكبيرة ... الأولى وقفت ساهمة واجمة إلى جانب قبر ... تتمتم ببعض السور القرآنية .. وبعض الأدعية .. تربت على القبر بحنو ورقة .. تسوي بعض الرمال المتهدلة حول القبر وتعيد وضعها من جديد فوقه ..
الثانية ... كانت قلقة .. تبكي بحرقة ... تتحرك هنا وهناك ... تقف بين عدة قبور ... لعلها أربعة .. تتنقل بينها بسرعة غريبة .. تضع على هذا القبر بعض الورود .. وترش على ذاك شيئاً من الماء .. وعلى آخر بعض الأحجار .. وعلى الرابع بعض سعف النخيل ..
لعلها لحظات طويلة تلك التي سبقت رغبتهن بالحديث لبعضهن البعض ... بدأته الأولى بالحديث :
- عليك بالصبر يا أختاه ... وبالدعاء الدائم والترحم ... ولا داعي للقلق والبكاء بهذا الشكل .
توقفت الثانية عن البكاء والحركة لبعض الوقت ... اقتربت من الأولى بعيون متقدة كالجمر :
-أي صبر هذا بعد أن فقدت زوجي وثلاثة من أطفالي ؟؟!!... ألا ترين هذه القبور الأربعة ؟؟.. إنها قبور زوجي وأولادي .. أطفالي .. لقد قصفوا منزلنا بوحشية .. ولست أدري هل من حسن حظي أو من سوء حظي أني لم أكن معهم في المنزل عند القصف ...
-رحمهم الله .. وأدخلهم فسيح جناته .. وألهمك الصبر .. فعليك بالصبر يا عزيزتي ..
-إنك تقولين ذلك .. لأنك لا تشعرين بمدي مصابي .. لا تشعرين بمدى ما أكابده .. فأنت تتماسكين هكذا لأنك لم تفقدي سوى عزيز واحد عليك .. في هذا القبر الوحيد الذي تقفين إلى جواره .
-حقاً أختاه ... حقاً بأنه قبر واحد .. ولكنه يحوي كل ما استطعنا الحصول عليه من أشلاء ... محترقة ... متفحمة ... لخمسة عشر فرداً ... هم أفراد عائلتي بالكامل ؟؟؟!!!
++++++++++++++++++
( الصورة السادسة )
المرأة المسنة تقيم في البيت المتواضع وحيدة .. المنزل في منطقة شبه نائية .. يقع بالقرب من الحدود الوهمية ... ولدها الوحيد اختفى منذ بداية قصف المدينة والمدن الأخرى .. تشوشت أفكارها واضطربت .. شغل بالها فراق ابنها الوحيد وغيابه عنها في مثل هذا الظرف العصيب .. وهي في أمس الحاجة لمن يساعدها في محنتها .. لمن يخفف عنها شيئاً من الخوف والوحدة ... لمن يؤنس وحشتها .. فلجأت إلى الله .. وإلى الصلاة والدعاء .
قذيفة رعناء أصابت المنزل المتواضع فأحدثت به الخراب والدمار .. أصابتها بعض الشظايا في شتى أنحاء جسدها ... انهمرت الدماء من شتى أنحاء الجسد الواهن بغزارة .. صرخت ... استنجدت .. ولكن لم يسمع أحد صراخها ولم يستجيب أحد لندائها ولم يهب أحد لنجدتها .
توجهت إلى الله بكليتها بالدعاء .. وقد أحست بأن منيتها قد أزفت .. وأن النهاية لا محالة قادمة بعد لحظات .. لم تلبث السكينة والهدوء أن عادتا إليها بعد وقت قصير .. فراحت تحاول تضميد جراحها العديدة لمنع تسرب الدماء المنهمرة بغزارة منها ..
عاودت الدعاء .. وطلب النجدة .. وشعرت بأن الله قد استجاب لدعائها .. ويبدو بأن أحداً ما قد هب لمساعدتها ونجدتها .. فزغردت نفسها .. فلقد سمعت صوت جلبة وضوضاء في الخارج ... وأصوات أقدام تقترب منها .
انتصب الشاب أمامها بالزيّ العسكري .. تناهى إلى مسامعها صوته :
-أنا هنا .. أنا هنا لمساعدتك .. لا تخافي .. سأنقذك ... سأفعل المستحيل من أجل إنقاذك .
أحست بنوع من السعادة رغم الجراح العديدة ... نظرت إلى الشاب ... دققت النظر .. شهقت :
-من ؟؟!! .. ولدي !!.. ولدي الوحيد .. الحمد لله أنك حضرت في الوقت المناسب .. ولكن ؟؟!! .. ما هذه الملابس العسكرية التي ترتديها ؟؟!! .. وهل يرتدي رجال المقاومة الزيّ الرسمي في مثل هذه الظروف العصيبة ؟؟!!
أتاها صوته وكأنه يأتي من وراء القبور .. أو من أعماق الجب :
-إنها ليست ملابس رجال المقاومة يا أمي ... إنني .. إنني .. إنني أعمل مع .. مع ..
-أوه .. هكذا الأمر إذن .. لقد فهمت ..
-على كل حال .. سأطلب لك النجدة الآن يا أمي ... لا تنزعجي .. سوف أحضر لك سيارة إسعاف ... بل طائرة خاصة لتنقلك إلى الداخل لعلاجك .. لإنقاذ حياتك ..
-- يا لك من نذل .. خائن .. ساقط .. ليت هذا البطن لم يحملك ... ليت هذا الثدي لم يرضعك ... لست ولدي .. لست ولدي ... أنا لا أعرفك .. مطلقاً ... فقبل لحظات كنت أموت ... أموت لمرة واحدة ... أما الآن .. فأنا أموت ألف مرة ... اذهب عليك اللعنة .. عليك غضبي .. وغضب الله .. والملائكة أجمعين .. في الدنيا وفي الآخرة ..

[/align][/cell][/table1][/align]

سليم عوض علاونة 04 / 04 / 2009 22 : 12 AM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) " المجموعة الرابعة"
 
... ومن تشجيعكم الدائم الدؤوب .. استمد الاستمرار بالعطاء المتواضع لأعمالي الأدبية ..
فأين كلماتي المتواضعة هذه من أعمالكم الأدبية الراقية أستاذتي الفاضلة .. والتي أعتزبها وافخر .. واسعد دائماً بالمرور عليها .. ليس المرور عليها فحسب .. بل قرائتها مرة وأخرى وأخرى .. وأخرى ..
إن ما جاد به قلمي المتواضع من أعمال أدبية ( صور .. باللون الأحمر ) ما هي سوى نبضات صادقة .. مشاعر حقيقة .. انعكاس صادق لواقع مر أليم كابدناه هنا ..
فكل الشخوص والأبطال في هذه الصور .. هم أبطال حقيقيون .. شخوص حقيقية .. ضحت بأرواحها .. بدمائها .. بأنفسها من اجل أن نعيش.. نحيا .. ويحيا الوطن الحبيب .
ككاتب .. ليس لي من فضل - كما قلت سابقاً - ليس لي اي فضل على الإطلاق على هذه الصور الملونة باللون الأحمر .. سوى في الصياغة الأدبية فحسب .. وكل ما أرجوه .. ان أكون قد وفقت - ولو بالنزر اليسير من التوفيق - في إبراز الصورة الحقيقية لواقع عشناه .. وتجربة مريرة .. وكابوس أحمق ..
سعيد جداً بمتابعتك - استاذتي الفاضلة - لهذه الأعمال - المتواضعة أدبياً - العظيمة بشخوصها وابطالها وواقعها .. والتي صورت صورة ملحمة شعب صامد .. أعزل .. مغلوب على أمره .. ولكنه انتصر بكل المقاييس ..بحول الله تعالى .
كل التحية والاحترام والتقدير والوفاء
أخوكم
سليم عوض علاونه

سليم عوض علاونة 04 / 04 / 2009 34 : 12 AM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) المجموعة الثالثة
 
أختي الفاضلة .. أستاذتي الكريمة ... ميساء البشيتي حفظها الله ورعاها
أشكر لكم تكرمكم الدءوب بمتابعة أدبياتي المتواضعة والتعليق الكريم عليها بكلمات أخوية صادقة تثلج صدري .. أفخر بها وأسعد أيما فخر وأيما سعادة ..
بالنسبة لاسمي أستاذتي الكريم فهو : سليم عوض عيشان ( علاونه )
وعلى سبيل الاختصار .. وعلى موقعكم الكريم ..ولأن بعض الأخوة الأفاضل اعترضوا على الاسم الطويل بهذا الشكل .. فلقد اختصرته ليصبح على موقعكم الكريم : سليم عوض علاونه ..
بالنسبة لفكرة سيادتكم حول بعض أعمالي الأدبية والتكرم بنشرها على موقعكم الكريم .. فإن هذا يسعدني جداً ويشرفني .. فإن لدي العديد من الأعمال الأدبية في مجال القصة القصيرة - الرواية - المسرحية .. ويسعدني جداً أن أرسل لموقعكم الكريم ما يروق لسيادتكم نشره .. وهذا مدعاة فخر واعتزاز بالنسبة لي .
أشكر لكم اهتمامكم الزائد .. ومتابعتكم الكريمة .. وشعوركم الأخوي الصادق
كل التحية والاحترام والتقدير لشخصكم الكريم .. ولموقعنا الحبيب ( نور الأدب ) ولجميع القائمن عليه
أخوكم
سليم عوض علاونه

بوران شما 04 / 04 / 2009 58 : 12 AM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة الرابعة ’’
 
الأخ العزيز الأستاذ سليم علاونة

تقديري واحترامي لشخصكم الكريم على صياغة هذه الصور الرائعة وهو الصورة الحقيقية للواقع الذي عاشه شعبنا الفلسطيني الصامد في غزة الصامدة . وهي قصص بطولية رائعة سمعنا بها حقيقة أثناء الحرب الهمجية البشعة على غزة العزة .

شكرا لك مرة أخرى مع فائق المودة .

سليم عوض علاونة 04 / 04 / 2009 31 : 08 AM

رد: ( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة الاولى ’’ الى ’’ المجموعة الخامسة ’’
 
الأستاذة الفاضلة .. الأخت الكريمة / ميساء البشيتي حفظها الله
واشكر لسيادتكم تكرمكم الدائم على المتابعة والاهتمام بأعمالي الأدبية المتواضعة ..
كذلك أثني على روعة كتابتكم الأدبية المميزة وتعليقاتكم الأخوية الصادقة .
وهذه الصور .. الحمراء بلون الدم .. ما هي سوى نتاج طبيعي لواقع مر كابدناه وعشناه على مدار أكثر من شهر من المعاناة .. وما زلنا .
هذه الصور التي عشناها سويةً .. نحن وانتم .. فأنتم ايضاً شاركتمونا المحنة بكل أبعادها وكل وقائعها ..
كل الشكر والتحية والتقدير لقلمكم المبدع .. وفكركم المعطاء .
أخوكم
سليم عوض علاونه

سليم عوض علاونة 05 / 04 / 2009 04 : 12 AM

( صور .. باللون الأحمر ) ’’ المجموعة السادسة ’’
 
[align=center][table1="width:95%;background-color:orange;"][cell="filter:;"][align=center]
(( صور ... باللون الأحمر ))
( المجموعة السادسة )
بقلم / سليم عوض علاونه
غــــزة الصمــــود
++++++++++++++
( الصورة الأولى )
كانت تقاسى آلام المخاض وحيدة .. سوى من أطفالها الصغار من حولها .. والذين لا يستطيعون بأي حال من الأحوال تقديم أي نوع من العون أو المساعدة لها .. المكان ناءٍ .. القصف الوحشي المتوالي يزلزل المنزل .. الأطفال ينكمشون حولها .. العيون جاحظة .. القلوب واجفة .. والأم تقاسي آلام المخاض المبرحة .. تتلوى بصمت .. تكظم الآهات والعبرات .. فلا أحد يستطيع الوصول إليها وإليهم .. فالمكان ناءٍ .. والقصف يحيط بهم من كل الأرجاء .. وكل الأنحاء .
القصف الهمجي يهدأ رويداً رويداً .. سوى من أزيز متواصل لزخات متلاحقة من الأسلحة الرشاشة .. لغط غريب يقترب تدريجياً .. أصوات أقدام تدق الأرض بعنجهية .. تقترب منهم .. الطلقات الرشاشة تطغى على المكان .. يفزع الأطفال الجزعين .. ينكمشون أكثر .. يحاولون الاحتماء بالأم التي تقاسى آلام المخاض ..
ثلة من جنود العدو تقتحم المكان عنوة .. بصخب وحشي .. بدفعات متوالية من رشاشاتهم القاتلة .. تقع أبصارهم على الأم وأطفالها .. يتوقفون عن إطلاق الرصاص بعد تلقيهم إشارة من يد الضابط ..
يسألها الضابط بعنجهية وبلكنة غريبة عن الأطفال .. تخبره وهي ترتجف بأنهم أطفالها .. يبتسم ابتسامة شيطانية .. يدفع الأطفال بقوة وعنجهية بعيداً عن الأم ... يبدأ بإطلاق الرصاص عليهم .. يبدأ بالكبير .. يطلق عليه رصاصة .. تصاحب تماماً ( طلقة ) المخاض عند المرأة .. طلقة ثانية على الطفل الثاني .. ( طلقة ) ثانية من صراع الأم مع المخاض .. طلقة ثالثة .. رابعة .. خامسة .. يقع الأطفال على الأرض مضرجين بدمائهم .. يصرخ الطفل الوليد صرخة الحياة وهو يرى النور .. يتنبه الجنود للأمر ؟؟ فثمة طفل جديد .. طفل وليد .. يأخذون بالتحرك نحو الأم وطفلها الوليد .. تحمل المولود بين يديها .. ما زال يقطر دماً .. ما زالت الأم تنزف دماً .. ما زال الأطفال ينزفون الدماء بغزارة ..
تتراجع الأم إلى الخلف .. يلاحقونها .. تتراجع .. يلاحقونها .. تصطدم بإناء بلاستيكي ضخم .. يطلق نحوها أحد الجنود برصاصة ... ينقلب الإناء على الأرض .. يسيل منه البترول الذي كانت تحتفظ به الأسرة لوقت الشدة .. يشتعل البترول .. يشتعل المكان .. أصوات الإنفجارات تتوالى .. وأصوات الجنود تتعالى ..
مصادر العدو أعلنت بعد ساعات بأن خمسة جنود قد قتلوا بنيران صديقة ؟؟!!
الأم .. ما زالت ترقد في السرير الأبيض في مستشفى المدينة .. وهي تعاني من حروق شديدة في شتى أنحاء جسدها .. بينما رائحة البترول ما زالت تعبق من شتى أنحاء جسدها لتنتشر بالمكان .. وهي ما زالت تحتضن بقوة .. جسد طفل وليد .. محترق .. متفحم .
++++++++++++++++++
( الصورة الثانية )
اتصلت القيادة بالطراد العسكري الذي كان يجوب الشاطئ جيئة وذهاباً .. القيادة أخبرت قائد الطراد بأن أجهزة الرصد لديها .. وصور الأقمار الصناعية .. وطائرات الاستطلاع والتجسس قد رصدت قارباً مشبوهاً على شاطئ البحر ؟؟ .. ويحتمل أن يكون به بعض رجال المقاومة .. بل من المؤكد ذلك .. وعليه أن يقصفه فوراً ..
اقترب قائد الطراد من المكان .. من الشاطئ .. حيث أشارت القيادة بوجود القارب .. لم يجد شيئاً .. اقترب أكثر .. فأكثر .. بحث في كل الأماكن على الشاطئ .. أخيراً .. اكتشف وجود قارب بالفعل .. اتصل بالقيادة يعلمهم بالأمر.. أخبرهم بأن القارب الذي تم رصده .. ما هو سوى قارب صغير جداً من ورق .. مجرد لعبة يلهو بها طفل صغير على الشاطئ .. جاءه الرد سريعاً من القيادة : " اضرب القارب قذيفة .. واضرب الطفل عشر قذائف " ؟؟!! .
+++++++++++++++++
( الصورة الثالثة )
غادر الجميع المنزل .. فالمنطقة أصبحت معرضة للقصف بشكل مكثف .. لم يبق فيه سواها .. تركوها مكرهين .. فهي لا تستطيع الفرار .. أو الهروب من المكان .. ولا حتى السير على الأقدام .. فهي امرأة مسنة .. مريضة .. مقعدة .. مشلولة .. بدينة بشكل غريب .
أحد جنود العدو اقتحم المكان مزمجراً معربداً ... اصطدم بصره بالمرأة البدينة المقعدة .. اقترب منها هادراً صاخباً يسألها عن سبب وجودها في المكان وعن سكان البيت .. أصابتها الرجفة .. الاضطراب .. الارتعاش .. بصوت متحشرج أجابته بأنهم خرجوا جميعاً .. هربوا من المكان .. زمجر معربداً يسألها لماذا لم تلحق بهم .. لماذا لم تذهب معهم ؟؟ .. أخبرته بأنها مريضة ... مقعدة ... مشلولة ..
ابتسم ابتسامة شيطانية عريضة .. اقترب منها مطمئناً.. أخبرها بأنه إنسان ..إنسان ..وله أم ..عجوز مثلها .. وأعلمها بأنه سيعالجها الآن ؟؟!!.. سيعطيها الدواء الشافي فوراً .. وكاشفها الأمر بأن علاجها يحتاج لدواء كثير .. وهو لا يحمل مثل كل ذلك العلاج .. استدعى بقية رفاقه من جنود العدو .. همس في أذنهم بكلمات .. ابتسم الجميع ابتسامات صفراء شيطانية .. واشترك الجميع في تقديم الدواء لها .
عند حضور سيارة الإسعاف للمكان فيما بعد .. عاين الطبيب المرافق الأمر .. وأكد وجود أكثر من مائتي ثقب .. في جسد المرأة المسنة المشلولة .
++++++++++++++
( الصورة الرابعة )
قائد طائرة " الهليوكبتر " العسكرية اتصل بالقيادة .. أعملهم بأن طفلاً صغيراً قذف بحجر نحو الطائرة !! .. طلب من القيادة إعلامه عن التعليمات التي يتوجب عليه القيام بها .. كان الرد من القيادة سريعاً ..بل سريعاً جداً .. " عليك بإطلاق رصاصات المدفع الرشاش على الطفل وقتله فوراً " ؟؟ ..
قائد الطائرة يعاود الاتصال بالقيادة .. يعلمهم بأن الطفل الذي شكل الخطر على الطائرة بقذف الحجر نحوها .. قد فر ناحية مجموعة من الأطفال يلهون في أحد الأزقة واندس بينهم .. طلب من القيادة التعليمات الجديدة الواجب عليه القيام بها ... جاءه الرد سريعاً .. إياك أن تفعل شيئاً .. لا تطلق النار من مدفعك الرشاش على الطفل .. عليك بالانسحاب من المكان فوراً .
بعد ثوانٍ قليلة .. كانت طائرة مقاتلة من طراز أف 16 تطلق على الأطفال قنبلة فسفورية من ذوات الوزن الثقيل ؟؟ .
++++++++++++++
( الصورة الخامسة )
أعطي الإشارة المتفق عليها للطائرة لقصف المنزل الثالث من ناحية الشمال من مفترق الطرق .. في الحيّ الكبير .. قذفت الطائرة بحممها على المكان الذي أشار إليه ..
أخذ يعدو ناحية المكان ليرى نتيجة القصف المدمر .. وصل المكان ...وقف مشدوها ... أصابته الدهشة .. صعق .. تمتم وكأنه يهمس لنفسه :
" لقد قلت لهم أن يقصفوا المنزل الثالث من ناحية الشمال ... وليس من ناحية اليمين ... يبدو أن الطيار قد أخطأ تحديد الاتجاهات .. ولكنه بخطئه هذا قصف منزلي بدل أن يقصف منزل رجل المقاومة الذي وشيت به ؟؟ .. "
لم يلبث همسه أن ارتفع شيئاً فشيئاً .. أخذ يركض في كل اتجاه كالمجنون .. وهو يصرخ ويكرر العبارة .. إلى أن وصلت إلى مسامع الجميع .
تجمع القوم من حوله .. بعد أن سمعوا ما تفوه به من أمر خطير .. فتأكد لهم الأمر بشكل جدي وواضح ..بعد أن كان مجرد شك سابق بالشاب .. تحلقوا حوله .. من كل ناحية .. قرروا أن يفتكوا به .. جزاءً وفاقاً لما اقترف من إثم ومن آثام سابقة .
ما إن هموا بالهجوم عليه وهم يهدرون .. حتى كان صوتاً هادراً مزمجراً يطغى على كل الأصوات .. قصف مدوٍ صاخب .. أحال المكان إلى جحيم ..
أحضروا النعوش التي تحوي الجثث المحترقة إلى المسجد للصلاة عليها قبل دفنها .. عندما وصل النعش الذي يحوي جثة الشاب .. هتف الإمام صاخباً :
- أخرجوه من هنا .. أخرجوه بسرعة ... فمثل هذا الكلب لا يصلى عليه في المساجد .. ولا يدفن في مقابر المسلمين .
++++++++++++++
( الصورة السادسة )
اجتاز الحدود برفقة مجموعة من أصدقائه الجنود.. تمنطق بسلاحه الشخصي .. تمترس بالدبابة الضخمة.. أحكم الخوذة على رأسه .. ارتدى الدرع الواقي من الرصاص .. ورغم ذلك كله كان يرتجف ويرتعش ..
أطلق قائد الدبابة القذيفة الأولى نحو منازل سكان الحيّ الآمنين .. القذيفة الثانية نحو السكان أنفسهم .. الثالثة نحو مسجد الحيّ .. الرابعة نحو المدرسة .. الخامسة نحو مزرعة الدواجن .. السادسة نحو أشجار الزيتون .. السابعة كانت صاخبة أكثر من كل سابقاتها .. مدوية كالرعد المجلجل .. زلزلت المكان .. .. طوحت بالدبابة في الهواء .. تناثرت جثث الجنود من حولها ..
نظر ناحية جثث وأشلاء أصدقائه من الجنود .. لاحظ أن الدماء تنساب من وجهه وجسده بغزارة .. ارتجف .. اضطرب .. جزع .. سارع إلى الهاتف النقال .. مر بأصابعه المرتجفة على الأرقام .. هتف بصوت متحشرج واهٍ من بين الدموع والدماء ..
-ماما ... أرجوكي ... أدركيني بسرعة .. فأنا بحاجة وبشكل سريع .. إلى قطعة "بامبرز " ؟؟!!! .
[/align][/cell][/table1][/align]

بوران شما 05 / 04 / 2009 58 : 12 AM

رد: ( صور .. باللون احمر ) " المجموعة السادسة "
 
الأستاذ سليم عوض علاونة

إنها المجموعة السادسة من الصور باللون الأحمر , تدمي القلب والنفس ,
ورغم كل هذه الصورالمؤلمة , بقيت غزة العزة صامدة أبية .
شكرا لك أستاذ سليم وسلمت يداك


الساعة الآن 54 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية