![]() |
حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
جالسة تتنازعني الأفكار .. يغتالني الزمان! .. لا تستغربوا!.. جميعنا.. يغتالنا الزمن كلّ يوم.. كلّ ساعة .. كلّ دقيقة وكلّ ثانية.. إن لم يمتنا الهمّ العربي بذبحة صدرية .. سكتة قلبية .. دماغية .. انفجار أو قصف.. غرق في البحر.. في المعتقلات.. تجارة بيع الأعضاء.. حادث سيّارة.. طائرة!!... فسنموت بأي حال..! تبدأ رحلتنا مع الموت منذ أن نولد!.. يتسلل الزمن وتقطع الدقائق والأيام شرايين الحياة فينا رويداً رويداً.. ليصفّى إكسير الحياة قطرة قطرة.... بعد ألف سنة من الآن ستحصل أعجوبة يبثها الإعلام حسب شكله وآليته حينها.. سيكتشفون جمجمتي.. هيكلي العظمي في بقعة مظلمة حبست عن الأوكسجين.. يعبثون بها.. يجرون عليها تجاربهم وأبحاثهم واختباراتهم.. ثم يغلفونها بمواد حافظة ويعرضونها في متحف الجماجم للزوار!... سيقول شاب لحبيبته ممازحاً: (( انظري لهذه الجمجمة كم تشبهك .. هههه.. )) ستغضب منه مزمجرة قائلة: (( بل هذه الجمجمة العفنة القبيحة تشبهك أنت)) فتاة أخرى تخاف.. وتفرّ هاربة.. وثالثة تخاف الوحام ووحماته على جنينها.. خرج ومرج وسخرية!.. فجأة تنتصب جمجمتي مستنكرة وتصرخ بهم: (( يا سادة يا كرام.. أنا كنت ذات يوم فتاة جميلة يتخاصم الشبان لأجل نظرة من عينيّ وكنت أسير بشموخ واعتزاز وشيئ من الغرور.. كنت امرأة رائعة المبسم دقيقة الأنف واسعة العينين ساحرة بهية القامة متميزة بين لداتي ، ربما أجمل منكنّ جميعاً.. كنت ذكية مثقفة لبقة أجيد عدداً من اللغات وأعرف الكثير عن مختلف أصناف العلوم والآداب .. ولكن.. أنا كنت إنسانة عربية في زمن القهر والهوان العربي.. متّ مقهورة .. جريحة راجية الإنصاف وإن بعد ألف عام! )). في ذلك اليوم تقرر مملكة المستقبل طحن جمجمتي الناطقة وتوزيع دقيقها على كل حدائق المدينة بين الورد الجوري والنرجس... كان.. كنتُ .. كنتِ .. كنّا.. كلّنا سنموت ويمتصنا التراب ويمحو ملامحنا .. ولكن.. من قال أن الموت عدم وانتهاء؟!... حين يموت الإنسان يخلع جسده كما يخلع المرء منا ثوبه!.. يرانا .. لا جسد يرتديه لنتمكن من رؤيته.. يحدثنا ولا حنجرة تتفاعل أوتار قيثارها لتنقل لنا صوته يحاول أن يمسح دمعنا لكن يده الشفافّة كالماء الممتدة كالهواء المتصلة بالفراغ فراغاً أرقّ وأشفّ من أن تمسح دمعة من دموعنا العربية الغزيرة... وقد يغني لنا ويتفاعل مع أوجاعنا وأحزاننا.. وقد.. ولكن!.. ((ها الأسمر اللون .. الأسمراني.. تعبان يا قلب خيته .. هواك رماني..)) هنا صوتُ العرب: ((منيرة وسميرة تطمئنان شقيهما جميل ووالدتهما الحاجة أم جميل.. طمئنونا عنكم!..)) صوت العرب !.. كأني سمعت بهذا الاسم من قبل.. حدثتني عنه أمّي.. ولكن.. هل بقي للعرب صوتاً؟!.. الحمد لله لم يزل صوت فيروز يصدح منذ أيام المذياع وصوت العرب ممتداً إلى زمن يوتيوب والحرب على الإرهاب، تغني: (( قالوا لي كِنْ وأنا رايح أجن .. أحبابي يُمى يا يُمى راحوا بعيد وتركوني .. )) يُمى .. أمي حبيبتي الأغلى من الحياة أيضاً تركتني.. فكرت وسط هذا الكَم من الجنون .. جنوني .. لن أنتظر الموت .. لأعيش.. لا بدّ أن أجد وسيلة ما تصلني بهم؟؟!!..... يا سيّدي الصيني المحترف.. يا سيّدي الياباني الخلاّق.. الهندي المتميز في عالم التقنيات.. أبحث عن آلية شديدة الحساسية تستطيع نقل وتكبير وشوشة الأرواح خارج أجسادهم ؟؟!!... جربت كل الآليات والتقنيات الحديثة والأحدث.. ولم أنجح.. نمتُ وأنا أحلم.. خرجتُ من جسدي .. عدتُ؟؟!!.. بدأت أتدرب على آلية الخروج من الجسد والعودة إليه مرة تلو المرة دون أن أعثر على أحبتي!.. مرهقةٌ أنا جسدياً وروحياً .. مرهقةٌ مسارب روحي... كنتُ أهيمُ كغمامة تسبح فوق الجبال والتلال ؛ فوق المدن والقرى ، تخترقني القنابل وقذائف الطائرات ؛ كراتٌ من النار واللهب تهبط وكرات من النور والضياء تصعد وتتلألأ.. وحيدة.. شرديدة .. كلّ يوم أغادرُ جسدي وأعود له خالية الوفاض ؛ ........... في يوم هناك سمعته بوضوح.. ميزت صوته.. كان يدقّ على باب عمره طلعت.. هل الموتُ حقاً طواك؟؟.. أشكّ وأصرخ حتى بوجه المرايا بوجهِ الحكايات ِ وجه ِ البدايات ِ وجه ِ النهايات ِ وجه ِ السماء البعيدة ِ أقسمُ أنّي أراكْ أشكّ ُ بكلّ الذي قالوهُ عنك َ أشكّ ُ بكل ّ الوجوه ِ الملامح ِ ،، كلّ العيون ِ البكاء ِ وأقسم أني أراكْ فها أنتَ قربي هنا على شارع ٍ كنا نمشيه ِ نمشي هنا على مقعد ٍ في الحديقة ِ تجلسُ جنبي تمدّ يديكَ وتشربُ تضحك ُ ،، تحكي عن الذكريات ِ وتذهب حتى انتشار الفصول ِ،، وتدمعُ عيناك َ آخْ أحسّ بصدري جبالَ صراخ ْ وأقسم ،، أقسمُ ،، أقسم ُ ،، أني أراك ْ تعلق كفك داخل معصم ِ روحي وتأخذ في سرد أحلى الحكايات ِ أضحكُ .. تضحك ُ تدمع عيناكَ .. عيناي َ هل كنّا نبكي زمانا سيأتي ؟؟.. وهل كنتَ تعرفُ أعرفُ أنـّي سأمشي وحيدا وتدمع عينايَ أشهق ُ آخْ مراياي َ دمع ٌ صراخُ فآخ ٍٍ وآخ ْ ( من قصيدته: ((هل الموتُ حقاً طواكْ؟؟..)) http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=5054 ---------- البداية في ذكرى رحيله الخامس--------- كان الخطاب وبداية الرحلة.. حواراً شعرياً مع أديبنا الموسوعي وشاعرنا الغالي الأستاذ طلعت سقيرق نحاوره ويحاورنا بشعره من خلال اقتباس شعره فقط ؛ |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]اقتربت .. سمعته بوضوح أكبر.. هنا .. يدق على باب عمره
وكان الحوار التالي: (( سيذكرني الناي ُ ذات َ مساء ٍ قريب ٍ.. بعيدْ سيسرح ُ بالأغنيات ِ وحيدا ليرعى جميعَ فصول النشيدْ أدقّ ُ على باب ِ عمري فيفتح ُ وجه ٌ غريب ٌ ويسألُ من أنت َ .. ماذا تريدْ ؟؟.. / أنا سيدي كنتُ من قبلُ داخل َ هذا المكان ِ أنظف ُ بعض َ الحروف ِ وأقطفُ وردَ الكلام ِ أعيدُ الصباح َ النديَّ إلى ضحكة ٍ من صفاء ٍ وأركض ُ نحو الحكايات ِ كي ينهضَ السروُ أحلى وكي أستردَّ الزمان َ الشريدْ / أدقّ على باب ِ عمري فيصرخ بي قد سمعتك َ هل من مزيدْ؟؟.. لقد قلت ما شئتَ هل من جديدْ ؟؟.. / أنا سيدي أعزفُ الآن صوتي على سدرة الروح أحكي لكلّ الذين يريدون وردة عشق ٍ بأني سأغسل بالشمس ِ بعض الدروب ِ سأرتدّ نحوي قليلا وأرسل للزهر دفءَ الوريدْ /.. أدقّ فيصرخ ُ ماذا تريد لماذا تدقّ جدار الزمانْ وما أنت إلا قصائدُ شعر ٍ تلاشى المكان الذي كنت فيه ِ تلاشى الزمان ُ فأيّ زمان ٍ وأيّ مكانْ ؟؟.. / .. سيذكرني الناي ذات مساء ٍ ويذكر أنّي صعدتُ الدروب جميع الدروب ِ بخفقة ِ قلب ٍ وهمسة ِ فنِّ وما كنتُ يوما سوى ما أريدْ زهورا وعطرا وروحا وحبا وخفقا يضخّ دماء َ النشيدْ ( من قصيدته: سيذكرني النايُ ) http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=5055[/align] |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]
قلت له: تعلمتُ الخروج من الجسد وكنت أبحث عنك في كل يوم قال: صباحُ الخير يا دفء المواويل .. صباحُ الخيرِ يا عمرا يصبُّ النور في عمري .. صباحُ الخير ِ بنت َ الخالْ ترى هل تهطلُ الأمطار ُ في كندا على أنغام ِ أغنية ٍ تشابهُ وردة ً في الشام ِ عابقة ً بكلّ مفاتن الدنيا ؟؟.. صباح الخير ِ بنت الخال كيف الحالْ أراكِ الآن في حيفا تزورينَ البيوت َ هناكْ ترين وجوهَ من سرقوا مدينتنا يحيطون الهوى العربيَّ بالأسلاكْ!!.. ويبنون الدروب السودَ بالقطران والأشواكْ *** صباح الخير يا عمرا من العمرِ هدى هل جئتِ من كندا سلاماً ٍ يطرقُ الأبواب َ بالورد ِ ؟؟.. ويفردُ فوق أغنيتي عهود الأهل ِ في شمسين من عهدي ؟؟.. شوارعنا هنا دقّتْ شموع الوعد والذكرى فطاف اللحنُ محموما ومرت في دمشق ظلال أيام ٍ خطاك ِ ترود ُ أرصفة ً لها عبق ٌ وعيناكِ انتباه العشق ِ ترتحلانِ بحثا عن وجوه ِ الأهل ِ في الغربهْ!! جميعُ الأهل بنت الخال قد تركوا ثرى حيفا تطاردهم ْ دماء جميع من ذبحوا .. وضاعوا في بلاد الله ِ واحترقوا !!.. تمادى العمر في اللعبهْ!!.. وعذّبنا ولوّعنا .. ومزق كلّ ما فينا من الأمطار يا وجهي ويا صمتي وبحة صرختي .. صوتي أحنُّ لضحكة ٍ عذبهْ !!.. هدى يا وجهي المسكون بالنور ِ أضاع الهجر كلّ طيور أحلامي وصار القلبُ عصفورا على السور ِ يرفّ فتطلع الأحلام ملتهبهْ!! تطوّقُ بالصراخ التائه المجنون حدّ الصدر والرقبهْ..!!.. صباح الخير بنت الخالِ كيف الحال في كندا وفي بيروتْ ؟؟!!.. وفي القدس ِ أما زالتْ خيول النصر ِ تائهةً تمدّ صهيلها وتموتْ؟؟!!.. تجوع لهمسة الأمس ِ ؟؟.. فوا أسفي !!.. جميع زماننا قطعٌ بلا معنى !!.. يدوسون الزمان بنا .. ونمشي دونما شمس ٍ ولا عرس ِ !!.. كرامتنا على الإسفلت ِ قد ذبحتْ !!.. وداسوها ... بسوق نخاسة سوداء باعوها !!.. ورغم النار ِ نزعقُ ندّعي أنّا على درب انتصارات السيوف السمر ِ ما زلنا !!.. وننسى أنّنا ضعنا !!.. وأنّ الشوك يقطر كلما سرنا !!.. أحارُ أتوهُ بنت الخال لك الترحال في صدري لك الترحالْ لك الموّال رغم القهر من عمري لك الموّالْ فعذرا إن ذرفتُ الدمع َ مقتولا من الأحوال قد ضاعت دروب الشمس ِ وانتحرتْ وصرنا نخبز الآمال بالآمالْ فكلّ العذر بنت الخال كل العذر بنت الخال ... ( من قصيدته: تمادى العمرُ في اللعبة !! ) http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=4915[/align] |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]شاعرنا الغالي الأستاذ طلعت سقيرق وأنا بانتظاركم لمشاركتنا في هذا الحوار الشعري معه... على مسارب الروح..[/align] |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
في سالفِ الزمان وقبل هذا الخراب الذي يحصل الآن ، كان يسكن في جسدي شيطان ينظم الشعر بكل أنواعه ، كانت الحروف تنساب من فمي على شكل أناشيد وأغان .
إن رأيت صبية جميلة كان غزلي لها على شكل قصيدة شعر. وإن كنت حزيناً كان فمي شلال دموع على بحر من بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي. فجأة ، بدون مقدمات متُّ ، أو لأكن دقيقاً ماتت روحي وبقي الجسد ، لا أعرف بدّقة متى حصل هذا؟ لا أعرف ، حقاً لا أعرف!. ربّما بسبب تعثري في هذه الحياة ، ربّما فقداني لكل الأحبة ربّما للمصائب التي أصابتني في هذه الحرب لا .. لا ، لماذا لا أستطيع الكتابة . أصابتني موجة من الكآبة ، قلت ربما نسيت اسمي ، ونسيت حروف العرب ولغة الضاد ، وحفظت مصطلحات جديدة ، مصطلحات تناسب مرحلتنا الجديدة ، البحث عن ملجأ آمن ، عن بيت آمن ، عن علبة حليب للطفل ، عن ابتسامة صادقة ، عن جار لا يثرثر ، عن غريب لا يقتلنا . بحثت حولي فازداد همّي ، فعدت لأوراقي القديمة ، مثل أي مفلس ، وتذكرت قصيدة كتبـتها في سالف الزمان ، يوم كان قلبي ينبض بالحب والحياة وبدأت أغني أغنيتي القديمة: دَمّرينيْ دَمّرينيْ اِحْرقيْ جثتيْ بالرمالِ ادفنينيْ ثُمَّ قولي للجميع.... كان لاجئاً فلسطينيْ اتركيني وابعديْ عنْ دربيّ الطويل اهجرينيْ ولا تباليْ بالسائلينْ وقولي هوَ ليسَ إلا فلسطينيْ ادفنينيْ ادفنينيْ بالسجونِ ادخلينيْ ثم قولي للملأ ليسَ إلا حيفاوي الجبينِ دمرينيْ اهجرينيْ لا يهمُّني أَنْ تتركيني لَنْ أُسَاومْ ، لَنْ أُسَاومْ ولأجل حقي سأقاومْ وانظري ليْ واعرفينيْ يا قوةَ الكونِ لا تجهلينيْ فأنا سأفني الفناء إن كان سيحيني وأحيي الحياةَ إنْ كانتْ ستحينيْ لأنيْ إن أكُنْ مضطهداً وجائعْ لا تنسوا بأنيْ فلسطيني.... ومضى الوقت ولم أنم ، وأشرقت شمس هذا الصباح لأجد طلعت سقيرق يأتي باسماً بوجهه يغني لي : أنت الفلسطيني أنت لا الشمسُ غائبة ٌ .. ولا .. صوتُ الجذورِ .. ولا .. ولا .. إنَّ الأغاني عالياتْ .. ورؤوسنا .. أعلى .. وأعلى .. عالياتْ .. ونحبُّ أنْ .. وتحبُّ أنْ .. نمضي .. ونمضي في الطريقْ أطلقْ رصيفَ الذكرياتْ .. أطلقْ نشيدَكَ عالياً .. أطلقْ شموسكَ والجبينْ أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ أعلى من السجانِ أنتْ أعلى من القضبانِ أنتْ .. أعلى .. وأعلى .. أنتَ .. أنتْ .. أنتَ الفلسطينيُّ يا رئةَ الزمانِ إلى المطرْ أنتَ الفلسطينيُّ أنتَ وأنتَ أنتْ .. الأرضْ أنتْ .. والدارُ أنتْ .. والبرتقالْ .. أنتَ السهولُ جميعُها أنتَ الجبالْ أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ أنتَ المطرْ .. أنتَ الجذورُ وأنتَ في جذعِ الشجرْ .. * * * حيفا يداكْ والكرملُ المجدولُ من شمسٍ هواكْ عكّا تراكْ .. يافا على أشجارها .. شدّتْ خطاكْ .. أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ .. سرُّ الهوى الملتمِّ في شفة الجليلْ يهفو إليكَ وأنتَ تحتضنُ الخليلْ أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ .. سرُّ انتصابِ السنديانْ أنتَ الأصابع حين ينطلقُ الحجرْ .. أنتَ المواويلُ التي .. شدّتْ على خصرِ الشجرْ .. * * * للسجنِ والسَّجانِ قضبانُ الحديدْ ولكَ النشيدْ .. ولكَ النهاراتُ التي تأتي إليكْ .. من أرضكَ السمراء ِ تأتي من قبضةٍ شدّتْ على خصرِ الحجرْ .. من كلِّ .. لا .. من خيمةٍ من كلِّ دارْ .. من طفلةٍ قبضتْ على حدِّ النهارْ .. دمنا منارْ .. سنظلّ نصرخُ في الطريقِ إلى الطريقِ .. إلى الديارْ للأرضِ إنّا عائدونْ .. إنّا إليكم عائدونْ .. يدنا تشدُّ على الزنادْ .. دمُنا منارْ .. خطواتنا من كلِّ دارْ .. ستهبُّ إنّا عائدونْ .. فلكَ النهارُ لكَ النهارْ .. أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ .. شجرٌ وميلادٌ .. وأنتْ .. هذا النهارُ إلى النهارْ .. للسجنِ والسجانِ قضبانُ الحديدْ .. ولهم ظلالُ ظلالهمْ .. ليلٌ لهم .. ولهم زوالْ .. أطلقْ جميعَ الأغنياتْ والذكرياتْ الأرضُ لكْ .. والدارُ لكْ .. ولكَ النشيدْ .. أنت الذي فجرتَ في الشجرِ الثمرْ أنت الذي عبّأتَ بالماء المطرْ أنتَ الذي أرّختَ في الأرضِ الجذورْ أنتَ الذي أعطيتَ للزمنِ البذورْ أنتَ الفلسطينيُّ أنتْ .. في زهرةِ الليمونِ أنتْ .. في حبّةِ الزيتونِ أنتْ .. في البرتقالْ .. فليصرخوا .. وليقبعوا خلف الأكاذيبِ القصارْ وليرفعوا سجناً وقضباناً ونارْ .. فإلى زوالْ .. لابدّ أن يأتي النهارْ .. أنتَ الطليقُ .. وأنتَ أنتْ .. في صرخةِ الميلاد أنتْ .. في خطوةِ التاريخ أنتْ .. الشمسُ أنتْ .. الأرضُ أنتْ .. الدارُ أنتْ .. لابدَّ أن يأتي النهارْ .. لابدَّ أن يأتي النهارْ . وفجأة ابتسمت وصرت أغني للحياة من جديد . |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
ربما كان علي أن أنشرها في قسم آخر
في البداية لم أستوعب الفكرة كاملة ، في حال وجود خطأ بالتصنيف بإمكانكم نقلها لقسم آخر وشكراً |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]
قلتُ له: صباح الخير يا وردايفتح ورده وردا صباح الخير يا أحلى من الأحلى و يا أصفى و يا أندى صباح الخير أكتبها فيطلع حرفها شهدا (من قصيدته: صباح الخير )[/align] http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=4792 |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]
هل أنت وحدك وقريبي زياد ؟ أين الأصدقاء والأحبة؟!.. أين البقية يا هدى.. أين هم يا ابنة الخال؟! https://scontent-ort2-1.xx.fbcdn.net...69&oe=58A760BA ثم استدار قائلاً: في ردهة الأيام يرتدّ المكانُ وطلقة ُ الناي ِ انتباه ٌ والزمانُ هو الزمانُ يدور في رأسي الغرامُ ويضحكُ الوقت المحنى بالحكايات القريبة والبعيدة ِ أنحني وأدقّ شباك السؤال .. ماذا سيحدث حين تنفرط القصيدة ذات يوم مثل رمان الحكاية ِ كي تقبـّل من يديك أصابع الورد المدى وتعود يشعلها الهوى ؟؟.. ماذا سيحدث حين تأتيك الحروفُ تدقّ بابك مرة أو مرتين ِ تصيح من فرط الغرام ِ عشقتُ فامتشقي الكلام َ ودثريني ؟؟.. ماذا سيحدث حين تنمو في الضلوع الأغنيات وتشتهي أن تكتبيها فوق سطر قد تعرى ؟؟. هل أنت أحلى أم غزال ٌ راح َ في المرآة يسكب فتنة الدنيا وأحلى ؟؟.. هل مرّ يوم كنت فيه الطائر المفتون يأخذه الفضاء فراشة وحكاية لا تنتهي ؟؟.. هل تخطرين على الرصيف ِ فتشهقُ الآهاتُ تندهُ بالصلاة على النبيّ وآله ِ ؟؟.. من أين تأتيك الصورْ حين الحروفُ تثور في بال المطرْ في قصة مجنونة ٍ تنهلّ يغزلها الوترْ ؟؟.. من أين ينهمر النشيدْ ينساب في الأيام عيدْ ويظلّ في طرب ٍ يزيدْ ..؟؟.. من أين في شجر الكلام يأتي بلهفته اليمام ليدور في بدر التمام ..؟؟.. كيف القمرْ يبني الشجرْ ..؟؟.. كيف الحنينْ لفّ السنينْ..؟؟.. كيف الكلامْ رشق السهامْ ..؟؟.. رقّ الحبيبْ.. قلتُ انتهيتُ أو ابتدأتُ ورحتُ في بحر الهوى هل من مجيب ..؟؟.. ( قصيدته: من أين تأتيك الصور؟؟..)[/align] http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=7507 |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
صباحُ الخير يا دفء المواويل ..
صباحُ الخيرِ يا عمرا يصبُّ النور في عمري .. صباحُ الخير ِ بنت َ الخالْ ترى هل تهطلُ الأمطار ُ في كندا على أنغام ِ أغنية ٍ تشابهُ وردة ً في الشام ِ عابقة ً بكلّ مفاتن الدنيا ؟؟.. صباح الخير ِ بنت الخال كيف الحالْ أراكِ الآن في حيفا تزورينَ البيوت َ هناكْ ترين وجوهَ من سرقوا مدينتنا يحيطون الهوى العربيَّ بالأسلاكْ!!.. ويبنون الدروب السودَ بالقطران والأشواكْ *** صباح الخير يا عمرا من العمر ِ هدى هل جئتِ من كندا سلاماً ٍ يطرقُ الأبواب َ بالورد ِ ؟؟.. ويفردُ فوق أغنيتي عهود الأهل ِ في شمسين من عهدي ؟؟.. شوارعنا هنا دقّتْ شموع الوعد والذكرى فطاف اللحنُ محموما ومرت في دمشق ظلال أيام ٍ خطاك ِ ترود ُ أرصفة ً لها عبق ٌ وعيناكِ انتباه العشق ِ ترتحلانِ بحثا عن وجوه ِ الأهل ِ في الغربهْ!! جميعُ الأهل بنت الخال قد تركوا ثرى حيفا تطاردهم ْ دماء جميع من ذبحوا .. وضاعوا في بلاد الله ِ واحترقوا !!.. تمادى العمر في اللعبهْ!!.. وعذّبنا ولوّعنا .. ومزق كلّ ما فينا من الأمطار يا وجهي ويا صمتي وبحة صرختي .. صوتي أحنُّ لضحكة ٍ عذبهْ !!.. هدى يا وجهي المسكون بالنور ِ أضاع الهجر كلّ طيور أحلامي وصار القلبُ عصفورا على السور ِ يرفّ فتطلع الأحلام ملتهبهْ!! تطوّقُ بالصراخ التائه المجنون حدّ الصدر والرقبهْ..!!.. صباح الخير بنت الخال ِ كيف الحال في كندا وفي بيروتْ ؟؟!!.. وفي القدس ِ أما زالتْ خيول النصر ِ تائهةً تمدّ صهيلها وتموتْ؟؟!!.. تجوع لهمسة الأمس ِ ؟؟.. فوا أسفي !!.. جميع زماننا قطعٌ بلا معنى !!.. يدوسون الزمان بنا .. ونمشي دونما شمس ٍ ولا عرس ِ !!.. كرامتنا على الإسفلت ِ قد ذبحتْ !!.. وداسوها ... بسوق نخاسة سوداء باعوها !!.. ورغم النار ِ نزعقُ ندّعي أنّا على درب انتصارات السيوف السمر ِ ما زلنا !!.. وننسى أنّنا ضعنا !!.. وأنّ الشوك يقطر كلما سرنا !!.. أحارُ أتوهُ بنت الخال لك الترحال في صدري لك الترحالْ لك الموّال رغم القهر من عمري لك الموّالْ |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
سألته ذات مرة ونحن في جلسة عائلية قل لي ياأستاذ طلعت كيف يكون كل هذا الحنين
لفلسطين الحبيبة ونحن لم نولد فيها ولم نعش فيها ، وكل هذا الحنين للعودة وأن نكحل عيوننا بها وبعدها ندفن فيها فقال لي حنين ونحن نداء الحنينْ ....... ودفء الأماني وشوق السنينْ فلسطين فينا عروق ونبض ....... وقلب ٌ تدفقَ للعاشقين ْ نغني فترقص فينا السهولْ ....... وتأتي الفصول بشمس اليقينْ نغني ونقسم سوف نغني ....... قريباً لأحبابنا العائدينْ ....... حنين ونحن نداء الحنين أتينا نغني لنور ونارْ ....... لشعب توقد عشقاً فثارْ لشعب فلسطين فيه افتخار ْ ....... وروح تعانق ضوء النهار ْ نغني لطفل تبسم فيه ....... فلسطين عشقاً فيهوى الوقارْ نغني ونقسم سوف نغني ....... قريباً ونحن نضم الديارْ ....... حنين ونحن نداء الحنينْ حنين ونحن انهمار الغناء ْ ....... نسابق بالشوق طير الفضاء ْ نوقع لحن الرجوع يقيناً ....... ونكسو الأماني ربيع الوفاءْ فلسطين فينا وفينا وفينا ....... رجوع يحقق حلو الرجاءْ نغني ونقسم سوف نغني ....... قريباً بعرس يزف اللقاءْ ....... حنين ونحن نداء الحنينْ |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[frame="1 75"]
حين احتضنتُك صاحبي ، [/frame]وذرفنا دمعا كالمطر.. قلتُ ، انتظرْ! ماذا تقول لمن أحبّك مخلصا ، من بيْن آلاف البشر؟ قال( وكفكف دمعه): مطرٌ .. مطرْ .. نايُ الحبيبِ قصيدةٌ تصطفُ في بابِ الشجرْ كحلتُ بالضوءِ الندى فانشقَ عن وجهِ القمرْ قمرٌ .. مطرْ .. مطرٌ .. قمرْ .. صحتُ به: ما بال أرضك ـ يا أخي ـ تزداد بُعدا كلّما هزّتك نحو ترابها ريح السّفر؟ وكأنّما أيقظتُ فيه جراحه، راح يعاتبُ غاضبا: لا ترتدي كفي ولا .. لا ترتدي .. إلاّ إذا نبتَ الصباحُ على الوترْ .. هذا ارتفاعُ القلبِ في أنشودتي تفاحتانِ تنقطانِ على الذراعْ يشتدُ في الخفقِ الشراعْ هل غادرَ الشعراءُ .. أمْ .. ما غادروا .. لي صورتي .. بلدٌ يصوغُ السنديانْ صحتُ ارتدي .. كلُّ المفاتيحِ التي في راحتي .. من أقحوانْ .. حجرٌ .. وما كان الحجرْ .. لولاكَ يا مجدَ الزمانْ .. لي صورتي .. عرسُ الشجرْ وطنٌ قذائفهُ الحجرْ .. ويدانِ لا تتأخرانْ صحتُ .. ارتدي .. كفي ولا تتوسدي .. إلا الشررْ .. * * * قلتُ :وهل يكفي الحجرْ؟ ردّ بكلّ جنونهِ: هذا دمي .. مطرٌ .. مطرْ .. يتأخرُ الأطفالُ .. لا .. يتدثرُ الأطفالُ .. لا .. يتقاعسُ الأطفال .. لا .. لا يدخلونَ الصفَّ .. لا .. لكنهمْ .. في كلِّ يومٍ يكبرونْ يتداخلونَ مع الشجرْ يتسابقونْ .. في عزفِ الحانِ المطرْ دمهمْ غزالُ العمر .. لا .. يتأخرونْ .. دفقُ الندى .. أنّ الردى .. في بابهم يتنهدُ .. يُغضي حياءً منهمُ .. ينشق .. أو يترددُ فيشدهمْ ضوءُ النهارِ يضمهمْ يتوردُ .. وبهمْ .. لهمْ .. يتجددُ. * * * قلتُ وقد أدركتُ عمق كلامه: ما حجّتك؟ ردّ : دليلي حينما صاحَ الفتى .. هذا دمي .. يتزاحمُ الأعداءُ .. لا .. لن يدخلوا .. في البحر أو في لحمنا .. في المدّ أو في جلدنا .. هذا الهواءُ .. هواؤنا .. ضوءُ البلاد .. وشمسها من شمسنا .. هذا اتساعُ فضائنا تاريخ هذي الأرض يا تاريخنا صاح الفتى .. هزّي .. ولا تتوسّدي .. إلا الشررْ .. * * * قلتُ استمرْ! فالشعرُ بعدك بدعةٌ لا تغتفرْ! قال وقد شدّ الرحال إلى غد لا ينتظرْ: مطرٌ .. مطرْ .. كلُّ الذينَ أحبّهمْ شدُّوا البلادَ إلى الصدورِ وأسرجوا خيلَ النهارِ تقدَّمُوا .. وتقدَّمُوا .. كتبوا على طولِ المدى .. تلدُ البلادُ الصخرَ في زمنِ الندى هذا اتساعُ فضائهمْ .. وتقدموا .. تلكَ الجبالُ أصابعي قلبي الشبابيكُ التي لا تنحني .. عظمي الصخورُ جميعُها .. ودمي غطاءُ الأرضِ تربتها دمي .. شجرٌ ولا .. لا .. ينحني .. كحلتُ بالضوءِ الندى صحتُ المددْ فانشقَّ عن وجهِ البلدْ وتقدَّموا .. شدُّوا البلادَ إلى الصدورِ وأسرجوا خيلَ النهارِ تقدّموا .. ومضوا إلى باب الندى .. طرقوا .. وما هابوا الردى .. وتقدّموا سيفي المكانْ .. سيفي انتصابُ السنديانْ .. سيفي الزمانُ بطولهِ .. سيفي الزمان .. قصيدة :قمر على قيثارتي: http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=3786 |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
أديبنا الغالي طلعت
-وأنا أمر في كل مرة ...كانت تستوقفني محطات إبداعك المختلفة المتميزة المائزة ، خاصة وأنت المبدع الذي عشق حسناءه "فلسطين " ، وولع بها ، وأدمن حبها ، فسكنته وسكنها ، وأشاد بها وهو المغترب عنها ،. في شوارع المنفى بعيدا يشتاق لها ، ولملامح دروبها ، فيحن لها ، ولأنفاسها ولنبض ثراها ..ولدفء شمسها.. ولامتداد كرملها المجدول بزعتر وزيتون مع نبضات حب .. عنفوان وجنون..!! -مجنون هو الحب الذي فينا ومجنونة تلك الذاكرة التي نحمل ، ومجنون ذلك الحنين الذي نعيش .. كل ما فينا شوق بشوق ، وكل ما فينا حنين بحنين، وكأننا ما عرفنا في الأيام التي مضت وانقضت إلا تلك المعشوقة الحسناء فلسطين .. فهل كانت في الذاكرة أكبر من مجرد أن نحملها منذ الولادة ، لتكون شاطئ الذاكرة أو كل تكوينها ومادتها منذ الأزل .. وهل كان القلب إلا خفقة من شجر الزيتون في فلسطين ، حتى تشكلت الشرايين على هذا الشكل من صورة الوطن .. فلسطينية ملامحنا وأحاسيسنا وحتى أفكارنا .. فلسطينية كل أنفاسنا ، فكيف ننسى أجمل وأروع وطن ، وهل هناك أجمل وأروع من فلسطين ؟؟..(( فلسطين الذاكرة )) -أي نعم ، أيها الشاعر العاشق أجدك هنا ، كما أجد نبضك العميق وحنينك الذي لا ينتهي ، باقيا نقيا ..ساطعا في دروب الإبداع، راسخا موشوما على صدر الوطن ، مسطرا بكلمات، مفتاح عشقها ... وطن كبير. -بلدي والرمل حدود يدي ويدي من ضلعكَ يا بلدي وعلى أوراقكَ شمسُ غدي أتعبد أنْ .. أو أشهد أنْ .. لهواكَ .. هواكْ يا وطني تلتهب الأسلاكْ ويضيء دمي .. لأراكَ .. أراكْ .. أتوقد حتى قافيتي أتوقد حتى أغنيتي .. أتعبد أنْ .. أو أشهد أنْ .. أرسمكَ على صدري المفتوحْ و أسوح على كفيكَ .. أسوحْ يا وطني .. يا مفتاح الروحْ .. (( أشجار الضفة في قلبي )) |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
[align=justify]فجأةً رأيتُه يقفُ أمامي، بطوله الفارع، وقد احتقن وجهه واحمَرَّ، كعادته، كلَّما غَضِب.. سررتُ لمرآه، لكنَّني انزعجتُ لرؤيتي إيَّاه غاضباً، بعد كلِّ تلك السنين التي غابها عنِّي.. ولذلك، سألتُه:
- ما بك يا طلعت؟ لِمَ أنتَ غاضبٌ إلى هذه الدرجة؟ وكأنَّ سؤالي قد صبَّ الزيت على ناره، فصاح بي مُتعجِّباً مُستنكِراً: - وكيف لا أغضب، وأنا أرى ما يُغضِب حتى الحجر ويُفَتِّتُ قلبه؟! - ماذا تقصد، وماذا رأيتَ، حتى جئتني تغلي غضباً؟ أشاح عني بوجهه، ثم أولاني ظهره، واتجه إلى النافذة ففتحها، ووقف مُرسلاً بصره نحو السماء.. تنهَّد بحرقة، ثم أعاد عليَّ سؤالَه الاستنكاري: - تسألني ماذا رأيت؟! حسناً...، اسمع إذاً ماذا رأيت، حتى صرتُ إلى حالة الغضب هذه التي تراني بها... وشيئاً فشيئاً، بدأ يتهدَّجُ صوتُه مُنشداً:[/align] [align=justify]جثثٌ وأشلاءٌ .. ودمْ موتٌ .. ورائحةٌ العدمْ نتفٌ حطامْ .. وضفيرة سمراء .. أو سمراء .. أو .. مخلوعة من جذرها .. ثديٌ عليه أصابع الطفل المدمّى ما زال يعتصر الحليبْ .. وفمٌ تناثرَ حلمة ٌمقصوصة ٌ.. حبلى تشظى بطنُها رأسٌ تدحرجَ خارجاً من حلمهِ وجه ٌتوزّعَ طفلةٌ جسدٌ على الحجر الأخيرْ حجرٌ على طول الضميرْ[/align] [align=justify]قال ذلك، ثم صمتَ، ثم التفتَ إليَّ قائلاً: - هذا ما رأيتُه، وأنا قادمٌ إليكم، فأغضبني إلى هذا الحدّ.. ثم أردفَ: - ألا تعتقد أنَّ هذا الذي رأيتُه كافٍ لإثارة الجنون وليس الغضب فحسب؟ - وأين رأيتَ كلَّ ما ذكرت؟ ثم تابعتُ سؤالي مُستدركاً، ولكن بصوت خافت، بدا له وكأنَّني أُكلِّم نفسي، على الرغم من أنَّني أُوجِّهه إليه: - أيها الإنسان الطيب، أتراكَ تعيش مأساتنا معنا، ونحن الذين ظنناك قد غادرتَنا، وارتحتَ من همومنا إلى الأبد؟ وبدلاً من أن يُجيبني على سؤالي هذا، نظرَ إليَّ نظرةَ عتاب أحرجتني جداً، وكأنه أراد أن يقول لي من خلالها: - وهل تركتكم أصلاً حتى أعود إليكم؟! نعم أنا ما زلتُ معكم.. لكنِّي أُضطر أحياناً إلى الغياب عنكم لفترة قصيرة، ما ألبث أن أعود بعدها.. وفي عودتي الأخيرة هذه، قمتُ بجولتي التفقدية لأحوالكم والوقوف على ما آلت إليه، فإذا بي أكاد أُجَن.. وبسذاجة سألتُه: - وهل قمتَ بها وحدك؟ - لا.. أبداً.. بل مع أصدقاء وأخوة لي، لا تعرفهم يا توفيق.. إنَّهم أصدقاء جُدُد تَعَرَّفتُ عليهم، بعد سفري الذي أبعدني عنكم، قبل خمس سنين.. إنَّهم طيبون جداً، ولذلك ذرفوا الكثير من الدمع، حين رأوا ما رأوا، أثناء جولتهم معي، في كلِّ تلك الأمكنة.. - وماذا رأيتم، وأين؟ ومرةً أخرى، رأيتُه يُولِيني ظهره، ثم يقول: [/align] لما اقتربنا لم نجد إلاّ براكيناً وسكيناً وأقنعةً ونارْ .. بينَ الرصاصةِ والرصاصةِ والنحيبْ للجرحِ قافيةُ الضحايا .. والضحايا للمرايا .. تمتدّ في الأيام فينا حين السكاكينُ انتشتْ واللحم يقطر خصلةً وفماً وشيئاً من دوارْ [align=justify]وتابعَ: - ثم ذهبنا لمقابلة الصغار ومعلمهم، فرأيناه قد جمعهم مع مَن بقي من أهاليهم، وراح يحاورهم.. - وماذا كان يقول لهم؟ فأجابني:[/align] قال المعلم للصغارْ : ماتت على الشفةِ الحكايا .. قال الصغار : ما جاء أحمد دافئاً من ليلهِ ماتت على الخيلِ الخيولْ لم يسمعِ الولدُ الصهيلْ قال المعلم للكبار: ما عاد للخيّال غير العرض في سوق البطالهْ ما جاء أحمدُ في منافيهِ اختنقْ وعلى يديهِ من الرصيفِ إلى الرصيفْ خيلٌ .. رجالٌ من ورقْ ناداهمُ .. دهمتهُ ألوانُ الغرقْ قال الكبارْ : خرقتهُ ألف رصاصةٍ في الصدر ما ماتَ الصغيرْ .. شطرتهُ ألفُ شظيّةٍ .. وقفَ الصغيرْ .. ناداهمُ .. صفّوا الكؤوسَ على الكؤوسِ على الجسدْ … مات الولدْ .. قال المعلم للمعلم : حين غابْ بكتِ الخيولُ على الخيولِ .. وما أجابْ .. [align=justify]ثم صمتَ طلعت دقيقةً أو دقيقتين، ريثما مسح دموعاً انهمرت من عينيه، ثم تابع يُخبرني أنَّ أُمَّ الصغير أحمد، سألَت صديقه أن يُخبرها كيف حدث لابنها ما حدث، لأنَّها وقتَ وقوع الحادثة، لم تكن موجودةً بقربه، فأجابها صديقُه الصغير مًوضِحاً:[/align] يا أم وارتطمَ القمرْ بملامح الطفلِ الموزّع جثّةً كانتْ على خصلاتهِ قطراتُ ماءْ جفتْ وغطتها الدماءْ .. سقط القمرْ .. لم يكملِ الطفلُ القراءهْ لم يكملِ الطفلُ الطعامْ هو جثةٌ مشطورة بين الحطامْ سقطَ القمرْ .. يا أمُّ وانتشرَ الظلامْ [align=justify]كنتُ، وهو يروي لي ما رأى بأسلوبه الشعري، محتوياً رأسي بين كفيّ، ألماً وحزناً وغضباً، بعدما أثار شعره شجوني كلَّها دفعة واحدة.. ولذلك، حين طال صمتُه بعد أن انتهى من سرد ما جرى لأحمد على لسان صديقه الصغير، رفعتُ رأسي مستطلعاً سببَ صمته، فإذا بي أُفاجأ بأنَّه قد رحلَ من جديد... عندها، أحسستُ بدموعي تنهمر غزيرةً من عينيّ، ولم أكن أدري السبب الحقيقي لانهمارها، أهو حزني وانفعالي برواية طلعت لما شاهده ورواه لي شعراً، أم حزني لرحيله مبتعداً عن عالمنا من جديد؟![/align] الأبيات من قصيدته (جسد على الحجر الأخير)، المنشورة في (نور الأدب) بتاريخ 2010/9/16 |
رد: حوار شعري جديد مع الشاعر طلعت سقيرق في الذكرى الخامسة لرحيله
سمعت حديث الصديقين توفيق وطلعت، ولم أفاجأ كأخي توفيق، ولم تدرف عيني دمعا؛ لأني على يقين أن طلعت لم يرحل عنا؛ لكنه ابتعد عن همومنا،استجمعت أنفاسي، وتبعته أتحسس وقع خطاه، يهديني إليه عبق أنفاسه المضمخة بطيب لم تصنعه يد إنسان،اقتربت منه ناديته:
- طلعت أرجوك لا تبتعد، عد إلى ديارك، أهلك والأحباء في انتظارك يتفيؤون بظلال أشجارك. التفت إلي، قال وعلامات الأسى بادية على وجهه: - الرجل الذي تعرفين قد مات.. ياسيدتي كفى.. لا تقتربي كثيراً من هذا الوجه.. صدقيني لست أنا من تبحثين عنه.. لست الرجل الذي تريدين.. حاولي أن تفهمي... . القصة قد تطول.. هل أعيد من البداية.. اسمعي... (رجل بلا ملامح) - ماذا أسمع - ... : انتظرتُ ولم تجيئي - ... : غضبتَ ورحتَ تعتصر الزمان ؟؟.. - طال انتظاري والمساء دخان أغنية ٍ بعيدة طال انتظاري .. كدتُ من خوفي عليك ِ أذوبُ .. لا أدري لماذا كنتُ أبكي !!.. - الحبّ أحيانا يشدّ الوقتَ .. ينفرطُ المكان - لكنني كنتُ انتظرتُ وفي يدي وردٌ .. ولم تأتي من وقتها ضاع الزمانُ وصرتِ ذكرى - ... : هو الموالُ وزعني على جرس المكان ْ في لحظة ٍ ضاع الأمان ما بين أرصفة ٍ وصرخة ِ آهتي كسرتْ دقائقنا ...وتهنا - طال انتظاري .. القلب جاع للحظة ٍ وهوى جداري (بقايا دخان) |
الساعة الآن 14 : 02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية