![]() |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
...استراحة وجيزة..وجزء آخر جاء في وقته...والكلمة السحرية(استمري)...سأرحل إلى الشاطئ الآخر علّ رأفت كتب جزءا آخر فلا يفوتني...مودتي...
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و توقيع آخر يضاف لقائمة التوقيعات السّحرية .. و حضور آخر يضيء كشمعة ملهمة .. شكرا أبتي العزيز .. تقديري و مودتي .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
سيدتي العالية المقام أستاذتي حياة حين أخبرني الصالح بنيته الانتقال إلى الشاطئ الآخر راهنت بأن صيدا ثمينا بانتظاري هنا وقد كسبت الرهان فالصالح صالحا لا يخطئ حين يشير .. ومن مثله يملك عينا خبير ونفس غطاس لا يحمل إلا كل ما هو نفيس وجميل . استمري :) ( اقتبسناها بإذن من صاحب الكلمة السحرية ) مودتي واحترامي |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
سيدي الاعلى مقاما .. مجرّد حضورك هو الشّيء الثمين و الغالي .. و توقيعك الأغلى و الأغلى .. يسرّني أنّك أحببت المكان .. شرف و فخر دائما مرورك سيدي الكريم .. شكرا .. أستاذي .. على كلّ الدّعم تقديري و احترامي .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء السابع و الثلاثون * ... في كلّ مرّة كانت تغفو أنثى فوق ذاكرتي، تشعل وحشةً خاصة .. و ألما خاصا .. يعيدني لثانية الرّصاصة .. و مع ذلك أفقت من صدمتي و تجاوزت محنتي .. و سطّرت بالخطّ الأحمر تحت صورة طفل تثاءبت عند سريري و انحطّت بكامل أناقة إطارها الذهبي المزركش ملغّمة بكوابيس مرعبة .. أجل .. كرهت الأطفال ذلك الحين، بدافع من إحساس أبوي كان مفقودا بداخلي .. و كأنّ الأبوّة ولدت ذات يوم بأعماقي، ثم انتحرت بعدها بسنوات .. لكنّي مع ذلك أحسّها، أعرفها كما لو كنت أمارسها كسرٍ يومي من أسرار الخوارق الخمس الّتي تعرّضت لها .. موت عزيز و الرّصاصة و انتحار آخر لأبوّتي في صورة أمال .. ثم المرأة الّتي مرّت قبالة كلّ الجراح فأشعلتها في ثانية واحدة بدافع من جرح خيانتها .. ثم آخر فصل من روايتي الّذي سيحرق عن شفتيّ مخارجها كقصيدة كان يجب أن تنتهي يوما .. !! كصاعقة حرفية تنحطّ على أوراقها لتقفلها بتاء مربوطة .. أبوّتي الّتي اعتنقت ثقافة التبنّي الوهمي .. كما لو كنت أربت على كتفي طفل ناداني " وهما جميلا " ( أبي ) ثم تاه بين زقاق مدينة مجهولة، من دون خارطة و لا ملامح .. ( كوجه أنثى الشال )، ذلك الطفل الّذي تيتّم على ضفاف نهر الدّم الّذي سال يوم الرّصاصة المشهودة .. يعرفني، يحمل اسمي لكنّه مع ذلك مجهول النّسب .. شيء يشبه أسطورة جميلة، خاتمة شعرية و شرعية لكلّ الأساطير القديمة، لغة تتقن ذاتها و رسمها الأصيل .. فضيحة إنسانية تشبه اغتيال الطفولة، حاسّة ( بحجم أنثى .. !! ) داخلتني ثم انسحبت حافية " القدمين " كي لا تربك أو تشتّت أشياءً كانت بداخلي لهما .. مخلّفة عطرها، ذلك الطفل الصغير الّذي اجتاحني بارتباك الحروف بين شفتيه في محاولة أولى لتعلّم النّطق .. بلعابه، بحركة يديه العشوائية .. بنظراته الزائغة بيننا .. المعلّقة أحيانا كثيرة في الهواء .. أين طفلي .. ؟ أين ذاتي .. ؟ هل يعقل أن أبحث عنه خلف أنقاض طفولتي المسجونة بين حيطان قريتي .. ؟ تلك الّتي حطّمتها مدنيّة مزعومة .. و تفاصيل بناء تختلف عن تلك الّتي انتظرتني حتّى حضرت لها مكبّلا .. لأطلِّع على آخر أثر لحضارة بربرية اندثرت بعد ميلادي بثوان و كأنّ الاحتفال بتوريتي الحياة كان بتحطيم آخر قطعة حجارة لآخر بيت بُنِي بها .. ثم لتحطّمني بعدها بسنوات بشيء صلب أيضا .. بشيء توارثته شرعية التّحطيم و اعتنقته ثقافة الدّمار، أم في الانتماء لامرأة مجهولة . ؟ تحت شالها .. بين الخيوط المتشابكة لشيء وقع منها ذات يوم و استرجعته .. تاركة مكانه خصلة من شعرها، ثارت في لحظة سقوط لقيمة معنوية كبّلتني لأشهر، وجدتها فوق كتفي الأيمن، كذاكرة ثورية كاملة .. شيئا استقّر " كتاريخ " داخل دفتر شاغر فاحتواه لقرون من المواجع و الذكريات .. خلّف رمادا حيًا مشتعلا كما لو أنّه استعباد للاشتعال .. الملامح المحذوفة سر قديم أيضا .. للتّخيّل و الاستكشاف .. رمز ساذج للأنوثة السّاكنة .. إذا حدث و اندثر صامتا، ذلك الصّمت الذّي يصل لحدّ الإرباك العقلي، أخطر من كلّ شيء حتّى من الحروب نفسها .. لذلك كانت بملامحها الغامضة لوحةً بالكاد تشرح للألوان ميولها و حاجتها للاستحضار الرّوحي لكلّ شيء مرّ و خلّف بصمته، ذلك الاستحضار الّذي لا يعدو أن يكون إلا مجرّد مسحة خرافية لا ترقى لأن تستعبد المساحات الفارغة، وجه ساكن يصلح لأن ترسم فوقه كلّ الانفعالات .. كلّ مقاسات العيون، و ألوانها القاتلة .. النّظرات الغبية المستكينة الذكاء كنوع خامد يجيد الاشتعال متّى أربكته المواعيد .. اشتعالا يخرس من حوله فوضى الرّصاص و القصف و الدّمار .. لذلك كانت الحروب حمقاء .. بل غبية جدا، لأنّ أسلحتها ظاهرة، مخادعة .. نتيجتها موت و موت و موت .. لكن وجهها محذوف أيضا تستغلّه بغرض التنويه الكاذب مخطّطات مشفّرة و رموز مبهمة و خرائط لمدن تنتظر عهدها الجديد .. !! تلك الملامح الصامتة لأنثى .. عبّرت عن أنّها أنثى بتصميمها و عطرها .. و شعرها، أرّخت لعهود نسائية كانت عقيمة، لذلك كان الفرق شاسعا بين العقم و الصّمت الذكي .. صمّمت لنفسها جسرا و عبرته صامتة أيضا، ثم بخيوط دقيقة جدا رمزت لكلّ أنثى مرّت بتوقيعها " كأنثى " من أمام دفاتري، حتّى تلك الّتي لا تخصّني، رموزا جمعتها و رتّبتها بحسب عمق دلالتها .. رموز تصلح بعد قرون لأن يتدارسها الباحثون عن الأسرار القديمة .. و الألغاز .. امرأة زامنت تفاصيل الموت العربي، و شابهته في ملامحه المجهولة .. و القوى الخفية الّتي تحرّك رسوماته و توقيعاته الدّامية، لا يعقل لها أن تشعل مرّة أخرى رغبتي في استنطاق ذاتي في طفل صغير .. لن أستطيع أن أحمّله مشقّة البحث عن ذاته .. وسط الضباب القاتم .. الّذي لا يشابه ضباب النّهار و لا ينتمي للّيل، بحكم الظلام الّذي ينزع عنه شرعية بياضه .. لن أوّرطه في قضية شتوية تقلّدت أوسمتها الفخرية من غيوم سوداء تطبّعت بالزّنوج .. فقط لتنكر عن نفسها مزاعم العروبة عن وجهها الشّرقي الأبيض .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
[gdwl]تلك الملامح الصامتة لأنثى .. عبّرت عن أنّها أنثى بتصميمها و عطرها .. و شعرها، أرّخت لعهود نسائية كانت عقيمة، لذلك كان الفرق شاسعا بين العقم و الصّمت.. الذكي ..[/gdwl]
هل قربت النهاية؟؟؟ استمري ولا تتوقفي لأنني سأبقى هذه المرة حبيس شاطئك !!! مودتي.. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
صحيح أن أستاذنا تأخر .. وذلك لسببين أولهما قد أنهكه التعب وهو في دورة امتحانات وعدد الطلاب في صفه خمسين :)
وثانيهما سافاجئك بأنه أودع عصاه مؤقتا بين يدي .. ولكن لي قلب رقيق وانت أرق من زهر الكرم وزهر الزيتون ويدي ليست مثل يده " سحرية " ولكن لا يمنع أن أقول لك وبصوت عال : استمري !! صولي وجولي ونحن نتعلم منك المفردات وننتقل من تاريخ إلى إلى تاريخ تحيتي إليك مودتي واحترامي |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
لن اعدل ما كتبت ولو قالت عني حياة إني اخترعت أكصوبه :) تحتي واحترامي |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
حسب ما أفكر به .. لا زالت النّهاية شبه بعيدة .. إلا إذا شعرت بالملل .. فقد انهيها على عكس توقعاتي .. صراحة لا أتبيّن الأمر مبدئيا .. فقد تحدث مفاجآت غير متوقعة .. كما سبق و حدث قبل هذا .. فهناك الكثير من الأجزاء جاءت صدفة لم أتوقعها .. و العديد من الإشارات أيضا .. و نشرتها في يوم كتابتها رغم أنّ الفكرة كانت قبل ذلك .. لكنّها توسّعت بطريقة لم أتوقعها ... *** أبتي الغالي .. كيف سأتوقف و نبضك يجول هنا .. و توقيعك في كلّ مرة يبث الحياة اكثر و أكثر .. شرف أن أجدك هنا .. رواية وقفت عليها .. و كنت نَفَسها الّذي أطال بداخلها الحياة .. لابد أن تكون ممبّزة .. بحجمك .. أتمنّى من أعماقي أن تكون في مستوى طموحي .. و مستوى تطلعاتك فيّ .. تقبل تقديري و مودتي .. و خالص امتناني .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
كيف تقول ذلك أستاذي الكريم .. أنا اتعلم من حضوركم كيف أصوغ وجودي الصغير أمام عيون تجيد قراءة ما بين السطور .. و لي في توقيعكم كلّ مرّة حضور جديد .. و حرف جديد أتمناه دوما أرقى و أجمل من سابقه .. أتقبل بصدر رحب و سعادة عظمى عصاك أيضا .. فلربّما كان السّحر مزدوج و التأثير اعمق .. سيدي الفاضل شكرا على حضورك و مرورك و توقيعك الغالي .. تقبل فائق تقديري و احترامي و امتناني .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الثامن و الثلاثون * .. لن أحمّله مشقّة اللّهاث خلف أحجيات تداولتها الوديان الشّاغرة من لهفتها و الممتلئة وحلا مخادعا قد يتحوّل إثر علاقته الشّاذة و المشبوهة بالبّحر إلى مياه جارفة تحمل معها الأساطير القديمة و الحكايا من زمن ألف ليلة و ليلة لتشرِّحه في إحدى لياليها .. طفلي أنا لا يستحق الحياة .. يستحق الخلود، كتلك الرّصاصة .. لا يجب أن يولد و على معصمه رمز للموت كنتيجة حتمية لحرب كونية و لا تحت غيمات تشكّلت من دموع المعذّبين فوق الأرض .. لن يولد و الزّمن الجديد تحوّل إلى آلة قاتلة تدوس بنشوة آلاف البشر و كأنّها اختصار لعملية عصر للدماء .. لن يولد طفلا .. ! الطفولة تجرّدت من ملامحها و طقوسها .. كلّ الأجساد مهما كان حجمها تصلح لأن تكون ضحية حرب .. حتّى تلك المقلّصة بفعل الميلاد الجديد .. كرهينة يحتسب الرّهن فيها من ثانية الزّواج العربي .. كلّ الخشية من طفل صغير يلقّن منذ ميلاده معاني الموت لأجل الوطن .. يلّقن " بفظاعة " طرق حمل السلاح، حتّى العبارات المتلعثمة الّتي تخرج من بين شفتي طفل تشرّدت على أصوات القصف و الرّصاص .. تحطّمت فوق لساني، ناثرة ما تبّقى من لغة كسيرة بين الشّقوق .. لذلك أخرسني بكاؤه الصامت فوق لهفتي .. !! ألذلك لاحقتني رصاصة قدمت طائشة عشية حرب .. مسافات، مسافات .. رصاصة تعرف تماما مقرّها و هدفها .. حتّى شيّعت طفلا بل أطفالا آخرين .. حتّى حين ولد شقيق أمال رفضت حضور جنازتي بحضوره .. رفضت أن أعزّي نفسي به أو أن أحمله كشعار جديد لتحطّمي .. طفل آخر يستنطق الحياة أمام احتضاراتي المتتالية .. ولد جريئا في مساء عاصف .. جرأةً مبتورةً من قهر الرّصاصة .. ذلك المساء الّذي أشعرني بأنّي أضعف من " ثوانٍ " .. للميلاد .. حين أخبرتني شقيقتي و هي بالكاد تستطيع الحديث، عن طفلها الجديد .. لم أكن حاضرا لأحمل جرحا فوق جرحي .. كنت في فترة نقاهتي، أو في حداد مغلق، شقيقتي كانت منهكة جدا بسبب صعوبة ولادتها .. ذلك الطفل العنيد رفض أن يولد حتّى ساوم الحياة عن نفسه .. ثم خرج صارخا متذمرا .. فترة النّقاهة كانت أقسى مرحلة مرّرت بها .. قضيتها وحيدا، عدت بعدها إلى القرية مشرّد الأفكار .. غارقا في عنجهية مزعومة، لأجُرَّ خيبتي و أقتلها بفأس قروي، عدّ خصيصا للنّكاية بتراب قررت البلدية يوما أن تضمّه لمقبرة القرية القديمة حيث ينام التّاريخ مكبّلا، حيث دُفِنَت الوثائق السرّية تحت معاطف النّسيان كي لا تفضح حاضرها كوثائق مزوّرة لا تتشابه إلّا في التّسمية " كوثائق " ثم في محتواها المشبوه .. و حتّى تُرْكَن كلوحات صامتة في متحف وطني يزعم قيادة الثورة .. في جزئها التّاريخي .. رغم أنّ اللّوحات قد تصنع التّاريخ أيضا .. الفؤوس ظاهرة مجازية تصلح لأن تطبّق لقتل الخيبات ثم تزرع مكانها قسوة خاصة .. لذلك حين أفقت من صدمتي وجدت نفسي قد تغيّرت و كأنّ الفؤوس أصابتني بعدوى قسوتها .. عزيز كان قد عايش لتوّه جرح انفلات أنثى من جحره .. و تمرّدها على أوراقه و دفتره العائلي المقدّس .. لذلك كان لا يزال ممزّق الوجدان، ضائعا بين دفاتر أصبحت في ثانية نكران للذات قديمة .. زائغ النّظرات مضطرب الحواس .. لم يصدق فكرة زواجها و قد كانا شبه مخطوبين ليتفاجأ بعدها بحفل زفافها و تحضيرات سفرها .. صاحبه شعور غامر بالخيبة لساعات طويلة قبل أن يفيق ( أو كما بدا لي ) من أزمته و يقرّر مواصلة حياته باستفسارات لا حدود لها .. امرأة بعلامة استفهام دامية صاحبته إلى أن قرّر الاقتداء بها .. ليكون موته لغزا آخر و فوضى تساؤلات .. عدت و في ثانية جريئة أقفلت عينيّ عنه، ليصفعني بحادثة انتحاره كما لو أنّه اخطأ التّصويب فمات .. كما لو أنّ الثانية بيني و بينه كانت ببارقة تحدٍ للزمن .. فانتصرت .. كان من العسير أن ينصت لي و في أذنيه ضجيج الألم .. كان من العسير أن يشعر بحزني و ذاكرته قد أصابتها انتكاسة صيفية من مخلّفات حقبة عسكرية حارة .. لكنّه مع ذلك سلّمني بصره، حين نظر إليّ بعينين دامعتين، بدمعة مزهقة، مغتالة عمدا .. أقسى ما استطاع منحي إيّاه نظرات شاردة و كأنّه كان يطارد طيفها في وجهي .. كأنّه يحاول طمس معالم شرعيّتها بين رفات أبوّة كنت قد واريتها تراب أحلامي منذ فترة وجيزة .. حتّى الألم قاسَمْتُه إيّاه ... و كأنّ القدر بأنانيّته السّاحقة رفض أن يمهلني بضع دقات ألم حتّى أشيِّع معه تصميم أنثاه الفاشل .. ثم أجلس بين ارتباكاته لألملم عنه رماد احتراق الرّسمية بينهما .. ثمّ أواسيه عنها، عن أنثى خالفت قوانين القرية في الحب .. و خالفته في لحظة انتماء أجنبي .. لا يمتّ لوطنيّته بصلة انتماء .. !! عزيز رغم ألمه السّاحق و بجهد رجل احتوى فضيحة أنثوية، ثمّ استكان بعد سكونها و صمّم جسدا آخر من شرعيّتها المفنّدة، ذلك التّصميم الّذي لم أنتبه له .. في صرامة ألبسها عينيه و هو يحدثّني عن الرّحيل .. في تحدِ لا تفقهه " أنثى " اعتقدت أنّها الأذكى بانتعالها علامة غربية .. استطاع أن يمنحني لقطة من مسرح اهتمامه وقَّع بها على وثيقة جرحي بلمسة حانية حين ربت على كتفيّ .. فشعرت لأوّل مرة بعد فاجعتي .. بحاجتي لأن أستخرج نسخة عن الرّصاصة، و ألثمها عنا " نحن الاثنين " بثغر محذوف الابتسامات، لموعد جديد .. ذلك أنّها غادرتني بجسمها الحديدي فقط، تاركة لي شبحها .. كأصل يحتمل النّسخ في أيّ زمان .. و مكان .. كانت هي الأصلح لنا الاثنين، في احتوائها المشروع لأكثر من نقيض .. أعظمها رسالةً، الحياة و الموت .. كرمز للموت و كحقيبة تحوي صفحات الألم لفترة ما بعدها، قبل أن تقذفه متتاليَ الأحداث المدمّرة .. ثم لحياة مشوّهة .. أو لرحيل أبدّي .. ذلك الفارق بيني و بين عزيز .. أنا بشخصي الملهم من الرّصاصة، المرتبك بين تناقضاتها الكثيرة .. و عزيز الّذي مات و في نفسه رغبة خفيّة في اعتناق شهقات الرّصاص ذلك أنّه كان يمنّي نفسه برصاصة لها طعم عربي و منفى عربي اسمه " فلسطين " أولا ثم بعده الجسور " الرثّة " المترامية على امتداد الشّرق .. لكنّه نهاية المطاف انتحر شنقا بعدما أخفقت بين عينيه كلّ احتمالات الموت العربي و آخرها " أنثى" مزّقته بشرعية تجافي الحدود الوطنية، بل تتعداها لتضيع في فلك غربي لا يحاذي مجموعتنا الشّمسية الخاصة .. ذلك أنّ الشّمس لا تطلع هناك إلّا فاسقة، تُشَرِّح أشّعتها فوق الحمراء لجنود همهم الوحيد .. عدد فناجين الدّمار الممتلئة " شرعية حمراء قرمزية " .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
" الطفولة تجرّدت من ملامحها و طقوسها .. كلّ الأجساد مهما كان حجمها تصلح لأن تكون ضحية حرب .. حتّى تلك المقلّصة بفعل الميلاد الجديد .. كرهينة يحتسب الرّهن فيها من ثانية الزّواج العربي .. كلّ الخشية من طفل صغير يلقّن منذ ميلاده معاني الموت لأجل الوطن .." سيدتي حياة ما أروعك حقا ! هذا توصيف مرّ ولكنه دقيق وصادق .. هذه بلاغة أيتها الأديبة قد اختصرت مشهدا كاملا من صورة " الملحمة " نعم يا سيدتي " الخشية " تحولت واقعا وصار الأطفال على استعداد للموت من أجل " الوطن " ..ولكن .. أي وطن ؟! أي معنى بعدما صار الوطن كرسي وزعيم وراقصة وسجاجيد حمراء كلياليهم ولون دمانا ..! مساؤك الخير ( استمري ) وإن مرّ أستاذنا بلغيه التحية دمت بخير وعافية |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
................. سيدي الرائع قولا و فعلا و خلقا .. سرّني أن رأيتك مجدّدا محلقا كحمامة بيضاء بين أوراقي .. صادق و مميّز .. أشكر طيبتك و رقة كلماتك .. الخشية هنا طالت حتّى من يقصدون اغتيال الطفولة .. لأنّ في نفسهم خوف من مستقبل قد تحمله الطفولة في صورة حماة للوطن .. كأنّه اليقين بالنّصر العربي في النهاية .. أشكر قراءتك الجميلة .. أما قضية الكرسي و الزّعيم فهي واقع .. و الحديث عنه لا يفيد .. يكفي أنّنا نعلمه تماما .. و نعلم أنّه سبب المأساة العربية منذ بدايتها الأولى .. سيدي الفاضل .. أعتقد انّ التحية وصلت قبل أن أبلغه إياها .. و قد ردّ بما تستحقه حضرتك .. تقديري الشديد لقامتك .. و امتنان عميق .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
و ها قد امتدّ الحوار كجسر أصيل بين قامتين .. هما أنتما .. استمرا .. فإن التواصل هنا أرفع قدرا من مجرّد كلمات .. تحياتي أبتي الغالي على توقيع جميل .. و مودتي ... وا متناني .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء التاسع و الثلاثون *
.. حتّى في أقصى حالات حزنه كان حكيما : قال لي .. بصوت متهدّج .. بعض الحروف كانت مختنقة .. قد تُشابه شيئا من جرحه في نُطقها .. - لا تهتم يا صديقي .. لا شيء يستحق .. غير الدموع .. أتعتقد أنّ البكاء مجرّد انهيار، مجرّد قطرات مطر يستردها الشّتاء على حين غفلة في لحظة صمت قاربت على الهطول المدمّر .. لولا أن احتوتها العيون الحزينة، الدّمع يحتاج لوقفاتنا المساندة، لأنّه أكثر حزنا منا .. كلّما شعر بالوحدة القاتلة و اللّامبالاة، افتعل حالة شجار مع الذات كي يُذكر بحالة احتباسه القهري ... البكاء حالة انتشاء صارخة .. ألا تشعر حين تبكي بنشوة خاصة تسري بعدها بدمائك دفقة كبرياء ملتهبة .. تشعلك رغبة في امتلاك المتاهات و العزف المجنون تجبّرا و اقتحاما لغير الشّعور المتواطئ .. - ضع ثقتك التّامة بالله و تفقّد الجزء المختبئ بذاتك .. وحده ذلك الجزء مغمور بسعادة حقيقية .. لذلك اختفى في خضم معاركك و الحياة .. و كأنّه شعر بأنّك تنبذه بمواقفك التّافهة و اشتياقك الملتهب للحظة شجن .. - نحن البشر نبحث عن وقفات عزاء .. و تشييع لجثت أوهامنا، حين لا تبقى أيّة فرصة لمصارحة الذات و فكّ طلاسم الوهم الجميل الذي تلبّسنا بإرادتنا و رغبتنا .. حقيقة نحن نرفض المواجهة لذلك نفر و نتخفّى كقطعان خرفان من صغير ذئب ذنبه الوحيد أنّه ورث عن والده ملامحه المرعبة و قطعة لحم معلّقة على أسنانه الأمامية للتنويه .. تبقيه على عهد القتل و النّهش و حتى التنكيل بالجثث .. و تذوّق فصائل الدم " الأربعة " .. كبوصلة كلّ اتجاهاتها تحمل رمز الشّرق " e " و كأنّ إبرتها المغناطيسية تتباهى بانتمائها لمنطق الخيبات و الذّل .. - لا شيء يتجاوز ما كتبه الله لك .. إن لم تنجب .. فذلك لأنّ القدر و السّماء أرادا ذلك و ما جسدك إلّا تعبير أخرس عن حكمة إلهية .. لذلك لن يكون هناك استنساخ منه لو لم يقضي الله بذلك أن يكون .. عزاؤك هو عزاؤك .. فابحث عنه بأعماقك .. متّى وجدته ستجد شيئا من ضالتك .. و شيئا من حنكة أبوتك المفقودة في طفل أردته أن يكون رجلا .. خليفة للرجولة .. حلما مستعصي الكتمان لمن فقد لذة العروبة .. فجوة الرّصاصة تلك .. الّتي تحتمي برجل صرّح ذات يوم أمام قداسة الشجر أنّه .. عربي لا يعترف بالحدود الجغرافية بقدر ما يعترف بالغابات و الطيور و كلّ شيء برّي .. ينتمي بحكم قداسته لوطنه .. هي قضية .. أعظم القضايا تلك التي تسكنك .. ككائن غريب .. لا تبرحك حتّى تكمل ذاتك السّياسية بتوقيع نهايتها ... ذاتك الّتي تريد أن تفجّرها في جسد آخر .. قبل أن تقضي دستورية الحياة أنّ عهدتك قد انتهت، أنهى حكمته بموعظة .. تنهّد بين جُمَلِهَا برقم أحادي .. ثمّ أتّم آخر تنهيداته، آخر تنهيدة حملت معها حياته .. كانت سرا أقفل بها الرّقم مائة .. ذلك الرّقم القاتل .. !! أخرس بعده كلّ الأرقام المتداولة .. في مرحلة جمود تام، حتّى ذلك اليوم الّذي وُجِدَ فيه معلّقا ناحية الشّرق .. .. ماثلا كسياج يفصل الغروب عن القرية .. يكسر صمت اللّيل بصوت الدبابير فوق أول غصن يعلوه .. ذلك العلو المحبّب الّذي انتحر عزيز من فوقه، كان أجمل مكان اعتدت الجلوس رفقته فيه .. يطلّ على أجمل منظر للغابتين المحاذيتين يفصلهما بعض البيوت القصديرية .. و ذات القرميد الأحمر الشهّي للنّظر .. كقطعة حلوى داعبتها شفتي طفل صغير فكان أن أصبحت أشهى أسطورة قد يشتهيها الأطفال عبر أجيال الموت .. من فوق ذلك الجبل انتحر .. كانت لوحته و هو معّلق فوق شجرة جميلة تشبه أنثى في قمة أناقتها و تبجّحها .. ظاهرة قدرية عظيمة .. تبدو مع الغروب المنسكب كقهوة مسائية مرّة في حلق اللّيل، كلوحة ترفض الانتماء .. بدليل أنّها نزعت عنها ألوان الغروب بعده بوقت قصير .. و لبست حدادها المطبوع بقبلة قمرية شاحبة .. أعنف المشاعر تلك التي تَسْكُنُكَ بروح الإبادة .. لتموت كنهاية جميلة لدوافعها . و قد انطوت الحيلة الحرفية هنا على عزيز .. الشاب الذكي، حدّ الخرافة .. ذلك أنّه انتحر كنهاية جميلة لتلك المشاعر الّتي سكنته بتقاسيم غير متشابهة .. بوجه أنثى أحبّها حدّ المستحيل .. و صوت الشّرق الّذي كان يدّوي كلّ مساء، كقنبلة صامتة تدعوه للاستشهاد على أرضٍ أحبّها أيضا حدّ الجنون .. أبادته بعد أن هجرته امرأة بهوامش تصلح أيضا للإبادة .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
[gdwl]((((نحن البشر نبحث عن وقفات عزاء .. و تشييع لجثت أوهامنا، حين لا تبقى أيّة فرصة لمصارحة الذات و فكّ طلاسم الوهم الجميل الذي تلبّسنا بإرادتنا و رغبتنا ..))))[/gdwl]
صورة ولا أبدع!!! استمري...سعادتي كبيرة بزيارة هذه الصفحات !!! مودتي.. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
ماذا أقول لك ايتها الماء .. أنت بالفعل كالماء الذي لا ينقطع سبيله عن العطاش من الأنفس .. أتابع وكنت انتظر بعد احتباس طويل لم يفقدني الصبر وها إني أنا أرتوي . سيدتي الأديبة حياة كوني بخير واستمري بهذا العطاء الرائع تحيتي احترامي محبتي واحلى سلام مربع لأستاذي او عصا .. وإني أراهن بأنه لم يستنفذ قواها بعد برغم مشاغبة بعض التلامذة دلعا في آخر أيام هذه السنة الدراسية الشاقّة على معلم يعتبر التدريس بالفعل رسالة وليس مهنة .. تحياتي ايها الصالح الكريم من هنا :) |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أبتي .. صاحب الحضور الجميل .. الساحر .. صار توقيعك جزء من الصفحات .. لا يمكن الاستغناء عنه أبدا .. حفظك الله لنا .. كل الامتنان و الشكر و الاحترام و مودة عميقة .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أستاذي الغالي رأفت .. و الله كلامك هذا أكبر منّي بكثير .. أحنبت منه رأسي خجلا .. لا أعرف ماذا أقول لحضور أرق من النّسيم .. و حرف أعبق من الياسمين .. سيدي و أستاذي .. أشكر مرورك جدا .. و أشكر كل حرف زرع الصفحات بشعاع من نور .. لك كل الامتنان و التقدير و الشكر ... أولا على إنسانيتك و ثانيا على شخصك و ثالثا على كلّ شيء .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
* الجزء الأربعون * كنت أنظر إليه بعينين شلّتهما صدفة الكلمات .. و صدمة السّكون المفتعل لغرض الاستحضار الذّهني .. كلّ ذكرى مؤلمة تحتاج لاستحضار الماضي بكلّ تفاصيله المأساوية حتّى تكتمل الصورة و يحدث الانهيار، ذلك السّكون كان تبريرا منطقيا لفاجعة طفولية كتلك الّتي علّقها فوق غصن الشّجرة .. أرجوحة مسائية لها مزاج إرباكٍ طفولي .. أرجوحة بجسد رجل و رغبة طفل صغير .. قد يكون جمع فيها شتات طفولته المحرومة، ذلك أنّ والدته قُتِلت و هي حبلى بآخر شقيق كان يفترض أن يكون كذلك .. لو لم يفنّده القدر .. ذُبْحت ذات مساء، كانت حلكته خاصة .. ما بين فصلين، كشجار موسمي .. قيل أنّها قُتِلت ممن أحبّها فوق رقم متعجرف، لا تتجاوزه قمّة الحدس الرّقمي، أحبّها بلغة الأرقام الرّياضية .. في وقت لا أحد كان يجيد التهامس بالشّيفرات و لا أحد يتقن حساب المسافات و المعادلات المبهمة الغامضة .. حيث أنّه أضاع حلقة من أصفاره الكثيرة، خنقها بها بمجرّد أن واتته فرصة البحث الجاد عنه .. وجده معلّقا " كعهد قديم " بأنثى .. و النّساء يتشابهن في احتواء الأشياء الضائعة .. أنثى فقدها لأنّه صعد للجبل و ترك عهده الموثّق بين الوديان و الأشجار و صوت الطائرات و القنابل و الرّصاص .. كانت حبيبته بمنطق المشاعر النبيلة و خطيبته بمنطق " الكَلْمَة " بين الرّجال .. و زوجته باسم ثورة التحرير، لأنّ الزّواج له مفهوم خاص في تلك الحقبة التاريخية، تحكمه الدهاليز و الفجوات و الأحراش و الجهاد .. و الغياب الطويل .. ثم استراحة لساعات محروسة، عاد ذات يوم فوجدها قد تزوجت بمنطق " الكَلْمَة " أيضا، بعدما حرّرتها الجبال و القذائف و احتمالات الموت، منه .. عاد بعد سنتين جاب خلالهما كلّ جبال المنطقة و المدن المجاورة و حتّى الحدود، عاد سالما، لكنّه اعتُقِل باسم الخيانة من شيء اسمه هوس الثأر .. اعتقل منها بها .. و تملّكه فجأة طيف الانتقام الشّرس .. وجد عزيز " طفلها الأول " قد ولد، رجلٌ لرجلٍ آخر .. و فاجعة أخرى تنتظر الميلاد النّاسف لرجولته .. لمرتين .. فقرّر استرجاعها لأبدية لا يمكنها قهره، ثم عاد للجبل برغبة مزدوجة في الاستشهاد القريب .. لأجل الوطن و لأجل الخلاص من ذكرى كانت لوحدها قاتلة .. بل موغلة حدّ التعذيب الجسدي المربَك بعالة نفسية .. أوّل لهفة ملغّمة قادته صوب الاستشهاد بلغم أرضي .. دسّ مشنوقا تحت معطف الثورة فصبّ لعناته و تعويذاته القاتلة .. مات بعدها بشهر و نصف .. و في سترته شيئا من دمها حين أخفى خنجرها الملوّث ورحل، تاركا جسدها السّاكن بالموت، قضيةً تمّ الفصل فيها للتّو، ذلك أنّ موتها الضمني كان قبل افتعاله رسميا بزمن .. !! تاركا جسدها ينزف وجعه المكتوم و شعرها العاري المنسدل يطوّق ما بقي من مسافات حسّية بينهما .. أدرك بعد ساعتين من السّير المتواصل أنّ خيطا كثيفا منها لا يزال متشبثا به، لذلك احتفظ بخنجرها و قطرات دمها إلى أن استشهد، كان يعلم أنّها أحبّته و أنّ شقيقها من تولّى تزويجها خوفا من همجية " العسكر ".. مدارةً لكلّ فضيحة قد تحدث باسم الثّورة أيضا .. لكن لا شيء يبرّر الخيانة حتّى الثّورة نفسها .. حتّى القصائد الملغّمة بحبٍ وحشي .. تلك الّتي تعرفها كلّ الحروب .. كوثيقة تجيز التستّر إرباكا للمقاومة، كلّ أنثى هي زوجة مستباحة بسند وقّعته التّظاهرات العسكرية، تلك الّتي أعلنت ميلاد الغزو اللّعين . حتّى الوسائط الرّوحية لن تغفر لها، إغواء الفترات الّتي أصبحت خلالها أمًا .. و جسدا مطروحا للنّقاش الثوري فكان أن أرغمته قوانين الاستئثار الرّجالي أن يرضخ لها دون تعقيب .. و الغواية لا تستثمر من الوقت شيئا غير أنّها تصاب بانتكاسات تفقدها سطوتها الأولى و النتيجة .. أنّها قتلتها لذنب الصمت .. و الرّضوخ .. و الصمت و الرّضوخ .. سببان تاريخيان لاستمرار القهر البشري و الموت و الدّمار .. سببان للقوة و الضعف .. للقوة بالنسبة لمن أجاد استعمالهما انطلاقا من نفوس الآخرين و الضعف لمن حملهما عالة على صدره .. و على فكره .. ذلك أنّ الذكاء إن لم يعبث بتفكير صاحبه فقد حسّه في التّظليل و الإشارة إلى مواطن الانحراف العقلي .. فيصيب الدماغ بشيء من الجمود .. فتقع الكارثة .. كارثة انفصام الذات و الذات الأخرى .. و الشّخصية و الشخصية الأخرى .. و الانتماء و الانتماء الآخر .. حتّى الموت نفسه .. !! ما كان ليغفر لهما .. أنثى من زمن الحرب .. و أنثى من زمن السّلم المفخّخ باستعباد تام .. أول مهد له القدس الشّريف .. و آخر لحد الهوّة بين الأزمنة الغابرة انطلاقا من أول فجر شهد الانقسام في الذات العربية .. إلى غاية آخر سهم سيوجه باسم الخلاص من القيود الرّوحية .. لذلك عاش عزيز مشنوقا بماضيه و والده الّذي هاجر بعد الفضيحة و تركه في كفالة جدّته، تلك المرأة الّتي لا تمتّ " للأنثى " بصلة .. قاسية كسيف صنعته توابيت الثورة، كقطعتي حديد كبّلت بهما يدي سجين حمل وزر الثورة لأشهر حتّى مات مسندا رأسه لإحداهما، ذلك الدم الممزوج لا يزال عالقا بهما، معلّقا بحائط أخرس بأحد المتاحف الجزائرية، كخنجر تجرّع كلّ فصائل الدّم حتّى صنع لنفسه جسدا جديدا و حجما جديدا .. أروع ما أورثته إياه تلك المرأة " الثورة " قلادةً من عهدها، جعلته بحكم " الوراثة " رجلا قاسيا بملامح جامدة .. حتّى حين فقد أنثى، مسح عن وجهه رسم الانكسار و الحسرة، حتّى جسده صار صلبا كتمثال حديدي .. ثم تنهّد عن صمت ليقطع التّواصل بين صمتين، كان أقسى رجل قبل أن تحرّره تلك المرأة بحبّها من بعض قسوته .. ثمّ لتجلده عن كلّ الأقساط الّتي استنفذها طيشه كعاشق بضعف المسافات الحسّية .. حتّى وضعت خاتمتها الشّرسة الّتي أزاحت عنه روحه، كأقسى عقاب يقهر سلطان المشاعر .. رغم أنّها " كأنثى خائنة " كانت مجرّد استنطاق لرغبة قديمة أو استكمالا لمخطّط قديم .. أي أنّها فاجعة ختمت بقسوة كلّ الفواجع .. هو الّذي قال ذات يوم .. و هو يقصد أن يمازحني عن قصيدة كنت أحرّرها في حضوره .. بحضورها كشيء جميل يتخلّل جلسات المساء .. أرقّ المطر .. ذلك الّذي يُكمّل افتتاحية اعتراف بأنّك تحب .. أجمل الفصول .. ذلك الّذي تعيشه بين انهمارات كثيرة ... هو الّذي قالها عن مزاح .. !! فكيف لو قالها عن اشتياق و حنين .. ؟ كان شاعرا بحكم الفطرة الحزينة .. و حكيما بمنطق التريّث في الحكم على الأشياء .. و عالما بمنطق الإسقاطات العلمية و الرّياضية على الأشياء الأدبية الساذجة .. كان ذكيا بمفهوم الجمود العقلي المحاط بطبيعة صامتة .. و غبيا بمفهوم العلامات الحمراء الّتي كانت تسقط كلّ يوم كإنذارات علمية من الفضاء الخارجي .. حيث أنّه رسم لها نموذجا لهيكل قابل للتثبيت فوق الأرض كمعلم تاريخي .. لكنّه استغنى عنه بجسده يوم شنق نفسه .. و كان ذكيا جدا حدّ الدهاء .. يوم تحدّى العالم ببوصلة آدمية باتجاه واحد .. صوب الشّرق .. كرمز للاستماتة العربية في سبيل الأصالة و العروبة .. حاملا في كفّه بعضا من أغصان الزّيتون .. و علما ورقيا صغيرا يحمل خارطة الجزائر .. كلّ حدودها المشتعلة حمرة متعمّدة، تحمل حرفا هجائيا للاستدلال على الوطن الأكبر .. !! كان عزيز " ثأرا " بين رجلين، الأول قتل والدته و دمّره بموتها و الثاني ترك عهدة التّدمير التّالية لامرأة قاسية .. انفصل عنها بعد ذلك ليكمل دراسته بمتاعب مادية و إرهاق نفسي لاحقه حتّى قضى عليه .. حوّلته المآسي إلى عقل متحرّك .. توقّف فجأة كجهاز آلي .. !! . |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
[gdwl]كان ذكيا جدا حدّ الدهاء .. يوم تحدّى العالم ببوصلة آدمية باتجاه واحد .. صوب الشّرق .. كرمز للاستماتة العربية في سبيل الأصالة و العروبة .. حاملا في كفّه بعضا من أغصان الزّيتون .. و علما ورقيا صغيرا يحمل خارطة الجزائر .. كلّ حدودها المشتعلة حمرة متعمّدة، تحمل حرفا هجائيا للاستدلال على الوطن الأكبر .. !![/gdwl]
..تلك أنتِ في الآخر ولا ريب..!!! استمري...مودتي.. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أبتي الصادق .. الطيب .. الحاضر بصوت روحه النقيّة و بعطائه و سعة صدره .. مهما قلت فلن أوفيك حقك .. فالكلام أمام قامة مثلك يتنّحى ليدع للتقدير و الاحترام مكانه .. و هما عالقان بالرّوح و الفكر و المودة الصادقة .. حفظك الله .. يا نورا اعتلى سماء النور .. تحياتي و مودتي .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
" أرقّ المطر .. ذلك الّذي يُكمّل افتتاحية اعتراف بأنّك تحب ..
أجمل الفصول .. ذلك الّذي تعيشه بين انهمارات كثيرة ..." سيدتي الغالية الأديبة الماطرة في موسم جفاف حياة شهد أحييك وأتابع كما المحبين على رأسهم استاذي الصالح مساؤك الخير والحب والسعادة ( استمري !! ) :) |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أستاذي الكريم رأفت .. سيد الحضور المميّز .. و الإطلالة الساحرة .. لن يكون هناك جفاف و أنت و أبتي الصالح ترسمان حضوركما كمطر رقيق منعش .. يسرني متابعتك و تشجيعك .. ما دمت أشرت إلى هاذين الفقرتين بالذات .. فيسرني و يهمني دعوتكما أنت و أبتي إلى صفحة أخرى .. افتقدتكما فيها كثيرا .. لرجلين حكيمين .. عميقين .. أتمنى أن تنال إعجابكما .. و الرابط . http://www.nooreladab.com/vb/showthr...337#post147337 تحياتي و تقديري أستاذي الفاضل .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
*** الجزء الواحد و الأربعون *** ... عزيز ذات يوم وجد نفسه قد أصبح رجلا بمقاس محدود، أضيق مقاس قد تحويه رجولة مقتبسة عن الآخر .. الرّجل المهزوز بفضيحة أنثوية، الّذي فقد ذاته و اقتبس غيره كي يعيش، و المسافات المقتبسة من حيث الجدّية العقلية أكيد ستكون مشوّهة .. لذلك شغلها بأبعاد أخرى و مقاسات أخرى، حوّلها بموجب معادلة رياضية معقّدة إلى الكل .. الّذي احتواه أيضا .. مسافات لن تكتمل إلّا هناك .. في فلسطين، لهفته الأولى .. قضية الشّرف العربي .. أوّل قضية لا يجوز التماس النّظر فيها .. أراد أن يوسّع مداركه العقلية فالتفّت حوله المسافات الضيّقة للحدود الوطنية و عقلية أنثى، حتّى خنقته .. ذلك أن المسافات الواسعة حدّ الإرباك و التّشكيك، تضيق فجأة عن حقيقة لا مفرّ منها .. !! كان يعمل ليعيش .. ليقهر أزماته النّفسية، ليخرس صواعق الماضي .. ليثبت للكون أنّ عقله فاتحة جديدة لعهد الدّمار .. حتّى لو انقلب الدّمار يوما ضدّه، و قد انتصر بموته حين أصبح أسطورة حيّة .. تتكلّم بصوت الحق و اليقين، أسطورة تتنفّس وسط صدور المؤمنين بجدّية القضية العربية .. رهبةً تقتات من نفسها حتّى تعاظمت .. في صدور الخائنين .. موسوعة ضخمة لمفاهيم الحرّية و اللّانتماء .. لغة الإشارة الجسدية تلك الّتي أجادها، فهمها العالم دون الحاجة للاستعانة بأيّة لغة لها نزوة القيادة .. دون الحاجة لمداراة أي نقص في إتقان لغة أجنبية ذات سيادة .. لذلك كان التنويم عميقا .. و التنبيه قويا جدا كإعصار .. انتصر كشرعية يجوز اقتباس الشّرعية فيها على كلّ شيء يحدّه الوطن .. شرعية تلبسها كلّ أنثى يوم عقد قرانها .. ثوبا أبيضا بتفاصيل شرقية .. بمقاس وحيد له أحقية تحطيم كلّ المقاسات .. و كأنّ المقاس هنا هو الّذي يلبس الجسد .. لذلك تلبّسه حب الوطن بطريقة ضاقت معها مسافات جسده .. في ثانية انهيار أصبح نحيلا جدا .. حتّى أنّ جسده و هو معلّق فوق " سهوة " الشّجرة كان يشبه لحدّ كبير عصا متعصّبة، متجهّمة .. توشك أن تحطّ فوق الرّسم الدائري للكرة الأرضية .. كتأديب شرعي .. لا يجوز عقابه، ذلك أنّ الموت إعفاء من العقوبة .. في حين أنّ عزيز صفع العالم بكفّه و بقايا ابتسامة جفّت من على ملامحه وقت الغروب كانتكاسة مفاجئة .. هو .. الرّجل الّذي جسّد " بعفوية " الرّمز المعقّد للرّجولة .. و وضع فوق حمرة الشّفق الملتهب تصميما رسميا للوجود الأنثوي .. رسم أنثى شرقية يتحدّى لوحة الجوكاندا .. بل يمزّق كلّ هوية غربية للنّساء .. ما عدا الأنثى الشّرقية " حقًا " المرفوعة راية فوق جبين الوطن .. القديسة الحرفية .. الّتي تعلو كلّ الدّفاتر .. و جوازات السّفر .. و القوانين الرّجعية الّتي تحكم الأنثى في زمن تخلّص فيه الرّياء الأنثوي من حظوظه الخفيّة و أصبح يمارس طقوسه جهارا .. فكان لابد من تحريف الزّيف قليلا حتّى يكابد الحقيقة .. كان هو .. حضورا موسميا لا سنويا لذكراه .. كأنّه فصل جديد .. كعيد الرّبيع، احتفالية ضخمة كعيد وطني كأول نوفمبر " تشرين الثاني " الجزائري .. كعيد للكرامة العربية .. كعيد شجرة الزّيتون .. كموسم الجّني، كهطول تاريخي، يحتسب له .. ذلك أنّه شلّ الذّاكرة التّاريخية لأكثر من حقبتين و تمدّد فوق هوامشها يصلّح شيئا من خربشة الأحداث الدّامية .. كأنّه يراجع التّأشيرات الحربية و إحصائيات الموت الساذج .. ذلك الّذي لا يترك رهانا و لا ترميزا و لا تحذيرا .. يشغل هواة فكّ الرّموز و تفكيك الشيفرات و عقد الرّهانات ... و التّجسس .. رعبا آخر .. و لونا آخر للمزاح و التهكّم و السّيطرة ... و التّشفير .. تلك الّتي تعثّر بها و هو في أوجّ حضوره الثوري .. أنثى من عهد آخر و موسم آخر من الخيانة و بمعنى آخر للأنوثة .. أعادت إرباك الذّكرى .. بأن فتحت أمامه سجلات والدته و كرّرت المأساة .. تلك الخيانة المتعّمدة لا تشبه الأخرى .. إلّا في الانتهاك الخطير للرّجولة العربية .. في الانتماء لرجل آخر .. لذلك انتقاما من حدس رجولة أخفقت أمام دهاء أنثى .. كان يتظاهر بالنّسيان .. و مع ذلك .. كان يجيد رسم " الأنثى " كما لو كانت " ارتباكات " غامضة للحياة المزدوجة .. بدونها لن يتحقّق الإنصاف الدنيوي .. لولا الارتباكات المتعمّدة في تصاميمها لما استطاع الكون أن يعيش تناقضاته و أهواله و انقساماته و تقلباته .. حتّى المزاج المتقّلب للعالم له نزعات أنثوية .. لذلك كان يقول عنها :
رجل أكسب الأنثى حفاوة تاريخية .. لا يمكن أن ننسب له " مجرّد " هزيمة أنثوية ساذجة .. فقد هزمها تاريخيا بحرفية أجادها صدفة .. أخرست معها كلّ القصائد الّتي تغزّلتُ فيها بأنثى مرّت كرمز جريء .. ثم ماتت بين الصفحتين .. صفحتها و صفحة قصيدة أخرى .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
(((رسم أنثى لا من وحي جُرحَيْهِ و إنّما من منطق الاستدلال على الطبيعة الأنثوية، يصفها تارة بأنّها الملاك المتنّكر، و تارة بأنّها انتهازية ، و تارة الختم السّري ، و أنّها الحدث المميّز رغم صفعتها المزدوجة في الفترة القصيرة الّتي " تعلّمها " فيها .. بغض النّظر عن صفعاتها الأخرى على وجه التاريخ ..)))
...وروائية مبدعة تارة أخرى..هكذا يراك الوالد المتعطّش إلى إبداعاتك..استمري.. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أبت الغالي .. أولا أعتذر عن الغياب .. رغم أنّي قضيت إجازتي قريبة من قسنطينة أي في الشرق الجزائري و قد شعرت بنورك هناك .. أبت دخلت أكثر من مرة هنا و قرأت ردك أكثر من مرة و في كلّ مرة كنت أزداد غبطة و سعادة .. شهادة أفتخر بها و أتمنى أن أكون حقا في مستواها أما عن الوالد هذا الحاضر دوما فأنا أكثر تعطشا لحضوره و عطفه .. شكرا أبت .. بمعان أكثر عمقا من أعمق بحر و أعلى أعلى بكثير من جسور قسنطينة الشاهقة .. و مودة لا تقيّدها مسافات .. تقديري العميق .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
شكرا أبت حقا أنا جد ممتنة لك .. صدقني بدأت الأمور تختلط علي .. هناك بعض الأجزاء أضفت لها بعض الفقرات لكني لا اتذكرها و لم احاول تعديلها هنا .. أعتقد أن هذا الجزء هو أهم جزء كانت إضافته نوعا ما مهمة بالنسبة لي لذلك قررت تعديله .. أعلم مسؤولياتك الكثيرة و لا أريد أن أرهقك معي .. عبارة نحن في الخدمة تصلح لنا أبناؤك لنقولها لك .. شكرا من أعماقي .. أتمنى لك دوام الصحة و العافية .. كلّ المودة و التقدير . |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
*** الجزء الثاني و الأربعون *** ... انتفض هو بعد زوبعة نسائية .. فقط ليكمل سلسلة انتفاضاته .. وجها لوجه .. ليكسر ما التصق بخفّه من أشواك .. و يحرق قمصانه الّتي تشبّث بها عطر خبيث .. ذاك الّذي أهدته إياه لأكثر من عيد ميلاد في سنة واحدة، هي عمر الانكسارات المتتالية .. و التّواريخ الّتي ترمز لذكرى مزدوجة .. الذّكرى القاتلة الّتي وقف الاستشهاد عليها عند البزوغ الأول و إطلالة المبكّرة لشمس جريئة، لا تنتمي للشّرق ..كانت تترصّد دموعه ( لموعد مؤجل ) كانت تعلمه جيدا بل و تدوّن تفاصيله على خيوطها الذهبية المنتحرة من فوق جبال محايدة، تلك الّتي تقع زمنيا بين عهدتين، كلّ واحدة مشفّرة بأنثى حين تُسدلُ شعرها الأشقر الطويل، المموّج، فوق ركبتيْ اللّيل و في سكون تام لتخنق بها، رجلا أخطأ توقيت الخروج فمات بين عقارب ساعة آلية .. لا أحد يملك حقّ إيقافها، غير الزّمن المترامي الحدود بين شرق و غرب .. تلك الإطلالة الّتي أبدا ما كانت تصلح لأن توثّق شيئا مقدّسا .. لذلك أخفق في امتلاكها كأنثى .. !! عزيز قبل عودتي للعاصمة تغيّر من أفضل لأفضل حيث وطّد علاقته بالله و أصبح أكثر ميلًا للعبادة و الانطواء للتأمل الدّيني المحض و شيئا من ممارسة انطباعاته الفكرية على دفاتر كان يجيد حفظها كرسائل شفوية تُدْلَى بين أشجار الزّيتون، في كلّ مساء صيفي حيث يُنصتُ له العالم جبرا و يصفّق أيضا جبرا و الصّمت الآسر حول القرى يوحي بحالة من التآمر الحرفي لوثيقة قد يوقّع عهدها قريبا، توصي بقدسية الجبل كراصد لأهواء النّفس و الحكمة و الحنكة و المروءة ... في مدة الساعات الطويلة التالية التي غبتها عن القرية فيما بعد انتحر و كأنّ تفاصيل انتحاره حلقة مفقودة في علاقاته الفكرية الكثيرة .. لغز ما يلفّ قضية انتحاره الغريبة .. و كان علي أن ألملم حلقات العقد المتناثرة ثم بعدها أبحث عن ما فقد منها حين قطع الحبل بقوة انجذاب عظيمة .. شيء له علاقة بالغروب المفتعل في تلك الأمسية .. لا زالت رسالته في ماجستير الحياة مخبّأة بعناية إلهية في أدراج ذاكرتي .. حتى عرضه المكتوم لها لا زال يكابد لوحاتي موقعها على جدار آلامي .. و درجة الامتياز التي تحصّل عليها في آخر لقطة للعرض و التي شنقته على إثرها أنثى بحضور مزدوج للرّغبة الثورية و هي .. و صحفه المقدّسة " الأنثى " الأخرى الّتي تهاوت فوق أوراقها صور الخيانة العظمى .. لا زالت بصماته محفورة بحبري السرّي الّذي لا يجوز لي أن أُفْرِدَهُ على أوراقي إلّا حين تغتالني أنثى و ها قد اغتالني عزيز بصوت الرّجولة .. لا زال ختمه ينزف على أوراق شجني بخط أحمر ممتقع مشنوق .. تشبهه لحظة موته .. و تشبهني بعده ببضع سنين حين تعرّفت على أنثى الشال يوما خلّفت حقدا و شوقا شنقاني عن كلّ الماضي بشقيه الثوري العربي و الأنثى .. و كنت بحاجة لشيء من الذّكاء حتّى أرمز لهما كصفعة قد تكون قاتلة لحالة الإرباك و الصّمت و السكون المحيطة بذاكرتي و أوراقي و صحيفتي تلك الّتي تعلّمت أن أخطّ فيها عن كلّ يوم و فوق دقاتها العنيفة شيئا من ألمي و حرقتي لتنفجر .. و لم تنفجر .. و بقيت أنا مربكا بها و بأوصافها للخيانة .. لذلك هزمني عزيز بذكائه حين رمز بجسده و راياته الوطنية و الزّيتون و كلماته حين قال عنهما :
*** تلك الكلمات الّتي قالها عن " طيب خاطر " و إرهاق تمادى في صياغاته النّفسية فوق جسده المنهك فزاده تحرّرا من المفاهيم العقيمة .. محتكرا ما تبقّى من ملاجئ للدمار ليفكّ عنه لعنة السّكون .. أحدثت الفرق بين اللّغة الموقّع عليها في سند رسمي و بين لغته المتروكة كعهد بين الأشجار للتّوقيع الجماعي، بين الوثيقة الساكنة و صفحات السماء الّتي لا تقبل الطّي أو الصمت لبرهة من الزّمن .. بل تقبل التناوب الفصلي و انهيارات الفصول عند كلّ نهاية موسمية و ذلك الرّعد الصارخ من عمق القهر و الغضب .. لذلك حين وصلتها " أنثاه " إنذاراته الصوتية فقدت أنوثتها العربية و انتماءها .. تلك المرأة الّتي خانته باسم الهجرة أصبحت خرساء تماما إلّا من لغة البلد الّذي اعتنقته كبديل عن شرقيتها و صورتها القديمة، قبل أكثر من عشرين سنة و هي تلاعب حبّات الزّيتون المتساقطة و تبتسم .. تلك الصورة لها وشاح ماضٍ سقيم و خيوط عنكبوت تلفّها كالخيانة تماما .. عزيز علّمني قبل أن تتنحّى عن نفسي حفاوة الطفولة، و في قمة ذهولي كيف أشدُّ ربطة عنقي بقوة كلّما شعرت بغصّة مفاجئة و كأنّ الغصّة أيضا تخاف الموت شنقا ... فتتوارى و تندثر و تنطفئ كرغبة قديمة .. حين أشعل النجوم حولي بدافع مما اتقدّ بداخله منها و أمرني أن أخرس عنها النّور لثانية أعقد فيها العزم على أن أسيطر على كلّ شيء أراه دخيلا على أفكاري حتّى و إن كانت طاقاته فوق احتمالي .. علّمني كيف أشعل أعواد الكبريت انطلاقا من شفتيّ محاولة لإسقاط لغة النّار فوق الدفاتر الّتي تحتقر اللّغة الّتي نامت قهرا فوق سطورها .. و هي الآمة الّتي تجاوزتها قوانين العبودية فقرّرت أن تحني ذاتها استنطاقا للحرية المرسومة فوق جسدها الأبيض و تنزع عن شفتيها هفوات الذاكرة الحرفية الصامتة .. لتنطق .. و الأوراق " كأنثى " قد تقبل الذّل على نفسها انطلاقا من سطورها الموهومة بالرّياء .. و قد تحمل من إرهاصات ذاكرتها الحرفية ما يجعل العالم يفتتح ذاته من جديد، انطلاقا من قوة الحرف القاتل .. عزيز كان يحاور الغروب الّذي يحيد بانتمائه للجهة الأخرى .. رافضا أن يتمثّل بألوانه الحارقة على جسده .. يحاوره كأنّه يتحدث إليها و هو المتّهم بإيصال جرحه إلى الدّفة الأخرى من العالم .. إليها .. و كنت في سرّي أستنطق جرح أبوّتي خلف كلماته .. - عد أيّها الغروب .. إلى موطنك فإن جسدي وطنا مهجورا لا حدود له .. لا تقاليد تحكمه .. لا عواطف تطوّقه .. " لا مكان فيه يضمّك إليه " .. " لا سماء بذاتي قد تتلوّن بألوانك .. لا ليل و لا شيء من أثري قد يهيم بألوان الشّفق .. و أنا المنطلق بكفّي لأصفع المدن النّائمة خلفك .. فوق جرحي .. - عد إلى شجرة زيتون حملت رسمك على جذعها الصلب .. فإنه سيقهرك حتما بيوم جديد .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
القيظ لا يُذهبه إلا جزء من تصاميمك الرائعة أيتها الأنثى المبدعة...حياة ابنتي المدللة دوما ..استمرّي...مودتي..
|
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
يا ليتني أستطيع أن أفكّ عنك كلّ القيود الفصلية .. ليس فقط القيظ .. فانا عن نفسي أتناسى في حضورك الألم لما تبسطه كلماتك من سعادة على نفسي .. أبت الغالي .. حضور كما هو المعتاد أروع من كلّ شيء .. أشكر طيبتك و حضورك و رقيّك و سمو روحك .. كلّ المودة و الامتنان .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
*** الجزء الثالث و الأربعون *** ... و كنت أقول : انتصب الغروب فوق نافذتي شاهقا .. رحل بعدك بثانيتين و تركني مجلودا بحمرته .. و ها الخريف قد جاء .. قد حضر موسم الشجن، كيف يا ترى سيفتتح ذاكرته السوداء .. ؟ بعدك أيّها المهاجر الصّامت .. كيف لي أن أحتاط له و قد جعلتني الرّصاصة شاغرا من كلّ شيء، حتّى من نفسي .. حطام رجل .. تمثّل أيّها الغروب فوق جسدي، فإنّه بلا ثمن .. قد يزيدك اشتعالا .. ذاك طفلي فقد طويته عنّي باشتعال رصاصة تشبهك في ألوانك الحارقة .. ذاك طفلي و أنا الفاقد أبوته و صدري الحزين دونه .. و ها قد انضمّ لسلالة الشتاء فزادني بردا، دعه يعد إلى دفاتري، شوقا لا ينتهي، يمزّق جنونه عليها و يلوِّن أرجاء البيت بألوانه الزّيتية و لا يكتفي بقطعة السّجاد الثمينة المنهكة من هوامش الذكرى، التي أجلس دونها وفاءً للتراب .. فمع الفوضى تصرخ الطفولة .. يكفيني حيطان ذاكرتي الشاغرة .. الخالية من كل عبث طفولي و تمرد طفولي و صراخ طفولي .. دفاتري محمومة يا صغيري .. كهذا المساء .. كشظيّة اللّهب الصّامت الجالسة قربي .. كهذا الرّجل شعرت يوما بارتباكاتك داخلي .. ساعات قبل أن تنحني لتلثم الغروب و ترحل معه .. بعيدا .. شيء يشبهه فيك اليوم .. شيء يواسيني فيكما .. و لا زلت أفنّد قصيدة شوقي السابق لأوانه .. أبّها الغروب ما بالك قدمت قاسيا و أنت سيّد الرومانسية قبلا .. ما بالك تفقدني شهيّتي للحضور فوق تقاسيمك بقصيدة جديدة علّها تشقّ عنك أنثى .. كما رسمتها كما صمّمتها بكلّ مقاسات الدنيا .. فوق التّاريخ، بحدود تماما كالقارات، بعمق كالمحيطات، كوطن يغرق في دفاتره الحمراء .. كأنشودة ضمّت شفتيها كي تربك تلك الشعارات الواهية .. كلوحة لا حضور فيها لألوان الرّياء .. كأغنية تتقاسمها السماء شهبا و نيازكا حارقة .. كعصفورة صغيرة تعثّر بمسارها الرّقيق ذاك الصقر الواقف مشدوها بدمية غربية، فسقط عنه القناع فوق مدينتي .. تلك الّتي رسمتها قبلك بدونك .. لا إنذار فيها بقدوم الليل .. و لا وحشته .. كدمعة .. كدمعتي .. و الآن تشنق شفتيك عن نصف ابتسامة و تستّل خيوطك و ترحل .. و تعدني بشيء قريب .. ينطلق من وريد صديقي ليصل حمما تغتالني بقوة الاحتراق الرّوحي .. مهلا .. أيّها الغروب .. لا تؤدي اليّمين الناسفة لرجولته لأجل الوطن .. فلا يزال هذا الأبكم بحاجة لحضور حكمته و حنكته في ترويض العقول المتحجرة .. لا زالت الحدود تلتقي خفية لتمارس تكهناتها للغد الجميل و هو الواقف تحت شجراتها الولود، يبارك نسل البرتقال و الزيتون و يضمّ شفتيه عن تقبيل العنب، علّه يخاف الخطيئة .. علّه يتبصّر شؤما من حبّات العنب، فكلّها مخادعة حين تحيك لك كأس نبيذ، تتجرّعها كخبث يمتزج بأمعائك فتلفظ أنفاس الوطن .. و تشيّع ذاكرتك المحبطة بلذّة مُسَوَّغة بالاعتقاد و الاحتمال و الشّك .. هذا الرّجل لا زال فارا من ذاكرته لحقبة سوداء .. لاجئا لدفاتر احلامه .. مختالا بذاكرة شاغرة إلّا من وعود سماوية .. تلك التي لها نكهة الخلاص الحتمي و الصادق .. مهلا .. تريّث فإنّ بعدك أشياءً ما كنت لتراها و أنت الشاحذ ألوان النّار، الممسك بزمام الظلام .. ارفع شفتيك عن تلك الزاوية فقد قبَّلها النّهار قبلك و عَهْدُكَ أن لا تلوّث مساحة شغلتها أقاويل أخرى .. ما بالك قدمت منتشيا كأنّك تعطّرت من سذاجتي يكفيك طعنا و فتكا فشعارك المدسوس في قضيّتي لا يزال كسِرٍ يدمّر طاقاتي في لمّ الانكسار .. بعدك دوما يحتفل النّهار بشعلة خلّفتها و أنت الطفل الطالع من عمق الظلام شهوة قتل .. تخيفني نظراتك و حفاوتك في بسط كفَّيْك مسالما كي تقتلع وجود الأطفال .. أيّها الغروب المستكين، قتلت طفلي .. و ها أنت تعتزم ( لجرح جديد ) أن تقتل طفولتي و شبابي و حكايات سمري .. و ذكرى الأنوثة .. هذا الحرف القاتل " أنثى " لا يصلح لأن يكون كلمة .. لا تاء تأنيت تفكّ عنه عقد النّساء و لا النّطق كفيل بأن يجعلها طاقة قصوى تمدّن قصائدي بطريقة أتحرّى فيها وجودي من عدمي .. كيف سأصمّم شهيّتي على مقاسات الرّحيل .. و هو الرّجل المنضمّ إلى الشّجر الأخضر كفاكهة لا تقبل شتم المواسم و لا رياءها .. لذلك استعبد هو مسافات الفصول و نما وسط ذهولي " رجلا لكلّ وقت و لكلّ زمان " .. حين أصرّ على منحي دقّاته الأخيرة، قبيل الغروب، تفاجأت و احترت كيف لي أن أَقْبَلَ هديّته و كنت أُجَهِّز لأن أجعله آخر نبض حتّى تتحدّ دقَّاتنا .. و كأنّه احتفظ بنبض متباطئ يحفظ حضوره حتّى ينفّذ خطّته في قهر الغروب، مشنوقا قبالته، حتّى يغيّر بلوحته تضاريس الجبال المحيطة و يغيّر واجهة الشّمس .. لكنّه خان العهد و أجاد عدّ الدّقات ثم رحل حين سكنت عنه السّاعة المقرونة بالأرقام .. حين توقّفت عند الصفر .. و كنت أنا هناك أبحث عن ضالتي بين الحروف، و لم أعي أنّ الحروف ظاهرة حمقاء، يشبهه الموت الجزافي .. في انعتاق الرّوح لأجل الأسمى من القضايا .. ليس فقط لأجل أن يستتب حواسه في ماهية الجسد دون أن يحلّق فوق ذلك البّعد المرسوم كعاهة في الأفق .. أليست الشّمس سيّدة الموقف .. ؟ حين يتعلّق الأمر بالظّلال المرسومة .. و الرّوح ذلك الوجود و العدم، الحّاسة الخارقة الّتي لا ترتبط حتما بأيّ عضو من أعضاء الجسد لذلك أبدا ما كانت تصلح لأن تُفْقَدَ إلاّ لأجل قضيّة مصيرية .. |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
أستاذة حياة حقا لديك أسلوب مميز في الكتابة
هناك طابع فلسفي يسكن في سطور روايتك الجميلة، أتمنى أن تستمري في النشر حتى نهاية الرواية، لأني أتوق لقراءتها بوحدة شعورية واحدة، وكوني على يقين حتى وإن انشغلنا سنبقى نطل من حين لآخر لنطلع على ما تنثريه هنا من إبداع تقبلي احترامي وتقديري |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
سأقرأ بتأني على دفعات ،ذلك أفضل لقارئ النت
بانتظارك ،فأكملي تحيتي |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
لقد كنت سابقاً أقرأ مقتطفات حتى أحضر نفسي وعقلي وأتحايل على مشاغلي
أما الآن فقد انتهيت من قراءة أول 5 أجزاء من الرواية حقاً لقد شدني الربط بين الربيع العربي ومفاهيمه المتضاربة بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ومشكك وبين ذلك الرجل الغريب وقصته مع تلك المرأة! سنتابع إن شاء الله مع الأجزاء الخمسة عما قريب شكرا لك أيتها الأديبة |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
*** الجزء الثالث و الأربعون *** ... و كنت أقول : انتصب الغروب فوق نافذتي شاهقا .. رحل بعدك بثانيتين و تركني مجلودا بحمرته .. و ها الخريف قد جاء .. قد حضر موسم الشجن، كيف يا ترى سيفتتح ذاكرته السوداء .. ؟ بعدك أيّها المهاجر الصّامت .. كيف لي أن أحتاط له و قد جعلتني الرّصاصة شاغرا من كلّ شيء، حتّى من نفسي .. حطام رجل .. حياة شهد بداية جزء غاية في العمق والدلالة!! استمرّي حتى يكتمل العمل إن شاء الله...مودتي... |
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
اقتباس:
أشكر نبلك أخي الكريم .. علاء تسرّني قراءاتك الواعية .. أتمنى أن اكون عند حسن تطلعاتكم .. كلّ الشكر و الامتنان .. |
الساعة الآن 58 : 08 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية