![]() |
مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]هذه المذكرات هي رسالة صريحة إلى كل فتى لا يزال يمارس الشقاوة في عناد .. هي كلمات مندسة بين السطور و الفاهم يفهم لأنني لن أشرح .. هي وليدة جنونيات كاتب عادت به عجلة الزمن إلى خطاه قبل أن يدركه المشيب .. البعض قابل للتصديق و البعض الآخر هو من أجل الضحك و فقط و البعض المتبقي للبكاء و النحيب .. أتمنى لكم رحلة جميلة مع مذكرات الفتى الطائش .[/align]
[align=justify]الشقاوة و العادات السيئة هي كل ما علمتني إياه طفولتي الطائشة ، الرأس الذي بمثل الحديد قسوة هو ما ورثته من جدي الذي كان يلقب بقدور الرأس الخشن ، كنت مثل يضرب به في الطيش و المشاغبة و عمل كل ما لا يخطر بذهن طفل لم يتجاوز السابعة من عمره ، كبار و شيوخ الحي لقبوني بالناموسة تشبيها بحشرة البعوضة التي تحلق فوق الرؤوس عندما يحضر النوم في ساعات الظهيرة و آخر الليل ، ربما البعوضة كانت أكثر شفقة مني و أكثر حنان ، فهي لا تلبث أن تغادر المكان أو تسقط من أول رشة للمبيذ، أما أنا فلم يكن ينفع في كبح جماح شقاوتي حتى الرصاص المطاطي و الغازات المسيلة للدموع ، أمي شهدت معي ولادة جد عسيرة و جد مرهقة و جد مبكية ، فقد أخرجوني من بطنها برافعة إلكترونية صنعت خصيصا من أجلي - لا عفوا -كانت تنتظر ميلادي الغريب بفارغ الصبر لكي يتم تجربتها لأول مرة في العالم ، الممرضة السمينة و المفتولة العضلات صرخت يومها في و أنا مازلت أسبح في بحيرة رحم أمي قائلة - غير ممكن طفل غريب أنا أريد أن أخرجه و هو يمسك بكلتا يديه بالمقص - حت أنني أجريت معها منازلة في المصارعة عند المخاض ،غلبتها طبعا و بالضربة القاضية . بعد ولادتي لم أكن أشرب الحليب من صدر أمي و لا من صدر جارات أمي و لا خلاتي و لا عماتي، و لا حتى الحليب المستورد من أوروبا – أحب أوروبا التي أخرجتني من بطن أمي و لم تتركني ضحية للتأخر العلمي– مشروبي الوحيد كان لبن العصفور ، و لأن أبي كان قد وعد أمي قبل الزواج بأن يحضر لها لبن العصفور وجدت كميات منه في الثلاجة ، هل جربتم طعم هذا الحليب ؟؟ هل سبق لكم أن وجدتم علبته تباع في المحلات الكبرى ؟؟ لأنني اشتقت لطعمه الفريد من نوعه ، ألبستي كانت تتمزق بعد يومين من الاستعمال لأنني و بكل بساطة أتبول في اليوم أكثر من مائة مرة ، المرة الوحيدة التي لا أتبول فيها عندما أكون أشهاد التلفاز ، أحببت كثيرا أفلام رعاة البقر و أفلام بريسلي ، أحيانا عمي يغلقه بداعي أنني لا يجب أن أشاهد أفلام العنف ، بكيت و تخبطت مثل الأفعى الهندية التي سرق سمها ، ضربت أمي المسكينة بيدي الصغيرة أحيانا على صدرها و أحيانا أخرى على فمها ، مزقت قميصي مثل ما فعل ايلك العجيب ، لكنني لا أنتفخ فهو صنع هوليودي و أنا صنع عربي محض ، العرب لا ينتفخون إلا عندما تداس كرامتهم من جيرانهم . عمي الذي كان يزورنا على فترات متباعدة دهش مما رأت أم عيونه ، أخرج من جيبه حبة حلوى فأكلتها ثم عدت إلى الصراخ و البكاء ،أخرج علبة شوكلاطة أكلتها ثم عدت إلى التخبط فوق فراشي السابح في مياه بولي ، أخرج علبة من محفظته الجلدية ، رميتها كلاعب كرة سلة لأنني لا أحب ألعاب الصغار ، كانت لعبتي المفضلة المسدس الأمريكي القديم ، صدقوني لم أهدئ حتى أعاد تشغيل جهاز التلفاز ... يتبع ............[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
الابن العزيز .. الأستاذ الأديب جمال سبع : الهدف من الأدب الفائدة و الإمتاع .. ولقد تحقق هذا الهدف بأدب ساخر لطيف و خفيف الدم ، بعيد عن التكلف و التصنع .. تذكر دائماً مقولتي : " بداخل كل فرد فينا طفل يلهو .. أو رجل يفكر .. أو شيخ يبكي " .. أمتعتنا بروح الطفل و عقل الرجل المُفكر الذي يستلهم هذه الروح لنلهو معها .. تحياتي و تقديري . د. ناصر شافعي |
رد: مذكرات الفتى الطائش
بداية قصة غريبة بين المبالغة الخيالية و المعقولة فيها أشياء تنم عن موهبة وخيال متميزين.
تحيتي |
رد: مذكرات الفتى الطائش
رائع يا جمال .. بد\اية موفقة وبصراحة جذبتني القصة
ساتابع معك هذه الشقاوة .. ولكن لا تتأخر علينا شكرا لك اخي ودمت بكل الخير :nic18: |
رد: مذكرات الفتى الطائش
سأتخيل أنني أمام شاشة التلفاز وأشاهد فيلم اسمه ( مذكرات الفتى الطائش ) ارجو أن لا تكون القصة شبيهة بفيلم أحلام الفتى الطائش ......... جميلة فكرتك وأسلوبك سلس ننتظر المزيد من هذه المذكرات وأتمنى أن تكون نهاية لك سعيدة استمتعتُ كثيراً بما تكتب دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
ههههههههههههههههههه
بداية موفقه وفيها اعترافات هامه موثقة عن الفتى الطائش ....ستضاف لمستندات محاكمتك عند خلعك من الديكتاتورية ياعينى يا أم جمال .........لك الله استمر فأنا مستمتعة جداً بقراءة ماضيك المبلول _خطأ مطبعى _ قصدى السعيد الطائش وربنا يساعد ديكتاتوريتك فى معركة العاج اليوم أخى جمال كل تقديرى وأحترامى لك وسعادتى بالدعوة الى مذكراتك الطائشة |
رد: مذكرات الفتى الطائش
الاديب المتميز جمال سبع .. أمتعتنا بمذكراتك الطفولية بأسلوب أدبي ساخر .. تحياتي وتقديري
:nic58: |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
عدنــــــــــــــــــــــــــــــا .................
[align=justify]كبرت قليلا كما يكبر جل الأطفال ، فالحليب المستورد يجعلهم بالغين في ظرف قياسي مثل الدجاج ، كبرت ليس لأنني كنت أتناول الحليب بكثرة أو " النيسلي " بكثرة ، إنما لأنني كنت أريد أن أكبر بسرعة الضوء و الريح و الأعاصير و الطوفان، سرعة خارقة للعادة و خارقة لكل التوقعات من العجائز اللائي كن يتكلمن عن أحجام الأطفال في مثل عمري، خالتي – الطاوس – كانت العجوز الأكثر تفننا في مضغ الكلام و الوصف الدقيق ، و كأنها خبيرة في شؤون الطفولة قالت لأمي المغلوب على أمرها " ولدك أصبح ممتلئ و كأنه برميل من الحجم الكبير.. ماذا تطعمينه حتى أصبح مثل البالون " ، أمي تمتمت تحت أسنانها " خمسة و خموس في عيونك " ، لا أدري لماذا خمسة و ليست ستة و ليست سبعة ، كأن خمسة سلاح من الطراز الخطير يستطيع مقاومة صد أي هجمة من العين و الحسد . أول لعبة تعلمتها هي كرة القدم ، لم تكن أيامها كرة قدم لأننا لم نكن نجري وراء كرة مثل أيامنا، فأحيانا كنا نأتي بكيس بلاستيكي و نملأه بالورق و القش ليتخذ شكل الكرة ، و أحيانا كان شكله بشكل البطيخة المنبعجة ، و في مرات كنا نشتري كرة بلاستيكي بعد أن نسرق دنانير من جيب أمهاتنا ، لكنها لا تلبث إلا أيام قليلة لتتمزق ، في إحدى المقابلات التي كنت أنا قائد فريقي طبعا فيها و الحامل لرقم عشرة ، قد تقولون لماذا عشرة و ليس تسعة أو رقم آخر ، لأن الرقم عشرة كان يحمله أيامها اللاعب – بلومي لخضر – و لأنني كنت أتمتع بقاذفات أرض جو و أرض أرض و حتى أرض و تحت الأرض فكنت أغتصب هذا الرقم من بقية اللاعبين . بينما نحن نتقاتل في أرضية الميدان الغير معشوشبة اصطناعيا ، من هنا كرة و من هناك نصف كرة هاربة، إذ برجلي التي لبست حذاء من حديد تسدد طلقة بسرعة 100 كلم في الساعة ، كنت أظن أنني سأصبح مجرم تحت السن القانوني للإعدام ، الحارس كان طويل و فارع لكنه ضعيف البنية الجسدية ، فعلا خشيت أن أتسبب في شطره إلى نصفين ، لكن الكرة البلاستيكية تجاوزته و وصلت إلى منزل الجيران المحاذي للملعب الصغير، و كانت المفاجئة التي لم ننتظرها . خرج عمي – الطاهر- و هو يحمل في يده اليمنى سكينه الطويل و في يده الأخرى كرتنا مذبوحة كدجاجة صغيرة ، الجميع هرول فزعا و كأنهم جرذان شاهدت قط بشارب ضخم ، إلا أنا حملت صخرة و وقفت في مواجهته .... يتبع [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
مازلت أتابع مذكراتك أستاذ جمال والحكم بعد المداولة ( ابتسامة ) عفواً ... بعد نهاية هذه المذكرات جميل ما أقرا دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اخي جمال : خفة الدم ... السخرية ... التهكم ... باسلوب ادبي ممتع هو ما يميزك في هذه السلسلة ... اتمنى لك مزيد من الشقاوة المحببة الممتعة .
احترامي لكم بكل التقدير . |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
عــــــــدنا ......
[align=justify]...سددت نحوه طلقة ممزوجة بكل أنواع الشقاوة المختزنة في أعماقي ، رميت و ما رميت لكن يدي رمت ، في ثانية من الزمن وقع صريعا بعد أن أخد لي صورة بعينه المحولة لكي يقدمها كدليل أمام أبي ، عرفت أنني قد وقعت شهادة غضب من الدرجة العاشرة و أنني سأشنق و ربما أصلب ، عدت إلى المنزل على جناح البرق و السحاب ، أخبرت أمي بما حدث فأشارت علي بالفرار إلى حضن خالتي التي كان أبي يخافها بسبب فمها المليء بالشتائم ، و لأنها تحبني بسبب شقاوتها التي كانت في صغرها ، و لكي لا يجد أبي بماذا يضربني قررت تحطيم عصاه التاريخية ، كان عمرها ما يناهز القرن و اسمها " شردودة " ،" شردودة "هي المرأة التي أخرجت أبي إلى الحياة و كانت بطريقة غريبة لا تصدق حتى في أفلام الخيال و الرعب ، عفوا لن أحكي على الكيفية لأنها من أفلام الرعب الممنوعة على ذوي القلوب المرهفة ، كنت أتناول وجبات دسمة بالعصا "شردودة" كلما جاء أحد الجيران يشتكيني بسبب عمل خير قد قمت به - للأسف أعاقب على أعمال الخير ، لكن هذه المرة خشيت أن تكون الوجبة بالجمبري و الحلو من الفواكه الاستوائية الباهظة الثمن أنداك ، و لأنني شقي كسرتها إلى نصفين ثم أعدت لصقها كي لا يشك أنني الفاعل و لكي تحفظ الجريمة ضد مجهول . دخلت بيت خالتي بخطى عائد من جريمة ، ابنتها التي سالت من أنفها المواد الصفراء اللزجة قابلتني بنظرة فأر مفزوع ، الكل في المنزل كان يخافني لأنني أحدث طوفان كلما حللت ، أضرب بكل برودة دم و لا أفكر في العقاب إلا بعد أن تخمد دودة شقاوتي و تذهب إلى النوم ، كانت خالتي تشاهد مسلسلها اليومي " دار السبيطار " ، و لأنها لا تحب أن يقاطعها أي شخص عندما تكون منهمكة و مندمجة مع التراجيدية الإنسانية المعبرة عن الألم التاريخي الانطباعي ، و لأنها كانت بعد إنهاء كل حلقة ترسل بتقاريرها إلى مؤسسات حقوق الإنسان لدراستها و إصدار بيان رسمي، طبعا كانت خالتي عضو فعال في هذه المنظمات و التي لا تصرح بأي بيان إلا بعد موافقتها . انتهى المسلسل و الحمد لله فارتميت فوق حجرها بعد أن كنت قد سرقت قطعة خبز من مطبخها الملون بالدخان ثم قلت لها "خالتي أنا لاجئ سياسي عند دولتكم و أطلب الحماية " أجابتني و شهامة المرأة العربية فرت من بين أسنانها المحشوة بالتبغ الهندي " من الذي يضربك ؟ السعيد المتعفن " ثم راحت تعدد في مغامراتها مع أبي أيام الصغر ، و كيف كانت تضربه على مؤخرته عندما يحاول الغش في لعبة السارق و المجلد ، هذه اللعبة كنت أتقنها باحتراف ، بل أعشقها لأنني أمارس فيها طقوس الجلد و بلا رحمة ، أذكر أنني في أحد المرات انتفخت يد جارنا الذي كان يلعب معنا لأن ورقة السارق وقعت في يده ، جلدته كما فعل الرومان مع العبيد . طرقت الباب بقوة زلزال على الدرجة الألف لسلم "رشتر" ، طبعا عرفت من هو الباطش و من هو المراد البطش به .... يتبع[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أنا متابعة لمذكرات هذا الفتى الطائش .
بانتظار المزيد من هذه الطيشنة . تحياتي . |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أتابع مذكراتك أستاذ جمال ولست أخشى من نهاية هذه المذكرات لأني حكمي عليك الآن أنك شاب مثقف وموهوب وذو أخلاق حميدة نهاية موفقة إن شاء الله بارك الله بك دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عــــــــدنا ......
بلمح البصر خطرت لي فكرة الفرار مرة أخرى ، لكن أين المفر من بطش أبي ، الله يسامح أمي التي لم تستطع الصمود أمام صرخات أبي التي كانت بشكل العاصفة التي تضرب المدينة النائمة في جنح الليل الدامس، أذكر أنه مرة رماها بمفتاح حديدي فقط لأن وجبة العشاء كان ينقصها الملح فأحدث حفرة بترولية لم تنطفئ لعشرات الأيام ، ما بالك بالذي قمت به و بتسترها على هروبي من عرين الأسد . كان الحائط الفاصل بين منزل خالتي و منزل عمتي" الطاوس" الملقبة "برتشر قلب الأسد" أيامها لا يتعدى ارتفاعه المتر ، بالطبع لدواعي أمنية لم تكن هناك حدود بين الدولتين أي المنزلين لكي يسهل تهريب الغداء و الأخبار و أشياء أخرى ، لذلك سهلت عملية فراري من غير علم خالتي التي وصل صوت صراخها مع أبي الى أذني الصغيرة و انا أهم بالقفز ، من شدة ارتباكي حطمت جرة الماء في طريقي و بعض المعالم التاريخية و التحف المستوردة بالعملة الصعبة، هل تعلمون أن خالتي الطاوس كانت تملك تحف غريبة لم أقدر ثمنها بسبب صغر سني ، لو عرفت لكنت صادرتها لدواعي تأريخية طبعا ، لم يحس بي أحد لأن عمتي الطاوس كان سمعها منخفض ، فقد فقدت جزء منه بسبب انفجار قنبلة يدوية بقربها أيام حرب التحرير ، من ذلك اليوم سميت" برتشر قلب الأسد" لشجاعتها و عدم خوفها . خرجت إلى الشارع بسرعة الصاروخ ، ما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي أعوم في دمائي بسبب خبطة من سيارة الشرطة ، هل وجدتم مفارقة أكثر من هذا ؟ سيارة الشرطة أوقفت هربي و كأن طيشي لا يوقفه الا رجال البوليس ، حملوني على جناح سيارتهم التي كانت تنفث دخان يقتل حتى الحشرات السامة ، قال لي الشرطي الذي كان يرتعد خشية أن أموت " لماذا يا ناموسة كنت تسرع و تقطع الطريق في استعجال " ؟ قلت له في داخلي " لو عرفت ما قمت به لأخذتني إلى معتقل (قواتنامو) بدل المستشفى " ، فضلت الصمت و أسقطت دمعتين مصطنعتين بينما أكمل هو الطريق نحو مستشفى الاستعجالات . المبنى كان رائع جدا ، هندسته بمثل هندسة قصور العصور الغابرة و التي أكل عليها التراب و مات ، لونه الخارجي كان أحمر فاقع لونه لا يعجب الناظرين ، بوابته كانت مثل بوابة سجن المجرمين المحكوم عليهم بالشنق، عند دخولنا رحبت بنا مجموعة من القطط المفترسة و كأنها كانت تقول لي " لماذا أتيت ؟ ستنقص علينا الفضلات " ، الفئران المدورة و المكورة فضلت الاختباء لكي ترحب بقدومي ليلا .. على طريقة أفلام رعاة البقر بالتأكيد . لم أحمل على العربة المجرورة الخاصة بالاستعجالات ، إنما على عربة كانت تستعمل لتشييد جدار فاصل ، لا تخافوا هو ليس الجدار الفاصل الذي في مخيلتكم الآن ، وضعوني في سرير كان صاحبه قد مات بسبب مرض أنفلونزا الجراد و القمل، هكذا سمعت الممرضة تقول للشرطي الذي أحضرني . أوصى بي المسكين العاملين على الرغم منهم بعد أن قال لي " سأخبر والدك بما حدث " .. قلت في أعماق أعماقي " و الآن الى أين المفر؟ " ... يتبع[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عــــــــدنا ......
ما إن خرجت القوات المسلحة من المستشفى حتى عاد إلى رأسي جن الشقاوة ، كان أحد الأطفال الطيبين المسالمين متمدد في سريره بقربي ، و من خلال ملابسه الأنيقة و القارورات المعطرة للجو المصطفة من تحته و من فوقه، أدركت أنه ابن شخص مرموق في المدينة ، يعني زميل مرض مع صغر التشبيه ، خيرات السوق كلها اجتمعت من جنبه الأيمن و الأيسر ، تفاح و عنب و دجاج مشوي و محمر و مشروبات بجميع الماركات المستوردة و الغير مستوردة، و لأنني كنت قد استنفدت طاقتي بالجري و الفرار قررت أن أخد حق الشعوب الضعيفة و الفقيرة من الطبقة الارستقراطية بقبضة يدي ، يدي أطاعت أوامري و لم تخيب إرادة الشعوب المقهورة ، ما هي إلا دقائق حتى أكلت ما أكلت و وضعت ما وضعت من غنائم ثورة الشعوب تحت السرير ، ستسألون كيف استطعت فعل كل هذا بوجوده و أمام أعينه ؟ الإجابة ببساطة المقولات الأربع " ما أخد من الكبار يسترده الصغار " و مقولة " حمر عينك يخاف منك القط " و مقولة " اضرب متى يكون الناس نيام " و مقولة " إن كنت جائعا لا تتردد " ، كانت مقولاتي طبعا فأنا لا أعرف من المقولات المدونة الا مقولة أمي " ربي يهديك يا ولدي " ، حتى القطط أخذت حصتها لأنني من دعاة الرأفة بالحيوان و النبات و الحجر إلا الحجر الذي يشيد به الجدار الفاصل ، أما الفئران فقد تركت حصتها تحت السرير لكي تستلمها عندما أنام و ينام الجميع . الممرضة بعد أن ضمدت جراحي لم تعد إلى الغرفة ، الله يساعدها فقد كانت تحضر وجبة عشائها في غرفة العمليات ، ربما كانت تخاف من الجراثيم المنتشرة في بيتها و فضلت التعقيم المجاني ، الأطباء كانوا كالأشباح الذين يظهر لونهم الأبيض لنصف دقيقة و يغيبون لباقي اليوم ، "مستشفى عام هيه " هكذا قال الطبيب الذي غطى وجهه المنتفخ بنظارة بلاستيكية للمريض الذي كان يتألم في أروقة المستشفى . نامت شمس النهار و بانت ظلمة الليل و بانت معها الفئران الأربعة و الأربعون و أمهم "الغولة" ، اجتياح كاسح على أنغام موسيقى الصراصير ، و لأنني كنت لا أحمل بندقية ف16 و لا أحتمي بداخل ذبابة روسية الصنع ، فضلت أن أجمد دمائي و عروقي و حتى صوتي الذي كنت لا أملك غيره، أكلوا كل شيء يمكن أكله و لو لا أنني تمسكت جيدا بالوسادة لكانوا قد قضوا على أحلامها بالنوم بقربي، مثل فيلم الوسادة الخالية الذي كان يبكي خالتي بعد المشاهدة الألف و واحد ، قد تقولون لماذا لم يهاجموا زميلي الأرستقراطي ، بسبب الحصانة البرلمانية المسلطة على رقبتي و رقاب الجميع ، و الفقير تهاجمه كل الحيوانات و الزواحف و الحشرات حتى في المرض ليس لنا حق المساواة . ما إن بزغ نور الفجر و لاح حتى قررت الهرب من هذا الكابوس ، تذكرت كوخ عمي" العياشي " الذي كنت أذهب له عندما أشتاق للضحك ، كان أكبر سكير على تراب الجمهورية و الجمهوريات المجاورة، لا يشرب الماء إنما مكانه كل أنواع المسكرات الأصلية و المهجنة . تسللت رغم أنه ما كان علي أن أفعل ذلك لأن نصف العاملين كان غائب عن العمل و النصف الآخر في سبات عميق ، لو انفجرت قنبلة "هيروشيما" بجوارهم لما استفاقوا ، الله يكون في عونهم من شدة العمل ... يتبع [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أيها الفتى الطائش سابقاً مذكرات جميلة حقاً تصلح كما قلت لك سابقاً أن تكون مسلسل تلفزيوني وهادف ما دمت قد وعدتني أن تكون النهاية سعيدة هناك شيء آخر وهو الأم من طبعها وعاطفتها وقلبها الشفاف أن تتغاضى كثيراً عن أخطاء الأبناء بعكس الأب , حتى سوء التفاهم بين الوالدين والصراع المستمر حتى لأتفه الأسباب ( مثل الملح في الطعام ) كل ذلك برأي الخاص ينعكس سلباً على الأبناء مازلت متابعة لك حتى لو تأخرت مرة لكن لا بد ان أتابع دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
نفس سردي رائع وبعد نقدي لاذع
لكن في بعض الاحيان يتداخل القاص مع الراوي مع البطل فلا ندري ايهما في اليمين وايهما في اليسار هههههههههههههه [هنا مؤاحذة!!! ولا مؤاخذة يا حضرت البيه الباش كاتب ههههههههه] لكن الجميل ان رابعهم هو القارئ وعندما يكون القارئ احد هذه الزمرة ويحاول تقمص احد تلك الاشخاص[ الكاتب او الراوي او البطل] فان الامر يصبح خطيرا ويبرهن على ان الكاتب احكم قبضته على مخيلته ومكنه من ان يعيش الاحداث لا ان يعايشها فقط سامحك الله الم تجد الا فتى طائشا لكي تسحبنا الى عالمه لولا بحثت عن بطل غيره ههههههه ما رايك بزعيم او ولي او عالم او مجاهد الست من بلد المجاهدين ههههههههههه تحياتي وتقديري |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]أخي أيمن جميل جدا عندما يندمج شخصي مع شخصية البطل .. و الجميل حقا أن تتمتع أخي أنت بيننا و تعتبر نفسك بطلا ثالثا ... البساطة في السرد الحكاواتي ما يجعل المسافر في سفينة طيش البطل يتمتع أكثر و أكثر ... ربما أحوال نقل مرارة الواقع بسخرية رجل يحاول الكتابة .
ننتظرك أخي مع موعد آخر و في مكان آخر فلك أن تتخيل كيف سيكون و ماذا سيفعل بطلنا الطائش . تحياتي الأخوية لشخصكم المحترم [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
أخي جمال فعلا لك جمال الكلمة و الكاتب الجيد هو كاتب جريء و أمام بوح المداد طفل بريء...تشرفت كثيرا بالقراءة لك و لو أنني تأخرت في تصفح هذه الورقة الهاربة من ذكرى طفولتك...أبدعتَ و أسمعتَ...و بالقول البسيط أمتعتَ و أشبعتَ...و على عرش السهل الممتنع تربّعتَ...لك المحبة و التقدير.
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
تقبل تحيات ابداعية من شواطئ الكلمات [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
[align=justify]عدنـــــــا ......
في الطريق المؤدي إلى كوخ عمي "العياشي" هاجمتني مجموعة من الكلاب المتشردة، هجومهم كان بسبب اعتقادهم أنه يسري في عروقي دم عربي أصيل ، و قد جرت العادة على الفتك بكل ما هو نبيل – عفوا لم يعد نبيل بل أصبح جاك و توم و ريشارد- زعيمهم كان يريد أن ينتزع مني قطعة لحم أسمر متوسط ، لم يعرف أن لحمي مر بطعم العلقم و أحيانا بطعم الكوكا و الشيح ، حولت السرعة من 40 كلم في الساعة و المسوح بها داخل المدينة، الى سرعة 120 كلم في الساعة التي يعاقب عليها القانون بسحب رخسة السياقة ، و لأنني لم أكن أحمل رخصة سياقة ، و لا أركب إلا سيارة أقدامي من نوع "رونو11 " لم يطبق علي قانون المرور . أكملت الطريق بعد أن أوقفت سيارتي الإلهية و ركبت عربة يجرها حمار، كان جحشا لكن هموم الحياة أورثته الشيخوخة قبل الأوان ، شعره اختلط مع الغبار ، بل كان كحبات حصى في هضبة متدنية ، رأسه من كثرة التفكير كبر بحجم رأس فيل هرم ، عيناه اتسعت لأنه لم يتزوج ، فقد كان يتوقف عند مرور كل أثان بالقرب منا ، فيطلق صرخة "زوجوني يرحمكم الله يا رجال الخير". صاحبه لم يشعر بي عندما ركبت لأنه كان مشغول بضربه و سبه ، أعجبني عندما قال له أسرع يا يهودي ، أيامها لم أكن أعرف معنى العبارة فقد كانت تطلق على كل خسيس و ذميم و مغضوب عليه ، تأملت في الحمار جيدا و أنا أهم بالقفز من العربة و قلت في داخلي " إن كان هو يهودي فمن يحتل فلسطين ؟ " . كان كوخ عمي "العياشي" في مدخل الواحة المترامية الأطراف ، النخيل كأنه جنود بلا حراك ، الخنادق التي كانت تتجمع فيها المياه الزائدة كأنها ثعبان طويل يطوق الواحة ، أما عمي "العياشي " كان يحرسها بقلب ،رغم أنه جسد يتمشى على الأرض و فقط . عندما دخلت الكوخ عرفني على الفور ، لأن رائحة حدائي الممزق تقتل حتى العقارب ، جلست في الركن الذي تعودت الجلوس فيه ، ثم تناولت زجاجته التي كانت توشك على الانتهاء ، سألته عن محتواها رغم أنني كنت أعرف جيدا ما بها ، قال لي " شراب منعش للروح " ، سألت نفسي لما تحتاج روحه للانتعاش . سألني و قدماه لا تقويان على الحراك " لما جئت اليوم يا "ناموسة" ؟ ألا يكفيني بعوض الواحة الذي يمتص مني الدم و مشروب ( البروشكة ) " ، أخبرته عن حكايتي مع أبي ، و خوفي من العصا " شردودة " بعد أن قهقهت من كلمة " بروشكة" ، تأمل في ملامحي المقاومة لكل أشكال الطغيان من الآخر ، ثم راح يقص على مسمعي قصة حقوق الإنسان و منظمة الأمم المتحدة و كل زعماء أمريكا ، طبعا كان في حالة سكر من الدرجة العاشرة ، و السكير يحفظ كلامه في مكان بارد و لا يقاس عليه . كان له قط أسود بمثابة ليلة حالكة لا يطلع عليها صبح قريب، يقتات على الضفادع و العناكب، و كل حشرة تسول لها نفسها إزعاج عمي" العياشي " مصريها الهلاك، سكينته التي تفنن في نسج فصول مسرحيتها جعلتني أخلد للنوم ، بينما صاحب الكوخ خرج ليفتش عن لص قد يكون . في نومي حلمت اللهم أجعله خير – كنت أتمشى في ساحات المسجد الأقصى ، ألبس ثوبا أبيضا ناصعا لكنني حافي القدمين ، إذا بأفعى ضخمة لا تملك عيون تهاجمني من الخلف ، سالت من قدمي الدماء ليس بسبب عضة الأفعى ، إنما لأن حجر صغير كان بالساحة جرح أصبعي – قمت من نومي مفزوع ، لكنني لم أجد عمي "العياشي" لكي أحكي له حلمي و يفسر لي ما يستطيع أن يفسر ، فهو كان يعمل في إحدى القنوات الأجنبية كمفسر للأحلام و قارئ للحظ و الأبراج. من يملك تفسير لي حلمي يتصل بي على رقم جوالي مع أنني لا أملك جوال0000000000000 يتبع ..............[/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
كمل الحكاية الممتعه والتى دخلت للمنعطف السياسى والتاريخى يا استاذ جمال
اتابع فى صمت محبوسة الانفاس لا اتحرك حتى تنتهى |
رد: مذكرات الفتى الطائش
بورك في قلمك أستاذ جمال، و كما قالت أستاذة أمال أنك دخلت منعطفا سياسيا و تاريخيا بطريقة ممتعة للغاية لك تحيتي |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
لا تغيري قناة نور الأدب لأن النهاية جميلة جدا |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
|
رد: مذكرات الفتى الطائش
لكل من لم يتمكن من متابعة الحلقات السابقة ، يمكنه متابعتها على الرابط التالي
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=14040 |
رد: مذكرات الفتى الطائش
يظهر استاذ جمال ما خفي كان أعظم من هذا المسلسل ما زلت أتتبع ما تبقى من المفاجآت على قناة نور الأدب دمت بخير |
رد: مذكرات الفتى الطائش
اقتباس:
دمــــت أخــــتاه طيبة [/align] |
رد: مذكرات الفتى الطائش
كنت أتمشى في ساحات المسجد الأقصى ، ألبس ثوبا أبيضا ناصعا لكنني حافي القدمين ، إذا بأفعى ضخمة لا تملك عيون تهاجمني من الخلف ، سالت من قدمي الدماء ليس بسبب عضة الأفعى ، إنما لأن حجر صغير كان بالساحة جرح أصبعي – قمت من نومي مفزوع السير في المسجد الاقصى وأنت تلبس الثوب الابيض ممكن إن شاء الله سيكون لك فيه صلاة الأفعى امرأة بينك وبينها صلة تكن لك العداوة وربما تكمن لك الشر ويقولون إذا خرج الدم من الجلد صحة وسلامة وإن كان غائباً رجع من سفره سالماً وعندما كنا صغاراً ونسال أحدهم عن تفسير حلم لنا وخاصة لو كان بالحلم دماء كانوا يقولون لنا وجود الدماء يفسد الحلم عليك بالإذكار المشروعة وقراءة آية الكرسي عند النوم وقراءة المعوذات هذا التفسير اجتهادي والله اعلم |
الساعة الآن 45 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية