منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   جمهورية الأدباء العرب (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=374)
-   -   خريف الأحزان (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=12948)

ندى الريف 24 / 10 / 2009 08 : 07 PM

خريف الأحزان
 
عادت بي الذكريات إلى مرتعي الذي كنت ألهو فيه و ألعب الساعات الطوال دون أن اكل أو أمل..
مضيت في طريقي لا أرى منه شيئا إلا ماكنت ماضية في البحث عنه.. توقفت برهة بباب الكهف الذي كنا نختبئ فيه من عواصف الشتاء و زخات المطر و لفحات الشمس الحارقة..
عدت بفكري إلى زمن غير بعيد كان يجلس فيه بجانبي.. و يسمعني من كلمات العشق و الغرام ما لم تسمع مثله امرأة قط..
كان يجعلني بكلامه أبدو امرأة ناضجة تارة.. و طفلة مدللة تارة أخرى..
آه من هذا الفراق الذي يجعل الذكريات نارا تشتعل في قلوب المحبين..
تقدمت خطوة إلى الجهة التي نقش فيها اسمينا على الصخر.. كان يفعل ذلك بقلبه لا بيده، و كانت السعادة تنط من عينيه اللامعتين تقولان لن يفرق بيننا شيء مهما طال الزمان..
لكن هيهات قد أتى ما فرق بيننا..
توقفت لحظة عن تفكيري.. فأخذت الدموع تنسكب على خدودي و تروي أحزاني و آلامي بحرقة الفراق.. كل ما حولي كان يشاطرني الحزن..
تقدمت بخطى متثاقلة نحو الشجرة التي لطالما أظلتنا بأوراقها و شهدت بوحنا.. لكني حزنت أكثر حين رأيت أوراقها ذابلة و أغصانها جافة.. كأنها أحست الألم الذي يعتصر قلبينا فعاشت معنا مأساة الحزن..
سألتها عن أخباره.. و هل يزور مهد عشقنا.. فأجابت أنه يأتي كل يوم يذرف الدموع ثم يمضي غارقا في أحزانه.
حملت طرف ثوبي بين يدي و أخذت أجري عائدة من حيث أتيت كيلا...
ما كنت أخشاه قد وقع.. تراءى لي من بعيد طيفه.. فركت عيناي خشية أن أكون في حلم.. و كلما اقترب فركت عيناي أكثر حتى أراه بوضوح.. كل شيء بداخلي كان يقول لي أنه هو.. لكن..
عندما حدثته كان شخصا آخر لا اعرفه في صورة حبيب أعرفه حق المعرفة..
ما صدقت نفسي.. طرحت عليه السؤال تلو السؤال.. و في كل مرة كان يجيبني بما رجعت به هما فوق همي..
تركته متجها نحو الغدير و عدت أدراجي و أنا مثقلة بالأحزان..
لكم تمنيت لو لم أذهب إلى مرتعي..
و لكم تمنيت لو لم يأخذني الحنين إليه..
و لكم تمنيت أن تبقى ذكراه جميلة في قلبي..

رشيد الميموني 24 / 10 / 2009 20 : 08 PM

رد: خريف الأحزان
 
أختي ندى .. لا ادري إن كان "خريف الأحزان" عنوانا فقط لنصك البهي هذا أم أنك اخترته اسما لجمهوريتك .. إذا كان كذلك فإني أهنئك و ارحب بها بين الجمهوريات الأخريات .
ما لفت انتباهي هي البداية الحزينة لهذه الإطلالة الأولى أو الثانية لك هنا .. ذكرتني بعشي الدافئ و بشجرتي الكبيرة .. ولهذا وجدت صعوبة كبيرة في مغادرة جمهوريتك هذه .
لكم تمنيت لو لم أذهب إلى مرتعي..
و لكم تمنيت لو لم يأخذني الحنين إليه..
و لكم تمنيت أن تبقى ذكراه جميلة في قلبي..
أرى هنا قمة اليأس و القنوط .. أملي أن تعود الأمور كما كانت عليه من قبل حين "كان يجعلني بكلامه أبدو امرأة ناضجة تارة.. و طفلة مدللة تارة أخرى.."لتسعدي مع من تحبين ويعم الوئام و الصفاء القلوب .
انطلاقة موفقة لبوحك الذي جاء صادقا وعفويا..
دام تألقك .

جمال سبع 24 / 10 / 2009 24 : 11 PM

رد: خريف الأحزان
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى الريف (المشاركة 48962)
توقفت لحظة عن تفكيري.. فأخذت الدموع تنسكب على خدودي و تروي أحزاني و آلامي بحرقة الفراق.. كل ما حولي كان يشاطرني الحزن..
تقدت بخطى متثاقلة نحو الشجرة التي لطالما أظلتنا بأوراقها و شهدت بوحنا.. لكني حزنت أكثر حين رأيت أوراقها ذابلة و أغصانها جافة.. كأنها أحست الألم الذي يعتصر قلبينا فعاشت معنا مأساة الحزن..
سألتها عن أخباره.. و هل يزور مهد عشقنا.. فأجابت أنه يأتي كل يوم يذرف الدموع ثم يمضي غارقا في أحزانه.

بداية جميلة لقلم يوعد بما هو أجمل ... أختي ندى قصتك حملت عبر طياتها أنفاسا محترقة متجدرة في الروح .. عاطفة صادقة جدا جدا و كلمات متناسقة ... اتمنى أن تغوصي أكثر في عالم الكتابة فنجد جمهورية لك و لوحدك نزورها كلما حملتنا نسائم الصباح .

ندى الريف 24 / 10 / 2009 51 : 11 PM

رد: خريف الأحزان
 
الأستاذ الأخ الغالي رشيد
أنحني أمامك سيدي شكرا و تقديرا على متابعتك و اهتمامك بالكتابات و الكتاب الجدد
"خريف الأحزان" هو عنوان للنص أما جمهوريتي فأسميتها "الفصول الأربعة"
أرحب بك و بجميع الأهل في نور الأدب في جمهوريتي المتواضعة و التي حتما ستكبر بدعمكم و تواجدكم
لك كل المودة

ندى الريف 24 / 10 / 2009 56 : 11 PM

رد: خريف الأحزان
 
صاحب الحروف المحترفة الأستاذ جمال
شكري و تقديري على اهتمامك
مرحبا بك في جهوريتي المتواضعة كلما حملتك نسائم الصباح أو لفحات المساء
على الرحب و السعة

ندى الريف 25 / 10 / 2009 29 : 12 AM

رد: الفصول الأربعة
 
أسدل الليل خيوطه و أنا جالسة في مكاني أمام النافذة أتأمل النجوم المتلألئة في جو السماء و أرقب القمر عله يأتيني بخبر عنه..
هب نسيم عليل عبر من خلال النافذة و لاعب جدائلي..ذكرني الموقف بليالي كنا نقضيها معا ..كم مرة ناداني بذات الجدائل..و كم مرة أزاح بيديه خصلات من شعري قد دفعها النسيم إلى تغطية وجهي..
أتراه يذكرني الآن كما أذكره ..أم تراه طوى صفحة عشقنا أو رماها في مهب الريح..
لقد تعبت من أحاسيسي المدفونة بداخلي.. و استمر بوحي في صمت يطاردني.. كنا نصمت معا فيخرج الكلام من صمتنا عذبا رقراقا يفهم كل منا الآخر..كان بوحنا رائعا..كان صمتنا رائعا..و كان عشقنا رائعا..
لا أدري لم أستمر في تعذيب نفسي و تعذيبك معي.. حاولت منع قلمي أيضا من البوح لكنه أبى عندما رآني في أحزاني فرق لحالي و انسابت الكلمات منه إليك لتعبر لك عما أعاني..
وحيدة أرى نفسي من دونك.. و تائهة أرى حالي في بعدك..
لكم هو مؤلم أن أشتاق إليك و لا أكلمك..و لكم هو مؤلم أن أحبك و لا أكون بقربك..
أيها البعيد القريب.. أيها الغريب الحبيب..أحببتك بعقلي قبل قلبي.. فملكت بحبك كل كياني..
ألا تعلم بعد مقدار حبك في قلبي..
قلت لك يوما أن حبك سيعذبني .. و كان فعلا حبك شقائي و هنائي و حزني و سعادتي..
لله درك أيها الحبيب..ما عساي أفعل من دونك..
أرسل لك رسالة عبر خيوط هذا الليل البهي الذي ذكرني بأيام خلت..
ألا تزال على عهدك لي أم أن العهد كان كلمة محاها البعد و طواها النسيان..
لكني لست عاتبة عليك فقد نقشت بيدي هاتين كلمة الفراق و حكمت على نفسي و عليك بالعذاب.. فسامحني يا حبيبا إلى قلبي و عقلي و كل الكيان.

رشيد الميموني 28 / 10 / 2009 08 : 01 PM

رد: خريف الأحزان
 
جلسة رومانسية في ليل يطبعه الأسى و الألم .. مناجاة نابعة من قلب محب عاشق يئن من تأنيب الضمير على فراق كان هو سببه .
أختي ندى .. لا زلت في خطك التصاعدي الإبداعي . وأنت تنقشين هنا أعذب الكلام .
لا بد لكل فراق من لقاء كما قال الشاعر :
وكم يكون الفراق بلا لقاء////// ولكن لا لقاء بلا فراق
مزيدا من الإبداع و التألق .

ندى الريف 31 / 10 / 2009 47 : 06 PM

رد: خريف الأحزان
 
حملت قلمي بين يدي عله يسطر كلمات تزيح عن قلبي ما اعتراه من حزن و ضيق.. فسطر من الكلمات ما سال دما على أوراقي و دموعا على وجنتي..
هذا اليوم أحسست بوحدة قاتلة لم أعرف سببها.. كنت أشتهي سماع كلام لطالما تغنى على مسمعي.. و أذوب في ألحان شذى بها صوت قلبه الحنون..
تراك تتلاعب بهذا القلب الضعيف الذي أهداك حبا كبيرا على طبق ماسي..
ليت الزمن توقف في تلك اللحظة التي لم يكن فيها حواجز بيننا.. و لكن مرت الأيام و الليالي و الساعات و الدقائق بسرعة البرق تحمل إلينا خبر الفراق.. و يا له من خبر..
ما زلت حتى اللحظة أخط اسمه على رمال الشاطئ فيمسحه مد الموج العاتي.. فمن ذا الذي سيمسح اسمه الذي نقش على جدار قلبي..
ترى أكانت سعادتي في تلك اللحظات مجرد سراب.. أم كانت حقيقة مزيفة.. أم تراها كانت نزقا طفوليا عابثا.. فلتكن ما قدر لها أن تكون.. ما عدت أبالي..
ابتعدت عنك و تألمت كثيرا من دموعي و آلامي و ما عدت قادرة عليها الآن لأني تعبت من البحث عنك..
فيما مضى كنت أجدك في كل شيء صادفه بصري.. فأملي عيني منك حتى و أنت بعيد عني
أما الآن ... لم أعد أدري ما سيحصل الآن..
سأترك ذلك للأيام و سأرضى بما قدر لي..

رشيد الميموني 31 / 10 / 2009 30 : 07 PM

رد: خريف الأحزان
 
أختي ندى
النبرة الحزينة التي لمستها في النص السابق لهذا زادت أسى و ألما .. اشعر بالأنين ينبعث بين الحروف .. كلمات تعبر بصدق عن الوحدة القاتلة ..
حقا كان اختيارك "خريف الأحزان" إسما جمهوريتك موفقا .. لكني لم أكن أنتظر أن يبلغ الألم هذا المدى ..
الاحتفاظ ولو ببصيص من الأمل يجعلنا نبدد الوحشة ونخفف الألام التي تعصر قلوبنا في انتظار بزوغ فجر جديد ..
أستمتع جدا بما تكتبين أختي .
دمت متألقة

مرفت شكري 31 / 10 / 2009 03 : 09 PM

رد: خريف الأحزان
 
الأخت الفاضلة ندى :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
ترى أكانت سعادتي في تلك اللحظات مجرد سراب.. أم كانت حقيقة مزيفة.. أم تراها كانت نزقا طفوليا عابثا.. فلتكن ما قدر لها أن تكون.. ما عدت أبالي..

كلماتك فيها الكثير من الألم و الحزن و الشجن .. ولكن فيها روشتة لعلاج الألم والتغلب عليه .. بمعرفة الحقيقة ومواجهتها .. فهذه السعادة كانت زائفة و سراب وحب غير ناضج ..

في انتظار عملك القادم الذي يدعو إلى الأمل و التفاؤل وحب الحياة .. تحياتي وتقديري

ناهد شما 28 / 01 / 2010 20 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 

عزيزتي الأستاذة ندى رغم استمتاعي ببوحك الجميل والذي يلفه الحزن أحياناً
أشعر أن بداخلك الشيء الجميل ..
ها أنا أترنح بين سطور كلماتك أتكئ هنا بعض الوقت
وأتألم لهذا الحزن القابع وأتأمل جمال الوصف
وما يمسح من مد الجزر العاتي لا يمكن أن يمسح عن جدار القلب
لأن النقش لا يمكن ان يزول عن القلب بسهولة
أنتظر بوحك الجديد .. ما دامت الشمس تشرق فالأمل موجود
دمت بخير

رشيد الميموني 10 / 03 / 2010 45 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 
أختي العزيزة ندى ..
كان في البداية خريف الأحزان .. وطالنا الحزن عند قراءتنا لسطورك المثخنة جراحا .. لكن الخريف ولى و تبعه الشتاء .. وها نحن على أبواب الربيع .. فهل يحمل لنا مع نسائمه العليلة ما يبشرنا بعودتك إلى جمهوريتك لتمتعينا بما يجود قلمك الفياض ؟
أنتظر إطلالتك بفارغ الصبر .. عودي و إلا استولينا على نصوصك و نسبناها لأنفسنا .. (ابتسامة )
مودتي .

ندى الريف 27 / 06 / 2010 10 : 12 AM

رد: خريف الأحزان
 
كان خريفا و مضى بحزنه و سواده، بقسوته و ظلامه، ثم تلاه شتاء بارد قارس مر بسرعة البرق لم أنتبه فيه إلى شيء أو أني ربما ما أحسست بطعمه لما أصابني من الفتور و الوهن ، حتى تبعه ربيع مزهر جميل بعث في النفس البهجة و السرور، مع أول يوم فيه جاءتني فكرة العودة إلى الكتابة ، لكني ما كنت أجد في ذهني غير بقايا حروف مبعثرة ما تريدأن تتجمع لتكون كلمة فكيف بها أن تخط سطورا من الكلمات، كنت كلما أردت أن أبدأ أثناني شيء ما بداخلي عن فعل ذلك. حاولت و حاولت ، لكن دون جدوى، ما عساي أفعل يا ترى..
تركت لنفسي حريتها و لم اعد ارغمها على الكتابة أو حتى التفكير في الكتابة.. و مرت ساعات، تلتها أيام، تبعتها شهور... إلى أن جاء هذا اليوم !!!
دخلت بنية تصفح الجديد في نور الأدب، فاحتواني هذا النور و دعاني للكتابة.. لم أشعر إلا و أنا أخط هذه الكلمات تنساب من بين أناملي لا أجد لها رادعا و لا أدري لها معنى.. المهم أني أكتب..
تراني عدت إلى سابق عهدي، لكم أتمنى ذلك، لأني كنت طوال هذه الفترة في صراع مع نفسي أو مع عقلي أو يمكن أن يكون صراعا مع أناملي التي رفضت هي الأخرى أن تخط الكلام..
جاء الصيف بأيامه الطويلة و لياليه العذبة الحالمة.. كنت كثيرا ما أقضي النهار القراءة و عندما يحل المساء أنتظر بفارغ الصبر نوم كل من في البيت حتى تعم السكينة و الهدوء و لا أسمع في أذني غير صدى سيارة مرت من الطريق المجاور لبيتنا أو خشخشة أوراق أشجار الحديقة معلنة عن هبوب نسيم عليل في ليل بهي..
أفتح نافذة غرفتي و أرمي ببصري إلى العلياء فأرى سماء سبحان من رفعها بغير عمد متلألئة بنجوم مضيئة تلتف حول قمر يقول لها نوري غلب نورك أيتها النجوم فاقتربي مني كي أزيدك نورا، فتأتيه متسارعة متناغمة متسابقة كل منها تريد أن تكون إلى جواره.. فاض نوره حتى غمر الأرض وما عليها، بدا لي أنه يضيء الكون من حولي كي تتجلى لي رؤية المخلوقات بوضوح أكثر، إلى جانبي شجرة تكبرني سنا تعهدها كل من في بيتنا حتى كبرت و صارت تعرف كل صغيرة و كبيرة في حياتنا و كأنها فرد من أسرتنا ، كنا نسميها الجدة، على أغصانها عاشت و ماتت الكثير من العصافير، و عاشت و ماتت الكثير من الاوراق، و أيضا عاشت و ماتت او طويت الكثير من الحكايات.. حمامة رباها أخي منذ صغرها هي و صغارها من يقطن هذه الشجرة الآن، إني أراها نائمة تحضنهم في حب و دفء و حنان و أمان تحرسها عين الرحمن و هذه الشجرة الجدة..
توقفت لوهلة لما أثارني من ضجيج سيارة قادمة لم أعهده في هذا الوقت من الليل.. ترى ما الأمر ؟؟؟

رشيد الميموني 27 / 06 / 2010 07 : 05 PM

رد: خريف الأحزان
 
حمدا لله على عودتك البهية أختي ندى و مرحبا بك من جديد ..
عودة حملت معها تباشير الكلمة الرقيقة و البوح الراقي ممزوجا مع نسمات الصيف .
أشكرك على عودتك ندى و أتمنى لك لحظات ممتعة .
في انتظار استمرار هطول كلماتك ..تقبلي كل ودي .

ندى الريف 27 / 06 / 2010 35 : 06 PM

رد: خريف الأحزان
 
الأستاذ رشيد

شكرا لاهتمامك و مرورك و ترحيبك.

مودتي و تقديري

عادل سلطاني 28 / 06 / 2010 17 : 12 AM

رد: خريف الأحزان
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أختي الفاضلة ندى الريف مبدعتنا المغاربية الفاضلة إن هذا التداعي السردي الصادق الشفاف يحملنا إلى معنى الوفاء للمكان " للشجرة الجدة" أو "الجدة الشجرة"فكلاهما وجه لعملة الوفاء النادرة في هذا الزمن الرديء وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الهاجس الإبداعي الجميل الصادق الشفاف الذي لا يريدك أن تكوني مكررة إبداعيا من خلال ما كتبت أتمنى لك أيتها الفاضلة إبداعا متجددا كشلالات الأطلس المغربي " شلالات " أوزود الرائعة"
أنتظر جديدك مبدعتنا وتقبلي تحيات أخيك عادل سلطاني أرجو أني لم أثقل

ندى الريف 28 / 06 / 2010 42 : 12 AM

رد: خريف الأحزان
 
على العكس أستاذ عادل بل إن مرورك خفيف كما هي أشعارك و كتاباتك خفيفة و مبدعة.

أشكرك على المرور و على الاهتمام بكتاباتي، الذي أتمنى أن يكون مرفوقا دائما ببعض النصح و الإرشاد لأني لا أزال مبتدئة.

تقديري لك أخي عادل

عادل سلطاني 28 / 06 / 2010 13 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لا شكر على واجب أيتها الفاضلة الكريمة على هذا الرد وإني في انتظار جديدك
تقبلي تحيات أخيك عادل سلطاني

ندى الريف 28 / 06 / 2010 20 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
كان صوت السيارة ملفتا للانتباه، لأنها كانت تمشي بسرعة مهولة، تشق الطريق شقا كي تصل إلى وجهتها..
و أخيرا توقفت أمام بيت عمي أحمد، كان هذا الاخير رجلا طاعنا في السن يسكن و زوجته في بيت كبير أولادهما مغتربين كل في بلد إلا واحد منهم كان يقطن معهما لكنه يقضي معظم وقته خارج البيت أو خارج المدينة..
توكأت بيداي على حافة نافذتي علني أتقصى أمر هذا المستعجل القادم في هذا الليل الحالك، لكني لم أفلح، رغم أن القمر كان يضيء كل شيء لكني لم أعرفه..
سمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي فاتجهت لأفتح الباب، كانت أمي قد استيقظت على صوت السيارة، و جاءتني لتستفسر عن الأمر، هي تعلم أني كثيرا ما أسهر تحت ضوء القمر أتفكر في خلق الله تعالى، أجبتها أني لا أدري، فقالت إذن نتركها للصباح فنذهب إلى بيت عمي أحمد نسألهم ما الخبر..
عادت أمي إلى فراشها و عدت أنا لمكاني قرب نافذتي، و أنا أجول ببصري هنا و هناك راعني منظر عمي أحمد و زوجته يحثان الخطى مسرعين نحو السيارة التي توقفت منذ برهة أمام بيتهما..
يا إلهي ما عساه يكون ؟؟
ازددت قلقا و لمت نفسي على عدم ذهابي إليهما لحظة وصول تلك السيارة الغريبة، و شعرت بالذنب هما وحيدان و عجوزان، و كان الأجدر بي أن أنزل و أسألهما ما الخبر..
بت الليل بطوله على شرفة النافذة أترقب وصولهما بأية لحظة، لكن لم يظهر لهما أثر، و لم يعودا..
هذا الخيط الأبيض بدأ يتبين من الخيط الأسود و لاحت نسمات الصباح، أسرعت كي أوقظ أمي فوجدتها صاحية تستعد للصلاة.. أخبرتها الخبر ..هدأت من روعي و قالت نصلي ثم نتقصى الخبر..
كانت لحظات عصيبة مرت ببطء شديد..
صوت المؤذن ينادي من بعيد "الصلاة خير من النوم"، بدأت تسمع أصوات بداخل البيوت المجاورة معلنة عن بدأ يوم جديد مليء بالنشاط.. لكن تراه يكون يوما مليئا بالنشاط أم ترانا سنسمع خبرا يعكر صفو هذا الجو الجميل..
خرجنا بعد الصلاة مباشرة قاصدتين منزل جيران لنا، أخبرتهم الخبر فبادر جارنا إلى الهاتف يريد مكالمة العم أحمد.. هاتفه الخلوي مغلق و زوجته لا هاتف لديها، إذن فكيف السبيل إلى إطفاء وهج هذا الوضع الذي نحن فيه..
هممنا بالخروج من منزل الجيران، و نحن على عتبة البيت نودع جيراننا، لاحت لي من بعيد تلك السيارة التي أتت في تلك الليلة و أخذت عمي أحمد و زوجته..
ما شعرت إلا و أنا أصيح : أمي ، أمي ، إنها السيارة ، إنها هي .. هرعنا مسرعتين نحوها فوجدنا ذاك الغريب إلى جانبه عمي أحمد و قد أطرق رأسه من شدة الأسى و الحزن..
انقبض صدري لرؤيته على هذه الحال.. فتوقفنا واجمتين و انتظرنا توقف السيارة.. خرج العم يجر قدميه جرا نحو البيت و رأسه مطأطأ و ذهنه شارد و فمه يتمتم بكلمات لم أتبينها..

اقتربت منه و سألته : عماه، ماذا حصل ؟

لا إله إلا الله ، إنا لله و إنا إليه راجعون.

من يكون يا عمي ؟

فلذة كبدي يا ابنتي، كريم..

كريم ؟!!

كان وقع الخبر كالصاعقة علي، كريم شاب في مقتبل العمر ، هو في العشرين من عمره ، لازلت أراه مشاكسا مع معلميه ، كل يوم يأتي أحدهم إلى أبيه ليخبره عن مقالب فعلها ابنه أثناء الدرس، و الغريب في الأمر أنه كان من الطلبة النابغين و الكل يحبه.. كما أني أراه يحمل قفة المشتريات عن رأس كل امرأة يعرفها أو لا يعرفها.. و أيضا كان إذا سمع بكاء طفل صغير بادر أمه بحمله و التكفل بإسكاته و أحيانا اللعب معه..

توقفت عقارب الزمن هنا.. و أنا أتذكر "كريم" بكل أفعاله و أقواله و صفاته...

رحمك الله يا كريم.. لله ما أعطى و لله ما أخذ و لله الأمر من قبل و من بعد

عادل سلطاني 28 / 06 / 2010 47 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أختي الفاضلة المبدعة النقية "ندى الريف" إن هذه الفلذة الرائعة تحملنا إلى أجواء إيمانية لطالما اختفت من صفحات المبدعين فأعدت توظيفها فهي حقيقة لونت المكان والزمان " الفضاء الذي تمت فيه تداعيات هذه الفلذة " الإستعداد للصلاة ، الآذان ، التأمل في ملكوت الله لتدبر آيا ته لأن هذه الفضيلة غابت عن واقعنا الراهن المعيش إلا ماندر ، روح التكافل الإجتماعي السائدة في مجتمعاتنا المغاربية " المغرب تحديدا" كفضاء لأحداث سيرورة هذه الفلذة القصصية ، التسليم بقضاء الله وقدره
هذه المحطات الإيمانية تشعر القارئ بعظمة هذا الدين في الواقع الإجتماعي المعيش من خلال الشخصيات المتزنة في هذه الفلذة القصصية من خلال لغة سردية ممتعة حملتنا في مراكبها إلى عوالم نحتتها ندى الريف دمت أختاه مبدعة مشرقة طاهرة
تقبلي أختاه الفاضلة تحيات أخيك عادل سلطاني

رشيد الميموني 29 / 06 / 2010 44 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
الأخت الغالية ندى ..
أخذت خواطرك منحى جديدا في جمهوريتك "خريف الأحزان" وبدأ السرد يطغى عليها .. وصار من الممكن فهم اختيارك لاسم جمهوريتك ..
فالأحداث التي نقرأها تشعرنا بالأسى و الحسرة اللذين عشتهما .. لكني على يقين من أن الكتابة ستفيدك في التنفيس عن صدرك خاصة و أنك تشركيننا في بوحك حين نقرأه معك ..
دمت متألقة ومزيدا من البوح و الإبداع .
مودتي .

ناهد شما 29 / 06 / 2010 25 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
[read]
سعيدة جداً بعودتك يا ندى
فالقلم يبدع دائماً عندما تنزف الجراح والآلام
فإبداعك هذا مصنوع من جدار القلب
ننتظر مزيدك ونتمنى أن يتغير مسار قلمك
من الحزن الى السعادة
دمت ودام نبض قلمك
دمت بخير [/read]

ندى الريف 29 / 06 / 2010 57 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
أستاذي المبدع رشيد ، أشكرك على الاهتمام الطيب، و الفهم لما أكتبه، مررت فعلا بظروف قاسية ربما هي ما جعلتني أعود للكتابة كي أنفس كما جاء في ردك عن بعض ما أشعر به في داخلي.

لك مني كل الامتنان.

ندى الريف 29 / 06 / 2010 00 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 
حبيبتي الغالية ناهد،

طيبتك تنبع من كلماتك و ردودك، أشكرك على الاهتمام، و اتمنى لك السعادة كما تمنيتها لي و للجميع بإذن الله.

لك مودتي و حبي و تقديري.

ندى الريف 29 / 06 / 2010 43 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 
طويت صفحة "كريم" في زمن النسيان، كما طويت غيرها من صفحات الذين غادروا هذه الدنيا إلى غير رجعة، مرت ساعات يوم العزاء كأنها سني طوال من الدهر .. كنت حاضرة غائبة، قلما أجيب عن سؤال أو أنبس بكلمة، ما ادري فيما كنت افكر وقتئذ..
صرت انتظر الليل على ما هو أحر من أحر من الجمر.. و جاء المساء متثاقلا يحمل في طياته كآبة و حزنا على فراق هذا الشاب و مصابه الجلل.. كان صديقا حميما لأخي الاصغر. في ذلك اليوم، كان في طريقه للعودة من مدينة مراكش، هو لم يكن يدري ما الذي حمله على السفر إلى هناك، كما أخبر أخي عندما هاتفه ليسأله الخروج سوية للنزهة، كان يسوق سيارة .. وحده في الطريق.. إلى جانبه صديق له ثالث ..فجأة ... انقلبت السيارة بمن فيها .. نجا صديقه بأعجوبة، و حمل هو إلى الإنعاش.. كان حاله ينبئ أنه ميت لا محالة.. و في الطريق إلى المستشفى، لفظ أنفاسه الأخيرة و أسلم الروح إلى باريها...

لا إله إلا الله.

الكون كله سائر بمقادير و مكاتيب.. كان قدره أن يسافر و يموت بالطريق.. صدق الحق إذ قال : " ما تدري نفس بأي أرض تموت"

أمضيت المساء كله على هذه الحال ساهمة واجمة شاردة الذهن لا أتكلم و لا أشرب و لا آكل.. حتى سكن الليل.. و هدأت الحركة.. فانطلقت إلى مكاني قرب النافذة.. فتحتها بيدين مرتعشتين و أخذت مجلسي المعتاد..

حاولت أن أجول ببصري هنا و هناك.. لكني ما استطعت.. كانت صورة الشاب المتوفي تطارد مخيلتي ، و كنت أراه أيما اتجاه.. رباه.. صدري ينقبض من الحزن و الأسى أنا ابنة الجيران فقط ، فكيف بأمه و أبيه المسكينين، على ما يبدو أنهما صابرين، لكن لكل طاقته في الصبر.. فاللهم أعطهما صبرا و زدهما صبرا فوق صبرهما.. و الزمن كفيل بإطفاء بعض من لوعتهما عن فقدان ابنهما ...

صوت ديك يصيح من بعيد ترامى إلى مسمعي، و ها هو صوت الحق ينادي معلنا عن صبح جديد.. بعد برهة تسللت خيوط بيضاء إلى غرفتي، و أتتني أمي تريد إيقاظي فأجبتها و قمت للصلاة..

كنت أشعر بالتعب يسيطر على جسدي فقمت لتوي و أخذت أكتب علني أزيح بعض ما انتابني من فتور...

كتبت و بكيت، و ملأت صفحات من كلمات و عبارات ما كنت ادري كنهها ، ثم طويت انا الأخرى بدوري صفحة "كريم" و حاولت أن أواسي والديه كلما تسنى لي ذلك، خاصة انهما الآن صارا وحيدين ...

في الليلة الموالية ، خيم سكون رهيب على الحي.. ربما كان مشاركة في الحزن حتى من الجماد على هذا المصاب..

الشجرة الجدة تحضن في حب تلك الحمامة و صغارها.. و القمر يضيء الكون كعادته، و النجوم متلألئة في جو السماء، ..

.. و تستمر الحياة

ناهد شما 29 / 06 / 2010 43 : 01 PM

رد: خريف الأحزان
 
[read]
نعم حبيبتي ندى أصعب شيء في الحياة هو الفراق
سواء بموت عزيز علينا أو فراق من اختاره قلبنا بهجره لنا
أو فراق عزيز بسفر لأمد طويل
فالفراق بكل معانيه صعب ومؤلم
ولكن كما قلتِ أنت

.. و تستمر الحياة

نعم الحياة مستمرة والزمن هو الكفيل أن
يجعلنا لن أقول ننسى وإنما نتناسى الفراق والحزن والألم
دمت مبدعة ودام يراعك
[/read]

رشيد الميموني 29 / 06 / 2010 17 : 07 PM

رد: خريف الأحزان
 
الأروع في الألم ، أن يتألم الإنسان في نبل .. وهذا ما أستشفه منك أختي ندى .. فألمك يرقى إلى درجة النبل مادامت النفس تحافظ على إيمانها و اتزانها وتؤمن بقدر الخالق ومشيئته ، بل و تتشبث بالأمل لأن الحياة ،كما لمحت إلى ذلك ، لا بد أن تستمر ..
رائع ما تكتبينه ندى .. جروفك تتغلغل إلى حنايا النفس لتشعرنا بالألم .. لكن أيضا بلذة التعلق بالأمل ..
دمت متألقة .

ندى الريف 29 / 06 / 2010 09 : 10 PM

رد: خريف الأحزان
 
الغالية ناهد، و الأستاذ القدير رشيد ، تعجز كلماتي عن وصف شكري لكما لكل هذا الاهتمام بما أكتب، صراحة ردودكما و غيركما من أهل نور الادب يشجعني على السير قدما فيما اكتبه و يمدني بشحنة من النشاط على المواصلة.

لكما مني كل التقدير و الاحترام

بتول الشيخ 29 / 06 / 2010 34 : 10 PM

رد: خريف الأحزان
 
مرحبا ندى

عود أحمد وسلال من الإبداع

شكرا لك

ناهد شما 29 / 06 / 2010 11 : 11 PM

رد: خريف الأحزان
 
[frame="13 80"]
[read]
نعم حبيبتي ندى
الشكر لنا أن تستمري في إبداعك
ويتحولك خريف أحزانك إلى ربيع فرحك
لتجعلين حياتك سعادة وهناء
ننتظر نزف قلمك بجمال نثرك
دمت بخير
[/read]
[/frame]

ندى الريف 30 / 06 / 2010 56 : 12 AM

رد: خريف الأحزان
 
أختي بتول أهلا و سهلا بك في جمهوريتي، و شكرا على مرورك اللطيف

ندى الريف 30 / 06 / 2010 00 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
الغالية ناهد، أسعى جاهدة لتحويل هذا الخريف المحزن إلى ربيع مشرق بهي.

كوني دائما بقربي.

محبتي ..

ندى الريف 04 / 07 / 2010 51 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
صارت الأيام و الليالي رتيبة تتخللها أحداث عابرة لا تذكر، و الشجرة الجدة تظللنا بأوراقها الوارفة، و الحمامة البيضاء تحضن في ود صغارها.. و أنا جالسة مكاني هناك قرب النافذة، أرقب كل ما حولي في فتور و ملل.. و أتذكر حين كنا أنا و صويحباتي نرتع و نلعب هنا و هناك..
كم ضمتنا جدتي الشجرة بغصونها المفعمة بالحنان.. و كم لطخنا أنفسنا بتراب الحديقة المزهرة صيفا و شتاء.. و كم جلسنا نتسامر تحت ضوء القمر و تحكي كل منا حكاياتها و قصصها و في مرات كثيرة مغامراتها الجنونية الصبيانية..
أواه كم بعدت تلك الأيام و كم كانت قليلة..
تفرق الجمع و تشتت السرب، سار كل طائر إلى مصيره، و صارت كل وردة إلى بستان.. آخر الورود صديقتي الحميمة، اجتثت قريبا لتزرع في مكان غريب و بعيد عنها و عني.. كان مثيرها أن تسافر إلى الخارج حيث لا قريب و لا حبيب، لا أنيس و لا جليس.. لكن عزاؤها الوحيد و سلواها أن تكمل دراستها الجامعية و تعود بأعلى الشهادات.. حلمها الذي ربى معها أن تصير طبيبة، هكذا أنشأها والدها الذي كان يحب المهنة..
عندما سمعت الخبر أحسست كأن قلبي نزع من بين ضلوعي أو كأن نصفي قد تخلى عني، أو كأن دمي انساب قطرات من بين أناملي، أو ربما كأن أيامي و ليالي ستغدو عما قريب بلا لون و لا طعم..
يا ألمي الذي يزداد ألما و هي تخبرني أن الليلة موعد رحيلها.. تحاكيني و الأسى يعصرني، و يعصف الحزن بأرجاء كياني تذهب بي الذكريات و تأتي بي ،حتى ما اعرف أمسي من غدي.. أرمقها بعيني التي فاضت دمعا منسكبا شلالات على خدودي.. أسائلها لم الرحيل يا رفيقتي.. يا نصفي ؟ فتبادرني عبراتها ألا حيلة لي في الرحيل، قد كان رغما عني و اتخذته سبيلا للوصول، فكوني سندا لي و لا تجعلي الأسى يكون آخر ما رأيتك عليه قبل رحيلي.. فأصمت و صمتي كان كلامي.. غضبي .. و ثورتي .. و أغضي طرفي لأني أفارقها و لا سبيل لي لأعلن رفضي..
في المساء صحبتها إلى المطار.. كان الجو قاسيا ينبئ عن بداية سقوط المطر، و السماء تحلت بحلة رمادية و الرعد يدوي بين الفينة و الأخرى تتخلله بروق في وميضها الإعلان عن بداية موسم الشتاء، و في ثورانها مشاركة صريحة لحوني على هذا الفراق المرير..
صمت مميت خيم داخل السيارة التي تقلنا.. وصلنا بسرعة حتى اني ما أحسست بطول الطريق.. حينها ما كنا نحس بغير الألم و الأسى الذي كان يتقاذفنا نحن الاثنتين كما تفعل هذه الرياح المحملة بجو الشتاء بكل ما تصادفه في طريقها..
لم يتبق من الوقت غير اليسير، و بدأ العد العكسي للفراق.. هنا بدت الدقائق كأنها ساعات تمشي ببطء و تتوقف عند كل نظرة منها أو مني..
أخذتها بين أذرعي، ضممتها بشدة كما فعلت هي معي.. و سجنت عبراتي داخل مقلتي، ثم رسمت ابتسامة بدت شاحبة على وجهي معلنة عن فراق يطول أو ربما لا يطول..
رحلت هي و عدت أنا إلى مكاني قرب نافذتي، أجوب بنظراتي عنان السماء، و اتفكر في خلق الله سبحانه و تصاريف القدر.. رباه ، حزن آخر انضاف إلى قائمة أحزاني.. و هذا القمر يطل علي من علياء السماء، مضيئا كعادته.. و الشجرة الجدة ترقبني بحنو و دفء.. أما الحمامة فهي غارقة في نوم هادئ و هي تلقي بجناحيها على صغارها...

رشيد الميموني 06 / 07 / 2010 24 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
رحلت هي و عدت أنا إلى مكاني قرب نافذتي، أجوب بنظراتي عنان السماء، و اتفكر في خلق الله سبحانه و تصاريف القدر.. رباه ، حزن آخر انضاف إلى قائمة أحزاني.. و هذا القمر يطل علي من علياء السماء، مضيئا كعادته.. و الشجرة الجدة ترقبني بحنو و دفء.. أما الحمامة فهي غارقة في نوم هادئ و هي تلقي بجناحيها على صغارها...

أختي ندى ..
نهاية ولا أروع منها لهذا الجزء من بوحك الحزين الجميل ..
مزيج من الشعور بالإيمان و السكينة و الطمأنينة ، تنضاف إلها تلك اللمسة الرومانسية المتمثلة النظر إلى السماء و القمر إضافة إلى الشجرة الجدة و الحمامة ..
في انتظار مواصلتك لهذا البوح ندى .. اسمحي لي بالبقاء هنا هنيهة لأستمتع بهذا الجو الهادئ البهي .
لك مني كل مودتي .

ندى الريف 06 / 07 / 2010 05 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
أستاذي الغالي رشيد ، لك أن تبقى ما طاب لك هنا بجمهوريتي مشكورا على إطلالتك البهية و اهتمامك المتواصل..
دمت بكل الخير

رشيد الميموني 06 / 07 / 2010 35 : 02 AM

رد: خريف الأحزان
 
شكرا لك ندى من أعماق القلب .

ندى الريف 07 / 07 / 2010 11 : 03 AM

رد: خريف الأحزان
 
اتخذت مكاني المعتاد قرب نافذتي.. يمتد الظلام أمامي و من حولي ليحتضن الكون بهدوء و سكينة.. القمر يطل من عليائه منيرا.. قد رسم على الأرض لوحة فنية رائعة.. برزت فيها الشجرة الجدة بأوراقها الوارفة و غصونها المتمايلة الراقصة على لحن سمفونية بديعة عزفها نسيم الليل البهي.. و ذاك العش الدافئ الذي يضم صغارا مع أمهم التي تحيطهم حبا و حنانا و رعاية...

في ثنايا هذا الهدوء الذي يملأ القلب سكينة، تناهت إلى مسمعي صرخات من بعيد.. انتفضت واقفة لأتبين الأمر.. كان مصدر الصوت من بيت أم خليل.. تلك المرأة المسكينة التي لم ترزق غير ولد كال لها من العذاب و الشقاء ما الله تعالى وحده يعلم به..

أخذت الأنوار تضيء الواحد تلو الآخر.. تحركات و تساؤلات.. همسات و غمزات.. اتجه كل من في الحي إلى بيت المرأة الطيبة.. ما الخطب يا أم خليل.. المسكينة كانت ملقاة على الأرض.. سارعنا إلى حملها.. و بعد مضي وقت ليس بالقليل.. أفاقت ، فبادرناها بالسؤال.. لم تكن تتكلم بغير دموع فاضت من عينيها تسابق الزمن و تتوق إلى شيء لم نتبينه.. أخذناها إلى المشفى.. ما من طبيب عرف داءها و لا دواءها.. بقيت على هذه الحال أياما و ليالي تتناوب نساء الحي في رعايتها لكونها وحيدة بعد أن سجن ابنها الوحيد الذي كان سبب تعاستها..
تقصى رجال الحي الأمر فعرفوا أنها صدمت من هول خبر وفاة ابنها خليل.. أتاها أحد زملائه بالسجن فأخبرها الخبر تلك الليلة.. و تركها ترتطمها أهوال الحدث و انصرف..

كانت أم خليل تعاني من المر أشكالا و ألوانا، منذ وفاة زوجها صارت تشتغل بالبيوت بحثا عن لقمة طيبة حلال لها و لابنها.. ثم تلك الدريهمات القليلة التي كانت ثمن كرائها لنصف منزلها..

كبر ذاك الإبن و كبرت معه مشاكله.. صار يطلب القليل و الكثير و لا يبالي.. اتخذ من أمه المسكينة بنكا يصرف منه وقتما شاء.. و هي تخلت عن كل شيء في سبيل إرضاء ابنها..

تمر الدهور.. و الحزن يشتعل في قلبها.. تتقاذفها أمواج الزمن الغابر.. تمني النفس برجوعه إلى رشده.. لكنها في كل مرة ترجع خائبة حتى ضاقت به ذرعا.. و أصبح السبيل الأوحد لإطفاء حريق الأسى الذي أشعله في كيانها هو الدعاء عليه بالموت كي ترتاح منه أبدا...

أخيرا جاء انتقام الإله.. انتقام عادل لهذه الأم المظلومة.. جُرّ في ليلة إلى السجن، حيث قبع فيه ما شاء له أن يقبع.. بسبب جرم ارتكبه في حق غيره صغير، لكنه كان جزاء جرم ارتكبه في حق أمه عظيم..
حملتها فطرة الأم و حنانها حين سمعت الخبر.. فهرعت تجر أذيالها خلفه.. تواسيه و تخفف من شدة ما ألم به.. لكنه كان يصدها في كل مرة.. بل وصل به العقوق أن يشتمها و يأمرها بعدم المجيء ثانية لأنه لا يريد رؤيتها.

صارت هي الأخرى حبيسة و ساوسها و خوفها و حزنها على مصير فلذة كبدها.. فتوقفت مرغمة عن زيارته..
توالت أيام و ليال على هذه الحال.. و بدأت الغشاوة تنجلي عن بصيرة و بصر ذاك الإبن الضال.. عثر أخيرا على مرسى الحق و العدل و الصواب.. و أخذت مشاعر الندم و الحسرة تتسلل إلى نفسه المريضة التي غطاها الصدأ.. و أخذ يخيط من الأمل أثوابا يمزقها صمت المكان.. و يلهو بها وحش الظلام الكاسر..
الساعة تمر كاليوم.. و اليوم كالشهر.. و الشهر كالسنة.. و السنة كأنها دهر أبدي لا حد له..
جر أيامه و لياليه جرا.. حتى جاء موعد الفرج.. ما عاد يتمنى غير إرضاء أمه.. و تعويضها كل سني الشقاء التي كان سببا فيها.. لكنه و في يوم خروجه.. و في اليوم الذي كان يبغي تحقيق أمنيته.. ترصد له الموت، لأنه كان على موعد معه.. صادفته شاحنة في الطريق جعلته أشلاء تقاذفت على جنبات الطريق..

يا أم خليل استجاب الله دعاءك أخيرا.. و أمنت شر خليل.. فهل ستأمنين شر نفسك التي ستظل تلومك و تتقاذفك حسرة و ندامة..

على شرفة الأحزان.. ظلت خيوط الحكاية متشابكة في ذهني.. و ظل الحزن يحوم في كل لحظة حول الحي.. يحتضن القمر بقسوة.. فتطير الآلام كأسراب العصافير تخط صدر السماء.. يرتفع الانين.. يتكسر عند بيت أم خليل.. و يبحث الفرح عن ملجأ في أحزاني.. فتقذفه أمواج الأسى إلى البعيد .. البعيد..

يتيه بصري في علياء السماء.. فلا أرى غير بدر منير.. يربت على أكتاف الحزانى.. و إلى جانبي في الحديقة، انتصبت شامخة الشجرة الجدة.. و على أغصانها الدافئة غفت أو نامت حمامة و صغار لها .. في هدوء و سكينة..

رشيد الميموني 08 / 07 / 2010 44 : 01 AM

رد: خريف الأحزان
 
لازلت متابعا رحلة أحزانك يا ندى .. ومازلت معجبا بهذا النفس السردي النابع من أعماق القلب ..
في انتظار أن يستأنف قطار إبداعك مسيرته .. تقبلي مودتي ..


الساعة الآن 48 : 02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية