منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الرواية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=166)
-   -   المالكي المواطن المناضل (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=34513)

خولة السعيد 23 / 08 / 2021 37 : 04 AM

المالكي المواطن المناضل
 
لعلها كانت آخر ساعة من حصص المساء، لا تذكر الآن، ما تذكره هو أن عدد تلاميذها يومها كان قليلا وحتى حضور هذه القلة كان متأخرا إلا واحدا، لذلك اختارت ان تخلق حوارا معهم، بعيدا عن دروس المقرر وإن كانت الدراسة بالتفويج وفق الاحترازات والاحتياطات بسبب وباء كورونا لا تسمح بمزيد من التأخر، أضف إلى ذلك أن مادة اللغة العربية ليست مادة أساسا بالنسبة لهم هذا العام ، حينها بدأت تسألهم عن طموحاتهم وأهدافهم، وما يبتغون تحقيقه بعد حصولهم على شهادة البكالوريا نهاية الموسم الدراسي إن شاء الله تعالى، أحدهم؛ قال إنه يريد أن يصبح مخرجا سينمائيا خاصة أن له مجموعة تجارب في ميدان الفن عموما، وبدأ يحدث أستاذته عن خبرته وتجاربه في مجال السينما والفوتوغراف والمودا، كتابة السيناريو، وغير ذلك مما له علاقة بشيء اسمه فن، كان الفتى يمتزج بداخله شيء من الحياء ثم الثقة بالنفس والظهور والفخر، وهو يجيب مدرسته عن أسئلتها مخبرا إياها أنه يفكر في متابعة دراسته بمعهد الفنون الجميلة بتطوان لصقل موهبته واكتساب خبرات ومعارف أكثر.
‌تلميذ آخر قال إن هدفه هو الحصول على الشهادة ليرتاح عاما من تعب الدراسة ثم بعد ذلك،يفكر في شيء آخر. وثالث قال بعيدا عن دراسته يريد إنشاء مشروع خاص به، ورابع سيختار دراسة القانون، وخامس متابعة الدراسة بشعبة الأدب الفرنسي، سادس هدفه الهجرة إلى بلد أوروبي ، وسابع يحاججه أن بلادنا أفضل وهو الذي لم يستطع أن ينجح في بلاده لذلك سيجلب التعب لنفسه بما سيشتغله في غربته، تلميذة تريد الطب و تلك أمل والديها أن تصبح طبيبة لكنها تعشق شيئا اسمه هندسة، تظل تبحث عن معلومات تخصها بالإنترنيت، أما المالكي فوالده يسعى جاهدا ليجد له مركزا بالأمن الوطني حتى يعوضه شقاء سنوات من العمل كحارس للمؤسسة التي يدرس هو بها اليوم، وهو ما زال يرغب في متابعة دراسته، هكذا كانوا كلهم تقريبا يفكرون في متابعة مسيرتهم بعيدا عن تخصصهم " علوم الحياة والأرض"، والمفاجأة لم تقف هنا، إن عبد الحميد المالكي يقول إن هدفه الأول هو أن يخلد اسم جده، التفتت الأعين إليه مندهشة، كأنها تسأله ما دخل حديثنا بجدك يا عبد الحميد، أما مدرسته فندت عن شفتيها ابتسامة، واسترجعت سريعا بعض ذكرياتها الجميلة مع جديها عبد الرحمن وأحمد، وسألته باسمة:
‌_ كيف تريد أن تخلد اسم جدك؟ ماذا ستفعل لأجله؟
‌لم يتردد عبد الحميد ، بل كان جوابه سريعا:
‌_ جدي كان من المناضلين، ممن قاوم الاستعمار، جدي حارب المستعمر، ليدافع عن وطننا حتى ينال حريته واستقلاله ...

( يتبع)

عزة عامر 23 / 08 / 2021 33 : 02 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
أسجل حضوري .. لأني أعشق الجدود

خولة السعيد 23 / 08 / 2021 18 : 04 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 260218)
أسجل حضوري .. لأني أعشق الجدود

وتسرني متابعتك عزة

خولة السعيد 23 / 08 / 2021 27 : 04 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
كان عبد الحميد يتحدث ومدرسته تسمعه، وإن كانت قد شردت قليلا وهي تفكر كيف أنها لم تحصل من جديها على معلومات حول ما أسدوه من خدمة للوطن، وكيف عايشوا تلك الفترات العصيبة، ما الذي يحتفظون به من ذكريات المسيرة الخضراء، حتى إن من يتحدث عن خديجة أغربي جدة أمها، لا يذكر إلا أنها كانت مقاومة، وكان كل أهل المدينة حين يرغبون في إخفاء السلاح، يخفونه ببيتها، ولطالما تنكرت وخرجت من بيتها والسلاح مخبأ بجلبابها أو تحت خمارها، وكذلك بعض الأوراق السرية، لتوصل كل ذلك إلى خلايا الشباب الذين اتخذوا من مكان خفي ما مخبأ سريا لهم يجتمعون فيه للاتفاق عما سيقومون به ضد العدو المستعمر. ثم فكرت المدرسة في جديها أيضا وما قيل عنهما ، لكنها لا تملك دلائل على ما تعرفه عن أجدادها، بينما تلميذها الآن، يقول لها:
‌_ جدي كتب سيرته الذاتية، وأنا أريد أن تشتهر هذه السيرة، وأن يصبح جدي مشهورا.
‌_ جميل! فكرة جيدة بل رائعة، أشجعك على تحقيقها..
‌_ لكن! كيف سأكتبها؟
_‌ أ لم تقل إنها مكتوبة؟ أعتقد قد تحتاج لتنقيح وتدقيق لغوي فقط ثم تنشر.
‌_ بل يجب إعادة كتابتها بشكل جيد ، وأنا لا أعرف كيف؟!
_‌ إذن لن تنشر السيرة باسم جدك، قد تنشر باسمك مثلا إن كتبتها، وستجعلها سيرة غيرية، وهكذا ستكون أنت وجدك مشهورين ، أنت الكاتب، وجدك البطل.
وهنا أشارت خولة مدرسته إلى رواية " جئت لا أعلم" للكاتب المغربي " أحمد كمال العلمي" الذي يبدو أنه لم يكتب غير هذه الرواية المشوقة التي وعد بجزء ثان لها فما تحقق هذا الوعد على الأغلب، ذلك لأن الكاتب كان يكتب بلسان أنثى،وكانت الرواية تظهر حقيقية واقعية، خاصة أنه جعل لها مقدمة يقول فيها إن صاحبة القصة كتبت سيرتها الذاتية، وجاءت إليه تطلب منه أن يعدلها ويصحح أخطاءها ثم ينشرها عسى أن تنفع تجاربها القراء ويتخذوها عبرة، ومع أنه أستاذ إنجليزية إلا أنه وافق على طلبها وقد اتفقا أن يستبدل اسمها وأسماء جل الشخصيات بأسماء مستعارة،بينما عبد الحميد طبعا يمكنه فعل ذلك مع الاحتفاظ بالأسماء الحقيقية، هنا قال عبد الحميد :
_ أتسمحين يا أستاذة أن تخلدي أنت اسم جدي؟
_ أنا؟! ولكني لست كاتبة، حتى إن كتبت بعض الأحرف فلم يسبق لي أن نشرت كتابا ورقيا يوما ..
ولكني لا يمكن أن أثق في شخص غيرك، ولا أريد أن يخلد اسم جدي إلا بأسلوبك.. أنت من ستفعلين ذلك...
_ صحيح أني أكتب بموقع أدبي ، ولكنها كلمات بسيطة جدا، وأنا . ...
كانت خولة كأنها تتهرب من هذه المهمة رغم أنها أحبتها، وتسائل نفسها، كيف ستنشر سيرة جد تلميذها، وهي التي لا تعرف عن دور النشر شيئا، ولم يسبق لها أن حاولت أن تصل لدار نشر، لكن تلميذها رد سريعا:
_ يمكنك نشرها بذاك الموقع الذي تكتبين فيه، أو بأي مكان أحببته أنت، المهم عندي أن تصل سيرة جدي لقراء آخرين.
ابتسمت موافقة وأحضر لها الأوراق التي كتبها جده، كانت مرقونة بآلة الطباعة القديمة (dactilo)، وعرفت منه أنه كان يملي على شخص آخر ما يكتبه.
وقالت لتلميذها إنها منشغلة في هذه الآونة، لذلك ستتأخر بكتابة ما طلبه منها، رد عبد الحميد، بأن كل الوقت معها، ويمكن أن تكتب متى شاءت.
أخذت الأوراق إلى بيتها، اطلعت عليها، بدأت بقراءة بعضها،أدركت مجريات الأحداث، وخبأت الأوراق حتى تعود إليها عندما تنهي أشغالها الأساس.
لكنها، عندما رغبت في كتابة تلك السيرة، ظلت تبحث عن الأوراق أياما ولم تجدها، نسيت أين وضعتها، فكرت أن تتصل بتلميذها أو بوالده الذي كان سعيدا وهو يقول لها لقد أخبرني ابني عن كتابتك لسيرة والدي،مفتخرا ببطولات أبيه..لكنها كانت تتراجع حتى لا يفقدا ثقتهما بها، ولم تفقد الأمل في إيجاد أوراق السيرة، ما كان يجعل أمر إيجادها صعبا هو عدم استقرارها ببيتها ، بحثت بين الكتب، بين أوراق الكتب، تحت ملابسها بالدولاب، في محافظها وحقائبها دون جدوى، كيف ستفعل إذن؟ هاهي تجدها اليوم وكأنها تعرف مكانها، تتحسسها بين مجموعة من الأوراق لطالما نقبت هناك ولم تجد شيئا، لكنها أخيرا تعانقها في هذه اللحظة، نعم . إنها هي هي

عزة عامر 23 / 08 / 2021 02 : 05 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
ومازلت أتابعك ..

خولة السعيد 25 / 08 / 2021 45 : 04 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 260232)
ومازلت أتابعك ..

كل الشكر خذيه عزة هيهيهي.. بصحتك وراحتك

عزة عامر 25 / 08 / 2021 25 : 05 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
عفوا خوخة ....

خولة السعيد 25 / 08 / 2021 55 : 02 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260229)
كان عبد الحميد يتحدث ومدرسته تسمعه، وإن كانت قد شردت قليلا وهي تفكر كيف أنها لم تحصل من جديها على معلومات حول ما أسدوه من خدمة للوطن، وكيف عايشوا تلك الفترات العصيبة، ما الذي يحتفظون به من ذكريات المسيرة الخضراء، حتى إن من يتحدث عن خديجة أغربي جدة أمها، لا يذكر إلا أنها كانت مقاومة، وكان كل أهل المدينة حين يرغبون في إخفاء السلاح، يخفونه ببيتها، ولطالما تنكرت وخرجت من بيتها والسلاح مخبأ بجلبابها أو تحت خمارها، وكذلك بعض الأوراق السرية، لتوصل كل ذلك إلى خلايا الشباب الذين اتخذوا من مكان خفي ما مخبأ سريا لهم يجتمعون فيه للاتفاق عما سيقومون به ضد العدو المستعمر. ثم فكرت المدرسة في جديها أيضا وما قيل عنهما ، لكنها لا تملك دلائل على ما تعرفه عن أجدادها، بينما تلميذها الآن، يقول لها:
‌_ جدي كتب سيرته الذاتية، وأنا أريد أن تشتهر هذه السيرة، وأن يصبح جدي مشهورا.
‌_ جميل! فكرة جيدة بل رائعة، أشجعك على تحقيقها..
‌_ لكن! كيف سأكتبها؟
_‌ أ لم تقل إنها مكتوبة؟ أعتقد قد تحتاج لتنقيح وتدقيق لغوي فقط ثم تنشر.
‌_ بل يجب إعادة كتابتها بشكل جيد ، وأنا لا أعرف كيف؟!
_‌ إذن لن تنشر السيرة باسم جدك، قد تنشر باسمك مثلا إن كتبتها، وستجعلها سيرة غيرية، وهكذا ستكون أنت وجدك مشهورين ، أنت الكاتب، وجدك البطل.
وهنا أشارت خولة مدرسته إلى رواية " جئت لا أعلم" للكاتب المغربي " أحمد كمال العلمي" الذي يبدو أنه لم يكتب غير هذه الرواية المشوقة التي وعد بجزء ثان لها فما تحقق هذا الوعد على الأغلب، ذلك لأن الكاتب كان يكتب بلسان أنثى،وكانت الرواية تظهر حقيقية واقعية، خاصة أنه جعل لها مقدمة يقول فيها إن صاحبة القصة كتبت سيرتها الذاتية، وجاءت إليه تطلب منه أن يعدلها ويصحح أخطاءها ثم ينشرها عسى أن تنفع تجاربها القراء ويتخذوها عبرة، ومع أنه أستاذ إنجليزية إلا أنه وافق على طلبها وقد اتفقا أن يستبدل اسمها وأسماء جل الشخصيات بأسماء مستعارة،بينما عبد الحميد طبعا يمكنه فعل ذلك مع الاحتفاظ بالأسماء الحقيقية، هنا قال عبد الحميد :
_ أتسمحين يا أستاذة أن تخلدي أنت اسم جدي؟
_ أنا؟! ولكني لست كاتبة، حتى إن كتبت بعض الأحرف فلم يسبق لي أن نشرت كتابا ورقيا يوما ..
ولكني لا يمكن أن أثق في شخص غيرك، ولا أريد أن يخلد اسم جدي إلا بأسلوبك.. أنت من ستفعلين ذلك...
_ صحيح أني أكتب بموقع أدبي ، ولكنها كلمات بسيطة جدا، وأنا . ...
كانت خولة كأنها تتهرب من هذه المهمة رغم أنها أحبتها، وتسائل نفسها، كيف ستنشر سيرة جد تلميذها، وهي التي لا تعرف عن دور النشر شيئا، ولم يسبق لها أن حاولت أن تصل لدار نشر، لكن تلميذها رد سريعا:
_ يمكنك نشرها بذاك الموقع الذي تكتبين فيه، أو بأي مكان أحببته أنت، المهم عندي أن تصل سيرة جدي لقراء آخرين.
ابتسمت موافقة وأحضر لها الأوراق التي كتبها جده، كانت مرقونة بآلة الطباعة القديمة (dactilo)، وعرفت منه أنه كان يملي على شخص آخر ما يكتبه.
وقالت لتلميذها إنها منشغلة في هذه الآونة، لذلك ستتأخر بكتابة ما طلبه منها، رد عبد الحميد، بأن كل الوقت معها، ويمكن أن تكتب متى شاءت.
أخذت الأوراق إلى بيتها، اطلعت عليها، بدأت بقراءة بعضها،أدركت مجريات الأحداث، وخبأت الأوراق حتى تعود إليها عندما تنهي أشغالها الأساس.
لكنها، عندما رغبت في كتابة تلك السيرة، ظلت تبحث عن الأوراق أياما ولم تجدها، نسيت أين وضعتها، فكرت أن تتصل بتلميذها أو بوالده الذي كان سعيدا وهو يقول لها لقد أخبرني ابني عن كتابتك لسيرة والدي،مفتخرا ببطولات أبيه..لكنها كانت تتراجع حتى لا يفقدا ثقتهما بها، ولم تفقد الأمل في إيجاد أوراق السيرة، ما كان يجعل أمر إيجادها صعبا هو عدم استقرارها ببيتها ، بحثت بين الكتب، بين أوراق الكتب، تحت ملابسها بالدولاب، في محافظها وحقائبها دون جدوى، كيف ستفعل إذن؟ هاهي تجدها اليوم وكأنها تعرف مكانها، تتحسسها بين مجموعة من الأوراق لطالما نقبت هناك ولم تجد شيئا، لكنها أخيرا تعانقها في هذه اللحظة، نعم . إنها هي هي

وتأخذ المدرسة الأوراق، تنقل ما جاء فيها بلسان الجد وكاتبه؛ محاولة الحفاظ على كلمات السيرة كما هي إلا ما وجب تصويبه وتعديله، يقول :
" باسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من مالكي محمد بن صالح العتابي المسمى آنذاك محمد بن محمد العتابي.
هذه نبذة عن حياتي وما قاسيته من آلام ومحن إبان الاستعمار الغاشم، إن هذه الحياة لا أمل بها إلا الحصول على الاستقلال، لنأمل حينها ونحقق الآمال بعد ذلك،وها أنا اليوم، إذ أكتب عن أيامي أو حياتي تلك بمداد الفخر والاعتزاز، متمتعا بنعمة الحرية والاستقلال تحت ظل العرش العلوي المجيد بحكم جلالة الملك الحسن الثاني أدام الله نصره وأيده، سعيدا بما من الله تعالى علي فجعلني أشارك في تحرير وطني مجموعة من الوطنيين والمقاومين، لأبدأ سيرتي هذه أولا من " عين اللوح"¹:
لقد انخرطت في حزب الاستقلال منذ سنة 1949، وفي أواخر السنة المذكورة أصبحت مسيرا لجمعية تتكون من ثلاثين شخصا بقبيلة " آيات واحي" بعين اللوح.

______________________________
¹. عين اللوح قرية مغربية شبه حضرية، سميت بهذا الاسم لكونها منبعاً للخشب، حيث كان سكان المنطقة يبنون منازلهم بالخشب، الذي كان يسمى عندهم باللوح وهكذا اتفق على تسميتها بمنبع اللوح أو عين اللوح.[4] تنتمي عين اللوح لإقليم إيفران قلب جبال الأطلس المتوسط وتنتمي المدينة إلى جهة فاس مكناس.
( نقلا عن ويكيبيديا)

ليلى مرجان 26 / 08 / 2021 49 : 01 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
راقتني فكرة الرواية لذلك سأحجز مقعدي لتتبع الأحداث.

خولة السعيد 26 / 08 / 2021 28 : 09 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
شكرا لك ليلى... في انتظارك دائما

رياض محمد سليم حلايقه 28 / 08 / 2021 18 : 01 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
موفقة ان شاء الله وهل هناك خير من الجهاد في سبيل الله
دمتم بخير

خولة السعيد 29 / 08 / 2021 17 : 01 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رياض محمد سليم حلايقه (المشاركة 260300)
موفقة ان شاء الله وهل هناك خير من الجهاد في سبيل الله
دمتم بخير

جميل مرورك سيد رياض..
جزيل الشكر لك

خولة السعيد 31 / 08 / 2021 20 : 03 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
وكانت بداية سنة 1951 مناسبة لتسجيل الترتيب حيث إن عادة القواد هناك في كل مناسبة أن يفرضوا على السكان تقديم الذبائح للقبطان، وهذا ما قد فرض أيضا على السادة: " احْميدة بن الحسين العتابي ، الحسين بن العربي _ ابن عم القائد نفسه _ موسى بن موحى الخاوي، الزين بن ارحو" وهؤلاء هم بعض الإخوان من المنخرطين معنا في الجماعة، استشارونا، فأمرناهم بالرفض وامتثلوا للأمر فرفضوا، وثارت ثائرة القائد، لأنه لم يرض بهذا الرفض.
‌وبعد إنهاء التسجيل قدمهم القائد للقبطان قائلا له :
" لقد أصبحت عندي جماعة من الشياطين في البلاد، ونحن لنا عادة في كل مناسبة نجمع فيها عددا من الذبائح حتى نحتفل بها، ولكن هذه الجماعة أبت إلا أن تتلقى الأوامر من رئيسها " محمد العتابي" .
وهكذا تم تقديمهم للجلسة في يوم الغد، ليحكم عليهم بشهرين ونصف سجنا ، مع إعطاء الذبائح المذكورة، التي تم رفضها من قبل.
ولم يكد يمر الحكم المذكور حتى وقعت مؤامرة المقيم " جوان" الفاشلة التي عاد منها القواد خائبي الأمل بتاريخ 25 فبراير 1951.
وبعد رجوع القائد أحمد بساعتين تحديدا، نادى كاتبه ليكتب له رسالة يبعثها للقبطان، وحملني فيها تلك المسؤولية، حيث أمر أعوانه بركوب خيولهم ، آمرا إياهم بإحضار العتابي كاتب الخليفة " العربي" فيحضر معه دفاتر الترتيب، وبينما كنت جالسا، فوجئت بالأعوان وقد قدموا إلي، سلموا علي ثم قالوا:
" قل: نعم للقائد، وخذ معك دفاتر الترتيب" فقلت نعم؛ وذهبت عنده،ولما وصلت سلمت عليه تحية، لكنه لم يرد سلامي، بل قال: " اجلس" فجلست، ثم سألني: " أتعرف لماذا أرسلت في طلبك؟" قلت: " لا" ، فقال:
* لأرسلك السجن.
* وما ذنبي؟
* كلكم باش كطلبو الاستقلال عمركوم ماتشوفو الدنيا من اليوم. ( كلكم ما دمتم تطالبون بالاستقلال لن تنعموا بالحرية بدءا من اليوم)
* يا سيدي القائد نحن نضع ثقتنا في الله سبحانه؛ لا في غيره، أما السجن فأنا فرح سعيد به، لأني لم أسرق، ولم ..[•••]
( يتبع)

ليلى مرجان 31 / 08 / 2021 03 : 10 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
في انتظار الحدث الثاني المنفي وقوعه في الماضي، شكرا لك خولة ولا تتأخري...

عزة عامر 31 / 08 / 2021 11 : 10 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
متابعتك .. القصة دخلت في الجد وأصبحت أكثر تشويقا !!
أكمل ، أنا بانتظارك

خولة السعيد 01 / 09 / 2021 23 : 06 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى مرجان (المشاركة 260338)
في انتظار الحدث الثاني المنفي وقوعه في الماضي، شكرا لك خولة ولا تتأخري...

قادمة بقية الأحداث.. بإذن الله تعالى
شكرا على المتابعة ليلى

خولة السعيد 01 / 09 / 2021 42 : 07 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 260339)
متابعتك .. القصة دخلت في الجد وأصبحت أكثر تشويقا !!
أكمل ، أنا بانتظارك

وأنا دائما بانتظار اسمك وكلماتك عزة
شكرا لك

عزة عامر 01 / 09 / 2021 48 : 10 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
حبيبتي ..تسلميييي

خولة السعيد 02 / 09 / 2021 54 : 02 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
* يا سيدي القائد نحن نضع ثقتنا في الله سبحانه؛ لا في غيره، أما السجن فأنا فرح سعيد به، لأني لم أسرق، ولم أقترف أي جرم.
اعتبرت حينها أني كنت بالطريق عابرا حتى دهمني خنزير صائحا:
‌* اذهب من أمامي يا قبيح.. أنت لاتستحي.
‌فقمت، ثم قلت له:
‌* سأرجع إلى بيتي لآخذ ملابسي
لكنه واجهني بالرفض، ثم قال:
* سأفتش منزلك
فطلبت من " بلعيد" أحد الأعوان أن ينادي على أمي ليتم التعرف على ملابسي،وعندما نادى عليها، فجاءت رأتني مكبلا وصاحت صيحة واحدة انقلب لسماعها (المدشر) _ القبيلة _ كأني مقاد بعد قتل روح ، وجاء إخوتي يبكون وينتحبون كأنهم لي سيفقدون وهم لي يودعون، إذ يروني للمرة الأخيرة، خاصة أنهم أيتام، ولن يبق لهم بعدي من يحن عليهم أو يعيلهم، لم يبق لهم غير أمي وربي سبحانه .
اعترضت طريق أمي وأوصيتها ثم طلبت منها أن تذهب إلى مكتبي وتأخذ حقيبتي وما تحتها من أوراق،وما إن ودعتها ببضع دقائق حتى التقيت مرة أخرى لوالد المقدم "رحوا" فأوصيته بأمي وإخوتي، وبأوراقي ، طمأنني أن كل شيء سيكون على ما يرام، ودعا لي ثم ودعني ،وغي المساء طلبه القائد ، وأمره بحكم أنه يمكن أن يقوم مقام ابنه إن لم يكن موجودا أن يجعل حارسا خاصا على مكتب " محمد العتابي" يبيت هناك إلى أن يحل الصباح، وبالفعل اختار السيد رحوا أحد إخواننا " باعقى" هو من عس الليل كله، متفقا مع رحوا ، بعد منتصف الليل؛ ذهب المقدم عند والدتي وجاء بها إلى مكتبي ، ففتحا بابه ودخلا، ثم أخذت أمي حقيبتي وجميع المنشورات والأوراق والوثائق المهمة.
في الصباح جاء القائد وكاتبه وشيخ القبيلة والخليفة والمقدم، وبعض الأعيان، فكسروا الباب ، وظلوا يفتشون دون أن يعثروا على أي شيء، فالمقدم قام ليلا بواجبه عندما ساعد والدتي.
عند وصولي لعين اللوح دفعني الحراس نحو القبطان وأنا مكبل أمامه ، ثم أعطوه رسالة بعثها عبرهم القائد إليه ، حينها أمر القبطان بفك وصافي ريثما تترجم إليه الرسالة.
قام المترجم " محمد الرحالي" بإبلاغ القبطان بمضمون الرسالة: " إن هذا الرجل منذ دخوله البلاد، اشتعلت النيران، وليس همه سوى أن يذهب ل: أزرو" ، فيذهب للمدرسة الحرة، وإن ذهب لعين اللوح فهدفه المدرسة الحرة أيضا ليلتقط منها أخبار التشويش..." ثم أمر القبطان بإدخالي للزنزانة دون أكل ولا حتى شرب، مكثت كذلك أربعة أيام، أخرجوني بعدها لقطع الخشب، وحمل الحجر والبناء...، وفي 13 مارس عقدت الجلسة، حيث كلف الشاوش ( الحارس) البوعزاوي بمناداتي للمثول أمام القائد والقبطان [•••]

عزة عامر 02 / 09 / 2021 29 : 03 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
والله أنت تشوقينا بتلك السطور القليلة وتجري !!! ومع ذلك فمازلت أتابع معك ...

ليلى مرجان 02 / 09 / 2021 23 : 09 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
سوسبانس.. موسيقى.. انتهت الحلقة..
مع شحة الحرف هنا، أنا في الانتظار..

خولة السعيد 03 / 09 / 2021 09 : 04 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر (المشاركة 260357)
والله أنت تشوقينا بتلك السطور القليلة وتجري !!! ومع ذلك فمازلت أتابع معك ...

أحاول ألا أثقل عليكم بعدد كبير من السطور حتى لا يشعر القارئ بالملل..
شكرا على المتابعة

خولة السعيد 03 / 09 / 2021 11 : 04 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى مرجان (المشاركة 260373)
سوسبانس.. موسيقى.. انتهت الحلقة..
مع شحة الحرف هنا، أنا في الانتظار..

وما تزال الحلقات مستمرة .. شكرا عزيزتي على حرفك الأجمل والأرقى

خولة السعيد 03 / 09 / 2021 12 : 04 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
وفي 13 مارس عقدت الجلسة، فنادى علي الشاوش ( الحارس) البوعزاوي للمثول أمام القائد والقبطان وسأل هذا الأخير القائد عن جرم الرجل فكان رده:
* منذ دخوله القبيلة وهو يعمل مع الشياطين في كل من عين اللوح وأزرو
* وما جزاؤه إذن؟
* قررت أن أحكم عليه بسنة سجنا.
* لا .. لا يوجد أي قانون يجعلنا نحكم عليه بسنة
* لتكن ستة أشهر
* لا. وستة أشهر أيضا غير ممكنة.
* إذن؛ ثلاثة أشهر ، ثم النفي من القبيلة إلى حيث كان، شرط أن يذهب راجلا.
* هذا الحكم نعم، هذا هو القانون الذي لدينا طبقا لما جاء به المقيم العام.
وحين نفذت الأشهر الثلاثة ذهبوا بي مشيا على الأقدام من عين اللوح إلى الحمام إلى خنيفرة² إلى آيت إسحاق³ ومنها إلى زاوية الشيخâپ´ ، ثم إلى قصبة موحى أُو سعيدâپµ إلى تاكزيرتâپ¶ فبني ملالâپ· ، فتزكي بني اعياط،âپ¸ ثم إلى تداريب آيت اعتابâپ¹ مسقط رأسي..
مكثت بملحقة آيت عتاب ما يزيد عن شهرين ، وقد منع علي الاتصال بأي شخص من معارفي أو أهلي وأقاربي، بعد وصولي تم حلق شعر رأسي الذي كان قد وصل إلى ظهري.
في يوم من الأيام أتيحت لي فرصة الهروب،حيث لم يعد بالمكتب إلا شخصين من المراقبين، فقررت الفرار نهارا وسط غابة اللوز ، وصلت إلى قبيلة آيت يعزم¹âپ° بعد صلاة العشاء، فهذه القبيلة توجد بداخل غابة اللوز ، دخلت عند الفقيه الملازم بأحد المساجد، وطلبت منه أن يشتري لي من الدكان ما أسد به رمقي، أعطاني خبزا وزيتا، فأكلت وهما على الحصير دون فراش أو ملاءة ، وبعد طلوع الفجر، خرجت أقصد طريقا أخرى، فمشيت وسط الغابات وبين الجبال الوعرة،ألتحف الخوف من الطريق ومن أعوان الاستعمار الذين يفتشون علي، وأقاسي المحن، خاصة أن ملحقة آيت اعتاب تشبه زنزانة مظلمة،وما كادت تدق ساعة الواحدة والنصف بعد الزوال حتى وصلت بني ملال، هناك ولجت إحدى المقاهي خارج المدينة، وتناولت ما تيسر من طعام، ثم تابعت طريقي إلى تاكزيرت التي يتواجد بها أحد أصدقاء ملازم مسجد دوار ( قرية) فرياطة كفقيه كفقيه درس معي في قريتنا بالكُتّاب حفظ القرآن الكريم، بقيت معه مدة قصيرة، حيث وجد لي مسجدا أستقر فيه، وكأن هذا المسجد بدوار " آيت سعيد" فوق " تاكزيرت" وسط الغابة بعيدا عن القرية، لكني لم أستقر فيه إلا مدة قصيرة ، فراجت قضية الحنصالي¹¹ الذي كان قد أثار الرعب والخوف في المستعمر بجبال الأطلس، حيث جندت السلطة الاستعمارية جل قبائل الأطلس للبحث عن الحنصالي، كما فكرت السلطة أيضا في إلقاء القبض على كل الأجانب كما كانوا يسمونهم آنذاك ، مع أنهم هم الأجانب الذين استعمروا بلادنا، ولأجل هذا قررت أنا الفرار من جديد عائدا إلى أزرو.
في أوائل 1952 اتصلت ببعض المسؤولين ممن أعدهم إخوانا في الحزب لأطلب مساعدتهم، وذلك ما كان لأجدني مع أحد الإخوان من الصناع التقليديين، متخصص في خياطة الجلباب والسلهام ( البرنوس)¹²، كان اسمه: السيد" الطاهر الجبلي" وكان معروفا بإتقان حرفته، وكنت كذلك أيضا.
في أكتوبر من السنة نفسها فوجئت ب ( مقدم الحومة)¹³ موحى وهدة يقف أمامنا، مخاطبا صديقي :
*كل شخص أجنبي جاء عندك لابد أن يذهب عند الخليفة بوعقيق ليعرف بنفسه لديه، لأن الأشخاص المنفيين أو الهاربين يستقرون هنا دون أن تعرفهم السلطة.
* ليس معي أي غريب
* لدي معلومات على هذا الذي معك؛ إنه من عين اللوح منفي على يد القائد " لحمر" ، وها هو معك أنت الآن، لذلك وجب عليه أن يذهب بعد الزوال إلى الخليفة، أما أنا فسأسبقه إليه لأبلغه، وبينما أنا وصديقي نفكر في هذا الوضع حتى لحق بنا المرحوم بإذن الله تعالى مولاي هاشم بن صالح أحد القادة الوطنيين بأزرو، حيث كنا نخيط له سلهاما، فحدثناه بما حصل بيننا وبين المقدم موحى وهدة، فقام بالواجب، إذ ذهب عند الخليفة بوعقيق، وحكى له القصة، وتكلف بضمانتي، ونظرا لمكانته، واحترام السلطة له، قال له الخليفة:
اذهب أ مولاي هاشم وأبلغ ذلك السيد ألا داعي لقدومه إلي، فحضورك أنت يكفي.
في المساء اتصلت ببعض الإخوة المسؤولين في الحزب هم السادة " أحمد بن علال، أحمد بن محمد لبيب الملقب آنذاك بالحارس، محمدوقاسم الفيكيكي ¹âپ´ ، وغيرهم" طلبت منهم مساعدة ليجدوا لي طريقة أخرج بها من المدينة، فاجتمعوا وإخوانا من مدينة إفران" الحسين السكليس، محمد الرفالي، موحى والشريف من آيت عمر وعلي، بعد ذلك اتصلوا بي لأذهب إليهم فأستقر بمسجد في إفران ، كما اتصل بي أصدقاء من آيت عمر وعلي لأذهب إليهم،ولكني رفضت إفران لكثرة " آيت عتاب" هناك فهم جميعا يعرفون قصتي وسيبلغون السلطة الفرنسية عني بين عشية وضحاها، فأنا هارب من سجنهم، وقبلت الذهاب لآيت عمر وعلي نواحي أزرو، فذهبت برئاسة الأخ موحى والشريف بن ميمون ، وجعلت لي هناك أجرة سنوية كفقيه بالمسجد ، أما عملي فكان هو تسيير الجماعات الحزبية حيث كانت لديهم أربع عشرة جماعة رئيسها هو الأخ موحى والشريف بن ميمون وكاتبها عبد ربه محمد العتابي، إذ كنت أتقن اللغة الأمازيغية، ويساعدني أحيانا محمد المرغادي .
بعدما ألقي القبض على الأخ موحى والشريف تحملت المسؤولية بعده بمساعدة الأخ بايسي بن بوعزة في جميع الأمور كالتواصل مع إخواننا بأزرو، ومساعدة المساجين ، وتسيير الجماعات، وظللنا على هذه العادة إلى أواخر يوليوز 1953، إذ ألقت شرطة المستعمر القبض على جميع مسيري الجماعات والأمناء، هنا كنت قد قررت باتفاق مع بعض المسؤولين في الحزب،بعدما عرفنا بالتعذيب والاستنطاق والتنكيل الذي تعرض له الإخوان بأن يعترفوا بأن محمد العتابي هو المكلف بجمع الدراهم وجلب المنشورات والاتصال بأزرو ....، بعد هذه الاعترافات المتفق عليها بدأت الاستدعاءات ترد على شيخ القبيلة من جميع أعضاء السلطة ( القائد، البوليس، الدرك...) للبحث عن محمد العتابي.. ( يتبع)

_________________________
². خنيفرة مدينة مغربية وحاضرة إقليم خنيفرة، تقع في جهة بني ملال خنيفرة بين جبال الأطلس المتوسط على ارتفاع 826 م فوق سطح البحر، تحيط بها أربعة جبال. تعتبر عاصمة قبائل زيان الأمازيغية، إذ يشهد لها التاريخ بمقاومتها ضد المستعمرين الفرنسيين في بداية القرن العشرين؛ إذ هزموا الفرنسيين في معركة الهري سنة 1914 م بقيادة محمد بن حمو الزياني وقد أخذت اسم خنيفرة عن بعض الروايات التي تقول أنه كان هناك راعي غنم يعيش قديما في هده المنطقة يدعى خنفر ( نقلا عن ويكيبيديا)

خولة السعيد 05 / 09 / 2021 06 : 01 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260386)
وفي 13 مارس عقدت الجلسة، فنادى علي الشاوش ( الحارس) البوعزاوي للمثول أمام القائد والقبطان وسأل هذا الأخير القائد عن جرم الرجل فكان رده:
* منذ دخوله القبيلة وهو يعمل مع الشياطين في كل من عين اللوح وأزرو
* وما جزاؤه إذن؟
* قررت أن أحكم عليه بسنة سجنا.
* لا .. لا يوجد أي قانون يجعلنا نحكم عليه بسنة
* لتكن ستة أشهر
* لا. وستة أشهر أيضا غير ممكنة.
* إذن؛ ثلاثة أشهر ، ثم النفي من القبيلة إلى حيث كان، شرط أن يذهب راجلا.
* هذا الحكم نعم، هذا هو القانون الذي لدينا طبقا لما جاء به المقيم العام.
وحين نفذت الأشهر الثلاثة ذهبوا بي مشيا على الأقدام من عين اللوح إلى الحمام إلى خنيفرة² إلى آيت إسحاق³ ومنها إلى زاوية الشيخâپ´ ، ثم إلى قصبة موحى أُو سعيدâپµ إلى تاكزيرتâپ¶ فبني ملالâپ· ، فتزكي بني اعياط،âپ¸ ثم إلى تداريب آيت اعتابâپ¹ مسقط رأسي..
مكثت بملحقة آيت عتاب ما يزيد عن شهرين ، وقد منع علي الاتصال بأي شخص من معارفي أو أهلي وأقاربي، بعد وصولي تم حلق شعر رأسي الذي كان قد وصل إلى ظهري.
في يوم من الأيام أتيحت لي فرصة الهروب،حيث لم يعد بالمكتب إلا شخصين من المراقبين، فقررت الفرار نهارا وسط غابة اللوز ، وصلت إلى قبيلة آيت يعزم¹âپ° بعد صلاة العشاء، فهذه القبيلة توجد بداخل غابة اللوز ، دخلت عند الفقيه الملازم بأحد المساجد، وطلبت منه أن يشتري لي من الدكان ما أسد به رمقي، أعطاني خبزا وزيتا، فأكلت وهما على الحصير دون فراش أو ملاءة ، وبعد طلوع الفجر، خرجت أقصد طريقا أخرى، فمشيت وسط الغابات وبين الجبال الوعرة،ألتحف الخوف من الطريق ومن أعوان الاستعمار الذين يفتشون علي، وأقاسي المحن، خاصة أن ملحقة آيت اعتاب تشبه زنزانة مظلمة،وما كادت تدق ساعة الواحدة والنصف بعد الزوال حتى وصلت بني ملال، هناك ولجت إحدى المقاهي خارج المدينة، وتناولت ما تيسر من طعام، ثم تابعت طريقي إلى تاكزيرت التي يتواجد بها أحد أصدقاء ملازم مسجد دوار ( قرية) فرياطة كفقيه كفقيه درس معي في قريتنا بالكُتّاب حفظ القرآن الكريم، بقيت معه مدة قصيرة، حيث وجد لي مسجدا أستقر فيه، وكأن هذا المسجد بدوار " آيت سعيد" فوق " تاكزيرت" وسط الغابة بعيدا عن القرية، لكني لم أستقر فيه إلا مدة قصيرة ، فراجت قضية الحنصالي¹¹ الذي كان قد أثار الرعب والخوف في المستعمر بجبال الأطلس، حيث جندت السلطة الاستعمارية جل قبائل الأطلس للبحث عن الحنصالي، كما فكرت السلطة أيضا في إلقاء القبض على كل الأجانب كما كانوا يسمونهم آنذاك ، مع أنهم هم الأجانب الذين استعمروا بلادنا، ولأجل هذا قررت أنا الفرار من جديد عائدا إلى أزرو.
في أوائل 1952 اتصلت ببعض المسؤولين ممن أعدهم إخوانا في الحزب لأطلب مساعدتهم، وذلك ما كان لأجدني مع أحد الإخوان من الصناع التقليديين، متخصص في خياطة الجلباب والسلهام ( البرنوس)¹²، كان اسمه: السيد" الطاهر الجبلي" وكان معروفا بإتقان حرفته، وكنت كذلك أيضا.
في أكتوبر من السنة نفسها فوجئت ب ( مقدم الحومة)¹³ موحى وهدة يقف أمامنا، مخاطبا صديقي :
*كل شخص أجنبي جاء عندك لابد أن يذهب عند الخليفة بوعقيق ليعرف بنفسه لديه، لأن الأشخاص المنفيين أو الهاربين يستقرون هنا دون أن تعرفهم السلطة.
* ليس معي أي غريب
* لدي معلومات على هذا الذي معك؛ إنه من عين اللوح منفي على يد القائد " لحمر" ، وها هو معك أنت الآن، لذلك وجب عليه أن يذهب بعد الزوال إلى الخليفة، أما أنا فسأسبقه إليه لأبلغه، وبينما أنا وصديقي نفكر في هذا الوضع حتى لحق بنا المرحوم بإذن الله تعالى مولاي هاشم بن صالح أحد القادة الوطنيين بأزرو، حيث كنا نخيط له سلهاما، فحدثناه بما حصل بيننا وبين المقدم موحى وهدة، فقام بالواجب، إذ ذهب عند الخليفة بوعقيق، وحكى له القصة، وتكلف بضمانتي، ونظرا لمكانته، واحترام السلطة له، قال له الخليفة:
اذهب أ مولاي هاشم وأبلغ ذلك السيد ألا داعي لقدومه إلي، فحضورك أنت يكفي.
في المساء اتصلت ببعض الإخوة المسؤولين في الحزب هم السادة " أحمد بن علال، أحمد بن محمد لبيب الملقب آنذاك بالحارس، محمدوقاسم الفيكيكي ¹âپ´ ، وغيرهم" طلبت منهم مساعدة ليجدوا لي طريقة أخرج بها من المدينة، فاجتمعوا وإخوانا من مدينة إفران" الحسين السكليس، محمد الرفالي، موحى والشريف من آيت عمر وعلي، بعد ذلك اتصلوا بي لأذهب إليهم فأستقر بمسجد في إفران ، كما اتصل بي أصدقاء من آيت عمر وعلي لأذهب إليهم،ولكني رفضت إفران لكثرة " آيت عتاب" هناك فهم جميعا يعرفون قصتي وسيبلغون السلطة الفرنسية عني بين عشية وضحاها، فأنا هارب من سجنهم، وقبلت الذهاب لآيت عمر وعلي نواحي أزرو، فذهبت برئاسة الأخ موحى والشريف بن ميمون ، وجعلت لي هناك أجرة سنوية كفقيه بالمسجد ، أما عملي فكان هو تسيير الجماعات الحزبية حيث كانت لديهم أربع عشرة جماعة رئيسها هو الأخ موحى والشريف بن ميمون وكاتبها عبد ربه محمد العتابي، إذ كنت أتقن اللغة الأمازيغية، ويساعدني أحيانا محمد المرغادي .
بعدما ألقي القبض على الأخ موحى والشريف تحملت المسؤولية بعده بمساعدة الأخ بايسي بن بوعزة في جميع الأمور كالتواصل مع إخواننا بأزرو، ومساعدة المساجين ، وتسيير الجماعات، وظللنا على هذه العادة إلى أواخر يوليوز 1953، إذ ألقت شرطة المستعمر القبض على جميع مسيري الجماعات والأمناء، هنا كنت قد قررت باتفاق مع بعض المسؤولين في الحزب،بعدما عرفنا بالتعذيب والاستنطاق والتنكيل الذي تعرض له الإخوان بأن يعترفوا بأن محمد العتابي هو المكلف بجمع الدراهم وجلب المنشورات والاتصال بأزرو ....، بعد هذه الاعترافات المتفق عليها بدأت الاستدعاءات ترد على شيخ القبيلة من جميع أعضاء السلطة ( القائد، البوليس، الدرك...) للبحث عن محمد العتابي.. ( يتبع)

_________________________
². خنيفرة مدينة مغربية وحاضرة إقليم خنيفرة، تقع في جهة بني ملال خنيفرة بين جبال الأطلس المتوسط على ارتفاع 826 م فوق سطح البحر، تحيط بها أربعة جبال. تعتبر عاصمة قبائل زيان الأمازيغية، إذ يشهد لها التاريخ بمقاومتها ضد المستعمرين الفرنسيين في بداية القرن العشرين؛ إذ هزموا الفرنسيين في معركة الهري سنة 1914 م بقيادة محمد بن حمو الزياني وقد أخذت اسم خنيفرة عن بعض الروايات التي تقول أنه كان هناك راعي غنم يعيش قديما في هده المنطقة يدعى خنفر ( نقلا عن ويكيبيديا)

بعد هذه الاعترافات المتفق عليها بدأت الاستدعاءات ترد على شيخ القبيلة من جميع أعضاء السلطة ( القائد، البوليس، الدرك...) للبحث عن محمد العتابي.. ، بينما كنتُ قد ذهبت إلى مدينة تازة عند صهري الذي كان جنديا بالجيش الفرنسي، أما رجال البوليس حيث كنت فقد كانوا يغرون الناس بأن كل من جاءهم بأية معلومة عن محمد العتابي سيحصل على جائزة مالية مهمة، أو وظيفة بالحكومة، ووصل البحث عني إلى كل من عين اللوح وآيت عتاب حيث ألقي القبض على أخي رحمة الله عليه، وظل في البحث والتحقيق خمسة عشر يوما، لكن أخي ظل رغم ذلك ثابتا يؤكد لهم أنه لا يعرف عني شيئا منذ ألقوا علي القبض وذهبوا بي نحو اتجاهات أخرى، ولكن الإخوان الذين كنت قد اتفقت معهم على أن يذكروا اسمي في التحقيق لم يهدأ لهم بال، فطلبوا من نسائهم عند الزيارة أن يتصلن بصديقنا موحى وحسن، فيكلَّف بألا يغيب عن محطة حافلات أزرو ليراقب إن كنت راجعا بإحداها فيبلغني أن كل الاتهامات قد ألصقت بي، حتى أعود إلى حيث كنت، وهذا ما كان فعلا، إذ لم يتجاوز مكوثي بتازة أكثر من خمسة عشر يوما، إذ كنت على أحر من الجمر أود استطلاع معرفة آخر الأخبار ، فما إن وصلت إلى أزرو حتى فاجأني الأخ موحى وحسن وقد أمسك بيدي اليمنى، يسألني عن سبب رجوعي والسلطة الفرنسية تبحث عني، إضافة إلى أن الشيخ موحى وادريس ما إن يراني حتى ينطلق جريا إلى الشرطة للإبلاغ عني، وزاد عن ذلك قوله:
* إذا أردت سلامتك اذهب من أزرو وإن لم ترد فما على الرسول إلا البلاغ، وأنا قد أديت مهمتي التي أسندها إلي إخواننا السجناء، والله يعينك على أمرك.
وذهب وتركني وحدي، بينما سلكت طريقا إلى الأخ بنداود بن محمد الذي كان منفيا أيضا من تادلة¹âپµ ، وقد كانت لي معه صداقة، فما إن أقبلت عليه حتى وقف وعانقني، وصار يبكي ويسألني أيضا عن سبب تواجدي بأزرو مع علمي بالاتهامات المنسوبة إلي،وأن كل سلط المستعمر تبحث عني ، بقيت معه حوالي خمس عشرة دقيقة نتحدث ونخوض في حوارات سريعة، وقلت له أخيرا أن الموت واحد لا مفر منه لذلك سأسلم نفسي وأخبرهم أني محمد العتابي الذي يبحثون عنه

________________________
³. آيت إسحاق هي قرية مغربية وسط البلاد. تنتمي لإقليم خنيفرة وتبعد عن عاصمته ب 25 كلم جنوبا
4 . تقع مدينة زاوية الشيخ في الواجهة الغربية من جبال الأطلس المتوسط في سفح الجبل من حوض أم الربيع أكثر الأنهار صبيبا في المغرب.
5. هو محمد (موحا) أوسعيد أوعسو الويراوي، من قبائل آيت ويرة الأمازيغية (ِتُنطق ويرَّا بتشديد الراء) التي تستوطن بلاد تادلا في جبال الأطلس المتوسط بالمغرب الأقصى - وهو يعد بامتياز بطل المقاومة الأمازيغية مع بداية الاحتلال الفرنسي للمغرب في إطار معاهدة الحماية التي وقعها السلطان عبد الحفيظ سنة 1912 أو ما عرف لدى الفرنسيين بسياسة "تهدئة المغرب" أو "la pacification du maroc".
وسميت القصبة باسمه لذلك.
6. تاكزيرت: تاكزيرت هي قرية مغربية شمال المملكة، تنتمي لإقليم بني ملال.جهة تادلة ازيلال. بجبال الأطلس المتوسط.

خولة السعيد 06 / 09 / 2021 08 : 02 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260414)
بعد هذه الاعترافات المتفق عليها بدأت الاستدعاءات ترد على شيخ القبيلة من جميع أعضاء السلطة ( القائد، البوليس، الدرك...) للبحث عن محمد العتابي.. ، بينما كنتُ قد ذهبت إلى مدينة تازة عند صهري الذي كان جنديا بالجيش الفرنسي، أما رجال البوليس حيث كنت فقد كانوا يغرون الناس بأن كل من جاءهم بأية معلومة عن محمد العتابي سيحصل على جائزة مالية مهمة، أو وظيفة بالحكومة، ووصل البحث عني إلى كل من عين اللوح وآيت عتاب حيث ألقي القبض على أخي رحمة الله عليه، وظل في البحث والتحقيق خمسة عشر يوما، لكن أخي ظل رغم ذلك ثابتا يؤكد لهم أنه لا يعرف عني شيئا منذ ألقوا علي القبض وذهبوا بي نحو اتجاهات أخرى، ولكن الإخوان الذين كنت قد اتفقت معهم على أن يذكروا اسمي في التحقيق لم يهدأ لهم بال، فطلبوا من نسائهم عند الزيارة أن يتصلن بصديقنا موحى وحسن، فيكلَّف بألا يغيب عن محطة حافلات أزرو ليراقب إن كنت راجعا بإحداها فيبلغني أن كل الاتهامات قد ألصقت بي، حتى أعود إلى حيث كنت، وهذا ما كان فعلا، إذ لم يتجاوز مكوثي بتازة أكثر من خمسة عشر يوما، إذ كنت على أحر من الجمر أود استطلاع معرفة آخر الأخبار ، فما إن وصلت إلى أزرو حتى فاجأني الأخ موحى وحسن وقد أمسك بيدي اليمنى، يسألني عن سبب رجوعي والسلطة الفرنسية تبحث عني، إضافة إلى أن الشيخ موحى وادريس ما إن يراني حتى ينطلق جريا إلى الشرطة للإبلاغ عني، وزاد عن ذلك قوله:
* إذا أردت سلامتك اذهب من أزرو وإن لم ترد فما على الرسول إلا البلاغ، وأنا قد أديت مهمتي التي أسندها إلي إخواننا السجناء، والله يعينك على أمرك.
وذهب وتركني وحدي، بينما سلكت طريقا إلى الأخ بنداود بن محمد الذي كان منفيا أيضا من تادلة¹âپµ ، وقد كانت لي معه صداقة، فما إن أقبلت عليه حتى وقف وعانقني، وصار يبكي ويسألني أيضا عن سبب تواجدي بأزرو مع علمي بالاتهامات المنسوبة إلي،وأن كل سلط المستعمر تبحث عني ، بقيت معه حوالي خمس عشرة دقيقة نتحدث ونخوض في حوارات سريعة، وقلت له أخيرا أن الموت واحد لا مفر منه لذلك سأسلم نفسي وأخبرهم أني محمد العتابي الذي يبحثون عنه

________________________
³. آيت إسحاق هي قرية مغربية وسط البلاد. تنتمي لإقليم خنيفرة وتبعد عن عاصمته ب 25 كلم جنوبا
4 . تقع مدينة زاوية الشيخ في الواجهة الغربية من جبال الأطلس المتوسط في سفح الجبل من حوض أم الربيع أكثر الأنهار صبيبا في المغرب.
5. هو محمد (موحا) أوسعيد أوعسو الويراوي، من قبائل آيت ويرة الأمازيغية (ِتُنطق ويرَّا بتشديد الراء) التي تستوطن بلاد تادلا في جبال الأطلس المتوسط بالمغرب الأقصى - وهو يعد بامتياز بطل المقاومة الأمازيغية مع بداية الاحتلال الفرنسي للمغرب في إطار معاهدة الحماية التي وقعها السلطان عبد الحفيظ سنة 1912 أو ما عرف لدى الفرنسيين بسياسة "تهدئة المغرب" أو "la pacification du maroc".
وسميت القصبة باسمه لذلك.
6. تاكزيرت: تاكزيرت هي قرية مغربية شمال المملكة، تنتمي لإقليم بني ملال.جهة تادلة ازيلال. بجبال الأطلس المتوسط.

وقلت له أخيرا أن الموت واحد لا مفر منه لذلك سأسلم نفسي وأخبرهم أني محمد العتابي الذي يبحثون عنه، لكن صديقي ثار غاضبا ثم قال: " الزوبيا حامية وأنت غادي تلوح راسك فيها بنفسك" ( النار ملتهبة حامية، وأنت ذاهب لترمي نفسك بها؟!)، إنك تشغل بالهم الآن، وكل هدفهم هو إيجادك، لن يشفقوا عليك أبدا ،لهذا اذهب يا أخي .. اذهب من أزرو إلى حيث تشاء بعيدا عن هنا، وصاحبني حتى خرجت من أزرو حيث استقلت سيارة أجرة، متجها عند أمي وإخوتي الساكنين بنواحي عين اللوح، وبقيت بعيدا حتى جن الليل ، فتقدمت إلى المنزل، وما إن رأتني والدتي في حالتي الحرجة حتى سارعت بحنانها نحوي؛ عانقتني ثم صاحت بعبارة لا أنساها ما دمت حيا :
* يا ولدي لماذا جئت؟ وماذا تريد عندنا ؟
* أمي!! أ رائحتي نتنة لهذه الدرجة حتى ما عاد أحد يقبلني؟ أ حتى أنت يا أمي؟ حسنا أمي سأغادر الآن، حضنتني بين ذراعيها وهي تبكي مرددة:
* أخوك يا ولدي منذ خمسة عشر يوما وهو معتقل يحقق معه القائد والقبطان لأجلك ، وأنا يا روحي خائفة عليك، خائفة أن يلقوا القبض عليك مرة أخرى أمام عيني، لن أتحمل يا ولدي، ماذا سأفعل أنا حينها؟
ودخلت أمي إلى المنزل المظلم، دون أن تنير شمعة ولا ضوءا وهي المسكينة حائرة ، ثم خرجت باتجاه بيت الجار الوطني الغيور على هذه البلاد، جارنا محمد منوش رحمه الله، أخبرته أني هنا قائلة:
* خويا منوش ليوم واحد العار نزل عليكم، انتوما اللي تقدرو اتحملوه!
* هو؟
* ولدي محمد ها هو في البيت وإذا علم علي السوسي بوجوده سيخبر القبطان
* دعي الأمر لي ولا تخافي.

خولة السعيد 06 / 09 / 2021 53 : 10 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260431)
وقلت له أخيرا أن الموت واحد لا مفر منه لذلك سأسلم نفسي وأخبرهم أني محمد العتابي الذي يبحثون عنه، لكن صديقي ثار غاضبا ثم قال: " الزوبيا حامية وأنت غادي تلوح راسك فيها بنفسك" ( النار ملتهبة حامية، وأنت ذاهب لترمي نفسك بها؟!)، إنك تشغل بالهم الآن، وكل هدفهم هو إيجادك، لن يشفقوا عليك أبدا ،لهذا اذهب يا أخي .. اذهب من أزرو إلى حيث تشاء بعيدا عن هنا، وصاحبني حتى خرجت من أزرو حيث استقلت سيارة أجرة، متجها عند أمي وإخوتي الساكنين بنواحي عين اللوح، وبقيت بعيدا حتى جن الليل ، فتقدمت إلى المنزل، وما إن رأتني والدتي في حالتي الحرجة حتى سارعت بحنانها نحوي؛ عانقتني ثم صاحت بعبارة لا أنساها ما دمت حيا :
* يا ولدي لماذا جئت؟ وماذا تريد عندنا ؟
* أمي!! أ رائحتي نتنة لهذه الدرجة حتى ما عاد أحد يقبلني؟ أ حتى أنت يا أمي؟ حسنا أمي سأغادر الآن، حضنتني بين ذراعيها وهي تبكي مرددة:
* أخوك يا ولدي منذ خمسة عشر يوما وهو معتقل يحقق معه القائد والقبطان لأجلك ، وأنا يا روحي خائفة عليك، خائفة أن يلقوا القبض عليك مرة أخرى أمام عيني، لن أتحمل يا ولدي، ماذا سأفعل أنا حينها؟
ودخلت أمي إلى المنزل المظلم، دون أن تنير شمعة ولا ضوءا وهي المسكينة حائرة ، ثم خرجت باتجاه بيت الجار الوطني الغيور على هذه البلاد، جارنا محمد منوش رحمه الله، أخبرته أني هنا قائلة:
* خويا منوش ليوم واحد العار نزل عليكم، انتوما اللي تقدرو اتحملوه!
* هو؟
* ولدي محمد ها هو في البيت وإذا علم علي السوسي بوجوده سيخبر القبطان
* دعي الأمر لي ولا تخافي.

* دعي الأمر لي ولا تخافي.
تركني الرجل في بيته حينها وخرج في طريقه إلى بيت ابن عمه " ادريس والحاج" ليعودا معا بعد برهة ، جلسنا لحظة ثم قُدم لنا العشاء، لكن كيف آكل وقلبي مملوء حزنا وأنا أعرف أن وإخواني قلقون علي، ودموعهم منهمرة لأجلي ، وهم يتألمون لألمي.
بعد منتصف الليل أخذني السيد ادريس إلى منزله الذي يبعد بحوالي ثلاث كيلومترات عن السكن في واد يكاد يخلو من البشر ، وقد مكثت ببيته خمسة أيام ثم غادرته باتجاه عين اللوح ومنها إلى أزرو لأصل إلى الحاجب حيث يوجد بعض أفراد العائلة، وما إن قضيت عندهم خمسة أيام حتى فوجئت بمقدم الحومة يقف أمامي، وأنا جالس بالطريق المؤدية إلى مدينة فاس، فسألني:
* من أنت؟ وعند من أنت؟
* عند الإخوة عبد القادر وعبد الله ومحمد أبناء عمي عمر
* قم؛ ستذهب معي الآن عند القائد ميمون بن مختار.
وما كان علي إلا أن أذهب معه ، فسألني الأسئلة نفسها التي وجهها إلي مقدم الحومة فأجبته الجواب ذاته، ثم قال إنه يعرفهم، سألني:
* من أين أنت؟
* من آيت عتاب
* عليك أن تختار إما أن تذهب ( وتخوي هاذ البلاد) أو السجن.
* سأرحل من هنا.
غادرته حينها، وذهبت عند أبناء عمي أودعهم، وكان طريقي الذي اتخذته حينها مدينة مكناس.
عندما وصلت إلى العاصمة الإسماعلية اتصلت بالسيد أحمد بن هاشم الذي كان أيضا مبعدا عن عين اللوح، وكذلك كان مولاي الهادي بن الطائع بسوق الحبوب ، الذي عرف بقضيتي عن طريق السيد أحمد..
فتح مولاي الهادي كيسه وأعطاني درهمين، ثم أخبرني أنه علي أن آتي كل يوم إليه لآخذ هذا القدر المقرر كإعانة لكل المنفيين مثلي، فأخذت هذا القدر ثلاث مرات، وبعدها للأسف ألقي القبض على مولاي الهادي، وحكم عليه بسنتين سجنا،..

خولة السعيد 08 / 09 / 2021 54 : 03 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260479)
* دعي الأمر لي ولا تخافي.
تركني الرجل في بيته حينها وخرج في طريقه إلى بيت ابن عمه " ادريس والحاج" ليعودا معا بعد برهة ، جلسنا لحظة ثم قُدم لنا العشاء، لكن كيف آكل وقلبي مملوء حزنا وأنا أعرف أن وإخواني قلقون علي، ودموعهم منهمرة لأجلي ، وهم يتألمون لألمي.
بعد منتصف الليل أخذني السيد ادريس إلى منزله الذي يبعد بحوالي ثلاث كيلومترات عن السكن في واد يكاد يخلو من البشر ، وقد مكثت ببيته خمسة أيام ثم غادرته باتجاه عين اللوح ومنها إلى أزرو لأصل إلى الحاجب حيث يوجد بعض أفراد العائلة، وما إن قضيت عندهم خمسة أيام حتى فوجئت بمقدم الحومة يقف أمامي، وأنا جالس بالطريق المؤدية إلى مدينة فاس، فسألني:
* من أنت؟ وعند من أنت؟
* عند الإخوة عبد القادر وعبد الله ومحمد أبناء عمي عمر
* قم؛ ستذهب معي الآن عند القائد ميمون بن مختار.
وما كان علي إلا أن أذهب معه ، فسألني الأسئلة نفسها التي وجهها إلي مقدم الحومة فأجبته الجواب ذاته، ثم قال إنه يعرفهم، سألني:
* من أين أنت؟
* من آيت عتاب
* عليك أن تختار إما أن تذهب ( وتخوي هاذ البلاد) أو السجن.
* سأرحل من هنا.
غادرته حينها، وذهبت عند أبناء عمي أودعهم، وكان طريقي الذي اتخذته حينها مدينة مكناس.
عندما وصلت إلى العاصمة الإسماعلية اتصلت بالسيد أحمد بن هاشم الذي كان أيضا مبعدا عن عين اللوح، وكذلك كان مولاي الهادي بن الطائع بسوق الحبوب ، الذي عرف بقضيتي عن طريق السيد أحمد..
فتح مولاي الهادي كيسه وأعطاني درهمين، ثم أخبرني أنه علي أن آتي كل يوم إليه لآخذ هذا القدر المقرر كإعانة لكل المنفيين مثلي، فأخذت هذا القدر ثلاث مرات، وبعدها للأسف ألقي القبض على مولاي الهادي، وحكم عليه بسنتين سجنا،..

وحكم عليه بسنتين سجنا،..
كانت السلطة الاستعمارية قد أغلقت المدرسة الحرة بأزرو ولذلك هاجر العمراوي بن الحسين الذي كان يدرس بها إلى مدينة مكناس بحثا عن عمل، وفعلا عمل بإحدى خزانات الوقود قرب محطة القطار، - هو الآن موظف بإدارة الأمن الوطني - اتصلت به ، فسمح لي أن أبيت عنده كل ليلة بالخزان المذكور، ولم تمض إلا ستة أيام على دخولي مكناس حتى وقعت مؤامرة 20 غشت 1953، في تلك الليلة كان هو مسافرا إلى الرباط، ولم أجد محلا أنام فيه،لكني تذكرت أن العمراوي سبق أن عرفني على الأخ أمين محمد، فذهبت عنده، وطلبت منه أن يجد لي محلا أنام فيه، وما تردد؛ أخذني إلى أخ سيد الحبيب بلعربي، وطلب منه أن يترك لي دكانه لأنام به ليلتها، ريثما يعود أخوه من الدار البيضاء في الغد فيجد لنا حلا أنسب، لكنه رفض لأنه لا يعرفني.
ظللت أتساءل: ماذا أفعل أنا؛ وأنا السلطة الاستعمارية متربصة بي، لا تعريف لي ولا مقر يأويني، ولا أي شيء...؟! وبقي السيد أمين يفكر معي فيما يمكن فعله،فقلت له:
* أخي محمد لابد أني سأنام اليوم عند البوليس، فهذا هو آخر المطاف عندي.
كنت أرى ألم أمين على ملامحه وحسرته علي، ورد علي قائلا:
* يكون خير.
ذهبنا بعد ذلك عند أحد الإخوان الذي كان يملك كوخا صغيرا من الخشب بين أزقة تبربرين والصباغين ورياض الجامعي بقبة السوق ، كان يبيع فيه الخضر ، فسأله أمين أن يترك لنا الكوخ تلك الليلة ريثما يعود سيد الحبيب من الدار البيضاء ليجد لنا حلا، فلم يتردد، وحمل الصناديق على كتفيه، ودخلت سريعا لأن ( البراح) يصول ويجول صائحا :
" إن كل من وجد في الشارع بعد الساعة السادسة مساء سيلقي القبض عليه، وما كان فراشي إلا بعض الحجر والخشب، دون أي غطاء او ملاءة، ولم تمض ساعتان حتى فوجئت بالبوليس على الكوخ الصغير وأنا ممدود كالميت على ظهري أردد اسم الله اللطيف لمدة ساعة تقريبا، لأسمع صوت أحد البوليس المغاربة يقول للفرنسيين: " لنذهب، يبدو ألا أحد هنا ، لم يعد أي شخص يتجول بالمدينة، حينها فقط تحركت ولم أعد ممددا على ظهري بل على جانبي، ولكني لم أستطع ان اغمض عيني حتى الصباح، قمت من مكاني متجها إلى المسجد - اجامع الكبير - حيث أديت صلاة الصبح وغفوت قليلا، وإذا بخاري المسجد يوقظني ليخبرني أنه قد صار علي الخروج من المسجد لأنه سيغلقه، فخرجت متجها إلى حديقة الحبول، حيث بقيت إلى حدود العاشرة صباحا بعدها عدت إلى الكوخ لألتقي بالأخ أمين، وجدته هناك يفتش عني أيضا ، والحيرة قد ارتسمت عليه حين لم يجدني، كان المسكين يتساءل عما إذا كان قد ألقي القبض علي ، ويعاتب نفسه كأنه هو من أهداني للبوليس، وما إن رآني حتى قال:
* ماذا وقع؟ أين كنت؟...
وحكيت له كل شيء ، فحزن وتألم، ثم قال:
* لو كانوا ألقوا القبض عليك، ما كنت لأسامح نفسي، سأكون أنا من قدمتك لهم..
* لا يا أخي، لا تلم نفسك، أنت قمت بواجبك نحوي ، وهذا قدر الله تعالى.
* اذهب الآن، وعد إلي وقت الزوال عند الثانية عشرة لنتغذى معا.
ذهبت أتجول في أحياء المدينة، إلى أن حان الموعد، فذهبت إليه، تناولها غذاءنا، ثم ذهبنا عند سيد الحبيب، الذي وجدناه أمام السوق المركزي بالهديم، يستعد ليذهب لتناول وجبة الغذاء، بعد السلام عليه قال:
* هل هناك بأس يا أمين؟
* البأس هو ما نعيشه اليوم
* أسألك ماهذا البأس
* هذا الرجل كاد أن يكون ضحية ليلة أمس
* من هو؟
* إنه من الإخوان المتورطين، والبوليس يبحث عنه، وقد ذهبنا أمس عند أخيك بلعربي ليسمح له بالمبيت في الدكان لكنه رفض، ولم يجد هذا الرجل مكانا يبيت فيه..
* تعالوا معي..
وأخذنا سيد الحبيب إلى أخيه بلعربي فسأله إن كنا قدمنا عنده أمس، فأجابه أخوه ب " نعم" ، ثم سأله:
* وماذا قلت لهم؟
* قلت لا؛ لأنني لا أعرفه، ولا أخفيك أخي أني خفته أيضا.
* لا يوجد رجل مثل هذا تحمل كثيرا في سبيل الوطن، ولم تبق له ضيعة ولا بقرة ولا أي شيء ، وها هو الآن يتعذب ويتحمل الصعاب.
بعد كلماته الطيبة تلك أمر أخاه ورفيقه الدائم السيد مولاي الصديق الشاب الوطني بأن يترَك الدكان لي على الساعة السادسة إلا ربع مساء ، وتسلَّم إلي المفاتيح ، حتى يفكر في حل آخر أنسب، وهكذا أنقذني سيد الحبيب بعد الله سبحانه.
في اليوم الثالث جاء سيد الحبيب وأوصى الإخوة بأن يخبروا البوليس أو مقدم الحومة إن رأوني وسألوهم عني أن يقولوا إني أخاهم قدمت من الصحراء، وحذرهم من أن يقولوا عكس ذلك، أو يخبروهم أنهم لا يعرفونني، فردوا عليه بالموافقة، ثم طلب منهم أن يجعلوا لي مكانا بينهم، فإن كانوا هم يبيعون الخضروات، فلأكن أنا بجانبهم أبيع النعناع والبقدونس والقزبر، لكني أخبرته ألا دراهم معي لأتاجر بها، فأجابني مولاي الصديق فورا أن أترك الأمر له ليتكلف به

خولة السعيد 13 / 09 / 2021 04 : 04 AM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة السعيد (المشاركة 260498)
وحكم عليه بسنتين سجنا،..
كانت السلطة الاستعمارية قد أغلقت المدرسة الحرة بأزرو ولذلك هاجر العمراوي بن الحسين الذي كان يدرس بها إلى مدينة مكناس بحثا عن عمل، وفعلا عمل بإحدى خزانات الوقود قرب محطة القطار، - هو الآن موظف بإدارة الأمن الوطني - اتصلت به ، فسمح لي أن أبيت عنده كل ليلة بالخزان المذكور، ولم تمض إلا ستة أيام على دخولي مكناس حتى وقعت مؤامرة 20 غشت 1953، في تلك الليلة كان هو مسافرا إلى الرباط، ولم أجد محلا أنام فيه،لكني تذكرت أن العمراوي سبق أن عرفني على الأخ أمين محمد، فذهبت عنده، وطلبت منه أن يجد لي محلا أنام فيه، وما تردد؛ أخذني إلى أخ سيد الحبيب بلعربي، وطلب منه أن يترك لي دكانه لأنام به ليلتها، ريثما يعود أخوه من الدار البيضاء في الغد فيجد لنا حلا أنسب، لكنه رفض لأنه لا يعرفني.
ظللت أتساءل: ماذا أفعل أنا؛ وأنا السلطة الاستعمارية متربصة بي، لا تعريف لي ولا مقر يأويني، ولا أي شيء...؟! وبقي السيد أمين يفكر معي فيما يمكن فعله،فقلت له:
* أخي محمد لابد أني سأنام اليوم عند البوليس، فهذا هو آخر المطاف عندي.
كنت أرى ألم أمين على ملامحه وحسرته علي، ورد علي قائلا:
* يكون خير.
ذهبنا بعد ذلك عند أحد الإخوان الذي كان يملك كوخا صغيرا من الخشب بين أزقة تبربرين والصباغين ورياض الجامعي بقبة السوق ، كان يبيع فيه الخضر ، فسأله أمين أن يترك لنا الكوخ تلك الليلة ريثما يعود سيد الحبيب من الدار البيضاء ليجد لنا حلا، فلم يتردد، وحمل الصناديق على كتفيه، ودخلت سريعا لأن ( البراح) يصول ويجول صائحا :
" إن كل من وجد في الشارع بعد الساعة السادسة مساء سيلقي القبض عليه، وما كان فراشي إلا بعض الحجر والخشب، دون أي غطاء او ملاءة، ولم تمض ساعتان حتى فوجئت بالبوليس على الكوخ الصغير وأنا ممدود كالميت على ظهري أردد اسم الله اللطيف لمدة ساعة تقريبا، لأسمع صوت أحد البوليس المغاربة يقول للفرنسيين: " لنذهب، يبدو ألا أحد هنا ، لم يعد أي شخص يتجول بالمدينة، حينها فقط تحركت ولم أعد ممددا على ظهري بل على جانبي، ولكني لم أستطع ان اغمض عيني حتى الصباح، قمت من مكاني متجها إلى المسجد - اجامع الكبير - حيث أديت صلاة الصبح وغفوت قليلا، وإذا بخاري المسجد يوقظني ليخبرني أنه قد صار علي الخروج من المسجد لأنه سيغلقه، فخرجت متجها إلى حديقة الحبول، حيث بقيت إلى حدود العاشرة صباحا بعدها عدت إلى الكوخ لألتقي بالأخ أمين، وجدته هناك يفتش عني أيضا ، والحيرة قد ارتسمت عليه حين لم يجدني، كان المسكين يتساءل عما إذا كان قد ألقي القبض علي ، ويعاتب نفسه كأنه هو من أهداني للبوليس، وما إن رآني حتى قال:
* ماذا وقع؟ أين كنت؟...
وحكيت له كل شيء ، فحزن وتألم، ثم قال:
* لو كانوا ألقوا القبض عليك، ما كنت لأسامح نفسي، سأكون أنا من قدمتك لهم..
* لا يا أخي، لا تلم نفسك، أنت قمت بواجبك نحوي ، وهذا قدر الله تعالى.
* اذهب الآن، وعد إلي وقت الزوال عند الثانية عشرة لنتغذى معا.
ذهبت أتجول في أحياء المدينة، إلى أن حان الموعد، فذهبت إليه، تناولها غذاءنا، ثم ذهبنا عند سيد الحبيب، الذي وجدناه أمام السوق المركزي بالهديم، يستعد ليذهب لتناول وجبة الغذاء، بعد السلام عليه قال:
* هل هناك بأس يا أمين؟
* البأس هو ما نعيشه اليوم
* أسألك ماهذا البأس
* هذا الرجل كاد أن يكون ضحية ليلة أمس
* من هو؟
* إنه من الإخوان المتورطين، والبوليس يبحث عنه، وقد ذهبنا أمس عند أخيك بلعربي ليسمح له بالمبيت في الدكان لكنه رفض، ولم يجد هذا الرجل مكانا يبيت فيه..
* تعالوا معي..
وأخذنا سيد الحبيب إلى أخيه بلعربي فسأله إن كنا قدمنا عنده أمس، فأجابه أخوه ب " نعم" ، ثم سأله:
* وماذا قلت لهم؟
* قلت لا؛ لأنني لا أعرفه، ولا أخفيك أخي أني خفته أيضا.
* لا يوجد رجل مثل هذا تحمل كثيرا في سبيل الوطن، ولم تبق له ضيعة ولا بقرة ولا أي شيء ، وها هو الآن يتعذب ويتحمل الصعاب.
بعد كلماته الطيبة تلك أمر أخاه ورفيقه الدائم السيد مولاي الصديق الشاب الوطني بأن يترَك الدكان لي على الساعة السادسة إلا ربع مساء ، وتسلَّم إلي المفاتيح ، حتى يفكر في حل آخر أنسب، وهكذا أنقذني سيد الحبيب بعد الله سبحانه.
في اليوم الثالث جاء سيد الحبيب وأوصى الإخوة بأن يخبروا البوليس أو مقدم الحومة إن رأوني وسألوهم عني أن يقولوا إني أخاهم قدمت من الصحراء، وحذرهم من أن يقولوا عكس ذلك، أو يخبروهم أنهم لا يعرفونني، فردوا عليه بالموافقة، ثم طلب منهم أن يجعلوا لي مكانا بينهم، فإن كانوا هم يبيعون الخضروات، فلأكن أنا بجانبهم أبيع النعناع والبقدونس والقزبر، لكني أخبرته ألا دراهم معي لأتاجر بها، فأجابني مولاي الصديق فورا أن أترك الأمر له ليتكلف به

ثم طلب منهم أن يجعلوا لي مكانا بينهم، فإن كانوا هم يبيعون الخضروات، فلأكن أنا بجانبهم أبيع النعناع والبقدونس والقزبر، لكني أخبرته ألا دراهم معي لأتاجر بها، فأجابني مولاي الصديق فورا أن أترك الأمر له ليتكلف به، واشترى لي فعلا ما يلزم، وبدأت التجارة، وقد قيل لي أن أحتفظ بالأرباح لنفسي لأشتري ما أحتاجه من ملابس وغيرها، وبقيت معهم بالدكان إلى أوائل 1954 حيث انتقلتُ إلى " بني امحمد" .
هناك اتصلت ب" عكيوي ادريس الزموري" الذي كان قد خرج من السجن أيضا، شاركت معه في دكان كان يبيع فيه المواد الغذائية، ، كما فوجئت ببعض من كانت تربطني بهم علاقة الوطنية بعين اللوح _ السيدان: بوعزة والحسني مولاي الشريف، فقد كان الإخوان هناك يعرفون جل أخباري، بعدما تحدثنا قليلا، سألوني إن كنت ما أزال أستطيع التضحية أم تنازلت عنها، فكان ردي أن تضحيتي دائمة ، وتوادعنا على أمل لقاء آخر ، حيث كان اتفاقنا على أن يتصلوا بي لإطلاعي على ما يجب أن نقوم به، فكان أن أعادوا زيارتهم بعد مدة قصيرة ، لنتعاهد على عمل جديد، إذ كانوا قد اتصلوا بإخوان لنا في منطقة أسد التحرير،وفي المرة الثالثة قدموا من الدار البيضاء، وهنا كان نشاطي أقوى، حيث عدت لتوزيع المنشورات بمشاركة الحسن بن عبد السلام الكرواني الذي كان شابا نشيطا، وكان عاملا بمعمل الجلد بسيفطا، كما كونت صلة بين الدار البيضاء وعين اللوح، وقد زارني حينها المناضل السيد الغندور رحمه الله تعالى بمكناس.
وفي أكتوبر من السنة نفسها ذهبت إلى أزرو قاصدا زيارة بعض الإخوان الذين خرجوا من السجن ، كما أردت زيارة " بايسي بن بوعزة" رغبة في ربط الاتصال به ليشاركنا أعمالنا بآيت عمر وعلي، لكن ولسوء الحظ التقيت خاله " موحى بن رقية" الذي كان يعرفني جيدا ، فسألني بعد السلام إن كنت ذاهبا لزيارة ابن أخته فأنكرت وادعيت أن مروري من ذاك المكان ما هو إلا لتقصير الطريق ، و قد عدت حالا إلى أزرو، حيث فكرت أنه قد يتحسسني لأنه عميل للبوليس، ثم ذهبت عند الأخ موحى وكوش الصحراوي وقضيت معه تلك الليلة في المذاكرة، كما اتفقنا أن نذهب إلى غابة " صدر كيرو" لإحراق أحد " لاكوبات" في ملك المعمر الفرنسي، ولكننا بعدما وصلنا إلى تابغوت استقبلنا الخير، إذ وجدنا سيارة في ملك فرنسيين، كانوا يصطادون داخل الغابة، ولم يكن بالسيارة أحد، فكسرنا الزجاج، وفرغنا البنزين ، ثم شب الحريق ، وعدنا هاربين.
بعد وصولي إلى أزرو قصدت مقهى الحافلات، ثم ركبت بإحدى المتجهات إلى مكناس، وحمدت الله أني وصلت سالما.
في اليوم الثالث؛ ذهب موحى ولد رقية عند البوليس بأزرو وأبلغهم بأن عمر العتابي زار بايسي، وأخبرهم بأن عمر وابن أخته بائسة زعموا على إحراق مزرعة المعمر الباريسي، وفعلا ألقي القبض عليه، وتلقى المسكين كل أنواع التعذيب والتنكيل قصد الاعتراف بالزيارة لكنه أنكر، وظل ثابتا صامدا، وقد أخبرني عمر وعنزول وهو أخو موحى والشريف وقال لي: " كن على بال، بايسي معتقل من أجلك" .
وفي أوائل 1955 فوجئت بأحد الأيام بكمال مصطفى يقف أمامي وقد بدا متغيرا كأنه شخص آخر، فلما سألته عما به، أجابني بأن معه أمانة قد احتار أين يخبئها، وما كنت أرى عنده غير قفة امتلأت بالخضر، لذلك سألته : ماهذه الأمانة؟ هات كل ما معك لأخزنه لك، فأدخل يده تحت الخضر، وإذا به يمد إلي قنبلتين، تركهما عندي ليومين، ثم رجع حين وجد مخبأ لهما بحي الزيتون.
بالسنة نفسها كنت قد أحرقت بمشاركة الأخ الحسن بن عبد السلام الكرواني مزرعة بالبرج المشقوق كان يملكها معمر فرنسي. وشاركت أيضا رفقة السادة: بوبكر الصائغ الذي يعمل الآن بالشرطة القضائية بفاس، والمرحوم بإذن الله تعالى محمد السوسي الذي استدعتنا السلطة المحلية من أجله فيما بعد ، وهددتتا بفتح الدكاكين خاصة يوم الجمعة، وكل من أغلق دكانه يلقى عليه القبض، لكننا استمرينا في العمل بتنظيم الإضراب الذي كان بحي بني محمد .
وشاركت الحسن بن عبد السلام أيضا في قطع أسلاك الهاتف الرابطة بين مكناس وأكوراي .
وبالتاريخ نفسه زارني حمو وسعيد الذي كان يملك سيارة من نوع " جيب"والأخ الغندور من الدار البيضاء، فاتفقنا على تنفيذ عملية قتل أحد الخونة بأزرو، حيث كان جاسوسا مع القائد أحمد وقد جاء إلى مكناس يبحث عني ليبلغ صاحبه بمكاني وعنواني، ووصل إلي مدعيا زيارتي، فاستقبلته، وضيفته، لكن ما إن وصل إلى أزرو حتى بلغ القائد عني، لكن بعض الأصدقاء عرفوا بالأمر وهم من قبيلته دكالة كانوا قد أبلغوني ؛ إنهم: " سلام الدكالي، الخياط والشقرات هدى، لأنه هو من أخبرهم أنه وجدني، فظل يترجاه الأخ هدى ألا يبلغ القائد، ولأنه لم يستطع أن يثق به مع ذلك كتب إلي رسالة يخبرني بما جرى، وطلب مني أن أحتاط وأحذر لأن المدني سيبلغ عني، فصرت أغلق الدكان نهارا وأفتحه ليلا لأكثر من شهر، وبعدما حكيت للإخوان السبب في ذلك، اتفقنا على قتله، لكننا لم ننجح في ذلك، لأننا بعدما ذهبنا لتنفيذ العملية أصبنا في حادثة سير ، حيث دهمتنا شاحنة الجيش الفرنسي، فكسرت رجلي، وكسرت بدا موحى وسعيد، كما أصيب الغندور بجروح، فكانت هذه الحادثة هي نهاية ما خضته من أعمال وطنية كانت بإيجاز بين 1949 و1955،
وفي الختام يقول المثل: " الحق ما شهد به الأعداء"
كل شيء موجود بسجلات إدارة الأمن والسلطة المحلية بعين اللوح وأزرو وآيت عتاب .
إمضاء: المالكي محمد العتابي.
( النهاية)

ليلى مرجان 13 / 09 / 2021 13 : 12 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
الله... يا خولة مشوقة ومؤثرة قصة هذا المناضل وأصحابه، تمنيت لو لم تنتهي بتلك الحادثة المشؤومة، شكرا لك أن شاركتينا نضال البواسل المحفوف بالخوف والترقب لما آلت إليه قصتهم، شكرا لأني عشتها مسلسلا يستحق المشاهدة.

خولة السعيد 13 / 09 / 2021 30 : 09 PM

رد: المالكي المواطن المناضل
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى مرجان (المشاركة 260610)
الله... يا خولة مشوقة ومؤثرة قصة هذا المناضل وأصحابه، تمنيت لو لم تنتهي بتلك الحادثة المشؤومة، شكرا لك أن شاركتينا نضال البواسل المحفوف بالخوف والترقب لما آلت إليه قصتهم، شكرا لأني عشتها مسلسلا يستحق المشاهدة.

شكرا ليلى العزيزة على المتابعة، فعلا قد قاوم أجدادنا كثيرا لأجل أن يحفظوا حرية الوطن لنا، فشكرا لهم ولتلميذي الذي شرفني بطلبه لأعيد سيرة جده


الساعة الآن 57 : 06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية