![]() |
الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
1 سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟ سأقصُّ عليكم حكايتي مع ذلك الوغد الَذَي كان سبب ارتكابي الجريمة.. كانت حياتي هادئة مع زوجي، أحببته بكل نبضةِ قلبٍ حباً لا تستطيع الكلمات وصفه مهما علت قامة وتجمَّلت ألفاظا… الحبُّ في اعتقادي شعورٌ آدميٌّ بحتٌ، تعجز الحروفُ عن حملِ معانيه، وتفسير ماهيَّته مهما كان المتكلِّمُ بليغاً، فالكلمةُ باقية ، صامدةٌ، أمَّا الإحساسُ، فهو مرهفٌ رقيق ، شفَّافٌ، سهلُ الاختراق، وهو ينتهي بموت ِصاحبه، ويبقى (إن وُجِدَ من يذكره عن صاحبه) أشبهَ بالخيال(ذكرى)، لذلك ترانا نتشبَّثُ بهِ، ليغذِّي فينا القدرة على البقاءِ متعانقين حتَّى الموت. عشت معهَ أجملَ أيَّام عمري، رغم أنني لم أرزقْ منه بطفلٍ يُؤنِس وحد تي، عندما كان يتركني وحيدة ًفي البيت، ويذهبُ إلى عمله في المدينة كلَّ يوم، ويعود في السَّاعة الثَّانية من بعد الظُّهر. سامي هو ابنُ خالِ أمي، يكبرني بعشرين عاماً. عاش في المهجر سنينَ طويلة، استطاع خلالها أن يجمع ثروة ضخمة، فقد عمل مقاولا في ترميم البيوت، والمحلات التجارية، ولمَّا جرى المال بين يديه، افتتح محطَّة بنزين خصوصية، فأغرقته وأسرتـَه الصَّغيرة بالمال الوفير، ولمَّا قرَّرَ العودة إلى وطنه الأم، رفضتْ زوجته الأمريكية المجيءَ معه، وطلبتْ منه الطَّلاق، بينما بقي ولداه رامز وحسام هناك مع زوجتيهما، اللتين تعودان بأصولهما إلى إحدى العائلات المغربية، وراحا يُشرفان على العمل في المحطَّة بعد سفر والدهما.. عاد سامي وحيدا من الغربة، يحمل ستين عاما، ورصيداً هائلاً من الدولارات، ليبدأ حياة جديدة في وطنه الأم.. خلال فترة وجيزة من الزَّمن، أنشأ سامي مكتبا كبيراً للبناء، استخدم فيه عدداً من خيرة المهندسين في البلد لم يبخلْ عليهم بالعطاء، وإغراقهم بالمكافآت، فعُرِفَ مكتبُه واشْتُهِرَ بسرعة مذهلة.. بعد خمسة أشهر من عودته، تمَّ زواجي منه بوساطة ِخالتي بهيجة التي كانت تحبُّني، وتودُّ أن تخرجَني من حظيرة العنوسةِ على حدِّ زعمها، فقد تجاوَزتُ الأربعينَ عاما بانتظار النَّصيب الذي تأخَّر مجيئُه لأمر أراده الله، و كنت قد أنهيت دراستي الجامعية، وعملت معلِّمة للـُّغة العربية في إحدى مدارس البنات الإعدادية وبعد الزَّواج تركت الوظيفة نزولاً عند رغبة سامي.. سَعِدْتُ مع هذا الرَّجل في رحلة الزَّواج سعادة سبَّبت لي الألم بعد رحيلها عنِّي، فقد أغدق سامي عليَّ عطفه وحنانه وماله بسخاء، فبادلته تلك المحبَّة بأشد منها حبا، ووفاء.. كانت حياتي معه أشبه بحلم جميل، ولكم تمنيت ألا أصحو منه أبدًا، لا أدري من أينَ أبدأ بالحديث عن تلك السَّعادة التي شملت أيَّامي من كلِّ الجهات المادية منها، والمعنوية، فقد بنى لي بيتا فخماً في الضَّاحية، كان بشهادة من رآه أشبهَ بقصرٍ من تلك القصور التي نشاهدها في الأفلام السينمائية، غير أنَّ الحديقة التي كانت تحيط به راهن الكثيرون على أنها أجمل ما في البيت.. استطاع سامي بخبرته المعمارية الغنية أن يجعل من المنزل قصراً في بستان زيتون، يتوسَّطه مسبح ٌواسع، جعل تصميمَه على شكلِّ أوَّلِ حرفٍ من اسمي (س) وكان عندما يناديني بسناء كان صوته يرتجف من عظيمِ محبَّتِه لي.. ذات مرة دعاني لمرافقته إلى جانب المسبح من الجهة الغربية، ولم نكن في تلك الفترة من الزَّمنِ قد استقدمنا (عزَّام)وزوجته للسَّكن معنا في المنزل، والإشراف على شؤونه. كان الجوُّ مشرقاً بثت فيه الشَّمسُ دفأها على كلِّ ما حولنا، وتخبأ برد شباط في ركن جانبي بعيدا عن حبنا، فغدونا كعاشقين صغيرين يعبثان بشيب الزَّمن، فيأتلق شبابا وغراما.. بقلم زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
...ومقعد أول للمتابعة والاستمتاع...محظوظ أنا والله!!! شكرا زاهيتنا ألف شكر..
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
افسح لى بعض الشيئ - اذا سمحت - استاذ محمد الصالح فأنا ضعيفة البصر واريد أن أجلس بالمقعد الأمامى وانت ذو قامة طويلة فلتتأخر فى المقاعد الخلفية .
....اكملى استاذة زاهية معك محبتى وتقديرى و كل عام وأنتم بخير |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
بدأت فور انتهائي من قراءة هذه المقدمة في نسج خيوط و احتمالات لما يمكن أن تسفر عنه هذه الحكاية المشوقة التي تنبئ بحدوث ماساة ..
أنتظر بكل شغف مع المنتظرين تتمة القصة . مع كل التحية و التقدير لزاهية البحر . |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
محمد الصالح الجزائري، آمال حسين، رشيد الميموني، أهلا بكم ومرحبا أسعدني حضوركم في متابعة المتوالية، كل عام وأنتم بخير أختكم زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
2 أمسك بيدي وراح يقترب بي من المسبح، وهو يسمعني من الكلام مايبكيني سعادة وسرورًا، فيمسح بيده عن خديَّ الدموع برقة وحنان.. لم أشعر بالزَّمن وأنا استمع إليه بكل جوارحي المستسلمة لجمال بوحه، وعذوبة صوته، وروعة تفكيره، حتى لامست أقدامنا حافة المسبح، فقد كانت جميع حوافه بمستوى سطح الأرض عدى المكان الذي ثـُبِّتَ فيه السُّلمُ الحديدي الذي يصل إلى أرضه، بعمق أربعة أمتار متساوية من كلِّ الجهات، بخلاف المسابح الأخرى، بحيث يكون العمق فيها تدريجيا، وكان السُّلَّمُ يتحرك صعوداً وهبوطاً بواسطة الكهرباء من رأس العمود الضخم الذي كان المرتفع الوحيد قرب المسبح بثلاثة أمتار رغم أن طول المسبح كان قد تجاوز العشرين متراً وعرضه خمسة أمتار بما يتناسب وحرف السين، وكأنه أراد أن يجعل منه بحيرة تعكس زرقة السماء رمزًا لصفاء الحب الذي يجمعنا، ولكنني لم أكن أعرف السِّرَّ وراء جعل السُّلَّمِ متحرِّكاً بالكهرباء.. سألت نفسي وأنا أستمع إلى حديثه: كيف استطاع المهندسون عزل الأسلاك الكربائية بحيث لاتسبب ضرراً إذا ابتلت بالماء؟ أحببتُ معرفة ذلك منه، ولاأدري ماأنسانيه.. شعرت بخوفٍ خفيٍّ يتسرَّب إلى داخلي، وأنا أشاهد هذه الحفرة الواسعة، وقد تخيَّلتُها فارغة من الماء، فوضعتُ يديَّ على عينيَّ هروبا من المشهد المخيف، وشعرت بدوخة، فأمسك بيدي، وسألني: أهناك مايزعجك؟ أجبته: تخيَّلت المسبح فارغاً.. فقال باسماً: سترينه كذلك بعد أن ينظِّفه العمال خلال الأيام القليلة القادمة.. سألتقط لك بداخله بعض الصُّور لتبقى ذكرى.. فقلت له : لاأريد هذه الذِّكرى. فسألني بشيء من الحزن: وإن كانت معي؟ أحسست بإساءتي إليه دون قصدٍ مني،فقلت في محاولة لامتصاص ماسبَّبتُه له من أحاسيس مؤلمة: كنت أمازحك، الصُّورة في جوف المسبح وهو فارغ من الماء ستكون مدهشة ومثيرة.. بعد عدَّة أيَّام دعاني لزيارة المسبح بعد أن تمَّ إفراغه لإدخال بعض التَّعديلات الهندسية عليه، وما كنت لأهتم بالحديث عنها معه، وعندما وصلنا إلى حافته عاودتني حالة الرَّهبة وأنا أشاهده فارغا.. لم يتركني سامي طويلاً في بوتقة اضطرابي هذا فقال لي: سأطلعك على سرٍ لايعرفه أحد غيري، ولكن بعد أن ننزل إلى أرض المسبح.. راقبي جيدًا ماسأقوم به.. راحت يده تضغط فوق القاطعة الكهربائية، فتحرك السُّلَّم ونزل بنا، وأنا أحسُّ بقلقٍ مفاجىءٍ من جَرَّاء ِهذا الطَّلبِ الغريب من قِبَلِه.. ترى مانوع السِّرُّ الذي سيطلعني عليه في حفرة، أولم تكن غرفتنا أكثر مناسبة للبوح به؟!!! سبقني بالنُّزول، فتبعته، وأنا أرتجف كعصفورٍ صغير خوفا مما أنا فيه، ومن سره المجهول، تمنيت لدقائق ألا أكون قد خرجت من حظيرة العنوسة، مقابل تعرُّضي لمثل هذا الموقف المثير حقاً.. شعرت بالإختناق وأنا في جوف المسبح، ظننته قبراً ضيقًا رغم اتساعه.. حاولت الصُّعود منه، ولكنَّ يد سامي القوية كانت أسرع من خطواتي، فأمسك بي، وراح يُحدِّق في عينيَّ المذعورتين بنظرات غريبة، للحظات شعرت خلالها بدنو الأجَل، وعجزت في قبضة خوفي الطاحن عن التَّكهن بما يدور في رأس هذا الرَّجل في تلك اللحظة المحرجة بل المخيفة، وأنا وحيدة معه، ربما شعر بسقوطي في هوة الرُّعب السحيقة التي ألقاني بها، فانفجَر ضاحكا، ويداه تضمني إليه بحنان ومحبة، فأحسست بشي من الرَّاحة ممزوجة بالقلق، وأنا ألقي برأسي فوق صدره ألتمس فيه الدفء والأمان، فقال بصوت يتدفَّقُ حنانًا: أكنت حقاً خائفة؟ أجبته ودمعة تنساب من عيني: نعم، ظننت.. لم يدعني أكمل، فقال هامسا وعيناه تزرعان في عيني الطمأنينة فيتشرَّبها قلبي رحمة وسلاما: من يرمِكِ بوردة أرمِهِ برصاصة... أحاطني بذراعه، وسار بي باتجاه الزَّاوية الغربية من المسبح.. أخرج من جيبه مفتاحاً صغيراَ جداً راح يلمع تحت أشعة الشمس.. جلس القرفصاء، ودعاني للاقتراب منه، فرأيته يدخل المفتاح في قفل صغير في الحائط ، ويدير به يده، وخلال لحظات قليلة رأيت العجب.. فتح باب في الحائط كان مموَّهاً من الخارج لايستطيع أحد مهما كان ذكياً أن يكتشف وجوده، لأنَّه مبلط بالسيراميك كبقية أرجاء المسبح، مصنوع من الحديد بسماكة عدَّة سنتمترات، وقد سيِّجت جميع حوافه الدَّاخلية بعاذل مطاطي، يمنع تسرُّب الماء إلى داخل الغرفة، عندما يكون المسبح مملوءاً به.. لم أتبين ماوراء الباب لانعدام النُّور فيه، فقال بابتسامته الجميلة: انتظري سأريك شيئا.. اخرج مفتاحاً آخر من جيبه، ووضعه في مكان ما من الحائط الدَّاخلي للغرفة، فرأيت الحائط ينشق عن باب سرعان ماشاهدت ماوراءه عندما دخل منه إلى غرفة واسعه لا أدري كيف أضاء فيها النُّور، إلا بعد أن رأيت عدة قواطع كهربائية بطرف الحائط الخارجي للغرفة الأولى، و عندمافتح الباب فاحت من خلاله رائحة الرُّطوبة، فكدت أختنق، وهو يمسك بي، ويدخلني اليها.. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
امال..حسين..هل أنتما هنا؟؟ وتستمر المتعة والدهشة..جميل يا زاهيتنا...شكرا لك...
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
3 شعرت بنبضه متسرعًا عندما ضمت يده يدي كأنه أراد أن يبث الأمن في صدري الذي بات متأرجح الهدوء، لاهث الأنفاس رغم الجهد الذي أبذله في طمس معالم خوفي في وجهي ونبرات صوتي.. كانت الغرفة فارغة كلها عدا الجدار الشمالي، تجثم باطمئنان عند كعبه خزنة حديدية كبيرة نبتت فوق جلدها الأسود المتشقق بالرطوبة عروقٌ من الملح رمادية اللون، اقترب منها وراح يفتحها بطريقة خاصة لا أفهم عنها شيئاً.. نظر إلي قائلاً: اقتربي وانظري..انحنيتُ قليلا وأنا أنظر إليها.. كانت مليئة بالنقود، وببعض العلب المخملية الملوَّنة بأحجام مختلفة، فأخرج علبة خضراء، وقدَّمها لي: - هذه لك يا سناء.. - : ما بداخلها ؟ - : عقد ماسي، ثمنه ستُّون ألف دولار.. قلت بدهشة: ستون ألف دولار ؟!! -: أجل ولك منها المزيد. -: ولكن أولادك ما.. - : تركت لهم ما يكفيهم، وأولادهم لسنين طويلة، هذه الخزنة ومحتوياتها ستكون لك بعد وفاتي.. - يا لقسوتك.. غرستَ سكينًا في صدري.. تركته، وركضت باكية باتجاه السُّلَّم، فناداني ضاحكاً: لا تبكي يا حبيبتي أما ترينني ما زلت شابًا قويًا؟ وراح يضحك بجمال لم أره فيه من قبل. وعندما عدنا إلى غرفتنا سألته لماذا يضع نقوده في المسبح حيث الرُّطوبة والماء، فأخبرني بأنه لا يحبُّ التَّعامل مع البنوك، وهذا المكان لا يمكن لايِّ لصٍ أن يطاله و بابتسامته المعهودة قال: – لا أحد يعرف هذا المكان غيرك.. بناه عمالٌ من خارج المدينة.. منذ ذلك اليوم أصبح للمسبح مكانة خاصة في نفسي لم أستطع تحديد هويَّتها رغم مرور ثلاث سنوات على تلك الحادثة.. تعوَّد سامي أن يتركني في البيت وحيدة مع خادمتي ربا، ولكن بعد زواج ربا استقدم من إحدى القرى المجاورة رجلا، وزوجته ليعيشا معنا في المنزل بحيث يقوم عزَّام بخدمة سامي، وتقوم زوجته بتدبير شؤون البيت، وكان سامي قد خصص جناحا خارج المنزل للخدم، فاستقر فيه عزَّامٌ وهنية ، وابنهما الرَّضيع رشاد.. كانت أمي تزورني، ولكنَّها لم تكن تفضِّل المبيت عندي بحجَّة أن أبي لا يحب أن تنام زوجته خارج البيت، وكذلك إخوتي وأخواتي كانوا يأتون لزيارتنا نهارا، ويرجعون إلى بيوتهم مساءًا، وكثيراً ما كنت أطلب من خالتي بهيجة أن تعيش معي، فهي أرملة وتسكن مع ابنتها في بيت صهرها، ولكنَّها لم توافقني يوما.. أحيانا كنت أحس بالوحدة، فأقتلها بالقراءة، وخاصَّة قراءة القصص البوليسية، لذلك كنت سريعة الخوف، ولكنني تعلمت منها سرعة التَّفكير، وكيفية التَّخلُّص من المواقف الصَّعبة.. بعد دخول عزَّام وزوجته البيت، أصبح الوضع العام أفضل بشكلِ ملموس، فقد حظي عزَّام بثقة سامي الكبيرة ومحبته، وعامله كابن له، وأشركه في الكثير من أسراره العملية والمالية، حتى أنه كان يدخل عليه مكتبه دون استئذان.. لم أخفِ عن سامي شعوري بالضِّيق من عزَّام، ولكنه كان يحاول دائماً امتصاص غضبي، بالثناء عل حسن أخلاق الرَّجل ومروءته، فسكَتُّ مرغمةً مع التزام الحيطة منه، والحذر.. هنيَّة امرأة قروية في الثَّلاثين من العمر، تمتاز بقوة الجسد والنَّشاط، وتمتلك شيئاً من الجمال الملوَّح بالشَّمس، كانت تحب زوجها (عزَّام) وتغار عليه كثيرًا، فقد تزوَّجته بعد قصَّة حبِّ أخبرتني بتفاصيلها ذات يوم بعدما ذهب عزَّام برفقة سامي إلى المدينة لأمر هام حدَّثني عنه زوجي بعد أن عادا بحقيبة سوداء مليئة بالنُّقود لم يخبرني من أين جاء بها. في بعض الأحيان كنت أحسُّ بغيرة هنيَّة مني على زوجها رغم أنني لم أكن أترك له مجالاً ليراني إلا وأنا محتشمة. لا أدري كيف استطاع هذا الرَّجل أن يدخل بسرعة قلب زوجي، فيطمئن إليه، ويصبح كاتم أسراره الخاص، وربما كان يعرف عنه مالا أعرفه أنا. بدأت أحسُّ بالضِّيق منه، ومن تلك البساطة التي يتعامل بها سامي معه خاصة وإنني كنت أحيانا أرى (عزَّام) ينظر إليه بشيء من الغيرة، فلم أحبذ دخوله عليه غرفته متى شاء، وقد أخبرت سامي بقلقي هذا، فسخر من شكوكي، وقال إنَّ (عزَّام) رجل بسيط، وهو أفضل مما أظنُّ.. لم يوفر (عزَّام) فرصة ما دون أن يظهر محبته لسامي منفردًا به أو أمام الجميع، ولكنَّني كنت في ريب منه، فرحت أراقبه عن كثب دون أن أترك له ثغرة يضبطني بها، وأنا أرصده إلا مرة، أو مرتين. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
...وأنا مازلتُ أتابع... استمري...شكرا زاهيتنا ألف شكر..
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أتابع دائما وأستمع..
أنتظر و جملة من الأفكار تراوردني حول عزام .. لكن لأصبر قليلا .. لا تتأخري أختي زاهية من فضلك . لك كل التحية و التقدير . |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أخي المكرم محمد الصالح الجزائري بارك ربي فيك، متابعتك للقصة تسرني . أخي المكرم رشيد الميموني جميل جدا ماتفضلت به فلعزام هنا حكاية سأنشر الحلقات تباعا بإذن الله أختكما زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
4 ذات ليلة كنت في جناحي الخاص، الذي لا يدخله أحد سوى سامي، وكنت أنا التي أقوم بتنظيفه والعناية به، ولم أسمح لهنيَّة يوماً بدخوله مطلقاً.. جلست على الأريكة قرب النَّافذة أنظر بين الفينة والأخرى من خلف الزُّجاج، إلى تساقط الثُّلوج الرَّائع فوق أشجار الزَّيتون، كان المشهد يوحي بالكآبة رغم روعته ربما لأنني كنت في غرفتي وحيدة، أو ربما لسبب آخر لم يكن إحساسي به واضحاً في هذه السَّاعة، شغلت نفسي بالقراءة في إحدى القصص، وأنا أحتسي الشَّاي السَّاخن، بينما كان سامي يراجع حساباتِ بعض الدَّفاتر المهمة في مكتبه الذي يبعد عن غرفتي كثيرًا، وكان عليه أن ينهيها الليلة .. سمعت دقاتِ السَّاعة في الخارج تعلن تمام َالعاشرة مساءً، فنهضت من مجلسي وأغلقتُ الكتاب، وخرجتُ من الغرفة لأحضر لسامي كأساً من العصير، وفي طريق عودتي من المطبخ باتجاه غرفة سامي سمعتـُه يصرخ بصوت مجهد: لا تقتلني يا عزَّام، أرجوك، خذ ما تشاء من النُّقود، لن أبلغ عنك البوليس.. فسمعت (عزَّام) يجيبه بصوت غاضب: سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك، كفاك عمراً أيُّها العجوز مت.. مت.. ياإلهي ماذا أفعل؟ إنَّني وحيدة في البيت، وسامي بين يدي مجرم، لم أعد أسمع صوتا، لقد قتله، رحتُ أرتجف مذعورة، حاولت اقتحامَ الغرفة، ولكنَّ الخوفَ كبَّلني، ربما لو علم بوجودي جاء ليقتلني، فأنا الشَّاهد الوحيد على الجريمة.. هربت إلى غرفتي.. أغلقتُ البابَ جيدا، واقتربتُ من الهاتف، رفعتُ السَّمَّاعة بعد أن وضعتُ كأس العصير فوق الطاولة الصَّغيرة قرب الهاتف، ولكنَّني لم أتذكر أي رقم هاتفي، فأعدتُ السَّماعة إلى الجهاز خشية أن يكون (عزَّام) على الطَّرف الأخر من الخط في غرفة سامي.. وضعت يديَّ فوق فمي أستجدي الدَّفءَ من أنفاسي، والدُّموع قد جمَّدها الخوفُ في عيوني.. ما أصعبَ الوحدة، أحسستُ بالغربة، بل بالنَّفي خارجَ المجتمع برفقة مجرم خطير، قد تطبق يداه حول عنقي في أية لحظة.. يا الله ماذا أفعل؟ بمن أستنجد؟ من سيحضر إلي في مثل هذه السَّاعة من الليل، لم أعد أتذكر كم أصبحتْ هذه السَّاعة ُ الآن، ومن سيأتي إليَّ يحتاج بأقل تقديرٍ إلى نصف ساعة للوصول إلى بيتنا، دون وقت الاستعداد للخروج من البيت . يجب أن أفعل شيئا قبل أن يقتلني أنا الأخرى، وبينما أنا في زوبعة الخوف سمعت نقرات على باب غرفتي، فارتعدتْ فرائصي رعباً وبرداً، وما لبثت هنيهة حتَّى سمعتُ صوت عزَّام يقول: سيدتي.. لم أرد عليه.. ظننته يحمل سكينًا، عاود النداء مع النقرات بصوتٍ أعلى من ذي قبل - سيدتي سناء إنني ذاهب إلى المدينة بتكليف من السَّيِّد سامي أتحتاجين شيئاً من هناك؟ استجمعت قوتي، وما بقي لديَّ من أنفاس.. أجبته: لا، أشكرك.. لم أعد أسمع صوته، أسرعت إلى جانب الباب أتنصَّت من خلفه، فسمعتُ صوت خطواته تبتعد عن غرفتي، نظرت من خلال ثقب القفل، رأيته يهبط الدَّرج باتجاه الطَّابق الأرضي، تنفَّستُ الصّعداء، ومشيتُ باتجاه سريري، ألقيتُ بنفسي فوقه باكية، وقد خارت قواي، فأنا الأن سجينة ً مع رجل ميت في بيت واحد، وأنا أخاف من الموت، ولم يسبق لي أن رأيت ميتا في حياتي .. وسط دوامة الخوف هذه، سمعتُ صوت محرِّك السَّيارة، فنهضتُ لأرى ما الَّذي يحدث في الخارج.. نظرتُ خلسة من خلف السِّتار، فوجدتُ (هنيَّة) تقف بالقرب من سيارتنا التي كان يقودها عزَّام دائما بتفويض من سامي سابقا، هاهو الآن يستَّقلُّها دون إذن منه ليهرب من جريمته، ويتركني فريسة للشُّكوك البوليسية بعد اكتشاف الجريمة، يا إلهي ماذا أفعل وأنا في هذه المصيبة السوداء؟!! بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
الأخت الغالية الأستاذة الأديبة زاهية بنت البحر اليوم تابعتُ هذه القصة الرائعة (الإعتراف ) بكل شغف واهتمام , بانتظار بقية فصول هذه الرواية , أتمنى لكِ التوفيق والنجاح. محبتي وتقديري . |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
اقتباس:
أختي الغالية أستاذة بوران شما كم كنت سعيدة عندما قرأت حروفك المشرقة في متصفحي كل عام وأنت بخير أختك زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
سبقتني بوران..محظوظة جدا...ويبقى بجانبها مقعدي دائما..استمري..فالقصة مشوقة فعلا...شكرا لك..
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أتابع بكل شغف زاهيتنا
قصة بوليسية من القصص المحببة لى جدا ً أنتظر بالمقعد الأمامي بجوار الأستاذة الحبيبة بوران بعد أذنك أستاذ محمد الصالح طوال القامة بالخلف ^ _ ^ محبتى للجميع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
..امال..المهم أننا نتابع القصة في قاعة واحدة..سآخذ آخر مقعد إن شئت هههههههه رمضانكم أطيب أحبتي...
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
محمد الصالح الجزائري أخي المكرم، آمال حسين أختي العزيزة، سعيدة بكما والله بهذا الحضور الجميل. أحببت أن أشكركما قبل أذان المغرب ، كل عام وأنتما إلى الله أحب، انتظرا الحلقة القادمة بعد التراويح بإذن الله. أختكما زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
إن شاء الله بعد صلاة التراويح...دمتِ في حفظ الله ورعايته...
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أنتظر يا زاهيتنا الحبيبة ويا أستاذنا الكريم محمد الصالح وكل الأحباء ومعى بعض العصائر المثلجة لنتناوله معاً بعد الصلاة .....والكل معنا
محبتى لكم |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
(5) تشبثت الهواجسُ في رأسي فلم تترك ذرة في تفكيري دون أن تشبعها قلقًا.. لم أعد قادرة على التَّماسك، أوشكت أعصابي أن تنهار في أي لحظة فأتقزَّم.. يخونني الصبر فأقع فريسة جبني وسوء تدبيري.. فجأة خطرت ببالي هنيَّة، أجل هنية ليس سواها الآن من يشاركني وحدتي.. سأستدعيها لتساعدني في إخراجي من دائرة الخوف تلك.. تظل المرأة أكثر رحمة من الرجل في ثورة إجرامه وتوحش بطشه..وعندما تأكدتُ من خروج عزَّام من المزرعة هممتُ باستدعاء هنيَّة بحجة حاجتي إليها لصداع في رأسي، ولكنني أحسستُ فجأة بتماسك داخلي ينتابني، وعودة الوعي لي بعد ابتعاد عزَّام عن البيت .. جلست على السَّرير بشيء من رباطة الجأش، ورحت أفكر بهدوء فيما يجب أن أفعله في تلك الورطة والمصيبة التي رماني بها الوغد عزَّام.. بدأت بدراسة كلِّ الاحتمالات التي قد أتعرَّض لها عندما يصبح الأمر بيد الشرطة، كان مصيرُ عزَّام يهمني، فقد يخرج من القضية بريئاً، وقد أتَّهم أنا بقتله وقد وقد وقد.. أخيرا قررتُ عدمَ إخبار الشِّرطة، وعدم اتهام عزَّام بقتل سامي، وسأخبر الجميع بأنَّني وجدته ميتا في غرفته ولن يكذِبني أحد، فالكل يعلم كم أحبه.. لم أخرج من غرفتي.. رحتُ أزرعها ذهاباً وإيابا إلى أن سمعت دقات السَّاعة في الصَّالة تعلن الثَّانية عشرة ليلا.. بقيتُ هادئة بعض الشيء أنتظر قدوم هنيَّة، فقد تعوَّدتْ في مثل هذا الوقت من كلِّ ليلة، عندما يكون سامي في مكتبه، وقبل أن تنام أن تأتي إليه، وتسأله إن كان بحاجة لشيء ما تقدمه له قبل ذهابها للنوم.. انتظرتها خلفَ باب غرفتي، ورحتُ أنظر من ثقب القفل، فرأيتــُها تصعد الدَّرج، وتمشي باتجاه غرفة سامي… أطفأت النور في جناحي، وعدت أراقبها من خلال ثـُقب القفل.. نقرَتْ على الباب عدة نقرات، وانتظرتْ بعض الوقت، ثُمَّ عادتْ تنقر مرة ثانية، وثالثة، ثُمَّ ما لبثتْ أن فتحتْ الباب ودخلتْ الغرفة، فقد كانتْ تفعل ذلك عندما لا تسمع ردَ سامي عليها، فتعرف أنه خرج من الغرفة، فتدخلها لترتبها قبل أن يعودَ إليها.. لحظات قليلة وسمعتُ صراخها مدويًا في أرجاء البيت كمن هاجمه ليث.. أدرتُ المفتاح في القفل كي تستطيع دخول الغرفة عندما تأتي لإخباري بما رأتْ.. أسرعتُ إلى سريري، واندسستُ فيه، متصنِّعة النوم ..سمعتها تفتح الباب بعنف وهي تصرخ خائفة :سيِّدة سناء ..سيِّدة سناء .. لم أجبها، عادتْ تناديني، ويدها تلمس الغطاء فوق كتفي: - سيدة سناء… أرجوك أصحي سيِّدتي.. تململت في سريري وأنا افتح عينيَّ بتثاقل مفتعل، وعندما التقت عيناي بعينيها جلستُ في السَّرير ونهرتها بذهولٍ وغضب: - كيف دخلت غرفتي، ومن أذن لك بهذا؟ فأجابتني مرتجفة: السَّيِّد سامي.. السَّيِّد سامي..إنَّه .. - أهو الذي أرسلك إليَّ؟ فقالت: إنَّه.. إنَّه أمست بكتفيها أهزُّها بعنف وأنا أقول: ما بهِ.. ما بهِ تكلَّمي؟ أجابتني:إنه.. إنَّهُ لا يتحرَّكُ.. غادرتُ سريري، وأنا أدفع بها عنِّي مسرعة باتجاه غرفة زوجي لأرتمي فوق صدره، وأفرغ دموع عيني فوق وجهه الحبيب، فقد كنت أعلم أنه فارق الحياة قبل ساعتين، وما حجبني عنه خلالهما إلا غاية في نفسي، وعندما دخلتُ غرفته، وجدته ميتا وهو جالسٌ خلف مكتبه، ورأسه على كتف الأيمن، ولا أثر لوقوع جريمة.. ضممته إلى صدري أشبع قلبي منه، وأبثه حزن عمري الذي سيكون بعده رفيقي مدى الحياة.. تمَّ دفنُ سامي بهدوء وسط أحزان العائلة، ولم نستدع طبيبا شرعيا لإعطائنا تقريراً طبيا يثبت أن الوفاة كانت طبيعية من أجل التَّصريح بالدَّفن، فقد طلبت من أخي عامر أن يحضر التقرير الطُّبي من قبل ابن عمِّي أنيس، فهو طبيب صحة، ولن يرفض التصريح بذلك، فسجَّلَ في التَّقرير أنَّ الوفاة كانت بسبب أزمة قلبية مباغتة، فشعرت بارتياح يعلو وجه عزَّام رغم الحزن المصطنع الذي كان يبديه لنا عندما كنا نطلب منه بعض مستلزمات العزاء.. اضطرت والدتي وأختي سماح للبقاء عندي في البيت بعد أن رفضتُ الذهاب إلى منزل والدي بحَجَّةِ أنني سأتمُّ أشهر العدة في بيت زوجي، وكان أخي سعيد يأتي إلينا كلَّ يوم للاطمئنان علينا، وكذلك أبي الذي كنت أجبره بدموعي على المبيت معنا في بعض الأيَّام، وأثناء هذه المدَّة بقيت هنيَّة وعزَّام يقومان بخدمتنا بجدِّ، ونشاط.. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
مازلتُ في القاعة أنتظر الحلقات المقبلة بشوق..أين الرفاق؟؟؟ شكرا زاهيتنا..استمري...
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
قص بوليسى رائع متماسك ومشوق شكرا لك أستاذتنا الموهوبة زاهية
لا تتأخرى فأنا سأبيت فى القاعة للصبح ^ _ ^ اتظار للبقية وأستاذة زاهية لن أقلق الهام التأليف عندك كل محبتى وشوقى للباقى |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أخي المكرم محمد، أختي الغالية آمال بارك ربي فيكما ورعاكما، التقيكما والقراء الأعزاء مساء بإذن الله بالتوقيت المحلي لحبيبتي دمشق حماها ربي. أختكم زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
6 لم يعد للحياة طعم بعد أن أصبحت أرملة.. مكلومة بفقد زوج عوَّضني ما فاتني من سعادة عمرٍ منصرم، لم يكن سامي زوجاً عادياً.. كان رجلاً استثنائيا قلَّما جاد الزَّمانُ بمِثلِه.. سامي فقيدي الغالي، سأظلُّ أبكي عليه العمر كلَّه.. ستبقى كلماته ترنُّ في مسمعي ليلاًّ ونهاراً… سأظلُّ أرى ابتسامته بنور الشَّمس وضياء القمر، وأسمع عذب كلامه يمسح عن نفسي شقاء الحياة.. ستبقى عيناه الغائبتان تضيئان لي الطريق في وحشة الوحدة وزحام الخوف.. سيزورني طيفه مع كل إشراق، يؤنسني مع كل غروب.. ستظل شفتاه تناديني سناء.. كم أنا بحاجة لذاك النداء.. كنت أبكي بصمت، لم أخبر أحداً بمقتل سامي بل دفنت السِّرَ في صدري، وكثيراً ما كانت عبارة عزَّام ( سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك، كفاك عمراً، أنت عجوز مت، مت ) يتردَّد صداها الحارق في سمعي بين الحين والآخر.. عندما علم وَلَدَا سامي بوفاته اتَّصلا بي هاتفياً وقدَّما لي أحرَّ التَّعازي بوالدهما واعتذرا عن عدم قدومهما للمشاركة بالعزاء بحُجَّة ضغوط العمل، والأوضاع العامة في المهجر، وأخبراني بأنّ َوالدَهما قد خصَّني في وصيته بكلِّ أموالِه في وطنه الأم، وسألاني إن كنت أريد منهما أيَّة خدمة فيتمُّ لي ذلك بكلِّ سرور… شكرتهما وتمنَّيت لهما حياة سعيدة، وأخبرتهما أنَّ والدهما مات وهو راضٍ عنهما، فشكراني على تلك السَّعادة التي قدَّمتها له، ومنذ ذلك اليوم لم يتَّصِلا بي ثانيةً.. في حديث مع والدتي ذات مساء، ونحن نتناول عشاءنا بعد أن ذهب والدي للنَّوم كعادته عندما كان يحين موعد الطَّعام، فقد تعوَّد منذ سنين المبيت دون عشاء عملاً بتعليمات الطَّبيب، بعد تعرُّضِه لأزمة قلبية كادت تودي بحياته، فالتزم الحمية. قالت لي: إنَّ وجود رجل أجنبيِّ في المنزل مدعاة للشُّبهة خاصَّة بعد موت سامي، وإنَّه من الأفضل الاستعاضة عنه بامرأة ردعاً لما قد ينجم من تلقاء تواجده الدّاَئم في البيت من مشاكل داخلية، وأيضا لكفِّ ألسنة النَّاس عن الكلام بشيء قد يسيء لسمعتي، عدا عن حرمة وجوده من النَّاحية الدينية، فأفهمتها بأن زوجته هي فقط من يدخل البيت، وهو يقوم بالإشراف على الحديقة وشؤون التَّموين، والحراسة أيضًا، فسَكَتـَتْ على مضض، ولكنَّها ظلَّتْ مصِّرة على عودتي للعيش في بيت والدي بعد انتهاء شهور العدة، وكان قد تبقى لي منها عشرة أيَّام.. خلال تلك الشُّهور الصَّعبة على المرأة، كنت أدخل إلى مكتب سامي، أشم فيها رائحة عطره المُمَيَّزِ التي مازالت عالقة في الأماكن التي كانت يده تلمسها، فقد تعوَّد أن يرطِّب يديه بالعطر بين وقت وآخر، وهو يعمل في المكتب، فبقيت نسائم الطِّيب هفهافة في أجواء المكان تؤنسني، ولكن بكثير من الحرقة والحرمان.. قبل انتهاء العدة، كنت قد راجعت حسابات سامي مع المهندسين والعمال، وكان أخي سعيد يقوم بالاتصال بهم لمعرفة أخبار العمل، ولم تعد لعزَّام تلك الأهمية التي اكتسبها وتمتع بها في حياة سامي، فبدأت زوجته تشكو من تغيُّر ملحوظ في تعامله معها، فقد أصبح عصبياَّ، سريع الغضب حتَّى أنَّه هددها بالطَّلاق لسبب تافه، فكنت أدعوها للصَّبر، وأغدق عليها العطايا كي امتصَّ غضبها، فأنا مازلت بحاجة لوجودهما قربي.. في يوم الجمعة الأخيرة من أيَّام العدة ذهبت هنيَّة وزوجها إلى القرية لرؤية الأهل، فانتهزت فرصة غيابهما عن البيت واستغراق أمي في النَّوم بعد الظُّهر، وكانت أختي سماح في المدينة، فخرجتُ إلى الحديقة أتلمَّسُ خطواتِ سامي التي محتها الأمطار، ونبتت مكانها الأعشاب الرَّبيعية، فضاعتْ معالمها بانقضاء فصل الشِّتاء، وتوالي الليل والنَّهار. . بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
كملي أكرمك الله
علقتينا فى براثن قصتك ننتظر للغد ان شاء الله |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
استمري فنحن مازلنا في القاعة...شكرا لك...
|
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أستاذة آمال أختي العزيزة ، أستاذ محمد أخي المكرم مساء نلتقي بإذن الله مع سناء وأحداث جديدة بإذن الله. أختكما زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
7 قادني شغفي بسامي إلى الجهة الغربية من الحديقة، حيث المسبح ينتظر القادم إليه بصبر لاهث الأنفاس، تذكرت ما كان بيني وبين الراحل عندما نزل بي إلى قاعه المفرغ من الماء، فشعرت برغبة بغزوه هذه المرة.. عدت إلى غرفتي، وبحثت عن المفتاحين الصَّغيرين في مجموعة المفاتيح المهملة بعد موت صاحبها، وجدتهما حزينين يندبان صاحبهما… باردي الملمس، تفوح منهما رائحة الفقد، وهما بشوقٍ لحنان يديه الدافئتين.. عدت إلى المسبح ودقَّات قلبي تزداد سرعة وقوة، ورجْع صوته يداعب مسمعي..كان السُّلم الحديدي مرفوعاً.. اقتربتُ منه بحذر، ضغط بسبابة اليد اليمنى على القاطع الكهربائي، تحرَّك السلُّم باتجاه أرض المسبح، لم أتردد في النزول لحظة واحدة، وكنت سابقا أخاف من مجرد تخيله فارغًا، قوة غريبة تحتل جسدي.. أذهلتني حقيقة، ولا أدري من أين جاءتني، وأنا التي عرفت ببطء الحركة.. نظرت إلى السماء، رأيتها شاهقة العلو فانقبض قلبي للحظة مضيت بعدها لتحقيق الهدف الذي دعاني لاجتياح المكان.. أوشكت أكثر من مرة أن أقعَ فوق الأرض وأنا أسير نحو الباب السِّري في الحائط بسبب اللزوجة التي أصابتها من جراء إهمال المسبح بطريقة محزنة بعد رحيل سامي الذي كان يوليه اهتماما زائدا في كُلِّ الفصول.. وصلت الباب السري الذي يوجد فيه القفل، ولما بدأت بتحريك يدي بالمفتاح، شعرت بقشعريرة تسري في بدني، و خيال سامي يداهمني على حين غرة، وهو يقوم بنفس الحركات التي أقوم بها الآن. للحظات فكرتُ بالهرب والعودة إلى البيت، ولكن اضطراري للقيام بهذه المهمة في غياب عزَّام أجبرني على الصُّمود بوجه الخوف، ولما فتح الباب في الحائط، سرى في نفسي حزنٌ شديد، فانهالت دموعي ساخنة فوق خدَّيَّ تندب زمنًا تولى، وأنا أمشي باتجاه الباب الثَّاني، وهواجسي تزداد افتراساً بأعصابي التي بدأت تنهار، كلما اقتربت أكثر من الخزنة الحديدية المفجوعة بموت سيدها، بينما رائحة الرُّطوبة تفوح في المكان المعتم، فتزيد الجو كآبة.. فتحت الخزنة، ورحت أتفقَّد محتوياتها الثَّمينة جداً التي لا أستطيع تقديرها برقم معين… فجأة سمعت صوت قطَّة تموء في الخارج … أصابتني رجفة كادت تقتلع قلبي من صدري اللاهث بالقلق.. كنت أخشى أن يعود عزام، فيجدني وحيدة بين هذه الكنوز، فيرحمني من عذاب الفقد، ويرسلني إلى سامي بشفقة مصطنعة لغاية في نفسه.. لم أدر كيف أغلقتُ الخزنة دون أن أحضر منها سوى علبة مخملية حمراء لم أكن قد أطَّلعتُ على محتوياتها بعد، وأسرع بالخروج من الغرفة قبل أن أصاب بسكتة قلبية.. ولما رجعتُ إلى البيت، وجدت أمي تبحث عني في الطابق الأرضي، فأخبرتها بأنني كنت أتمشى في الحديقة إثر ضيقٍ ألمَّ بي، مستغلة غياب عزَّام. أسرعت إلى غرفتي لتغيير ملابسي التي علق بها الكثير من التُّراب، وكنت لا أزال ممسكة بالعلبة المخملية، فوضعتها فوق الطَّاولة قرب سريري، ثمَّ دخلتُ الحمام، واغتسلت، وخرجت مسرعة إليها لرؤية ما بداخلها.. فتحتُها بشيء من الرهبة، وكثير من الشجن، فوجئتُ وأنا أتلمَّس ماكان يخبِّئه لي سامي فيها ليقدِّمه لي هدية عيد زواجنا الخامس، الذي مات قبل أن يتمُّه معي.. خسارة.. لم أكن أتوقع أن أجد في داخل العلبة اسمي مكتوبًا بالذهب ومرصَّعًا بالماس بخط كبير، وقد علق بسلسال جميل.. رحمك الله يا سامي كم كنت محباً، لقد قتلك الوغد غدرا، فحرمنا فرحتنا وسعادتنا لأجل حفنة من الدولارات لو أنَّه طلبها منك لأعطيتـَه أكثر منها، ولكن الإنسان يظلُّ جحوداً، خائناً وجباناً.. انتهتْ أيَّام العدة، وصار باستطاعتي أن أتحرك براحة أكثر، فرحتُ أخطِّط لما نويتُ القيام به بعد مقتل سامي الصاعق.. أخبرت الجميع بأنني سأنتقل إلى المدينة للعيش هناك، وسأضطر لإغلاق المنزل ريثما أجد من يشتريه.. صُدمتْ هنيَّة عندما سمعتْ بالقرار، فقد أحبت العمل في بيتي، وحققت من خلاله بعض المكاسب المالية.. أمَّا( عزَّام )فقد أصابه الذُّهول، وبدا مهمومًا مقطب الجبين، وبعد أسبوعين كان كلُّ شيء قد تمَّ على أكمل وجه، وأطفئتْ جميع الأنوار في المنزل والحديقة. لم يستطع عزَّام أن يسرق من مال زوجي شيئا، فقد كان المال الذي يستخدمه في الحياة اليومية مخبَّأ في خزانة غرفتي بغضِّ النَّظر عن الأموال التي في المسبح.. بعد عشرة أيَّام من عودتي إلى بيت أبي، أخبرتني أمي أن( عزَّام) ينتظرني لأمر هام في غرفة الاستقبال، فذهبتُ إليه، ورحَّبتُ به، وسألته عن هنيَّة ورشاد، فأخبرني بأنه سيطلِّقها، وهي تقيم الآن في منزل أهلها، سألته عن السَّبب، تلكأ بالجواب، ففهمت من نظراته ما تخبِّئه سريرته من حبٍّ لي، ابتسم داخلي ابتسامة انتصار ربما فهم من تجلِّيها على وجهي ما شجَّعه على الاتصال بي هاتفياً بعد ثلاثة أيَّام، وأخبرني بأنَّه يريد مقابلتي لأمر هام، فأجَّلت له تلك المقابلة أسبوعاً .. بعد أسبوع رنَّ جرس الهاتف في بيتنا، وكنتُ هذه المرَّة بانتظار المتكلم، سمعتُ صوت عزَّام يهمس عبر الهاتف بصوت رقيق مرتجف: لقد مضى الأسبوع فمتى نلتقي؟ بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
دائما في الاستماع .. عفوا في متابعة قصتك أختي الفاضلة زاهية البحر.
قد لا أعقب أحيانا .. لكني دوما هنا أتابع . شكرا لك . |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
سرد قصصي متقن ببراعة. أهنئك أستاذة زاهية على نجاحك الرائع بالبقاء محافظة على عنصر التشويق في هذا القص الرمضاني المتسلسل. معك و في مقدمة الصفوف.. ((عن أذنك أمال.. زيحي شوي)). مودة و أحترام. |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أهلا بكما أخي المكرم أستاذ رشيد الميموني وأخي المكرم أستاذ عبد الله أشكركما على الحضور المشرق، بارك الله فيكما ورعاكما أختكما زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
8 عزَّام رجل في الأربعين من العمر، طويل القامة أسمر اللون أسود العينين ربما كانت هنيَّة معذورة يوم علقت بحبِّه، إنَّه رجل تتمنى أية امرأة أن يكون زوجاً لها ما لم تجده فقيرًا مجرمًا وحقودا…سألته: لماذا تريد أن تراني ؟ أجابني: أنت تعرفين لماذا أريد لقاءك . قرأتُ ذلك في عينيك عندما كنا نعيش معا في البيت الكبير، فلمَ تتجاهلين الآن ما تعرفين؟ ياله من كاذب.. لئيم، لم يحدث أبداً أن نظرت إليه كما يدَّعي، ولكن شيطانه صور له ذلك، كان يجب عليَّ ألا أسمح له بدخول بيتنا مهما كانت الأسباب، ولكن ما نفع النَّدم وقد سبق السَّيف العزل؟ قلت له: حسنا سيكون لك ذلك ولكن بشرط . -قولي ما تشائين من الشروط وسأوقع عليها بدمي . -ألَّا يعلم أحد بأننا سنلتقي ريثما نتَّفق على الخطوات التَّالية للقاء .. كاد قلبه يخرج من سماعة الهاتف خفاقًا بقوله: سأخفي الخبر عن أنفاسي، ونفسي، ومن سواهما، ولكن أين سنلتقي، ومتى؟ أجبته: في البيت الكبير غدا في التَّاسعة صباحاً.. لم تغمض لي عين في تلك الليلة، وأنا أفكر بكلِّ ما مرَّ بي من أحداث منذ أن تزوَّجت سامي حتَّى تلك اللحظة التي أنا فيها الآن.. سألت نفسي: ترى هل آن لقلبي أن يرتاح من أحزانه الجسام؟ خرجت من المنزل في الثّاَمنة والنِّصف صباحا، بعد أن أخبرت أمي بأني ذاهبة إلى السُّوق لشراء حذاء جديد.. استقليت سيَّارة أجرة أوصلتني إلى قرب بيتي في الضَّاحية، فوجدت (عزَّام) ينتظرني بجانب البوَّابة التي تودي إلى حديقة المزرعة، كان الطَّريق خالياً من البشر.. أشرق وجهه بعد طول ظلام عندما رآني أغادر السيارة باتجاه البيت، فتحت البوَّابة الكبيرة، ودخلت منها برفقته إلى الحديقة، نظرت إليه فوجدت صدره يعلو ويهبط وكأنه يرقص فرحاً، وسعادة وحبورا، وأنا أسير بالقرب منه باتجاه المسبح، لم يكن قادرًا على كتم عواطفه فراح يبوح لي بمكنونات قلبه العاشق، وأنا أصغي إليه باهتمام متعجبة مما صنع الحب في هذا الكائن البشري.. كيف جعله مجرمًا في ساعة.. ورقيقًا ضعيفًا بحضرة الحبيبة، وصلنا المكان الذي وقفتُ فيه ذات يوم مع سامي قرب سلُّم المسبح، نظرت في عينيِّ عزَّام وهي المرة الأولى التي اقصَّد بها النَّظر إليه، فقرأت فيهما غير ما كانتا تبوحان به لعينيَّ.. كان محلقًا في عالم الهوى.. تتنازعه عواطف الهيام، فتعلو به فوق السحاب بفرحة كنت أراها في عيون تلامذتي المراهقين والمراهقات، وهم يستقبلون ببراءة خبر نجاحهم بتفوق كبير.. ابتسمت له، فخرجت ابتسامتي بقلبه وعقله وكأنه لم يصدق ما ارتسم على ثغري .. احمرَّ وجهه وأنا أقول له: يا لجمال هذا المسبح.. سيكون أكثر روعة وهو مملوء بالماء (وأنا أشير بيدي إلى الجهة المقابلة لنا في الجانب الآخر ألقيت بخاتمي في المسبح فراح يتدحرج فوق أرضه حتَّى استقر قرب باب الغرفة السِّرية )فقلت لعزَّام: دعني أخرج الخاتم إنه غالي الثَّمن.. فقال لي: لاعليك يا سيِّدتي، ومليكتي سأخرجه بنفسي .. لم يترك لي فرصة للكلام عندما ضغط بإصبعه فوق القاطع الكهربائي فنزل السُّلمُ إلى داخل المسبح، ولحق به عزام، واتجه نحو الخاتم بينما كان أصبعي يضغط فوق القاطع الكهربائي والسُّلم يرتفع عاليًا، وعندما التفت عزَّام إلي وفي يده الخاتم لم يلفت انتباهه ارتفاع السُّلم، فدفع بالخاتم نحوي، سقط فوق تراب الحديقة، فالتقطه وأنا أضحك بسعادة لم تزرني منذ مقتل سامي قائلة لعزَّام :شكراً لك أيها السَّيِّد الوفي لقد أعدتَ لي حقي.. فضحك بسعادة من لا يدري ما تخبِّئه له الأيام وقال بشاعرية: وسأقدِّم لك منه المزيد في المستقبل، أعدك بسعادة حقيقية يا حبيبتي.. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
الأخت العزيزة الأستاذة زاهية بنت البحر مازلت أتابع هذه المسلسل الرمضاني الشيّق , وأعترف بأنني بعجلة لأعرف نهاية هذه الرواية المشوّقة . وكأني أرى أن الصف الأمامي قد امتلأ بالمتابعين فأهلاً وسهلاً بالجميع . محبتي وتقديري . |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
قصة بولسية رائعة
متابعة وبشغف أيتها الرائعة عزيزتى زاهية كل الشكر والامتنان اترقب الأحداث لا تطيلي علينا مودتي |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
أختي الغالية بوران شما، أختي الغالية آمنة محمود، أهلا بكما ومرحبا بارك ربي فيكما ورعاكما، وشكر لكما هذا الحضور الجميل المسعد لي ، وجزاكما عني خير الجزاء أختكما زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
9 فقلتُ له: يكفيني ما قدَّمته لي الآن، لم يعد أمامك متّسع من الوقت لتقديم أي شيء لأحد، لأنَّك ستموتُ عمَّا قريب..سألني قبل أن ينظر إلى السُّلُّم: بحبك - بل بخيانتك - خيانة عن أي شيء تتكلمين؟ أنا أخونك سأطلق هنية يا حبيبتي .. - ستصبح هنية أرملة .. فانتفض قائلا بشيء من الخوف:- ماذا تقصدين؟ قلت له: بشــِّرِ القاتلَ بالقتلِ ولو بعدَ حين.. والآن جاء دورك لتلقى مصيرك فسألني متغابياً: أي قاتل هذا الذي تتكلمين عنه وأي مصير؟!! أجبته ببرود: أنت القاتل ومصير القاتل القتل. فقال باسماً: لابد أنَّك تمزحين، وإن كان مزاحا ثقيلاً فإنَّه منك جميل. قلت له: ومنذ متى كان بيني وبينك مزاحٌ أيُّها الوغد؟ فقال مذهولاً كمن تلقى صفعة بكف قوية: الوغد؟!! - الوغد قليلة عليك أيها التافه الحقود، الجحود فقال بغضب: أنا؟!!! أجبته: ومن غيرك أيها المجرم، قتلت زوجي بمسمع مني، ولم يكن بمقدوري آنذاك أن أفعل شيئا، كنت وحيدة أيها السافل.. فقال: لم أفعل شيئاً أنا بريء، صدقيني أنا بريء.. فقلت: أجل أنت بريء وأنا أصدقك، ولكن براءتك من الإنسانية والرحمة والمروءة، أنت بريء من الوفاء والإخلاص، لقد قتلتني بقتل سامي، وحان الآن وقت الانتقام. نظر حوله في المسبح واتَّجه نحو مكان السُّلُّم يريد الصُّعود، ربما لقتلي ولكنَّه سرعان ما صرخ هائجاً: أنزلي السُّلُم أريد الخروج من المسبح. فقلت له:هذا المسبح الواسع هو قبرك أيُّها المجرم، ستموت فيه وحيدًا، جائعًا وخائفًا.. أصرخ بأعلى صوتك ليلاً ونهاراً فلن يسمعك أحد .. فقال مرتجفا بالخوف والغضب: أخرجيني من هنا أرجوك يا سيِّدتي .. فقلت له: لم ترحم سامي، وهو يتوسَّل إليك كي تبقيه على قيد الحياة، فهل أرحمك أنا؟! فقال لي: أنت السَّبب، كنت أحبك وأنت تعلمين ذلك جيداً.. فقلت له: خسئت وكذبت أيُّها الحقير.. فقال: فلمَ إذن كنتِ تنظرين إلي باهتمام عندما كنتِ ترينني من وقت لآخر؟ أجبته : كنت أراقبك خوفاً منك على زوجي، فقد ساورتني الشكوك بنياتك السَّيئة تجاهه.. فقال بغضب: كذبتِ، بل كنت تنظرين إليَّ بإعجاب نظرات أشعلت النار في داخلي، وكادت تحرقني فقلت: وهل مثلي تنظر إلى مثلك أيها ال فقال مقاطعاً: وما يدري الرَّجل بنية من تنظر إليه من النِّساء كانت من تكون؟ فقلت له: كان عليك أن تعرف مقامك بيننا فلا تتخطَ حدودك.. فقال غاضباً: الحب لا يفرق بين المقامات، ولا يعترف بالفوارق الطبقية، كلنا بشر.. فقلت له: ولكننا لسنا جميعاً مجرمين. فقال بعنف: وأنت أيضا مجرمة، لقد ارتكبتُ الجريمة بسببك، يجب أن تفهمي هذا جيداً، نحن شركاء، كان عليك ألا تدعيني أراك مع زوجك العجوز.. هو على حافة قبره وأنت تضجين بالحياة، لقد غرر بي صِغَرُ سنك، ورقة ُ معاملتك لنا، ألا تعتبرين هذا هو قمة الإغراء؟ فقلت له: يالك من معقَّد تافه، لا تستحق الشفقة.. فقال لي:في مثل حالتي القلقة، لابد أن تتحول الشفقة إلى حب، فالظروف حولنا تسمح بذلك.. بل تشجِّع عليه .. فقلت له: فقط لمن هو دون الرجال أمثالك.. فقال غاضباً: يا سيِّدتي في الصدر قلب من لحم ودم يدق وليس قطعة من حديد، لماذا أدخلتمونا أنتم إلى حياتكم حيث الدفء، وزرعتم في قلوبنا الحسرة، وفي نفوسنا الألم، إنَّ نفسي تفتتْ بينكم وتناثرت بشعور الحب والغيرة، لم أعد أحب الرجوعَ إليها، بل رحت أهرب منها لأدخل في نفوسكم أنتم حيث عالمكم البراق، المغلف بالحرير، المرشرش بأرقى العطور الفرنسية الباهظة الثمن.. المفروش بالسجاد العجمي، والمتخم باللحوم والفاكهة والرفاهية، قتلت نفسي على عتباتكم.. فلا تلوميني.. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
كح كح كح
كل من فى الصف الأول يبتعد حتى لا يلتقط العدوى كح كح كح القصة جميلة جداً أستاذة زاهية وقرأت حلقتين مرة واحدة واستمتعت جداً سعيدة بك جداً ولكن أوصيك بالمضاد الحيوى كجرعة وقائية لك وكل الحاضرين فى القاعة كل محبتى وأشوفكم بخير كح كح كح محبتى ^ _ ^ |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
اقتباس:
أهلا بك ومرحبا عزيزتي آمال عافاك الله من الكحة وشفاك شفاء لايغادر سقما أختك زاهية بنت البحر |
رد: الإعتراف(سأعترف بجريمتي، فهل تسمعون ؟)
10 فقلت له كلاماً لا أدري كيف نطقتُ به: الحديث عن النّفس يفتح بابا إن ولجناه رأينا العجب، هناك سراديب وقلاع وبحور ومغارات وجبال،عالم غريب عجيب، فيه أسرار جغرافية حياة الإنسان بكل ما تحتويه من نجاح أو فشل، من فرح وحزن، من تمرّد وانكسار.فقال بغضب: وما شأني أنا بالجغرافية والجبال والمغر، كلميني بكلام أفهمه؟ فقلت له: من استطاع فهم عالم نفسه هذا أمسك بلجامها وقادها إلى حيث السّعادة، وعندما يحتل حصونها، ويرفع فوق قلاعها راية الوعي والإدراك لكل تطلعاتها يحكمها بقوة، ويسلك من خلال تضاريسها الوعرة إلى بر الأمان، ومن يحكم نفسه يدرأ عنه مغبات الظّروف المحيطة به، فيعطي التفسيرات المقنعة لكل ما يواجهه من صعوبات في درب الحياة، ويتغلب على ألم المواجهة بوعي يُحْسَد عليه ..أمَّا أنت … فقاطعنا محتدَّا : ماذا تقولين ؟! دعيني من فلسفة تضيع العقل، أسألك لماذا أدخلتمونا إلى حياتكم لا إلى القلاع والتضاريس؟ فقلت له: أنتما طلبتما العمل عندنا، وقبلنا بكما بسبب حالتكما المادية السيِّئة، رغبة منَّا في مساعدتكما لتحسين حياتكما المعيشية.. فقال متحسِّراً: لقد حطمتمونا بنية المساعدة تلك، ليتكم لم تقبلوا بنا عمالاً في عالم الترف الذي تعيشونه.. فقلت له: لكل قاعدة شواذ، وكنتَ الشواذ فيها، لم يكن الكثيرون مثلك ممن نعرف ونسمع عنهم.. فقال مسترحماً: أرجوك يا سيِّداتي أنزلي السلم ، وأعدك بل أقسم لك بالله العظيم أن أكون لك خادماً مخلصاً مدى الحياة.. فقلت له: بل ستموت بلا رحمة ولا شفقة، القاتل لاعهد له ولو أقسم مئات المرات.. مت هنا فأنت لا تستحق الحياة.. فقال برجاء: ارحميني من أجل هنية وابني رشاد؟ فقلت له: لم ترحم سامي من أجل الخالق، فلن أرحمك من أجل مخلوق.. واستدرتُ باتجاه بوابة حديقة البيت وأنا أشعر بالانتصار، والدموع تنساب من عينيَّ فوق خديَّ مالحا، وإحساس بتأنيب الضمير ينتابني، فأتجاهله رغماً عني، بينما كان صوت عويله يبتعد عن مسمعي حتَّى تلاشى، وأنا أغلق بوابة الحديقة بالمفتاح.. لم أكن أعلم أن المجرم يظل يحوم حول جريمته إلى أن عدت بعد أربعة أيام أتفقد وضع عزام، اقتربت من حافة المسبح قرب السلم فرأيته هادئاً بلا حراك فضغطت بأصبعي فوق القاطع الكهربائي فنزل السلم إلى مستوى عمق مترين ثم قمت بمسح بصماتي من على القاطع، ونثرت بعض التراب الجاف فوقه، وعدت إلى منزل والدي دون أن يعلم أحد شيئاً مما قمت به.. وبعد أسبوع اكتشفت الجثَّة عندما ذهبتُ مع أبي وأخي سعيد وأحد سماسرة البيوت إلى الفيلا، فقد طلب أحد الأثرياء الصِّناعيين مشاهدتها لأنَّه يرغب بشرائها.. ونحن نتجول في الحديقة وصلنا إلى المسبح، وكان المشهد مرعباً هذه المرة بحق، خانقاً ومقزِّزا، فركضت أصرخ من هول ما شاهدت عيناي، وأبي وأخي يركضان خلفي .. جرى التحقيق حول ملابسات القضية، لكن المحقِّقين لم يتوصلوا إلى دليل يدان به أحد، فسُجِّلت القضية قضاء وقدراً.. حاولت أن أطمرَ السِّر في بؤرة عذابي بعد أن أخذت بثأر سامي، ذلك الرَّجل الوديع الذي لم تستطع الغربة اننزاع طيبته، كما عجز المال في سلبه إنسانيته، فجاء رجل حقود شرس بأحط خلق، وأقذر طبع، وأوقح عين يقتله خيانة وغدرا.. لم أتمكن من لجم صوت الحقّ ِفي داخلي زمناً طويلاً، وذات ليلة دخلتُ غرفة أمي، بعد أن نام جميع من في البيت، وكانت في هذا الوقت تستعد للنَّوم بعد مشاهدة إحدى التمثيليات التلفزيونية، فانتهزت فرصة انفرادها في غرفتها وكان النوم قد أدرك والدي وهو يشاهد المسلسل التلفزيوني بصحبتها، فنام في غرفة الجلوس بعد أن غطَّته أمي بملاءة سريره، وكان يفضل البقاء في المكان الذي غفا فيه حتَّى موعد أذان الفجر حيث توقظه أمي للصلاة، وهذه عادة درج عليها ولم يخالفها مرَّة خشية القلق إذا ما نـُبِّهَ من نومه قبل الأوان ، فصارحتها بكل شيء .. بقلم زاهية بنت البحر يتبع |
الساعة الآن 18 : 01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية