منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   شعراء عصر النهضة الأدبية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=302)
-   -   ديوان الشاعر التونسي الكبير ( أبو القاسم الشابي ) (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=21523)

شمعة فلسطينية 22 / 12 / 2007 51 : 02 AM

من أغنيات أبو القاسم الشّابي
 
من أهم الشعراء الذين أحببت كل ما نظموه من أشعار.. هذا الشاعر الرائع الذي لم يتكرر بقصائده الوطنية وأغانيه للطبيعة الخلابة في تونس بلد الجمال.. والتي تمتّع روح القارئ وتأخذه في نزهة لن ينسى جمال ما رآه فيها مدى عمره...!! هيّا لنستمع إليه حين أنشد قائلاً:

من اغاني الرعاة

أقبل الصبح يغني للحياة الناعسة
والربى تحلم في ظل الغصون المائسة
والصّبا ترقص اوراق الزهوراليابسة
وتهادى النور في تلك الفجاج الدامسة

***
أقبل الصبح جميلا يملأ الأفق بهاه
فتمطى الزهر والطير, وامواج المياه
قد أفاق العالم الحي ، وغنى للحياه
فأفيقي ياخرافي ، وهلمي يا شياه

***
واتبعيني يا شياهي ,بين أسراب الطيور
املاي الوادي ثغاء ، ومراحا وحبور
واسمعي همس السواقي ، وانشقي عطر الزهور
وانظري الوادي ، يغشيه الضباب المستنير

***
واقطفي من كلإ الارض ومرعاها الجديد
واسمعي شّبابتي تشدو ، بمعسول النشيد
نغم يصعد من قلبي ، كأنفاس الورود
ثم يسمو طائرا ، كالبلبل الشادي السعيد

***
وإذا جئنا إلى الغاب ، وغطانا الشجر
فاقطفي ما شئت من عشب، وزهر, وثمر
أرضعته الشمس بالضوء , وغذاه القمر
وارتوى من قطرات الطل، في وقت السحر

***
وامرحي ما شئت في الوديان، أو فوق التلال
واربضي في ظلها الوارف, إن خفت الكلال
وامضغي الاعشاب ، والأفكار في صمت الظلال
واسمعي الريح تغني ، في شماريخ الجبال

***
إن في الغاب أزاهيرا ، واعشابا عذاب
ينشد النحل حواليها ، أهازيجا طراب
لم تدنس عطرها الطاهر أنفاس الذئاب
لا, ولاطاف بها الثعلبُ في بعض الصحاب

***
وشذاً حلوا , وسحرا وسلاما ، وظلال
ونسيما ساحرالخطوة ، موفور الدلال
وغصونا يرقص النور عليها ، والجمال
واخضرارا ابديا ،ليس تمحوه الليال

***
لن تملي ياخرافي ، في حمى الغاب الظليل
فزمان الغاب طفلٌ لاعب عذب جميل
وزمان الناس شيخ عابسُ الوجه ثقيل
يتمشى في ملال فوق هاتيك السهول

***
لك في الغابات مرعاك ومسعاك الجميل
ولي الانشاد والعزف إلى وقت الاصيل
فإذا طالت ظلا الكلإ الغض الضئيل
فهلمي نرجع المسعى إلى الحي النبيل ...



عساهُ اختياراً موفقا أرجو أن يكون قدً نال إعجابكم.. بل إنني متأكّدة من ذلك...!!

شكراً لواضع هذا القسم.. وأعترف بأن كل أقسام منتدانا هذا أكثر من رائعة.

تحياتي وودّي أعزائي.. وإلى اللقاء مع دُرَّة أخرى من دُرر الشعر العربي الرائع..!


شمعة فلسطينية


نصيرة تختوخ 20 / 02 / 2008 25 : 12 PM

ديوان الشاعر التونسي الكبير ( أبو القاسم الشابي )
 
عذْبة ٌ أنتِ كالطّفولة ِ، كالأحلامِ كاللّحنِ، كالصباحِ الجديدِ
كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلة ِ القمراءِ كالورد، كابتسام الوليدِ
يا لها من وَداعة ٍ وجمالٍ وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ!
يا لها من طهارة ٍ، تبعثُ التقديـ ـسَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ!..
يالها رقَّة ً تكادُ يَرفُّ الوَرْ دُ منها في الصخْرة ِ الجُلْمُودِ!
أيُّ شيء تُراكِ؟ هلى أنتِ "فينيسُ" تَهادتْ بين الورى مِنْ جديدِ
لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسولَ للْعالم التعيسِ العميدِ!
أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأر ضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيدِ!
أنتِ..، ما أنتِ؟ أنتِ رسمٌ جميلٌ عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجودِ
فيكِ ما فيه من غموضٍ وعُمقٍ وجمالٍ مُقَدِّسٍ معبودِ
أنتِ.. ما أنتِ؟ أنتِ فَجْرٌ من السّحرِ تجلّى لقلبيَ المعمودِ
فأراه الحياة َ في مونِق الحسن وجلّى له خفايا الخلودِ
أنتِ روحُ الرَّبيعِ، تختالُ فـ الدنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ
وتهبُّ الحياة سكرى من العِطْر، ويدْوي الوجودُ بالتَّغْريدِ
كلما أبْصَرَتْكِ عينايَ تمشين بخطوٍ موقَّعٍ كالنشيدِ
خَفَقَ القلبُ للحياة ، ورفّ الزّهـ رُ في حقل عمريَ المجرودِ
وأنتشتْ روحي الكئيبة ُ بالحبِّ وغنتْ كالبلبل الغرِّيدِ
أنتِ تُحِيينَ في فؤادي ما قد ماتَ في أمسي السعيدِ الفقيدِ
وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي ما تلاشى في عهديَ المجدودِ
من طموحِ إلى الجمالِ إلى الفنِّ، إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ
وتَبُثِّين رقّة َ الشوق، والأحلامِ والشّدوِ، والهوى ، في نشيدي
بعد أن عانقتُ كآبة ُ أيَّامي فؤادي، وألجمتْ تغريدي
أنت أنشودة ُ الأناشيد، غناكِ إله الغناءِ، ربُّ القصيدِ
فيكِ شبّ الشَّبابُ، وشَّحهُ السِّحْرُ وشدوُ الهوى ، وَعِطْرُ الورودِ
وتراءى الجمالُ، يَرْقُصَ رقصاً قُدُسيَّا، على أغاني الوجودِ
وتهادتْ في لإُفْقِ روحِكِ أوْزانُ الأغَاني، وَرِقّة ُ التّغريدِ
فَتَمايلتِ في الوجود، كلحنٍ عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيدِ:
خطواتٌ، سكرانة ُ بالأناشيد، وصوتٌ، كرجْع ناي بعيدِ
وَقوامٌ، يَكَادُ يَنْطُقُ بالألحان في كلِّ وقفة ٍ وقعودِ
كلُّ شيءٍ موقَعٌ فيكِ، حتّى لَفْتَة ُ الجيد، واهتزازُ النهودِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في قدْسها السامى ، وفي سحرها الشجيِّ الفريدِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ، في رقَّة ِ الفجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ً كلَّ أوانٍ في رُواءِ من الشباب جديدِ
أنتِ..، أنتِ الحياة ُ فيكِ وفي عينَيْـ وفي عيْنَيْكِ آياتُ سحرها الممدُودِ
أنتِ دنيا من الأناشيد والأحْلام والسِّحْرِ والخيال المديدِ
أنتِ فوقَ الخيال، والشِّعرِ، والفنِّ وفوْقَ النُّهَى وفوقَ الحُدودِ
أنتِ قُدْسي، ومَعبدي، وصباحي، وربيعي، ونَشْوَتِي، وَخُلودي
يا ابنة َ النُّور، إنّني أنا وَحْدي من رأى فيكِ رَوْعَة َ المَعْبُودِ
فدَعيني أعيشُ في ظِلّك العذْبِ وفي قرْب حُسْنك المشهودِ
عيشة ً للجمال والفنّ والإلهام والطُّهرْ، والسّنَى ، والسّجودِ
عيشة َ النَّاسِكِ البُتولِ يُنَاجي الرّ بَّ في نشوَة ِ الذُّهول الشديدِ
وامنَحيني السّلامَ والفرحَ الرّو حيَّ يا ضَوْءَ فجْريَ المنشودِ
وارحَميني، فقدْ تهدَّمتُ في كو نٍ من اليأس والظلام مَشيدِ
أَنقذِيني من الأَسى ، فلقد أَمْسيـ أَمْسَيتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي
في شِعَابِ الزَّمان والموت أمشي تحت عبءِ الحياة جَمَّ القيودِ
وأماشي الورَى ونفسيَ كالقبرِ، ـرِ، وقلبي كالعالم المهدودِ
ظُلْمَة ٌ، ما لها ختامٌ، وهولٌ شائعٌ في شكونا الممدودِ
وإذا ما اسْتخفّني عَبَثُ النَّاس تبسَّمتُ في أسَى ً وجُمُودِ
بسمة ً مُرَّة ً، كأنِّيَ أستلُّ من الشَّوْك ذابلاتِ الورودِ
وانْفخي في مَشَاعِري مَرَحَ الدُّنيا وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ
وابعثي في دمي الحَرارَة ، عَلَّي أتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ
وأبثُّ الوُجودَ أنْغامَ قلبٍ بُلْبُليٍّ، مُكَبَّلٍ بالحديدِ
فالصباحُ الجميلُ يُنعشُ بالدِّفءْ حياة َ المحطَّمِ المكدودِ
أَنقذيني، فقد سئمتُ ظلامي! أَنقذيني، فقد مللتُ ركودي
آهِ يا زَهرتي الجميلة ُ لو تَدْرِين ما جَدَّ في فؤادي الوَحِيدِ
في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أكوانٌ من السحر ذات حسن فريد
وشموسٌ وضَّاءة ٌ ونجومٌ تَنْثُرُ النُّورَ في فَضَاءٍ مديدِ
وربيعٌ كأنّه حُلُمُ الشّاعرِ في سَكرة الشّباب السعيدِ
ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي ولا ثورة َ الخَريفِ العتيدِ
وَطُيورٌ سِحْرِيَّة ٌ تتناغَى بأناشيدَ حلوة ِ التغريدِ
وقصورٌ كأَنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ أو طلعة ُ الصباحِ الوليدِ
وغيومٌ رقيقة تَتَادَى كأَباديدَ من نُثَارِ الورودِ
وحياة ٌ شعريَّة ٌ هي عندي صورة ٌ من حياة ِ أهلِ الخلودِ
كلُّ هذا يشيدهُ سحرُ عينيكِ وإلهامُ حسْنكِ المعبودِ
وحرامٌ عليكِ أن تَهْدمي ما شَادهُ الحُسْنُ في الفؤاد العميدِ
وحرامٌ عليكِ أن تسْحَقي آمـ ـالَ نفسٍ تصْبو لعيشٍ رغيدِ
منكِ ترجو سَعَادَة ً لم تجدْهَا في حياة ِ الوَرَى وسحرِ الوجودِ
فالإلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ إذا كانَ في جَلالِ السّجودِ

ــأبوالقاسم الشابيــــ

نصيرة تختوخ 20 / 02 / 2008 35 : 12 PM

أُسْكُني يا جرَاحْ / أبو القاسم الشابي
 
أُسْكُني يا جرَاحْ وأسكني يا شجونْ
ماتَ عهد النُّواحْ وَزَمانُ الجُنُونْ
وَأَطَلَّ الصَّبَاحْ مِنْ وراءِ القُرُونْ
في فِجاجِ الرّدى قد دفنتُ الألَمْ
ونثرتُ الدُّموعْ لرياحِ العَدَمْ
واتّخذتُ الحياة مِعزفاً للنّغمْ
أتغنَّى عليه في رحابِ الزّمانْ
وأذبتُ الأسَى في جمال الوجودْ
ودحوتُ الفؤادْ واحة ً للنّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابَّ والمنى والحَنانْ
اسكُني يا جراحْ وأسكُتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواحْ وزَمانُ الجنونْ
وَأَطَلَ الصَّباحْ مِنْ وراءِ القُرونْ
في فؤادي الرحيبْ مَعْبِدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْه الحياة ْ بالرّؤى ، والخيال
فَتَلَوتُ الصَّلاة في خشوع الظّلالْ...
وَحَرقْتُ البخور... وأضأتُ الشُّموع
إن سِحْرَ الحياة ْ خالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاة ْ مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَ يأتي الصبَّاح وتمُرُّ الفصولْ..؟
سوف يأتي رَبِيعْ إن تقضَّى رَبِيعْ
کسكُنِي يا جراحْ وأسكتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواح وَزَمانُ الجنونْ
وأطلَّ الصَّباحْ مِن وراءِ القُروُنْ
من وراءِ الظَّلامْ وهديرِ المياهْ
قد دعاني الصَّباحْ وَرَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءُ هزّ قلبي صَداهْ
لَمْ يَعُد لي بَقاء فوق هذي البقاعْ
الودَاعَ! الودَاعَ! يا جبالَ الهمومْ
يا هضَبابَ الأسى ! يا فِجَاجَ الجحيمْ
قد جرى زوْرَقِي في الخضمِّ العظيمْ...
ونشرتُ الشراعْ... فالوَداعَ! الوَداعْ
Abu al kacem al chabi

نصيرة تختوخ 15 / 07 / 2008 16 : 07 PM

كَرِهْتُ القُصورَ وقُطَّانَها. أبو القاسم الشابي
 
[mark=#FF99CC]

كَـــرِهْـتُ الــقُــصـــورَ وقُــطَّــانَــهـا **** ومـــا حـولَـها مــن صِـــراعٍ عـنـيــف
وكَـيْــدَ الضَّـعـيـفِ لِـسَـعْـي الـقــويِّ **** وعَـصْــفَ الـقــويَّ بـجَـهْـدِ الضَّـعـيـفْ
وجَـاشَـتْ بنفْـسـي دُمُــوعُ الـحَـيَـاةِ **** وعَـجَّــتْ بقـلـبـي رِيــــاحُ الــصُّــروف
لـقَـلْـبِ الفـقـيـرِ الحـطـيـم الكـسـيـرِ **** ودَمْـــعِ الأَيـامَـى السَّــــفـيـحِ الـذَّريــفْ
ونَــــوْحِ الـيـتـامَـى عــلـى أُمَّـــهاتٍ **** تَــوَارَيْــنَ خــلــفَ ظَــــلامِ الحُـتــــوفُ
فسرْتُ إلى حيثُ تأوي أَغاني الرَّبيعِ ****وتـــــــذوي أَمــــانــــي الــخَـــريـــــفْ
وحـيــثُ الـفَـضَــا شــاعـــرٌ حـالـــمٌ **** يُنـاجـي السُّـــــهـولَ بـوَحْــيٍ طَـريــفْ
وقــد دَثَّـرَتْـهُ غـيـومُ المـسـاءِ بـظــلٍّ **** حــــزيــــنٍ ضَــــريـــــحٍ شـــفـــيـــفْ
وبـيــنَ الـغُـصــونِ الـتــي جَـرَّدَتْـهـا **** ليـالـي الخَـريـفِ الـقـويِّ الـعَـسُـــوفْ
وقَــفْــتُ وحــوْلــي غــديــرٌ مـــواتٌ **** تــمــادتْ بــــه غَــفَــواتُ الـكُهـــــوفْ
قَـضَـتْ فــي حفافِـيـهِ تِـلْـكَ الـزُّهُــورُ **** فَـكَـفَّـنـهــا بـالـصَّـقــيــعِ الــخَــريـــفْ
ســـوى زهـــرةٍ شَـقِـيَــتْ بـالـحَـيَـاةِ **** ومـلْـبَـثـهــا بـالـمُــقــامِ الـمُــخــيــــفْ
يُـرَوِّعُهــا فـيـــه قَـصْـــفُ الـرُّعــودِ **** ويُـحْـزِنُـهـا فــيـــه نَـــــدْبُ الـزَّفـيـــفْ
ويَنْتابُهـا فـي الصَّبـاحِ السَّديـمُ وفي **** الـلَّــيــلِ حُــلــــمٌ مُــريـــعٌ مُــخــيــــفْ
وتُـرْهِـبُــهــا غـــاديــــاتُ الـغـمـــامِ **** وتُـؤلِـمُـهــا كـــــلُّ ريـــــحٍ عَـصُـــوفْ
فَـتَـرْنـو لمَــا حولَهـا مِــــنْ زُهـــورٍ **** ومـــا ثَـــمَّ إلاَّ السَّــحـيـقُ الـجَـفِـيــــفْ
فتـبـكـي بـكــاءَ الغـريــب الـوحـيــدِ **** بـشــجْــوٍ كَـظـيــمٍ ونَــــوْحٍ ضَـعــيــفْ
تُـبـاكــي بــــهِ لُـبَّـهــا الـمـسـتـطـارَ **** وَتَـرْثـــي بـــهِ مَـــا طَـوَتْــهُ الـحُـتُـوفْ
وتـشـكـو أَســاهـا بَــيَـاضَ الـنَّـهــارِ **** وتـنــدُبُ حَـــظَّ الـحَـيَــاةِ الـسَّـخـيـــفْ
ولـكـنْ لـقــد فَـقَــدَتْ فـــي الـوُجُــودِ **** رفـيــقــاً مُـصـيـخــاً وقــلــبـــاً رَؤُوفْ
فـمـا ثَـــمَّ إلاَّ الـصُّـخُـورُ الـقَـواســي **** وإلاَّ الـصَّــدى المُسْــتَـطـارُ الـهَـتُــوفْ
فَــجَــادتْ بـــــروحٍ شــجـــيٍّ لــقـــد **** عــذَّبـــتـــهُ الــلَّــيــالــي صُــــنُــــوفْ
ومَاتـتْ وقــد غـادَرَتْـهـا بـقــاعٍ مـنَ **** الأَرضِ ضــنْـــكٍ حَـيَـــاةُ الــصُّـــروفْ
فـبـانَــتْ حَــيــالَ الـغـديــرِ الأَصــــمِّ **** وقــدْ أَخــرسَ الـمـوتُ ذاك الحَفـيـــفْ
وقـــد خَضَّـبَـتْـهـا غـيــومُ الـمـســاءِ **** كـغـانــيــةٍ ضـرَّجَـتْــهــا الـسُّــيـــوفْ
فسلْـهـا تُـرى كـيـفَ غــاضَ الأَريـجُ **** وكـيــفَ ذَوَى سِــحْــرُ ذاك الـرَّفـيـــفْ
وكـيــف خَــبَــتْ بَـسَـمَـاتُ الـحَـيَــاةِ **** بـأَجْـفـانِـهـا وعَـــرَاهـــا الــكُــسُــوفْ
وكيــفَ لَـــوَتْ جـيـدَهَــا الحَـادِثــاتُ **** وأَلْــــوَتْ بــــذاك الــقــوامِ الـلَّـطـيـفْ
ذَكَـــــرْتُ بمـضـجَـعِـهـا المـطـمـئــنِّ **** ومرقَـدِهـا فـــي السَّــــفـيـرِ الجَـفـيـفْ
مــصــــارعَ آمـــالــــيَ الغـــابـــراتِ **** وخيْبَـتَـهـا فـــي الـصِّــراعِ الـعَـنـيـفْ
فقـلَّـبـتُ طَـرْفــي بـمـهْـوى الـزُّهُــورِ **** وصـعَّـدتـه فـــي الـفـضـاءِ الأَسـيــفْ
وقـلـتُ هــوَ الـكـونُ مَـهْــدُ الـجـمـالِ **** ولــكِـــنْ لــكـــلِّ جــمـــالٍ خَــريــــفْ
وأَطـرقـتُ أُصـغـي لهَـمْـسِ الأَســــى **** وقــد غَـشِـيَ النـفـسَ هَــمٌّ كَـثـيـــــفْ
وَغَـاضَـــتْ ثُـمـالَــةُ نـــورِ الـنَّـهــارِ **** وأَرْخــى ظــلامُ الـوُجُــودِ الـسُّـجـوفْ
[/mark]

شمعة الإسلام 25 / 08 / 2008 56 : 01 PM

قصيدة (ليت لي أن أعيش هذه الدنيا)-(أبو القاسم الشابي)
 
قصيدة (ليت لي أن أعيش هذه الدنيا) للشاعر (أبو القاسم الشابي) :-

ليتَ لي أن أعيشَ هذهِ الدنيّا _________ سَعيداً بِوَحْدتي وانفرادي
أَصرِفُ العْمْرَ في الجبالِ،__________ وفي الغاباتِ بينَ الصنوبّر الميّادِ
ليس لي من شواغل العيش_________ ما يصرفُ نفسي عن استماعِ فؤادي
أرقبُ الموتَ، والحياة َ وأصغي_________ لحديثِ الآزال والآبادِ
وأغنيّ مع البلابل في الغابِ،___________ وأصغيِ إلى خرير الوادي
وَأُناجي النُّجومَ والفجرَ، والأَطيارَ_________ والنّهرَ، والضّياءَ الهادي
عيشة ً للجمالِ، والفنِ، أبغيها___________ بعيداً عَنْ أمتَّي وبلادي
لا أعنِّي نفسي بأحزان شعبي ___________ فهو حيٌّ يعيشُ عيشَ الجمادِ!
وبحسبي مِنَ الأسى ما بنفسي____________ من طريفٍ مُسْتَحْدَثٍ وتِلادِ
وبعيداً عن المدينة ، والنّاس،___________ بعيداً عن لَغْوِ تلك النّوادي
فهو من معدنِ السّخافة والإفك ___________ومن ذلك الهُراء العادي
أين هوَ من خريرِ ساقية الوادي __________وخفقِ الصدى ، وشدوِ الشادي
وَحَفيفِ الغصونِ، نمَّقها الطَّلُّ ____________وَهَمْسِ النّسيمِ للأوْراد؟
هذهِ عِيشة ٌ تقدِّسُها نفسي_______________ وأدعُو لمجدها وأنادي

هدى نورالدين الخطيب 05 / 12 / 2008 40 : 09 AM

نبذة حول سيرة الشاعر: أبو القاسم الشابي
 
http://www.adab.com/photos/29719075.jpg


[align=justify]ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شباط عام 1909م الموافق الثالث من شهر صفر سنة 1327هـ وذلك في بلدة توزر في تونس .

أبو القاسم الشابي هو ابن محمد الشابي الذي ولد عام 1296هـ ( 1879 ) وفي سنة 1319هـ ( 1901 ) ذهب إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره ليتلقى العلم في الجامع الأزهر في القاهرة. ومكث محمد الشابي في مصر سبع سنوات عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر.

ويبدو أن الشيخ محمد الشابي قد تزوج أثر عودته من مصر ثم رزق ابنه البكر أبا القاسم الشابي ، قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بالآفاق ، ففي سنة 1328هـ 1910 م عين قاضيا في سليانه ثم في قفصه في العام التالي ثم في قابس 1332هـ 1914م ثم في جبال تالة 1335هـ 1917م ثم في مجاز الباب 1337هـ 1918م ثم في رأس الجبل 1343هـ 1924م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول –سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348هـ.

كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.
وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي. والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.
يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء ، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشاي على الزواج وعقد قرانه.

يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد.لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي : " ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".

وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه ( حامة توزر ) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26-8-1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانا وكان ذلك في أيلول واريانا ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.

ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.

توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353هـ.

نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها ، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365هـ.

[/align]

نصيرة تختوخ 12 / 12 / 2008 37 : 04 PM

ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ ستجعَلُنا الأَيَّامُ أُضْحُوكَةَ الآتي.
 
ضحِكْنا على الماضي البعيدِ وفي غدٍ

ستجعَلُنا الأَيَّامُ أُضْحُوكَةَ الآتي

وتلكَ هيَ الدُّنيا رِوايةُ ساحرٍ

عَظيمٍ غَريبِ الفَنِّ مُبْدِعِ آياتِ

يمثِّلها الأَحياءُ في مَسْرَحِ الأَسَى

ووسْط ضَبَابِ الهمِّ تَمْثيلَ أَمواتِ

ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها

ويَضْحَكُ منها مَنْ يمثِّلُ مَا ياتي

وكلٌّ يُؤَدِّي دَوْرَهُ وهو ضَاحكٌ

على الغيرِ مضْحُوكٌ على دوره العاتي
أبو القاسم الشابي

أسماء بوستة 16 / 10 / 2009 47 : 03 AM

نشيد الجبار ( هكذا غنّى بروميثيوس ) لأبي القاسم الشابي
 
نشيد الجبار ( هكذا غنّى بروميثيوس ) لشاعر الخضراء الخالد أبو القاسم الشابي

[align=center]http://www.nooreladab.com/vb/imgcache/1795.imgcache.jpg[/align]



[frame="1 10"][align=center]سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ *** كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً *** بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى *** ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ...
وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ، *** غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ
أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها *** وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي
وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي *** يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ
وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني *** عن حرب آمالي بكل بلاءِ:
"-لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي *** موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ
«فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ *** سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ»
لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا، *** وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء
«ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً *** بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي
واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ، *** وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ *** رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ»
«سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً *** قيثارتي، مترنِّما بغنائي»
«أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ *** في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ»
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي *** فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ»
«إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي *** أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ»
«وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ *** إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ»
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى *** عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي»
«وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي *** قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ *** عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ»
«لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ *** وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ"
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا *** هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً *** فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما *** وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا *** لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي
إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ *** وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:
"إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي *** والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي
«فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا *** يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي»
«وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى *** بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ»
«ورأيتموني طائراً، مترنِّماً *** فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي
«فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا *** خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..»
وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا *** عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ»
«وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي *** وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي»
أما أنا فأجيبكم من فوقِكم *** والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي:
مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه *** لم يحتفِلْ بحجارَة ِ الفلتاء"
[/align][/frame]


أسماء بوستة 25 / 10 / 2009 10 : 01 AM

تونس الجميلة لأبي القاسم الشابي
 
تونس الجميلة لأبي القاسم الشابي

لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ، *** أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ



إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ، *** قد عَرانا، ولم نجد من أزاحهُ



كلّما قامَ في البلادِ خطيبٌ، *** مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ



ألبسُ روحَهُ قميصَ اضطهادٍ *** فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ



وتوخَّوْاطرائقَ العَسف الإِرْ *** هَاقِ تَوًّا، وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ



هكذا المخلصون في كلِّ صوبٍ *** رَشَقَاتُ الرَّدَى إليهم مُتَاحَهْ



غيرَ أنَّا تناوبتنا الرَّزايا *** واستباحَتْ حَمانا أيَّ استباحَهْ



أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَة َ فِي لُجِّ *** الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ



شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي *** قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ



لستُ أنصاعُ للوَّاحي ولو مـ *** ـتُّ وقامتْ على شبابي المناحَة ْ



لا أبالي.., وإنْ أُريقتْ دِمائي *** فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ



وبطولِ المَدى تُريكَ الليالي *** صَادِقَ الحِبِّ وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ



إنَّ ذا عَصْرُ ظُلْمَة ٍ غَيْرَ أنِّي *** مِنْ وَرَاءِ الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ



ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ


أسماء بوستة 03 / 01 / 2010 30 : 05 PM

فلسفة الثعبان المقدس - أبو القاسم الشابي
 
فلسفة الثعبان المقدس


كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً *** غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ

يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ *** ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ

والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه *** قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ

والكومُ من مظهرِ الحياة كأنما *** هُوَ معبدٌ، والغابُ كالمحرابِ

والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ، مُنشداً *** للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ

شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ، ونفسهُ *** سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ

ورآه ثعبانُ الجبالِ، فغمَّه *** ما فيه من مَرَحٍ، وفيْضِ شبابِ

وانقضّ، مضْطَغِناً عليه، كأنَّه *** سَوْطُ القضاءِ، ولعنة ُ الأربابِ

بُغتَ الشقيُّ، فصاح في هزل القضا *** متلفِّتاً للصائل المُنتابِ

وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً: *** «ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟»

لاشيءِ، وإلا أنني متعزلٌ *** بالكائنات، مغرِّدٌ في غابي

«أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً *** وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي»

«أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة ً؟! *** أينَ العدالة ُ يا رفاقَ شبابي؟»

«لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا *** رأيُ القويِّ، وفكرة ُ الغَلاّبِ!»

«وَسَعَادة ُ الضَّعفاءِ جُرْمُ..، ما لَهُ *** عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب!»

ولتشهد- الدنيا التي غَنَّيْتَها *** حُلْمَ الشَّبابِ، وَرَوعة َ الإعجابِ

«أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقة ٌ، مَكْذُوبة *** ٌ والعَدْلَ فَلْسَفَة ُ اللّهيبِ الخابي»

«لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى *** وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب»

فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمة َ هازئٍ *** وأجاب في سَمْتٍ، وفرطِ كِذَابِ:

«يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ، إنَّني *** أرثِي لثورة ِ جَهْلكَ التلاّبِ»

والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى *** جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ

فاكبح عواطفكَ الجوامحَ، إنها *** شَرَدَتْ بلُبِّكَ، واستمعْ لخطابي»

أنِّي إلهٌ، طاَلَما عَبَدَ الورى *** ظلِّي، وخافوا لعنَتي وعقابي»

وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ *** فَرحينَ، شأنَ العَابدِ الأوّابِ»

«وَسَعَادة ُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها *** يوماً تكونُ ضحيَّة َ الأَربابِ»

«فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة ً، *** قُدُسية ٌ، خلصت من الأَوشابِ

أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي *** فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي»

وتكون عزماً في دمي، وتوهَّجاً *** في ناظريَّ، وحدَّة ً في نابي

«وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي *** وتصيرَ بَعََ ألوهتي وشبابي..؟

إني أردتُ لك الخلودَ، مؤلَّهاً *** في روحي الباقي على الأحقابِ..

فَكِّرْ، لتدركَ ما أريدُ، وإنّه *** أسمى من العيش القَصيرِ النَّابي»

فأجابه الشحرورُ ، في غُصًَِ الرَّدى *** والموتُ يخنقه: «إليكَ جوابي»:

لا أرى للحقِّ الضعيف، ولا صدّى ، *** الرَّأيُ، رأيُ القاهر الغلاّبِ

«فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها *** وارحم جلالَكَ منت سماع خطابي"

وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً *** عذباً لتخفي سَوءَة َ الآرابِ

أسماء بوستة 03 / 01 / 2010 44 : 05 PM

إلى طغاة العالم - أبو القاسم الشابي
 
إلى طغاة العالم


ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ *** حَبيبُ الظَّلامِ، عَدوُّ الحياهْ

سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ *** وكفُّكَ مخضوبة ُ من دِماهُ

وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ *** وتبدرُ شوكَ الأسى في رُباهُ

رُوَيدَكَ! لا يخدعنْك الربيعُ *** وصحوُ الفَضاءِ، وضوءُ الصباحْ

ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام *** وقصفُ الرُّعودِ، وعَصْفُ الرِّياحْ

حذارِ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ *** ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ

تأملْ! هنالِكَ.. أنّى حَصَدْتَ *** رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ

ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ *** وأشْربتَه الدَّمعَ، حتَّى ثَمِلْ

سيجرفُكَ السيلُ، سيلُ الدماء *** ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ

أسماء بوستة 03 / 01 / 2010 48 : 05 PM

حرم الأمومة - أبو القاسم الشابي
 
حرم الأمومة

الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه *** حرَمٌ، سماويُّ الجمالِ، مقدَّسُ

تتألّه الأفكارُ، وهْي جوارَه *** وتعودُ طاهرة ً هناكَ الأنفُسُ

حَرَمُ الحياة ِ بِطُهْرِها وَحَنَانِها *** هل فوقَهُ حرَمٌ أجلُّ وأقدسُ؟

بوركتَ يا حرَمَ الأمومة ِ والصِّبا *** كم فيك تكتمل الحياة ُ وتقدُسُ

عادل سلطاني 11 / 07 / 2010 27 : 04 PM

رد: صلوات في هيكل الحب أبوالقاسم الشابي
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مشكورة أختاه على هذه القصيدة الرائعة لشاعرنا أبي القاسم الشابي شكرا لأنك أرجعتنا إلى زمن بريء طاهر في الفراديس البعيدة يفتقده إنسان القرن الواحد والعشرين ....
تقبلي أيتها الفاضلة تحيات أخيك ألف شكر على هذه الرائعة

أسماء بوستة 12 / 07 / 2010 21 : 02 AM

رد: إلى طغاة العالم - أبو القاسم الشابي
 
شرفني مرورك أ.نصيرة
تحيتي

أسماء بوستة 15 / 09 / 2010 03 : 03 AM

يا موت - أبو القاسم الشابي
 
يا موت

أبو القاسم الشابي



ياموت ! قد مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري
ورميتني من حالق ، وسخرت مني أي سخر
فلبثت مرضوض الفؤاد أجر اجنحتي بذعر
وقسوت إذ ابقيتني في الكون أذرع كل وعر
وفجعتني فيمن أحب ، ومن إليه أبث سرّي
وأُعدّهُ فجري الجميل ، إذا ادلهمّ علي دهري
وأعده وردي ، ومزماري ، وكاساتي وخمري
وأعدّه غابي ، ومحرابي ، وأغنيتي وفجري
ورزأتني في عمدتي ، ومشورتي في كل أمرِ
وهدمت صرحا ، لا ألوذ بغيره ، وهتكت ستري
ففقدت روحا ، طاهرا ، شهما ، يجيش بكل خير
وفقدت قلبا ، همّه أن يستوي في الأفق بدري
وفقدت كفا ، في الحياة يصدّ عني كل شر
وفقدت وجها ، لايعبّه سوى حزني وضري
وفقدت نفسا ، لاتني عن صون أفراحي وبشري
وفقدت ركني في الحياة ، ورايتي ، وعماد قصري
ياموت قد مزقت صدري وقصمت بالأرزاء ظهري
ياموت ! ماذا تبتغي مني وقد مزقت صدري ؟
ماذا تود ، وأنت قد سوّدت بالأحزان فكري
وتركتني في الكائنات أئن ، منفردا بإصري
وأجوب صحراء الحياة ، وأقول : أين تراه قبري؟
ماذا تود من المعذب في الوجود بغير وزر ؟
ماذا تود من الشقي ، بعيشه ، النكد المضر ؟
إن كنت تطلبني فهات الكأس ، أشربها بصبر
أو كنت ترقبني فهات السهم ، أرشقه بنحري
خذني إليك ! فقد تبخر في فضاء الهم عمري
وتهدّلت أغصان أيامي ، بلا ثمر وزهر
وتناثرت أوراق أحلامي على حسك الممر
خذني إليك فقد ظمئت لكأسك ، الكدر الأمر
خذني فقد أصبحت أرقب في فضاك الجون فجري
خذني ، فما أشقى الذي يقضي الحياة بمثل أمري
ياموت ! قد مزقت صدري وقصمت بالارزاء ظهري
ياموت ! قد شاع الفؤاد ، وأقفرت عرصات صدري
وغدوت أمشي مطرقا من طول ماأثقلت فكري
ياموت ! نفسي ملّت الدنيا ، فهل لم يأت دوري ؟

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 02 : 06 PM

إرادة الحياة - أبو القاسم الشابي
 
إرادة الحياة

أبو القاسم الشابي


إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة
...........فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي
..........ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة
..........تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـا
.........ة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ
كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ
.........وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ
*****
ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج
.........وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ:
إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ
.........ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ
ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب
.........ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ
ومــن لا يحــبُّ صعـودَ الجبـال
.........يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ
فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب
.........وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ...
وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ
.........وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ
*****
وقـالت لـي الأرضُ - لمـا سـألت:
.........أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ?
أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح
.........ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ
وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ
.........ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ
هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة
.........ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ
فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ
.........ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ
ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم
.........لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ
.فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا
.........ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ!
*****
وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف
.........مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ
ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم
.........وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ
سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ,
.........لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ?
فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام
.........ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ
وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ
.........مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ:
يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب
.........شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ
فينطفــئُ السِّـحرُ, سـحرُ الغصـونِ
.........وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ
وســحرُ السـماءِ, الشـجيُّ, الـوديعُ
.........وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ
وتهـــوِي الغصــونُ, وأوراقُهــا
.........وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ
وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ
.........ويدفنُهَــا الســيلُ, أنَّــى عــبرْ
ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ
.........تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ
وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ
.........ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ
وذكــرى فصــولٍ, ورؤيـا حيـاةٍ
.........وأشــباحَ دنيــا, تلاشــتْ زُمَـرْ
معانقــةً - وهـي تحـت الضبـابِ
.........وتحــت الثلـوجِ, وتحـت المَـدَرْ -
لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ
.........وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ
وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ
.........وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ
*****
ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ
.........وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ
وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً
.........مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ
تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ
.........وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـرْ?
وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق?
.........ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــرْ?
وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ?
.........وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــرْ?
ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ!
.........ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ!
ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ
.........يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ!
ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ
.........وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ
ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ
.........وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــرْ?
هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ
..........وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ
*****
ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا
..........حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ
فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا
..........وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ
وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه
..........وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ
وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ
..........تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ
وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ
..........وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ
وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي
..........شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ
ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه
..........يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ
إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ
..........إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ!
إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ!
..........إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ!
فميـدي - كمـا شئتِ - فوق الحقولِ
..........بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ
ونــاجي النســيمَ, ونـاجي الغيـومَ
..........ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ
ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها
..........وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ
*****
وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ
..........يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ
ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ
..........يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ
وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ
..........وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ
ورفــرف روحٌ, غــريبُ الجمـال
..........بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ
ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ
..........سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ, قـد سُـحِرْ
وأعْلِــنَ فــي الكـون: أنّ الطمـوحَ
..........لهيـــبُ الحيــاةِ, ورُوحُ الظفَــرْ
إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ
..........فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدر

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 15 : 06 PM

تونس الجميلة - أبو القاسم الشابي
 
تونس الجميلة

أبو القاسم الشابي

لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ،
.........أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ
إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ،
.........قد عَرانا، ولم نجد من أزاحهُ
كلّما قامَ في البلادِ خطيبٌ،
.........مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ
ألبسوا روحَهُ قميصَ اضطهادٍ
.........فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ
وتوخَّوْا طرائقَ العَسف الإِرْهَاقِ
.........تَوًّا، وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ
هكذا المخلصون في كلِّ صوبٍ
.........رَشَقَاتُ الرَّدَى إليهم مُتَاحَهْ
غيرَ أنَّا تناوبتنا الرَّزايا
.........واستباحَتْ حَمانا أيَّ استباحَهْ
*****
أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَة َ فِي لُجِّ
.........الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ
شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي
.........قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ
لستُ أنصاعُ للوَّاحي ولو مـ
.........ـتُّ وقامتْ على شبابي المناحَة ْ
لا أبالي.., وإنْ أُريقتْ دِمائي
.........فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ
وبطولِ المَدى تُريكَ الليالي
.........صَادِقَ الحِبِّ وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ
إنَّ ذا عَصْرُ ظُلْمَة ٍ غَيْرَ أنِّي
.........مِنْ وَرَاءِ الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ
ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ
.........سَتَرُدُّ الحَيَاة ُ يَوماً وِشَاحَهْ

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 21 : 06 PM

أيّها الحُبُّ - أبو القاسم الشابي
 
أيّها الحُبُّ

أبو القاسم الشابي


أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي
.........وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائي
وَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي
.........وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائي
أيها الحب أنت سرُّ وُجودي
.........وحياته ، وعِزَّتي، وإبائي
وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري
.........وأَليفي، وقُرّتي، وَرَجائي
يَا سُلافَ الفُؤَادِ! يا سُمَّ نَفْسي
.........في حَيَاتي يَا شِدَّتي! يَا رَخَائي!
ألهيبٌ يثورٌ في روْضَة ِ النَّفَسِ، فيـ
.........ـ‍‍‍‍طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ؟
أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ
.........نَ كُؤُوساً، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي
فَبِحَقِّ الجَمَال، يَا أَيُّها الحُـ
.........ـبُّ حنانَيْكَ بي! وهوِّن بَلائي
لَيْتَ شِعْري! يَا أَيُّها الحُبُّ، قُلْ لي:
.........مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ؟

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 12 : 07 PM

قُلتُ للشعر - أبو القاسم الشابي
 
قُلتُ للشعر

أبو القاسم الشابي

أنتَ يا شعرُ، فلذة ٌ من فؤادي
..........تتغنَّى ، وقطعة ُ من وجودي
فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حَنينٍ
..........أبديِّ إلى صَميم الوجودِ
فيكَ مَا في خواطري من بكاءٍ
..........فيك ما في عواطفي مِنْ نَشيدِ
فيكَ ما في مَشَاعري مِنْ وُجومٍ
..........لا يغنِّي، ومن سرور عهيدِ
فيكَ ما في عَوَالمي مِنْ ظلامٍ
..........سرمديّ، ومن صباحٍ وليدِ
فيكَ ما في عَوَالمي من نجومٍ
..........ضاحكاتٍ خلف الغمام الشرودِ
فيكَ ما في عَوَالمي من ضَبَابِ
..........وسراب، ويقظة ، وهجودِ
فيكَ ما في طفولتي مِنْ سلامٍ،
..........وابتسامٍ، وغبطة ٍ، وَسُعودِ
فيكَ ما في شبيتي من حنينٍ،
..........وشجون، وبهجة ، وجمودِ
فيك- إن عانق الربيع فؤادي
..........تتثنَّى سَنَابلي وَوُرُودي
ويغنى الصّباحُ أنشودة َ الحب،
..........على مَسْمَعِ الشَّبابِ السَّعيدِ
ثم أجنى في صيْف أحلاميَ
..........الساحر ما لذَّ من ثمار الخلودِ
فيك يبدو خريفُ نفسي مَلُولاً،
..........شاحبَ اللون، عاريَ الأملود
حَلَّلْته الحَياة ُ بالحَزَنِ الدّا
..........هُتافُ السَّؤُوم والمُسْتَعيدِ
فيك يمشي شتاءُ أيَّاميَ البا
..........كي، وتُرغي صَوَاعقي وَرُعُودي
وتجفُّ الزهورُ في قلبيَ الدا
..........جي، وَتَهْوي إلى قرارٍ بعيدِ.
أنت يا شعرُ-قصة ٌ عن حَياتي
..........أنت يا شعرُ صورة ٌ من وجودي
أنت يا شعر-إن فرحتُ-أغاريدي
..........وإن غنَّت الكآبة -عودي
أنت ياشعرُ كأسُ خمرٍ عجيبٍ
..........أتلَّهى به خلال اللحودِ..
أتحسَّاهُ في الصَّباحِ، لأنسى
..........ما تقضَّى في أمسيَ المفقودِ
أنتَ ما نِلْتُ من كهوفِ الليالي
..........وتصفَّحتُ من كتاب الخلودِ
فيك ما في الوجودِ مِنْ حَلَكٍ، دا
..........جٍ، وما فيه من ضياءٍ، بَعيدِ
فيك ما في الوجودِ من نَغَمٍ،
..........حُلْوٍ، وما فيه مِن ضَجيجٍ، شَديدِ
فيك ما في الوجودِ مِنْ جَبَلٍ،
..........وعْرٍ، وما فيه من حَضِيضٍ، وَهِيدِ
فيك ما في الوجودِ من حَسَكٍ،
..........يُدْمِي، وما فيه من غَضيضِ الورودِ
فيك ما في الوجودِ.،حبّ بنو الأرض قصيدي،أم لم يُحبُّوا قصيدي
فسواءٌ على الطيور-إذا غنَّتْ-هُتافُ السَّؤوم و المستعيد
و سواء على النُجوم -إذا لاحت- سكونُ الدجى و قصفُ الرعود
و سواء على النّسيم أفي القفر تغَنّي،أم بين غضِّ الورود
و سواء على الورود،أفي الغيران فاحتْ،أم بين نهدٍ و جيدٍ

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 26 : 07 PM

الصباح الجديد - أبو القاسم الشابي
 
الصباح الجديد

أبو القاسم الشابي

أُسْكُني يا جرَاحْ *** وأسكتي يا شجونْ
ماتَ عهد النُّواحْ *** وَزَمانُ الجُنُونْ
وَأَطَلَّ الصَّبَاحْ *** مِنْ وراءِ القُرُونْ
*****
في فِجاجِ الرّدى *** قد دفنتُ الألَمْ
ونثرتُ الدُّموعْ *** لرياحِ العَدَمْ
واتّخذتُ الحياة *** مِعزفاً للنّغمْ
أتغنَّى عليه *** في رحابِ الزّمانْ
*****
وأذبتُ الأسَى *** في جمال الوجودْ
ودحوتُ الفؤادْ *** واحة ً للنّشيدْ
والضِّيا والظِّلالْ *** والشَّذَى والورودْ
والهوى والشَّبابَّ *** والمنى والحَنانْ
*****
اسكُني يا جراحْ *** وأسكُتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواحْ *** وزَمانُ الجنونْ
وَأَطَلَ الصَّباحْ *** مِنْ وراءِ القُرونْ
*****
في فؤادي الرحيبْ *** مَعْبِدٌ للجَمَالْ
شيَّدتْه الحياة ْ *** بالرّؤى ، والخيال
فتَلَوتُ الصَّلاة *** في خشوع الظّلالْ...
وَحَرقْتُ البخور... *** وأضأتُ الشُّموع
*****
إن سِحْرَ الحياة *** ْ خالدٌ لا يزولْ
فَعَلامَ الشَّكَاة ْ *** مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ
ثمَ يأتي الصبَّاح *** وتمُرُّ الفصولْ..؟
سوف يأتي رَبِيعْ *** إن تقضَّى رَبِيعْ
أسكُنِي يا جراحْ *** وأسكتي يا شجونْ
ماتَ عهدُ النّواح *** وَزَمانُ الجنونْ
وأطلَّ الصَّباحْ *** مِن وراءِ القُروُنْ
*****
من وراءِ الظَّلامْ *** وهديرِ المياهْ
قد دعاني الصَّباحْ *** وَرَبيعُ الحَيَاهْ
يا لهُ مِنْ دُعاءُ *** هزّ قلبي صَداهْ
لَمْ يَعُد لي بَقاء *** فوق هذي البقاعْ
*****
الودَاعَ! الودَاعَ! *** يا جبالَ الهمومْ
يا ضَبابَ الأسى ! *** يا فِجَاجَ الجحيمْ !
قد جرى زوْرَقِي *** في الخضمِّ العظيمْ...
ونشرتُ القلاعْ... *** فالوَداعَ! الوَداعْ !

أسماء بوستة 20 / 11 / 2011 47 : 07 PM

الأشواق التائهة - أبو القاسم الشابي
 
الأشواق التائهة

أبو القاسم الشابي


يا صَميمَ الحياة ِ! إنّي وَحِيدٌ *** مُدْلجٌ، تائهٌ. فأين شروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! إنّي فؤادٌ *** ضَائعٌ، ظامىء ٌ،فأَيْنَ رَحِيقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! قد وَجَمَ النَّايُ *** وغام الفضا. فأين بروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! أين أغانيك *** فتحت النجومُ يُصغِي مَشوقُكْ

*****

كُنْتُ في فجركَ، الموشَّحِ بالأحلامِ، عِطْراً، يَرِفُّ فَوْقَ وُرودِكْ
حالماً، ينهل الضياءَ، ويُصغي *** لكَ، في نشوة ٍ بوحي نَشِيدِكْ
ثمَّ جاءَ الدّجى ..، فَأمسيتُ أوراقاً، بداداً، من ذابلاتِ الورودِ
وضبابا من الشّذى، يتلاشى***بين هولِ الدُّجى وصمتِ الوُجودِ
كنتُ في فجرك المغلَّف بالسِّحرِ، *** فضاءَ من النّشيد الهادي
وسحاباً من الرَّؤى ، يتهادى *** في ضميرِ الآزال والآبادِ
وضياءً، يعانق العالَمَ الرحب، و يسري في كل خافٍ و بادٍ
وانقضى الفجرُ..، فانحدرتُ منَ الأفْق تراباً إلى صَمِيمِ الوادي

*****

يا صميمَ الحياة ! كم أنا في الدُّنيا غَريبٌ أشقى بغُرْبَة ِ نفسي
بين قومٍ، لا يفهمونَ أناشيدَ فؤادي، ولا معاني بؤسي
في وجودٍ مكبَّل بقيودٍ، تائهٍ في ظلام شكّ و نحس
فاحتضِنِّي، وضُمَّني لك- كالماضي- فهذا الوجودُ علَّة ُ يأسي

*****

لم أجد في الوجود إلا شقاءً، *** سرمديّاً، ولَذَّة ُ، مضمحلّهْ
وأمانيَّ، يُغرق الدمعُ أحلاها،ويُفنى يمُّ الزّمان صداها
وأناشيدَ، يأكُلُ اللَّهَبُ الدّامي مَسَرَّاتِها، ويُبْقِي أَساها
وَوُروداً، تموت في قبضة ِ الأشْواكِ ما هذه الحياة ُ المملَّة ْ؟
سأَمٌ هذهِ الحياة ِ مُعَادٌ *** وصباحٌ، يكرُّ في إثرِ ليلِ
ليتني لم افِدْ إلى هذه الدنيا *** و لم تسبح الكواكب حوالي!
ليتني لم يعانق الفجر احلامي، *** و لم يلثم الضياءُ جفوني!
ليتني لم أزل- كما كنت- ضوءاً، شائعاً في الوجود، غيرَ سجين!

أسماء بوستة 08 / 12 / 2011 22 : 08 PM

أيُّها الليلُ - أبو القاسم الشابي
 
أيُّها الليلُ

أبو القاسم الشابي

أيُّها الليلُ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ *** لِ، ياهيكلَ الحَياة ِ الرَّهيبِ!
فِيكَ تَجْثُو عرائسُ الأَمَلِ العذْ *** بِ، تُصلَّي بصَوتِه المحبوبَ
فَيُثيرُ النَّشِيدُ ذكرى حياة ٍ *** حَجَبَتها غيومُ دَهر كَئيبِ
وَتَرُفُّ الشُّجونُ مِنْ حول قلبي *** بسُكُونٍ، وَهَيْبَة ٍ، وَقُطُوبِ
أنتَ ياليلُ! ذرَّة ٌ، صعدت للكونِ*** من موطئ الجحيمِ الغَضوبِ
أيُّها الليلُ! أنت نَغْمٌ شَجِيُّ *** في شفاهِ الدُّهورِ، بين النَّحيبِ
إنَّ أُنشودة السُّكُونِ، التي ترتجّ *** في صدرك الرّكود، الرحيب
تُسْمِعُ النَّفْسَ،في هدوء الأماني ***رنة َ الحقَّ،والجمال الخلوبِ
فَتَصوغُ القلوبُ، منها أَغَارِيداً، *** تَهُزُّ الحياة َ هَزَّ الخُطُوبِ
تتلوّى الحياة ُ، مِنْ أَلَم البؤْ *** س فتبكي، بلوعة ونحيبِ
وَعَلى مَسْمَعيكَ، تَنْهلُّ نوحاً *** وعويلاً مُراً، شجون القلوبِ
فأرى بُرقعاً شفيفاً، من الأو *** جاع، يُلقي عليك شجوَ الكئيبِ
وأرى في السُّكون أجنحة الجبَّــــارِ، مخضَّلة ً بدمعِ القُلوبِ
فلَكَ اللَّهُ! مِنْ فؤادٍ رَحيمٍ *** ولكَ الله ! من فؤادٍ كئيب
يهجع الكونُ، في طمأنينة العصفور *** طفلاً، بصدركَ الغريب
وبأحضانك الرحيمة ِ يستيقظُ، في *** نضرة الضَّحُوكِ، الطَّرُوبِ
شَادياً، كالطُّيوبِ بالأَملِ العَذْ *** بِ، جميلاً، كَبَهْجَة ِ الشُّؤْبُوبِ
ياظلام الحياة !يا روعة الحز *** نِ! وَيَا مِعْزَفَ التَّعِيس الغَرِيبِ
إنَّ في قلبكَ الكئيب، لمرتادا *** لأحلام كل قلب كئيب
وبقيثارة السّكنة ، في كفَّيـك ، تنهلّ رنّةُ المكروب
فَيكَ تنمُو زَنَابِقُ الحُلُمِ العذْ *** بِ، وتذوِي لدَى لهيبِ الخُطوبِ
خلف أعماقك الكئيبة تنسَا *** بُ ظِلالُ الدُّهورِ، ذَاتَ قُطوبِ
وَبِفَوْديكَ، فِي ضَفَائِرِكَ الس*** ـودِ، تدَّب الأيامُ أيَّ دَبيبِ

******

صَاحِ! إنَّ الحياة َ أنشودة ُ الحُزْ***نِ، فرتِّلْ عَلَى الحياة ِ نَحِيبي
إنَّ كأسَ الحياة ِمُتْرَعَة ٌبالذَّمْـ***عِ، فاسْكُبْ على الصَّبَاحِ حَبيبي
إنّ وادِي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ *** لِ، فما أبعد ابتسام القلوبِ!
لا يُغرّنَّك ابتسامُ بني الأر***ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهِيبِ
أنتَ تدري أنَّ الحياة َ قطو***بٌ وَخُطُوبٌ، فَما حَيَاة ُ القُطُوبِ؟
إنّ في غيبة ِالدهور، تِباعاً ***لخَطيبٌ يمرُّ إثر خطوبِ

******

سَدَّدَتْ في سكينة ِ الكونِ، للأعما*** قِ، نفْسي لحظا بعيدَ الرُّسوبِ
نَظْرة ٌ مَزَّقَتْ شِغَافَ اللَّيا***لي فرأتْ مهجة َ الظْلام الهيوبِ
ورأتْ في صميمِها، لوعة َ الحزْ***نِ،وأَصْغَتْ إلى صُراخِ القُلُوبِ
لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ، إنّي*** قد خبرتُ الحياة َ خُبرَ لبيبِ
فتبرمتُ بالسّكينة والضجّـ ***ـة ، بل فد كرهتُ فيها نصيبي...
كنْ كما شاءَت السماءُ كئيباً *** أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأَريبِ؟
أنفوسٌ تموتُ، شاخِصَة ً بالهو*** لِ، في ظلمة ِ القُنوطِ العَصيبِ؟
أم قلوب محطات على ساحلِ لُجِّ الأَسَى، بموْجِ الخُطوبِ؟
إنما النّاسُ في الحياة طيورٌ*** قد رَمَاهَا القَضَا بِوادٍ رَهِيبِ
يَعْصُفُ الهولُ في جَوَانبه السو*** دِ فيقْضي على صَدَى العندليبِ

******

قَدْ سَألتُ الحياة َ عَنْ نغمة ِ الفَجْــرِ، وَعَنْ وَجْمة المساءِ القَطُوبِ
فسمعتُ الحياة َ، في هيكلِ الأحزا *** نِ، تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ:
مَا سُكوتُ السَّماءِ إلا وُجُومٌ *** مَا نشيدُ الصَّبَاحِ غيرُ نحيبِ
لَيْسَ في الدَّهْرِ طَائرٌ يتغنّى *** في ضِفَافِ الحياة ِ غَيْرَ كَئيبِ
خضَّبَ الإكتئابُ أجنحة َ الأيّا *** مِ، بِالدَّمْعِ، والدَّم المَسْكُوب
وَعَجيبٌ أنْ يفرحَ النّاسُ في كَهْـ *** ـفِ اللَّيالي، بِحُزْنِهَا المَشْبُوبِ!»
كنتُ أَرْنو إلى الحياة ِ بِلَحْظٍ *** باسمٍ، والرّجاءُ دونَ لغوبِ
ذَاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَة َ الـ *** ـفَجْر، ولكنَّه شُعاع الغُروبِ
ذَاكَ عَهْدٌ، كَأَنَّه رَنَّة ُ الأفرا *** ح، تَنْسَابُ منْ فَمِ العَنْدَليبِ
خُفِّفَتْ ـ رَيْثَما أَصَخْتُ لَهَا بالقَلْـ *** ـبِ، حيناً ـ وَبُدِّلَتْ بَنَحيبِ
إن خمر الحياة وردية ُ اللونِ *** ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ

******

جرفتْ من قرارة ِ القلبِ أحْلا *** مي، إلى اللَّحْدَ، جَائِراتُ الخُطُوبِ
فَتَلاشَتْ عَلَى تُخُومِ الليالي *** وتهاوَت إلى الجحيم الغضوبِ
وثوى في دُجنّة النّفس، ومضٌ *** لم يزل بين جيئة ٍ، وذُهوبِ
ذكرياتٌ تميسُ في ظلمة ُ النَّفــسِ، ضئالاً كرائعاتِ المشيبِ
يَا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعة َ المُرَّ *** ة َ منْ جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ!
وَمَضَتْ في صَمِيمِهِ شُعْلَة ُ الحُزْ *** ن، فَعَشَّتْهُ مِنْ شُعَاعِ اللَّهيبِ..


أسماء بوستة 14 / 12 / 2011 57 : 01 AM

بقايا الخريف - أبو القاسم الشابي
 
بقايا الخريف

أبو القاسم الشابي



كَرِهْتُ القُصورَ وقُطَّانَها
..........وما حولَها من صِراعٍ عنيف
وكَيْدَ الضَّعيفِ لِسَعْي القويِّ
..........وعَصْفَ القويَّ بجَهْدِ الضَّعيفْ
وجَاشَتْ بنفْسي دُمُوعُ الحَيَاةِ
..........وعَجَّتْ بقلبي رِياحُ الصُّروف
لقَلْبِ الفقيرِ الحطيم الكسيرِ
..........ودَمْعِ الأَيامَى السَّفيحِ الذَّريفْ
ونَوْحِ اليتامَى على أُمَّهاتٍ
..........تَوَارَيْنَ خلفَ ظَلامِ الحُتوفُ
فسرْتُ إلى حيثُ تأوي أَغاني الرَّبيعِ
..........وتذوي أَماني الخَريفْ
وحيثُ الفَضَا شاعرٌ حالمٌ
...........يُناجي السُّهولَ بوَحْيٍ طَريفْ
وقد دَثَّرَتْهُ غيومُ المساءِ بظلٍّ
...........حزينٍ ضَريحٍ شفيفْ
وبينَ الغُصونِ التي جَرَّدَتْها
..........ليالي الخَريفِ القويِّ العَسُوفْ
وقَفْتُ وحوْلي غديرٌ مواتٌ
..........تمادتْ به غَفَواتُ الكُهوفْ
قَضَتْ في حفافِيهِ تِلْكَ الزُّهُورُ
..........فَكَفَّنها بالصَّقيعِ الخَريفْ
سوى زهرةٍ شَقِيَتْ بالحَيَاةِ
..........وملْبَثها بالمُقامِ المُخيفْ
يُرَوِّعُها فيه قَصْفُ الرُّعودِ
..........ويُحْزِنُها فيه نَدْبُ الزَّفيفْ
ويَنْتابُها في الصَّباحِ السَّديمُ وفي
...........اللَّيلِ حُلمٌ مُريعٌ مُخيفْ
وتُرْهِبُها غادياتُ الغمامِ
...........وتُؤلِمُها كلُّ ريحٍ عَصُوفْ
فَتَرْنو لمَا حولَها مِنْ زُهورٍ
...........وما ثَمَّ إلاَّ السَّحيقُ الجَفِيفْ
فتبكي بكاءَ الغريب الوحيدِ
........... بشجْوٍ كَظيمٍ ونَوْحٍ ضَعيفْ
تُباكي بهِ لُبَّها المستطارَ
............وَتَرْثي بهِ مَا طَوَتْهُ الحُتُوفْ
وتشكو أَساها بَيَاضَ النَّهارِ
............وتندُبُ حَظَّ الحَيَاةِ السَّخيفْ
ولكنْ لقد فَقَدَتْ في الوُجُودِ
............رفيقاً مُصيخاً وقلباً رَؤُوفْ
فما ثَمَّ إلاَّ الصُّخُورُ القَواسي
............وإلاَّ الصَّدى المُسْتَطارُ الهَتُوفْ
فَجَادتْ بروحٍ شجيٍّ لقد
............عذَّبتهُ اللَّيالي صُنُوفْ
ومَاتتْ وقد غادَرَتْها بقاعٍ منَ
............الأَرضِ ضنْكٍ حَيَاةُ الصُّروفْ
فبانَتْ حَيالَ الغديرِ الأَصمِّ
............وقدْ أَخرسَ الموتُ ذاك الحَفيفْ
وقد خَضَّبَتْها غيومُ المساءِ
............كغانيةٍ ضرَّجَتْها السُّيوفْ
فسلْها تُرى كيفَ غاضَ الأَريجُ
............وكيفَ ذَوَى سِحْرُ ذاك الرَّفيفْ
وكيف خَبَتْ بَسَمَاتُ الحَيَاةِ
............بأَجْفانِها وعَرَاها الكُسُوفْ
وكيفَ لَوَتْ جيدَهَا الحَادِثاتُ
............وأَلْوَتْ بذاك القوامِ اللَّطيفْ
ذَكَرْتُ بمضجَعِها المطمئنِّ
............ومرقَدِها في السَّفيرِ الجَفيفْ
مصارعَ آماليَ الغابراتِ
............وخيْبَتَها في الصِّراعِ العَنيفْ
فقلَّبتُ طَرْفي بمهْوى الزُّهُورِ
............وصعَّدته في الفضاءِ الأَسيفْ
وقلتُ هوَ الكونُ مَهْدُ الجمالِ
............ولكِنْ لكلِّ جمالٍ خَريفْ
وأَطرقتُ أُصغي لهَمْسِ الأَسى
............وقد غَشِيَ النفسَ هَمٌّ كَثيفْ
وَغَاضَتْ ثُمالَةُ نورِ النَّهارِ
...........وأَرْخى ظلامُ الوُجُودِ السُّجوفْ

أسماء بوستة 17 / 12 / 2011 48 : 01 AM

رد: إرادة الحياة - أبو القاسم الشابي
 
هذه القصيدة يا فاطمة هي الأحب إلى قلبي، ذلك أن مطلعها هو جزء من نشيدنا الوطني و هو سر ثورتنا و صمودنا..
وهو المقطع الذي تردد بجميع ساحات الثورات بربيعنا العربي..

إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة
...........فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي
..........ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ


أشكرك عزيزتي على مرورك.


الساعة الآن 20 : 11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية