![]() |
(( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
لحظات مجنونة
تزيّن ،تعطّر ودلف خارجا ، لحقته عند باب الغرفة الوحيدة :أريد بعض النقود لشراء طعام للصغيرة ولي. : لا أملك ثمن الطعام، حاولي تحصيل المال بأيّ وسيلة. : لا أملك شيئا، بعتُ كل ّ شيء، ها هي رزمة المال تطل من سترتك. : هذه الرزمة طعام الطاولة الخضراء في الكازينو، لا مانع عندي إن زارك ابن صاحب المنزل ليقضي ليلة معك، ارفعي السعر قليلا ليكفي طعام الصغيرة ودوائها. توتر سيطرعلى أعصابها، ابتسم بدهاء وخرج, تبعته نظراتها بقهرعند عتبة الباب وهو يلوّح لها بإشارات بذيئة ويرميها بكلمات نابية. جالت ببصرها أنحاء الغرفة، تبحث عن بقايا طعام للصغيرة، البيت خواء، رجفة في اليدين،التوتر العصبي يزداد ، ابتسامة غبية ارتسمت على الشفاه، نظرات تائهة، استيقظت الصغيرة باكية، شدّت طرف ثوبها :ماما ،جائعة أريد خبزا، زاغت العيون، الطفلة تزداد بكاء وصراخا، لطمتها بقسوة على وجهها:اصمتي لا أريد سماع نواحك. : ماما،خبز،خبز، ماما، جائعة، جائعة !! : من أين، لا شيء في البيت، اسكتي، صوتك يخترق شياطين رأسي وضعت يدها على الفم الجائع، الدموع تتدفق، رمتها أرضا ،البكاء أضحى عويلا. : بعت كلّ شيء حتى جسدي، اصمتي ، الرزمة في سترته ، الطاولة الخضراء تبتلع كلّ شيء، الطاولة لا تشبع ،هبطت فوقها صهرتها بجسدها. : أمي أنا جائعة...عويل صمّ الآذان. لا تريد سماع صوت عويلها ، سدّت الفم بيدها ،لم تسكت ، انحدرت اليدان نحو الرقبة، :سأغلق مجرى الطعام حتى لا تقولي جائعة. : ماما جائعة،تاهت النظرات، زاغ العقل،اليدان ترتجفان فوق عنقها لا الصراخ. : اخرسي ، صوتك يلسعني بسوطه. تجمهر الجيران ، تتابعت الأصوات: ما بك أنت تخنقين البنت!! :الموت يبعد الجوع. ضحكات هستيريّة ضجّت بالمكان ، عيونها خرجت من جوفها ، البنت تقاوم بشدة صاحت إحداهن : : ابتعدي عنها، البنت ستموت : تموت، الرزمة هناك فوق الطاولة، تموت...، بعد قليل سيأتي ابن صاحب المنزل يريد الأجر أو يدفع الثمن، تموت... ،كشفت عن ساقها، خطوط السوط حفرت أخاديد ، تموت...تموت . : لون البنت أزرق،ابنتك اختنقت، ابتعدي :تموت، هناك ستأكل وتشبع، حرام (تضحك بهستيريا، ها، ها، ها،) من يدفع ثمن الطعام؟الطاولة الخضراء نهمة لا تشبع لا تشبع. قالت إحداهن : من تجرؤ على إبعادها عن الصغيرة؟ : لا أحد هذه مجنونة قد تؤذينا. شدت على الرقبة بقوة : هاها ها , نعم مجنونة ، العقل تاه من شدة الجوع، العقل تاه في دوامة القهر اليومي، العقل تاه من لؤم ابن الحرام ، اصمتي ،لا أريد العقل أنّه يقيدني بألف وثاق، يجب أن يتحرر من قسوة الفاجر،اخرسي، لا تطلبي الخبز ،الخبز مغموس بالذل و بالعهر و بكل صور الفسق . هدأت الفتاة ، وصلت الشرطة، ضربها الشرطي بكعب بندقيته ، وقعت أرضا وحملتهما سيارة الإسعاف كلّ إلى مستقرها . |
رد: " لحظات مجنونة" قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
** الاديبة الراقية فاطمة يوسف........
كان الجنون هنا امر طبيعى ؟!! نهاية منصفة لكلاهما فقد قدر الله هذا وفعل.. لكن كنت اتمنى لو كان زوجها هو الصريع لعمتنى فرحة ما بعدها فرحة.. تحايا عبقة بالرياحين..................... |
رد: " لحظات مجنونة" قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
أقصى درجات البؤس و الحرمان و أقسى ما يمكن أن يمر على الإنسان من تجارب كفيلة بأن تفقده صوابه و ترمي به في متاهات اليأس بل و الجنون أيضا..
قصة معبرة و مؤثرة إلى حد بعيد .. يحملنا التشويق منذ البداية إلى النهاية وكأننا نعيش آخر نبضات الفتاة وننتظر فعلا أن يتوقف .. جميل ما كتبته أختي فاطمة . دمت مبدعة . |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأستاذة القديرة فاطمة يوسف عبد الرحمن :
أهنئك على السرد الأدبي المتميز .. و المحتوى الفكري الهادف في القصة . النص الأدبي القصصي متماسك و متجانس .. الكلمات و العبارات و الصور الجمالية و البلاغية زادت النص جمالاً و كمالاً .. المحتوى الفكري للقصة هو هدفي من النقاش : ماحدث في نهاية القصة ليست " لحظات جنون " بل هى " لحظات ندم " أو " لحظات عقاب للنفس " .. العلاقة غير السوية بين الزوج و الزوجة تؤكد على وجود كسر لا يمكن إصلاحه بين الزوجين .. وإقدام الزوجة على خنق طفلتها يؤكد كونها " إبنة حرام .. و نتاج للخطيئة " .. و هذا ماأكده الزوج في كلماته لزوجته " لا مانع عندي إن زارك ابن صاحب المنزل ليقضي ليلة معك، ارفعي السعر قليلا ليكفي طعام الصغيرة ودوائها." .. و أكده الزوج بأفعاله و تصرفاته تجاه زوجته و الطفلة .. نهاية القصة نتاج طبيعي للعلاقات الخاطئة الآثمة .. أو نتاج لشك الزوج في زوجته .. أو الشك في سلوك زوجته . القصة تدعو للتفكير و التأمل و البحث في مشاكل الحياة و أسبابها .. و هذا أحد جوانب جمال الأدب .. تفاعل القارئ مع النص و التفكير فيه وفي أحداثه .. تحياتي و أعجابي . د. ناصر شافعي |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الفن القصصى الذى يتحقق فيه شرط الإبداع لابد ان يحتوى على الامتاع والإقناع , أما الإمتاع فهو توسل النص بعدة عتابات جمالية كاستخدام الرمز والتصوير والنحت والموسيقى وغير ذلك , وأما الإقناع هو محاولة النص اختراق الواقع والتقاط حالاته المختلفة والتعبير عنها وبذلك ليقدم هذا الواقع فى رؤية جمالية من شأنها أن تؤثر فى المتلقى وتدفعه إلى اعتناق نظرة مغايرة لهذا الواقع الذى يحياه
من هنا فإن هذه القصة تحقق فيها الشرطان. فمن الناحية الجمالية اعتمدت فى السرد على الأسلوب المشدى ,ذلك الأسلوب الذى يعتمد على رسم صورة الشخصية الرئيس من الداخل والخارج معا معتمدا فى ذلك على حركية الحدث الذى يتخذ من الفعل محورا له ,وهنا نلاحظ توالى الأفعال التى تنمو بالحدث وتكون أجزاء المشهد من مثل"تزين , تعطر , جالت , ساغلق , تموت" وغير ذلك , فتوالى الأفعال هنا وغلبة الجملة الفعلية على الجملة الأسمية رسمت مشهدا شديد الإحكام لصور البة هذه البطلة المأزومة من الداخل لكونها تعانى الفقر وعبث زوجها وقهر جوع اطفالها, ومن الخارج لكونها تعانى نفسيا من ممارسة الرذيلة تحقيقا للحياة , وقد نجحت القاصة فى تفعيل الصراع الداخلى بامتياز فى داخل شخصية البطلة , هذا الصراع الذى دفعها إلى الجنون وقتل فلذة كبدها تخلصا من ضغط هذا الواقع الذى لم يرحمها ولم يراعى أنوثتها ولم يحفظ لها شرفها المعادل لكينونتها الإنسانية هنا أيضا نجد أن القاصة اعتمدت على فن المونتاج , وهو ذلك الفن الذى لا يقدم الأحداث فى تسلسل منطقى بل يعمد إلى قطع الحدث من أجل إحداث الدهشة والتأمل عند المتلقى , وتحقق ذلك فى القطع فى صورة الزوج حين طلبت منه أموالا يقفز الحدث فجأة ليقدم مشهدا آخر وهو مشهد ممارسة الرذيلة مع ابن صاحب البيت ,كما أن هذه القصة أيضا قدمت لنا ما يمنك أن نسميه جريان التيار الأخلاقى فى القصة من خلال المافرقة بين الرذيلة وكونها إشارة واضحة فى متن القصة والفضيلة الغائبة عن هذا الواقع وكونها المسكوت عنه فى النص ,وهذا التقابل من شأنه أيضا أن يثير واعية المتلقى للتفكير فى المسكوت عنه ثم جاءت لحظة التنوير/النهاية فى هذه القصة من نوع النهاية المفتوحة التى تترك للمتلقى قل الأسئلة " وجاءت سيارة الاسعاف وذهب كل إلى مسقره" هذه العبارة من شأنها أن تفتح طاقات الأسئلة حول موقف الزوج وموقف الجيران الذين كانوا شهودا على لحظة الجنون , والنهاية أيضا قدمت المبرر الفنى لشرعية العنوان فلم تكن لحظة جنون مجانية بقدر ما كانت لحظة جنون دُفعت إليها البطلة دفعا وبذلك حققت هذه القصة المعادل الموضوعى بين الفن والواقع ولا نملك إلا أن نقدر موهبة القاصة ونثمنها خير تثمين ونشد على أيديها لموهبتها وقدرتها الفنية الرائعة على توظيف أدواتها بمهارة عالية لك كل محبتى وتقديرى أيتها القاصة الجميلة |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأستاذة الأديبة فاطمة يوسف عبد الرحيم
قرأت قصتك لحظات جنون لحظة بلحظة وكلمة بكلمة ..وانفعلت معها كقارئة حيث انسحبت مع الفكرة والكلمات من الأول حتى النهاية... من بداية الصراع حتى قتل الطفلة فى لحظات جنون لتعبر عن رفضها لهذا الواقع المقيت وانجرارها له تحت وطأة العوز ودفع الزوج لها لادمانه مائدة القمار التى تأكل كل قرش يأتى بأى طريق ....حتى لو باع جسد زوجته لصاحب البيت أو غيره المهم من يدفع ...ونهاية بارتكاب جريمة قتل ..تجردت فيها البطلة من مشاعر الأمومة كاملة لتريح صغيرتها من الجوع وترتاح هى من الفاحشة والزوج الذى يستغلها لجلب المال له مقدمة معبرة ...وترتيب متماسك للأحداث ...ونهاية واقعية ...والعنوان مناسب ...والألفاظ معبرة عن الجنون لتصعد الصراع لمنتهاه . قصة رائعة وممتعة للغاية كل التقدير والاحترام |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
القاصة العزيزة فاطمة يوسف عبد الرحيم حقاً إنها لحظات مجنونة قصة رائعة وهي من الواقع وقد حدثت قصة في الواقع شبيهة بها لذلك كانت طريقة السرد مشوقة والالفاظ بليغة تحمل في طياتها حذاقة كاتبة مثقفة اما عن الاحداث فقد جاءت منضبطة ومحبوكة بشكل سلس وانسيابي تمنيت ان تكون نهاية القصة إلى غير ما آلت إليه , فالمذنب يجب ان تكون هو نهايته وخيمة أين الأمومة عند هذه الأم التي تجردت منها لا حول ولا قوة الا بالله بارك الله بك أستاذة فاطمة دمت مبدعة |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأخت العزيزة / فاطمة
نرفع القبعة أمام هذه القصة وما فيها من تعابير مؤثرة سلمت يمينك.:nic92: |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
أستاذ زياد
أهلا بك في صفحتي ، أعجبني رأيك ، ونحن يا نتمنى دائما زوال محرك الشر ومبعثه ، لكن عناصر الخير أحيانا لا تحتمل مؤثرات الشر فتنهار وهذا ما حدث لبطلتي شكرا أخي فاطمة |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
أخي رشيد
أشكر مرورك الجميل الذي استقصى ذروة المعاناة لدى البطلة وعبّر عن رأيه بطريقة إيجابية مساندة للنص ، فالف شكر لك فاطمة يوسف |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية وبعد كم يشرفني تواجد الدكتور ناصر شافعي في صفحتي ، لكن قد اختلف معك ولأني أعرف الشخوص وشاهدت بأمّ عيني الحادث ، فالبنت لم تكن بنت حرام ، ولحظات جنون الزوجة أنها لا ترغب بالحرام إنما الزوج هو الذي دفعها لشدة الحاجة ولتقصيرة في احتياجيات المنزل الضرورية ،فأنا ولأني سيدة دائما متضامنة مع المرأة ،إنما هي آراء لكن أعجبني طرحكم لمناقشة مضمون النص بأسلوب نقدي مميز فشكرا لكم . فاطمة يوسف |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأستاذ عبد الحافظ بخيت متولي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية طيبة وبعد أحيانا أحار كيف أرد على تعليقك لما فيه من عمق الفكرة ومنهجية الأسلوب النقدي المبني على أسس نقديّة قيّمة ، فأنا أكتب القصة بإحساسي ومع تفعيل الدور الخيالي في بناء الحدث الدرامي وأحيانا أنقلها من الواقع كما هي وهذه القصة من مشاهداتي أثناء مرحلة الصبا الأولى والتي لم تستطع الأيام محوها من الذاكرة أمّا الأسلوب المشدي الذي ذكرته يمكن لخبرتي في كتابة المسرح ، فأنا أكتب المسرح المدرسي وتميّزت في هذا المجال وإن شاء الله سأدرج مسرحياتي في موقع نور الأدب، وتفسيرك لمشهد الصراع جاء مطابقا لما أردت فهذا شيء رائع منك،وكذلك عملية المونتاج والنهاية المفتوحة الحقيقة أن سيادتكم هو الذي أبدع في تحليل النص وأعطاه قيمة فنية وأخرى جماليّة لذا فإن وجودكم في صفحتي فخر لي ، فألف شكر على هذا الجهد أختكم فاطمة يوسف |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزتي الكاتبة أمال حسين أشكر مرورك العطر على صفحتي وقراءتك العميقة للنص ووتحليلك الواعي لمعطيات الحدث ، فأشكرك لما بذلت من جهد فكري ّ لتعبري عن إعجابك بالقصة وإن شاء الله نلتقي في صفحات أخرى فاطمة يوسف |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
عزيزتي ناهد شما
تحية عطرة وبعد أشكر لك تفاعلك مع النص وخاصة كما تبينته نباهتك أنّ القصة واقعيّة لأني رأيت الحدث في طفولتي رؤيّ العين، ولم أسمع عنه و أعتقد أن مشاعر الأمومة موجود لكن مشاعر الظلم والحقد على الزوج أو الحظ السيء طغت في ظرف عصبي حاد فألغى العقل ووأضاع العاطفة في ميدان العوز الجسدي والنفسي . أختكم فاطمة يوسف |
رد: (( لحظات مجنونة)) قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد عزيزتي مرمر وأنا أمدّ يديّ لأحتضن تلك الكلمات الراقية وصاحبتها الأخت مرمر وشكرا لك يا عزيزتي الرقيقة لقراءتك العميقة للنص أختكم فاطمة يوسف |
الساعة الآن 19 : 08 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية