![]() |
لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وكافة المرسلين وعباده الصالحين عن أبى بن كعب أن المشركين قالوا للنبى صلى الله عليه وآله وسلم انسب لنا ربك ، فأَنزل الله تعالى : (قل هو الله أحد) ، (هو) ضمير الشأن يذكر تفخيماً للأَمر على الإجمال والإبهام فيكون الذهن مترقباً لبيانه فيذكر الخبر المفسر له والذهن قد استعد لفهمه فيتمكن من فهمه والجملة خبره وهذا المعنى موجود لو قلنا جرى سؤال ما ربك ؟ ومن أى شىءٍ ؟ فكان الجواب (هو الله أحد) ، فالأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية لتفرد الذات ( الله أحد ) أي المعبود الذي يسأله الخلق عن إدراكه والإِحاطة بكيفيته فكان الجواب أنه (أحد ) وأنه متعال عن صفات خلقه (الله الصمد) أي الكامل فى جميع أفعاله وصفاته وهو الصمد ليكون المعنى إن لم يتصف بالصمدية لم يستحق اسم الأُلوهية فالصمد الذى لا تعتريه الآفات ولا تغيره الأوقات، الذى ليس له زوال ولا لملكه انتقال ، فلا صمد إلاَّ الله عز وجل وهو السيد الذى لا أحد فوقه ، فهو الذى يقصد فى الحوائج وهو الذى انتهى إليه السؤدد وكمل فى شرفه ولا يحتاج إلى غيره ، القائم بنفسه الغني عن غيره ، وهوالمتعالي عن الكون والفساد ، والصمد الذي لا يوصف بالنظائر عن ابن عباس رضي الله عنهما : جاء أناس من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا يا محمد صف لنا ربك لعلَّنا نؤمن بك فإن الله أنزل نعته في التوراة ؟ فأنزل الله (قل هو الله أحد ) سورة (الاخلاص ) وهي نسبة الله ، (الله أحد ) أي واحد في الإِلهية والقدم ، أي واحد في صفة ذاته لا يشركه في وجوب صفاته أحد ، فإنه يجب أن يكون موجوداً عالماً قادراً حياً ، ولا يكون ذلك واجباً لغيره ، واحد في أفعاله لأن أفعاله كلها إحسان لم يفعلها لجرّ نفع ولا لدفع ضرر فاختص بالوحدة من هذا الوجه ، إذ لا يشركه فيه سواه ، واحد في أنه لا يستحق العبادة سواه لأنه القادر على أصول النعم من الحياة والقدرة ، فهو الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) (لم يلد ) لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ولا سائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ولا شيء لطيف كالنفس ولا ينبعث منه البدوات كالسنة والنوم والخطرة والغم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسآمة والجوع والشبع تعالى أن يخرج منه شيء وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ، (ولم يولد ) أي ولم يتولد من شيء ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع والثمار من الأشجار ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتمييز من القلب والنار من الحجر لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدع الأشياء وخالقها ومنشىء الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه ، فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ( ولم يكن له كفواً أحد ) أي لم يكن له أحد كفواً أي عديلاً ونظيراً يماثله . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
بارك الله لما ت تمدنا به من معلومات. فكم قرأت هذه السورة ولم ادر يوما لما انزلت.
تحيتي وتقديري |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
بارك الله فيك أخي عمر وجزاك الله عنا خيرا ..
فعلا ، ما أحوجنا لمثل هذه النفحات الإيمانية التي تقربنا من كتاب الله عز وجل لتدبر آياته . تقبل محبتي الأخوية دون حدود |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
بارك الله فيك أخي..وأحسن إليك ..نعم نحن نحتاج الكثير .. والكثير مما يذكرنا بالمولى عز وجل.. دون انقطاع ..فالحياة لهو .. وغرور ما إن نسهو لحظات عن غذاء أرواحنا بذكره إلا واجتمعت علينا الفتن ..ونال منا الشيطان لعنه الله ، نسأل الله السلامة.. ولي تعليق على حد عملي البسيط وما علمي سوا نقطة في بحركم ..تعقيبا على كلمة موجودا في الجملة((فإنه يجب أن يكون موجوداً عالماً قادراً حياً ))
إن لكل موجود واجد ..وتعالى الله الواجد لكل موجود فكلمة موجود تنافي الآية الكريمة( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) ..والأصح أن الله واجد ، وليس موجودا سبحانه وتعالى .. هذا ، والله أعلى ، وأعلم .. ويحضرني حكاية بمناسبة هذه الكلمات المباركة أحب أن أوردها هنا..كنت أتناقش مع صديقة لي على غير دين الأسلام .. أسأل الله لها الهداية .. وتطرق الحديث بنا ، إلى أنها تمثل الذات الألهية بهيئة البشر ..ولله المثل الأعلى ..وحضرني رد يقرب التصور أكثر من المعاني المذكورة آنفا .. قلت لها ..ولله المثل الأعلى .. نحن البشر نستطيع بقدرة الله أن نصنع أشياء، مختلفة الأشكال ، والأحجام ، والألوان ..فلو أني أعطيتك قطعة من الصلصال واستخدمنا طريقة العصف الذهني ..في إبتكار أشكال مختلفة من الصلصال .. لانحتنا مئات الأشكال وقد لا نصنع منها شكلا واحدا ، يشبهنا في الشكل .. والملامح ، فذلك أمرنا نحن البشر ، المخلوق الضعيف ، فما بالنا بالأله الذي أعطانا تلك القدرة ..أننسب له ذلك الضعف !!!! وكل شيء تراه أعيننا مختلف عن بعضه البعض ، وعنا نحن أيضا ..فلما يختار الله البشر على الأخص من بين ملايين مخلوقاته ، التي نراها من حولنا ، ويورثهم هيئته ؟؟!! لما لم يكن كالشمس ؟! أو كالقمر؟! أو كأي خلق ممن خلق؟! فتعالى الله الملك الحق عما يصفون .. أرجو أن أكون قد أوصلت الفكرة ..وجزاكم الله كل الخير. |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
﷽ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) صدق الله العظيم عن أنس بن مالك أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب هذه السورة قل هو الله أحد فقال «إن حبك إياها يدخلك الجنة ». حسن صحيح - الجامع الصغير |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
ما شاء الله أحبتي الكرام فكم أسعد والله بمداخلات الأحباب الطيبة التي نرتشف منها أنوارا مزهرة تحيي القلوب الزكية ، فوالله كم أتأمل هذه السورة في كتاب الله عزوجل ألا وهي سورة الاخلاص ، ولو ضعت سورة الاخلاص في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة أخرى لثقلت كفة سورة الاخلاص بما تشمله من نور التوحيد الخالص لله فكم أتأمل أحبابي هذه السورة المباركة في محاولة متواضعة مني الغوص في أسرارها ولطائفها العظيمة ، فما أجل خطاب الله و( قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ) خطاب من مقام الأحديّة ولذلك أتى باسمه الخالص من شوب الصّفات ، ففي الأحد مبالغةً فى الوحدة والبالغ فى الوحدة أن لا يكون فيه شوب كثرةٍ بوجهٍ من الوجوه لا كثرة العدد ولا كثرة الأجزاء المقداريّة ولا كثرة الأجزاء الخارجيّة من المادّة والصّورة ولا كثرة الأجزاء العقليّة من الجنس والفصل أو من المهيّة والوجود، وبهذا المعنى لا يوصف به الاّ الله ، فسبحان الله . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
وبالنسبة لمداخلة الأخت الكريمة عزة عامر، وسؤالها الحصيف المتعلق بما ذكرته في الموضوع (فإنه يجب أن يكون موجوداً عالماً قادراً حياً ولا يكون ذلك واجباً لغيره ) ذلك لأن الله سبحانه وتعالى متفرد بصفة الأحدية ، ولا يبرز معنى الأحدية الا اذا تجاوزنا مفاهيم المنطق العقلي فاذا كانت الأينية والكيفية من تصور العقل المخلوق ، فهذا العقل لا يمكن أن يحيط بما وراء الحدود المرسومة له بعناية وحكمة ، كما أن هذا العقل يستكين ويخضع لما يعرف حدود مقدراته ، وتتراءى له هذه الحكمة العظيمة المودعة ، فيوثق معارفه لما هو أعظم وأكبر وأجل ، وهذا يؤثر بايجاب على سماته العقلية والسيكولوجية وتسكن نفسه ويدخل في جنان من الرضا والتسليم والموافقة ، لذا كان تفسير الاله أي هو الّذى أله الخلق عن درك مائيّته وكيفيّته بحسٍّ او بوهمٍ ، بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواسّ ، فالله تعالى أظهر ربوبيّته فى ابداع الخلق وتركيب أرواحهم اللّطيفة فى أجسادهم الكثيفة فاذا نظر عبد الى نفسه لم ير روحه ، فمتى تفكّر العبد فى مائيّة البارى وكيفيّته أله فيه وتحيّر ولم تحط فكرته بشيءٍ يتصوّر له لانّه عزّ وجلّ خالق الصّور فاذا نظر الى خلقه ثبت له انّه عزّ وجلّ خالقهم ومركّب أرواحهم فى أجسادهم ، لذا أختي الكريمة عزة عامر فكل تصورعقلي محدود عن صفات الله العظيمة فالله تعالى بخلاف ذلك وهذا هو المدلول العميق لحقيقة صفة الأحدية والتي توجب أن يكون موجوداً عالماً قادراً حياً ولا يكون ذلك واجباً لغيره . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
وأتوجه بالشكر الجزيل لأختي الكريمة بشرى كمال ، فحقا أختي فسورة الاخلاص سورة عظيمة ويجب العناية بها شرحا وتفصيلا لأنها تشمل حقائق التوحيد الخالص لله ويكفي أختي الكريمة بشرى أن سورة الاخلاص تعدل ثلت القرآن ، ذلك أن محاور حقائق القرآن ثلاثة : التوحيد والنبوة والمعاد ، والتوحيد وحده يعد ثلث القرآن ولا يتم اخلاص العبودية لله الا بالتوحيد . مع تحياتي الخالصة لك أختي |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
لك مني أخي الكريم رشيد ميموني أغلى وأجمل تحية وطوبى لمن كان تواجدهم وسعيهم في مشوار السعداء ، وما الفتح أخي الكريم الا معرفة الله ، وقد يعتقد البعض أن الفتح هو معرفة عالم ماوراء المادة وهذا خطأ ، ذلك أن الفتح هو أن يقبلك الله عنده ويفتح بينك وبينه حجبا مستترة ، وكلما كانت همة العبد كبيرة في تحصيل هذه الأنوار والكنوز الا وبدا له المقدار العظيم وقيمة لا تضاهى ولا تنفذ حقائقها أبدا . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
وتزكت صفحاتنا وازدانت أنوارا بمداخلة الدكتورة القديرة رجاء بنحيدا 4628ونعما حديثك بالحديث الأزهر لسيد الخلق أشرف المرسلين محمد عليه أزكى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين المكرمين وعباده الصالحين ، ومما ورد أيضا في فضل سورة الإخلاص : عَنْ قَتَادَةَ بْنُ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ". رواه البخاري 4627 وفي رواية لأحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارًا يَقُومُ اللَّيْلَ لا يَقْرَأُ إِلا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " . المسند 10965 وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ : " أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ . " رواه البخاري مع تحياتي الخالصة لك |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
[align=justify]الله يعطيك العافية يا أخي يا أستاذ عمر ويبارك فيك.. دمعت عيني وأنا أقرأ كتابتك في تفسير سورة (قل هو الله أحد)، وقراءة ردودك على التعليقات.. ما شاء الله حولك.. ربي يزيدك ويحميك ويوفقك لكتابة مثل هذه الشروح أكثر وأكثر.. سامحني على لغتي، لأنها على قدها.. تحياتي لك ودعائي...[/align]
|
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
ما شاء الله عليك أخي الحبيب يوسف فلقد تلألئت الأنوار بطلعتك وحب هذه الأنوار العرفانية من حب الله ورسوله ، فالحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو سيد العارفين أمره الله أن يقول (وقل ربي زدني علما ) الآية ، وما أجمل أن يغترف العلم من معينه الأطهر ، ومن فضائل هذه السورة العظيمة ما ورد في الخبر ( من قرأ قل هو الله أحد مرّةً بورك عليه، فان قرأها مرّتين بورك عليه وعلى أهله، فان قرأها ثلاث مرّاتٍ بورك عليه وعلى أهله وعلى جميع جيرانه، فان قرأها اثنتى عشرة مرّة بني له اثنا عشر قصراً فى الجنّة ، فتقول الحفظة: انطلقوا بنا ننظر الى قصر أخينا! فان قرأها مائة مرّة كفّر عنه ذنوب خمس وعشرين سنة ما خلا الدّماء والأموال، فان قرأها أربعمائة كفّر عنه ذنوب أربعمائة سنة، فان قرأها ألف مرّةٍ لم يمت حتّى يرى مكانه من الجنّة أو يرى له ) ، فما بالك أخي يوسف لمن وعاها وفقهها واشتغل بها وبلغ مقاصد التوحيد فيها لأمة التوحيد ، ولقد روى انّه جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشكى اليه الفقر وضيق العيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اذا دخلت بيتك فسلّم ان كان فيه أحدٌ وان لم يكن فيه أحدٌ فسلّم واقرأ قل هو الله أحد مرّةً واحدةً ، ففعل الرّجل فأفاض الله عليه رزقاً حتّى أفاض على جيرانه ، ودمتم طيبين مكرمين أخي الحبيب يوسف . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
يطيب لي ان أحجز لي هنا مقعدا لأستمتع بطيب القول وحلو الحديث في ما يتصل بكتاب ربنا جل وعلا وسيرة نبيه المصطفى الكريم .
جزاك الله خيرا أخي عمر وجعل كل هذا في ميزان حسناتك محبتي وتقديري |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
أهلا ومرحبا بأخي الحبيب رشيد ميموني ، وكم تغمرني السعادة بتواجدي معكم ونحن مغمورون بفيض هذه الأنوار من بحر ملكوت لا ينفذ ، فاذا تأملنا أخي رشيد حقيقة هذا الخلق البديع بعظيم آياته نجد أن الكون بما فيه هو حقا مسبح لله وهذا يعني أن أسسه قائمة على نفي ما يستدعي نقصا أو حاجة مما لا يليق بساحة كماله تعالى في خلقه البديع ، والمراد بتسبيحها حقيقة هو أن لها حيا حاضرا موجداً تشهده لطائفنا ، منزّهاً من كل نقص متصفاً بكل كمال ، وذلك مسطور في بناءاتها وأزواجها ونظائرها وأضدادها بكتل تساوت نسبها بانسياب محكم لأداء محكم يفوق كل التصورات والمدارك ، فهذه الزوجية المتجلية في كل شيء مخلوق ، إنما هي صفة بثها الله بوحي منه سبحانه في كيان كل مخلوق حتى تشهد المخلوقات بإفراد الوحدانية للخالق ، فالله تعالى خلق من كل شيء زوجين حتى في أقصى تراكيب الذرة وما دونها وفي ذلك سر من الأسرار عاكس لنور المكوِّن في دلالة على تفرد الخالق سبحانه بإفراد الوحدانية وكمال الأحدية له ، لذا كلّ من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد ( هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ ) أي غير مبعض ولا مجزى ولا مكيف، ولا يقع عليه اسم العدد ولا الزيادة ولا النقصان أي الذات المتصف بالألوهية المتعالية المستجمعة لجميع شرائط الكمال حسب الأسماء والصفات الكاملة، المتصف بالأحدية المطلقة المنزهة عن التعدد والكثرة مطلقاً، المستقل في الوجود والحياة والقيومية المستلزمة للديمومية والبقاء الأزلي الأبدي السرمدي لا يكال بقاؤه ودوامه بمطلق الموازين والمقادير، ولا يحيط به وبقيوميته بمطلق التدابير والتقادير ، فمعنى قوله تعالى (الله أحد) أي المعبود الذي يأله الخلق عن ادراكه والاحاطة بكيفيّته فرد بالهيّته متعال عن صفات خلقه ، وأحد تعني شيء لا ينقسم فى نفسه أو معنى صفته، فاذا أطلق أحد من غير تقدم موصوف، فهو أحد نفسه، فاذا جرى على موصوف، فهو أحد فى معنى صفته، فاذا قيل: الجزء الذي لا يتجزأ واحد، فهو واحد فى معنى صفته، وإذا وصف تعالى بأنه أحد، فمعناه أنه المختص بصفات لا يشاركه فيها غيره: من كونه قديماً وقادراً لنفسه وعالماً وحياً وموجوداً كذلك، وأنه تحق له العبادة لا تجوز لأحد سواه ، ولا يجوز أن يكون ( أحد ) هذه هي التي تقع في النفي، لأنها أعم العام على الجملة أحد، والتفصيل، فلا يصلح ذلك في الايجاب، كقولك ما فى الدار أحد أي ما فيها واحد فقط ولا أكثر، ويستحيل هذا فى الايجاب، وفى قوله ( الله أحد ) دليل فساد مذهب المجسمة، لأن الجسم ليس بـ ( أحد ) إذ هو أجزاء كثيرة، وقد دل الله بهذا القول على أنه أحد، فصح أنه ليس بجسم تعالى الله عما يصفون . |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
ومعنى الله أحد : أن الله منفرد بالإِلٰهية لا يشاركه فيها شيء من الموجودات وهذا إبطال للشرك الذي يدين به أهل الشرك، وللتثليث الذي أحدثه النصارى ثم إن الأحدية تقتضي الوجود لا محالة فبطل قول المعطلة أحدية الله أحدية واجبة كاملة، فالله تعالى واحد من جميع الوجوه، وعلى كل التقادير فليس لكُنْه الله كثرة أصلاً لا كثرة معنوية وهي تعدد المقوّمات من الأجناس والفصول التي تتقوم منها المواهي، ولا كثرةُ الأجزاء في الخارج التي تتقوم منها الأجسام، فأفاد وصف أحد أنه منزه عن الجنس والفصل والمادة والصورة، والأعراض والأبعاض، والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما ينافي الوحدة الكاملة فقوله تعالى اللَّه أحد نظيره قوله تعالى في الآية الأخرى إنما الله إلٰه واحد فسورة الاخلاص نزلت بسبب قول المشركين: انْسُبْ لنا ربك، فكانت جواباً عن سؤالهم : قل هو الله أحد فلذلك قيل له: ( قل) كما قال تعالى في شأن الروح : جوابا عن سؤالهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الروح : (قل الروح من أمر ربي ) |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
وتستمر متعة رحلتنا الإيمانية مع نفحات القٍرآن الكريم العبقة .
ويستمر عطاؤك المبارك يشدنا إليه لنتابعه بشغف . دامت لك المحبة أخي عمر |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
ونواصل أحبابنا بكرم الله قل يا محمد لمن سألك عنا : الله أحد الله الهوية الإلٰهية لا يمكن التعبير عنها لجلالتها وعظمتها وقد تحير العقول والألباب وتتبدد الأوهام والخيالات في عظيم شأنه سبحانه وتعالى عما يصفون ف هو ضمير شأن ايذانا لما سيأتي إشارة إلى هويته تعالى والله سبحانه كالتعريف لها وأحد تفسيرها أي منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد خارجاً وذهناً وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية ، فهذا الاسم الجليل يدل على جميع صفات الكمال وهي الصفات الثبوتية ، ويقال لها صفات الإكرام أيضاً والأحد يدل على جميع صفات الجلال ، ويتضمن الكلام على كونهما خبرين الله أحد الإخبار بكون المسؤول عنه متصفاً بجميع الصفات الجلالية والكمالية ، ف أحد دال على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلاً ، لا كثرة معنوية وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول ، وكثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلاً كما في المادة والصورة ، أوالكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم ، وذلك يتضمن لكونه سبحانه منزهاً عن الجنس والفصل والمادة والصورة والأعراض والأبعاض والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقة اللائقة بكرم وجهه عز وجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء تبارك وتعالى الله بعزه وسؤدده وجلاله وجماله وكماله ، وصلى الله على علم الهدى رسول الله محمد وعلى آله وصحبه وعباده الصالحين والحمد لله رب العالمين |
رد: لا يمكن أن ننال شرف الحب الإلهي إلا من خلال باب المعرفة
ما أجل سورة الاخلاص الدالة على أنواع المعارف الإلهية والأوصاف القدسية ، ليس فيها أمر أو نهي وليس فيها ذكر للدنيا أو الآخرة ، ومن أسماءها سورة النسبة ، وسورة المعرفة ، وسورة الجلال ، وسورة الجمال ، وفي هذه السورة الكريمة الرد المزلزل على مَن ألحد فيها والرد على كل المشككين والمبطلين والملحدين في كل العصور ، ولقد ورد في الحديث النبوي الشريف والصحيح : أنها تعدل ثلث القرآن ، ومن أمعن النظر فيها رأى عجبا فهي كنز عظيم لأمة التوحيد حتى أن الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله عليه أزكى صلوات الله وسلامه عليه أخبر في الحديث الشريف والصحيح : أُسست السموات السبع والأرضون السبع على ( قل هو الله أحد ) ، وهذا بحرعظيم من العلم ، فما خلقت السموات السبع والأرضون إلاَّ لتكون دلائل توحيده، ومعرفة ذاته ، فتأملوا يرحمكم الله حقائق هذه السورة العظيمة : قل هو الله قل يا أكمل الرسل : أنه المعبود الحق المستحق للكمالات أحد لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، وذكر سبحانه ثانية اسمه الجليل الله للاشعار بأن من لم يتصف بهذه الصفات فهو بمعزل عن استحقاق الألوهية ، فألوهيته مستوجبة لجميع نعوت الكمال ، ثم أحديته الموجبة لتنزهه عن شائبة التعدد والتركيب أو المشاركة في الحقيقة وخواصها ، ذلك أنه الصمد المستغني بذاته عما سواه ، وافتقار مخلوقاته اليه في وجودها وبقاءها وسائر أحوالها ، ارشادا الى التعلق بصمديته تعالى والتلذذ بمعرفته ، لم يلد ردا على المبطلين والمشركين لفساد اعتقادهم في الملائكة والمسيح ، فهو سبحانه لا يجانسه شيء ولا يفتقر الى من يعينه أو يخلفه ، ولم يولد لاستحالة أنه تولد من شيء ، واستحالة نسبة العدم اليه سابقا ولاحقا ، ولم يكن له كفوا أحد مماثلا أو مشاكلا ، والمقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى |
الساعة الآن 41 : 03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية