منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   بذورٌ للحُب (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=15313)

نصيرة تختوخ 13 / 05 / 2010 55 : 04 PM

بذورٌ للحُب
 
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:white;border:4px groove limegreen;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]كان غصن الورد يتمايل أمام نافذتها و هي تغسل وريقات النعناع لتغرقها في كأس الشاي الساخن.
خلف الغُصن بدت البناية الشاهقة بواجهتها الزجاجية و طوابقها الكثيرة.
في كل طابق كان سرب من الموظفين يعمل كالنمل حتى آخر اليوم بينما كانت هي تمارس طقوس الصباحات الهادئة.
دق جرس الباب و أخذ أصابعها الرفيعة من الملعقة الفضية ,التي كانت تحاول إذابة قطعة السكر, لقبضة الباب المستديرة.
لأول وهلة اعتقدت أن خطأ ماوقع و هي لا ترى أحدا على العتبة لكن سرعان ما رأت العجوز تبتعد عن شجيرة الورد و تتقدم نحوها.
سألتها: 'هل بالإمكان أن تعطيني وردة، وردة بجزء من غصنها الطويل كما يبيعها بياعو الأزهار في عيد الحب؟ '
استغربت الطلب و كان بإمكانها أن ترفض وتغلق الباب في وجه العجوز الغريبة لكنها فضلت توفير أي تشويش أوتعكير لوجه صباحها.
من درج الخزانة الخشبية في الممر أخرجت مقص 'البستاني ' كما يسميه ابنها و قدمت الوردة للعجوز.
أخرجت هذه الأخيرة صرة وضعتها في يدها وحين سألتها هي: ما هذا ؟
ردت العجوز باسمة : 'بذور ، بذورٌ للحُب '.
ودعتها و دخلت ،أعادت المقص إلى مكانه و رمت الصرة إلى جانبه.
آخر الأسبوع حين وجدت نفسها لوحدها ، بعد مغادرة ابنها في زيارة لوالده و خروج تلميذتها سارة وهي تلملم كتب تعلم الإيطالية فتحت الدرج .
أمسكت بالصرة تلقائيا واختارت للبذور مكانا في حديقة بيتها الخلفية، كان ركنا تصله الشمس باعتدال ولاتضايقه فروع شجرة التفاح.
شابه مساء ذلك اليوم مساء ات سبتمبر و شدها الحنين على وقع المطر لصوت ابنها الطفولي وصداه الجميل، اتصلت به لتطمئن عليه قبل أن ينام وأحست بسعادته و هو يتحدث عن السمكة التي اصطادها والده و عن سرطان البحر الذي كاد يعضه لكنه ألقى القبض عليه ولازال يحتفظ به في دلوه الصغير.
تحولت الحديقة الخلفية في الأيام القليلة التي تلت إلى حقل لعشب من نوع لم تعهده، عشب تقتلعه فينمو من جديد و بسرعة مذهلة و يملأ الأرجاء.
محبطة حاولت استشارة جارها أبو وسام ، كانت تظن إلى حد قريب أنه خبير بالركن الأخضر فما وقعت عيناها في الحي على حديقة أجمل من حديقة بيته وفعلا أسدى لها النصح إذ وجهها بدوره لمحل مختص في بيع الشتائل و الأسمدة و المبيدات .
اشترت من هناك مادة ظنتها فعالة جدا حسبما ورد في دليل استعمالها. رشتها بعناية فكانت النتيجة أفظع.
بدأت الأزهار والشجيرات التي كلفتها شهورا من الرعاية والاهتمام تذبل واستمر العشب في الانتشار بجنون.
صار المنظر يستفزهاويوقظ عبارة 'بذور للحب ' في ذاكرتها ويشعرها بالسذاجة و الضعف و الإهانة.
اكتأبت و انعكست كآبتها على ابنها دون أن تدرك.
ألح طليقها على مقابلتها خارج البيت ولم تكن لديها أدنى فكرة عما يريد.
صارحها بانشغاله على ابنهما و سألها أن تبوح له ودودا و متوسلا لها.
غلبتها دموعها و هي تصر على أنه لاشيء غير العشب الضار الذي لاتنجح في مقاومته ، قالت نصف الحقيقة وربما أقل فقد تكتمت على حكاية العجوز و على جوابها 'بذور للحب 'وعلى مايصحو من الماضي و يتعبها.
وعدها بأن يحل لها مشكلة العشب الطاغية وحين تجرأت وسألته إن كان عمله يسمح.
رد أنه قد صار الآمر الناهي و أنه يحدد جدول التزاماته بنفسه .
كان عمله الدُّبَ الذي عجزت في الماضي عن مصارعته، كان يأخذه منها و من ابنه وزاد من وحشيته تلك المرأة التي أصبحت تلازمه في العمل وتتفنن في جعله يشتغل أكثر و يكون معها لفترات أطول.
بعد اللقاء صارت تراه كل عشية يقتلع النباتات , يحمل المجرفة تارة ويقود العربة اليدوية الصغيرة مليئة بالتراب إلى الخارج تارة أخرى.
كانت تناديه من حين لآخر كي يأكل معها وابنها وجبة خفيفة أو كي يشرب شيئا ما معا وكان ينظر إليها خلسة أحيانا و هي تهز رأسها وتنظر إلى تلميذتها التي كانت على مايبدو تنطق الإيطالية كما ينطقها الروس.
اصطحبها معه حين جرد الحديقة من معظم تربتها و خضرتها لتختار شجيرات وأزهار جديدة وكانت النتيجة مذهلة حركت بداخلها الرغبة في أن تسقط أسوار 'بستانها' الجديد ليراه كل الجيران و المارة والفضوليين.
كان فخورا بما قدم لكنه حرص على التحلي بتواضع مثير للإعجاب .
على مائدة عشائها الفاخر جلس ثلا ثتهما كما لم يجلسوا منذ زمن بعيد، قام الابن لينهي واجباته وباغت هو انهماكها في جمع الصحون بقوله: أظن أن الوقت قد حان.
تأسفت ، معتقدة أنه فهم جمعها للصحون كإشارة لضرورة انصرافه، قالت بأن الوقت ليس متأخرا حقا.
أجاب بلا وبأ ن الوقت تأخر فعلا و طال وتمادى وجار, ثم قام, اقترب منها وعيناها تستقبل نظراته بعبرات متمردة, أخرج من جيبه علبة صغيرة حمراء ومنها خاتما و سألها: أتقبلين ؟
Nassira[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

عادل عادل 13 / 05 / 2010 25 : 05 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
الله الله يا اخت نصيرة ...
فلسفة عميقة لمعاني رائعة ... كل مخاض مهما كان صعب أو نعتقد أنه يحمل الشر , قد يحمل في طياته ما يفوق الشكل ... نسير بخطى متعثرة أحيانا ولكنها قد تكون المنجية ... القدر له أسباب ومسببات عديدة ... ولكن العبرة في الوسائل التي تعطي النتائج ... رائعة بجد .
احترامي لكم .

نصيرة تختوخ 13 / 05 / 2010 33 : 05 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
شكرا أخ عادل على قراءتك لما جاءت به السطور و لما خلفها.
يسعدني استحسانك لما كتبت
تحيتي

ايمن المغربي 13 / 05 / 2010 45 : 05 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
اخت نصيرة هل تقبليني في جامعتك كاول تلميذ بشعبة
دراسة البساطة العميقة
والروعة الهامسة
وحسن التسلسل الى الاعماق
مع استعمال العدد المناسب من الكلمات والتعابير دون زيادة او نقصان
.....
كوني على يقين اني لن اتغيب واني ساقرا كل ما تكتبينه
ثم اتخرج وانا اقول
[ليت نثري]
على خلاف ما كانت العرب تقوله
[ليث شعري] هههههههههههه

ايمن الركراكي

نصيرة تختوخ 13 / 05 / 2010 00 : 06 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
ماأروع تواضعك أخي أيمن يامن تنساب كلماته رقراقة كالجدول .
شهادتك تشرفني و تشجعني فعلا.
تقديري العميق و تحيتي لك

ناهد شما 14 / 05 / 2010 47 : 02 AM

رد: بذورٌ للحُب
 

أرى أمامي لوحة تشيكيلية مليئة بصور من العاطفة والرومانسية
كم رائع أن تنمو بذور هذا الحب
كيف تزرع بذور الحب في طرف الحديقة الخلفية،
والركن تصله الشمس باعتدال ولاتضايقه فروع شجرة التفاح
لا يوجد أجمل من هذا الحب وهذه العلاقات الانسانية
بذرة الحب المهداة من هذه العجوز
تجعل تداعياً للافكار والذكريات التي تخرج للواقع
كثيرة هي الصور الرومانسية والفلسفة في اختيار هذه الصور
ينحني قلمي وفوقه سطوري . الحروف تنثني على التألق
دمت بخير

نصيرة تختوخ 14 / 05 / 2010 54 : 09 AM

رد: بذورٌ للحُب
 
أستاذة ناهد يسرني انطباعك الإيجابي على قصتي وماورد فيها
بوركت
تحيتي لك

ناجية عامر 14 / 05 / 2010 26 : 11 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
أهنئك أستاذة نصيرة على ما قدمتيه هنا من حروف رائعة
سرد محكم و جميل و فلسفة رومانسية هادئة تستحقين عليها التنويه

دام لك الابداع والتألق

نصيرة تختوخ 15 / 05 / 2010 33 : 12 AM

رد: بذورٌ للحُب
 
الأخت الفاضلة ناجية أشكر إيجابيتك و حسن تقديرك .
سرني مرور ك
تحيتي

خيري حمدان 15 / 05 / 2010 00 : 12 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
الأديبة نصيرة تختوخ
حان الوقت لنصفق لك لهذا النص المليء بالشاعرية والتأمل الفلسفي للعلاقة الأبدية ما بين الرجل والمرأة. علاقة الحب ونفح الحياة
يسرني أن أقرأ نصوصك وأجد بأن نضوجا واضحا قد زين هذه السطور
مودتي

نصيرة تختوخ 16 / 05 / 2010 02 : 12 AM

رد: بذورٌ للحُب
 
الأديب والقاص المتمكن خيري حمدان يسرني استمتاعك بالقصة واستحسانك لها.
أشكر حضورك و أتمنى لك أسعد الأوقات

ميساء البشيتي 16 / 05 / 2010 24 : 01 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
نصيرة

بصدق شعرت بنهاية القصة بقشعريرة تسري في جسدي

احب النهايات الجميلة والتي لا تكون إلا في قصصك ونصوصك المتميزة

أكثر من رائعة يا نصيرة وأتمنى لك مزيدا من النجاح والتألق يا عزيزتي

:nic65:

نصيرة تختوخ 16 / 05 / 2010 10 : 02 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
كم تسعدني شهادتك أستاذة ميساء
شكرا لك و دام لك الألق

نبيل عودة 25 / 05 / 2010 52 : 10 AM

رد: بذورٌ للحُب
 
نصيرة تختوخ تحية اكبار
سرد هادئ جميل متدفق بلا ملل ، يشد القارئ بعنصر الدهشة الذي ينتشر رويدا رويدا مع التقدم في النص .. فكرة جميلة انسانية جدا ، واوروبية جدا أيضا ... ليت هذه العقلية تسود شرقنا.. لو حدثت في الشرق لوقعت القطيعة وحرمان المرأة من ابنها.. ولصارت لدى الزوج خمسة زوجات بعين الحسود . واحدة فرند ، واحدة سياحة ، واحدة مسيار ، واحدة شرعية ( مؤقتة ) وواحدة عرفي .. والحبل على الجرار..
شدتني هذه اللوحة بعمق بناء فكرتها البسيطة والمؤثرة ... والسرد الراقي الصاعد رويدا رويدا.. وبدون فذلكة لغوية .. كما نلمس في الكثير من النصوص ، ظنا ان المسالة القصصية هي اظهار البلاغة .. بينما الفن القصصي هو اللغة الأكثر قربا من الناس ببساطتها وتعابيرها ... حتى الحديث عن طليقها جاء بمستوى لا تعرفه العقلية العربية .. وكأنه أمر عادي وليس نزاعا نوويا وحربا تدميرية ...
تحياتي
هذا الأدب الذي يعيش.

نصيرة تختوخ 25 / 05 / 2010 32 : 09 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
ربما هي رؤيتي للأمور أيضا فمادام وقع انفصال فيما ينفع الصراع و شرخ نفسية الابن , التعاون بدل العداء أظنه يساعد أكثر على استمرار صحي للحياة ..
تشرفني وتسعدني شهادتك في حق النص و الأسلوب الذي كتبته به, أحب أن تلامس نصوصي من يقرأها .
تحيتي و تقديري لك أستاذ نبيل

نعيم الأسيوطي 19 / 09 / 2010 25 : 09 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
شكرا لتواجدكم معنا

نصيرة تختوخ 20 / 09 / 2010 23 : 08 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
و يسرني مرورك العطر أستاذ نعيم.
لك تحيتي

رشيد الميموني 20 / 09 / 2010 21 : 11 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
[align=justify]
في الواقع .. دعيني أصارحك بشيء نصيرة قبل أن أضع هنا بعض الكلمات التي لا أراها كافية لتفي قصتك حقها ..
كنت أقرأ النص و تساؤل ملح يراود ذهني .. أين كانت مني هذ القطعة وكيف غابت عني ولم ألحظ وجودها إلا بعد ردك الأخير ؟
ربما لا يكون للجواب أهمية .. لأن الأهم أني وجدت اللوحة .. وتملت عيني بألوانها البهيجة .. هي قصة لا كل القصص .
كنت أشعر بنفسي تسابق القصة في إيقاعها لتستشف النهاية ثم تعود لتتأخر عن الركب .. لكن سرعان ما تعود لتجري لاهثة لتدرك أنها نهاية رسمت بفرشاة فنانة لا يشق لها غبار ..
ممتعة أدواتك نصيرة .. وشهي طبقك هذا الذي تقدمينه لنا دسما لنستمتع بمذاقه .
مبدعة حقا ..
دام إبداعك .
لك مودتي .
Chapeau
[/align]

نصيرة تختوخ 21 / 09 / 2010 56 : 10 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
أشكرك أستاذ رشيد على تشجيعك و إطلالتك من خلال هذا التعليق الذي يشعرني أنك استمتعت حقا بقراءة ما كتبت.
دمت بكل الخير

عبدالكريم سمعون 16 / 01 / 2011 16 : 09 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
نصيرة تختوخ تصهر الحرف وتذيب الكلمة في بوتقج الجمال
لكأنها أدخلت الجمال والبساطة والواقع لتخرج بحرف فاخر يحاكي الذائقة المتلقية بأعلى درجات الصدق
وبتواتر متصاعد ووصف للجزئيات يكاد يسحر المتلقي ويأخذه عبر زمان ومكان النص
وبسهولة ومراس وبراعة إستطاعت توظيف الكلمة البسيطة والتركيب السهل
لنقل المتلقي أيا كان , طفلا شابا شيخا بسيطا أميا عالما فقيها مثقفا إلى ماتريد وإلى عالم جميل
عاشته هي لحظة مخاض النص وولادته
لك الشكر أستاذة نصيرة

نصيرة تختوخ 16 / 01 / 2011 38 : 09 PM

رد: بذورٌ للحُب
 
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]أستاذعبد الكريم يسعدني نشاطك في نور الأدب و تشرفني إطلالتك على قصتي هذه و تذكيري بها .
يسرني أنها نالت إعجابك و أنك قلت فيها ماقلت.
دمت بكل الخير [/align]
[/cell][/table1][/align]


الساعة الآن 36 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية