منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   جمهورية الأدباء العرب (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=374)
-   -   خريف الأحزان (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=12948)

ندى الريف 30 / 06 / 2010 56 : 12 AM

رد: خريف الأحزان
 
أختي بتول أهلا و سهلا بك في جمهوريتي، و شكرا على مرورك اللطيف

ندى الريف 30 / 06 / 2010 00 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
الغالية ناهد، أسعى جاهدة لتحويل هذا الخريف المحزن إلى ربيع مشرق بهي.

كوني دائما بقربي.

محبتي ..

ندى الريف 04 / 07 / 2010 51 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
صارت الأيام و الليالي رتيبة تتخللها أحداث عابرة لا تذكر، و الشجرة الجدة تظللنا بأوراقها الوارفة، و الحمامة البيضاء تحضن في ود صغارها.. و أنا جالسة مكاني هناك قرب النافذة، أرقب كل ما حولي في فتور و ملل.. و أتذكر حين كنا أنا و صويحباتي نرتع و نلعب هنا و هناك..
كم ضمتنا جدتي الشجرة بغصونها المفعمة بالحنان.. و كم لطخنا أنفسنا بتراب الحديقة المزهرة صيفا و شتاء.. و كم جلسنا نتسامر تحت ضوء القمر و تحكي كل منا حكاياتها و قصصها و في مرات كثيرة مغامراتها الجنونية الصبيانية..
أواه كم بعدت تلك الأيام و كم كانت قليلة..
تفرق الجمع و تشتت السرب، سار كل طائر إلى مصيره، و صارت كل وردة إلى بستان.. آخر الورود صديقتي الحميمة، اجتثت قريبا لتزرع في مكان غريب و بعيد عنها و عني.. كان مثيرها أن تسافر إلى الخارج حيث لا قريب و لا حبيب، لا أنيس و لا جليس.. لكن عزاؤها الوحيد و سلواها أن تكمل دراستها الجامعية و تعود بأعلى الشهادات.. حلمها الذي ربى معها أن تصير طبيبة، هكذا أنشأها والدها الذي كان يحب المهنة..
عندما سمعت الخبر أحسست كأن قلبي نزع من بين ضلوعي أو كأن نصفي قد تخلى عني، أو كأن دمي انساب قطرات من بين أناملي، أو ربما كأن أيامي و ليالي ستغدو عما قريب بلا لون و لا طعم..
يا ألمي الذي يزداد ألما و هي تخبرني أن الليلة موعد رحيلها.. تحاكيني و الأسى يعصرني، و يعصف الحزن بأرجاء كياني تذهب بي الذكريات و تأتي بي ،حتى ما اعرف أمسي من غدي.. أرمقها بعيني التي فاضت دمعا منسكبا شلالات على خدودي.. أسائلها لم الرحيل يا رفيقتي.. يا نصفي ؟ فتبادرني عبراتها ألا حيلة لي في الرحيل، قد كان رغما عني و اتخذته سبيلا للوصول، فكوني سندا لي و لا تجعلي الأسى يكون آخر ما رأيتك عليه قبل رحيلي.. فأصمت و صمتي كان كلامي.. غضبي .. و ثورتي .. و أغضي طرفي لأني أفارقها و لا سبيل لي لأعلن رفضي..
في المساء صحبتها إلى المطار.. كان الجو قاسيا ينبئ عن بداية سقوط المطر، و السماء تحلت بحلة رمادية و الرعد يدوي بين الفينة و الأخرى تتخلله بروق في وميضها الإعلان عن بداية موسم الشتاء، و في ثورانها مشاركة صريحة لحوني على هذا الفراق المرير..
صمت مميت خيم داخل السيارة التي تقلنا.. وصلنا بسرعة حتى اني ما أحسست بطول الطريق.. حينها ما كنا نحس بغير الألم و الأسى الذي كان يتقاذفنا نحن الاثنتين كما تفعل هذه الرياح المحملة بجو الشتاء بكل ما تصادفه في طريقها..
لم يتبق من الوقت غير اليسير، و بدأ العد العكسي للفراق.. هنا بدت الدقائق كأنها ساعات تمشي ببطء و تتوقف عند كل نظرة منها أو مني..
أخذتها بين أذرعي، ضممتها بشدة كما فعلت هي معي.. و سجنت عبراتي داخل مقلتي، ثم رسمت ابتسامة بدت شاحبة على وجهي معلنة عن فراق يطول أو ربما لا يطول..
رحلت هي و عدت أنا إلى مكاني قرب نافذتي، أجوب بنظراتي عنان السماء، و اتفكر في خلق الله سبحانه و تصاريف القدر.. رباه ، حزن آخر انضاف إلى قائمة أحزاني.. و هذا القمر يطل علي من علياء السماء، مضيئا كعادته.. و الشجرة الجدة ترقبني بحنو و دفء.. أما الحمامة فهي غارقة في نوم هادئ و هي تلقي بجناحيها على صغارها...

رشيد الميموني 06 / 07 / 2010 24 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
رحلت هي و عدت أنا إلى مكاني قرب نافذتي، أجوب بنظراتي عنان السماء، و اتفكر في خلق الله سبحانه و تصاريف القدر.. رباه ، حزن آخر انضاف إلى قائمة أحزاني.. و هذا القمر يطل علي من علياء السماء، مضيئا كعادته.. و الشجرة الجدة ترقبني بحنو و دفء.. أما الحمامة فهي غارقة في نوم هادئ و هي تلقي بجناحيها على صغارها...

أختي ندى ..
نهاية ولا أروع منها لهذا الجزء من بوحك الحزين الجميل ..
مزيج من الشعور بالإيمان و السكينة و الطمأنينة ، تنضاف إلها تلك اللمسة الرومانسية المتمثلة النظر إلى السماء و القمر إضافة إلى الشجرة الجدة و الحمامة ..
في انتظار مواصلتك لهذا البوح ندى .. اسمحي لي بالبقاء هنا هنيهة لأستمتع بهذا الجو الهادئ البهي .
لك مني كل مودتي .

ندى الريف 06 / 07 / 2010 05 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
أستاذي الغالي رشيد ، لك أن تبقى ما طاب لك هنا بجمهوريتي مشكورا على إطلالتك البهية و اهتمامك المتواصل..
دمت بكل الخير

رشيد الميموني 06 / 07 / 2010 35 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
شكرا لك ندى من أعماق القلب .

ندى الريف 07 / 07 / 2010 11 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 
اتخذت مكاني المعتاد قرب نافذتي.. يمتد الظلام أمامي و من حولي ليحتضن الكون بهدوء و سكينة.. القمر يطل من عليائه منيرا.. قد رسم على الأرض لوحة فنية رائعة.. برزت فيها الشجرة الجدة بأوراقها الوارفة و غصونها المتمايلة الراقصة على لحن سمفونية بديعة عزفها نسيم الليل البهي.. و ذاك العش الدافئ الذي يضم صغارا مع أمهم التي تحيطهم حبا و حنانا و رعاية...

في ثنايا هذا الهدوء الذي يملأ القلب سكينة، تناهت إلى مسمعي صرخات من بعيد.. انتفضت واقفة لأتبين الأمر.. كان مصدر الصوت من بيت أم خليل.. تلك المرأة المسكينة التي لم ترزق غير ولد كال لها من العذاب و الشقاء ما الله تعالى وحده يعلم به..

أخذت الأنوار تضيء الواحد تلو الآخر.. تحركات و تساؤلات.. همسات و غمزات.. اتجه كل من في الحي إلى بيت المرأة الطيبة.. ما الخطب يا أم خليل.. المسكينة كانت ملقاة على الأرض.. سارعنا إلى حملها.. و بعد مضي وقت ليس بالقليل.. أفاقت ، فبادرناها بالسؤال.. لم تكن تتكلم بغير دموع فاضت من عينيها تسابق الزمن و تتوق إلى شيء لم نتبينه.. أخذناها إلى المشفى.. ما من طبيب عرف داءها و لا دواءها.. بقيت على هذه الحال أياما و ليالي تتناوب نساء الحي في رعايتها لكونها وحيدة بعد أن سجن ابنها الوحيد الذي كان سبب تعاستها..
تقصى رجال الحي الأمر فعرفوا أنها صدمت من هول خبر وفاة ابنها خليل.. أتاها أحد زملائه بالسجن فأخبرها الخبر تلك الليلة.. و تركها ترتطمها أهوال الحدث و انصرف..

كانت أم خليل تعاني من المر أشكالا و ألوانا، منذ وفاة زوجها صارت تشتغل بالبيوت بحثا عن لقمة طيبة حلال لها و لابنها.. ثم تلك الدريهمات القليلة التي كانت ثمن كرائها لنصف منزلها..

كبر ذاك الإبن و كبرت معه مشاكله.. صار يطلب القليل و الكثير و لا يبالي.. اتخذ من أمه المسكينة بنكا يصرف منه وقتما شاء.. و هي تخلت عن كل شيء في سبيل إرضاء ابنها..

تمر الدهور.. و الحزن يشتعل في قلبها.. تتقاذفها أمواج الزمن الغابر.. تمني النفس برجوعه إلى رشده.. لكنها في كل مرة ترجع خائبة حتى ضاقت به ذرعا.. و أصبح السبيل الأوحد لإطفاء حريق الأسى الذي أشعله في كيانها هو الدعاء عليه بالموت كي ترتاح منه أبدا...

أخيرا جاء انتقام الإله.. انتقام عادل لهذه الأم المظلومة.. جُرّ في ليلة إلى السجن، حيث قبع فيه ما شاء له أن يقبع.. بسبب جرم ارتكبه في حق غيره صغير، لكنه كان جزاء جرم ارتكبه في حق أمه عظيم..
حملتها فطرة الأم و حنانها حين سمعت الخبر.. فهرعت تجر أذيالها خلفه.. تواسيه و تخفف من شدة ما ألم به.. لكنه كان يصدها في كل مرة.. بل وصل به العقوق أن يشتمها و يأمرها بعدم المجيء ثانية لأنه لا يريد رؤيتها.

صارت هي الأخرى حبيسة و ساوسها و خوفها و حزنها على مصير فلذة كبدها.. فتوقفت مرغمة عن زيارته..
توالت أيام و ليال على هذه الحال.. و بدأت الغشاوة تنجلي عن بصيرة و بصر ذاك الإبن الضال.. عثر أخيرا على مرسى الحق و العدل و الصواب.. و أخذت مشاعر الندم و الحسرة تتسلل إلى نفسه المريضة التي غطاها الصدأ.. و أخذ يخيط من الأمل أثوابا يمزقها صمت المكان.. و يلهو بها وحش الظلام الكاسر..
الساعة تمر كاليوم.. و اليوم كالشهر.. و الشهر كالسنة.. و السنة كأنها دهر أبدي لا حد له..
جر أيامه و لياليه جرا.. حتى جاء موعد الفرج.. ما عاد يتمنى غير إرضاء أمه.. و تعويضها كل سني الشقاء التي كان سببا فيها.. لكنه و في يوم خروجه.. و في اليوم الذي كان يبغي تحقيق أمنيته.. ترصد له الموت، لأنه كان على موعد معه.. صادفته شاحنة في الطريق جعلته أشلاء تقاذفت على جنبات الطريق..

يا أم خليل استجاب الله دعاءك أخيرا.. و أمنت شر خليل.. فهل ستأمنين شر نفسك التي ستظل تلومك و تتقاذفك حسرة و ندامة..

على شرفة الأحزان.. ظلت خيوط الحكاية متشابكة في ذهني.. و ظل الحزن يحوم في كل لحظة حول الحي.. يحتضن القمر بقسوة.. فتطير الآلام كأسراب العصافير تخط صدر السماء.. يرتفع الانين.. يتكسر عند بيت أم خليل.. و يبحث الفرح عن ملجأ في أحزاني.. فتقذفه أمواج الأسى إلى البعيد .. البعيد..

يتيه بصري في علياء السماء.. فلا أرى غير بدر منير.. يربت على أكتاف الحزانى.. و إلى جانبي في الحديقة، انتصبت شامخة الشجرة الجدة.. و على أغصانها الدافئة غفت أو نامت حمامة و صغار لها .. في هدوء و سكينة..

رشيد الميموني 08 / 07 / 2010 44 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
لازلت متابعا رحلة أحزانك يا ندى .. ومازلت معجبا بهذا النفس السردي النابع من أعماق القلب ..
في انتظار أن يستأنف قطار إبداعك مسيرته .. تقبلي مودتي ..


الساعة الآن 33 : 03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية