![]() |
ما معنى أن تكون أديبًا؟
[frame="1 90"] ما معنى أن تكون أديبًا؟ بقلم الأديب/ عبد الله الشّيتي (رحمه الله)* سؤال ملحاح يطرح نفسه، ههنا : - ما معنى أن تكون أديبًا! ، وما معنى أن تكوني أديبة؟ في الشّرح المجازيّ للكلمة ، كلمة أديب: أي من أدّب نفسه، وأحسن صقلها تهذيبًا ورقّة وشفافية ورؤية جماليّة تستشف الكون والفنّ والحياة.. تلك هي المواصفات الأولى أو الأساسيّة. وبعد ذلك تجيء موهبة العطاء من نثر أو شعر.. وتتواءم الموهبة مع الاستعداد والقدرة على التعبير والتأثير في نفوس الآخرين.. وتجسيد آمالهم وآلامهم، فما يجوز للأديب أو الكاتب أو الفنان أن يعيش في معزل عن هموم وطنه ومشكلات مُجتمعه ، ويكتفي من فنّه أو أدبه بالتربّع على أمجاد واهية من شُهرة زائفة أو بروز مُفتعل لا قيمة له بين النّاس ! ومعنى أن تكون أديبًا ، أي أنّك مُطالب في الدّرجة الأهم، أن تكون قدوة ، وأن تكون حالة غير عاديّة ، تعكس مرآة ذاتك، وأن تواكب رحلة العُمر ، ذوقًا جماليًا وفعلا إراديًا وجُرأة أدبيّة، تنتصر معها للمناقب وتُشرع قلمك وفكرك في وجه المثالب والمعايب. ذلك هو في يقيني الأديب أو الشاعر أو الفنّان الملتزم رسالة الحياة والحقّ والحرّية و الكرامة.. وفيما عداه باطل الأباطيل وقبض الرّيح. **** ومعنى أن تكون أديبًا مُلتزمًا، أن تحيا حياتك مسؤوليّة عامّة حيال المُجتمع، لا أن تعيش عيشك اليومي البليد ولو كان مُرفّهًا.. لابد من أن تتحسس قضايا وطنك وهواجس مُجتمعك وطموح الأجيال التي تنطق باسمها وتُعبّر عنها وتعمل مع العاملين المُخلصين لخيرها ومجدها.. ومعنى أن تكون أديبًا ، أن تتخلّق بأخلاق غير العاديين من النّاس.. أعني أخلاق قادة الفكر والرّأي والإرادة ، أخلاق السمو فوق الأنانيّة والأحقاد والصّغائر.. ذلك لأنّ "فاقد الشيء لا يُعطيه".. إنّ الأديب الحق والفنّان الحقّ ، من أدرك بحسّه ووجدانه خطورة رسالته في الحياة وفي المُجتمع.. ومن عمل على تحسين وليس "تلميع" صورة الحياة والمُستقبل وحسب.. إنّه الإنسان الفذ الطموح.. الإنسان الإراديّ المُبدع الخلاق.. لا الإنسان المُتواكل السلبي.. وزهو الحياة والتاريخ، في رؤية الأديب أو الفنّان أو الشّاعر، أن تضيف إليهما لا أن تستمرّ فيهما.. زهو الحياة والتّاريخ المُعاصر، أن تكون ما تُريد لا ما يُراد لك.. والفاشل الحائر في هذا الإطار، من يُهزم دون ذلك مهما ادّعى ذلك.. إنّ أثرك يدلّ عليك ويُدنيك من أفئدة جمهورك ولا يُبعدك.. فإمّا أن تكون أو لا تكون. ومعنى أن تكون أديبًا .. أي أن تكون مُجتمعيًا وحضاريًا ورسولا بانيًا في الإنسانيّة وليس في برجك العاجي تتقوقع، أو حول ذاتك تدور.. الأديب أو الفنّان الحق.. من يكون في صورة الحياة وإطارها الحقيقي .. لا خارج الصورة أو خارج الإطار.. وقلّة هؤلاء في التعداد لو أننا أحصيناهم.. "ما أكثر الأدباء والشّعراء حين تعدّهم.. ولكنّهم في النّائبات والأنواء، قليل.. والقليل النّادر لا حكم له، ولكنّه يخلد مع ذلك في ضمائر النّاس وأفئدتهم، وفي صفحات التاريخ ولو بعد حين. ومعنى أن تكون أديبًا فنّانًا، أي أنّ عليك "تجديد" نفسك بصورة دائمة، وإلا اعتراك الصدأ قلما وقلبًا ومشاعرًا وأصبحت صفرًا على الشّمال.. وهذا يقتضي منك أن تتواصل فكرًا ووجدانًا ومسؤوليّة ضميريّة مع مُجتمعك الذي إليه تنتمي وهويّته التي تحمل.. والأديب العربيّ في مُعظم من أعرف يحتاج إلى مزيد من الثّقة، وإلى مزيد من الحرّية ومزيد من الشّعور بالاستقرار والطمأنينة والكرامة حتى لا يُقال "لا كرامة لأديب في وطنه" .. في بلدان العالم المُتقدّم، تجد هناك "مزارات" يؤمّها السيّاح والزّائرون للأدباء والشّعراء والفنّانين العباقرة الذين عرفوا طوال حياتهم وإلى مماتهم كيف تلتصق أعمالهم ونتاجاتهم بوجدان الشّعب وضمير الأمّة.. فإذا هم يُشكّلون "العلامة الفارقة" في حضارة أمّة من الأمم أو مجتمع من المُجتمعات.. ومن فاته ذلك لسبب هو مسؤول عنه مضى في الرّيح والنّسيان لا يذكره إنسان. **** إنّ الأديب الحقّ أو الفنّان العظيم من ينتصر على نفسه لتنتصر به أمّته وقضاياها العادلة.. إنّه الفارس الذي لا يترجّل ولو ترجّل الآخرون من الفُرسان. وهو قبل هذا كلّه وبعد هذا كلّه ، نموذج رائع للتضحية والنّخوة والإيثار لا الأثرة أو المنفعة الشخصيّة والمكاسب الذاتيّة والأساليب الوصوليّة التي تبرر الواسطة ولو كانت ميكافيليّة دنيئة مرذولة.. والأديب الحق.. وكذلك الشاعر والكاتب من أتقن لُغته.. وحافظ على تُراث أمّته ونافح عن حرّيتها وكرامتها وأخلص للكلمة.. فلا يبيعها في سوق النخاسة.. بذلك يكتب مجده على مرّ السنين.. والأديب الحق من يقرأ أكثر مما يكتب.. ومن لا يتعجّل الشّهرة أو الوصول.. فمن يصل بسرعة يهوي بسرعة. والحفاظ على القمّة أصعب ألف مرّة من الوصول إليها.. هذا هو الأديب الذي نريد ونتمنى، دلّني عليه لأرفع له قبّعتي احترامًا وتقديرًا ووفاءًا وولاء. **** و يا أيّها الأدباء المبدعون القادرون، انفضوا عن كواهلكم غُبار الكسل والاسترخاء ومجّانيّة الحياة، فالحياة لها ثمن: عطاء ومُعاناة وصبر وبذل وسهر طويل. إنّ الأديب الحق من طلب العلا سهر الليالي.. ومن كان مسكونًا بالألم والأمل معًا. إنّه العبقريّ في تواضعه وبساطته وإحساسه أنّه إنسان وليس رقمًا..!.. أليس كذلك؟!..====== * عبد الله الشيتي رئيس تحرير مجلة النهضة الكويتية حتى وافاه الأجل ولد في مدينة (حيفا) في فلسطين عام 1934. عمل في الصحافة واستلم جريدة الأيام وجريدة الوحدة عمل في التدريس له 19 كتاباً أدبياً في الأدب الساخر والقصة القصيرة والسيرة الذاتية والأدب السياسي نال الدرع الذهبي من الكويت له درع المشاهير من مدينة اكسفورد الجامعية يعمل الآن مدير مجلة النهضة الكويتية. له: 1- معجزة العراق- دراسة- دمشق 1958. 2- القديسة العارية- قصص- دمشق 1959. 3- حوار العار- قصص- دمشق 1961. 4- في معركة الحرية- مقالات- بيروت 1962. 5- أوراق الغربة- مقالات- الكويت 1971. 6- الابتسامة مهنتي- مقالات- الكويت 1976. 7- أحمد الصافي النجفي شاعراً وساخراً وزاهداً- دراسة - الكويت 1978. توفي سنة 1998. ** نقلا عن/ مجلّة (النّهضة) الكويتيّة. العدد 783-السنة السّادسة عشرة- 6نوفمبر1982 [/frame] |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
تحية رائعة وراقية تليق بك استاذتنا العزيزة
نعم صدق هذات الاستاذا العظيم الأدب نحن نرى الكثيرين اليوم يدعون إنهم أدباء ولو دخلت في دواخلهم وخضت بنفسياتهم ستجدينهم مفلسين في كل شيء .. إلا من حقيقة غرورهم بأنهم يمتلكون شهادات عالية تكبل أفواههم وعقولهم من التواضع ... حتى إنك لاتنبهرين بشخصياتهم الزائفة ولايمتعك أن تقرئي لهم أوتتأثري بما يكتبون ... لن تكوني فخورة بجعلهم المثل الأعلى لك ...ففعلاً فاقد الشيء لايعطيه.. تحية من قلبي |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
مليون تحية لك أستاذة هدير تليق بشخصك الكريم رائعة مداخلتك عزيزتي , نعم الكثير من اتسموا بمرض الغرور وهم يعتقدون أنهم بحق أدباء ولكن سلتهم فارغة كما يقولون نعم "فاقد الشيء لا يُعطيه".. وإن تبنى العطاء ولكن الأديب الحقيقي هو الذي يعي تماماً بضميره ووجدانه رسالته في الحياة وفي المجتمع وكيف يقدم هذه الرسالة شكراً لك لقد أغنيت الموضوع بمداخلتك دمت بخير |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
الأستاذة القديرة ناهد شما : أشكرك على نشر هذا المقال البديع الذي أوضح و أوجز ما كان يجول في عقلي و يشغل تفكيري ويتعب صدري .. وأتمنى من قلبي أن يستوعب السادة الأدباء ما جاء فيه . تحياتي وتقديري . د. ناصر شافعي |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
[read] تزخرفت الصفحات بنقش حرفك ولبست السطور رداً جميلاً وثوباً رائعاً لقدومك الحمد لله على سلامتك دكتور ناصر نورتني ونورت المنتدى وأتمنى حقاً أن ما أنشره حتى لو كان نقلاً يسعدك ويسعد الجميع دمت بخير[/read] |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
تعريف شامل مؤثر ليت الجميع يطلعون عليه فكم صرنا نلقى من يستسهلون مجال الأدب و منح أنفسهم ألقابا قد لا يبذلون من أجلها مجهودا .
جزاك الله كل خير أستاذة ناهد على مانقلت لنا. |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
اقتباس:
كم سعدت بعودتك إلى نور الأدب الحمد لله على سلامتك أرجو ان تكوني قد استمتعتِ بإجازتك كل عام وانتم جميعاً بخير نعم حبيبتي أضم صوتي إلى صوتك الكثيرمن نُسِبَ إليهم الأدب واصبحوا أدباء دون بذل أي جهد في ذلك هل تصدقين عزيزتي أعرف شخصاً يكتب الشعر ويبيعه إلى شخص آخر لا يمت للأدب بصلة ولقبه هو الأديب ( فلان ) لذلك أصبح لقب أديب سهل يباع ويشترى للاسف دمت بخير[/read] |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
أختي الكريمة / ناهد شما
تحية حب وتقدير كلمات الشكر لا تكفي شخصكم الراقي على نقلكم لموضوع هام جدا .. استمتعت به وتذكرت كلمات استاذي الدكتور / أحمد ياسين نصار منذ أكثر من ربع قرن .. وسوف أقوم بطباعته وتوزيعه على شعبة الموهوبين إذا سمحتم لي .. مودتي وتقديري |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
[align=center][table1="width:85%;background-color:blue;border:4px double green;"][cell="filter:;"][align=center]
الأستاذة القديرة .. الأخت الفاضلة ناهد شما : أشكرك شكراً جزيلا على حسن و جمال الترحيب بي .. و الدعاء لي بالصحة و العافية. و أقولها بصدق وأمانة .. أجد الكثير - بل كل - أفكارك تتطابق تماماً مع أفكاري ..في كل ما تكتبين أو تسطرين ! والحمد لله أن طريق الاستقامة و الفضيلة والصدق و الوضوح و الأدب الصادق هو طريقنا و فكرنا . بارك الله فيكِ .. و دعواتي الخالصة لسيادتك - و أفراد عائلة شما الكرام - بالصحة و العافية ورجاحة الفكر . أخوكم د. ناصر شافعي [/align][/cell][/table1][/align] |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
اقتباس:
الفاضل نعيم الاسيوطي شكراً لمرورك واهتمامك وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع فيما انقله من مواضيع تهمنا جميعاً دمت بخير |
رد: ما معنى أن تكون أديبًا؟
اقتباس:
كم اشعر بسعادة لا توصف بما جاء من إطراء لي ولكن يا ليت افكاري تطابق افكارك فمن أين لي ان اصل إلى مستوى تفكيرك فأنت الأديب والكاتب والفنان والشاعر وصاحب الإنسانية والرسالة الطبيب ما شاء الله وتبارك عنك والحمد لله أن طريق الاستقامة و الفضيلة والصدق و الوضوح و الأدب الصادق هو طريقنا و فكرنا . نعم هذه الصفات تجمعنا والحمد لله على ذلك ومع ذلك اشكرك من كل قلبي والحمد لله على سلامتك لا اراك الله مكروهاً وبمناسبة حلول الشهر الفضيل شهر الخير والغفران والتسامح كل عام أنت وأفراد أسرتك بكل خير دمت بخير |
الساعة الآن 46 : 01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية