![]() |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
يبدو لي في هذا العش قصة ارتعش لها قلبك وأعاد لك ماضيك، حتى بدت الحيرة تلازمك مع حليمة وعندما التقيت بغادتك أمطرت عليك السماء بماء عذب في ليلة مضيئة
حينها خلوت بطيفها ، فقصدت الشيخ لتلقى الرد إلى متى ستبقى هكذا؟ ....فيتلقى الرد.... إلى أن يشاء الله فهي حكمته وقدره سيجعل الله مخرجا إلى الحياة والجنة أنت تبدع بريشتك كي تبدع قارئك ، سطورك تتىارقص لتصل إلى حبيبتك وتنجذب نحوها وتتمنى أن ترجع إليها مرارا وتكرارا وحليمة ملاذك وسكنك وكم منا أخذ يفتش عن ماضيه بذكريات شتى وذكرياتك تختلط بألوانها "فرح وألم وقهر وأمل رجاء وتمني" أنت قطعة منها فأنت تسكن في قلبها منذ أن تعاقب الليل والنهار وتتسائل إلى متى سيبقى الوضع هكذا حليمة كانت فرحتي ولم يعد لها أثر ! ولكني أشم رائحة أثر باق في قلبك عذوبة غادتك ووقار حليمة وواقع الشيخ وصديقك وسعادة تبثها لإسعاد غادتك بأطلال ترسمها في أعماقك وتترعرع بين أخضانها كم أنت هائم بها وهي بعودها تروي ظمأك وأنت تزرع الكلمات في نفسها وترقرق فوق راحتيها أهاتك سأترك لك تفسيري أو تعليقي لعشك فأنا عشت بينه لأخرجك إلى عش أخر يمطر علينا بمعاني أكثر تدفقا أعلم بأني أخط هنا أسطرا لم أعش واقعها الأليم ولكني ألمسه بين حروفك وفي كل سطر تعايشت معه وكأني أتأرجح وأداعب حروفه لتبتسم لي وأستلقي أمامها بأهات كنت برفقتها تحتاج فيها لضمة تنسيك ما تعاني من شقاء السنين وعند ذكر اسمها ينبض قلبك وتترطب شفتاك شوقا لها وتردد أهاتك وتقول اشتقت إليك واشتقت إلى كل شيء من حولك أرح بالها بين عشك الدافئ وابن لها قصرا من الحنين والإشتياق في قلبك الذي ينبض لها قلبك والمح نور عيناها واجعلها صورة جميلة ترتسم في كل جزء منك لها حينها ستكون لك روح وجسد تسقيك منه مذاق الهواء الحلو النقي الذي تذوب له حروف وجدانك أسقي غادتك بأهات مغروسة في أعماقك خولة |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
أختي الكريمة خولة .. تحية من أعماق القلب .. ربما كان لتعليقك مذاق خاص و ملحمة العش الدافئ تعرف آخر مراحلها .. إذ لم يبق إلا الجزء الأخير كي أضع نهاية لها .. والختام غالبا ما يكون مسكا .. وها أنت تضعين عبيرا بين السطور وألقا بين الحروف لتحتفظ بتوهجها و تألقها رغم النهاية .. كم أسعد لهذا الثناء وهذا التجاوب مع حروفي المتواضعة .. وكم أبتهج لأن هناك من يتفاعل مع ما أحكيه .. شكرا خولة من أعماق القلب .. وتقبلي كل تعابير الود و الامتنان . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اسلوب اثيري في التعبير عن مراحل القصه...
في بعض المقاطع..اوغلت في وصف ادق التفاصيل التي تشدق القارئ الى اصغر جزيئاتها من النملة التي صعدت على مرتفع صغير الى همس الجداول وهدير العاصفه وجدران الكوخ وحكاية البحر والعجوز الحكيم الذي شحذ همتك عندما قررت الرحيل عن غادتك..وخيرتها بين الرجوع معك او البقاء...على الرغم من ان غادتك كانت اقرب اليك من وهج الشمعه...ولم تجد هي من يشاطرها همومها..بينما اشتكيت انت للعجوز.. ولقد لاحظت ايضا ان القصة تتخللها نقلة نوعيه في سرد الاحداث بشكل غير متعاقب احدثت فجوات مشوقة.. منذ ان كنت تتغنى بمواجع اشتياقك للحب الاثيري الذي لم تذكر اسمه../غادتك/..والانتقال فجأة الى الحب الجديد الملموس حسا وجسد واسما...والمتمثل بـ حليمة..بعد الوداع الاسطوري لغادتك عند الجدول وتقبيلك لباقه الزهور التي اهديتها لها...وجسدت شخصيه حليمه البدويه بكل براعه...من حيث الوصف المقارب لملامح الغاده..احببت نمط شخصية الراعي..الذي لعب كــ حلقة وصل.. لربط الاحداث الموصله.. الى الكهف حيث التصقت بك حليمه.. اثناء العاصفه لتفجر تحولا عاطفيه الى الواقع...مع وجود الحبكه .. الا وهي الوفاء لذكرى الراعي..الذي ترك سبع اخوه صغار...الى ان قررت الرجوع للعش بعد طول غياب..لتجده..شجرة جرداء ينعق فوقها بوم وغراب..ولم تجد العصافير... هذه قراءه اوليه لما خطه قلمك لقد قرأت القصه لاول مره قبل يومين...ولم استطع الا ان اكمل قراءتها..بشكل متتابع انها رائعه بكل معنى الكلمه...ولاحظت ان اسلوبك هنا في الكتابه مختلف عن الاسلوب الذي كنت اقراه لرشيد من ناحيه النوعيه الحسيه للاشياء تحياتي/دينا |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
العزيزة دينا .. لا أخفيك سرا أنني عندما لمحت اسمك في عشي الدافئ كنت أفكر فقط في كلمات تعودت أن أتلقاها منك بشغف لما تحمله من تشجيع و تحفيز .. لكنني وجدت نفسي أمام تحليل ونقد لا يسعني إلا أن أسعد بهما و أحتفظ بهما في أرشيف قصصي كذكرى جميلة تلقيتها من أديبة و شاعرة متميزة في مستواك .. صدقيني أختي العزيزة .. لقد أضفى تحليلك هذا وهجا و أعطى لعشي وحكايته عنفوانا و ألقا جعلني أعود لقراءتها من جديد ..وكأنني أقرأ بعض التفاصيل لأول مرة .. فجاء استمتاعي مضاعفا .. سأكون سعيدا أن أجدك دوما بالجوار لأستمتع ببصمتك هنا .. قد لا تفيك كلمات الشكر حقك .. لكني آمل أن تصلك صداها من أعماق القلب . تحيتي و تقديري لشخصك الكريم . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
النهاية ؟ [align=justify]كم يكون مر من الوقت و نحن صامتان ننظر إلى جهة الغرب حيث بدأت الشمس تغوص بين جبلين اكتسيا لونا قاتما .. - هل نذهب ؟ التفتت إلي برهة ثم مدت يدا إلي لأساعدها على النهوض . وقفلنا راجعين تاركين من ورائنا صخبا رغم تناقصه و غبارا و عرجنا على أول مدخل للغابة و الصخب يتلاشى حتى لم أعد أسمع إلا وقع خطواتنا على الأرض اليابسة تارة و المعشوشبة تارة أخرى .. كنا نطأ أوراق شجر جافة فتحدث صوتا ممتعا وسط صمت الغابة . وما زلنا نسير دون أن ينبس أحدنا ببنت شفة ، لكني كنت أحس أن حوارا بدأ بيننا منذ أن بدأنا المسير. كنا نتحدث في صمت ويعاتب كل واحد منا الآخر ونضحك و نبتسم بل ونبكي للحظات قبل أن نقهقه ونعود لجو المرح فنترنم بأجمل الأغاني .. كل ذلك و نظرنا لا يحيد عن الأفق حيث المنعرج الأخير الذي يفضي انحداره إلى العش وكأننا نسابق الزمن كي نصل إلى هناك . غير أني كنت أسهو لحظة و يشرد ذهني متسائلا عن أشياء استعصت على فهمي . كنت أخشى و نحن منسجمان فكرا و روحا، أن تطلع على أفكاري فيعكر ذلك صفو هذا اللقاء ويقضي على متعة النفس و صفائها . وعلى مشارف العش وقفنا . كان هناك . وحيدا يحيط به الخراب و الجمود ويعلو سحنته أسى واضح رغم أن بعض الأشجار التي كانت تفرق بيننا وتطل عليه من الربوة التي كنا واقفين عليها أضفت عليه شيئا من الأناقة .. لكن ، مع هذا الأسى وهذا الجمود ، شعرت به وكأنه يهتز لمقدمنا .. أي و الله .. فتراءى لي كل شيء من حوله يستعيد رونقه و بهاءه .. حتى الشجرة الكبيرة التي يبس جذعها و تداعت أغصانها أحسست بالدماء تجري من جديد في عودها وتستعيد نضارتها .. أسراب من العصافير حطت بالقرب منا وهي تؤوب إلى أعشاشها .. ولأول مرة تناهى إلي صوت الجدول وكأنه ينبهني لوجوده .. أصوات و حركة بدأت تدب في أوصال العش و عبير بدأ يملأ الجو مضفيا على المساء حلة قشيبة من البهاء . جلسنا ننظر مليا إلى أسفل المنحدر وكأننا نتابع حركة أناس يغدون و يروحون . نظرت إليها فجأة فوجدتها تتأملني دامعة .. يا إلهي كم هي فاتنة .. وكم هما عيناها النجلاوان صافيتان كماء المنبع . أعادت بحركة من رأسها جدائل شعرها المنساب على خدها فانتفض مني الجسد كله . لم أشعر إلا و أنا أنهض و آخذ بيدها وننحدر نحو العش .. كانت وهي تجري بجانبي تضحك و تصرخ من الخوف في آن واحد .. لكني كنت تحت تأثير قوة لا قبل لي بها .. ولا أستطع كبح جماح نفسي ، فتابعت العدو ولم أتوقف إلا عند الدوحة . ثم تابعت الجري نحو المنبع لأجلس و إياها على صخرة ونحن نلهث ضاحكين .. - كدت أسقط . هل جننت ؟ - ربما .. ولكنها ليست المرة الأولى . - يعني أنني بصحبة مجنون ؟ قلت ضاحكا : - وهل اكتشفت ذلك الآن فقط ؟ - لا .. ولكني لم أكن أظن جنونك بهذه الخطورة . - اطمئني .. هذه نوبة من الجنون لا تصيبني إلا مرة كل سنة . ضحكت فتمايلت الأغصان من حولي وقالت : - المهم أن أعرف ميقات جنونك كي .. - تختفين مرة أخرى ؟ سكتت قليلا ثم نظرت أمامها .. هل أثرت شجونها من جديد ؟ هكذا أنا دائما .. ألا يمكنني أن أكون حذرا في كلامي ولو مرة واحدة ؟ لكنها التفتت إلي و هي تنقر بقضيب صغير على الصخرة بينما رجلاها الحافيتان تداعبان ماء المنبع فيتطاير الرذاذ ، وقالت : - هل كنت تعتقد أن الهروب يستهويني ؟ - لا ولكن لا أخفيك أن الظنون غالبا ما كانت تنتابني . آه يا ربي .. كم تألمت . - أنا أيضا تألمت .. - لكن لماذا ؟ - ربما لا أستطيع الجواب الآن . لكني تأكد أنني لم أكن أتعمد ذلك .. وكنت أنوي الاستمرار لكني لمحت حيرتك و جريك وراء السراب .. فخفت أن تضيع ورأيت أن أضع حدا لتيهك . - على فكرة .. كيف عرفت ذلك و نحن في البطحاء ؟ - هذا موضوع طويل ستفهمه مع مرور الأيام .. لكن ثق أنك لم تفعل شيئا يسيء إلى أحد .. كنت واقعا تحت تأثير لهجتها وكأن سحرا يقيد كياني .. لكني استطعت بعد جهد جهيد أن أسأل : - وحليمة .. انتبهت بعد فوات الأوان إلى أنني غامرت بطرح السؤال الذي قد يسبب لغادتي جرحا لن يندمل بسرعة . لكن شيئا لم يبد عليها فأعادت خصلة شعرها إلى الوراء قائلة : - هل كنت تحبها ؟ فاجأني السؤال فتلعثمت و لم أرد ، فاستطردت قائلة : - لو كنت أعلم أنها كذلك لما ظهرت أبدا .. ولو كنت أعرف أن حبك لها حقيقي لباركت ذلك لأني لا أريد إلا سعادتك .. - هل التقيت بها ؟ - نعم .. ورأيت كيف كانت ترى فيك وجه المرحوم وروحه و طيبته .. - كانت ستعيش على ذكراه بوجودي .. - أجل .. عاد الصمت من جديد و خشيت أن أطرح السؤال الأخير .. الآن لم أعد أميز وجهها بسبب هبوط الظلام ولم أدر أيا من التعابير يعلو سحنتها . في تلك اللحظة تعالى نقيق الضفادع و أصوات الصراصير .. بينما ند صوت البوم بالقرب منا .. يبدو أن أسرة العش قد عادت اليوم بكاملها .. يا لسعادتي . أما عند قدمينا فقد انسابت مياه المنبع في سكون لذيذ .. كنت أعرف أن سؤالي الأخير سوف يلح علي و يقض مضجعي فتنهدت بعمق و أمسكت بذراعها متشجعا بالظلام الذي يخفي توتري . أحسست بارتعاشها وقلت : - وأنا ؟ - أنت ؟ وأطلقت ضحكة رنانة تردد صداها عبر أرجاء العش و المنبع لتمتد إلى أسفل الوادي ، فترتد الضحكة وكأنها تجاوب منه ومن الروابي الممتدة من ورائنا . - أنت ؟ .. ألم تجر وراءها فقط لشبهها بي ؟ - حقا .. ما أغباني .. لكن ، اعترفي أنك رغم ذلك تغارين .. حتى اسمها لم تحتملي ذكره ؟ - حليمة ؟ ضحكت وعلمت أنها لم تترك لي فرصة الانتشاء بما استنتجته . فكانت آخر طلقة تقضي بها على ما علق بنفسي من هواجس و شكوك .. ووجدت نفسي أحيط كتفها بذراعي بحنان وأحس برأسها الجميل يميل على كتفي مستكينا .. لتنهال الأحلام من جديد في رؤية عشي كما كان مليئا بالحيوية .. يحفه الجمال و البهاء و الحب من كل جانب ، وأعيش فيه مع غادتي إلى الأبد . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
استاذ رشيد الميموني
أشكرك على هذه النهاية الرائعة ولكن الجنون في الحب لا يحدث مرة واحدة ههههههههه بصير كتير هههههههه وهيك بس عن جد نهاية روعة لقصة هادئة وجميلة دمت بالف خير وحفظ الله تعالى |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
العزيزة رولا .. الحمد لله أن النهاية جاءت كما ذكرت . و أشكرك على هذا الثناء الذي يعطيني الدليل على أن عشي الدافئ قد بلغ محطته الأخيرة بسلام . أتمنى أن أبقى دائما عند حسن ظنك . تقبلي كل مودتي . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اخي العزيز رشيد
صباح الورد والله يعطيك العافية كانت رحلة جميلة جدا معك في عشك الدافىء استمتعنا جدا معك .. أينعم كان هناك بعض المد والجزر وشد الأعصاب لكنها كانت رحلة جميلة جدا ونهاية رائعة جدا شكرا رشيد والله يديم عليك هذا الإبداع وعليك قبل أنت نغادر هذا العش أن تعدنا ألا تتأخر علينا بإبداعاتك أبدا .. ورمضان كريم أخي رشيد . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
سعيد جدا أن ما كتبته في عشي الدافئ قد ارتقى إلى مستوى ذائقتك الأدبية الرفيعة . سأحاول أن ابقى دائما عند حسن ظنك . لك كل الشكر و الامتنان . تقبلي كل مودتي . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
لا .. لم تكن النهاية .. انتبهت من غفوتي اللذيذة لأنتبه أن الزمان و المكان قد تغيرا .. بل عادا بي إلى الوراء .. إلى حيث كنت أشرف على البطحاء .. وبجانبي غادتي .. وأدركت أن كل ما رأيته في عشي وفي المنبع كان حلما .. لم تكن أحاسيسي هي نفسها التي كان تغمرني و هي ترمقني بفضول .. التفتت حوالي وفركت عيني من جديد .. لا شيء تغير .. آه .. كم كان الحلم طويلا .كنت تحت تأثير مشاعر شتى .. حيرة .. سعادة .. قلق .. ترقب . كنت أحس أن أمرا جللا سيقع وأن هذا اليوم لن ينتهي بسلام. كنت ألتفت إلى حيث الحشود وقد بدأت تغادر البطحاء ثم أعود وأنظر إليها كأني انتظر ما يخلصني من حيرتي تلك . - يعني .. أنك لا زلت لم تقرر شيئا .. - أقصد .. يعني . - الأمر واضح .. وكان علي أن أفهم منذ البداية أنني لم أعد أعني لك شيئا .. - لا تقولي هذا .. لكن عليك الاعتراف أنك من وراء حيرتي هذه . قالت وهي تتشاغل بخصلة من شعرها : - لا تبحث عن الأعذار .. كنت أعتقد أن محاولتي الأخيرة هذه كفيلة بأن تجعلك أسعد الناس .. - تتحدثين عن الأعذار ؟ الم تدري كم عانيت من تصرفاتك التي بقدر ما أرهقت أعصابي .. أسلمتني لليأس المطلق ؟ - لن تفهم .. لن تفهم .. مهما شرحت لك . - ماذا تريدين أن أفهم ؟ أنا أفهم فقط أني كنت أحبك و أنك قابلت حبي ذاك بالاستخفاف . - كنت تحبني ؟ يعني أن ذاك الحب قد انتهى ؟ لم أرد و تشاغلت بالنظر إلى الأفق البعيد . - قد تكون لا تحبني الآن .. وقد تحلم بحب آخر ، لكن اعلم يقينا أن حبك لها ما كان إلا لشبهها بي .. لا تنكر. لزمت الصمت من جديد وقد بدأت أعصابي تتوتر . - أما ما تحلم به من حب من جانبها .. فلم يكن ذلك إلا سعيا منها للاحتفاظ بذكرى حبيبها الراحل ، لما تعرفه من صلتك الوثيقة به .. هل صدقت الان ؟ - لا أدري ولكن .. نظرت إلي غادتي لترى سبب توقفي المفاجئ عن الكلام . كنت أنظر إلى الجهة السفلى من البطحاء حيت تراءى لي بغل يتهادى نحوي . وراكبه يحثه على الإسراع .. لاحظت شحوب غادتي بينما كان جسمي ينتفض . هي حليمة مقبلة دون رفيق .أين يكون والدها ؟ ولاحظت غادتي حرجي و أنا أنظر إلى حليمة تقترب صاعدة التلة ، فنهضت تنفض الغبار عنها وقالت باستياء : - يبدو أن علي الانصراف .. حتى لا أفسد عليكما خلوتكما . لم تنصرف فورا و كأنما كانت تنتظر أن أتوسل إليها بالبقاء .. فأشاحت عني بوجهها و أدبرت نحو أول مدخل للغابة لتتوقف لحظة و تنظر نحوي .. لم أدر لم شعرت بالنفور منها يزداد حدة وأنا أستشف من نظرتها انكسارا وخنوعا .. أين مني تلك النظرة المفعمة دلالا وكبرياء ؟ انتظرت ثم بدأت تخطو متثاقلة قبل أن تختفي من وراء الأشجار .. كنت في شبه دوامة .. انظر إلى حيث اختفت ، ثم أنظر إلى أسفل وحليمة تقترب شيئا فشيئا إلى أن توقف البغل قبالتي . - خيرا إن شاء الله ؟ انتظرناك كثيرا حتى فقدنا الأمل في عودتك من هناك . - لا و الله .. عدت و انتظرتك ، ولما لم تظهري ابتعدت عن الزحام و الضجيج .. أين أبوك ؟ - هو هناك بجانب الضريح ينهي بعض المعاملات ربما يبيت عند محافظ الضريح . - وأنت ؟ ستبيتين هنا ؟ - أنا رجوته أن أعود إلى البلدة .. لكنه رفض لعدم وجود الرفيق ، خاصة حين لم تعد أنت . - هل لا زلت تودين العودة ؟ - أجل .. الضجيج و الزحام يثيران أعصابي .. قلت في همس : - مثلي . نظرت إلي طويلا وقالت : - مالك ؟ تبدو شاحبا منهكا .. هل حدث شيء في غيابي ؟ يا لفراسة المرأة . ترى هل تسألني لمجرد السؤال أم أنها تلمح إلى شيء ما ؟ - لا .. لم يحدث شيء .. تعبت فقط .. واشتقت للراحة .. ثم شرد ذهني و قلت : - ولشيء من الهدوء .. - لا ، لست على ما يرام .. هل تريد البقاء لوحدك ؟ لا تتحرج .. - لا .. حليمة .. أرجوك .. ابقي معي . افتر ثغرها عن ابتسامة عذبة رغم ما علا محياها من حزن دفين ، و قالت : - ياه .. ربما هذه أول مرة تتفوه بها باسمي . ابتسمت بدوري ونظري لا يحيد عن مدخل الغابة و كأني أخشى أن يطل منه شيء مرعب . - إذن اتفقنا .. هل تذهب معي عند أبي لنخبره ؟ - أجل .. يجب ذلك .. هيا بنا . شعرت بالنشاط يدب في جسدي و أصلحت من هندامي ثم أخذت بلجام البغل حين ترجلت حليمة لتسير بجانبي . كان الأب قد أنهى نقاشه مع محافظ الضريح و أقبل علي بوجه بشوش أنساني قلقي وقال : - أين أنت يا رجل ؟ كأنما انشقت الأرض و ابتلعتك ؟ - والله تأخرت في الوصول وانتظرتكم قليلا أمام الضريح ، وحين رأيت الزحام و الضجيج عدت إلى هناك فوق التلة . ضحك الرجل ضحكته المعتادة و قال : - هاهي شبيهتك في ذلك .. لم تطق ما ذكرته أنت من زحام و صخب ، و توسلتني لكي نعود .. لكن ، كما ترى ، لا يمكنني ترك مشاغلي اليوم .. والحمد لله أنك هنا .. لكن إذا كان هذا الأمر يزعجك و تريد الاستمتاع أكثر باللمة ، فلا عليك .. - لا يا عمي .. لا ناقة لي و لا جمل باللمة .. رأيت ما فيه الكفاية و أريد العودة أنا أيضا .. - الحمد لله .. أزحت عني عبئا كبيرا يا بني .. سترافق حليمة و أنا مطمئن البال . هل تحتاج لشيء ؟ - لا .. بارك الله فيك يا عمي .. لكن الرجل أصر على أن نأخذ بعض الزاد و الماء و حلويات من اللمة . ثم رافقنا إلى أعلى التلة حيث ودعنا . من جديد يسود الهدوء التام وقد مالت الشمس للمغيب . كانت بعض العصافير تعود مسرعة لأوكارها وهي لا تزال تملأ الجو حوافر البغل ووقع خطواتنا .. حليمة لم تشأ أن تركب وفضلت المسير إلى جانبي . كنا نسير بجانب حقول الذرة اليانعة وقد تسربت بين جنباتها سواقي يسري ماؤها في هدوء . - هل التقيت بمعارفك ؟ خفق قلبي بعنف لسماع هذا السؤال المفاجئ وبجهد جهيد أجبت محاولا ألا يبدو في صوتي ما ينم عن انقباضي : - لا .. لم ألتق بهم .. - وعشك الدافئ ؟ هل زرته ؟ طال صمتي حتى أحسست أنني أجرحها بذلك فأجبت : - نعم زرته .. كان هناك بقايا عش .. كل شيء اندثر .. دمار وخراب .. - لا تيأس .. ربما تعينك الأقدار على بنائه من جديد . كانت لهجتها صادقة .. ولمست الوفاء و الإخلاص في كل كلمة تنطق بها . فتوقفت لأنظر إليها . كان تصرفي مفاجئا .. نظرت إلي بدهشة و عيناها تتساءلان .. ولأول مرة استطعت أن أحدق فيها طويلا لأكتشف أن حليمة لا تمت بصلة إلى غادتي ولا تشببها بالقدر الذي كنت أتوهمه . ربما كان هناك تشابها في العينين .. لكن في ما عدا ذلك فإن الاختلاف كان واضحا .. فحليمة كانت لها تلك المسحة البدوية التي لا تخفي شيئا مما في داخلها .. كل شيء منها يقرأ في عينيها الصافيتين . أما وجنتاها فتحتفظان بحمرتهما دائما ، بل وتصير هذه الحمرة قانية عند قيامها بعمل مجهد أو عندما يغلب عليها الانفعال .. هل هذا يعني أن تعلقي بغادتي وبحثي المتواصل عنها كانا يوهماني بهذا الشبه ؟ - ما لك ؟ ولم توقفت ؟ - لا شيء .. كنت أود أن .. عيناها متلهفتان لسماع ما انتظرته طويلا .. اللهفة تبدو لي ترجيا ، بل توسلا .. - حليمة .. لقد سبببت لك الكثير من الآلام .. وحان الوقت لكي أعوضك عن كل شيء . - أنت لم تفعل شيئا يؤلمني .. ربما كنت أنا .. - لا .. كنت أنانيا وقابلت عواطفك بالاستخفاف و اللامبالاة .. لكني أرجو أن تعذريني لأن صورة المرحوم لم تفارق ذهني .. أدركت ألآن كم كنت على حق .. سيكون راضيا و أنت سعيدة . أطرقت صامتة فاستطردت أقول بحماس .. - آن الأوان لكي أعوضك عن كل الآلام .. ولكي أعيد بناء عشي الدافئ من جديد .. أنا متيقن من أنه سيستعيد نضارته و رونقه بوجودك .. فقط أريد أن تسامحيني و تبقي بجانبي . - وهل شككت لحظة في غير ذلك ؟ شعرت بالأرض تميد تحت قدمي وبكل شيء يتراقص من حولي .. فقلت : - لا .. لم أشك لحظة .. لم لا نستريح قليلا عند ذاك الغدير ؟ - نعم . أنا أيضا تعبت .. لكن علينا ألا نتأخر .. فالليل وشيك . وعلى ضفة الغدير كنت أشكل أعذب الكلمات و أهمس بها لحليمة التي تورد خداها وتلألأت عيناها ببريق لم أنسه .. ذاك البريق الذي شع من عينيها يوم ذهبت لأعود بها من عند خالتها و انطلقت على سجيتها تلهو و تمرح وسط الجدول . على ضفة الغدير كنت أستسلم لموجة عارمة تجرفني نحو حليمة .. فلا أملك إلا أن أنهار وأسلم زمام أمري لتلك الموجة العاتية و أنسى كل شيء .. كل شيء سوى أني مع حليمة . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
أحسنت يا رشيد فهذه النهاية أفضل من سابقتها
يجب على الرجل ألا يعشق من تستخف به .. هذه نقطة مهمة الإستخفاف بمشاعر الآخرين وكذلك المزاجية من الصفات البغيضة بالإنسان نهاية موفقة يا أخيل ورمضان كريم . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
ربما انتبهت إلى النص السابق وهو الوحيد الذي يحمل عنوانا . والعنوان ينتهي بعلامة استفهام . وهذا ما جعلني أدرج النهاية الحقيقية . أشكرك ميساء على متابعتك .. وأود أن أذكر أن ما ادرجته اليوم يفتح لي آفاقا لمتابعة الكتابة في عشي الدافئ . تقبلي كل مودتي . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
في غفلة من العيون وفي أوج الحنين إلى صفحات عشي الدافئ ، وجدت نفسي أتسلل إليها لأطلع على أول إطلالة لي على عشي أو على الأصح موضع عشي الذي بنيته وتعهدته .. ولا زلت أذكر مرافقتي لكلماتي وهي تشد عضدي لأبني العش و أعيش فيه أعذب اللحظات وأبهاها . كلماتي .. انطلقي الآن .. الهي و ارتعي .. فلا أنا ولا أي أحد يمكنه منذ هذه اللحظة أن يكبح جماحك .. تلك كانت أولى كلماتي .. أما الآن .. فلازلت وفيا لها وممتنا لما أسدته لي من خدمات جلى .. وها أنذا أذرع الحقول وأصعد التلال و الربا ، مستأنسا ببزوغ البدر .. أتنقل بين الأماكن .. أحادثها و تحادثني .. أنادمها وتنادمني .. أتفقد كل شيء من حولي .. كل شيء كان له علاقة بعشي .. العصفورة ، البوم ، المنبع ، الشجرة ، الجدول .. وأخيرا .. العنزة ذات القلادة التي صارت تتبعني أينما ذهبت . أحس بها تستكين حين نصل إلى حيث يرقد صديقي الراعي في أمان .. وكأنها تستعيد ذكرياتها معه .. فأجلس و أحدق فيها مليا .. صارت قطعة مني .. لا أطيق فراقها .. وحين أعود كل مساء ، أجد حليمة على عتبة البيت تتأمل حنوي على العنزة فيزيد وجهها إشراقا والمح في عينيها لهفة للانطلاق عبر الربا لترتع و تلهو معي و تطلق العنان لرغباتها الصبيانية ، لتصرخ و تصيح و يردد الصدى صوتها عبر الجبال و الأودية .. حليمة تعشق السير عبر الجداول حافية .. والاستلقاء على المرج الأخضر لتتأمل السماء .. حليمة تهيم بالجبال و تحلم بقضاء ليال في الكهوف أو الأكواخ المتناثرة هنا وهناك .. حليمة تنتشي بالسير تحت المطر وتستلذ بقطراته تنساب على جسدها .. حليمة تهفو لرحلة إلى الشاطئ للقاء البحار العجوز والإبحار بعيدا .. وحين أحدثها عن مركب هناك تسرح عيناها في الأفق لتتخيل و تحلم . كل هذه يطل من عينيها النجلاوين فيلاقى صدى في نفسي .. وأتأملها لحظة فتغض ببصرها متشاغلة بالنظر إلى حليمة الأخرى و هي تتمسح بركبتي .. فأمسح على ظهرها محادثا إياها برقة وهمس : - سيكون لك ما شئت .. اطمئني .. فسوف أجوب بك كل الأماكن لتحيي من جديد صباك .. سنشد الرحال و ننشد الآفاق .. لا رادع يردعنا و لا حاجز يقف في طريقنا . كلماتي .. لك الآن أن تسرحي و تمرحي كما كان شأنك منذ البداية .. فما أحوجني إليك في هذه اللحظات و أنا أعيش أزهى أيام حبي . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
ما أعجب هذا الليل وما ألذه و السكون يسري بين ثناياه ليضفي عليه هالة من الغموض . سكون تحس معه بأصوات تأتي من عوالم أخرى .. ترانيم وأناشيد شجية تبعث في النفس مزيجا من المشاعر .. وهذا السحر الذي يبدأ مخاضه ليعلن بعد قليل عن ولادة نهار جديد .. يتضوع شذا و عبيرا .. هذا السحر .. تتيه النفس وترتمي بين أحضانه منتشية بسهومه لتسرح معه في دنيا الخيال اللذيذ .. قد أكون الوحيد من بين الأحياء وأنا أجوب هذا المنحنى الذي ظللته الكروم و غشاه الضباب .. قد أكون الوحيد وأنا أتفقد كل ما أحببته وأسكنته قلبي و جوارحي . وربما يكون الجدول استثناء و هو لا يهدأ .. بل إن حركته و انسياب ماءه الرقراق في سكينة يشعرني أنه ساكن يتأمل مثلي .. أشعر أنه يعيش حبا سرمديا و هو يعانق الضفاف اللامتناهية . كل يعيش عشقه و شوقه ، ويحضن من يحب في ألفة وود قل نظيرهما .. تلك الشجرة الفارعة تنعم باحتضان أعشاش و أوكار لفها الدفء .. وذاك المرج الأخضر يستلقي أمامي في دعة و صدى نقيق الضفادع عند المساء الحالم لا يزال يتردد بين جنباته .. وحين أعرج على الصخرة لأجلس عليها من جديد أراها تنظر إلي بدلال .. وأتساءل : هل لهذه السعادة الغامرة التي أحس بها تملأ كياني حد ؟ هل يأتي يوم أتذكر في حسرة هذه اللحظات و روحي تنعم بسكينة قلما شعرت بها من قبل ؟ هل هذا من أثر الحب ؟ أهكذا يفعل الحب بضحاياه ؟ إذا كان ذاك حقا فما أسعدني من ضحية ، ولكم أتمنى أن أبقى رهين شباكه إلى الأبد . حدثوني عن الحب وويلاته و آلامه و عذابه .. ولكني لم أجد لحد هذه اللحظة و أنا أوغل في السحر ، جالسا على صخرتي المفضلة وقد جللها الندى ، أي أثر لذلك العذاب و لذاك الألم .. هل يكون حبي نشازا لما هو متعارف عليه ؟ يلفني ضباب الصباح وهو يصحو متثائبا بين الربا ، وتشملني قشعريرة فيدفئني العشب المتسلل بين ثناياها . وأنظر ناحية البيت فتتراءى لي حليمة وهي في سباتها وقد انفرجت أساريرها عن ابتسامة عذبة .. ابتسامة حليمة عفوية لا تتغير بالزمان ولا بالمكان . مثلها مثل نظرتها البهية الحزينة .. أحلام حليمة بريئة براءة الصبا .. لا تتعدى ما حولها . تعيش حاضرها بكل عفوية وشغف دون أن تنظر إلى الماضي ولا ما سيأتي من الأيام . آليت على نفسي أن أهيم على وجهي في البراري وقت السحر، لأعد لحليمة ما تتلهف لسماعه كل يوم .. أستشف ذلك في عينيها . ألمسه في نظراتها المفعمة بالحب البريء . نظرة تجعلني أنظر بنشوة و فرح صبياني إلى توالي الفصول الأربعة .. وها نحن نواكب الصيف في إيقاعه البطيء المتكاسل تحت شمس حارقة لا يلطفها إلا ظلال الأشجار المحيطة بالعش .. فلنعش الصيف بكل مباهجه وطقوسه التي لا تنتهي . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
من أحب اللحظات إلى نفسي في هذا الصيف البهيج وهو يسري حثيثا ليتلاشى مع أولى نسمات الخريف العليلة ، لحظات الأصيل و نحن جالسان على ربوة تشرف على "نادر" يأخذ سمة الانحدار . والنادر هو تلك البقعة التي تشهد عملية "الدرس" بواسطة البغال وهي تدور حول صاحبها وكأنه في حصة ترويض . وتحت قوائمها يفصل الحب من سنابله ثم يتم الانتقال إلى عملية "الذرو" عندما يهب النسيم فيتعالى التبن في الهواء مبتعدا قليلا عن منطقة الدرس ليحط أكواما و تبقى حبات القمح في النادر . كنا نجلس ساهيين عما حولنا . نتأمل عمل الفلاحين الدؤوب ونستمع إلى صيحات الحبور من حناجرهم . ونشرد بخواطرنا إلى البعيد .. إلى حيث تغوص الشمس بين الجبال فيتلون الأفق بحمرة امتزج فيها اللونان الوردي و البرتقالي .. كم هي عذبة تلك اللحظة التي يستكين فيها كل شيء و يسود الهدوء فلا تحس إلا بما حولك يهمس أو على الأصح يلهث بعد جهد يوم قائظ و مضن .. وحين تلتقي أعيننا صدفة ، ترتسم ابتسامة عفوية ونظل نتأمل بعضنا البعض حتى ننتبه إلى سقوط الظلام .. لكننا نظل هناك وكأن شيئا ما يشدنا إلى البقاء تحت سماء بدأت تلمع نجومها الواحدة تلو الأخرى . كنت كثيرا ما أنظر دون وعي مني إلى يدي حليمة و قد ملأتها ندوب و علتها خشونة واضحة .. ولم يكن ذلك يؤلمها أو يسبب لها حرجا .. بل كانت ترفعهما قرب وجهها و تتأملهما وهي تبتسم قائلة : - هل رأيت في حياتك مثل هاتين اليدين ؟ - مالهما ؟ - لا تزعم أنك لا تلاحظ خشونتهما ؟ - هل يؤلمك ذلك ؟ - ولم يؤلمني ؟ قل ، على العكس من ذلك ، إن هذا يسعدني لأنني أحس بانتمائي إلى الأرض التي أحيا عليها . أو ليست هي التي جعلت يدي خشنة هكذا ؟ فآخذ يديها في راحتي و أشد عليهما بقوة قائلا : - بالتأكيد .. تعرفي يا حليمة .. كل مرة أكتشف فيك شيئا جديدا يزيد من مكانتك في عيني . يداك هاتين بخشونتهما و ندوبهما أعز علي من أي شيء آخر .. كل ما فيك ينطق أصالة و بهاء .. أرى فيك هذه الأرض الطيبة بكل ما فيها من خيرات .. في يديك تتبدى صلابتها ، وفي عينيك تبدو عذوبة العيش عليها ، وفي ابتسامتك يختزل كل البهاء وكل الصفاء . انظري إلى ما حولك من جمال ونقاء .. يكفيني أن أنظر إليك لأراه متجمعا فيك . عينا حليمة تنتشي بما تسمعه الأذن .. لكنهما تنضحان بلهفة طاغية لسماع المزيد . وحين يطبق الصمت ، لا تنزعج حليمة لسكوتي ، لأنها تعلم أن صمتي ناطق بكل ما تحويه معاجم الحب من كلمات .. فتطرق و كأنها تصغي لصمتي يتحدث ويغزل لها نسيجا من أعذب التعابير ، ثم ترنو إلي وقد استبد بها الوجد .. حتى لأخال نفسي أرى دمعها يتلألأ من فرط الانتشاء . وأجد نفسي أترنم هامسا : *هذي يدي ممدودة مدي يدك وتعالي نبحث عن ربا لم تطرق نبني بها عش الهوى بالحب ، بالآهات بخيوط شمس المشرق إني فرشت لك الورود إلى الغدير الحالم وقطفت من حمر الخدود شذا غرامي الهائم يا خيالي فتعالي هذي يدي ممدودة مدي يدك وحين أتوقف عن الترنم بالأغنية ، أحس أن كل ما حولي يشدو ويترنم مثلي .. ويتضوع الجو أريجا و نحن في طريق العودة إلى البيت . [/align] * أغنية للفنان عبد الوهاب الدكالي |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[read] بدون تعليق لا يمكن أن اصف لك مدى استمتاعي رشيد بهذا الرقي من الإبداع دعني انشرك تيجاناً من الزنبق الأبيض إكراماً لك ولإعجابي بهذا الإبداع دائماً هي سطور الشكر تكون في غاية الصعوبة عند الصياغة لذلك سأختصربـ دمت ودام لك الإبداع دمت بخير[/read] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
الأستاذ المبدع رشيد
ماهذا الجمال والفتنة وسيل النسائم العطر الذى يهب من كتاباتكم الرائعة ...تنقلنا لتخطف عيوننا وأرواحنا لتبقى مستكينة معك تسمع وترى وتلمس كل مكان أنت وصفته ...وكل مشاعر أنت أحسست بها حد الابهار . شكرا أستاذ رشيد امتاعنا وتقديرى لا ينضب أبدا لكم |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
العزيزة ناهد .. كلما كتبت جزءا من عشي الدافئ ، إلا وأترقب بصمتك هنا لأني أعلم أنك لن تتأخري في جعل عباراتك تضفي على العش كل الألق . شكرا لك ناهد وتحية مودة صادقة لك . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
آمال .. هو ثناء منك ولا شك سيكون حافزا و مشجعا لي على مواصلة البوح في عشي الدافئ .. وسوف أواصل آملا أن أبقى عند حسن ظنك وذائقتك الأدبية الرفيعة . كوني دوما بالجوار . وتقبلي مودتي . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
متابعه بصمت بين ثنايا العشب الاخضر...
|
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
تواجدك لوحده يشعرني بأن ما أكتبه يليق بذائقة القراء .. و سيظل تتبعك وتجاوبك حافزا لي على العطاء . شكرا من كل قلبي . وتقبلي مودتي التي لا تبور . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
كيفك استاذ رشيد الميموني
ان شاء الله بخير بتعرف استاذي كل ما بغيب عن المنتدى دايما بحب أزور ركنك الرائع استاذي خيالك خصب كتير وحضرتك متل النهر الي ما بيجف وان بحب أسرح بخيالي مع الطبيعة الحلوة الي بتوصفها اشكرك استاذي على الروائع الطيبة التي تبدعها دائما ودمت بالف خير وكل عام وانت بخير |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
افتقدت ردودك من زمان ولهذا لن أسمح لك بالتغيب مرة أخرى (ابتسامة) شكرا رولا و أرجو أن يستمر استمتاعك بما أكتب . فهذا شرف لي و منبع سعادة . دامت لك المودة . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أخي رشيد، كنت بارعا في وصف الطبيعة من روابي و تلال و غيرها كما أنك أيضا أجدت الحكي الحواري الدي دار بين الكاتب و حليمة دام لك البهاء كله تحيتي |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
فعلا ، الطبيعة صارت جزء مني لأني عشت بين أحضانها منذ صغري فتمكن حبها من كياني . شكرا لمرورك و كلماتك الطيبة . مودتي . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
يا لحظها السعيد من تعيش بين أفنان وأغصان عشك الدافيء رشيد كنت رائعا ف كل فصول عشك الدافيء جميع روائعك هنا أخذتنا إلى عالم لا نهائي من الخيال عشنا معك لحظة بلحظة مع أحدا ث قصتك الرائعة بكل فصولها الراقية الباذخة بين أحضان الطبيعة الرومانسية الحالمة سنتابع كل جديد بوركت وجزيت خيرا تقديري ورودي |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
العزيزة آمنة .. تحية مودة خالصة . أمام كل هذا الزخم من الإطراء وهذا السيل من الثناء الذي حظي به عشي الدافئ أرى نفسي ملزما بمواصلة تعهد العش بما يستحقه من عناية . سأواصل الكتابة مسلحا بتشجعك و تشجيع الإخوة الأعضاء . ممتن لك آمنة و شاكر لك تواصلك و تجاوبك مع كتاباتي المتواضعة . تقبلي مودتي . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
حين أخلو لنفسي ، تأخذني سنة وأتأمل حالي وأنا وسط مرج يمتد حتى النهر ، أو على صخرة تطل على الوادي السحيق ، أو في أعلى الشجرة مندسا بين الأغصان الكثيفة متخذا من أغصانها سرجا لي كأنني فارس استعد للانطلاق مع أول هبة لريح الخريف الآتي . هل أغبط نفسي على ما هي فيه من انتشاء ؟ أم أقلق على احتمال أن يكون كل ما أعيشه حلما ؟ أو أن يعرف هذا الانتشاء وهذه الطمأنينة نهاية ؟ أشعر بهذا حين أرى الأفق يتلبد بأولى غيوم الخريف الزاحف بهدوء . غيوم بيضاء ناصعة ، لكنها تخفي جانبا من أديم السماء الصافي . وأنا اعلم يقينا أنها غيوم سوف تأخذ لونا مغايرا مع مرور الأيام . وأنا أعلم كيف يسود ذاك الجو القاتم ويصطبغ الأفق بذاك اللون الرمادي الداكن .. لكن هذا لا يعني أن قدوم الخريف يسبب لي انقباضا . فأنا تعودت أن أعيش على إيقاع الفصول الأربعة بكل بهائها . وعندما أفيق من غفوتي .. وأنتبه إلى أنني يجب أن ألتحق بحليمة ، أنهض وأوغل بين الحقول التي غلفها الضباب حتى لم أعد أرى من الكروم و الذرة إلا أشباحا .. لكنها أشباح أليفة لدي . أمر بالقرب منها و ألامسها في حنو فتتمايل في دلال . أنا وحليمة على موعد اليوم مع نزهة قريبا من البلدة .. نسير على الأقدام والأصيل قد بدأ يضفي صفرته على الكون . الطريق يمتد أمامنا في سكون . يستقبل وقع أقدامنا في استسلام . بل أحس به يعانق خطواتنا مصغيا إلى كل همس ننبس به أو كلمة ننطق بها . مثله مثل كل ما يحيط من حولنا . عن يسارنا يبدو الوادي غارقا في سباته وقد تناثرت عبر أرجائه بعض الدور التي انعكس ضوء الشمس على سقوفها القصديرية . وعن يسارنا جثم الجبل بكل جبروته و بهائه كأنه يهم باحتضاننا . بين الفينة و الأخرى تشير حليمة إلى زوجين من اليمام عائدين نحو الوكر المنغرس في الصخور . فنظل نتابعهما يتهاديان في الأفق قبل أن ينزلقا نحو العش . - ما أهنأهما . - ألست تشعرين بالمثل ؟ - بلى ولكني أحس أنهما لا يلقيان بالا للآتي .. لا يتساءلان هل ستدوم تلك الرفقة . - وأنت .. هل تتساءلين كذلك ؟ - في بعض الأحيان وأنا في قمة السعادة أتساءل .. ما الذي أريده أكثر مما أنا فيه ؟ ثم فجأة تأخذني نوبة من البكاء وتغوص نفسي في كآبة لا أدري منبعها . وحين أصمت ، أشعر أنها تنتظر مني ما يشعرها بالاطمئنان . فأتوقف لحظة و أنظر إلى حيث تلاشى زوجا اليمام . وأشير بيدي قائلا : - ربما كانت الفتهما تغنيانهما عن التفكير في ما سيأتي . وتنظر بدورها إلى هناك وقد لمعت عيناها ببريق صرت أعرفه جيدا . صرت أدرى بأدنى حركة تند عنها بل بكل تغيير يطرأ على ملامحها و أعرف للتو مصدره . - أنت تقلقين متسائلة إن كنت متلهفا دوما للقائك ومرافقتك عبر الحقول . صمتها يصيح :( نعم ، نعم ) - وتكتئبين إن لمست مني في بعض الأحيان سهوما أو لاحظت شرود ذهني . ( بلى ، بلى ) - قلت لي مرة أنك ترين الجدول في مترقرقا ، و الشجر متمايلا و الجبل شامخا . - أجل .. - هل يمكن للجدول أن تكون رقرقته كاذبة ؟ هل يعقل أن يكون حفيف أوراق الشجر في تمايله مجرد صوت حركة لا غير ؟ ألا ترين في الجبل و شموخه سوى قوة و جبروتا لا روح فيهما ؟ حليمة لا ترد أنها تعلم أنني حين أتكلم فإن كلامي يصير هذيانا . و ما أكثر ما ضحكت حين أندفع في حديثي . لكنها هذه المرة لم تضحك .. لم تبتسم .. لم تقل شيئا . - ألا فاعلمي يا حليمة أن الجدول حين يترقرق ماؤه ، فإنه يكون في قمة البوح ، وهو صادق في بوحه . وأن الشجر حين يتمايل و قد تعالى حفيف أوراقه ، فإنه يكون في أبهى حالات العشق ، وهو صادق في عشقه . و أن الجبل في شموخه و جبروته ، يكون أحنى من الأم الرؤوم في احتضانه لما يقع حواليه ، وهو صادق في حنوه . فإذا كنت ترين في أنا ، الجدول و الشجر و الجبل ، فإنك ولا شك ستشعرين بشيء غير الكآبة . هل فهمتني ؟ حين تطرق حليمة ، أعرف أنها قد أجابت عن كل سؤال أطرحه عليها . وعندما نعرج على أحد الغدران المنتشرة هناك نجلس قليلا ، ونرمي بحصى متلذذين بوقعه على صفحة الماء الراكدة ، بينما الشمس تهوي من وراء الجبل . و يبدو المساء كأنه يتثاءب مسدلا جفونه في غبطة و حبور . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
ألا فاعلمي يا حليمة أن الجدول حين يترقرق ماؤه ، فإنه يكون في قمة البوح ، وهو صادق في بوحه . وأن الشجر حين يتمايل و قد تعالى حفيف أوراقه ، فإنه يكون في أبهى حالات العشق ، وهو صادق في عشقه . و أن الجبل في شموخه و جبروته ، يكون أحنى من الأم الرؤوم في احتضانه لما يقع حواليه ، وهو صادق في حنوه . فإذا كنت ترين في أنا ، الجدول و الشجر و الجبل ، فإنك ولا شك ستشعرين بشيء غير الكآبة . هل فهمتني ؟
ما أجمل وأروع اسقاطاتك على الطبيعة كأنك متوحد معها فى عشق أبدى خالد خلود الجبل والأوراق والجداول .حتى وأنت ترى الجمال فى الخريف بغيومه ورمادية اجوائه رائع أيها الأديب المُبهر فى وصف الأحاسيس الرومانسية وطبعها على كل ما حولك من مكونات الطبيعة المبهرة مثلك. تقبل مرورى البسيط بين هذه الأيكة التى رسمتها بقلمك. دام تألقك استاذى رشيد تقديرى واحترامى |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
العزيزة آمال .. تحية أخوية صادقة و كل عام و أنت بخير .. في كل مرة أستشف من أسلوبك في التعليق شيئا جديدا يعطي الدليل على تمكنك من تطويع الكلمات . إلمامك بمجريات الأحداث في هذا الجزء وحديثك عن جزئياته بكل روعة جعلني أسعد و أعيد قراءة النص من جديد . كوني كعهدي بك بالجوار .. فكل بصمة من بصماتك تزيد متصفحي ألقا و وهجا . دامت لك المودة . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
[align=justify]
بجانب الفرن العتيق كنت مستندا ظهري إلى جذع جاف أتملى بحبات القمح بعد أن فركت السنبلة الصفراء ورميت بأهذابها جانبا .. تملأ خياشيمي رائحة الدخان الكثيف المنبعث من داخل الفرن وحليمة تدس داخله الأغصان الجافة وقد دمعت عيناها . تلتفت إلي بين الفينة و الأخرى وقد احمر جفناها .. أبت إلى أن تطبخ لي خبزا ليكون زادي في الطريق ، بعد أن لمست رغبتي في الانطلاق .. حاولت إثناءها عن عزمها و توفير العناء عنها لكنها لم تصغ إلي واندفعت بكل حماس تجمع الحطب المكدس وراء الدار لتنقله إلى الفرن . وفي كل التفاتة منها كنت أحس بوخز في صدري . وأتجاهله لكنه يعود مع كل نظرة دامعة منها . هل ما أفعله الآن و أنا انوي مغادرة هذه البلدة الطيبة ، هروبا ؟ ألا يشبه تصرفي ما كانت تفعله الأخرى معي وهي تعد الفراق بعد كل لقاء ؟ لماذا إذن كنت ألومها ؟ ولماذا لا ألوم نفسي الآن وأنا على أهبة الاستعداد لفراق حليمة التي أعطتني كل شيء دون شروط ، وبكل بساطة و تلقائية ؟ هل يكون هذا جبنا ونذالة مني ؟ كان شعوري هذا يجعلني لا أجرؤ على مبادلة حليمة النظر .. وكنت أحس بالألم يعتصر نظرتها الدامعة وهي ترى إطراقي ، وربما كانت تفسره على أنه إعراض و مقدمة لهجر وفراق . كيف السبيل لإقناعها أنني لا أفكر أبدا في هجرها .. وأنني لا يمكنني العيش بدونها .. لكنني أخاف أن يكون تأكيدي لها على حبي و تمسكي بها مبعثا لها على الأمل في استبقائي و التأثير علي إما بالنحيب الصامت الذي كثيرا ما يمزق قلبي و يشعرني بالذنب ، أو بالصمت الطويل الذي يحمل بين طياته عتابا و لوما لا اتحملهما . عند الأصيل و حين كانت أفواج الفلاحين تعود محملة بما درسوه من قمح في النوادر ، كانت حليمة قد انتهت من عملها ، وأسرعت إلى داخل الدار تهيئ صرة كبيرة جمعت فيها بعض الفواكه الجافة كالتين المجفف و الجوز و اللوز .. ثم لفت خبزة كبيرة لا زال بخارها بينا ، في صرة أخرى .. هي تعلم أنني لا أطيق حملا ولو كان خفيفا أثناء رحلاتي .. لكنها لم تحتمل فكرة بقائي جائعا و أنا أوغل في الغابة .. انتهى الإعداد ، وكان لا بد لنا من لحظة وداع ولو أنه مؤقت .. وجدنا نفسينا نسير خارج البلدة .. تقودنا خطواتنا على غير وعي منا نحو المرتفع الذي يبدأ منه الطريق إلى الجبل .. - هل ستطول رحلتك ؟ - لا أدري .. لكني حتما سأعود . - ستذهب إلى الكوخ ؟ - نعم .. اشتقت إليه .. أطرقت برأسها هنيهة .. كانت عيناها لا تزالان دامعتين من أثر الدخان .. وجفناها محمرين كأنها تبكي .. - سأشتاق إليك .. كنت أعلم كم كلفتها هذه الكلمة لتفوه بها ، وأحسست بالخجل لأني لم أكن سباقا لقولها .. هي هكذا .. تلقائية في كلامها كما في تصرفاتها .. فوجدتني أقول بلهفة : - أنا أيضا سأشتاق إليك .. ثم ماذا ؟ هل ألجم لساني عن قول المزيد ؟ وأنا الذي كنت أزهو بكلماتي التي لا ينضب معينها .. هل هذا كل ما يحمله قاموس حبي لها ؟ .. رباه .. كأنني عاجز حتى عن النطق ، بينما هي تنتظر وربما كان انتظارها على أحر من الجمر .. - لا عليك .. فقط انتبه لنفسك ولا تخاطر بالمرور حيث أنثى الخنزير .. انطلق في رعاية الله .. خذ هذه لتذكرك بي . دست في يدي سبحة جميلة .. وضغطت على يدي بخفة ، ثم أخذت تتراجع باتجاه البلدة .. - سوف أحتفظ بها حتى أعود .. لن أنساك أبدا . كانت قد اختفت وراء منعرج قبل أن أتفوه بآخر كلماتي .. ترى هل تكون سمعتها ؟ ما أبخلني و ما أغباني .. ما ضرني لو قلت ذلك و هي تسير بجانبي ؟ .. ألم أكن سأسعدها على الأقل وهي تنتظر عودتي لتكون كلماتي بلسما لجراح هذا الفراق ، وسلوى لها في وحدتها ؟ .. كم أحس الآن بمدى حبي لها .. هل أعود أدراجي لأعتذر لها و ننطلق نحو المنبع لأسمعها ما وعدتها من قبل من كلمات الغزل ؟ .. فات الأوان .. ولا ينفع الآن تأنيب الضمير .. لأحث الخطى وأصل إلى الكوخ قبل أن يدركني الليل وأتيه في الغابة . لحظة الفراق وما تلاها من تفكير و تأنيب ضمير جعل نفسي متأججة و دمي يفور .. فلم أملك أن انبطحت أمام جدول صغير ينحدر إلى أسفل الجبل ويغوص من جديد حتى ينبعث من جديد كمنبع بالقرب من دار حليمة .. شربت حتى ارتويت ثم مرغت وجنتي في مياه الجدول الصافية .. وخلت للحظة أنني أقرب ما أكون من حليمة ، فغمرني انتعاش وهدأت نفسي .. وجلست بالقرب من الجدول أعبث بنثر الماء في الهواء مستمتعا بفقاعاته المتطايرة . لم اعد الآن أخشى التيه في الغابة و البعد عن الكوخ .. فقد صارت معالم الطريق بينة عندما بدأت الأشجار تقل في المنطقة التي وصلت إليها ، بحيث كانت هناك بقعة مستديرة معشوشبة تحيط بها الأشجار من كل جانب ، وتتفرع عنها عدة مسالك . وكان المسلك المؤدي إلى الكوخ مألوفا عندي لوجود صخرة مميزة بالعشب الذي نما عند جانبها . إذن لم يعد أمامي سوى ولوج الغابة من جديد لأصل بعد لحظات قليلة إلى الكوخ .. هاهو يرنو إلي .. تعلوه مسحة من الحزن و الكآبة .. لكني أحس بجنباته تتراقص طربا بمقدمي .. ربما كان يحس هو أيضا باستحالة عودة صاحبه الأول إليه .. فوجد العزاء في مقدمي .. أو ربما أيضا كان ينتظر أن تكون حليمة برفقتي لتذكره بأنيسه . استلقيت على مصطبة في أحد أركانه لأستريح .. يبدو أن أحدا كان هنا منذ مدة قصيرة لأنني لم أجد غبارا ، و كل شيء كان في مكانه بعناية تامة .. الغطاء الصوفي و القدر الأسود وغيره من "تجهيزات" الكوخ . ثم عدت لأقف عند الباب وقد حل الظلام .. وجدت نفسي ألمس ، دون أن أعي ذلك ، حبات المسبحة المستكينة في جيبي .. السكون يخيم على المكان .. تشملني راحة وغبطة .. فأغمض عيني و أطلق العنان لذهني يحلق بعيدا . [/align] |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
مساء الخير أستاذ رشيد..مساء الإبداع ..مرحبا بعودتك من جديد
كنت قد رحبت بعودتك بعد طول انقطاع في فنجان قهوة لربما لم تنتبه.. أتابع نصك الذي يشد القارئ الى الإنصهار القسري مع كل حرف تكتبه هنا !!!! ترى هل ما زلت تبحث عن الغادة.. ما سبب الخروج المفاجئ!!! هل تتوقع أن تلتفت لترى الغادة تجلس من جديد بقرب صخرة.... هل مللت الحب المدجن والمتاح دون المتاعب والألم النفسي والعاطفي هل مللت حليمة وتبحث عن الحب الاثيري العاصف الغير مألوف !! |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
العزيزة الغالية دينا ..
أنا بدوري أرحب بك و بإطلالتك .. و أؤكد لك أنني لم أنتبه حقا لترحيبك من قبل .. هذا يسعدني جدا ولهذا قررت أن تكو لي مداخلتان هنا .. سأعود للتعقيب على مرورك وما ورد فيه .. شكرا لك من كل قلبي . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
قد يكون الرحيل إيذانا بالبحث عن الجديد سواء في مجال الحب أو غيره .. وقد يكون بحثا ، دون وعي ، عن ماض جميل .. لكنه يمكن أن يكون رحيلا فقط من أجل تجديد هذا الحب ونفض غبار الملل عنه دون أن يكون ذلك بالضرورة بحثا عن حب آخر .. سعدت بمرورك الجديد و ذكرني بنقدك الرائع الذي لا زلت احتفظ به لأقرأه مرارا . شكرا لك من كل قلبي . باقة ورد لك عربونا عن مودتي و تقديري لشخصك الكريم . http://www.s3udy.net/pic/flower001_files/4.gif |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
أشكرك على باقة الورد..
أنتظر أي من الخيارات السابقة التي وضعتها أنت ضمن ردك أو التي حتى لم تضعها لتسير بأحداث القصة الى منحنى جديد... أكيد هنالك أحداث ستتواكب ضمنيا .. والتي سوف تشبع عنصر الحركة التي اتسمت بها هذه السردية الجميلة تحياتي لك |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
فقط و لأنني على أبواب رحلة جديدة في منتصف الأسبوع الأخير من هذا الشهر إلى الجبل و الغابة ، حيث المناطق التي ورد ذكرها في العش ، فإني سأستغل لحظات الراحة و التأمل كي أكتب المزيد آملا أن يلاقي استحسانك و استحسان الأحبة القراء . كوني دوما بالجوار و تقبلي من جديد مودتي . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
بتعرف استاذ رشيد انا شو إلي بعجبني بكتاباتك ,انك بتهتم بأصغر التفاصيل وهذا بخلينا نكون معك بالقصة ونحس فيها انت فعلا رائع
وانا بعشق الطبيعة كتير تسلم استاذ رشيد ربي ُيديم هذا الابداع دمت بالف خير وحفظ الله تعالى |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
أحمد الله على أن زال المشكل التقني الذي كان يمنعني من دخول المنتدى . في الحقيقة ، ردود مثل ردودك التي تعودت عليها هنا على متصفحي تجعلني دائما متحفزا للمزيد من الإضافات في عشي الدافئ . الطبيعة يسري حبها في دمي أنا أيضا .. ولا أخفيك أني عازم في الأيام القليلة القادمة على السفر إلى تلك المناطق الوارد ذكرها في العش .. فمثل هذا السفر يمنح الزاد لفكري و يؤجج خاطرتي . شكرا رولا من صميم القلب . ودمت بكل المودة . |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
متابعين الأحداث وبكل شغف أكمل مشوارك ولا تطيل الغيااب رشيد بوركت وجزيت خيرااا دمت بكل الود ورودي وتقديري |
رد: عش رشيد الميموني الدافئ
اقتباس:
بفضل هذه الحفاوة و المتابعة ، وبفضل هذا التجاوب الرائع سأتابع المشوار إن شاء الله في عشي الدافئ ، مسلحا بكلمات التشجيع و التحفيز . شكرا لك آمنة من كل قلبي . لك مني كل مودتي . |
الساعة الآن 09 : 02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية