منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الخاطـرة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   أنا وجدتي ، وأحاديث العمر . (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=33580)

عزة عامر 09 / 03 / 2020 26 : 12 PM

أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
سيداتي وسادتي هذه دعوة للمشاركة معي ..
موضوعي يتلخص في إدراج بعض الذكريات بيني وبين جدتي ، فهي أمي الثانية ومعلمتي الأولى ، وولية أشجاني ، من مواقف ، عبر ، مشاعر ، مأثورات ، حكايات ذات معنى ومغزى ، وبعض الأحداث التي تستيقظ في ذاكرتي ، كلما حان الوقت .
وأرجو أن نتبادل حكايات الجدات المليئة بالحكم التي لا تنتهي .
وهنا سأدمج روايات الجدتين التي لأمي والتي لأبي فكليهما تتشابهان في الكثير من الملامح التربوية ، البيئية ، الزمنية ، الفهمية ، والنظرة التيتية (نسبة إلى تيته) لأمور الحياة الدنيا والأخرة ،

بداية ..
تعلمت منها :
أن كل إنسان بداخله خير كامل ، وشر كامل يتوارى بعضه خلف بعض ، أحدهما لا يتحمل مواجهة الشمس ، والأخر لا يتحمل مواجهة الظلام ، وأن الحب هو شمس لا تغيب ، فحيثما كان الحب ، كانت الشمس والنور والخير برغم سحابات الغيوم العارضة ، وأن البشر يبرزون خيرهم كلما وأينما سطعت شمس الحب ، ولا يزال الشر بهم يتوارى حتى يذوب وبتلاشي ، أو يسافر بعيدا بعيدا خارج حدود مشاعرهم وخارج نطاق القلب .
علمتني أن الحب هو مرآة الخير ، التي تعكسه على الأشياء والدنيا ، حتى أنني أحببت ( الشحات المتكبر) ، والذي سأروي عليكم قصته المضحكة في المرة القادمة .

رشيد الميموني 09 / 03 / 2020 48 : 12 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
علاقتي بجدتي كانت متميزة جدا ، بحيث كنت الأثير لديها .. كنت أناديها "ماما إيا" يعني ماما رقية (ابتسامة)
لازمت طفولتي بكل ما لديها من حب وحنان وكانت الصدر الرحب والبلسم لكل ما أصابني في طفولتي .. رافقتني في رحلات العلاج فكنت أشفى من رعايتها قبل ان يسري الدواء في جسدي .
كبرت وهي بجانبي ، عينها تكلأني في الحل والترحال . لا ترفض لي طلبا ولا تفند لي رأيا ولا تنتقد رغبة ..
حين كنت أقول:" اليوم لن أخرج .. سألازم البيت بسبب برودة الجو" كانت تضيف :" فعلت حسنا .. ابق هنا واسترح ..أحسن من أن تصيبك نزلة برد ".. لكن لو كان الجو مشابها وأبديت رغبة في الخروج للتجول أجابت :" جيد .. اخرج وروح عن نفسك قليلا ."
كانت عنوان الكرم .. أسدت المعروف لأناس كثيرين دون أن تنتظر مقابلا ، وكان معروفها هذا حاسما في ضمان مستقبلهم المهني بأوروبا.
تعلمت منها الصبر والجود بدون مقابل والحب بلا حدود .
رحمك الله ""ماما إيا" وجعل كل ما فعلته من اجلي ومن اجل الآخرين في ميزان حسناتك شكرا عزة على هذا الملف الرائع ..
مودتي

عزة عامر 10 / 03 / 2020 41 : 01 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243106)
علاقتي بجدتي كانت متميزة جدا ، بحيث كنت الأثير لديها .. كنت أناديها "ماما إيا" يعني ماما رقية (ابتسامة)
لازمت طفولتي بكل ما لديها من حب وحنان وكانت الصدر الرحب والبلسم لكل ما أصابني في طفولتي .. رافقتني في رحلات العلاج فكنت أشفى من رعايتها قبل ان يسري الدواء في جسدي .
كبرت وهي بجانبي ، عينها تكلأني في الحل والترحال . لا ترفض لي طلبا ولا تفند لي رأيا ولا تنتقد رغبة ..
حين كنت أقول:" اليوم لن أخرج .. سألازم البيت بسبب برودة الجو" كانت تضيف :" فعلت حسنا .. ابق هنا واسترح ..أحسن من أن تصيبك نزلة برد ".. لكن لو كان الجو مشابها وأبديت رغبة في الخروج للتجول أجابت :" جيد .. اخرج وروح عن نفسك قليلا ."
كانت عنوان الكرم .. أسدت المعروف لأناس كثيرين دون أن تنتظر مقابلا ، وكان معروفها هذا حاسما في ضمان مستقبلهم المهني بأوروبا.
تعلمت منها الصبر والجود بدون مقابل والحب بلا حدود .
رحمك الله ""ماما إيا" وجعل كل ما فعلته من اجلي ومن اجل الآخرين في ميزان حسناتك شكرا عزة على هذا الملف الرائع ..
مودتي


نعم أستاذ رشيد الجدات هن حبنا الأول والأصيل .. كان جميلا منك أن تتذكر جميل ما صنعت جدتك وتشاركني به بمتصفحي .. جعلتني أحب ماما إيا وأدعو لها ولجدتي ولجداتنا جميعا .. ولن أكتفي .. نريد المزيد من طرائف الحكايات التي حدثت بيننا وبينهم على مر العمر وعلى قدر ما تسعفنا به الذاكرة .. ارجو منك ومن باقي الأعضاء .. يزيدوننا بصور جميلة من ألبوم خواطرنا عنهم .. شكرا لك أخي الكريم /رشيد الميموني على تفاعلك وتعليقك ..
تحياتي ..وتقديري.

خولة السعيد 10 / 03 / 2020 53 : 05 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
أنا وجدتي...
مهما قلت عن جدتي فلن أعبر عن الحب الذي مازلت أحتفظ به لها وسأظل..
جدتي لأبي لم أعش معها طفولتي لأنها كانت تعيش بعيدة عنا..

كنت أحب أن أراسلها.. فتصلني منها رسالة أيضا وأسعد بها معتقدة أنها كاتبة الرسالة في حين كانت تكلف صديقتها بذلك..المهم أني بمجرد أن أرسل لها أبدأ التفكير فيما سأكتبه في الرسالة القادمة وأشتري بطاقة ورود أو أي صورة جميلة بالإضافة أحيانا إلى صورتي..وأنا أتصور كيف يمكن أن تكون هذه الجدة وأرسم لها مجموعة من الصور في خيالي إلى أن رأيتها بعد مدة ولكني لم أسمع منها حكايات الجدات.. وحين أطلب منها أن تقص لي شيئا تخبرني عن والدها العسكري الذي رباهم تربية بقساوته العسكرية...( ابتسامة).
جدتي لأمي كانت رحمها الله نورا ربانيا أراه أمامي، كان اسمها مناسبا لها " زهور" وهي زهور بكل ما تحمله لفظة زهور من دلالات..
جدتي الطيبة التي ربما تمتع بها أحفادها الأولون أكثر مني، بل أكيد ذلك.. فأحفادها الأولون منهم من يقارب سن أمي.. منهم من كانت أمي تلعب معهم في طفولتها..
كنت أضع رأسي عليها وأطلب منها أن تلامس خدي وتداعب شعري وتحكي لي حكاية.. لكنها تظل تبتسم وتقول لي أنت نقطة عسل في قلبي.. ياجدتي أقول حكاية.. فترد أنت ثريا البيت..فأغضب ياجدتي وتقول لي: لم أعد أذكر شيئا ( مشى داكشي مع ايام زمان) فأقوم من مكاني لأتوسل وأرجو دون جدوى إلا مرة واحدة استطعت أن آخذ منها ثلاث حكايات في وقت واحد..(لا أذكر تفاصيلها أنا الآن.. هيهيهيه).
ومع ذلك قد أخبركم في وقت ما عن بعض أقوالها باللهجة العامية

رشيد الميموني 10 / 03 / 2020 54 : 06 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
من بعض ما اتذكره وأنا لا زلت في سن المراهقة أنني كنت أحيانا أستغل تدليل جدتي لي حين أطلب منها شيئا ويكون مبالغا فيه فتقتصر على القليل منه لكني أرفض كل شيء فتظل تناديني واعدة إياي على منحي ذلك مستقبلا .. فأتشبث برفضي حتى وإن انصاعت لرغبتي ومنحتني كل ما أطلب، وأبدي ثورتي واستيائي من حرماني لما طلبته منها .
وأذكر يوما وهي في مرحلة متقدمة من العمر أنها ذهبت لزيارة بعض الجيران في منطقة جبلية بضواحي تطوان ، وحين التقيت ببعض أبناء أولئك الجيران سألته عن جدتي وأبديت له رغبتي في أن تعود قريبا إلينا .. حدثوني بعد ذلك كم فرحت وصارت تفتخر بأن أحفادها لا ينسونها ويشتاقون لها سريعا .
وفي مرة كنا تحتفل بعقيقة ابنة اختي زكانت جدتي لا تستطيع مغادرة منزلنا وصعود السلالم بمنزل أختي ، فما كان مني إلا أن اتيت بسيارة أجرة ، ثم حملتها على ظهري صاعدا بها السلالم وهي تصيح بي محذرة أن أسقط فتسقط معي (ضحكة ممزوجة بدمعة وألم الشوق إليها)
على فكرة .. جدتي قضت بقية عمرها معنا .. فكان ذلك بمثابة كنز تتلألأ جواهره في حنايا المنزل .

عزة عامر 10 / 03 / 2020 56 : 08 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243136)
أنا وجدتي...
مهما قلت عن جدتي فلن أعبر عن الحب الذي مازلت أحتفظ به لها وسأظل..
جدتي لأبي لم أعش معها طفولتي لأنها كانت تعيش بعيدة عنا..

كنت أحب أن أراسلها.. فتصلني منها رسالة أيضا وأسعد بها معتقدة أنها كاتبة الرسالة في حين كانت تكلف صديقتها بذلك..المهم أني بمجرد أن أرسل لها أبدأ التفكير فيما سأكتبه في الرسالة القادمة وأشتري بطاقة ورود أو أي صورة جميلة بالإضافة أحيانا إلى صورتي..وأنا أتصور كيف يمكن أن تكون هذه الجدة وأرسم لها مجموعة من الصور في خيالي إلى أن رأيتها بعد مدة ولكني لم أسمع منها حكايات الجدات.. وحين أطلب منها أن تقص لي شيئا تخبرني عن والدها العسكري الذي رباهم تربية بقساوته العسكرية...( ابتسامة).
جدتي لأمي كانت رحمها الله نورا ربانيا أراه أمامي، كان اسمها مناسبا لها " زهور" وهي زهور بكل ما تحمله لفظة زهور من دلالات..
جدتي الطيبة التي ربما تمتع بها أحفادها الأولون أكثر مني، بل أكيد ذلك.. فأحفادها الأولون منهم من يقارب سن أمي.. منهم من كانت أمي تلعب معهم في طفولتها..
كنت أضع رأسي عليها وأطلب منها أن تلامس خدي وتداعب شعري وتحكي لي حكاية.. لكنها تظل تبتسم وتقول لي أنت نقطة عسل في قلبي.. ياجدتي أقول حكاية.. فترد أنت ثريا البيت..فأغضب ياجدتي وتقول لي: لم أعد أذكر شيئا ( مشى داكشي مع ايام زمان) فأقوم من مكاني لأتوسل وأرجو دون جدوى إلا مرة واحدة استطعت أن آخذ منها ثلاث حكايات في وقت واحد..(لا أذكر تفاصيلها أنا الآن.. هيهيهيه).
ومع ذلك قد أخبركم في وقت ما عن بعض أقوالها باللهجة العامية

وأنا بانتظارك خولة ، وبانتظار الحكايات الثلاث ، لا تتخيلي كم سعدت بحديثك عن جدتك ، ولا تتخيلي كم أعشق ذلك الزمن البعيد القريب ، الذي مضى يمنينا ببقاء السعادة والأمان والطيب وعطور الحب المتباينة في زمانهم أشكالا وألوانا متراميا حولنا كسياج يقي فطرتنا من فجيعة الواقع ، وسرعان ما نأى عنا وهو بنا بدماءنا ماض نستلهم منه الحياة ونعيش على ذكراه ، وننتشي بدمعة هادئة ، بمجرد تحريك الذكرى على حرارة الحنين بملعقة اللهفة والأشواق .. شكرا لمشاركتك خولة ، وأطمع في المزيد ..
تحيتي وباقات المحبة ..
،

عزة عامر 11 / 03 / 2020 22 : 03 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243141)
من بعض ما اتذكره وأنا لا زلت في سن المراهقة أنني كنت أحيانا أستغل تدليل جدتي لي حين أطلب منها شيئا ويكون مبالغا فيه فتقتصر على القليل منه لكني أرفض كل شيء فتظل تناديني واعدة إياي على منحي ذلك مستقبلا .. فأتشبث برفضي حتى وإن انصاعت لرغبتي ومنحتني كل ما أطلب، وأبدي ثورتي واستيائي من حرماني لما طلبته منها .
وأذكر يوما وهي في مرحلة متقدمة من العمر أنها ذهبت لزيارة بعض الجيران في منطقة جبلية بضواحي تطوان ، وحين التقيت ببعض أبناء أولئك الجيران سألته عن جدتي وأبديت له رغبتي في أن تعود قريبا إلينا .. حدثوني بعد ذلك كم فرحت وصارت تفتخر بأن أحفادها لا ينسونها ويشتاقون لها سريعا .
وفي مرة كنا تحتفل بعقيقة ابنة اختي زكانت جدتي لا تستطيع مغادرة منزلنا وصعود السلالم بمنزل أختي ، فما كان مني إلا أن اتيت بسيارة أجرة ، ثم حملتها على ظهري صاعدا بها السلالم وهي تصيح بي محذرة أن أسقط فتسقط معي (ضحكة ممزوجة بدمعة وألم الشوق إليها)
على فكرة .. جدتي قضت بقية عمرها معنا .. فكان ذلك بمثابة كنز تتلألأ جواهره في حنايا المنزل .

ما أجملها من ذكريات .. ذكرتني بجدتي لأبي ، كنت أحبها حبا لا يوصف وكانت تعلم وتشعر بي ، كنت أنظر إليها وأقول في نفسي تلك اللحظة ستكون ذكرى فأدفع نفسي بنفسي ، لأخلق لها طقسا من السعادة وجوا من المرح ، مذكرة نفسي بأنني يوما ما سأكون مثلها ، وأتمنى لو يحنو على كبري وعجزي أحد ، فكنت أجلس جانبها واسند رأسي على كتفها ، وأسألها أن تحكي لي عن طفولتها وزمانها ، كانت دائما تذكر لي مأساتها حين أخرجها والدها من المدرسة الفرنسية هي وشقيقاتها البنات بسبب الحرب ، بينما أكملت قريناتها وعلى رأسهم (سهير القلماوي) دراستها ووصلت ، وكيف كان يؤلمها أنها أنثى لم تحظى بما حظوا أشقائها الذكور بدراستهم في الخارج ، وكم كان حزنها شديدا أنها لم تكن رجلا مثلهم ، لكنها تعود وتواسي نفسها وتقول الحمد لله كبرنا وتعلمنا خير العلم مشيرة إلى علم الدين والقرآن .. كانت تحكي لي أروع القصص التي تحث على فعل الخير ، وحب الغير ، والأمانة ، والتعاون ، ورد الجميل ... وما شابه من زرع القيم والصفات الجميلة .. دون أي توجيه أو أمر أو نهي .. نجحت كثيرا جدتي في إيصال أروع معاني البراءة والنقاء ، ولا أنسى عندما حول لي أبي من مدرستي الخاصة إلى مدرسة حكومية ولم تقبلني أي مدرسة لصغر سني سوى واحدة فقط وكانت تلك المدرسة قريبة نوعا ما من بيت جدتي ، مما اضطر والدي أن يبقيني عند جدتي بعيدة عن أمي لمدة عام ونصف لا أراها سوى أيام العطل فقط وأعود ، وذلك لبعد المسافة بين بيت أمي وبيت جدتي ، أذكر أني عانيت كثيرا تلك الفترة بسبب بعدي عن أمي في سن صغيرة ، لكن حنان جدتي لعب دورا كبيرا في صبري على ذلك الفراق القسري ، أذكر أنني حينما كنت أتذكر أمي وما أكثر الأحيان أبكي بحرقة بيني وبين نفسي مختبئة تحت غطاء ، بطانية ،لحاف أو ما شابه ، كانت تبحث عني وعندما تكتشف بكائي تسألني بلهفة وحنان مالك حبيبتي ، فأستحي أن أبوح بالسر أني أبكي شوقا لأمي ، فأكذب وأدعي أن رأسي تؤلمني أو قلبي أو مغص ، أي شيء غير شوقي الحار لأمي ، فتنتفض من مكانها وتقول لا حبيبتي سلامتك أنا بجهزلك مشروبا دافئا وسوف تصبحين بخير ، وتذهب وتأتي بالمشروب الدافيء ، وتغطيني وتدفئني بين ذراعيها وتقرأ لي القرآن ، حتى أغيب في نوم عميق ويتكرر الموقف على مر الأيام ، وتتحملني وتحنو وتحنو حتى مر عام ونصف العام وعدت إلى أمي مرة أخرى . والبقية تأتي في مشاركات أخرى .


أخي رشيد الميموني شكرا لمشاركتك كم سعدت بها كثيرا خالص التحية والإمتنان .

عزة عامر 15 / 03 / 2020 15 : 02 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
قلت عنها من قبل : علمتني أن الحب هو مرآة الخير ، التي تعكسه على الأشياء والدنيا ، حتى أنني أحببت ( الشحات المتكبر) ، والذي سأروي عليكم قصته المضحكة في المرة القادمة .


أذكر أنني ولأول مرة منذ تفتحت عيناي على هذه الحياة , قد شعرت بالإستياء أو الإعتراض في داخلي على شيء أو الشعور بالرفض هكذا , وما كنت أمتلك تلك المصطلحات لأعبر حينها عما كنت أشعر بالفعل , كان عمري لم يتعدى السبع سنوات , وكنت بحكم ظروف والدتي كامرأة عاملة تترك أبنائها يوميا عند الجد والجدة ,من الثامنة إلا ربع صباحا وحتى الثانية بعد الظهر موعد انتهاء الدوام , لتأخذنا في طريق العودة إلى المنزل , كان لكل يوم من أيام الأسبوع بداخلي لون خاص , ومذاق مختلف ,وطقس خاص جدا يمييز كل يوم من أيام الأسبوع الست ,من السبت إلى الخميس عن الأخر , حيث كانت الجمعة العطلة الوحيدة , من ناحية الجو العام وخصوصا البرامج التلفيزيونية التي كانت تنظم الذاكرة والأيام, وتطبع اليوم بطابع خاص .. فمثلا من برامج الأطفال كنت أشاهد في كل يوم برنامج مختلف بمقدمة برامج أطفال مختلفة , كماما سامية وماما نجوى وبابا ماجد وهكذا , وكان الخميس اليوم المميز جدا بالنسبة لي حيث أن غدا الجمعة أحب الأيام إلى قلبي , والتي أرى فيها أمي وأبي في البيت مجتمعين , وطبعا البرنامج المفضل لدي برنامج سينيما الأطفال ومقدمته ماما عفاف الهلاوي , نعود للشعور الذي كان ينتابني ولم أجد ما أعبر به سوى ملامح ممتعضة , ما الذي كان يحدث في ذلك اليوم ؟ سأقول لكم الآن .. إنه الرجل الذي كان يدعى ؟؟ لا أتذكر لكن أذكر جيدا ملامحه وغروره وكبرياؤه .. كان رجلا كبيرا في العمر ربما ما بعد الخمسين بقليل , و بحساب الزمن الماضي مائة وعشر سنة اليوم لكأن ! كان مرض البرص قد لون وجهه بالكامل إلا قليل , وكان من المفترض أنه مسكين يسأل الناس إلحافا , لكن بأي طريقة يسأل هذا تحديدا ما كان يقهر طفلة لم تتعد السبع سنوات مثلي ..كيف ؟ لا أعلم .
فلنواصل ربما أجد عندكم الإجابة .. كان الخميس موعدنا أنا وهو والإستياء عند بابا بيت جدي الذي كان يقرعة قرعا في كل يوم خميس بعصاة ثخينة تكاد تشبه ثخانة النخلة سأدعوها بعكازة عنيدة غليظة , وهو جالس على حصانه الأبيض الفاره , وكأنه فارس عصره , كان لباب بيت جدي الخشبي الكبير بالنسبة لي كالمارد الضخم شراعتين كبيرتين من الزجاج خلفهما اثنتين من الحديد المشغول كانت العصاة تخترق الحديد وتنفذ بكل جبروت إلى الزجاج الذي نقسم كل خميس أنه سيتحطم لولا ستر الله ههههه , وليس من أحد أكبر مني في الأحفاد ليذهب بكل طاعة حين يأمرني جدي , افتحي له الباب يا ابنتي , فهو يعرف مسبقا من يتربص بزجاج البيت كل خميس سواه ! فأذهب وكلي غيظ ولا أعلم لماذا ؟ فأفتح وأنتظر حتى تعود عصاته إلى جانب جواده ذاك الفارس المغوار بحق مغوارا , ليقول لي بكل احتقار وكأنني أنا التي أسأله : إعطني شييئا لله وأنفه في سماء العزة ترتفع في شموخ وتتجمد هناك , فأذهب إلى جدي فيقول لي بدون أن أتكلم خذي هذه القروش واعطيها له , فأأخذها وأذهب كالعادة فأشب على أطرافي لأطول سعادته من فوق الجياد , لأعطيه القروش التي أعطانيها جدي لأعطيها إياه , فيأخذها وينظر فيها بكل قرف البشر الذين خلقوا والذين لم يخلقوا , ثم ينظر لي بكل ترهيب وترعيب ويقول : ما هذا ؟ ماذا أفعل بهم ؟ !!! قولي لجدك ما ينفع ! فأذهب إلى جدي فأبلغه الرسالة وأعطيه القروش فقد ردها سعادته بعد ما تكسرت أطرافي لأأخذها منه .. فيزيد جدي قرشا واحدا ويقول لي : قولي له لا يوجد غير هذا , ولو أعطاهم لك خذيهم منه وأغلقي الباب , وأذكر أنه فعل ذلك في أحدى المرات فأغلقت الباب كما قال لي جدي فأمر عصاته لتكسر الزجاج فلحقته وفتحت الباب مرة أخرى ليجادلني من فوق حصانه الأصيل فيما أعطاه جدي , كنت أكره نفسي في تلك اللحظة من يوم الخميس رغم أني أعشق ذلك اليوم , لكنه كان يفسد علي فرحي به , مستفزا لي بكل ما كان يفعل , ولأني أنا الوحيدة المتصدية له والمتصدرة والمتبهدلة معه ,كان ذلك يزعجني كثيرا ,, وأشعر أن جدي لا يحبني أنا الوحيدة ويفعل بي ذلك , وكنت دائما اقول في نفسي رغم حبي لك يا جدي إلا إني أكرهك يوم الخميس فقط هههه , وفي يوم من الأيام كان حديث الساعة يضم تلك النوعية من المساكين المتكبرين وعلى سبيل الضحك والأستغراب , فلأول مرة أعبر لجدتي عن عدم حبي للمساكين وبالطبع كان ذلك الرجل في مخيليتي هو رمز المساكين , برغم تعاطفي مع حالات أخرى لكن كانوا في مخيلتي شيء أخر لا يمت بصلة للمساكين والذي طبع رمزهم في خيالي من خلال تلك الحالة .. فأخذتني جدتي معها إلى المطبخ لتكمل الحديث , قالت لي عنه أنه رجل مسكين ليس عنده طعام مثلنا ولذلك يأتي لنساعده , فتأثرت بكلامها حين قالت تخيلي لو أنك مثله ما عندك شيء ولا أب ولا أم ولا طعام فتأثرت أكثر وأشفقت عليه وأخذت قرارا بأن أتحمل كبرياؤه وغروره الغير مبرر , ومرت الأيام وانقطع عن المجيء حتى علم جدي أنه مات , ولما أخبرنا بكيته بشده وحزنت من نفسي أني لم أكن أحبه , لكن أعود وأقول أنه هو سببا رئيسا في ذلك , فلا أحد في العالم يحب أو يستريح أو ينسجم مش شخص به من فظاظة الكبر ما به ولو على سبيل عزة النفس فالكبر وعزة النفس بينهما شعرة لو أفلت الزمام لكان عيبا كبيرا .. أعاذنا الله من الكبر ما حيينا .. كل ما شغل بالي لزمن طويل وحتى الآن تذكرت هو الحصان الذي كان يركبه هل مات معه ؟؟ أم مازال على قيد الحياة ؟؟ أرجو ألا أكون أطلت عليكم , ولنا في الأحاديث حكايات ..

رشيد الميموني 15 / 03 / 2020 21 : 01 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
لا تقلقي عزة .. فمثل هذا السرد ، وإن طال ، لا يويدنا إلا شغفا به وبقراءته حتى آخر كلمة لما يحويه من أحداث ووقائع صيغت بصدق وعفوية .
في انتظار هبات أخرى من نسائم ذكرياتنا مع جداتنا ..
كل المودة

خولة السعيد 15 / 03 / 2020 35 : 03 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
جميلة قصة الشحات المتكبر وتفاصيل الأحداث التي جمعتك به.. أقرأها وأتخيل أحداثها...
أنتظر المزيد عزة العزيزة

عزة عامر 16 / 03 / 2020 45 : 06 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243217)
لا تقلقي عزة .. فمثل هذا السرد ، وإن طال ، لا يويدنا إلا شغفا به وبقراءته حتى آخر كلمة لما يحويه من أحداث ووقائع صيغت بصدق وعفوية .
في انتظار هبات أخرى من نسائم ذكرياتنا مع جداتنا ..
كل المودة

شكرا أخي رشيد .. وأنا أنتظر مثلكم نسائم ذكرياتكم .. فلتشجعوني على المواصلة مازال عندي الكثير من الحكايات والروايات , وعمر ما أطوله , وما أكثر أحداثه ! هيا معا أ/رشيد , أ/ خولة , وكل من يحب , لنذهب إليه .

تحيتي .. وتقديري .

عزة عامر 16 / 03 / 2020 54 : 06 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243219)
جميلة قصة الشحات المتكبر وتفاصيل الأحداث التي جمعتك به.. أقرأها وأتخيل أحداثها...
أنتظر المزيد عزة العزيزة

جعلتني أبتسم خولة , فأنا مثلك أتخيل , وأحيانا أحل نفسي محل الأبطال وأعيش الدور هههههه
مهما كان , وفي تلك القصة تحديدا وضعت نفسي مكان الحصان ههههه لأني كنت مشفقة على حاله كثيرا جدا , فكيف كان شعوره وهو يحمل شخصية متعجرفة كتللك هههههه ؟ والله لوع كبدي !!!.. شكرا خوله لتفاعلك وأريد ذكرياتكم أنتم أيضا لتندمج مع ذكرياتي , لتصبح عائلة ذكريات واحدة (إبتسامات).

خولة السعيد 17 / 03 / 2020 31 : 11 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 243244)
جعلتني أبتسم خولة , فأنا مثلك أتخيل , وأحيانا أحل نفسي محل الأبطال وأعيش الدور هههههه
مهما كان , وفي تلك القصة تحديدا وضعت نفسي مكان الحصان ههههه لأني كنت مشفقة على حاله كثيرا جدا , فكيف كان شعوره وهو يحمل شخصية متعجرفة كتللك هههههه ؟ والله لوع كبدي !!!.. شكرا خوله لتفاعلك وأريد ذكرياتكم أنتم أيضا لتندمج مع ذكرياتي , لتصبح عائلة ذكريات واحدة (إبتسامات).

فعلا عزة أتخيل الأحداث وأعيشها...
وبما أنك تطلبين ذكريات أخرى لتنصهر في ذكرياتك..اسمحي لي أن أحكي لك حدثا مشابها نوعا ما لقصة الشحات لكن لا دخل لجدتي بها..
ياعزيزتي كنت صغيرة عمري ربما لا يتجاوز العشر سنوات حين اعترضت طريقي امرأة تطلب شيئا لله، ولم يكن بيدي شيء أقدمه لها... فطلبت مني أن أطلب أمي( هيهيهيهي ) أو قولي ربما أمرتني..
المهم وبما أنني كنت قريبة جدا من البيت هرعت إلى أمي أخبرها.. فقامت أمي المسكينة وملأت كيسين بلاستيكيين من بعض ما نحضره لشهر رمضان الكريم.. فقد كانت الأيام أيامه ( الزّْمِّيتَة/سْلُّو/ السْفُوفْ..._ كلها أسماء لأكلة واحدة تختلف أسماءها حسب المناطق. ثم حلوى الشباكية) وأخذت الكيسين وذهبت حيث تنتظرني المرأة، لكنني لم أجدها..
ترى ماذا علي أن أفعل الآن؟! حاولت أن أر إن كانت قد ذهبت للجلوس بباب المسجد المجاور لبيتنا .
فرأيتها.. نعم على الأرجح إنها هي.. فمادمت لم أجدها أمام البيت لا أستطيع التأكد من إن كانت هي أم لا فأنا لا آلف الوجوه سريعا ولا أتمكن من تذكر وجوه لم أرها وأحدثها كثيرا( ابتسامة)..وعلى سبيل الأمانة وجب علي إعطاء المرأة ما قدمته أمي.. وطبعا ماما مادامت أخرجت الكيسين من البيت فلن تقبل ردهما إليه.
ابتسمت للسيدة وقدمت لها الكيسين لتصيح أخرى : وأنا..
هنا كانت الصدمة لكني متأكدة من أنها ليست هي تلك التي كلمتني.. أنا أعطيت الأمانة لصاحبتها هذه شكلها يبدو مختلفا ثم إن معها طفلة.
كانت بجيبي بعض السنتيمات (20) هيهيهيه وحلوى قدمت للأم السنتيمات وأعطيت للطفلة الحلوى لأرى تلك الأم وهي تقوم من مكانها وترميني بما قدمت لها، بل وتريد ضربي.. هربت مسرعة وهي تتبعني بسبها وشتائمها.. وليت نحو البيت وأنا أخشى أن تتبعني إليه...
( لعن الله الفقر)

رشيد الميموني 17 / 03 / 2020 07 : 05 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
متابع بكل شغف هذا السرد الحميمي الممتع لذكريات الطفولة ..
شكرا عزة .. شكرا خولة .
كل المودة

عزة عامر 17 / 03 / 2020 41 : 05 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243252)
فعلا عزة أتخيل الأحداث وأعيشها...
وبما أنك تطلبين ذكريات أخرى لتنصهر في ذكرياتك..اسمحي لي أن أحكي لك حدثا مشابها نوعا ما لقصة الشحات لكن لا دخل لجدتي بها..
ياعزيزتي كنت صغيرة عمري ربما لا يتجاوز العشر سنوات حين اعترضت طريقي امرأة تطلب شيئا لله، ولم يكن بيدي شيء أقدمه لها... فطلبت مني أن أطلب أمي( هيهيهيهي ) أو قولي ربما أمرتني..
المهم وبما أنني كنت قريبة جدا من البيت هرعت إلى أمي أخبرها.. فقامت أمي المسكينة وملأت كيسين بلاستيكيين من بعض ما نحضره لشهر رمضان الكريم.. فقد كانت الأيام أيامه ( الزّْمِّيتَة/سْلُّو/ السْفُوفْ..._ كلها أسماء لأكلة واحدة تختلف أسماءها حسب المناطق. ثم حلوى الشباكية) وأخذت الكيسين وذهبت حيث تنتظرني المرأة، لكنني لم أجدها..
ترى ماذا علي أن أفعل الآن؟! حاولت أن أر إن كانت قد ذهبت للجلوس بباب المسجد المجاور لبيتنا .
فرأيتها.. نعم على الأرجح إنها هي.. فمادمت لم أجدها أمام البيت لا أستطيع التأكد من إن كانت هي أم لا فأنا لا آلف الوجوه سريعا ولا أتمكن من تذكر وجوه لم أرها وأحدثها كثيرا( ابتسامة)..وعلى سبيل الأمانة وجب علي إعطاء المرأة ما قدمته أمي.. وطبعا ماما مادامت أخرجت الكيسين من البيت فلن تقبل ردهما إليه.
ابتسمت للسيدة وقدمت لها الكيسين لتصيح أخرى : وأنا..
هنا كانت الصدمة لكني متأكدة من أنها ليست هي تلك التي كلمتني.. أنا أعطيت الأمانة لصاحبتها هذه شكلها يبدو مختلفا ثم إن معها طفلة.
كانت بجيبي بعض السنتيمات (20) هيهيهيه وحلوى قدمت للأم السنتيمات وأعطيت للطفلة الحلوى لأرى تلك الأم وهي تقوم من مكانها وترميني بما قدمت لها، بل وتريد ضربي.. هربت مسرعة وهي تتبعني بسبها وشتائمها.. وليت نحو البيت وأنا أخشى أن تتبعني إليه...
( لعن الله الفقر)

سبحان الله هم يضحكنا , وذات الهم يبكينا .. تتشابه كثيرا ذكرياتنا وحياتنا , كما تشابه أرواحنا , سعيدة جدا خولة بمشاركتك تشجعني على المواصلة , فلا تبتعدي كثيرا مادامت الحكايا .
تحيتي لك خولة.. ومحبتي .

عزة عامر 17 / 03 / 2020 45 : 05 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243257)
متابع بكل شغف هذا السرد الحميمي الممتع لذكريات الطفولة ..
شكرا عزة .. شكرا خولة .
كل المودة

شكرا لك أخي / رشيد الميموني .. ولن نكتفي , بل نطمع منك في المزيد من الذكريات .
تحيتي واحترامي .

خولة السعيد 17 / 03 / 2020 49 : 10 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243257)
متابع بكل شغف هذا السرد الحميمي الممتع لذكريات الطفولة ..
شكرا عزة .. شكرا خولة .
كل المودة

لا شكر أستاذ رشيد.. نحن كذلك نستمتع بكتاباتك

خولة السعيد 17 / 03 / 2020 51 : 10 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 243260)
سبحان الله هم يضحكنا , وذات الهم يبكينا .. تتشابه كثيرا ذكرياتنا وحياتنا , كما تشابه أرواحنا , سعيدة جدا خولة بمشاركتك تشجعني على المواصلة , فلا تبتعدي كثيرا مادامت الحكايا .
تحيتي لك خولة.. ومحبتي .

أسعد معك عزة بهذا السرد الحكائي.. شكرا على المتعة التي أهديتنيها وعلى كلماتك الجميلة

عزة عامر 18 / 03 / 2020 25 : 12 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243265)
أسعد معك عزة بهذا السرد الحكائي.. شكرا على المتعة التي أهديتنيها وعلى كلماتك الجميلة

شكرا خولة للطف كلماتك , سعيدة بك , ولنكمل شريط الذكريات معا .
خالص مودتي وامتناني.

عزة عامر 31 / 03 / 2020 18 : 03 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
أملنا الزمان طويلا في بقاء أيامنا الجميلة ، فما كنت أظن للحظة بأنه بارع في اغتيال أحلامنا البريئة ، والسطو على عمر طفولتنا بتلك السرعة الخالية من أية هوادة .. تذكرت من الأحداث حدث وما أكثر ها كانت ، ولكن ذلك تحديدا أضحك كلما تذكرته بقدر ما بكيت آنذاك ، كانت جدتي بارعة في حياكة الملابس وتصميم الفساتين ، التي لا يشبهها ما هو معروض في محلات الملابس وخاصة ملابس الأطفال ، وكانت تحبني حبا جما ، وإلى الآن امتد حبها ليغرقني ، كانت تقوم بتصميم فساتينها وحياكتها بنفسها حيث كانت تملك ماكينة خياطة قديمة يدوية ، وتحيك لي من نفس الثوب فستان صغير ، وبذلك نرتدي أنا وهي فستانان من نفس اللون مع اختلاف التصميم ، وكنت أفرح فرحا شديدا كلما فعلت ذلك ، وكان يوافق ذلك موعد وصول أبناءها من الخارج ، استعدادا لمقابلتهم في المطار .. وفي ذلك العام فعلت الشيء ذاته ، وكنت آنذاك في الصف الثالث الإبتدائي ، وكان لي زميلة بمثابة الأخت كنت أحبها حبا لا تصفه كلمات على وجه المعمورة ، كانت تسكن بقرب بيت جدتي وكنت أزورها دائما بعد انتهاء اليوم الدراسي ، مع كل طلب أذهب لأحضره لجدتي أمر على منزلها أسلم عليها وأمضي ، كانت يتيمة الأب وكنت أتعاطف جدا حد البكاء لذلك ورغم صغر سني كنت أشعر بأنني مسئولة عنها ، ولا أطيق أن يبكها أحد من بعض زملائنا في الصف وما أكثرهم لن أنسى حين ضربتها سالي زميلة لنا كانت متعجرفة وكم بكيت لأجلها ، ولأجل عدم استطاعتي أن أدافع عنها ، وفي ذلك العام تحديدا كانت والدتها تنتظر حتى ينتهي العام الدراسي وتأخذ منال أحب صديقة وأخت لي وتسافر إلى محافظتهم التي أتوا منها ، حيث أن وفاة الأب أدت إلى سفرهم نهائيا ، فلم أعد أراها ولا أعلم إلى أين رحلت وكنت أذهب إلى منزلها دائما طوال السنوات التي عشتها في بيت جدتي ، عسى أن أجدها ، فلم يجدي انتظاري وذهبت أختي وحبيبتي منال دون عودة ، ونسيتني ولم أنساها ، ما حدث في عام الفستان ذاك ، أننا في يوم من الأيام عدنا سوية من المدرسة ، وكنت بطول الطريق أحكي لها عن الفستان التي حاكته لي جدتي مثل فستانها ، وأنني سأرتديه حين أذهب معها لاستقبال أخوالي في المطار ، وكم هي سعادتي آني أنا وجدتي سنكون مثل بعضنا البعض ، وعزمت أن أريها الفستان ولما وصلنا دخلت المنزل مسرعة وقلت لجدتي تعطينيه لكي أريه لمنال ، فلم ترض لكنني ببعض التحايل والقبلات استطعت أن أحصل على موافقتها ، وأخذت الفستان ورأته منال وكانت في قمة الإعجاب به حيث أنه يشبه فساتين سندريلا ، التي حين ترتديه طفلة وتدور به تبدو كالوردة المتفتحة ، وحين تقف تبدو كأميرة ذات فستان منفوش له أكثر من طبقة تحت ظهارته ، رأت منال الفستان ومضت ، وفي اليوم الثاني وتحديدا في وقت الإستراحة ما بين الحصص الدراسية ، جلسنا لنتناول فطورنا في فناء المدرسة أنا ومنال ، وفاجئتني أنها حزينة لأنها كانت تتمنى أن يكون لها جدة مثلي تحيك لها فستانا جميلا كفستاتي ودمعت عيناها ، وبدوري قمت بدور الشهمة التي ستضحي لأجل سعادة زميلتها مهما كلفها الأمر ، جلست ، وقمت وأكملت اليوم الدراسي إلى نهايته ، ومضيت في طريق العودة وكل ما يلح في فكري وعقلي كيف افرح منال مهما حدث ، وصلت إلى بيت جدتي وكعادتها تنتظرني لأحضر لها بعض المشتروات من بعض الباعة القريبين من البيت ، ودون تفكير أخذت الفستان من دولاب جدتي ، بعد اضطرابات نفسية وقلق ومغامرات لإبعاد جدتي عن غرفتها حتى لا تراني ، وأخذت الفستان أخيرا ، وذهبت لأحضر ما طلبته مني جدتي ، وكانت منال هي أهم أهدافي لأجعلها سعيدة ،لن افرح بالفستان وصديقتي تبكي لأنها لا تملك فستانا مثله ، وصلت عند منزل منال ، طرقت الباب ففتحت لي والدتها فسألت عنها كانت هي الأخرى تحضر لوالدتها بعض الأشياء ، سئلت الوالدة عن مكانها ، وما إن علمت ذهبت سريعا لأقابلها في طريق عودتها وأفاجئها بالهدية ، وقد كان قابلتها ، وأعطيتها الفستان فأبت أن تأخذه ، حتى أخبرتها بأنني ، استأذنت جدتي أن تحيك لي فستان مثله ووافقت هي أن تفعل ، خافت منال من والدتها حين تسألها فلا تعرف كيف تجيب وطلبت مني أن أذهب معها إلى البيت ثانية وأخبر أنا والدتها ، خفت كثيرا لأني أكذب ولأول مرة ، وأعرف أن الكبار يعرفون من يكذب ، لأن الله يخبرهم بكل شيء عن طريق العصفور التي كانت أمي تذهب عقلي بها ، حين تقول أن العصفورة قالت لي ، وقضيت العمر وأنا كل ما أتمنى أن أكبر ليكون لدي عصفورة تخبرني بكل شيء مثل أمي هههههه كذبة إبريل التي استمرت حتى كبرت وعلمت حقيقتها ، ذهبت وجسدي النحيل الصغير يرتعد من والدة منال ، أحدثها بصوت مرتعش وعينين ترجفان من الخوف ، والحمد لله مر الموقف دون أن تلحظ المرأة فقد فرحت بالفستان كثيرا ، وقبلتني وقالت لي يا حبيبتي ، تنفست وقتها الصعداء ، لكن القلق والإضطراب زادت قوته أضعافا حين تذكرت ما الذي سيحدث لي حين تكتشف جدتي بعدم وجود الفستان ، وكيف ستنصب لي المحكمة وهل سأقول أنا وأعترف أم أنتظر عصفورة جدتي الأكبر من عصفورة أمي ، لتكشف سري أمامها ، ماذا أفعل وماذا أقول ؟؟ أنا الأن .... نعم قد فرحت بفرحة صديقتي ، والآن أبكي للمأزق الذي وضعت نفسي بعقره ، وأيضا تذكرت أني سارقة وقد رآني الله وسيدخلني النار كما قالت لي أمي أن كل من يسرق شيئا ليس له سيدخل النار ،، وهو أولا وأخيرا لجدتي بالأساس ، يا مصيبتي الكبرى ، ويا طول تأنيبي وعذابي ،، مرت الأيام ولم يحدث شيء ، فمازال هناك وقتا على موعد وصول أخوالي من السفر ، لم تكتشف جدتي بعد ، الحمد لله ... وجاءت منال أنيقة تمرح وتقفز كالغزال فرحة مرتدية فستاني الذي أعطيته لها ، ولم أؤكد عليها ألا تلبسه أمام أحد ، يا ويلي !! جاءت لتسأل عني ، لتسألني عن واجبات ذلك اليوم الذي تغيبت فيه عن المدرسة ، وكانت الكارثة التي حطت رحالها فوق رأسي ، رأتها جدتي وكان يوم لن أنساه ، انتظرت جدتي حتى غادرت منال ، وأخذتني إلى غرفتها ، وسألتني ،
كيف أعطيت لمنال الفستان ، ولماذا لم أستأذن ، ووووو ..... ، تهشمت خجلا ، واحترقت حياءا مما فعلت ، لكن الجميل في جدتي أنها لم تطلب مني أن أعيد الفستان مرة أخرى ، وأنها ربتت على كتفي بعد توبيخي طبعا ، وإذلالي بأني لن أرتدي أنا وهي مثل بعضنا البعض ، وبأني من المحتمل أن لا أذهب معها إلى المطار عقابا لي على فعلتي الشنعاء.. لكنها قبلتني في الأخير وأثنت على تصرفي بأن قالت لي أنتي طيبة مثل جدتك ، ففرحت كثيرا بفعلها وحاولت أن تحيك لي فستان من نفس الثوب لكن بقماش أقل بكثير وتصميم مختلف جدا لم يعجبني وقتها لكن استسلمت ، وذهبت في ذلك العام معها إلى المطار .

رشيد الميموني 31 / 03 / 2020 25 : 01 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
لي مع جدتي مواقف طريفة بحكم التصاقي بها ولكوني الأثير لديها من بين إخوتي .
كانت لها علاقة وطيدة مع بعض الإسبانيات اللواتي كن ولا يزلن مقيمات في تطوان .. وكن يستشرنها في بعض الأمور وتساعدهن في تدبير بعض شؤونهن .. وكانت تزورهن وتعود محملة ببعض الهدايا والمجلات الاسبانية فتمنحني إياها وأبيع اكداسا منها لبائع متجول كي أتمكن من جمع ثمن تذكرة السينما (ابتسامة).
الطريف في هذا انني كل ليلة ، وحين أخلد للنوم بجانبها ، كانت تطلب مني شيئا ربما يبدو غريبا لكون الجدات هن منبع الحكايات والأساطير .. لكن جدتي كان يمتعها أن أحكي لها ما قرأته من قصص في المدرسة او المكتبة مثل قصص عطية الأبراشي وسيف بن ذي يزن . وكانت تقول لي :"احك لي قصة ، أجلب لك مجلة ".. وبهذا كنا نتبادل الأدوار .. فتحكي لي أحيانا اساطير من بلاد الريف .. (بلادها) .. والريف عندنا لا تعني فقط البادية وإنما منطقة بشمال المغرب من ناحية الشرق .
حين كانت تعزم على زيارد "البلاد" ، كنت احجز لها تذكرة السفر ونذهب الى المحطة قبل ساعتين من انطلاق الحافلة تحت إلحاحها ، رغم اني كنت أوضح لها ان الانتظار سيتعبها وأن نصف ساعة كافية لهذا الانتظار في قاعة المحطة الفسيحة .. لكنها كانت ترفض وتلح خشية ان تفوتها الحافلة .. فأرضخ لرغبتها وارافقها عند منتصف الليل واقعد بجانبها.. فأرى علامات الاطمئنان على محياها وتلتفت إلى من تجاورها مفتخرة بكون حفيدها يهتم بها ويرافقها حتى موعد الانطلاق ليطمئن عليها .
حين تعود من زيارتها للريف كانت تحمل معها اكياس الدقيق والزيتون وزيت الزيتون .. مما كانت تدره أرض والديها .. أجدادي رحمهم الله . وكانت تصل بعيد الفجر فنسمع نداءها عند أسفل العمارة ونسرع مبتهجين لعودتها .. فتجلس ونحن متحلقين حولها نستمع إلى ما لاقته أثناء رحلتها فلا نشعر بطلوع النهار .. بينما رائحة الشاي والقهوة والبيض القلي ينبعث من المطبخ حيث كانت أمي تعد الفطور .

خولة السعيد 31 / 03 / 2020 56 : 04 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
استمتعت بسردكما وذكرياتكما مع الجدة.. أ.عزة/ أ.رشيد

عزة عامر 01 / 04 / 2020 33 : 02 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني (المشاركة 243781)
لي مع جدتي مواقف طريفة بحكم التصاقي بها ولكوني الأثير لديها من بين إخوتي .
كانت لها علاقة وطيدة مع بعض الإسبانيات اللواتي كن ولا يزلن مقيمات في تطوان .. وكن يستشرنها في بعض الأمور وتساعدهن في تدبير بعض شؤونهن .. وكانت تزورهن وتعود محملة ببعض الهدايا والمجلات الاسبانية فتمنحني إياها وأبيع اكداسا منها لبائع متجول كي أتمكن من جمع ثمن تذكرة السينما (ابتسامة).
الطريف في هذا انني كل ليلة ، وحين أخلد للنوم بجانبها ، كانت تطلب مني شيئا ربما يبدو غريبا لكون الجدات هن منبع الحكايات والأساطير .. لكن جدتي كان يمتعها أن أحكي لها ما قرأته من قصص في المدرسة او المكتبة مثل قصص عطية الأبراشي وسيف بن ذي يزن . وكانت تقول لي :"احك لي قصة ، أجلب لك مجلة ".. وبهذا كنا نتبادل الأدوار .. فتحكي لي أحيانا اساطير من بلاد الريف .. (بلادها) .. والريف عندنا لا تعني فقط البادية وإنما منطقة بشمال المغرب من ناحية الشرق .
حين كانت تعزم على زيارد "البلاد" ، كنت احجز لها تذكرة السفر ونذهب الى المحطة قبل ساعتين من انطلاق الحافلة تحت إلحاحها ، رغم اني كنت أوضح لها ان الانتظار سيتعبها وأن نصف ساعة كافية لهذا الانتظار في قاعة المحطة الفسيحة .. لكنها كانت ترفض وتلح خشية ان تفوتها الحافلة .. فأرضخ لرغبتها وارافقها عند منتصف الليل واقعد بجانبها.. فأرى علامات الاطمئنان على محياها وتلتفت إلى من تجاورها مفتخرة بكون حفيدها يهتم بها ويرافقها حتى موعد الانطلاق ليطمئن عليها .
حين تعود من زيارتها للريف كانت تحمل معها اكياس الدقيق والزيتون وزيت الزيتون .. مما كانت تدره أرض والديها .. أجدادي رحمهم الله . وكانت تصل بعيد الفجر فنسمع نداءها عند أسفل العمارة ونسرع مبتهجين لعودتها .. فتجلس ونحن متحلقين حولها نستمع إلى ما لاقته أثناء رحلتها فلا نشعر بطلوع النهار .. بينما رائحة الشاي والقهوة والبيض القلي ينبعث من المطبخ حيث كانت أمي تعد الفطور .


أيام جميلة من عمر أجمل لا تنسى ،ومهما مر العمر نجدها محفورة فينا كأجمل وأروع وأأصل تحفة نميزها من بين مقتنيات ذكرياتنا الأسمى الأثمن ..

عزة عامر 01 / 04 / 2020 35 : 02 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243784)
استمتعت بسردكما وذكرياتكما مع الجدة.. أ.عزة/ أ.رشيد

شكرا لك أ/خولة يساعدني مرورك دائما وأبدا ..
خالص محبتي .

خولة السعيد 03 / 04 / 2020 53 : 03 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 

من اقوال زهور جدتي الغالية رحمها الله:
اليوم الجمعة بكت عيني بالدمعة.. ماجا من عزاني..دْزْتْ على مْسِيدْ لقيت فقيه تايقْرا.. قلت لو يا فقيه انت قريت وانا غنيت.. الحرف لليخطاك.. نعطيك جوابو.. والحيط اللي طاح نعطيك عداد حْجْرو وتْرَابُو .. والقلوب القاصحة فوجه مولاي محمد يْرْطَابُو....
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
***********
ماجا: لم يأت
دزت: مررت
مسيد: كتاب (المكان الذي كان يتم فيه تلقين الصغار دروسهم مع حفظ القرآن ويسمى معلمهم الفقيه)

عزة عامر 04 / 04 / 2020 15 : 12 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
رحم الله جدتك ، هكذا جدتي مثل جدتك تلقي بالحكمة في كل موقف وفي كل وقت ، كالحكماء كانوا ومعلمهم الأكبر هي الدنيا ..
شكرا خولة على إثراء الموضوع ،
وأريد ترجمة لهذا السطر (ابتسامة)
والقلوب القاصحة فوجه مولاي محمد يْرْطَابُو...

خولة السعيد 04 / 04 / 2020 43 : 12 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 243995)
رحم الله جدتك ، هكذا جدتي مثل جدتك تلقي بالحكمة في كل موقف وفي كل وقت ، كالحكماء كانوا ومعلمهم الأكبر هي الدنيا ..
شكرا خولة على إثراء الموضوع ،
وأريد ترجمة لهذا السطر (ابتسامة)
والقلوب القاصحة فوجه مولاي محمد يْرْطَابُو...

القلوب القاصحة تعني القلوب القاسية .. فوجه مولاي محمد يعني عند ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .. يرطابوا.. أي يلينوا..
يعني عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تلين القلوب القاسية

عزة عامر 04 / 04 / 2020 09 : 06 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 243996)
القلوب القاصحة تعني القلوب القاسية .. فوجه مولاي محمد يعني عند ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم .. يرطابوا.. أي يلينوا..
يعني عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم تلين القلوب القاسية

صلى الله عليه وسلم وعلى آله .. شكرا لك أ/ خولة على الإفادة .. دمت بكل خير .

عزة عامر 11 / 01 / 2021 50 : 03 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
حين مررت قدرا من جانب تلال الحصاد ، التي جمعتها أ/ خولة السعيد بالعربية الفصحى .. خوختى بالمشاعر البسيطة الدارجة .. وقرأت عناوين لموضوعات كثيرة من بينها عدة موضوعات لي ، وقد ذهب بصري تلقائيا للزمن الطيب ، الذي ألزم ذكرياتنا بألا تنساه أبدا حبا وانتماءا ، جالت في عقلي خيول الذكرى ، صالت وصهلت بساحات قلبي ، ومواطن الحنين الأولى لكل ما تركته هناك مرتبا منمقا فوق رفوف زواياي شبه العتيقة بالنسبة لما مر من أحداث في عمري تكفي لشغل حيز من الزمان قد يصل لقرون ، من تلك القرون المباركة ، التي لم نجرب الحياة فيها ، حيث الشهر في زماننا كالعام من ذي قبل !! وانجذبت ذاكرتي لذاك الرف البعيد بعض الشيء عن يديها ، إلا البصر فلا زال معلقا شغوفا باسما بعينين منكسرتين قليلا بشيء من التحسر على ما مضى ، وشيء من الحب والولاء .. ها هي جدتي ككل فجر أسمع همسها لأستيقظ ابنة 6سنوات ، أفتح عيني قليلا لأراها ، وقد عادت بعد الوضوء ، تحملها قدمان أرهقهما طول الدهر والسمنة الزائدة بعض الشيء ، لتقف مستقبلة القبلة تلهج بكلمات الذكر همسا رقيقا ، يجبرني أن أفتح عيناي لأنظر إليها وهي تصلي في طقس بارد كالثلج ! تاركة مياه الوضوء تتساقط من ذقنها كقطرات الندى حين تثقل بها ورقة مائلة من جسد زهرة متفتحة ! تحضر لاجتماع طارق كل فجر قطرات الندى إليها ، وفوقها يشكلون قطرة واحدة كبيرة تتزلج على نعومة خديها .. فيعجبني المشهد واستحب الهمس والهامس والمهموس به ، والذي يشبه في أذني وقتها زقزقة العصافير حين تزقزق كحين تسبح جدتي ! وأشعر براحة وسكينة وكأنني أنا من صليت ! وأسألها نفس السؤال في كل يوم بعد الصلاة ، لم يا جدتي تتركين وجهك مبتلا بالماء والدنيا برد ؟ فتقول نفس الإجابة في كل يوم دون كلل ، وتشير بأصبعها إلى منتهي ذقنها وتقول كل قطرة تسقط مني وأنا أصلي سوف تشهد لي يوم القيامة .. لم أتركها في الليلة التي تليها والتي تليها ، وهكذا عام ونصف حيث عشت معها أنام في أحضانها ، وبين ذراعيها الحنونتين لعام ونصف ، قضيتهم بجوارها بسبب الدراسة وانتقالي إلى مدرسة في منطقة بيت جدي رحمه الله .. شكرا خوخة جعلتني أتذكر الكثير والكثير بمجرد قراءة العنوان .. وأدخلت السعادة والحنين على قلبي ، فأسعدك ربي .

خولة السعيد 11 / 01 / 2021 18 : 04 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
وأنا أسعد يا عزة
أرجو لك دوام الهناء والسعادة

عزة عامر 11 / 01 / 2021 39 : 11 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
سلمت خوخة شكرا لك .

عزة عامر 16 / 01 / 2021 34 : 10 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
يوما ما كان بيت جدتي هو العمران الوحيد في منطقة ما شاسعة الخضار يحده الحقول من كل جانب إلا جانب يتمثل في طريق من الأسفلت تعبر خلاله السيارات ، كم كان جميلا ألا تمتلئ اللوحة بلون سوى الخضار مزروع فيه كالزهرة بيت جدتي الطيب الطلة ، كان يتميز ببوابته الخشبية العملاقة كما كنت أراها ، أو بالنسبة لي كطفلة لا يتعدى وزنها عشرون كيلوا جراما ، وحين تفتح بوابته كأنما فتح لي باب الجنة ، جنة الطيور والحيوانات التي كم كنت أمرح فيها وبها ، يستقبلني أحد حراس المنزل أو حارساته كالكلب روي وركس ، أو فانتزيا وكالوشا ، في إستقبال حافل بالحركات الراقصة وهز الذيل وربما الوقوف على قدمين للسلام كما كنت اعلمهم ، أو بصحبة أبناءهم ، وذلك في فناء البيت الخارجي ، ثم يلي ذلك المشهد خروج عمتي من الباب الداخلي للبيت حاملة قطها العملاق دون مبالغة مشمش صاحب الخدين الممتلئين بطريقة مستفزة للإمساك والعبث بهما ، أو لعضهما لصاحب النفس الحلوة ، كم كان( مكلبظا ) ، بعد الفناء يستقبلني فناء أخر أكبر منه بثلاثة أو أربعة أضعاف ، به من الكائنات الطائرة والماشية وربما القافزة والسابحة ما به حيث كانت بحيرة صغيرة صنعها عمي للبط والأوز يحيطها من أحد الجوانب أشجار الجوافة الحلوة الرائحة والمذاق مممم ، وأينما انصرف بصري أجد أما دجاجة أو بطة تسير بصحبة أبناءها من الصوص والفراخ الصغيرة ، ويسعدني تلك الأجنحة التي تضرب الهواء محلقة فوقي حيث الحمام والعصافير والفراشات الملونة والبيضاء ، كانت الجنة بحق بالنسبة لي ، تنتقل الصورة الآن وبعد جولتي الأساسية حال وصولي مع والدي يوم الجمعة بداخل المنزل حيث غرفات البيت الدافئة ، رغم رحابتها واتساعها وجدتي الجميلة الوجهة ، الرقيقة الصوت ، و الحانية المشاعر ، وعمتي التي اشتق اسمها من ابتسامتها التي كانت لم تفارق وجهها أبدا ، طيلة أربع وعشرون ساعة في اليوم الواحد ، حتى أثناء النوم كانت ملامحها هكذا باسمة متبسمة كأنها لا ترى في يقظتها وأحلامها إلا كل ما يدعوها لذلك ، رحم الله اثنتيهما وألحقني بهما عما قريب ، ولي في الحياة معهما قصص لا نهاية لها ، منها ما يضحك حتى السقوط أرضا ، ومنها ما يبكي حد الاكتئاب ، ومنها ما بين هذا وذاك ، وطفلة كنت أؤدي طفولتي ببراعة وبكل ما أوتيت من شقاوة ومرح ، وللآن كلما تعطلت الحياة ، أسير للأمام جسدا ، وروحي معلقة ببصرها للخلف بعيدا بعيدا حيث البراءة والبياض حيث كنت هناك ، حيث كنت أنا . ويتبع حين تفيض ذاكرتي التي تنسى كل شيء إلا ذاك الماضي الجميل بكل ما حمل من براءة وطيب عيش ورضا . وإلى جمال أخر في لوحات الماضي المعلقة داخل متحف عقلي ..

خولة السعيد 16 / 01 / 2021 41 : 11 AM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
من أجمل وأروع الذكريات .. ذكرياتنا مع جداتنا

عزة عامر 16 / 01 / 2021 18 : 06 PM

رد: أنا وجدتي ، وأحاديث العمر .
 
نعم خوخة .. وليتها تعود لن أتزحزح من هناك أبدا ��


الساعة الآن 23 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية