![]() |
التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
أبدأ مقدمتي بتحية الإسلام لما لها من معنى ومغزى في مثل هذا البحث الذي أقدم له. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأمة العربية أو رجل العالم المريض ( كما يلقبونه اليوم في الغرب) وطائفته الأوسع والتي تعتبر هي الأمة وقاعدتها وأساسها - فلا أمة دون هذه الطائفة - وأعني بالتأكيد: " الطائفة السنية". 1- الغالبية العظمى من الشعوب العربية والإسلامية تنتمي لهذه الطائفة ، وهي عنوانها والتي كانت تشكل الوجه الحضاري لها عبر التاريخ وحتى الهجمة الشرسة عليها، ومعظم الطوائف الأخرى في العالم العربي متأثرة بمفردات وثقافة هذه الطائفة.. وكان كثير من المسيحيين العرب من كبار الكتّاب والمفكرين كتبوا في هذا الشأن: (( مسيحي العقيدة مسلم الثقافة إلخ..)). 2- كثير من الطوائف والمذاهب الأخرى لها مرجعيات خارج حدود العالم العربي، أما الطائفة السنية فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأمة العربية حتى من قِبل المسلمين غير العرب، بالقرآن والسنّة ولغتهما والقِبلة الوحيدة والنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الكرام وصحابته. الغرب الإستعماري: - في الغرب كان يتم التعريف عن الإسلام بأنه فكر وثني أسسه رجل بدوي كان مصاباً بالصرع ، من خلال إدخاله بعض المفاهيم اليهودية والمسيحية لصياغتها في دين جديد ، مستفيداً من نوبات الصرع التي يصاب بها وادعاء أنها الوحي الذي يرسله له ربه ، ويقولون أن هذا الدين يحضّ على العنف وسفك الدماء ويمتهن المرأة إلخ... - خلال حقب الاستعمار لبلادنا خرج البعض من الباحثين في الغرب إلى فكرة التفكيك والاختراق الداخلي للعقيدة الإسلامية وأهميته لهدم وتفكيك هذه الأمة. مع مؤامرة سايكس - بيكو، وتقسيم العالمين العربي والإسلامي وزرع الكيان الإسرائيلي اللقيط في قلب هذه الأمة وأحد أقدس بقاعها وبدء مشروعه في الضرب على وتر النعرات الطائفية والعرقية ، بدأ الإعلام الغربي باستغلال كل أدواته في عملية التشويه هذه، وهاهي هوليود على مدى تاريخها تصور العرب والمسلمين على أنهم قتلة ولصوص وأفاقين وقطاع طرق - بعملية منظمة تماماً يرصد لها أموالا طائلة - ريثما يتم طبخ المشروع على نار هادئة والذي تلاقى لاحقاً مع مشاريع أخرى انضمت له نتعرض لها لاحقاً. ويبقى السؤال مع هذه المؤامرات على الأمة متمثلة بهذه الطائفة تحديداً والمشاريع المنظمة التي تحاك، هل انتكست الأمة إلى الوثنية الجديدة بأشكال مختلفة؟؟! وقعت الطائفة السنية التي تنتمي معظمها إلى الفكر الأشعري والذي يلخص فكره: ( استخدام العقل في توضيح النقل ) ومن خلفها الأمّة بين الحركات المتطرفة التي تسيئ لسمعتها وتشوه عقيدتها التي لا تشبهها وتبلبل وحدة الصف وتسرق منها أبناء لها ليكونوا معاول هدم وأدوات تخريب وهم يظنون العكس في حين اضطرت الطائفة للوقوف بمربع الدفاع عن نفسها وعن وصمها بالتطرف وجاء رد فعل آخر معد له أيضاً ومدروس ، ليصبح صك البراءة والاعتدال للمسلم السني خروج آخر - فالمعتدل اليوم - هو غير الملتزم دينياً والعاصي عقائدياً - وصك براءته ، الانحلال إذا جاز التعبير من كل القيم الدينية فيقال : (( هذا مسلم معتدل لا يصوم ولا يصلي ويسهر ويشرب الخمر وزوجته كاسية عارية إلخ.. )) ما أشد وأقبح تدين الخوارج الجدد وليس أقل منه قبحاً اعتدال الانفلات والتملص من الدين للدفاع عن النفس!! ماذا نحتاج الآن منكم للمساهمة في إعداد هذا البحث، والذي نحن جميعاً بأمس الحاجة له؟ ما هي الحركات الإسلامية المعتدلة؟ هل بعض هذه الحركات الإسلامية المعتدلة هي واجهة يقف خلفها تنظيمات سرية متطرفة؟؟ ماذا تعرف عن تاريخ التطرف الديني وكيف انتقل أو تم نقله إلى الإسلام؟؟ ما هي الحركات الدينية.. تاريخها وكيف تشكلت ومن يقف خلفها؟ هل هذه الحركات مخترقة وكيف وممن؟؟ ما هي الحركات المتطرفة وما هي المعتدلة بينها؟؟ هل تظن أن بعض الأنظمة اليوم تنسق أو بمعنى أدق تشتري بعض هذه الحركات لتنقذها من ورطاتها وكيف؟؟ هل هذه الحركات تشبه تشبه الحركات الصهيونية المتطرفة في فكرها ونشأتها؟ هل هذه الحركات تعمل ضد مصلحة الأمّة وشعوب هذه الأمة دون أن يدري معظم أتباعها؟؟ هل هي نسخة جديدة تشبه المافيا الإيطالية في أوج ازدهارها؟ كيف يتم غسل عقول الشباب لاستغلالهم؟ هل ما يشاع عن هذه التنظيمات فيه الكثير من المبالغة والحقيقة مختلفة؟؟ وأخيراً كيف نحمي هذه الطائفة من هذا الاستهداف والتشويه الذي تتعرض له؟ نرجو منكم التعاون في دعم ورفد هذا البحث ، حتى نخرج بملف كامل شامل يفيد أبناء هذه الأمة ويصبح مرجعاً مفيداً وإيجابياً لها وعنها ، ولأني مهتمة بهذا البحث وبجهودكم في رفده ، فأنا أقبل المشاركات من غير الأعضاء في نور الأدب ترسل إلى بريدنا الالكتروني: nooreladab.media@gmail.com أو poets.nooreladb@gmail.com يسمح بإرسال المساهمات بأسماءكم الحقيقية أو ألقاب تختارونها سنقوم بمراجعة ونشر ما يردنا من السادة الزوار الذين يودون المشاركة في هذا البحث ويبقى أملنا في المتخصصين من الباحثين كبيراً لإنجاز هذا البحث الهام. تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي هدى الخطيب |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..فعلا هو من أهم المواضيع التي تضع الدين والسياسة والفكر والعولمة على الطاولة في صحن واحد يصعب تناول أجزائه إلا مجتمعة (حسب رأيي المتواضع)..شكرا لك غاليتنا الأستاذة الأديبة هدى..سنشارك حتما في إثراء هذا البحث الهام جدا جدا والخطير في نفس الوقت..مودتي..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]إلصاق تهمة التطرف بكل من هو مسلم بدأ مع خيوط المؤامرة الأولى على الإسلام منذ الهجرة ..
وإذا كانت قريش تتآمر في نطاق ضيق من أجل مصالحها بذريعة الذود عن آلهتها فإن المؤامرة التي بدأت بعد الهجرة بتكالب اليهود والمنافقين ، أخذت لها أبعادا أخرى وتداعيات خطيرة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ومسلسل اغتيال الخلفاء الراشدين . وكان لدخول أمم أخرى في الاسلام أثره في ظهور حركات شعوبية تعمل في الخفاء من أجل تقويض أركان الدين الجديد وبث سموم التفرقة بين العرب من جهة وبين ما كان يسمى بالموالي .. المؤامرة لم تتوقف ولم تخب جذوتها مع مرور الزمن وظهرت طوائف ومذاهب جديدة ساهمت في توسعة شق التفرقة بين المسلمين ، وبدل أن يكون الاختلاف رحمة ونعمة ، أضحى نقمة ووبالا على بلاد الاسلام وخاصة على من كان يحلم بمجتمع اسلامي يستمد نقاءه ومبادئه من الرعيل الأول دون أن ينبذ فكرة التجديد ومسايرة العصر .. العصر الحديث عرف أكبر هذه المؤامرات المتجلية في القضاء على الخلافة العثمانية التي وإن كان الكثيرون يعيبون عليها طمس الهوية العربية فإن آخر خلفائها السلطان عبد الحميد – ومن باب إعطاء كل ذي حق حقه – لم يفرط في فلسطين ورفض فكرة هجرة اليهود إليها رغم الوعد والوعيد .. ثم ما تلا ذلك من اتفاقيات سرية لتفكيك الوطن العربي واغتصاب فلسطين . المسلم المعتدل والمسلم المتطرف صارت نغمة متداولة من أجل المضي قدما في بث روح التفرقة بين العرب والمسلمين وصرنا نجد أبناء الجلدة الواحدة يرددون كالببغاء هذا المصطلح وكأن المسلم الذي يتشبث بمبادئ الدين الداعية إلى التقوى ونبذ المحرمات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، صورة من صور هذا التطرف الذي يمقته الغرب لأنه يعارض مصالحه المتمثلة في التسلط المادي والخلقي (الربا – المتاجرة في الزنا والخمر – تشجيع القمار) وهي آفات نعلم بتسببها في انهيار مجتمعات بكاملها .. وربما لم يسمع الكثيرون بأصوات تتهم هذه الآفات بالتسبب في الأزمة الاقتصادية الحالية .. لكن الإعلام الغربي وسيطرته لا يدعان مجالا لسماع تلك الأصوات الشريفة . المسلم المعتدل بالنسبة لهم ، كما ذكرت أستاذة هدى ، هو من يوافق الغرب في هواه ويتسلم شهادة الرضا منه ، وذلك بالإذعان لتعاليمه والاكتفاء بأداء بعض طقوس العبادة وفي حدود .. وآخر فصول المؤامرة حاليا تتجلى في بث نار الفتنة بين السنة والشيعة ونحن نعلم أن الاختلاف ليس جوهريا بين الفئتين وإنما هو في بعض المسائل النظرية كما قال أحد الفقهاء على إحدى الفضائيات .. طبعا هناك غلاة من الجانبين .. وهذه المغالاة هي التي تتسبب في إذكاء نار العداوة والبغضاء بين المذهبين .. وأهم ما يعيب أمتنا هو الانفعال عند تلقي الأخبار رغم أننا نعلم بمن وراءها .. فحين نسمع بخبر مفاده أن شيعيا يسب آل البيت تقوم الدنيا ولا تقعد وتصوب التهم نحو كل الشيعة بينما والحق يقال هناك منهم من يتمتع بأفكار نيرة .. والغريب أن تيارا أخذ طريقا له وسط هذا المعمعة من الاتهامات ليفسح المجال أمام العدو الصهيوني ليبدو كحمامة سلام وتنتفي عنه صبغة العداوة للأمة العربية وتحل محله إيران . في الطرف الآخر .. نجد من السنة من يسيء إلى الأمة بتكفير كل من يدلي برأي مخالف ، بل وتشحن النفوس بالبغضاء لمجرد أن أحدا انتقد الاسلام وتعاليمه بسبب عدم إلمامه بعمق هذه التعاليم فيتم تهديده أو تهديد مصالح بلده مما يعطي صورة غير لائقة بالدين الحنيف الداعي إلى الحوار والنقاش لتوضيح الأمور . ومن البديهي أن المسلم مدعو للدفاع عن نفسه وهويته بكل الوسائل دون عنف الله إذا كان مجبرا لرد العدوان .. فذلك من أوجب الواجبات . شكرا لك أديبتنا الكبيرة أستاذة هدى على إفساح المجال لنا لندلي بدلونا في هذا الموضوع الشائك . وتحية مودة وتقدير لشخصك الكريم .[/align] |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأخ الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح شرفية الجزائري تحياتي [/align]ونحن بانتظار مشاركتك في هذا البحث بكثير من الاهتمام الأخ الغالي الأديب الأستاذ رشيد الميموني تحياتي مداخلة قيمة وقراءة واعية أشكرك عليها وبانتظار المزيد منك ما زلنا ننتظر تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
حتى أشجع البحث دعونا نبدأ بنبذة في موضوع التطرف الديني من هنا: يعود تاريخ الإرهاب الديني إلى الديانات الوثنية التي كان معتنقيها يقدمون نذوراً بشرية لآلهتهم، وعلى مر التاريخ كانت اليهودية أكثر الديانات السماوية التي وُصمت بالإرهاب والقيام بطقوس سرية تعتمد على سفك الدماء كما كان يشاع عنهم بالإضافة للنظرة الاستعلائية التي ترفض الآخر ( شعب الله المختار ) واعتبار كل البشر من غير اليهود كما ورد في التلمود مجرد بشر خلقهم الله لخدمتهم إلخ.. كذلك الأمر مارست الكنيسة المسيحية في العصور الوسطى الإرهاب واشتهرت بمحاكم التفتيش، ولعل أقبح فصول العنصرية الدينية في رفض الآخر والإرهاب الموجه هو الذي مورس على المسلمين واليهود بعد سقوط الأندلس. القناؤن واسمحوا لي أن أعرفكم بفرقة يهودية قديمة / حديثة لم تزل تمارس عنفها تعرف باسم: " القناؤن " وما يهمنا هنا كون كل ما اتصفت به هذه الفرقة تحديداً هو ما نقل ويلصق بالمسلمين اليوم من أهل الطائفة السنّية! هذه الفرقة اليهودية شعبة من الفريزيين امتازت بالتطرف الشديد والعنف ، وتم وصفهم بأنهم سياسياً ودينياً (( غلاة اليهود)) ومعنى هذا الاسم عند اليهود: (( الغيور)) أو (( صاحب الحمية )) – النهي عن المنكر بقوة وجرأة وعنف وكانوا قديماً يحملون خناجر يستعملونها لطعن ضحاياهم ، ويعتمدون على ما ورد حين ذهب " إلياهو " إلى جبل حوريب حيث كان الله قد كلم موسى ( عليه السلام ) يقولون: قال الرب ما لك هنا يا إلياهو؟ فقال: قد غِرتُ غيرة للرب إله الجنود لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك، ونقضوا مذابحك ، وقتلوا أنبياءك بالسيف ... ) ويقول أصحاب المدارش إن من أشهر القنائين القدماء الذين أخذتهم الغيرة لله " فنحاس بن إلعازر بن هارون الكاهن " الي أثر عنه في سفر العدد(25/6-13) الخبر التالي: وإذا رجل من بني إسرائيل قد جاء وقدم إلى إخوانه ( زوجته ) المديانية أمام عيني موسى ، وأعين كل جماعة بني إسرائيل ، وهم باكون لدى باب خيمة الاجتماع، فأخذ رمحاً بيده ودخل وراء الرجل الإسرائيلي إلى القبة ، وطعت الرجل الإسرائيلي كما طعن المرأة في بطنها ، فامتنع الوباء عن بني إسرائيل ، فقال الرب لموسى بعمله ردّ سخطي عن بني إسرائيل ، لكونه غار غيرتي في وسطهم ، حتى لا أفني إسرائيل بغيرتي، لذلك قل له إنني أعطيه ميثاقي ، ميثاق السلام ، فيكون له ولنسله من بعده ميثاق كهنوت أبدي ، لأجل أنه غار لله ، وكفَّر عن بني إسرائيل )). كما نرى ونلاحظ – غيرة دموية جداً – ورفض عنصري للآخر يصل إلى حد اعتبار المرأة الغريبة وباء! هذه الفرقة أسست دستوراً للعنف والتطرف والمغالاة والحكايات القديمة عنهم كثيرة في باب القضاء ( السنهدرين 81 ) إلى حد أصبح العنف والدموية والتكفير الذي تمارسه هذه الجماعة مضرب مثل وتثير الخشية والخوف بين اليهود وعند غيرهم على مدى التاريخ وإلى سنوات خلت حين تم عالمياً استبدال عنف القناؤون اليهود بعنف الحركات المتطرفة الإسلامية. |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
منذ ثلاثين سنة أو أكثر قليلاً بدأت الهجمة الشرسة لربط الإسلام بالإرهاب وهذا الربط طال الطائفة السنّية العريقة التي كانت تمثل عبر التاريخ الوجه الإسلامي الأرقى حضارياً ومدنياً وعلمياً وتنتهج الوسطية وصمام الأمان والحماية لكل المذاهب والطوائف في العالمين العربي والإسلامي.. [/align]كيف لا وعقيدة الإسلام تقتضي أن يسود السلام بين المسلمين بكافة مذاهبهم وطوائفهم، و بينهم و بين غيرهم من المعتنقين للديانات السماوية الأخرى؟ إذا ما الذي حصل؟! أعود تالياً بنبذة عن الخوارج عبر التاريخ وكيف تم التعريف بهم |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
ما زلت أنتظر التعاون لإنجاز هذا البحث |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
لا شكّ بأنّ التطرّف الديني في الشرق الأوسط مرتبط بعوامل سياسية موجّهة، وقد ساعد في ظهور الحركات المتطرّفة التكفيرية عوامل كثيرة منها الفقر والتجهيل والأمية، وهناك فارق كبير ما بين المنظّمات الإسلامية المعتدلة وتلك المتطرّفة. الإسلام بالطبع هو دين التسامح وهناك علاقة ما بين هذه التسمية وكلمة "سلام" كما هو متعارف عليه. وكي نتمكن من إضفاء سمة التسامح على الإسلام ومكافحة التنظيمات المتطرفة المسيئة للإسلام، هناك ضرورة عاجلة لتعديل العوامل المذكورة والانتقال بالأمّة الإسلامية إلى الرقيّ الحضاري والتخلّي عن الاعتماد عن الغرب الذي حوّل عوالمنا إلى دول وشعوب مستهلكة بصورة شبه كاملة. كما توجد هناك ضرورة للتعامل مع الحدث والفعل وليس الاعتماد على ردود الفعل، حيث يمكن دومًا التنبّؤ بردود الفعل ورسم سياسات مغرضة تجاه عالمنا الإسلامي والعربي لقدرتهم على توقّع النتائج المتمخّضة عن الفعل وردوده.
نعم، هناك أزمة في الوقت الراهن بشأن هذه التنظيمات التي تعمل على حزّ الأعناق وتريد أن تفرض أجندة مخالفة للتسامح الإسلامي وإظهار المسلمين باعتبارهم شعوبًا ظمئة للدمّ والتقتيل. وعمل الغرب بسهولة على دعم هذه التوجهات بسبب الفراغ السياسي الكبير الذي يعاني منه العالم العربي، والسيطرة المطلقة للدكتاتوريات الجاثمة على صدور العباد، وحجب المفكرين وتكبيل أيديهم وإبعادهم عن المنصات ومراكز اتخاذ القرار. لن يقوم الغرب وليس من الرجاحة مطالبته برفع الظلم عن عوالمنا، فهو كغيره من من الامبراطوريات السابقة يسعى لملء الفراغ وفرض أجندته السياسية والاقتصادية، ويبقى الأمر مرهون بين أيدينا، فنحن وحدنا القادرون على رفع كلمة الإسلام الحقيقي، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي والحضاري في الغرب، والعناية بمجتمعاتنا، وتوزيع خيرات هذه الأمّة بطريقة عادلة كي يفكّر الإنسان العربي بالمستقبل وتحديث العصر والواقع والاستغناء عن الأفكار المتطرفة المدفوعة لصالح جهات مشبوهة. لا شكّ بأنّ الإسلام يمتلك الكثير من البدائل الممكنة لإظهار الوجه الحقيقي السمح والمشرق لهذه العقيدة السمحة العظيمة، ولا بدّ من التوقّف عن غمر الرؤوس في التراب لتجنّب العواصف الآنية فهي كثيرة وليس من المتوقع أن تتوقف في الوقت الراهن أو المستقبل المنظور. ملف شيّق وفي غاية الأهمية، وقد لجأت لتسليط الضوء على مشاكل وتعقيدات العصر، بعد أن رأيت توجهًا لنشر دراسات وآراء تاريخية، والشكر موصول للسيدة هدى على هذه المبادرة ولكافة الزملاء الذين ساهموا في إثراء هذا الملف. |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأخ الغالي الأديب الأستاذ خيري تحياتي [/align]مداخلة شديدة التميز ، ومن جهتي أوافقك فيما تفضلت بالإشارة إليه مئة بالمئة أتمنى أن تبقى بالجوار وأقرأ لك المزيد من المداخلات في هذا الملف تقبل أعمق آيات تقديري |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[marq]ومن يقتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً[/marq] قبل أن أبدأ بالكتابة عن الخوارج أود توضيح بعض النقاط: الإسلام في مسيرة انتشاره هو أكثر الأديان قاطبة بممارسة الحوار على أساس الإقناع و الاقتناع "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" ولم يسعَ أبدا إلى محاربة العقائد الأخرى بل تجاور معها و احترمها وشاركها أهدافها ما دامت تعبد الله "يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله " و إذا كان ذا هو سلوك المسلمين الدين تلقوا تربية روحية سليمة انطلاقاً من الدين الإسلامي الحنيف تجاه غير المسلمين من أهل الكتاب، و تجاه الذين لا دين لهم، فإن احترام المسلمين يكون أولى كيفما كان الاختلاف معهم، و كيف ما كانت تأويلاتهم للنصوص الثابتة من الكتاب و السنة. و مهما كان المذهب الذي يقتنعون به، و هو ما يجيز لنا أن نقول بأن - الدين الإسلامي هو دين السلام - و السلام يعني تجنب إلحاق الضرر بأحد مع سبق الإصرار و الترصد، سواء كان الضرر مادياً أو معنوياً، وهو ما يتنافى مع الشريعة الإسلامية التي تنهى عن ذلك فقد ورد في القرآن الكريم "و من يقتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" فالسلام إذن هو منهج إسلامي سام ، في إطاره يمكن الحفاظ على سلامة الإنسان مادياً و معنوياً، وقد أخذت عنه المنظمات الدولية و الجمعيات المختصة واقتبست منه الدول الغربية في تنظيم شؤون المجتمع وحقوق المواطن، سعياً إلى حماية البشرية من الأضرار التي تلحق بها، والسلام كما نعرف جميعاً نقيض الإرهاب الذي تأنف منه النفس السوية ويتفق الجميع على مناهضته مهما كان مصدره. |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
..أعود بعد عودة النت لأدلي برأيي المتواضع جدا جدا..
التّطرّف الديني كغيره من الأزمات له أسبابه ..ومن أهمها (ضعف المستوى الفكري والاقتصادي ) عموما ، فقساوة الحاكم تولّد بالضرورة غضب الرعية ، وحين يغيب الحوار والتشاور والتسامح والعفو بين الحاكم والمحكوم يقع الصراع وبالتالي التصادم والتناحر ومنه (التطرّف)..فانحطاط المستوى الفكري العام أدى إلى سوء فهم الدين وتسطيحه وتفسيره حسب الأهواء ، مما أنتج كلّ هذا التطرّف ! فالله عزّ وجلّ بنى الكون كلّه على التّضاد ، وتلك حكمة بليغة ! فهو الذي يقول: ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين...) ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) والآيات كثيرة وعديدة..لذلك علّم نبيّه قواعد السياسة لقيادة الرعيّة حيث يقول: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ..) ففظاظة الحاكم وغلظة قلبه تبعده عن العفو والصفح والتشاور..وكذا بالنسبة للرعية..فحينما تُهمّش النّخب أو تٌستدرج بالمناصب تضعف الرعيّة لغياب الوعي من جهة وجبروت السلطة من جهة أخرى..لذلك جعلنا الله أمة وسطا تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر..فلا مغالاة في الدين ولا تساهل فيه.. وإنما كلّشيء يقتضي الحِلم والحكمة ! فمن الذي يدفع بالمواطن العادي إلى تفجير نفسه أو الانتحار ؟ فالتاريخ علّمنا لمَ أُحرقت كتب ابن المقفّع وابن رُشد ؟! وتمّ تناقل وتداول (ألف ليلة وليلة) ؟! فجهلنا من جهة ، وبعدنا عن حقيقة الإسلام من جهة ثانية ، وتحامل الغرب علينا بالاستدمار من جهة ثالثة ، وتآمر اليهود وأعداء الداخل من جهة رابعة !! وهناك جهات أخرى خفيّة داخلية وخارجية..كلّ هذه العوامل وغيرها أدّت إلى ما نحن عليه من ضعف وتأخّر..فالتطرّف الديني سبب ونتيجة فيما يحدث حسب رأيي المتواضع.. |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
هذا من مقالي (ظاهرة التكفير والإرهاب بين المتأسلمين والعقلانيين) المنشور بجريدة القاهرة في 10 سبتمبر 2013
ظاهرة التكفير وغيرها من الظواهر التي سادت المجتمع الإسلامي تحت مظلة الصحوة الإسلامية، ربما تكون خطورتها على المجتمع الإسلامي أشد خطورة من أعداء الإسلام من غير المسلمين، الذين يتربصون بالإسلام والمسلمين ويهدفون إلى " تنصير أو علمنة المسلمين طموحا إلى إلغاء أمتنا الإسلامية وحضارتها، وطي صفحة الإسلام من سجل الوجود"( 1). هؤلاء وغيرهم من الجماعات نشروا الفزع بين المسلمين، وفي ذات الوقت قدموا خدمة لأعداء الإسلام،وأتاحوا لهم الفرصة ليتهموا الإسلام بأنه دين العنف والإرهاب والتخلف، ويحكمون قبضتهم على بلاد الإسلام بدعوى محاربة الإرهاب، والإرهاب والعنف والتعصب ليست من سمات الإسلام كما يدعي البعض، بل ذلك يسود العالم أجمع بدياناته المتعددة، وليس أدل على ذلك من دراسة (Dunn) " التي تناولت التطرف الديني بين البروتستانت والكاثوليك في ايرلندا الشمالية، والتي أوصت باستخدام المدرسة بوصفها مؤسسة تربوية للتغلب على التطرف الديني أو التخفيف من حدته"(2)، نشأة الجماعة وفكرها سوف نعرض بإيجاز نشأة الجماعة ومرتكزات فكرها، و" من الوجهة التربوية والاجتماعية ليست العبرة في حجم الدمار والخسائر المادية عند تناول ظواهر التطرف الفكري، بل الأهم من ذلك الوقوف على الدوافع والأسباب الحقيقية التي تكمن خلف الفكر المتطرف، ثم كيفية تقديم رؤى العلاج والإصلاح"(3). ظاهرة التكفير بدأت في مصر وانطلقت منها إلى بلاد العالم الإسلامي، وتعد جماعة التكفير من الجماعات المغالية في التطرف، فـ" تيار التطرف والعنف أخذ يتنامى في مصر منذ بدايات السبعينات، على يد جماعات اتخذت الدين ستاراً لتحقيق أغراض سياسية، وسعت إلى فرض رؤيتها الخاصة للدين على الناس ولو بالقوة، فقد ظهرت جماعة شباب محمد التي ارتكبت حادثة الفنية العسكرية، ثم تبعتها جماعة المسلمين (التكفير والهجرة)"(4). يعد التكفير أولى مرتكزات فكر هذه الجماعة " فهم يكفرون الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله؛ بإطلاق دون تفصيل، ويكفرون المحكومين لأنهم رضوا بذلك، أما العلماء فيكفرونهم لأنهم لم يكفروا هؤلاء ولا أولئك، كما يكفرون كل من عرض عليه فكرهم ولم يقبله أو قبله ولم ينضم إلي جماعتهم ويبايع أميرهم"(5)، وإن هذا المعتقد جد خطير؛ فعن عبد الله بن دينار أنه سمع أبن عمر يقول: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم"أيما امرئ قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه"(6)، ويرى (الأثري)"ألا يكون التكفير منطلقا من الأهواء والشهوات فإن ذلك خطره عظيم، فإن المسلم لا ينبغي تكفيره، والحكم عليه بالكفر، إلا بعد قيام موجب شرعي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم"(7) ، ويقول (الشيخ صلاح أبو إسماعيل)"أن التكفير مرتبة لا يجوز أن يفتي فيها إلا خبراء في الشريعة والفقه على مستوى عال... وإنني أعتبر تكفير مسلم لمسلم أمرا خطيرا لا يجوز التسرع فيه، بل يجب أن توضع عقوبات رادعة لمثل هذا السلوك"(8)، كما أعلن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والأربعين، والمنعقدة في الطائف 1419هـ " إن المجلس إذ يبين حكم تكفير الناس بغير برهان من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخطورة إطلاق ذلك، لما يترتب عليه من شرور وآثام، فإنه يعلن للعالم أن الإسلام برئ من هذا المعتقد الخاطئ، وأن ما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات، والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشآت: هو عمل إجرامي والإسلام برئ منه"( 9) يتضح مما سبق أن المرتكز الفكر لمعتقداتهم بتكفير المجتمع والحكام والعلماء، والخروج عليهم واستباحة دماء وأموال الناس بزعم أنهم كفار، هو معتقد باطل بكل الأدلة والأسانيد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال العلماء. نتوقف عند هذا المرتكز لهذه الجماعة وهو التكفير أن كان هذا المرتكز الفكري للتكفير،وقد أجمع العلماء على عدم صحته وأنه لا سند له من الكتاب والسنة ، إنما جاء تبعاً أهوائهم وتفسيرهم لبعض النصوص تفسيراً صدر عن غير فهم، يظل السؤال الذي يجب أن نسعى للإجابة عنه، أن كان هذا الفكر منحرفاً، فما الأسباب التي دفعت هؤلاء وغالبيتهم من الشباب إلى اعتناقه؟ أسباب اعتناق الشباب للفكر المنحرف نرى أن ما يمكن أن نسميه بالفراغ الديني من العوامل التي دفعت الشباب إلى هذا الأنحراف الفكري، و تؤكد إحدى الدراسات على " أن الفراغ الديني وعدم الوعي بالقواعد والأصول الدينية الصحيحة، أدى إلى سهولة وقوع بعض فئات الشباب في براثن التطرف والإرهاب، والانقياد الأعمى لزعماء هذه الحركات"(10).الشعب المصري بطبيعته متدين ، والشباب خرج على نمط مجتمعه ولكنه وجد هذا الفراغ ومن ثم لجاء إلى من أعتقد أنهم يعرفون الدين ويساعدوه على التدين، العيب فينا وفي مؤسساتنا التربوية، فهناك قصوراً يشوب دور المؤسسات التربوية في عملية التنشئة الدينية للشباب، مما أدى إلى ذلك الفراغ الديني، والفهم المشوه للإسلام، مما دفع هؤلاء نحو تكفير المجتمع وقتل الأبرياء والتخريب والتفجير . و من هذه الأسباب هي فكرة الغزو الثقافي والعلمنة، أن كنا نقول في العلوم الطبيعية أن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه، في العلوم الإنسانية تكون ردة الفعل مضاعفة، ومن ثم " فأنه في مواجهة التيار العلماني السائد في الحضارة الغربية وما تولد عنه من خطاب مفعم بمفردات مناهضة الأديان بعامة،الإسلام بخاصة فقد نما تيار ديني متطرف"(11)، وحيث إن فكر التكفير وجماعاته نشأت في مصر في سنوات تزايدت فيه المشكلات الاقتصادية، لايمكن أن ننحي الجانب الاقتصاد عن العوامل المسببة لأنتشار ظاهرة الارهاب، فلقد انحسرت الثروة في يد القلة مما أصاب غالبية الشعب المصري بالفقر " نتيجة للخل الاقتصادي الذي أصاب المجتمع ، وارتفاع الأسعار فأن" فئة محدودي الدخل أصبحت تمثل 98% من الشعب المصري، ويدخل معهم فئة أخرى دائما يتم تحاشي الحديث عنها وهي فئة معدومي الدخل أو الطبقات ذات الأعمال المهمشة، التي تعيش تحت خط الفقر وهي نسبة لا يستهان بها"( 12)،ومن ثم فأن العوامل الاقتصادية كان لها دورها في زيادة أعداد الشباب بهذه لجماعات، ويؤكد (فهمي هويدي)"أن البطالة تشكل مصدرا أساسيا يزودها بزاد لا ينفد من عناصر الشباب الذي يبحث عن عمل وكيان، بل الأمر يتجاوز تلك الحدود، لأن أولئك الشباب يجدون لهم قضية يدافعون عنها،ويضحون من أجلها،حيث اقتنعوا بأنهم يتعاملون مع مجتمع كافر، وأن رسالتهم هي تغيير ذلك المجتمع"(13) ومن بين الأسباب والعوامل وراء أنخراط الشباب في تلك الجماعات قصور دور المؤسسة الإعلامية بوصفها مؤسسة تربوية يشوبها كثير من القصور تجاه دورها في علاج مشكلات التكفير والعنف والتطرف والإرهاب، ويرى البعض "أن التلفاز على رأس وسائل الإعلام ليس فقط متهما بشكل غير مباشر عن طريق الخطأ في الرسالة الإعلامية التي يقدمها عن أحداث العنف والتطرف والتي قد تظهرهم في شكل أبطال، أو على الأقل تحدث الأثر الذي يسعى إليه الإرهاب في نفوس المشاهدين، أو عن طريق المسلسلات الهزيلة الإنتاج، والضعيفة الحبكة الدرامية، والمغلوطة تاريخيا أحيانا والتي تدفع إلي التعاطف مع الإرهاب أكثر مما تدفع إلى نبذه ورفضه"(14). ومما تقدم نستطيع القول بأن ظواهر الإرهاب والتكفير وغيرها من ظواهر الأنحلال الخلقي والفكري والاجتماعي، هى نتيجة طبيعية لما ساد مؤسسات المجتمع من تخاذل وقصور في إداء دورها ، وأن أردنا أن نعيد الأمور إلى نصابها علينا أن نفعل دور هذه المؤسسات |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
غاليتي الأستاذة هدى
أرجو ألا تعتبي وتطيلي في العتاب لعدم المشاركة في هذا الموضوع فيا غاليتي كما تعرفين الكلمة رسالة ومسؤولية وما يكتب هنا يكون مفتوحاً للجميع وبالتالي قد يقتدِ به أحد وأنا إن أردت القول فسأقول ما تمليه عليَّ فطرتي وهذا كلام غير مدروس ولا أريده أن يكون حجة عليَّ ولكن لأجل ألا تعتبي أو تزعلي سأقول ما أعرف وأدعو الله أن يمرَّ بسلام .. الإسلام دين الوسطية والتسامح وهذا أمر غير مختلف عليه .. ما يقال عن الإسلام أنه دين يحث على الإرهاب فهذا كمن يجتزأ الأية الكريمة " ولا تقربوا الصلاة " طبعاً تتمة الآية الكريمة " وأنتم سكارى " نحن والله يجعل كلامي خفيفاً على قلوب الجميع .. نحن أقوام منذ البدايات أعراب .. لدينا من العادات والتقاليد ما لا يستطيع دين أن يمسحها .. كانت لدينا عادة وأد البنات والحمدلله استطاع الإسلام أن يمسح هذه العادة السيئة لكن للأسف برزت لدينا عادة أسوأ وهي جرائم الشرف وهذه هي الوجه الآخر للوأد وللأسف أيضاً لم يستطع الإسلام محوها .. لماذا ؟ لأنه ببساطة شديدة بدلاً من أن نقتضي نحن بأخلاق الإسلام جعلنا الإسلام يتبع خلقنا وبالتالي ما يظهر على السطح هو إسلامنا وليس الدين الإسلامي الصحيح فنحن نطبق من الإسلام ما يعجبنا من ولا تقربوا الصلاة وتعدد الزوجات وحرمان النساء من الميراث وحقوق المرأة وووووو إلخ ونحن نحب ونصفق جداً لكل ملتحِ حتى لو كان لا يفقه آية واحدة في الدين فاللحية والجلباب خط أحمر عندنا ولذلك الغرب كان من السهل عليهم أن يستغلوا هذه النقطة ويعززوها .. فالكل يعلم حين يكون رب الأسرة مشغولاً جداً يطلق يد أحد الأبناء لينكل بالأسرة عوضاً عنه بحجة التربية فكيف وإن كان هذا الشخص هو الملتحي المجلبب وما إلخ .. اليوم بعد أن أصبحت هذه ظاهرة مؤسفة وتهدد أمن الكثيرين بدأ يعلو الصراخ .. أين كان الجميع ومن هم في موقع المسؤولية ؟ كل تطرف ليس فقط الديني بشع ومخيف ونتائجه سيئة لذلك كان الدين الإسلامي دين يدعو إلى الوسطية والتسامح والمغفرة والستر .. أين نحن من التسامح والمغفرة والستر أين نحن من إراقة الدماء وهتك الأعراض والتنكيل بالبشر والشجر والحجر أين نحن من الدين الإسلامي وهل نحن فعلاً مسلمون أم أننا نحمل اللقب فقط الدين عبادة وتأمل وتفكر ونحن لا نقرأ وإن قرأنا لا نفهم وإن فهمنا لا ننفذ إلا ما يتفق ومصالحنا فماذا بقي من الدين بين أيادينا ؟ أستاذة هدى هذا رأيي وربما لم يفد في شيء المهم أنه رأي نابع من الفطرة وغير مدروس ولا أدعو أحداً أن يأخذ به وشكرا لكم . |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
الأستاذة الغالية ميساء..الإسلام دين الفطرة السمحاء..وأنتِ كتبتِ بفطرتك..جزاك الله الخير كله..رأيك صواب ورأينا يحتمل الخطأ...شكرا لك مرة أخرى..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
العفو أخي العزيز أ. محمد الصالح
ما تكلمت إلا من حرقة قلبي صدقني لا أحبُّ إلىَّ من دعاء أكثر من " اللهم أعز الإسلام والمسلمين " وما زلت أرددها في قلبي باستمرار الله يبارك فيك ويسعدك دائماً سامحونا |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأخ الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح تحياتي.. مداخلة متميزة وصّفت بها الآفة بإيجاز مفيد ، وكما تفضلت يمكن للآيات الكريمة التي استشهدت بها أن تنير الطريق لكل محتار وللآية الكريمة التي تتحدث عن مكارم الأخلاق أن تشير للمشكلة والحل معا: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ..) صدق الله العظيم تقبل شكري وتقديري راجية أن تبقى معنا في هذا البحث وأبوابه التالية جزاك الله خيراً |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأستاذ الدكتور أحمد مكّي أهلاً وسهلاً ومرحباً بك ، يسعدنا ويشرفنا انضمامك لهذا البحث ، وحضرتك المتخصص في هذا الشأن ، لنستفيد من علمك الغزير وإمكانياتك الأكاديمية في المساهمة والإشراف على هذا البحث. وهذه محاضرة للدكتور في ظاهرة التكفير بعد تقديمه: جزاك الله خيراً دكتور أحمد ونفعنا الله من علمك الغزير [/align]راجية أن تبقى معنا بالاشراف على هذا البحث. |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأديبة الغالية الأستاذة ميساء تحياتي [/align]ما تفضلت بالإشارة له جد مفيد وبالغ الأهمية ولبنة هامة من لبنات هذا البحث واؤيدك فيه، فلا تترددي غاليتي فأنت تتمتعين بعقل مستنير وتحليل منطقي ممتاز عميق تقديري لك |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
مداخلة للأخ الكريم الأستاذ عبد الكريم عليان أرسلها لي في رسالة خاصة [/align]وقد أجبته منذ قليل ليتفضل ويقوم بنشرها بنفسه راجية أن يستدل على الملف ويتمكن من نشرها مع أعمق آيات التقدير |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]تحية طيبة مجدداً في عملية البحث المطولة بين المراجع التي توفرت لي على الشابكة أو في المكتبة العربية هنا في مونتريال ، وجدت الكثير من التشعبات مما يلزمه المزيد من الوقت والجهد لإعداد بحثاً أكاديمياً بنفسي يحتاج مقارنة بين المراجع وجهداً ووقتاً أطول مما يحتمله هذا الملف، لم أجده ضرورياً خصوصاً وأن هدفنا من البحث هم الخوارج الجدد والامتداد لفكرهم والاختراق الداخلي لهدم الإسلام عامة وإضعاف الطائفة السنّية خاصة ومحاصرتها من خلال وصمها بالإرهاب. وبعملية بحث اليوم وجدت بحثاً مكتملاً للدكتور راغب السرجاني بعنوان: (( نشأة الخوارج والتعريف بهم )) سأكتفي بنقله مع القليل من التصرف.[/align] **** [align=justify]عرّف أهل العلم الخوارج بتعريفات منها ما بيّنه أبو الحسن الأشعري أن اسم الخوارج يقع على تلك الطائفة التي خرجت على رابع الخلفاء الراشدين سيدنا علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg، وبيّن أن خروجهم عليه هو العلة في تسميتهم بهذا الاسم، حيث قال رحمه الله تعالى: "والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على سيدناعلي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg لما حكم"[1]. فالخوارج هم أولئك النفر الذين خرجوا على سيدنا عليٍّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg بعد قبوله التحكيم في موقعة صفين، ولهم ألقاب أخرى عرفوا بها غير لقب الخوارج، ومن تلك الألقاب الحرورية والشراة والمارقة والمحكمة وهم يرضون بهذه الألقاب كلها إلا بالمارقة؛ فإنهم ينكرون أن يكونوا مارقين من الدين كما يمرق السهم من الرمية[2]. ومن أهل العلم من يرجّح بداية نشأة الخوارج إلى زمن النبي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg ويجعل أول الخوارج ذا الخويصرة الذي اعترض على الرسول في قسمة ذهب كان قد بعث به علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg من اليمن، ويتضح ذلك من الحديث النبوي الشريف الذي رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg حيث قال: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ[3] لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا[4]. قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلاَثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg، فَقَالَ: "أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً". قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاشِزُ الْجَبْهَةِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّقِ اللَّهَ! قَالَ: "وَيْلَكَ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ". قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ. قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟! قَالَ: "لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي". فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg: "إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ". قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ: "إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ". وَأَظُنُّهُ قَالَ: "لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ"[5]. ويعلق ابن الجوزي -رحمه الله- على هذا الحديث فيقول: أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة التميمي. وفي لفظ أنه قال له: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ"[6]. فهذا أول خارجي خرج في الإسلام، وآفته أنه رضي برأي نفسه، ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg[7]. وممن أشار بأن أول الخوارج ذو الخويصرة: أبو محمد بن حزم[8]، وكذا الشهرستاني[9]. ومن العلماء من يرى أن نشأة الخوارج بدأت بالخروج على سيدنا عثمان http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg بإحداثهم الفتنة التي أدت إلى قتله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg ظلمًا وعدوانًا، وسميت تلك الفتنة التي أحدثوها بالفتنة الأولى[10]. وقد أطلق ابن كثير على الغوغاء الذين خرجوا على سيدنا عثمان http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg وقتلوه اسم الخوارج[11]. الرأي الراجح حول نشأة الخوارج بالرغم من الارتباط القوي بين ذي الخويصرة والغوغاء الذين خرجوا على سيدنا عثمان http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg وبين الخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg بسبب التحكيم فإن مصطلح الخوارج بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة لا ينطبق إلا على الخارجين بسبب التحكيم؛ بحكم كونهم جماعة في شكل طائفة لها اتجاهها السياسي وآراؤها الخاصة، أحدثت أثرًا فكريًّا عقديًّا واضحًا، بعكس ما سبقها من حالات[12]. ذم الخوارج في السنة النبوية لقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg في ذم الخوارج، منها ما روي عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اعْدِلْ! فَقَالَ: "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ". فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ -وَهُوَ قِدْحُهُ- فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ". قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ الَّذِي نَعَتَهُ[13]. وعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg فَلأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ، سَمِعْتُ [read]رَسُولَ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[14][/read]. وعَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ: هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ "قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لاَ يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ"[15]. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلاَفٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ، لاَ يَرْجِعُونَ حَتَّى يَرْتَدَّ عَلَى فُوقِهِ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ، مَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: "التَّحْلِيقُ". وفي رواية عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg نَحْوَهُ قَالَ: "سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ وَالتَّسْبِيدُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَأَنِيمُوهُمْ". قَالَ أَبُو دَاوُد: التَّسْبِيدُ: اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ[16]. وعن أبي كَثِيرٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ، فَكَأَنَّ النَّاسَ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ قَتْلِهِمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg قَدْ حَدَّثَنَا بِأَقْوَامٍ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لاَ يَرْجِعُونَ فِيهِ أَبَدًا حَتَّى يَرْجِعَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ، وَإِنَّ آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلاً أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ إِحْدَى يَدَيْهِ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ لَهَا حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، حَوْلَهُ سَبْعُ هُلْبَاتٍ فَالْتَمِسُوهُ؛ فَإِنِّي أُرَاهُ فِيهِمْ. فَالْتَمَسُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى شَفِيرِ النَّهَرِ تَحْتَ الْقَتْلَى فَأَخْرَجُوهُ، فَكَبَّرَ عَلِيٌّ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ! صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَإِنَّهُ لَمُتَقَلِّدٌ قَوْسًا لَهُ عَرَبِيَّةً، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهَا فِي مُخْدَجَتِهِ وَيَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ! وَكَبَّرَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْهُ وَاسْتَبْشَرُوا، وَذَهَبَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَجِدُونَ[17]. مناظرة ابن عباس للخوارج انفصل الخوارج في جماعة كبيرة من جيش علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg أثناء عودته من صفين إلى الكوفة، قُدِّر عددها في بعض الروايات ببضعة عشر ألفًا، وحُدِّد في رواية باثني عشر ألفًا[18]، وفي أخرى بستة آلاف[19]، وفي رواية بثمانية آلاف[20]، وفي رواية بأنهم أربعة عشر ألفًا[21]. وقد انفصل هؤلاء عن الجيش قبل أن يصلوا إلى الكوفة بمراحل، وقد أقلق هذا التفرق أصحاب علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg وهالهم، وسار علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg بمن بقي من جيشه على طاعته حتى دخل الكوفة، وانشغل أمير المؤمنين بأمر الخوارج، خصوصًا بعدما بلغه تنظيم جماعتهم من تعيين أمير للصلاة وآخر للقتال، وأن البيعة لله http://islamstory.com/sites/all/them...ages/u1_20.jpg، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يعني انفصالهم فعليًّا عن جماعة المسلمين[22]. وكان أمير المؤمنين علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg حريصًا على إرجاعهم إلى جماعة المسلمين، فأرسل ابن عباس إليهم لمناظرتهم، وهذا ابن عباس يروي لنا ذلك فيقول: "... فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائمون فسلمت عليهم فقالوا: مرحبًا بك يابن عباس! فما جاء بك؟ قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg وصهره وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد لأبلغكم ما يقولون وتخبرون بما تقولون. قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg وابن عمه؟ قالوا: ثلاثًا. قلت: ما هن؟ قالوا: أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله فكفر، وقال الله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} [الأنعام: 57]، ما شأن الرجال والحكم؟ فقلت: هذه واحدة. قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، فإن كانوا كفارًا سلبهم، وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم. قلت: هذه اثنان، فما الثالثة؟ قالوا: إنه محا اسمه من أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين. قلت: هل عندكم شيء غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا. قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سُنَّة نبيه http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg ما يردّ قولكم، أترضون؟! قالوا: نعم. قلت: أما قولكم حكم الرجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيّر الله حكمه إلى الرجال في ثُمُن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكموا فيه، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95]. فنشدتكم بالله تعالى، أحكم الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم؟! وأنتم تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصيّر ذلك إلى الرجال. قالوا: بل هذا أفضل. وفي المرأة وزوجها قال الله http://islamstory.com/sites/all/them...ages/u1_20.jpg: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. قلت: وأما قولكم قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، أفتسلبون أُمَّكم عائشة -رضي الله عنها- ثم تستحلون منها ما يستحل من غيرها وهي أمكم؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، ولئن قلتم ليست بأمِّنا فقد كفرتم؛ لأن الله تعالى يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6]. فأنتم تدورون بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج! قلت: فخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمن ترضون وأراكم قد سمعتم أن النبي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg: "اكتبْ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". فقال المشركون: لا والله ما نعلم أنك رسول الله، لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك، فاكتب محمد بن عبد الله. فقال رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg: "امْحُ يَا عَلِيُّ رَسُولَ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ، امْحُ يَا عَلِيُّ، وَاكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". فوالله رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg خير من عليٍّ، وقد محا نفسه ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة. أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم فقُتلوا على ضلالتهم، قتلهم المهاجرون والأنصار[23]. خروج سيدنا علي لمناظرة بقية الخوارج بعد مناظرة ابن عباس للخوارج واستجابة ألفين منهم له، خرج أمير المؤمنين علي بنفسه إليهم فكلمهم فرجعوا ودخلوا الكوفة، إلا أن هذا الوفاق لم يستمر طويلاً؛ بسبب أن الخوارج فهموا من علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg أنه رجع عن التحكيم وتاب من خطيئته -حسب زعمهم- وصاروا يذيعون هذا الزعم بين الناس، فدخل الأشعث بن قيس الكندي إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال: إن الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كفرك. فلما أن كان الغد الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فخطب، فذكّرهم مباينتهم الناس وأمرهم الذي فارقوه فيه، فعابهم وعاب أمرهم. فلما نزل المنبر تنادوا من نواحي المسجد "لا حكم إلا لله"، فقال سيدنا علي: حكم الله أنتظر فيكم. ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالإشارة، وهو على المنبر حتى أتى رجل منهم واضعًا إصبعيه في أذنيه[24] وهو يقول: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]. فقال علي: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ} [الروم: 60]. وأعلن أمير المؤمنين علي سياسته الراشدة العادلة تجاه هذه الجماعة المتطرفة، فقال لهم: إن لكم عندنا ثلاثًا: لا نمنعكم صلاةً في هذا المسجد، ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا[25]. فقد سلم لهم أمير المؤمنين علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg بهذه الحقوق ما داموا لم يقاتلوا الخليفة، أو يخرجوا على جماعة المسلمين، مع احتفاظهم بتصوراتهم الخاصة في إطار العقيدة الإسلامية فهو لا يخرجهم بداية من الإسلام، وإنما يسلم لهم بحق الاختلاف دون أن يؤدي إلى الفُرقة وحمل السلاح[26]. وعنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِيِّ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- وَنَحْنُ عِنْدَهَا جُلُوسٌ مَرْجِعَهُ مِنَ الْعِرَاقِ لَيَالِيَ قُتِلَ عَلِيٌّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg، فَقَالَتْ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ، هَلْ أَنْتَ صَادِقِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ تُحَدِّثُنِي عَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ؟ قَالَ: وَمَا لِي لاَ أَصْدُقُكِ! قَالَتْ: فَحَدِّثْنِي عَنْ قِصَّتِهِمْ. قَالَ: فَإِنَّ عَلِيًّا http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg لَمَّا كَاتَبَ مُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ الْحَكَمَانِ خَرَجَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةُ آلاَفٍ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ فَنَزَلُوا بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: حَرُورَاءُ مِنْ جَانِبِ الْكُوفَةِ، وَإِنَّهُمْ عَتَبُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا: انْسَلَخْتَ مِنْ قَمِيصٍ أَلْبَسَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاسْمٍ سَمَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، ثُمَّ انْطَلَقْتَ فَحَكَّمْتَ فِي دِينِ اللَّهِ فَلاَ حُكْمَ إِلاَّ لِلَّهِ تَعَالَى. فَلَمَّا أَنْ بَلَغَ عَلِيًّا مَا عَتَبُوا عَلَيْهِ وَفَارَقُوهُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ مُؤَذِّنًا فَأَذَّنَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلاَّ رَجُلٌ قَدْ حَمَلَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا أَنْ امْتَلأَتْ الدَّارُ مِنْ قُرَّاءِ النَّاسِ دَعَا بِمُصْحَفٍ إِمَامٍ عَظِيمٍ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَصُكُّهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: أَيُّهَا الْمُصْحَفُ، حَدِّثْ النَّاسَ. فَنَادَاهُ النَّاسُ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا تَسْأَلُ عَنْهُ إِنَّمَا هُوَ مِدَادٌ فِي وَرَقٍ وَنَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِمَا رُوِينَا مِنْهُ، فَمَاذَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَصْحَابُكُمْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ خَرَجُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ كِتَابُ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35]. فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg أَعْظَمُ دَمًا وَحُرْمَةً مِنْ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ. وَنَقَمُوا عَلَيَّ أَنْ كَاتَبْتُ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ جَاءَنَا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَالَحَ قَوْمَهُ قُرَيْشًا فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". فَقَالَ سُهَيْلٌ: لاَ تَكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. فَقَالَ: "كَيْفَ نَكْتُبُ؟" فَقَالَ: اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "فَاكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". فَقَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُخَالِفْكَ. فَكَتَبَ "هَذَا مَا صَالَحَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قُرَيْشًا"[27]، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21]. وعندما أيقن الخوارج أن عليًّا عازم على إنفاذ أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- حكمًا، طلبوا منه الامتناع عن ذلك، فأبى عليٌّ عليهم ذلك، وبيّن لهم أن هذا يعدّ غدرًا ونقضًا للأيمان والعهود، فقد كتب بينه وبين القوم عهودًا، وقد قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91]. فقرر الخوارج الانفصال عن سيدنا عليٍّ وتعرضوا له في خطبه، وأسمعوه السبَّ والشتم والتعريض بآيات من القرآن[28]. ثم اجتمع الخوارج لتعيين أمير عليهم في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فخطبهم خطبة بليغة زهّدهم في الدنيا ورغبهم في الآخرة والجنة، وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال: فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها، إلى جانب هذا السواد إلى بعض كور الجبال، أو بعض هذه المدائن، منكرين لهذه الأحكام الجائرة. ثم قام حرقوص بن زهير فقال بعد حمد الله والثناء عليه: إن المتاع بهذه الدنيا قليل، وإن الفراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها، ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]. ثم قام سنان بن حمزة الأسدي فقال: يا قوم، إن الرأي ما رأيتم، وإن الحق ما ذكرتم، فولوا أمركم رجلاً منكم، فإنه لا بد لكم من عمادٍ وسنان، ومن راية تحفون بها وترجعون إليها. فبعثوا إلى زيد بن حصن الطائي -وكان من رءوسهم- فعرضوا عليه الإمارة فأبى، ثم عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى، وعرضوها على حمزة بن سنان فأبى، وعرضوها على شُريح بن أبي أوفى العبسيّ فأبى، وعرضوها على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها وقال: أما والله لا أقبلها رغبةً في الدنيا ولا أدعها فَرَقًا من الموت[29]. واجتمعوا أيضًا في بيت زيد بن حصن الطائي السنبسي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلا عليهم آيات من القرآن، منها قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]. وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]. ثم قال: فأشهد على أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى، ونبذوا حكم الكتاب، وجاروا في القول والأعمال، وأن جهادهم حقٌّ على المؤمنين. فبكى رجل منهم يقال له: عبد الله بن سخبرة السلمي، ثم حرّض أولئك على الخروج على الناس، وقال في كلامه: اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم، فإن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره، وإن قُتلتم فأيُّ شيءٍ أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته؟! ويعلق ابن كثير على فساد عقيدتهم فيقول: "وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم، فسبحان من نوّع خلقه كما أراد، وسبق في قدره العظيم!"[30]. وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون[31] في قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} [الكهف: 103-105]. "والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلاَّل، والأشقياء في الأقوال والأفعال، اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين، وتواطئوا على المسير إلى المدائن ليملكوها على الناس ويتحصنوا بها، ويبعثوا إلى إخوانهم وأضرابهم -ممن هو على رأيهم ومذهبهم، من أهل البصرة وغيرها- فيوافوهم إليها ويكون اجتماعهم عليها. فقال لهم زيد بن حصن الطائي: إن المدائن لا تقدرون عليها، فإن بها جيشًا لا تطيقونه وسيمنعوها منكم، ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى، ولا تخرجوا من الكوفة جماعاتٍ، ولكن اخرجوا وحدانًا؛ لئلاّ يفطن بكم. فكتبوا كتابًا عامًّا إلى من هو على مذهبهم ومسلكهم من أهل البصرة وغيرها، وبعثوا به إليهم ليوافوهم إلى النهر ليكونوا يدًا واحدة على الناس. ثم خرجوا يتسللون وحدانًا لئلاّ يعلم أحد بهم فيمنعوهم من الخروج، فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات وفارقوا سائر القرابات، يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات، ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات، والعظائم والخطيئات، وأنه مما زيّنه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات، والله المسئول أن يعصمنا منه بحوله وقوته، إنه مجيب الدعوات. وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنّبوهم ووبّخوهم، فمنهم من استمر على الاستقامة، ومنه من فرّ بعد ذلك فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة، وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها، واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعة"[32]. فكتب سيدنا عليٌّ إلى الخوارج بالنهروان: أما بعد، فقد جاءكم ما كنتم تريدون، قد تفرّق الحكمان على غير حكومة ولا اتفاق، فارجعوا إلى ما كنتم عليه؛ فإني أريد المسير إلى الشام. فأجابوه أنه لا يجوز لنا أن نتخذك إمامًا وقد كفرت حتى تشهد على نفسك بالكفر، وتتوب كما تبنا، فإنك لم تغضب لله، إنما غضبت لنفسك. فلما قرأ جواب كتابه إليهم يئس منهم؛ فرأى أن يمضي من معسكره بالنخيلة وقد كان عسكر بها -حين جاء خبر الحكمين- إلى الشام، وكتب إلى أهل البصرة في النهوض معه[33]. معركة النهروان 38هـ سبب المعركة: كانت الشروط التي أخذها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg على الخوارج أن لا يسفكوا دمًا ولا يروعوا آمنًا ولا يقطعوا سبيلاً، وإذا ارتكبوا هذه المخالفات فقد نبذ إليهم الحرب؛ ونظرًا لأن الخوارج يكفرون من خالفهم ويستبيحون دمه وماله، فقد بدءوا بسفك الدماء المحرمة في الإسلام، وقد تعددت الروايات في ارتكابهم المحظورات؛ فعن رجل من عبد القيس قال: كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئًا كرهته، ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلاً خرج كأنه فزع، وبينهم وبينه نهر، فقطعوا إليه النهر فقالوا: كأنَّا رعناك؟ قال: أجل. قالوا: ومن أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرَتّ. قالوا: عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg؟ قال: سمعته يقول: إنه سمع النبي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg يقول: "إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، فإذا لقيتهم، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل"[34]. فأخذوه وسرية له معه، فمرّ بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فأخذها فألقاها في فِيه، فقال بعضهم: تمرة معاهد، فبم استحللتها؟ فألقاها من فيه، ثم مروا على خنزير فنفحه بعضهم بسيفه، فقال بعضهم: خنزير معاهد، فبم استحللته؟ فقال عبد الله: ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا؟! قالوا: نعم. قال: أنا. فقدموه فضربوا عنقه، فرأيت دمه يسيل على الماء كأنه شراك نعل اندفر بالماء حتى توارى عنه، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها[35]. فأثار هذا العمل الرعب بين الناس وأظهر مدى إرهابهم ببقر بطن هذه المرأة وذبحهم عبد الله كما تذبح الشاة، ولم يكتفوا بهذا بل صاروا يهددون الناس قتلاً، حتى إن بعضهم استنكر عليهم هذا العمل قائلين: ويلكم ما على هذا فارقنا عليًّا[36]. بالرغم من فظاعة ما ارتكبه الخوارج من منكرات بشعة، لم يبادر أمير المؤمنين سيدنا علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg إلى قتالهم، بل أرسل إليهم أن يسلموا القتلة لإقامة الحد عليهم، فأجابوه بعناد واستكبار: وكيف نقيدك وكلنا قتله؟ قال: أوَكلكم قتله؟ قالوا: نعم[37]. فسار إليهم بجيشه الذي قد أعدَّه لقتال أهل الشام في شهر المحرم من عام 38هـ، وعسكر على الضفة الغربية لنهر النهروان، والخوارج على الضفة الشرقية بحذاء مدينة النهروان[38]. وكان أمير المؤمنين علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg يدرك أن هؤلاء القوم هم الخوارج الذين عناهم رسول الله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg بالمروق من الدين؛ لذلك أخذ يحث أصحابه أثناء مسيرهم إليهم ويحرضهم على قتالهم. وعسكر الجيش في مقابلة الخوارج يفصل بينهما نهر النهروان، وأمر جيشه ألاّ يبدءوا بالقتال حتى يجتاز الخوارج النهر غربًا، وأرسل علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg رسله يناشدهم الله ويأمرهم أن يرجعوا، وأرسل إليهم البراء بن عازب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg يدعوهم ثلاثة أيام فأبوا[39]، ولم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسله، واجتازوا النهر. وعندما بلغ الخوارج هذا الحد وقطعوا الأمل في كل محاولات الصلح وحفظ الدماء، ورفضوا عنادًا واستكبارًا العودة إلى الحق وأصروا على القتال، قام أمير المؤمنين بترتيب جيشه وتهيئته للقتال، فجعل على ميمنته حجر بن عدي وعلى الميسرة شبث بن ربعي ومعقل بن قيس الرياحي، وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري، وعلى الرَّجَّالة أبا قتادة الأنصاري، وعلى أهل المدينة -وكانوا سبعمائة- قيس بن سعد بن عبادة، وأمر عليٌّ أبا أيوب الأنصاري أن يرفع راية أمان للخوارج، ويقول لهم: من جاء إلى هذه الراية فهو آمن، ومن انصرف إلى الكوفة والمدائن فهو آمن، إنه لا حاجة لنا فيكم إلا فيمن قتل إخواننا. فانصرف منهم طوائف كثيرون، وكانوا أربعة آلاف فلم يبقَ منهم إلا ألف أو أقل مع عبد الله بن وهب الراسبي[40]. نشوب القتال: زحف الخوارج إلى علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg فقدّم عليٌّ بين يديه الخيل وقدم منهم الرماة وصفّ الرجّالة وراء الخيّالة، وقال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدءوكم، وأقبلت الخوارج يقولون: لا حكم إلا لله، الرواح الرواح إلى الجنة. وبعد معركة حاسمة وقصيرة أخذت وقتًا من اليوم التاسع من شهر صفر عام 38هـ، وأسفرت هذه المعركة الخاطفة عن عددٍ كبير من القتلى في صفوف الخوارج، فتذكر الروايات أنهم أصيبوا جميعًا، ويذكر المسعودي: أن عددًا يسيرًا لا يتجاوز العشرة فروا بعد الهزيمة الساحقة[41]. أما جيش علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg فقد قُتل منه رجلان فقط[42]. وقيل: قتل من أصحاب عليٍّ اثنا عشر أو ثلاثة عشر[43]. وقيل: لم يقتل من المسلمين إلا تسعة رهط[44]. ذو الثدية وأثر مقتله في جيش علي: كان علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg يتحدث عن الخوارج منذ ابتداء بدعتهم، وكثيرًا ما كان يتعرض إلى ذكر ذي الثُّدَيَّة، وأنه علامة هؤلاء، ويسرد أوصافه، وبعد نهاية المعركة الحاسمة أمر علي أصحابه بالبحث عن جثة المُخْدَجِ؛ لأن وجودها من الأدلة على أن عليًّا http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg على حقٍّ وصواب. وبعد مدة من البحث مرت على عليٍّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg وأصحابه، وجد أمير المؤمنين علي جماعة مكوّمة بعضها على بعض عند شفير النهر، قال: أخرجوهم. فإذا المخدج تحتهم جميعًا مما يلي الأرض، فكبّر علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg! ثم قال: صدق الله وبلّغ رسوله! وسجد سجود الشكر، وكبّر الناس حين رأوه واستبشروا[45]. معاملة سيدنا علي للخوارج: عامل أمير المؤمنين علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg الخوارج قبل الحرب وبعدها معاملة المسلمين، فما إن انتهت المعركة حتى أصدر أمره في جنده ألاّ يتبعوا مُدبِرًا أو يذففوا على جريح أو يمثِّلوا بقتيل، يقول شقيق بن سلمة المعروف بأبي وائل -أحد فقهاء التابعين وممن شهد مع عليٍّ حروبه-: لم يسْبِ عليٌّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg يوم الجمل ولا يوم النهروان[46]. الثورة المستمرة وخلافاتهم وانقسامهم إن فرقة من فرق الإسلام لم تسلك طريق الثورة كما سلكته فرقة الخوارج، حتى لقد أصبحت ثوراتهم وانتفاضاتهم أشبه بالثورة المستمرة في الزمان والمنتشرة في المكان ضد الأمويين، بل وضد علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg منذ التحكيم وحتى انقضاء عهده سنة 40هـ. وعلى درب ثورتهم المستمرة هذه كانت معاركهم المتفردة بالاستبسال والفناء في الهدف والمبدأ، معالم تستنفر دماء شهدائهم وذكريات ضحاياهم فيها اللاحقين للاقتداء بالسابقين. وبعد هزيمتهم في النهروان بشهرين تجددت ثورتهم فقاتلوا جيش علي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg ثانية في الدَّسْكَرَة بأرض خراسان في ربيع الثاني سنة 38هـ، وكانت قيادتهم لأشرس بن عوف الشيباني. وفي الشهر التالي لهزيمة الدسكرة تجددت ثورتهم بقيادة هلال بن علفة وأخيه مجالد فقاتلوا جيش عليٍّ http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg للمرة الثالثة عند (ماسبذان) بأرض فارس في جمادى الأولى سنة 38هـ. وبعد هزيمة ماسبذان قادهم الأشهب بن بشر البجلي في خروج آخر في نفس العام، فحاربوا في جرجرايا على نهر دجلة. وفي رمضان سنة 38هـ زحفوا بقيادة أبي مريم -من بني سعد تميم- إلى أبواب الكوفة، فحاربوا جيش علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg، وهُزِمُوا هناك. وبعد مقتل سيدنا علي وتنازل ابنه الحسن لمعاوية بدأت حرب الخوارج لأهل الشام، ولقد كادوا يهزمون جيش معاوية في أول لقاء لهم به، لولا أن استعان عليهم بأهل الكوفة. وفي سنة 41هـ قاد سهم بن غالب التميمي والخطيم الباهلي تمردًا داخليًّا ضد بني أمية استمر حتى قضى عليه زياد بن أبيه قرب البصرة سنة 46هـ، أي بعد خمس سنوات[47]. واستمرت ثوراتهم ضد الأمويين، ففي آخر شوال سنة 64هـ بدأت ثورتهم الكبرى بقيادة نافع بن الأزرق، وهي الثورة التي بدأت بكسر أبواب سجون البصرة، ثم خرجوا يريدون الأهواز. وفي سنة 76هـ وسنة 77هـ تمكّنوا بقيادة شبيب بن يزيد بن نعيم من إيقاع عدة هزائم بجيوش الحجاج بن يوسف الثقفي. وغير ذلك من الثوارات التي استمرت حتى أواخر الدولة الأموية. وجدير بالذكر أن هذه الثورات الخارجية وإن لم تنجح في إقامة دولة مستقرة يستمر حكم الخوارج فيها طويلاً إلا أنها قد أصابت الدولة الأموية بالإعياء حتى انهارت انهيارها السريع تحت ضربات الثورة العباسية في سنة 132هـ؛ فالعباسيون قد قعدوا عن الثورة قُرابة قرن بينما قضى الخوارج هذا القرن في ثورة مستمرة، ثم جاء القَعَدَةُ فقطفوا ثمار ما زرعه الثوّار[48]. خلافات وانقسامات الخوارج الخوارج مثلهم كمثل سائر الفرق الإسلامية لم يمنعهم الاتفاق في الأصول من الاختلاف في الفروع والمسائل، فشهد تاريخهم عددًا من الانقسامات قادها عدد من أعلامهم وأئمتهم، ولقد ظل الخوارج بعيدين عن الانقسام حتى عهد إمامهم نافع بن الأزرق (65هـ)، الذي مثّلت فرقته "الأزارقة" أول انقسام داخل تيار الخوارج العام. وبعد أن استشرت الانقسامات والاختلافات في المسائل والفروع ظلت الجماعات الرئيسية في حركة الخوارج هي: 1- الأزارقة: أتباع نافع بن الأزرق. 2- النجدات: أتباع نجدة بن عامر الحنفي. 3- الإباضية: أتباع عبد الله بن إباض. 4- الصفرية: نسبة إلى زياد الأصفر، أو النعمان بن الأصفر، أو عبد الله بن صفّار على خلاف في ذلك. ولقد انقرضت هذه الفروع الخارجية ولم يبقَ من الخوارج سوى الإباضية الذين لا تزال لهم بقايا حتى الآن في أجزاء من الوطن العربي وشرقي إفريقيا، وبالذات في عُمان على الخليج العربي، وفي أنحاء من المغرب العربي (تونس والجزائر)، وفي الجنوب الشرقي للقارة الإفريقية (زنجبار)[49]. عقائد الخوارج مع مرور الزمن استقرت آراء عقائدية خاصة بفرقة الخوارج، خالفوا فيها كتاب الله وسنة رسوله http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg، ومن هذه الاعتقادات: 1- تكفير صاحب الكبيرة: إن الخوارج يكفرون مرتكب الكبيرة، ويحكمون بخلوده في النار، وقد استدلوا على معتقدهم ذلك بأدلة، منها قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]. فقد استدلوا بهذه الآية على تخليد أصحاب المعاصي في النار، وقالوا: إنه لا أمل للعاصي الذي يموت على معصيته في رحمة الله[50]. فزعموا أن الخطيئة تحيط بالإنسان، فلا يبقى له معها حسنة مقبولة، حتى الإيمان فإنها تذهبه. ولكن الأمر عكس ما ذهبوا إليه تمامًا، وهذه الآية نفسها تردّ مذهبهم، فقد دلت على أن من أحاطت به خطيئته فإنه يخلد في النار، وليس هناك خطيئة تحيط بالإنسان وتحبط أعماله ويخلد بسببها في النار إلا الكفر والشرك بالله. ويؤيد هذا أن تلك الآية نزلت في اليهود، وهم قد أشركوا بالله وحادوا عن سبيله[51]. 2- وكان الأزارقة -فرقة من غلاة الخوارج- يقولون: إن جميع مخالفيهم من المسلمين مشركون، وإن من لا يسارع إلى دعوتهم واعتناق مذهبهم فإن دمه ودم نسائه وأطفاله حلال، وقد كفّروا علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg واعتبروا قاتله عبد الرحمن بن ملجم شهيدًا بطلاً[52]. 3- وإن (النجدات) من الخوارج يرون أنه لا حاجة إلى إمامٍ إذا أمكن الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن التناصف لا يتم إلا بإمام يحملهم على الحق فأقاموه جاز، فإقامة الإمام -في نظرهم- ليست واجبة بإيجاب الشرع، بل جائزة، وإذا وجبت فإنما تجب بحكم المصلحة والحاجة[53]. 4- الخلافة لا تنحصر في قومٍ بعينهم: كان الخوارج يرون أن الخلافة لا ينبغي أن تنحصر في قوم بعينهم، بل إن كل مسلم صالح للخلافة ما دام قد توافرت فيه شروطها من إيمان وعلم واستقامة، شريطة أن يبايع بها، ولا بأس بعد ذلك في أن يكون من الفرس أو الترك أو الحبش؛ فالمعنى العصبي الأرستقراطي بعيد عن تفكيرهم، بل عدو لمنهجهم ومسلكهم، واقتصار الخلافة على جنس بعينه -كالجنس العربي- أمر يحاربونه كل المحاربة[54]. فخرجوا على أئمة المسلمين عند أتفه الأسباب، وقد فعلوا ذلك مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg فسفكوا الدماء وقطعوا السبل وضيعوا الحقوق، وسعوا في إضعاف المسلمين حتى تكالبت عليهم الأعداء. ومما سبق يتضح أن الخوارج خالفت ما كان عليه جمهور المسلمين من اشتراط النسب القرشي في الإمام، وقالوا: إنه لا خصوصية لقريش فيها ولا مزية لهم عن سواهم، بل كل ما صار أهلاً لها، جاز توليته من دون أي نظر في نسبه[55]. 5- الخروج على أئمة الجور: أجمع الخوارج على وجوب الخروج على أئمة الجور والفسق والضعف؛ فعندهم أن الخروج يجب إذا بلغ عدد المنكرين على أئمة الجور أربعين رجلاً ويسمون هذا الحد "حد الشراء"، أي الذين اشتروا الجنة عندما باعوا أرواحهم فعليهم وجب الخروج حتى يموتوا أو يظهر دين الله ويخمد الكفر والجور. ولا يحل عندهم المقام والقعود غير ثائرين إلا إذا نقص العدد عن ثلاثة رجال، فإن نقصوا عن الثلاثة جاز لهم القعود وكتمان العقيدة، وكانوا على "مسلك الكتمان". وهناك غير "حد الشراء" و"مسلك الكتمان" حد الظهور، وذلك عند قيام دولتهم ونظامهم تحت قيادة "إمام الظهور" و"حد الدفاع" وهو التصدي لهجوم الأعداء تحت قيادة إمام الدفاع[56]. ويعبر أبو الحسن الأشعري عن إجماع الخوارج على وجوب الثورة بقوله: "وأما السيف فإن الخوارج تقول به وتراه إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف، ولكنهم يرون إزالة أئمة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه، بالسيف أو بغير السيف"[57]. 6- إثبات إمامة الصِّدِّيق والفاروق وتكفير عثمان وعلي http://islamstory.com/sites/all/them...mages/y_20.jpg: فهم يعتقدون أن إمامة أبي بكر وعمر إمامة شرعية لا شك في صحتها ولا ريب عندهم في شرعيتها، وأن إمامتهما كانت برضا المؤمنين ورغبتهم وأنهما سارا على الطريق المستقيم الذي أمر الله به لم يغيِّرا ولم يبدلا حتى توفهما الله تعالى. وهذا المعتقد للخوارج تجاه الشيخين حالفهم فيه السداد والصواب، لكنهم هلكوا فيمن بعدهما؛ حيث قادهم الشيطان وأخرجهم عن الحق والصواب في اعتقادهم في عثمان وعلي -رضي الله عنهما- فلقد حملهم على إنكار إمامة عثمان http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg في المدة التي نقم عليه أعداؤه فيها، كما أنكروا إمامة عليٍّ أيضًا بعد التحكيم http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg، بل أدى بهم سوء معتقدهم إلى تكفيرهما، وتكفير طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عباس http://islamstory.com/sites/all/them...mages/y_20.jpg، وأصحاب الجمل وصفين. وقد دوّن أهل العلم هذا المعتقد السيِّئ عنهم في كتبهم[58]، فقد قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله: "والخوارج بأسرها يثبتون إمامة أبي بكر وعمر وينكرون إمامة عثمان -رضوان الله عليهم- في وقت الأحداث التي نقم عليه من أجلها، ويقولون بإمامة عليٍّ قبل أن يحكم، وينكرون إمامته لما أجاب إلى التحكيم، ويكفرون معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري"[59]. 7- الاختيار والبيعة هما الطريق لنصب الإمام: يقف الخوارج مع الرأي القائل بأن "الاختيار والبيعة" هما الطريق لنصب الإمام، ومن ثَمَّ فهم ظاهرياً أعداء لفكر الشيعة القائل: إن الإمامة شأن من شئون السماء لا اختصاص فيها للبشر، وإن السماء قد حددت لها أئمة بذواتهم نصّت عليهم، وأوصت لهم قبل وفاة الرسول http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg. وهم أعداء كذلك لمن زعم من السُّنة أن النص والوصية والتعيين قد سبقت من الرسول http://islamstory.com/sites/all/them...mages/r_20.jpg بالإمامة والخلافة لأبي بكر الصديق http://islamstory.com/sites/all/them...mages/t_20.jpg، مثل فرقة "البكرية". وعندهم -أيضًا- أن الإمامة من الفروع فليست من أصول الدين -خلافًا للشيعة-؛ ولذلك قالوا: إن مصدرها هو الرأي وليس الكتاب أو السنة[60]. 8- إثبات صفة العدل لله: اتفق الخوارج على نفي الجور عن الله I بمعنى إثبات القدرة والاستطاعة المؤثرة للإنسان، ومن ثَمَّ تقرير حريته واختياره؛ ففعله المقدور له هو من صنعه على سبيل الحقيقة لا المجاز، ومن هنا فإن مسئوليته متحققة عن فعله هذا، فجزاؤه بالثواب والعقاب عدل، على عكس مؤدَّى قول الجبرية الذي يقتضي قولهم بالجبر إلحاق الجور بالخالق -تعالى عن ذلك- لإثابته من لا يستحق، وعقابه من لا حيلة له في الذنب ولا سبيل له للفكاك من المكتوب المقدور[61]. 9- تنزيه الذات الإلهية عن أي شبهة بالمحدثات: أجمع الخوارج على تنزيه الذات الإلهية عن أي شبهة بالمحدثات بما في ذلك نفي مغايرة صفات الله لذاته، أو زيادتها عن الذات، وذلك حتى لا يفتح الباب لشبهة توهم تعدد القدماء، وانطلاقًا من هذا الموقف قالوا: بخلق القرآن -كلام الله- حتى لا يؤدي القول "بقدم الكلمة" إلى ما أدى إليه في المسيحية، عندما قال اللاهوتيون بالتثليث؛ لأن "كلمة الله " -عيسى بن مريم- قديمة كالله[62]. 10- صدق وعد الله ووعيده: قالت الخوارج بصدق وعد الله للمطيع، وصدق وعيده للعاصي دون أن يتخلف وعده أو وعيده لسبب من الأسباب[63]. 11- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تميز موقف الخوارج عن بعض الذين قالوا بهذا الأصل من أهل السنة وأصحاب الحديث، ذلك أن الخوارج قد جعلوا لهذا الأصل صلة وثيقة بالفكر السياسي، والتغيير للظلم والجور الذي طرأ ويطرأ على المجتمعات كما جعلوا القوة -قضية السيف- أداة أصيلة وسبيلاً رئيسيًا من أدوات النهي عن المنكر، وسبل التغيير للجور والفساد[64]. 12- وفوق ذلك فإن الخوارج قد جمعتهم تقاليد اشتهرت عنهم في القتال، وزهد اتصفوا به في الثروة، فحررهم ذلك من قيود الحرص على الاقتناء، وأعانهم على الانخراط في الثورات والرحيل الأسرع في ركاب الجيوش الثائرة[65]. دول الخوارج برزت الخوارج الصفرية في المغرب الأقصى وسيطرت عليه، وظهرت الخوارج الإباضية في المغرب الأدنى والأوسط، وأخضعت أجزاء واسعة لنفوذها[66]. فقد قامت دولة للخوارج الصفرية في سجلماسة تدعى (دولة بني مدرار)[67]. كما قامت دولة للخوارج الإباضية في (تاهرت)، إذ أسسوا هذه المدينة عام 161هـ، وأصبح عبد الرحمن بن رستم إمامًا لهذه الدولة (الدولة الرستمية)، التي استمرت من سنة 160هـ حتى سنة 296هـ[68]. أما القطر العُماني فقد ظل منذ فجر الإسلام مستقرًّا للمذهب الإباضي، وكان من الأمور الطبيعية أن يسيطر أبناء المذهب على نظام الحكم فيه في شكل إمامة تستمد نظام حكمها وأحكامها من المذهب الشائع بين أهل البلاد. الإمامة الأولى (إمامة الجلندى): بدأت الإمامة الأولى في عمان المستقلة سنة 132هـ على وجه التحديد، وهي السنة التي سقطت فيها دولة بني أمية وقامت دولة بني العباس، وكان أول إمام هو الجلندَى بن مسعود بن جلندَى الجلنداني. ومن الأحداث الطريفة التي ارتبطت بالسنة التي تولى فيها الجلندى الإمامة 132هـ أنه فضلاً عن سقوط بني أمية وقيام خلافة بني العباس، اجتمع فيها ثلاثة أئمة في وقت واحد هم: الجلندى في عمان، وطالب الحق عبد الله بن يحيى في اليمن، وأبو الخطاب المعافري في إفريقية، والأمر الأكثر طرافة أن ثلاثتهم من الإباضية؛ ومن ثَمَّ فقد أطلق على تلك السنة سنة الإمامة. إمامة الخروصيين: ظلت أمور عمان مضطربة حتى قيض الله لتلك البلاد إمامًا من بني خروص هو الوارث بن كعب الذي بويع له سنة 179هـ، وقد عاشت دولة بني خروص حتى بعد سنة 400هـ بقليل. لقد انتهت إمامة الخروصيين نهاية حزينة وآلت من بعدهم إلى النباهنة الذين لم تكن حال عمان في عصرهم -من حيث الأمن والاستقرار- بأفضل من عهد سابقيهم، الأمر الذي هيأ لإمامة جديدة في أسرة جديدة. إمامة اليعاربة: كان ناصر بن مرشد بن سلطان اليعربي الحميري الأزدي أول إمام يعربي ولي الإمامة سنة 1034هـ. إمامة البوسعيدية: انتقل ملك اليعاربة إلى أحمد بن سعيد البوسعيدي سنة 1154هـ، وهو جَدُّ الأسرة الحاكمة في عمان في الوقت الحالي[69]. [1] الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/207، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 2/113، الشهرستاني: الملل والنحل 1/132، ابن حجر: هدي الساري في مقدمة فتح الباري ص459. [2] أبو الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/207. [3] أديم مقروظ: في جلد مدبوغ بالقرظ. [4] أي: لم تميز ولم تصف من تراب معدنها. [5] صحيح البخاري (4004)، صحيح مسلم (1763)، مسند أحمد (10585). [6] صحيح البخاري (3341)، ( 5697)، (6421)، سنن ابن ماجه (168)، مسند أحمد (11112)، (14276)، (14292). [7] ابن الجوزي: تلبيس إبليس ص90. [8] ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/157. [9] الشهرستاني: الملل والنحل 1/134. [10] د. ناصر علي عائض حسن الشيخ: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام 3/1141. [11] ابن كثير: البداية والنهاية 7/202. [12] العواجي: فرق معاصرة 1/67، عبد الحميد علي ناصر فقيهي: خلافة علي بن أبي طالب ص297، د. علي الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص16. [13] صحيح البخاري (3341 ). [14] صحيح مسلم (1771). [15] صحيح مسلم (1776). [16] سنن أبي داود (4137). [17] مسند أحمد (635). [18] البغدادي: تاريخ بغداد 1/160. [19] النسائي: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص200. [20] ابن كثير: البداية والنهاية 7/280، 281. [21] مصنف عبد الرزاق 10/157-160. [22] د. علي محمد الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص22. [23] النسائي: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص200. [24] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 1/733، 734، الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/114. [25] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/114. [26] حامد عبد الماجد: الوظيفة العقدية للدولة الإسلامية ص47. [27] مسند أحمد (621). [28] ابن كثير: البداية والنهاية 7/315، د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص29. [29] ابن كثير: البداية والنهاية 7/316. [30] السابق نفسه، الصفحة نفسها. [31] السابق نفسه، الصفحة نفسها. [32] ابن كثير: البداية والنهاية 7/317. [33] البلاذري: أنساب الأشراف 1/343. [34] مصنف ابن أبي شيبة 8/732. [35] مصنف ابن أبي شيبة 8/732، 733، الطبري: تاريخ الأمم والملوك 3/118، البغدادي: تاريخ بغداد 1/94. [36] مصنف ابن أبي شيبة 8/737 . [37] المصدر السابق، الصفحة نفسها. [38] د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص33. [39] البيهقي: السنن الكبرى 8/179. [40] د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة في ميزان أهل السنة والجماعة ص34. [41] المصدر السابق ص34-36. [42] صحيح مسلم (1773). [43] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 5/311. [44] البغدادي: تاريخ بغداد 1/83. [45] ابن أبي شيبة الكوفي: المصنف 15/317-319. [46] البيهقي: السنن الكبرى 8/182. [47] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص27، 28. [48] المصدر السابق ص29، 30. [49] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص31-33. [50] علي يحيى معمر: الإباضية في موكب التاريخ 1/133. [51] الشوكاني: فتح القدير 1/105. [52] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص133. [53] الإمام أبو زهرة: تاريخ المذاهب الإسلامية. [54] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص130. [55] أبو الحسن الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1/204، ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل 4/89، د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص55، 56. [56] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص22. [57] الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/32. [58] د. ناصر علي عائض حسن الشيخ: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام 3/1157، د. الصلابي: فكر الخوارج والشيعة ص61. [59] الأشعري: مقالات الإسلاميين 1/204. [60] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص23. [61] المصدر السابق ص24. [62] السابق نفسه، الصفحة نفسها. [63] د. محمد عمارة: تيارات الفكر الإسلامي ص24. [64] المصدر السابق ص24. [65] السابق نفسه، الصفحة نفسها. [66] محمود شاكر: الدولة العباسية 5/87. [67] المصدر السابق 5/161. [68] السابق نفسه 5/134، د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص163. [69] د. مصطفى الشكعة: إسلام بلا مذاهب ص151-159.[/align] |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
ملفّ قيّم وهامّ جدا..شكرا لك على إثراء الموضوع..أرجو أن يلتحق بنا بقية الأعضاء..مودتي..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
شكراً لك أختي أ. هدى على الموضوع المهم . أختي أ. هدى : لا يجوز في حال من الحالات وصف المسلم على أنه متطرف عند تطبيقه الأوامر الإلهية كما جاءته من الله عزوجل , و لكن ذلك جائز في حال تم تحريفه لبعض منها , و في كلتا الحالتين فإن عدونا و نظراً لانتشار التحلل بين المسلمين من كثير من الأوامر الإلهية و كذلك انتشار الجهل فيما بينهم فيما يخص دينهم و عقيدتهم قد وجد في ذلك فرصة سانحة لبث أفكاره المنحرفة و شبهاته الخبيثة مما أدى لنشوء الكثير من المذاهب الضالة المضلة , أضف لهذا فقد بث فينا من هو ليس منا أي بث فينا منافقين يعملون ليل نهار باسم الدين , يظهرون حرصاً عليه و في نفس الوقت يطعنون فيه ما استطاعوا لذلك سبيلاً , و له أي عدونا حيل و مكائد تتنوع و تختلف و ذلك حسب الزمان و المكان مما يفرض علينا التشمير عن سواعدنا و العمل جدياً على محاربته فكرياً و عقدياً و عند اللزوم عسكرياً , و السؤال المهم الآن : أين هم المسلمون الغيارى على دينهم , أين هم المسلمون الذين يقتطعون الكثير من وقتهم لنصرة هذا الدين نصرة حقيقية , بالعلم و المعرفة و الدراسة و الاهتمام و الجهاد , أين هم المسلمون الذين عملوا الكثير لآخرتهم و اكتفوا بالقليل من دنياهم و لم يغتروا بها و بزينتها ؟ من أمثلة مكر و كيد عدونا في تشويه صورة الإسلام و اتهام أبنائه بما يريد (تطرف , إرهاب) هو أن ينشأ فرقاً مقاتلة تدعي الإسلام , تقوم بالتفجير و القتل العشوائي في أماكن مختلفة من العالم بحجة جهاد العدو , مع الانتباه إلى أن عدونا في أتم الاستعداد على أن يضحي بجزء من ماله و أبنائه في سبيل تحقيق ما يسمى بالمصالح العليا , و من الأمثلة الأخرى على كيد عدونا و مكره هو أن يبث فينا شيوخاً قد تربوا على يديه مكراً و حقداً على الإسلام حتى إذا ما كثر أتباعهم و وجدوا الفرصة سانحة بدؤوا ببث ضلالاتهم بين المسلمين . |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
تحياتي لك مجدداً أخي الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح [/align]نعم للأسف المساهمة في هذا الملف من قبل الأعضاء أقل مما كنت أتوقع ولعل هذا بسبب حساسية الطرح وخوف البعض من الخوض في مثل هذه المسألة.. إنساننا العربي يسكنه الخوف من كل شيء ومن أي شيء .. يمشي بموازاة الجدار ويقول يا رب الستر.. هذا الخوف من الخوض في أي مسألة جادة وخطيرة يحتاج زمناً من الحرية حتى يتغير، ناهيك هنا أن المسألة تتعلق بمن يظهرون التدين والتمسك بالشرع ، وكثير منا تنقصهم الثقافة الدينية من جهة ومن جهات أخرى نجد علماء السلطان ومقابلهم نجد هؤلاء الغلاة الذين يعاديهم السلطان علنا ويدعمهم سراً، مما يجعل المسلم العادي في حالة من الحيرة والبلبلة الشديدة، لهذا تم الاختراق باسم الدين فالدين خط أحمر ، مع أن الدفاع عن الدين يكون دوماً بتنقيته ممن يعملون على تشويهه وخلفهم أيادي خبيثة.. نحن في الزمن الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (( القابض على دينه كالقابض على الجمر )) ونستمر ونبقى أنت وأنا بانتظار المزيد من المداخلات والاسهامات في هذا الملف الخطير ، والدليل على الاهتمام أن عدد القراء بلغ 52622 قارئ، وبالتأكيد أنه مع الاستمرار سيتجاوز المائة ألف قارئ. تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأخ العزيز الدكتور محمد رأفت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/align]نحن بالتأكيد لا نفتي ولا نصف أحداً بالتطرف إلا بناء على ما اتفق عليه علماء الأمة ، وفق ما كان ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في تعريف الخوارج ، ولدينا عن الخوارج ممن حاربوا سيدنا عليّ كرم الله وجهه ورضي عنه ، وتجرؤوا على تكفيره! كما ترى لا فرق تقريباً بين الخوارج في ذلك الزمن عن خوارج اليوم إلا تفاصيل هي أكثر سوءا ، مثلاً اليوم يتخفون وهم عبارة عن مجاهيل لا أحد يعرف عنهم شيئاً ولا عن أمرائهم ويفرضون على الناس اتّباعهم بالقوة والرعب والتهديد دون حتى أن يعرفهم هؤلاء الناس وقد لا يرون وجوههم ، يرخصون الانتحار المحرم شرعاً ويسمونه استشهاداً، ويسرقون الشباب في عمر الزهور بعد غسل أدمغتهم من أهاليهم ليفجرون أنفسهم وغالباً ما يكون بين الضحايا أطفالاً وأبرياء الجهاد واجب لكنه إسلامياً له شروط وآداب لا بد من اتباعها. حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الغلو وشدد على الوسطية والتيسير على الناس ، والمسلم لا بد أن يتحلى بمكارم الأخلاق والمؤمن - ليّن سمح خيّر - ييسر ولا يعسر تملأ قلبه الرحمة ووجهه البشر والحبور ، ولا يقاضي الناس فلا يكفّر هذا وذاك دون بينّة أو كفر صريح ولا يتجرأ على سفك دماء الآمنين من المسلمين وأهل ذمة الرسول صلى الله عليه وسلم. طبعاً سنتعرض بإذن الله لتشويه الإسلام من قبل الأعداء وأسبابه وأتمنى منك أن تفيدنا في هذا الملف وتشاركنا بتوضيح وإضافة ما تراه مناسباً ومفيداً لهذا الملف تفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
المسلم الحقّ أختاه..مَنْ لا يخاف في الله لومة لائم !! إذا كنّا نعجز عن المشاركة كتابةً فكيف يمكننا الدّفاع عن ديننا الحنيف ؟؟؟ سنسأل يوم القيامة عن رسالة الإسلام وماذا قدّمنا للتعريف بها!!! شكرا لك مرة أخرى..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
أسعد الله مساك أختي هدى ,, ولا أستطيع تجاوز دعوتك بالخاص للمشاركة بموضوع كهذا ,,وللعلم هذه ستكون مشاركتي الثانية بصفحات النور ومنذ أشهر ,, باستثناء الديوان الألفي ,,
من ديواني .. قصار الصور في ضَـيعتـِنا ...حَجـَبَ الثـَّلجُ الأسودُ شمسي فـَتجلـَّدَ شيءٌ في صَدري يَـنبضُ ثأرًا وحشيًا ببرودةِ ساطورٍ حَجـري حتـَّى بؤبؤُ عَـيني صارَ رصاصًا لا يـَنظرُ للصَّدرِ النـَّاهدِ نـَظرةَ عـشقٍ بل نظرةَ قـَنـَّاصٍ يَضبطُ مِنظارَ الغـَدرِ حسن إبراهيم سمعون |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
شكرا لك أيهذا الجناح على تلبية الدعوة..وصلت الفتوى أخي حسن..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
الأديبة الغالية الأستاذة هدى الخطيب صحيح ما تقولين وتتوقعين , بأن طرح هذا الموضوع حساس وخطير للغاية , وقد يبتعد البعض عن المشاركة , ليس خوفاً , وإنما لأسباب أخرى لا شك أنكِ والزملاء تقدرونها حق التقدير , وأنا أقول ذلك عن نفسي . لكني آثرتُ أن أكتب رأيي بشكل بسيط وبدون أية تعقيدات : دين الإسلام ديننا الحنيف هو دين الوسطية والتسامح والأخلاق النبيلة والرفيعة التي علمنا إياها القرآن الكريم والسنة النبوية . لكن ما نراه هذه الأيام من تطرف ديني ومتطرفين باسم الإسلام و فيه تُهتك الأعراض ويُقتل الأبرياء وتُسفك الدماء وتُدمر بلاد بطولها وعرضها , وكل هذا باسم الدين والإسلام , وهي في الحقيقة ما نهى عنها الإسلام , بل وهي تشويه واضح وكبير للإسلام والمسلمين . قال الله تعالى :" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر " صدق الله العظيم . وأنا متابعة لهذا الملف بكل اهتمام وتقبلي أستاذة هدى وكل المشاركين في هذا الملف كل التقدير والاحترام . |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
شكرا لك أختنا الفاضلة بوران..المهم هو أن يساهم الأعضاء ولا يهمّنا اتجاههم بقدر ما تهمنا مشاركتهم وإبداء آرائهم بكل حرية..فالكلمة أمانة..أكرّر شكري..
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
مساء الخير أيها الأفاضل
قرأت وحاولت أن أتابع لكن يوجد كم كبير من المعلومات يحتاج وقتاً للدراسة والتمحيص . كنت أظن موضوع التطرف الديني سيكون من وجهة نظر أخرى .. يعني الجماعات التي بدأت تظهر من كل حدب وصوب وبدأت تظهر معها فتاوى كثيرة واجتهادات مخيفة وبدأت أضرارها تعم ولا تخفى على أحد .. لكن المشكلة هي كيف نقول أن هذا متطرف دينياً وما فائدة أن نقول ذلك ؟ يعني هل الأمور واضحة وضوح الشمس كمن يفطر في رمضان مثلاً عن قصد فنقول فلان أفطر في شهر رمضان ويتوجب عليه الكفارة التالية .. هذا مثال عن أن الأمور الواضحة التي يسهل التعامل معها .. أما المشكلة هي في الأمور الشائكة ..فمن منا يستطيع أن يحدد أن هذا يعتبر تطرفاً يدينياً .. وهذا خروج عن الدين ..وهذه مبالغة .. أو لغو .. أو أو الخ .. نحن نحتاج إلى متفقهين في الدين ينورونا بعلمهم وفقههم ويقولون لنا هذه التصرفات فيها نوع من التطرف ويتوجب إيقافها .. هذا الموضوع فيه تطرف ديني ويجب إيقافه .. أما المشكلة اليوم فهي أن هذا يشكك .. وهذا ينفي .. وهذا يدحض .. وهذا يكذب .. والناس أصبحت في حالة كبيرة من الشك .. أين الحقيقة .. البحث في الدين .. يجب أن نعود ونبحث جيداً في الدين .. ونتصدى لكل من يحاول تشتيت المسلمين ..سواء من خلال الفتاوى .. أو التصرفات التي ظهرت على السطح وأربكت الجميع .. وشكرا لكم |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
الأخ الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح بارك الله بك وبحسك الديني الإيماني والوطني والإنساني العالي.. معك كل الحق فثمن عظيم ندفعه عندما نهاب أن نقول للمخطئ " أنت مخطئ " وهل نحن اليوم من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك ظالم فقد تُوُدِّع منهم". تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الأخ الغالي الشاعر الأستاذ حسن سمعون تحياتي لك ومرحباً [/align]يارجل وتقولها بوجهي وكأنك تبرر وجودك لا غيابك: " ستكون مشاركتي الثانية بصفحات النور ومنذ أشهر ,, باستثناء الديوان الألفي ,," ؟! ما زلت لا أفهم سبب انقطاعك عن نور الأدب ولا أجد له داعياً نحن المثقفين الذين فرضت علينا الظروف أن نكون شخصيات عامة علينا أن نكون قدوة للناس ، فنلم الشمل حين يتفرق ولا نترك الاختلافات تفعل بنا ما تفعله بالجهلة، دورنا كبير ويجب دائماً أن يكون إيجابياً.. أنتظر منك دوماً يا أخي أن يكون غيابك هو الاستثناء وليس حضورك الغريب أن لا أحد على فيس بوك يغادره إذا اختلف بالرأي مع الآخر لكننا نفعل في صروحنا الأدبية والوطنية التي نبنيها بجهودنا المضنية وتعب السنوات. متى نعلن الحرب على الفرقة والتشرذم ونناقش خلافاتنا دون أن نسمح لها بالتفريق بيننا ؟ حملت الجميع بصحو عينيّ - اختلفوا معي - لكن احملوني في صحو أعينكم كما حملتكم... تقبل من أختك أعمق آيات التقدير والاحترام |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
الغالية الحبيبة أستاذة بوران تحياتي [/align]كما قال لك أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح ، نحن لا نسعى مطلقاً للرأي الواحد.. قد أختلف معك باعتباره سبباً لا نتيجة واختراقاً وأتفق معك عداه في كل ما ورد في مداخلتك الكريمة ، والحقيقة لا تظهر إلا باختلاف الآراء وحل أي مشكلة يحتاج أن نناقشها كل وفق ما يرى. أسعدتني جداً مداخلتك الراقية أيتها الغالية على قلبي مع أعمق آيات تقديري واحترامي لك |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
ا[align=justify] لأديبة الحبيبة أستاذة ميساء تحياتي [/align]سنتطرق بإذن الله لكل شيء في هذا الملف وكما أعلنت في مداخلتي الأولى: " نريده شاملاً وافياً " قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( الحلال بيّن والحرام بيّن )) والجاهل الذي يفتي بغير ما تعارف عليه علماء أهل السنة والجماعة ، ثم يقوم بتأويل النصوص كما يحلو له، أمر واضح أنه خروج عن المذهب وعن سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم. سيماهم في وجوههم ، تجدين فيهم الفظاظة ولا نجد على وجودهم هيبة الإيمان ونوره - ذلك البشر الذي يتجلى على وجه المؤمن ، ويكفرون الناس بالظن إلخ.. جزيل الشكر وأنتظر منك المزيد من المداخلات |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
ا[align=justify] الأديبة الحبيبة أستاذة ميساء تحياتي [/align]سنتطرق بإذن الله لكل شيء في هذا الملف وكما أعلنت في مداخلتي الأولى: " نريده شاملاً وافياً " قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( الحلال بيّن والحرام بيّن )) والجاهل الذي يفتي بغير ما تعارف عليه علماء أهل السنة والجماعة ، ثم يقوم بتأويل النصوص كما يحلو له، أمر واضح أنه خروج عن المذهب وعن سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم. سيماهم في وجوههم ، تجدين فيهم الفظاظة ولا نجد على وجودهم هيبة الإيمان ونوره - ذلك البشر الذي يتجلى على وجه المؤمن ، ويكفرون الناس بالظن إلخ.. جزيل الشكر وأنتظر منك المزيد من المداخلات |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/align]ننتقل الآن في هذا البحث للإسلام السياسي وحين ننتهي منه نفتح ملفات البحث على ما يعرف بالإسلام الجهادي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify] [align=justify]اقتبست عن ويكيبيديا ما ورد بصفحة واحدة عن حركات الإسلام السياسي والجهادي كمرجع وقاعدة للبدء ( بتصرف) على أن نقوم بالتفصيل فيما بعد والبحث في المواجع بشكل أعمق. الإسلام سياسي مصطلح سياسي وإعلامي وأكاديمي استخدم لتوصيف حركات تغيير سياسية تؤمن بالإسلام باعتباره "نظاماً سياسياً للحكم". ويمكن تعريفه كمجموعة من الأفكار والأهداف السياسية النابعة من الشريعة الإسلامية التي يستخدمها مجموعة "المسلمين الأصوليين" الذين يؤمنون بأن الإسلام "ليس عبارة عن ديانة فقط وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة". وتعتبر دول مثل إيران والسعودية ونظام طالبان السابق في أفغانستان والسودان والصومال أمثلة عن هذا المشروع، مع ملاحظة أنهم يرفضون مصطلح إسلام سياسي ويستخدمون عوضاً عنه الحكم بالشريعة أو الحاكمية الإلهية. يتهم خصوم الحركات الإسلامية هذه الحركات بأنها "تحاول بطريقة أو بأخرى الوصول إلى الحكم والاستفراد به، وبناء دولة دينية ثيوقراطية وتطبيق رؤيتها للشريعة الإسلامية". وتلقى فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية بحذافيرها في السياسة عدم قبول من التيارات الليبرالية أو الحركات العلمانية ، فهي تريد بناء دول علمانية محايدة دينياً، وأن تكون مسألة اتباع الشريعة الإسلامية أو غيرها من الشرائع شأنا خاصا بكل فرد في المجتمع لا تتدخل فيه الدولة. ورغم الانتقادات والحملات الأمنية ضدها تمكنت حركات الإسلام السياسي من التحول إلى قوة سياسية معارضة في بعض بلدان غرب آسيا وبعض دول شمال أفريقيا. كما نجحت بعض الأحزاب الإسلامية الوصول للحكم في بعض الدول العربية مؤخرا مثل تركيا ومصر وتونس والمغرب وحركة حماس في فلسطين. بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 وجه الإعلام العالمي اهتمامه نحو الحركات السياسية التي توصف "بالإسلامية"، وحدث في هذه الفترة الحرجة نوع من الفوضى في التحليل أدى بشكل أو بآخر إلى عدم التمييز بين الإسلام كدين وبين مجاميع معينة تتخد من بعض الاجتهادات في تفسير وتطبيق الشريعة الإسلامية مرتكزاً لها. وعدم التركيز هذا أدى إلى انتشار بعض المفاهيم التي لا تزال آثارها شاخصة لحد هذا اليوم من تعميم يستخدمه أقلية في العالم الغربي تجاه العالم الإسلامي بكونها تشكل خطراً على الأسلوب الغربي في الحياة والتعامل. يعتبر مصطلح الإسلام الأصولي (بالإنكليزية: Islamic Fundamentalism) من أول المصطلحات التي تم استعمالها لوصف ما يسمى اليوم "إسلام سياسي" حيث عقد في أيلول / سبتمبر عام 1994 م مؤتمر عالمي في واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية باسم " خطر الإسلام الأصولي على شمال أفريقيا" وكان المؤتمر عن السودان وما وصفه المؤتمر بمحاولة إيران نشر "الثورة الإسلامية" والتشيع في أفريقيا عن طريق السودان بعد ذلك تدريجياً وفي التسعينيات وفي خضم الأحداث الداخلية في الجزائر تم استبدال هذا المصطلح بمصطلح "الإسلاميون المتطرفون" واستقرت التسمية بعد أحداث أيلول / سبتمبر 2001 على الإسلام السياسي. يعتقد معظم المحللين السياسيين الغربيين أن نشوء ظاهرة الإسلام السياسي يرجع إلى المستوى الاقتصادي المتدني لمعظم الدول في العالم الإسلامي حيث بدأت منذ الأربعينيات بعض الحركات الاشتراكية في بعض الدول الإسلامية تحت تأثير الفكر الشيوعي كمحاولة لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأفراد ولكن انهيار الاتحاد السوفياتي خلف فراغا فكريا في مجال محاولة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، ويرى المحللون أنه من هنا انطلقت الأفكار التي ادعت بأن تفسير التخلف والتردي في المستوى الاقتصادي والاجتماعي يعود إلى "ابتعاد المسلمين عن التطبيق الصحيح لنصوص الشريعة الإسلامية وتأثر حكوماتهم بالسياسة الغربية" ولعبت القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي واحتلال العدو الصهيوني بالإضافة لفلسطين للضفة الغربية وقطاع غزة كل هذه الأحداث وتزامنها مع الثورة الإسلامية في إيران وحرب الخليج الثانية وما يعرف بالهلال الشيعي مهدت الساحة لنشوء فكرة أن السياسة الغربية "مجحفة وغير عادلة تجاه المسلمين وتستخدم مفهوم الكيل بمكيالين". يرى بعض المحللين الأميركيين في شؤون الإسلام مثل روبرت سبينسر المعادي للاسلام أنه "لايوجد فرق بين الإسلام والإسلام السياسي وأنه من الغير المنطقي الفصل بينهما فالإسلام بنظره يحمل في مبادئه أهدافاً سياسية" وقال سبينسر ما نصه "ان الإسلام ليس مجرد دين للمسلمين وانما هو طريقة وأسلوب للحياة وفيه تعليمات وأوامر من أبسط الأفعال كالأكل والشرب إلى الأمور الروحية الأكثر تعقيداً كما يقول. [/align] بدايات الإسلام السياسي بالرغم من وجود دول في التاريخ كانت تستند في إدارتها الداخلية والخارجية وتوجهاتها السياسية إلى الشريعة الإسلامية ولكن حركة الإسلام السياسي بمفهومه الحديث بدأت بعد انهيار الدولة العثمانية عقب الحرب العالمية الأولى وقيام مصطفة أتاتورك بتأسيس جمهورية تركيا على النمط الأوروبي وإلغائه لمفهوم الخلافة الإسلامية في تاريخ 3 آذار / مارس 1924م وعدم الاعتماد على الشريعة الإسلامية من المؤسسة التشريعية وقام أيضاً بحملة تصفية ضد كثير من رموز الدين والمحافظين. وبدأت الأفكار التي مفادها "أن تطبيق الشريعة الإسلامية في تراجع وأن هناك نكسة في العالم الإسلامي بالانتشار" وخاصة بعد وقوع العديد من الدول الإسلامية تحت انتداب الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى . واعتبر البعض نشوء الحركة القومية العربية على يد القوميون العرب وجمال عبد الناصر وحزب البعث العربي الإشترامكي النكسة الثانية للإسلام في العصر الحديث. حركات الإسلام السياسيالوهابية جاءت الدعوة الوهابية بالمنهج السلفي بهدف ما تعتبره تنقية لعقائد المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية التي انتشرت في بلاد الإسلام وتراها الوهابية مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي مثل التوسل والتبرّك بالقبور وبالأولياء والبدع بكافة أشكالها. ويصفها أتباعها بأنها دعوة إلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالحكمه والموعظه الحسنة والرجوع إلى الإسلام الصافي وهو طريقة السلف الصالح في اتباع القرآن والسنة والاعتماد المباشر على النص من القرآن والسنة وأقوال السلف الصالح وإجماع العلماء. حركة ديوباندي في الهندنشأت حركة ديوباندي في الهند كردة فعل على الهيمنة البريطانية في الهند حيث انطلقت من قرية ديابوند الواقعة 150 كم من العاصمة نيودلهي على يد سيد أحمد خان (1817 - 1898) حركة إسلامية انتشرت في جنوب آسيا وكانت الحركة تتخذ من الفقه الإسلامي حسب المذهب الحنفي محوراً مركزياً لها وتم بناء مدرسة دار علوم ديوباند في القرية عام 1866 م وقامت المدرسة بتدريس مايعتبره العالم الغربي بالمفهوم الحديث الإسلام السياسي ويمكن تلخيص مبادئ هذه الحركة بالتالي: توحيد الله, اتباع سنة رسول الإسلام محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ( صلى الله عليه وسلم) في كل صغيرة وكبيرة, حب الصحابة, تقليد واتباع أقدم مدارس الفقه أو الشريعة الإسلامية والجهاد في سبيل الله. كان لهذه المدرسة الأثر الأكبر في نشوء حركة طالبان فيما بعد. كان مؤسس الحركة سيّد أحمد خان يشعر بالقلق من كون المسلمين أقلية في الهند وكمواجهة للمد البريطاني في الهند نصح اتباعه بتقبل الثقافة الغربية بصورة محدودة مع عدم الانفتاح الكامل على الغرب وكان يخطط لإنشاء مؤسسة تعليمية ضخمة توازي في ضخامتها جامعة كامبريدج وقام باصدار صحيفة باسم "تهذيب الأخلاق" وتدريجياً نشأت خلافات بينه وبين الهندوس من جهة والسلطات البريطانية من جهة أخرى وعندما بدأت بوادر الأزمة في عام 1876 م نتيجة إصرار الهندوس على اعتبار اللغة الهندية لغة رسمية بدلاً من لغة أردو عندها صرح أحمد خان أنه كان ولفترة طويلة يعتقد أن المسلمين والهندوس هم أمة واحدة ولكنه مقتنع الآن أن هناك خلافات جذرية تمنعهما من أن يكونا أمة واحدة". بالرغم من أن حركة سيد أحمد خان لم تكن مسلحة ولم تتسم بطابع العنف إلا أن آثار وأفكار هذه المدرسة كانت لها دوراً كبيراً في نشوء دولة باكستان وحركة طالبان فيما بعد. يعتبر سيد أبو الأعلى المودودي (1903 - 1979) من الشخصيات الدينية البارزة في تاريخ باكستان وكان المودودي متأثراً بحركة ديوباندي في الهند . نادى المودودي بإقامة دولة إسلامية يتم فيها تطبيق للشريعة الإسلامية وفي عام 1941 م أنشأ المودودي مجموعة "جماعتِ إسلامی" أي الجماعة الإسلامية وكانت عبارة عن حركة إسلامية سياسية وسيطرت هذه الحركة في الوقت الحاضر على 53 مقعد من المقاعد البرلمانية البالغة عددها 272 في البرلمان الباكستاني ويؤمن بعض المؤرخين بأن سيّد قطب الذي ينتمي لحركة الاخوان المسلمين قد تأثر بأفكار المودودي ويعتبر قطب والمودودي من مؤسسي تيار ما يسميه البعض "الصحوة الإسلامية". تعرض المودودي إلى الاعتقال بسبب انتقاداته الشديدة والمتكررة للسياسيين في باكستان من عدم اعتمادهم على الشريعة الإسلامية في رسم سياسة الدولة. من عام 1956 م إلى عام 1974 م قام المودودي بمجموعة من الرحلات لنشر أفكاره على شكل محاضرات في القاهرة ودمشق وعمّان ومكة والمدينة وجدة والكويت والرباط واسطنبول ولندن ونييورك وتورنتو. الإخوان المسلمونطبقاً لمواثيق جماعة الاخوان المسلمين فإنهم يهدفون إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وكذلك في الدول العربية التي يتواجد فيها الاخوان المسلمون مثل الأردن والكويت وفلسطين كما أن الجماعة لها دور في دعم عدد من الحركات الجهادية التي تعتبرها حركات مقاومة في الوطن العربي والعالم الإسلامي ضد كافة أنواع الاستعمار أو التدّخل الأجنبي، مثل حركة حماس في فلسطين، وحماس العراق في العراق وقوات الفجر في لبنان، وتسعى الجماعة في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام عن طريق منظورهم. وشعار الجماعة "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمي أمانينا". حركات الجهاد الإسلاميأدى اعتقال سيّد قطب وتنفيذ حكم الإعدام فيه مع 7 آخرين في فجر الاثنين 29 آب / أغسطس من عام 1966م إلى نشوء نوع من بوادر الانقسام في حركة الإخوان المسلمين حيث استمرت قيادة الجماعة متمثلة في حسن الهضيبي في انتهاج نهج معتدل يدعو إلى الحوار بينما بدأت بعض الفصائل التي تتبنى تغييرات جذرية في الخطوط العريضة للحركة بالظهور وكان محركهم الرئيسي الكتابات الأخيرة التي كتبها سّد قطب من المعتقل قبل إعدامه ومهدت هذه الأحداث الطريق إلى نشوء حركة الجهاد الإسلامي في مصر في أواخر السبعينيات والتي تبنت مسؤوليتها عن اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات وحاولت اغتيال وزير الداخلية المصري حسن الألفي ورئيس الوزراء عاطف صدقي في عام 1993 م. حزب التحريركما تعتبر حركة الجهاد الإسلامي في مصر مسؤولة عن تفجير السفارة المصرية في باكستان العام 1995 م وسفارة الولايات المتحدة الأميركية في ألبانيا عام 1998 م. وكان أيمن الظواهري زعيمًا لحركة الجهاد الإسلامي في مصر في الثمانينيات ولكنه انضم إلى القاعدة فيما بعد.بعد نشوء هذه الحركة في مصر ظهرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وكانت معارضة لمنظمة التحرير الفلسطينية وزعيمها ياسر عرفات . حزب التحرير هو الحزب الإسلامي الوحيد الذي يعمل على استئناف حياة إسلامية في ظل دولة خلافة إسلامية يكون الإسلام فيها هو المبدأ الوحيد الذي يطبق كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي كذلك فهو الحزب المبدئي الوحيد الذي لم يغير من أفكاره ومبادئه منذ انشائه عام 1953 م وما زال متمسكاُ بأفكاره ومبادئه التي ترفض فكرة التدرج في تطبيق أحكام الإسلام وكذلك الانخراط في الأنظمة السياسية الكافرة أو الغير إسلامية للوصول للحكم بما انزل الله عن طريق خلافة إسلامية, وهو يسير على طريق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في اقامة الخلافة, وذلك استناداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية. A.K.F الصدام مع الانظمةقامت العديد من حركات الإسلام السياسي باعلان التمرد المسلح ضد عدد من الأنظمة العربية مثل ما حدث في سورية بين 1979 و 1982 الذي انتهى بمجزرة حماة وفي الجزائر أيضا بين 1992 و2002 والذي عرف باسم العشرية السوداء أحداث مؤثرة1- بعد الثورة الإسلامية في إيران شهد ما يسمى بحركات الإسلام السياسي من قبل البعض أو ما يسمى بالصحوة الإسلامية من قبل البعض الآخر نشاطاً في الثمانينيات والتسعينيات ويعتقد معظم المحللين السياسيين أن هناك عوامل عديدة ساهمت في هذا النشاط منها فشل حركات القوميون العرب والتيار الشيوعي من تحقيق أي تقدم ملموس في الواقع الاقتصادي المتردي في كثير من الدول العربية إضافة إلى قيام الجمهورية الإسلامية في إيران والتدخل السوفيتي في أفغانستان وصعود محمد ضياء الحق إلى السلطة في بكستان وحرب الخليج الثانية ، كل هذه العوامل مجتمعة مع التوتر في علاقة السعودية مع إيران وخاصة بعد فشل مساعي السعودية من الحد من انتشار الفكر الإيراني والعمل لتشييع العالم السنّي بعد اعتمادها على صدام حسين وحرب الخليج الأولى، أدى هذا إلى اعتماد السعودية استراتيجية بديلة في منافستها مع إيران ألا وهي الدعم المالي للمدارس الإسلامية القريبة من تفكير السعودية إضافة إلى الدعم المالي للمجاميع الإسلامية في البوسنة والهرسك وأفغانستان. 2- بعد 11 سبتمبر 2001في التسعينيات أخذت حركات الإسلام السياسي طابعاً عنيفاً في الجزائر، فلسطين ونيجيريا وكان الحدث الأكبر في هذه الفترة هو صعود حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان مما أدى بصورة عملية إلى تشكيل كيان جغرافي وسياسي وجد الكثير ممن يُوصفون باتباع منهج الإسلام السياسي "ملاذاً ونقطة انطلاق فيها" ومن أبرزهم تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن ( والذي كانت غذته أميركا سابقاً في حربها ضد الاتحاد السوفيتي) وفي تركيا فاز حزب العدالة والتمية ذو التوجه الإسلامي المحافظ بزعامة رجب طيب أردوغان بأغلبية مقاعد البرلمان في تركيا في عام 2002 م. بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 حاولت الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن ايجاد طريقة للحد من انتشار ما يسمى الإسلام السياسي فقامت الولايات المتحدة بإعلان الحرب على الإرهاب المثير للجدل الذي يرى البعض أنه بطريقة أو بأخرى أدى إلى زيادة انتشار فكر الإسلام السياسي حيث انتشرت هذه الأفكار في دول كانت تتبع في السابق منهجاً علمانياً مثل العراق حيث بدأت أفكار الإسلام السياسي بالظهور بعد غزو العراق وانهيار البوابة الشرقية للعالم الإسلامي السنّي في عام 2003م وتسليمها لإيران التي أنشأت بدورها ودعمت بعض هذه الحركات، وبدأ الملف الشيشاني مع الاتحاد الروسي يأخذ طابعاً أكثر عنفاً. ورأى الرئيس الأميركي جورج بوش جنيور أن الإصلاح الاقتصادي في العالم الإسلامي يعتبر عاملاً مهماً في الانتصار على ما سماه الحرب على الإرهاب ولكن هذا الإصلاح بدى بطيئاً جداً في ساحات الحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق . بعد الثورات العربية( المسند فارغ حتى الآن ) الليبرالية الإسلاميةهناك العديد من الحركات التي توصف بانها "حركات الإسلام الاجتهادي" أو "حركات الإسلام التقدمي" التي تعتمد على الاجتهاد أو تفسير جديد أو عصري لنصوص القرآن والحديث النبوي ويرى هذا التيار بأنهم يحاولون الرجوع إلى "المبادئ الأساسية للإسلام". يمكن تلخيص المحاور الرئيسية لهذا التيار بالنقاط التالية: استقلاية الفرد في تفسير القرآن والحديث , التحليل الأكاديمي للنصوص والاللهم الإسلامية المحافظة, انفتاح أكثر مقارنة بالتيار المحافظ وخاصة في مسائل العادات وطريقة اللبس والهندام, التساوي الكامل بين الذكر والأنثى في جميع أوجه الحياة, اللجوء إلى أستعمال الفطرة إضافة إلى الاجتهاد في تحديد الخطأ من الصواب. الإسلام السياسي في تركيا كنموذجيرى هذا التيار أن التطبيق الحرفي لكل ما ورد من نصوص إسلامية قد يكون صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً في ظروف متغيرات العصر الحديث. وهذا التيار لا يؤمن بصلاحية أية جهة باصدار فتوى ويؤمن هذا التيار بحق المرأة في تسلم مناصب سياسية ومعظم من في هذا التيار يحاولون فصل السياسة عن الدين ويفضلون مبدأ اللاعنف ، يرى التيار المحافظ في الإسلام أن مصطلح "مسلم ليبرالي" هو "صنيعة غربية" ولا يوجد على أرض الواقع مثل هذه التسمية وأن من يحملون هذه الأفكار قد "ابتعدوا عن المبادئ الأساسية لدين الإسلام بسبب تأثرهم بالعالم الغربي. يرى بعض المحللين أن مشاريع الإسلام السياسي قد فشلت في طرح أسلوبها ما أن وصلت للحكم ويشير الكاتب فرج العشة في كتابه "نهاية الأصولية ومستقبل الإسلام السياسي" كيف أن جماعات الإسلام السياسي المسلحة استخدمت شعارات محاربة فساد الدولة والاستبداد إلى استخدام ممارسات العنف والإجرام ضد الدولة ومواطنيها. كما أشار إلى أن فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا والذي يصنف على أنه من جماعات الإسلام السياسي ماهو "الا اعلانا مدويا عن نهاية الإسلام السياسي وليس انتصارا ساحقا له" مشيرا إلى أن زعيم الحزب رجب طيِّب أردوغان قد انقلب على الأيديولوجيا التقليدية السابقة للحزب، بسبب تأثره بكتابات المفكر الإسلامي التونسي الشيخ راشد الغنوشي كون الحزب يمارس السياسة حسب المسار العلماني كما أن برنامجه الانتخابي سيلسي صرف يفصل الدين عن السياسة وأن ذلك لايعني فصل الدين عن المجتمع، لدرجة أن عبد الله غول الرئيس التركي وهو نائب أردوغان في الحزب اعترض على تسميتهم بالإسلاميين وقال "لا تسمونا إسلاميين. نحن حزب أوروبي محافظ حديث لا نعترض إذا وصفنا بأننا ديمقراطيون مسلمون على غرار الديمقراطيين المسيحيين في البلدان الأوروبية الأخرى". [/align]مراجع:
|
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
الإسلام السياسي ن[align=justify] عرض الكاتب دراسة للباحث السياسي الفرنسي (فرانسوا بورغا ) احتجت لنقل هذه الدراسة الكثير من العمل والجهد لاحتواتئها على الكثير من الأخطاء الإملائية واللغوية ( لا أدري السبب) ولعله النقل عن الكاتب أو أي سبب آخر. تحمل عنوان: (L’islamisme Au Maghreb La Voix du sud) والتي حملت في ترجمتها العربية عنوان:(الإسلام السياسي في المغرب صوت الجنوب) وهي دراسة يؤكد المفكر نصر حامد أبو زيد) في تقديمه لها، رغم أنها تركز على التجربةالإسلامية في المغرب العربي، فإن هذه التجربة تتمتع بخصائص متشابهة في كل أنحاء العالم العربي والإسلامي. وتعتبر هذه الدراسة التي صدرت عن دار Karthala للنشر سنة 1988 وتوالت طبعاتها وترجماتها المتعددة فيما بعد، أول دراسة غربية حول ظاهرة الإسلام السياسي في العالم العربي، تتمتع بدرجة من الموضوعية، قد لا تكون متاحة بنفس القدر من الوضوح للباحث العربي المسلم، سواء كان هذا الأخير متعاطفاً مع الظاهرة أم كان معارضاً لها. وتكمن أهمية الكتاب (حسب نصر حامد أبي زيد) في تعامله مع الظاهرة الإسلامية، باعتبارها محصلة طبيعية ناشئة عن مناهضة الاستعمار أولا، ومتطورة عن فشل الخطاب النهضوي القومي ثانياً. ولذلك فإن هذا التحليل يعطي للظاهرة، عمقها الطبيعي في بنية الخطاب العربي من جهة، وفي آليات المقاومة الاجتماعية والسياسية ثانيا. وضمن هذا السياق التاريخي، الذي تنتمي إليه حركات الإسلام السياسي، فإن (فرانسوا بورغا) ينتهي في كتابه إلي نتيجة، في غاية الأهمية تدحض (عبر التحليل المنهجي) الأطروحة التي تروجها بعض حركات الإسلام السياسي عن نفسها، ويروجها عنها بعض المحللين والمراقبين والخصوم الإيديولوجيين ــ بتوظيف مختلف ــ هذه الأطروحة التي تربط بين الإسلام كدين، وحركات الإسلام السياسي كحركات سياسية. إن الإسلام التاريخي المدون في النصوص المقدسة (حسب فرانسوا بورغا) ليس وحده المولد لظاهرة الإسلام السياسي، بل الظاهرة متولدة عن واقع مركب ومعقد. إن اعتماد شفرة الإسلام في خطاب الإسلام السياسي، هي عملية تتم علي مستوى اللغة، لمناهضة شفرة أخرى غربية استعمارية أساساً، وهي شفرة قامت الأنظمة الحاكمة بإعادة إنتاجها في خطابها القومي العلماني. وإذا كان الصراع يدور علي مستوى الشفرة (في مستوى الخطاب) لمناهضة الاستعمار الغربي من جهة، ولمناهضة القومية العلمانية التابعة له من جهة أخرى، فالإسلام في هذه الحالة مجرد هوية يتسلح بها الإسلام السياسي، هوية تتجاوز العقيدة وتعلو عليها. ولكي يوضح (فرانسوا بورغا) صراع الشفرات هذا بشكل أوضح، فهو يلجأ إلي رسم صورة موجزة عن المجال الثقافي والسياسي، الذي نشأت فيه ظاهرة الإسلام السياسي، وهو مجال ارتبط بنموذج من التحديث المعاق، الذي مارسته الأنظمة السياسية التي تقلدت الحكم بعد انسحاب الاستعمار، فقد تطور نمط من التحديث بطريقة أسرع بكثير من ذلك التحديث الذي حاول أن يفرضه المستعمر من قبل، فقامت عدة أنظمة في اليوم التالي للاستقلال (معتمدة علي قوتها النابعة من شرعيتها التي تستمدها من إنجازاتها في التحرير الوطني) بتبني مجموعة من التشريعات، زعزعت إلي حد كبير مكانة بعض المؤسسات (مثل القضاء والجامعات)، وهي مؤسسات لم يجرؤ الاستعمار نفسه على المساس بها. وهكذا لم يتورع بورقيبة عن إنهاء اثني عشر قرناً من التقاليد الجامعية عندما أغلق جامعة الزيتونة الشهيرة، ويضيف (فرانسوا بورغا)نماذج أخرى (كاريكاتورية)لهذا النموذج التحديثي المعاق والمدوخ ببخور إيديولوجيا الاغتراب، حينما يرسم صورة لأتاتورك وهو يشنق أولئك الثائرين الذين يتشبثون بالطربوش، بينما يقوم عبد الناصر بمطاردة أمثالهم من الذين يرفضون التخلص من رموز وشفرات الثقافة التقليدية، ويطلب شاه إيران قص اللحي وحرق زي الحجاب. ويفسر (فرانسوا بورغا) إقدام الأنظمة الحاكمة على هذه النماذج من التحديث الكاريكاتوري المعاق، برغبة الجنوب في الوصول بطريقة أسرع إلى "الوليمة التكنولوجية الكبرى" ولذلك فقد ألقى بقوانينه وعاداته ولغته وأغانيه، بل وبملابسه... وأكثر من أي وقت سبق أصبحت اللغات الأجنبية، الفرنسية في المغرب العربي،والإنجليزية في المشرق العربي، السلاح الذي يضطر أن يلجأ إليه كل من يريد أن يحقق صعوداً مهنياً واجتماعياً. ولعل هذا الوضع الثقافي والسياسي العربي المستلب من قوى الاغتراب داخلياً وخارجياً، هو الذي كان يمهد الطريق لظهور حركات الإسلام السياسي، التي جاءت كرد فعل طبيعي، على العنف الرمزي الذي مارسته النخبة السياسية الحاكمة، على فئات عريضة من المجتمع، خصوصاً وأن هذه النخبة التي تولت الحكم بعد الاستقلال، لم تدرج ضمن اهتماماتها معالجة ذلك التصدع الذي أصاب الذهنية الجماعية في المجتمعات العربية وذلك عندما أصبحت الشفرات الثقافية لتلك المجتمعات تحتل مكاناً هامشياً. قد عملت هذه النخبة، على العكس من ذلك، على تعميق الجرح أكثر، حينما عملت على تحقيق استمرارية المشروع الاستعماري، عبر رفع شعارات التحديث، وبذلك كرست تهميش الشفرات الثقافية الخاصة بالمجتمعات العربية، وفي المقابل فرضت شفرات ثقافية بديلة، تعتبر امتداداً للفكر الغربي، الذي لبس جبة الاستعمار، حينما عمل علي اختراق البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات العربية. هكذا إذن يستخلص (فرانسوا بورغا) في آخر التحليل، أن الإسلام السياسي، تعبير عن رد فعل تجاه السيطرة الثقافية الغربية، فالمد الإسلامي من الخليج إلى المحيط، وفيما أبعد من ذلك، في المناطق التي انتشر فيها التوسع الغربي، تعبير إذن عن إدانة لطبيعة العلاقة الثقافية التي كانت سائدة أثناء المرحلة الاستعمارية. وبذلك تصبح أرضية الإيديولوجية والشفرات والرموز، هي الإطار الذي تتم فيه محاولة إعادة التوازن في العلاقة مع "الشمال" في مرحلة ما بعد القضاء على الاستعمار.ولكي يفصل (بورغا) في هذه الخلاصة أكثر، فهو يلجأ إلى تطبيق مقاربة استقرائية، يستنتج من خلالها، أن الدول التي يكون فيها تيار الإسلام السياسي، يجمعها قاسم مشترك، هو أنها عانت خلال القرن الماضي (يقصد القرن التاسع عشر) من مجموعة قيم فرضها الغرب أو صدرها إليها، وكانت درجة هذه المعاناة تزيد أو تقل حسب نوعية الاستعمار، فتتدرج من حالة، مثل حالة الجزائر، إلى درجات أقل حدة، نظراً لقصر المدة نسبياً، ولتواجد عدد أقل من المستعمرين(مثل المغرب الذي كان تحت نظام الحماية). وبناء على هذا التحليل، يؤكد (فرانسوا بورغا) بحدس علمي استشرافي عميق، قابلية الإسلام السياسي للتوازن، لأن بإمكانه أن يصل إلى استيعاب الشفرة الغربية التي يرفضها الآن، كرد فعل علي محاولة طمس الشفرة الثقافية المحلية. ولذلك فإن الإسلام السياسي (حسب بورغا)في تأسيس مشروعه الثقافي والسياسي، يحاول تحقيق التوازن للذات العربية، بعد أن نجح الاستعمار وأذنابه من الأنظمة السياسية المغتربة، في إفقاد الشعوب العربية لتوازنها الحضاري، عبر تحويل شفرتها الثقافية إلى الهامش، ومركزة شفرة ثقافية بديلة، تشوش على الأفق الثقافي المشترك للشعوب العربية/الإسلامية. ولعل مهمة إعادة التوازن إلى الذات الثقافية العربية، هي الكفيلة (حسب تصور بورغا)بتسهيل استيعاب الشفرة الثقافية الغربية، التي يمكنها أن تسهل مهمة التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن بأفق مغاير لما تم ترسيخه، خلال مرحلة التحديث الكاريكاتوري المعاق، بعد مرحلة الاستقلال. إن رفض حركات الإسلام السياسي للفكر الديمقراطي (حسب فرانسوا بورغا) يرجع إلى الظروف التاريخية التي أدت إلى ظهوره أكثر مما يرجع إلى مضمونه، لأن المفارقة الحقيقية (فيما يتعلق بالمعارضة الثقافية الإسلامية) تكمن في أنها قد تنجح في تحقيق، ما فشل في تحقيقه العنف الاستعماري والعنف المضاد القومي، إذ أن العودة إلى استخدام ثقافة الأجداد قد تتمكن من التوصل (بطريقة متناقضة للغاية)إلى المصالحة بين شفرات ورموز المجتمعات التي كانت مستعمرة، وبين المضمون الأساسي لهذه القيم الغربية، تلك القيم التي لم يستطع كل من الاستعمار والنخبة التي استوعبت ثقافته، والتي تولت الحكم بعد الاستقلال، توفير الظروف الملائمة لتوظيف هذه المفردات "الغربية" وبالتالي توفير ظروف فاعليتها. هكذا يفاجئنا (فرانسوا بورغا) بقراءة استشرافية، لا يمكن للتلقي المؤدلج والمغترب أن يستوعبها، وهي أن حركات الإسلام السياسي، تعتبر مرحلة أساسية في تاريخ الأمة العربية/الإسلامية، لتحقيق التوازن المفقود، ومن دون تحقيق التوازن للذات العربية/الإسلامية، عبر رد الاعتبار للخصوصية الحضارية، التي عمل الاستعمار وأذنابه على تهميشها، من دون تحقيق هذا التوازن، لا يمكن للعالم العربي/الإسلامي أن ينجح في استيعاب مقومات الحداثة الغربية، لأن ذاتاً لا تؤمن بقوتها وتماسكها النابعين من خصوصيتها الحضارية، لا يمكنها أن تدخل في تثاقف بناء ومثمر مع الآخر، وخصوصا إذا كان هذا الآخر يسعي إلى استلابها واستغلالها. الحركات الإسلامية صوت الربيع العربي.. في البحث عن الخصوصية الحضارية المفقودة إن القراءة الاستشرافية التي قدمها (فرانسوا بورغا)في وقت مبكر، لمشروع الحركات الإسلامية، هذه القراءة هي التي تتحكم، اليوم، في أحداث الربيع العربي، التي فرضت الإسلام السياسي كلاعب أساسي ومحوري في المعادلة السياسية الجديدة، ومن منظور الفكر السياسي الحديث، القائم على أساس الديمقراطية والدولة المدنية، هذه القيم السياسية الحديثة التي أصبحت بمثابة البوصلة التي تقود اتجاهات الحركات الإسلامية، سواء بخصوص النموذج الإسلامي التركي سابقا، أو بخصوص النموذج الإسلامي العربي، الذي بدأ يتخلص من اتجاهاته السلفية النصية، التي تحكمت في رؤيته الفكرية والسياسية، لعقود، وبالمقابل بدأ يستفيد، من التجربة الإسلامية التركية، التي يمكن اعتبارها، اليوم، بمثابة النموذج المثالي، الذي يمكن أن يقتدي به في العالم العربي. وإذا نجحت الحركات الإسلامية العربية في هذا الرهان، فإنها ستؤسس في العالم العربي، لمرحلة جديدة/قديمة مجهضة. هي مرحلة جديدة لأنها ستنجح بالتأكيد في حل إشكال التراث والحداثة، على مستوي الممارسة السياسية، علي شاكلة التجربة الإسلامية التركية، وهي مرحلة قديمة مجهضة، لأنها ستجدد الوصل مع تراث عصر النهضة، الذي تم إجهاضه على يد الانقلابيين، الذين استبدلوه بإيديولوجية عسكرتارية، مطعمة ببهارات(قومية/يساروية/علمانوية)، لم يجن من ورائها العالم العربي، سوى الخراب على جميع المستويات، سياسياً عبر صناعة أنظمة استبدادية تسلطية، واقتصادياً عبر هيمنة اقتصاد الريع غير المنتج، وثقافياً عبر ممارسة عنف رمزي غير مسبوق، حتى مع الاستعمار، على الذات الثقافية العربية الإسلامية، ونفس هذا الخراب هو الذي عم جميع المجالات الأخرى، لنستفيق أخيراً على كوابيس مرعبة، أصبحت تشكل تهديداً وجودياً على امتدادنا الحضاري، خصوصاً مع دخول النيوكولونيالية على الخط، محاولة ضخ دماء جديدة في هذه الأنساق السياسية والاقتصادية والثقافية المتهالكة، طبعاً لأنها تخدم أجندتها، بشكل يفوق بكثير، ما كانت تحصل عليه خلال المرحلة الاستعمارية ذاتها. وهنا، لابد أن نتوقف قليلا لمناقشة، ما يروج داخلياً قبل الخارج، حول نجاح التجربة الإسلامية، وخصوصا ما يتعلق ببعض الأصوات الشاردة، التي لا يمكن تصنيفها بالمعنى الإيديولوجي (الخاضع لمرجعيات فلسفية)وذلك لأنها تخدم بشكل لا واع الأجندة الغربية، حينما تروج للإسلاموفوبيا، التي ترفضها نخبة الغرب المتنورة نفسها، بينما تعتبر رهان اليمين المسيحي ــ اليهودي المتطرف، الذي يتعامل مع جميع تمظهرات الإسلام بشكل عام كمنافس جدي، لابد من وضع حد له، حتى ولو تطلب الأمر إعلان حرب صليبية، كتلك التي أعلنها اليمين المتطرف الأميركي مع جورج بوش. إنه ليس من حق أي كان، أن يحاكم النوايا، فيزعم أن حركات الإسلام السياسي تمارس التقية فقط، وأنها تتعامل مع الديمقراطية كسلم يوصلها إلى الحكم، لتحطمه فيما بعد، وأن الفكر الإسلامي يتعارض مع الديمقراطية والحداثة... إن ما يجب على القراءة الموضوعية أن تأخذ به، هو الممارسة على أرض الواقع، ولذلك سيكون من حقنا أن نصدر هذه الأحكام في حينها، بعدما تؤكد لنا الممارسة صدقية هذا المنحي. وفي هذا الصدد، لابد أن نذكر بأن نفس الخطاب، هو الذي كان رائجا منذ سنة 2002 بعد وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلي الحكم في تركيا، فقد كانت جميع الأصوات ترتفع من الداخل والخارج، شرقاً وغرباً، محذرة من خطورة الوضع السياسي في تركيا، ومشككة في نوايا الإسلاميين، الذين قيل عنهم كذلك، أنهم يتعاملون مع الديمقراطية كسلم، سيحطمونه مباشرة بعد الوصول إلى الحكم. لكن الممارسة الواقعية تنفي بقوة جميع هذه الادعاءات، وتؤكد بالملموس أنها جزء من الإسلاموفوبيا التي انتشرت غربا وشرقا، محذرة من الخطر الإسلامي الداهم، الذي سيعود بالعالم الإسلامي إلى القرون الوسطى.فتركيا، اليوم، وبعد عقد من ممارسة الإسلاميين للسلطة، تبدو في التقارير الدولة وقد أحدثت ثورة كوبرنيكية، في جميع المجالات، من السياسة إلى الاقتصاد والمجتمع، كما أن استمرارية التجربة الإسلامية في تركيا، يخضع للمنهجية الديمقراطية، التي تبوؤه في الانتخابات كمعبر عن الإرادة الشعبية. إن المدخل الذي اعتمده ( فرانسوا بورغا) في تعامله مع حركات الإسلام السياسي، باعتبارها صوت الجنوب، في مقابل صوت الشمال (الغرب) الذي حضر إما عبر الاستعمار، وإما عبر الأنظمة السياسية الحاكمة التي تعتبر امتدادا للوجود الاستعماري، هذا المدخل هو الذي مكن الباحث، من تقويم الأطروحة الغربية (التي تم استنساخها في العالم العربي)، والتي تربط بشكل ميكانيكي بين الحركات الإسلامية كحركات سياسية والإسلام كدين متعال، وهذا الربط هو الذي كان جوهر الإشكال، فقد تم رسم صورة لحركات الإسلام السياسي، كحركات دينية، تسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، وهذه الصورة تم تكريسها، من طرف بعض الحركات السلفية، التي اتخذت منهجاً راديكاليا، في ربطها بين الدين والدولة، بينما حقيقة الأمر أن هذه الحركات هي تعبير عن وضع فكري وسياسي واجتماعي، عاشه العالم العربي خلال المرحلة الاستعمارية، واستمر مع الأنظمة السياسية التي وصلت إلي الحكم بعد الاستقلال الشكلي، نتيجة توافقات مصلحية بينها وبين قوى الاستعمار الغربي. وسواء اتخذت هذه الأنظمة طابعاً قومياً أو علمانويا أو يساروياً، فإنها كانت تشترك في ارتباطها بالنموذج الغربي، مع اشتراكها كذلك في محاولة استئصال الجذور الثقافية والدينية للمجتمعات العربية، لكن بشكل (كاريكاتوري) على حد وصف الأستاذ محمد أركون للعلمانوية الأتاتوركية. وبناء على هذا التحليل، فإن حركات الإسلام السياسي، باعتبارها حركات سياسية وليست حركات دينية، تعتبر نبتاً أصيلا وليس طارئا أو دخيلاً ــ بتعبير حامد أبي زيد ــ فقد خصص (فرانسوا بورغا) فصلاً كاملاً من الكتاب (الفصل الثاني) للكشف عن أسباب ميلاد الظاهرة ونموها في صيرورة المجتمع العربي، حال انتقاله من تقليديته إلى خضوعه للاستعمار والتقائه بأوروبا، ثم نضاله ضد هذا الوجود الاستعماري بما يمثله من قيم ورموز، ثم ميلاد الدولة القومية وفشل المشروع القومي، وبعد ذلك ميلاد الإسلام السياسي مشروعا بديلا. إدريس جنداري كاتب وباحث أكاديمي مغربي |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
[align=justify]
علينا أن ندخل الآن بأهم جزء من البحث - لبّ الموضوع - والهدف منه [/align]ما يعرف بالحركات المتطرفة تاريخها - أهدافها وتشكيلاتها من يدعمها ومدى حقيقة اختراقها على مستوى قياداتها ممن؟ 1- النظام العالمي؟ 2- الصهيونية؟ 3 - الاستعمارية؟ 4- الاقليمية؟ ( لتحقيق أهداف وإنقاذ من ورطات) ( لتفكيك المذهب السنّي الأشعري المستهدف من قبل الجميع ، والذي يمثل الأكثرية ) هل هذه الحركات مخترقة فعلياً؟ ما هي شهاداتك ومشاهداتك وقراءتك حول بعض هذه التنظيمات؟؟ هنا تحديداً نحتاج الدعم والمشاركة في البحث وشكراً |
رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
النظرية والواقع أستاذة هدى أتمنى لو أني بمثل تفاؤلك، الذي توقعين فيه كل مشاركاتك. وأنتظر أن أقرأ لك مايؤكد هذه الثقة والتفاؤل الذي تسطع به حروفك. كما أتمنى أن تكون قراءتك عملية واقعية أكثر منها نظرية أو مثالية، وخاصة أني أعتقد أن ((نظرية)) الاسلام شيء والمسلمين شيء آخر وشتان بينهما، وإذا ماميزنا المسلمين إلى شيع وطوائف ومذاهب لسودَّت الصورة إلى درجة الإعتام الكامل الذي لانور بعده. فهل ستبشرينا بصحوة؟ دمشق 8/12/2013 |
الساعة الآن 56 : 11 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية