![]() |
حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=CENTER][table1="width:95%;background-color:royalblue;"][cell="filter:;"][align=center]
الشيطان الذي في نفسي قصة بقلم : نبيل عودة أمسك سماعة التلفون بشيء من التردد . نظر الي نظرة فيها ضيق . . ربما لوجودي في مكان يضايقه؟ تردد لحظات مراوحا بنظراته بين قرص التلفون وبيني. كنت مطمئنا لجلستي وراء المنضدة في مكتبي المكيف الهواء والمريح . لم اكن انوي التحرك من مكاني .. نظرت اليه وحثثته على الاسراع بحركة من يدي .. دون ان انبس ببنت شفة . كان وجهه المليء ، بذقنه التي لم تحلق منذ ايام ، يخفي بعض اضطراب نفسه وقلقه .. نظرة خاطفة لعينيه اظهرت لي تردده، ارتباكه ، وربما رهبته من شيء ما ؟ هل هو عاشق ؟ هل هناك امر آخر لا يريد ان يطلع عليه أحد ؟ لم اقف كثيرا امام ما تردد في ذهني من خواطر وأسئلة. التلفون يستعمله العشرات ، ولم يكن وجودي في مكتبي سببا لتردد احدهم في استعماله . واصلت التلهي بأمور عملي ، متناسيا اياه او متظاهرا بالنسيان . حسم تردده بحركات عصبية ، ضاغطا ازرار الارقام التي تطلق صفيرا خافتا فيه شيء من الموسيقى. انطلق صوته متمتما يحمل في نبراته قلقه الداخلي من أمر اجهله . غرق بذاته منصتا للرنين من الطرف الآخر . نظرت اليه خطفا وقد بدأ حب الاستطلاع يتملكني .. مدفوعا بهوايتي المجنونة اياها ، بالنظر الى الوجوه وتعابيرها ، وتغذية ذاكرتي بما هب ودب من التفاصيل الغريبة ... اعترتني رغبة بترك ما بيدي والالتفات اليه ، للتشبع جيدا من حركاته وتعابيره . زجرت رغبتي ، وواصلت محاولة تجاهله ، بينما احاسيسي تسجل ما يبدر عنه . لا ادري ما الذي جعلني مستثارا لهذه الدرجة . ربما ما يمر بي هو جزء من عملية الابداع ؟ .. البحث عن وجوه جديدة لقصص جديدة ؟ كشف عالم جديد ؟ .. او عادة سيئة بدأت تأخذ مكانها في نفسي ؟! انتظر بعض الشيء حتى جاءه الجواب من الطرف الآخر . تغير وجهه بسرعة ، وازداد اطراقا وتلعثما في الحديث ، واسرع يقول ، بعد ان بذل جهدا لا بأس به ، وبارتعاش واضح : - نمرة غلط .. آسف .. واعاد سماعة التلفون .. واتكأ مجهدا على طرف المنضدة ، محتارا ظاهر الارتباك ، ثم كرر لنفسه ، كأنه يحاول ان يقنع ذلك الذي رد عبر التلفون : - نمرة غلط !! وتحرك بتثاقل ، وعدم رغبة واضحة ، خارجا من الغرفة .. حاولت العودة لما كان في يدي من عمل ، الا ان نفسي لم تطاوعني، عالجت في ذهني الحالة التي المت بزميلي ، وتوقعت ان يكون وراءها أمر فيه عناصر تصلح لابداع قصة جديدة . هذه النبوءة المجنونة حين تمسني ، تجعلني اتغير . لا اعود انا هو انا نفسي . اسندت ظهري على المقعد ، ونظرت نحو التلفون الصامت .لا بد من وجود حكاية وراء ما مرامامي . اعدت في ذهني تمثيل ما كان ، منذ لحظة دخول زميلي ، حتى خروجه بالحالة التي خرج بها .. مترددا مرتبكا ، غامضا ، وتأكيده المضحك ، بعد ان اغلق السماعة ، ان النمرة غلط . لماذا لم يحاول ان يتصل مع النمرة الصحيحة ؟ ولماذا كل هذا الارتباك والتردد .. بل وبعض الخوف ؟! ولأمر لا افهمه في نفسي ، ولن افهمه كما يبدو ، التقطت سماعة التلفون ،وبواسطة الضغط على زر الذاكرة ، كرر التلفون الاتصال مع نفس النمرة ، التي سبق لزميلي ان اتصل بها . جاءني صوت رجل من الطرف الآخر . لم اكن ادري ما انوي فعله ، . ولم اكن قد رسمت في ذهني صورة تقريبية عما يمكن ان اسأل عنه . اول فكرة راودتني ان زميلي عاشق ، وانه بسبب صاحب الصوت ، ادعى ان النمرة غلط . خرجت من ترددي على تكرار الصوت من الطرف الآخر مستفسرا عما اريده . جمعت نفسي او شيطنتي وقلت : - نتكلم من شركة التلفونات .. هل طلبتم تغيير رقم تلفونكم ؟ فوجئ محدثي بما أسأل عنه ، واحتار كما يبدو ، اذ سمعت تلعثمه .. ثم اجاب بوضوح : - أبدا .. لا ادري شيئا عن الموضوع . - آسف .. سأفحص .. مع من نتكلم ؟ - بيت المحامي رامي الحيفاوي . - شكرا ، آسف على الازعاج . اعترتني ضحكة صامتة ، شاعرا اني اضع يدي على طرف خيط يقودني الى اكتشاف ممتع .ترددت منتقدا تطفلي على خصوصيات زميل . هززت كتفي محاولا ابعاد التردد من نفسي ، مؤججا في الوقت نفسه اندفاعي لمعرفة ما خفا عني ، معللا تمسكي بكشف ما خفى ، بطبيعتي التي لا تهدف الايذاء ، وانما محاولة اسداء المساعدة اذا امكن ، وسألت نفسي : " كيف يجوز ان أحشر نفسي لتقديم معونة لم تطلب مني أصلا ؟ " نفضت السؤال وبعثرت كلماته .. وقلت لنفسي انه لولا وجود هذه الميزة الحشرية عند لفيف من الناس لما وجد الأدب والأدباء اصلا . كل مشاعري متيقظة لالتقاط موضوع ذي شأن ، لا ادري كنهه ، ولو اني بدأت بوضع تقديراتي الاولية عنه . لو أجابه من الطرف الآخر صوت آخر ، صوت انثى مثلا ، هل كان يسارع للقول ان النمرة غلط ؟ هذا لوحده يمدني بمادة لوضع عشرات الاحتمالات . شعرت بأن عناصر التردد والاعتراض ستبدأ بالفوران في داخلي .. فنفضت نفسي ، وانتصبت واقفا مصمما على حل المعضلة التي تكونت امامي . استعرضت في ذهني بعض ما كان ، التردد والآرتباك اللذان اعتريا زميلي . النمرة غلط ، عدم الاتصال بالنمرة الصح .. تأكيده لنفسه ان النمرة غلط .. كأنه يحاول ان يقنع الذي في الطرف الآخر من الخط .. تضايقه الواضح .. لهجته المتلعثمة ، وخروجه كالمهزوم من معركة . في الطرف الآخر المحامي رامي الحيفاوي .. هل هو من حيفا ؟ ام ان الاصل غلب على الاسم ؟ راودتني فكرة ، فلم اتردد . جلست ورفعت سماعة التلفون ، واتصلت بصديق لي ، محام : - استاذ عادل ؟ .. سلامات .. عرفني من صوتي . رحب وأطنب واستحثني على زيارته .. و.. قاطعته : - اريد ان استفسر عن موضوع صغير .. - تفضل . - المحامي رامي الحيفاوي ، تعرفه .. ؟ - بالطبع .. زميلي وصديقي ، درسنا سوية ، وكانت لنا غرفة مشتركة بالايجار .. - هل هو من حيفا ؟ - أجل ، مكتبه في " الهدار " .. هل تريد منه شيئا ؟ - أبدا .. لا شيء خاص .. ولكن زميل لي وكله بقضية تأمين . قل لي هل هو متزوج ؟ سؤالي كما يبدو فاجأه . شعرت بأنه يفكر بهذا السؤال . . الذي لا صلة له بموضوع توكيل محام .. ولكنه اجابني مترددا ، غير فاهم ما ارمي اليه ، وهذا جعله ، كما يبدو .. يمدني بكل ما يعرفه عن زميله الحيفاوي ، منتظرا تفسيري : - متزوج وأب لطفلتين ، على حد علمي .. وزوجته اسمها لولو كما أذكر ، معلمة في مدرسة ابتدائية، ولكن .. - سأشرح لك كل شيء فيما بعد .. لدي سؤال غريب آخر ، هل هي جميلة ؟ اعني هل رأيتها مرة ؟ - كثيرا .. تصلح لان تكون عارضة ازياء .. ولكني لم افهمك بعد .. كدت اصفر من المفاجأة ..واعترتني رهبة عابرة ، شاعرا اني ارتكب حماقة لا معنى لها . ما دخلي انا في قضايا الناس ؟ شكرت صديقي عادل ووعدته ان ازوره قريبا واوضح له كل شيء . ولعله الآن يقرأ قصتي هذه ، ويهز رأسه ، ولكني اثق انه سيحفظ السر ، الذي انا في سبيلي الى كشفه . اعدت سماعة التلفون شاعرا ببعض الكآبة الخفيفة ، التي سببها موقفي الغريب ، في ملاحقة خصوصيات الناس ، ولكني كنت متأكدا اني بدأت .. ولن اقف ، خاصة بعد ما حصلت عليه من معلومات ، قوت يقيني فيما ذهبت اليه من تقديرات وتأويلات . أرسلت في طلب زميلي ، فجاءني تسبقه عيناه القلقتان ، بوجهه غير المحلوق منذ ايام. كان هادئا بعض الشيء ، مطمئنا ان سره في أمان واستقرار ، دعوته للجلوس وانا انبش في اوراقي على المكتب .. كمن يبحث عن شيء مهم ، وقلت له بلهجة تحكمت بها بحيث لا يعتريه ادنى شك على صدق ما اقوله ، معتمدا بالوقت نفسه عنصر المفاجأة الذي يبقيه غير واثق من نفسه وموقفه ، ولو كان كل المنطق الى جانبه . قلت : - اتصل المحامي رامي الحيفاوي ، يسأل من اتصل به ، قلت له ان عاملا عندنا اتصل بالخطأ ، اصر ان يعرف الاسم ، فأخبرته بأسمك .. فوجئ بالاسم الذي ذكرته، وبان الارتباك والخوف الشديد في ملامح وجهه ، وبدون تفكير قال بصوت مذهول : - لماذا اخبرته بأسمي ؟ قل له نمرة غلط وكفى ..؟! - لماذا ارتعبت ؟ - لا .. لا شيء .. - ضغط على جبينه بقبضة يده اليمنى واطرق مليا ، وتمتم لنفسه بكلمات لم يصلني منها الا بعض الأحرف .. - كان يجب ان لا تخبره باسمي . اشفقت عليه من حالة الذهول ، ولكني قررت الاستمرار في اللعبة . قال فجأة كمن اكتشف شيئا : - كيف عرف نمرة التلفون ؟ أجبت بهدوء وبلا اهتمام ظاهر : - لا ادري ، اتصل به واسأله ؟ وأخذت سماعة التلفون ومددتها نحوه ، فانتفض : - لا ، ولا بأي شكل . لوح بيده بسخط ، والذهول يشع من عينيه . قال محاولا ان يخفف عن نفسه : - مصيبة .. ربما تكون قد ورطني ؟!! وربما تكون صدفة غير مفهومة ؟! - لم تكن تتوقعه حين تلفنت ؟ - ..... - هل اردت الحديث مع لولو ؟ حدق بي طويلا وهو مصعوق من ذكري لهذا الاسم .. وانا اواصل التظاهر اني غارق في اوراقي وفي عملي ، بينما عقلي متيقظ لالتقاط كل حركاته وتعابيره . شتمني مبتسما ابتسامة بلهاء .. متيقنا ان في الامر لعبة .. اذ لا يعقل ان اعرف كل هذه المعلومات من مجرد اتصاله بنمرة غلط ، او بنمرة صح ، فهو لم ينبس امامي ببنت شفة ، لم ينفس عن حرف فيما يخصه ، نعمل سوية منذ ثلاث سنوات ، لم يحدث احدنا الآخر حول خصوصياته ، فكيف اباغته الآن في صميم اسراره ؟ - اسمع .. لم اعد احتمل .. صارحني اصارحك ؟! ابتسمت زاجرا ضحكة مجنونة في صدري : - اتفقنا .. ولكن لا ترجع بوعدك ؟ اطمأنت نفسه قليلا ، وارتخت عضلات وجهه المشدودة من التوتر . قال وهو يأخذ نفسا طويلا ، مخرجا علبة سجائره من جيب القميص : - وعدتك .. على ان يبقى سرا بيننا ؟ اشعلنا سيجارتين ، وبين حلقات الدخان حدثته كيف توصلت للمعلومات التي فاجأته بها. ابتسم مطلقا ضحكات صاخبة ، متحررا من خوفه ، من الكآبة والرهبة ، مطمئنا بعد معاناة . ذكرته : - والآن ماذا لديك لتضيف ؟ تغيرت سحنته المرتاحة ، واختفت ابتسامته . اطرق صامتا للحظات ، وكأنه يتردد في الافصاح عن خبايا قلبه ، ثم قال دون ان ينظر الي : - بالنسبة لك قد تكون حكاية عاشق مغامر ..صائد نساء محترف .. اني لست كذلك .. ما بيني وبين هذه المرأة ليس صبابة عابرة .. نحن لسنا مجرد عاشقين. نظر في عيني ، فلمحت التردد ينعكس على وجهه ، كأنه يستصعب ان يبوح بما يلذه او يعذبه .. وفي نفس الوقت يأخذ نفسا طويلا ، ويحسن جلسته التي بدأها مترددا محتارا على طرف المقعد ، مما بعث الاطمئنان ليقيني ، انه في سبيله للبوح بما لديه ، ، وتملكتني فكرة من الجوالمحيط بنا انه بحاجة لزميل يصارحه بما لديه .. قلت لنفسي انه وقع على الزميل الملائم .. يستطيع ان يفهمه ، وأن يبادله الرأي بالرأي ، ويشد ازره اذا ما كان بحاجة الى ذلك .. ثم سألت نفسي : " هل استطيع ان اصون السر ؟ " أجبت تلقائيا بالايجاب . فسخرت من نفسي وذكرتها بما باحت به من اسرار . فأجبت باني ما بحت بسر اطلاقا ، انما انشأت حكاية موازية ، مستعينا بجوهر الحدث وليس بأشخاصه ، بهدم الاصل وتركيبه مجددا . سخرت متسائلا : " ما الفرق ؟ " فحسمت الجدل الذي بدأ يفور داخلي بأن حثثت زميلي : - احك بلا تردد ، وكن مطمئنا .. - انا لولو ابناء صف واحد .. نحب بعضنا البعض .. منذ ايام المدرسة الثانوية . تواعدنا ان نكون لبعضنا البعض .. مهما حدث .. هي ذهبت لدار المعلمين ، وانا انخرطت في العمل . كنت اريد ان اكون نفسي بسرعة .. ان يصبح لي بيت .. وأن تصبح لولو زوجتي .. لذلك ضحيت بالدراسة الجامعية .. والداي لم يفهما موقفي ، ولم يكن من الممكن ان يفهماني . انجح اولادهم يخرج للعمل الصعب وكل الظروف البيتية والمادية متوفرة له للدراسة الجامعية والتقدم في الحياة .اليوم افكر بخطأي . اشعر اني خسرت على جبهتين .. جبهة الدراسة وجبهة الحياة .. خسرت المركز الاجتماعي .. وخسرت امنية حياتي .. أحيانا يتملكني الندم والغضب لاني لم اواصل دراستي . ولكن هذا ما كان .. حبنا كان اقوى من كل المنطق ، احلامنا كانت اكبر من عالمنا ، لولو كانت ، وما زالت.. كل عالمي ، مع لولو كل شيء يطيب لي ، الشقاء والمعاناة والألم .. في سبيل لولو تتحول الى سعادة .. كنا نحلق في فضاء من الرغبات والاحلام .. من الأمنيات والآمال .. نلتقي دوما .. نتعانق ونتبادل القبلات والضحكات الوردية .. احافظ عليها كما يحافظ الانسان على بؤبؤ عينه .. رغبتي فيها لا تعرف الحدود ، ولكني اريدها طاهرة عذراء لليلة العرس ، كل ما يخصنا كان ابيض جميلا . كنت اواصل الليل بالنهار في سبيل تحقيق ذاتي . بسمتها كانت تكفيني ، صوتها المزغرد يملأ دنياي . عالمي انحصر في شيئين.. العمل ولولو . ربما في شيء واحد كبير .. أكبر من السماء .. اوسع .. اوسع من الأفق . عميق .. أعمق من البحر .. لولو .. لولو هي شغلي وأملي وأحلامي وحياتي . هي الماضي والحاضر والمستقبل . تقدمت لطلب يدها حسب الاصول .. فرفضتني عائلتها ؟! تهدج صوته وأطرق مليا محاولا السيطرة على دمعة كادت ان تفلت . كأن ما يؤلمه يعود بكل حدته وقساوته الآن ، وفي هذه اللحظات .. لقد بهرني بقدرته على السرد .. بحيث تمنيت لو اسجل حديثه كتابة .. حتى لا تفوتني منه كلمة او اشارة موحية . استعاد هدوءه رغم مسحة الحزن التي ارتسمت على محياه. - عانينا كثيرا بعد رفض عائلتها لي . قد تستغرب ان العائلة لا تزال تقرر في زواج ابنائها ؟! والدها كان مستبدا . دقة قديمة. قديمة جدا .. اكثر مما يتخيله العقل . فكرت : " اذا اخبرته بما بيننا يلين امام الحقائق ، فيقبلني مكرها ؟" ما حدث هو العكس . فرض على اهل بيته ما يشبه الاحكام العرفية . اضطهد والدتها واخواتها .. ضلوع مجتمعنا القاصرة ؟! حرض اولاده على تتبع خطوات البنات .. ماذا اقول لك ؟ .. لم يمض الا وقت قصير حتى نجح بتزويجها لمحام من حيفا ..لا ادري كيف حدث ذلك . لم استوعبه .. صدمت .. ربما لم اصدق امكانية زواجها من غيري ؟ انها معي دائما في احلامي وفي صحوي .. هذه النقطة مستعصية علي حتى اليوم . هل كان علي ان اخطفها ؟ وهل كانت تطاوعني ؟ لم يكن من السهل محادثتها وهي داخل المراقبة والحصار .. فقدت امكانية الاتصال معها.. بعد ان تجددت علاقتي بها اخبرتني انها اتصلت معي قبل عرسها باسبوعين للأتفاق على شيء.. لكنها لم تجدني ، ولم يكن من المتيسر امامها ايجاد فرصة اخرى للأتصال ، وصارت تشك اني تخليت عنها لانها مخطوبة لانسان آخر.. وكان عرسها بالنسبة لها اشبه بالجنازة... تزوجت لولو وانهارت احلامي وتناثر عالمي الجميل . اصبت بالمرارة والضيق من الحياة نفسها .. تملكني القنوط والاحباط .. وراودتني فكرة الانتحار .. ولولا امي التي لاحظت وضعي النفسي الغريب ، وشددت مراقبتها لي .. فربما كنت انتحرت . قد اكون واهما من فكرة الانتحار والقدرة على تنفيذها .. كل ما ادريه اني وصلت لوضع لم يعد للحياة فيه شأن في نفسي . تركت عملي وانطويت على نفسي لأشهر عديدة.. لا شغلة لي الا شرب القهوة والتدخين والتفكير بلولو وبعذريتها التي تهتك قسرا.. وبالعار والشنار الذي لحق بي وكأني مسؤول عن عذريتها.. احيانا اصرخ بصمت ، بدون صوت .. أنا اقول الحقيقة .. شيء يصرخ في صدري .. يستغيث .. يرفض ما يحدث .. يثور .. يشتم .. يقاتل .. ويلعن كل شيء .. يكفر بكل شيء ..يثور غضبي احيانا على لولو .. أكرهها .. اهشم وجهها الوادع .. اغرز اظافري في لحمها الناعم الطري الابيض .. ارى الدم ينقط من سجائري .. أقذف بالفنجان والسجائر وغلاية القهوة ..ضاربا "الاسكملة" بقدمي ، فتتناثر القهوة .. والدم .. في كل مكان .. فأصرخ بصوت مسموع ، لا اقوى على كبته .. متألما مستثارا ، ولا اعود الى نفسي الغاضبة الا بين يدي امي ، وهي تضم رأسي الى صدرها .. فأبكي كطفل صغير ، بحرقة .. وربما باعتذار ، عما اسببه لأمي من معاناة وقلق وألم .. ودموع تحاول ان تخفيها عني .. تشعرني بالخجل من نفسي . امي ، الله يرحمها .. قصر عمرها بسببي ، ماتت وهي توصي اهل البيت علي ، كانت امنيتها ان اتزوج ، فلم افعل ذلك الا بعد موتها ، وحسرتها علي في قلبها .. هل تظن اني نسيت ذلك ؟! عندما أعود لهذه الذكريات يثور الذئب في اعماقي ، وحش كاسر يبحث عن فريسته . لا تظن ان علاقتي بلولو تأثرت ... انا لا انتقم منها ، هي وسيلتي للانتقام ؟ ابدا !! لولو حبيبتي ، ولن اجعلها وسيلة للأنتقام . اذن كيف انتقم ؟ بآية طريقة ؟ بأي اسلوب ؟ الا تعتبر علاقتي الممنوعة بها من باب الانتقام ؟ ببساطة وصراحة .. لو راودني شعور بأن علاقتي مع لولو فيها دافع من دوافع الانتقام ، لما ترددت في قطع ما بيننا . حبي لهذه الانسانة ، والذكريات الجميلة الطاهرة التي بيننا ، ذلك اغلى على نفسي ، واعز عندي الف مرة .. من اي انتقام كان . ولكني انتقم .. انا اعرف ذلك !! لا ادري كيف يتحقق انتقامي ولا نتائجه على من احب . شعور الانتقام يراودنا نحن الاثنين . هي ايضا تنتقم . توقف عن الكلام مجهدا وقد حل الغضب مكان الحزن في تعابير وجهه . اشعل سيجارة وأخذ نفسا طويلا ، نفث الدخان ببطء .. وتقطع ، وقد حسبت انه انتهى من مونولوجه المؤثر . . غيران شيئا يتحرك في داخلي حاثا على المزيد . صببت فنجاني قهوة من " الترموس " . أخذت شفطة وتذوقت طعم الهيل في القهوة ، وحثثته : - اشرب. ولسان حالي يقول : " المزيد " . يبدو عليه انه فهم قصدي . شرب نصف فنجان القهوة دفعة واحدة ، وطلب المزيد . ملأت له الفنجان ، وتركت " الترموس " تحت تصرفه .شرب نصف فنجان آخر ، وكأن فمه مبطن ضد الحرارة، وقال : - انقطعت صلاتي تماما مع لولو . انا لم احاول الاتصال بها حفظا لكرامتها وسمعتها . ربما تلك هي ارادتها . ربما ارادت تطمين والدها وانقاذ امها واخواتها من طغيانه ومما يتعرضن له بسببها ؟ هناك الف ربما .. وعشرات التأويلات والاحتمالات . . وما دامت هي لا تتصل ، فلأحترم رغبتها ، رغم اني لم اهضم ما حدث . خرجت من وضعي النفسي المضطرب الذي لازمني بعد زواجها ، وبدأت اعود لحياة طبيعية او شبه طبيعية .. ولكن بفتور .. وبعد تردد طويل تزوجت . لا شك ان فقداني لأمي وهي توصيني بالزواج ، وتوصي الأهل برعايتي ، كان سببا في خروجي من ازمتي وزواجي . انا احب زوجتي حبا عاديا .. احترمها .. لا استطيع ان احبها مثل لولو .. ولكنها غالية على نفسي . عندي منها ثلاثة اولاد . احبهم بجنون . هم اعادوني الى توازني ، أجد فيهم الصفاء والطهارة التي كانت ايام عشقنا المبكر انا ولولو . ومضت الايام .. اشياء كثيرة تغيرت وتتغير .. حتى لولو بدأت تتحول الى ذكرى جميلة . . اما حين اسلسل الحدث ، وهذا صار قليلا ما يحدث ، فأثور بغضب مدفوع بمشاعر النقمة . في السنة الاولى من زواجي كثيرا ما ناديت زوجتي باسم " لولو " . اقنعتها بأني احب هذا الاسم . ربما لم تصدقني زوجتي ، ولكنها لم تسألني عن سبب هذا النداء .. وحين رزقت بابنة ، وكانت تلك امنيتي ، قالت لي زوجتي وهي تقدم لي طفلتنا : - أنظر كم هي جميلة ولطيفة لولو .. وساعتها بكيت .. بكيت كما لم ابك من قبل . يقال وبحق ان الجبال لا تلتق ابدا ، انما الانسان... التقيت لولو في احدى الرحلات الى مصر.. ثماني سنوات من القطيعة ، وفجأة القاها امامي . ارتعشت من رأسي الى اخمص قدمي . غبشت عيناي من دمعتي فرح .. او ربما حزن .. او حزن وفرح في نفس الوقت .أمسح الدمعتين ، لولو صارت اكثر انوثة ، نظراتها مهمومة ، ارتعاش عينيها يفضحها .. نقف في قاعة الفندق الرحبة نتأمل بعض .. ننظر في عيني بعض .. تبتسم لي بحياء ، ابتسم لها بذهول .. تخفض عينيها ، اقترب منها والهث باسمها : - لولو .. لولو .. تنظر الي بعينين تملؤهما الدموع والاشواق ، صدفة مجنونة تلك ؟ ما كان بيننا بدأ يتحول الى ذكرى .. وفجأة اجدها امامي . كانت لوحدها وكنت لوحدي .. وباندفاع مجنون ، طوينا وراءنا الزمان والمكان . عبرنا الماضي والتاريخ والجغرافيا. جددنا ما كان ، واندفعنا لاحضان بعض بلا تردد وتفكير . غسلنا حزننا واشواقنا باتحاد جديد . لم ارغب بامراة كما رغبت بها ولم ترغب برجل كما رغبت بي . عشق ووجد وصبابة .ظمآنان وقعا على نبع ماء . اسكرنا الحب الممنوع . قالت لي ان نفسها لن تطمأن الا اذا ضاجعتها على فراش زوجها . أهي النقمة وراء رغبتها المجنونة هذه ؟ هل هو انتقام لا يعرف الحدود ؟ هل زوجها المقصود بالانتقام ؟ أم والدها ..؟ ام تنتقم من ذاتها هي ؟ ربما من كل عالمها ؟ كثيرا ما قالت لي انها تشعر بالذنب وتريد ان تنتقم لنفسها لأنها ضعفت ورضخت لمشيئة عائلتها . هل تستغلني بهدف تحقيق انتقامها ؟ كان بامكانها ان تفعل ذلك مع غيري ، ومن زمان ، اذا كان الانتقام هدفها من العلاقة الممنوعة بيننا . . ؟ تبكي وتصر انها تحبني حقا ، ولا تريد ان تفقدني مرة اخرى . انا ايضا لي حسابي . اقول لها ذلك ، فترجوني ان انسى موضوع حسابنا ......... وان نعيش لحظتنا الهانئة ، وتهمس لي : - انه حقنا الذي حرمونا منه وهو افضل ثأر .. - وهل يؤخذ الحق بهذا الشكل خطفا ؟ - يكفي انه حقنا وليفهمه كل منا كما يشاء . كنت على يقين انها تنتقم من عالمها .. وانها ما كانت لتفعل ذلك بعلاقة مع شخص آخر غيري . علاقة مع شخص آخر معناها انها تنتقم من نفسها فقط . علاقتها معي هو حقها الذي حرموها منه . . وانتقام لا يعرف الرحمة من قيم ومثل واشخاص حرموها من حلم حياتها وحقها الطبيعي .. وقالت ان تزويجها بهذا الشكل هو اغتصاب متكرر لا يعاقب عليه القانون ، وانها منذ اتحدنا جسما وروحا شعرت بعظمة العلاقة بين رجل وامرأة . في لقائنا الاول ، في بيتها في حيفا قالت لي بطريقة اقرب الى الشراسة واللؤم وتعذيب الذات : - هيا انتقم لي منهم .. منهم كلهم .. من كل الذين ابعدوني عنك .. وأبعدوك عني ، اريدك هنا فوق فراشه ، أكره هالة القدسية الكاذبة ، اقيء على شرفهم المهترئ .. اكرههم .. اكرههم ... زجرتها وافهمتها اني لن اقبل ان اكون وسيلتها للأنتقام والثأر.. وان حقدي على من فرقونا لا يقل عن حقدها ، وربما لهذا السبب طاوعتها واريدها على فراش زوجها .. ولكني ارفض ان يتحول حبنا الى دوافع حيوانية محددة بالانتقام والثأر . بكت كثيرا وقالت انها تشعر نفسها كزانية ، وهي لا تريد لهذا الشعور ان يراودها .. وهو دافعها للتفوه بما قالته . وصارحتني ان زوجها لطيف معها ، ولا يفشل لها طلبا .. ولكنها لا تشعر معه باللذة والانسجام ، جسدها يرفضه لأنه يتمناني ، وهذا الشعور يرافقها منذ زوجت .. وهي لا تذكر انها وصلت معه الى قمة المتعة التي تصلها معي .زوجها يعارك محاولا بكل قدراته ان يوصلها .. اصيب بالحيرة واستشار طبيبا ، فلم يساعد الامر .. واقتنع كما يبدو انها باردة جدا .. لو رأى شبقها المجنون لما صدق عينيه . تقول انه اخطأ وليتحمل نتائج خطأه. خلال فترة خطوبتهما صدته ورفضته ، مع انه شاب مثقف ، له مركزه الاجتماعي ، وامكانيات مادية ، وشخصية قريبة لقلوب الفتيات ، كان عليه ان يفهم ما لم تستطع البوح به جهارا .ان يفهم انها لا تستطيع ان تكون له ... بهره جمالها ، واستعجل الزواج ظانا ان الزمن يجمع بين القلوب ، ويقرب بين الافئدة ، فلم يجن الا برودها ، وها هي تعطي نفسها بسخاء لغيره ... لحبيبها !! كثيرا ما حاولت ان افلسف ما بيننا من حب ملتهب وانتقام مشترك لا حدود له . قلت لها مرة : - يجب ان لا تجرفنا غرائزنا ، ممارستنا لحبنا هو احسن ثأر. - ما بيننا ليس غرائز . حبنا هو حقنا بالحياة وثأرنا ايضا . - لا تنسي اننا من تركيبة اجتماعية تنفر مما نحن به ، حتى لو كان حقنا ؟ وسنعامل باحتقار اذا ما انفضح امرنا ؟ - هل تريد ان تقول ان ما نفعله حماقات ؟ حبنا حماقة وشذوذ ؟ ما بالك تتراجع عما قلته قبل لحظة ؟ فأحتار فيما انا قائله واتردد امام اسئلتها .أضعف امام العتاب المنطلق من عينيها ، واغرق في رجاء شفتيها .. وحين تثور غريزتي ، اصبح كالثور الهائج ، وكأن هذا اول اقتحام لعذريتها .. لا ادري لماذا يراودني هذا الشعور كلما ولجتها .. كأن شيئا في نفسي يرفض ان يصدق ان لولو لم تعد عذراء . لولو عذراء ابدية ، تتجدد عذريتها بعد كل اقتحام ، وحين لا ارى آثارا للدم بين ساقيها ، تعاودني الفكرة المجنونة بأن لولو عذراء بعد . ومنذ سنتين نلتقي اسبوعيا . سافرنا لمصر عدة مرات .. تمتعنا بلا حدود ، احيانا تقول انها تغار من زوجتي علي ، تقول ذلك وتبكي لانها لا تريد ان تسيء لزوجتي .يراودها شعور سيء انها تخطفني من زوجتي واولادي . طمأنتها ان ما بيننا لا يجعلني اهمل بيتي . . وان حبي لها لا ينفي حبي لزوجتي واولادي .وتقول اننا مهما نصل في علاقتنا ، فسعادتها ناقصة ، وان السبيل لتخفيف ما هي به ، ان تحمل وتضع ابنا ، او بنتا مني . حذرتها من فكرتها المجنونة ، ولكنها تصر ! منذ اشهر وهي تصر ان تحمل مني ، تريد طفلا مني حتى تكتمل سعادتها ويهدأ بالها .. لان العلاقة بيننا ستنتهي يوما ما .. واعتقد انها حامل ، على الأغلب مني .. امس أجرت فحصا ، اردت ان اعرف النتائج .. أنا في حيرة من امري .. هل ما ارتكبه حماقة ؟ خيانة لزوجتي واولادي ؟ ام انتقام من اهلها ؟ ربما هو اخلاصي للماضي ؟ للأيام الحلوة الهانئة التي كانت ؟ ام هو حقنا التاريخي ؟ ام هي غرائز بشرية لا قدرة للعقل على توجيهها ؟ لا اعرف كيف اتصرف . كنت احبها واريدها لي وحدي . اليوم احبها واقبلها رغم وجود شريك آخر .. زوجها .لا اعرف ان كنت اكرهه او اشفق عليه ؟ ولكني احسده .هي تدري اني لا استطيع ان اكون لها وحدها ، واني لن اتخلى عن زوجتي واولادي .هي تقبلني كما انا .اما انا فاعيش بدوامة لا اعرف لها قرار . يجرفني عشقها . اريدها بقوة وبرغبة وبحقد . . واعرف ان ما بيننا لم يعد ذلك الحب الحالم البريء . لم يعد اندفاعي ذلك الاندفاع الطاهر . القاها اليوم لاشبع جوعي اليها ، لأرتوي من رحيقها الذي لا ينضب ، لاهتك عذريتها التي لا تنتهي . تشدنا النشوة المجنونة الى الماضي الجميل الذي كان .الى الاحلام الضائعة .. نعيشها خطفا. هي حزينة لانها ليست كذلك .. ليست من هذا النوع .. هي تقول انه حقنا الذي حرمونا منه ، وليتحملوا هم النتائج . لا تكره زوجها ولا تنتقم منه ، ولكنها لا تحبه . حبنا الماضي تغير ، صار لحظات متعة ونشوة ، جنون للدخول والانصهار في بعض . مفهومنا للحب تغير . . ونحن تغيرنا . احيانا نقررانه هذا هو ، وصلنا لنهاية الطريق ، ولكل منا حياته الخاصة .. بيته الخاص .. أولاده .. هل نضحي بأولادنا في سبيل ذاتنا ؟ وهل يليق هذا بنا ؟ ألا يكفينا ما تمتعنا به ؟ ألم يرض غرورنا ، ويهدئ من لوعتنا ، وينسينا غضبنا ؟ نودع بعض .. نبكي بحرقة .. نتبادل آخر عناق .. آخر قبلة .. فلا تمضي اربع وعشرون ساعة الا ونكون نحن الاثنين ، امام التلفون ، يبحث كل منا عن الآخر.. ونعود لنلتقي مندفعين بحماس اشد ، ورغبة ممتدة لا تعرف نهاية ولا قرار. الى اين تقودنا غرائزنا ؟ لا ادري !! واليوم تترسخ العلاقة بيننا بطفل ، انا مضطر لتحقيق رغبتها ، ربما هذا هو آخر المشوار بيننا ؟ لا بد ان نصل لنهاية . نهاية للاندفاع بلا ضوابط .. سنبقى على حبنا ، سيكون لها ابن اوابنة مني .. قد يكفيها ذلك .. وأنا .. هل استطيع الابتعاد عنها ؟ الن يشدني الحنين لها .. ولابننا المشترك ؟ هز رأسه بضيق وقال : - لا ادري !! صمت ، اخذ نفسا من سيجارته ، نظر الي بشيء من الحيرة ، وقال مؤكدا على شيء سبق وان طلبه : - السر هو سر .. انت عند كلامك ؟ أكدت له ذلك بهز رأسي ، ولكن .. ماذا افعل بالشيطان الذي في نفسي ؟ نبيل عودة – قاص ، روائي ، ناقد وكاتب سياسي - nabiloudeh@gmail.com [/align][/cell][/table1][/align] [/frame] [/align][/cell][/table1][/align] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
أحبائي اسرتي في نور الأدب يسعدني أن أستضيف اليوم على فنجان قهوة الأديب الكبير الأستاذ نبيل عودة في اولى استضافاتنا في هذه الصفحة حوار دافيء سيكون موضوع الحوار هو قصة الاستاذ نبيل عودة الشيطان الذي في نفسي والمشار إليها أعلاه رحبوا معي في الأستاذ نبيل عودة واهلا وسهلا به وبكم وباسئلتكم الجميلة |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
http://www.nooreladab.com/vb/mwa2008...c/mwa/wait.gif أهلا ً وسهلا ً بالأستاذ الأديب الكبير نبيل عودة استاذي طبعا ً هذه الدردشة مع فنجان القهوة لا تحكمها قوانين ولا أنطمة فيك تبدا أنت الحوار وفيك تنتظر الأسئلة وفيك ترتشف القهوة قبل ما تبرد بداية اسمح لي أن أهنئك على هذه القصة الرائعة والجريئة الشيطان الذي في نفسي وانا أقول جريئة لانها طرحت قضية حساسة نوعا ً ما موجودة في مجتمعنا ربما نادرة الحدوث ولكنها بالتاكيد حدثت ربما حاول البعض الإقتراب من هذه النقطة وربما حاولوا الإشارة لها من بعيد لكن الأستاذ نبيل عودة طرحها بشكل واضح وصريح وبأسلوب جميل وآخاذ وبصراحة فتح أدمغتنا على النقاش والتحاور في أمر الشيطان الذي في نفسي بانتظارك استاذي نبيل ونحن نعلم حجم العمل الكتابي الملقى على عاتقكم ولكنا نطمع في القليل من وقتكم الثمين وفي انتظارك استاذي وانتظار مشاركات الأحبة |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
تعبير جريء فيه الكثير من الاغراء الشخصي ، ومن التصوير الهيروئي ( البطولي ) وانا أقسم اني لست بطلا .. لأن الأبطال في عصرنا هم ملوك الكلام الذي لا تغطية ولا قيمة له..
حقا أنا صادق مع نفسي . لا اكتب لأجد الاستحسان بعين قرائي ، وقد جرت علي مقالاتي السياسية والنقدية حربا حامية الوطيس لم تخمد نارها بعد ، الشيء المطمئن ان القاريء يعشق الصدق حتى لو لم يقبل الموقف . الشيطان الذي في نفسي هي قصة انتجها الواقع ... حقا ما ذكرته في القصة عن زميل عامل واتصال تلفوني والمقلب الذي نفذته به لأكتشف المخفي هو حقيقة ... ودوري كان تفكيك الحدث واعادة صياغته قصصيا ... ولكن الحدث بحد ذاته عادي ويتكرر يوميا .. وهنا تبدأ عملية الأبداع الحقيقية ... معرفة الربط بين الواقع والخيال ، وليس شرطا ما اكتشفته من الاتصال التلفوني ومن اعتراف العاشق ... هذا لم يعد له أهمية لأنه الشيء الذي نسمعه ويتكرر الاف المرات ... فكان لا بد من الغوص بقضايا مجتمعنا وعقليات ما تزال سائدة وتقود الى اخلاقيات مضادة لها .. ومعرفة توظيفها مع اللعبة التي بداتها وأظن انها ليس اللعبة الأولى أو الأخيرة التي انفذها لأكتشف قصصي ... أحيانا بلا وعي لما اريد ان أصل اليه ، ولكن تبين لي مع الوقت ان كل لعباتي قادتني الى أعمال قصصية وروائية .. لذا الخيال ليس كل شيء ، الواقع ليس كل شيء .. بل معرفة الدمج ين الخيال والواقع وتوظيف اللغة المناسبة .. وانا أؤكد على أهمية اللغة وعظمتها ومعرفة اسرارها التعبيريةفي العمل القصصي أو المقالة السياسية أو النقدية .. لكل جنار لغته المختلفة واسلوب صياغة وتركيبة مختلفة .. ... (لا أعني معرفة القواعد .. والصرف والنحو ..) ، انا لم أدرس اللغة العربية الا للصف الثامن ابتدائي ، وكان معلمي للغة العربية لا يعرف القواعد وهو من نوع المعلمين الذين وظفهم جهاز الحكم العسكري بعد نكبتنا عام 1948 ليخلق منا جيل من الجاهلين بلغتهم وثقافتهم وقوميتهم ... ولكن خسئوا . امي كانت مدرستي التي علمتني القراءة والكتابة السليمة وانا في الصف الثالث .. وعلى صفحات جريدة الحزب الشيوعي في وقته .. لغتي تطورت بفعل قراءاتي الواسعة بالأساس .. وكثيرا ما اواجه تهجمات على وقوع أخطاء في نصوصي اذ اني أعتمد في الكتابة على السمع ولست بقادرا على العودة لكتب القواعد .. ومع ذلك انا املك ليس لغة فقط ، وقدرات في التعبير .. انما لي القدرة على جعل الكلمات في نصوصي قنابل ثقيلة الوزن . كنت اتمنى ان لا أغرق بالكتابة السياسية أو النقدية ، بل أن أتفرغ فقط للقصة والرواية .. ولكن واقع ثقافتنا وواقعنا السياسي جرفني الى ما لا أحب .. هل لي بفنجان قهوة آخر ... ؟ بلا سكر اذا أمكن ..!! |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[frame="1 10"]
[align=justify] أهلاً وسهلاً بك أستاذ نبيل ، لمناقشة قصتك الرائعة " الشيطان الذي في نفسي " الأديب والناقد الفلسطيني الذي نفتخر ونعتز به وبأعماله والشكر موصول للأستاذة ميساء على هذه الفكرة الرائدة دخلت الآن فقط للترحيب ولي عودة للنقاش أستاذ نبيل تحياتي وعميق تقديري [/align][/frame] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
أخي الغالي الأستاذ نبيل .. مرحبا بك .. و الله إن ميساء لصاحبة المفاجآت السارة .. نكهة القهوة ستزداد عذوبة بوجودك هنا .. مرحبا بك وأهلا وسهلا ..
سيكون ترحيبي هذا مرفقا بسؤال واحد .. وهو مسألة الإثارة في القصة كما في الرواية أو الأفلام - وأقصد بها الإثارة الجنسية التي تعتمد الوصف -.. هل أنت مع الذين يدافعون عن هذه الإثارة بحجة أن الواقع والحبكة القصصية والدراما السينمائية تتطلب هذا ؟ لي عودة مع سؤال آخر إن شاء الله . سأدعك ترتشف قهوتك على مهل قبل أن تجيب .. مع حبي وتحياتي . |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=right]
الأديب رشيد الميموني الجنس في هذه القصة .. سبب لي انتقادات تافهة كثيرة . ذهب بعضها لالغاء صفة الأدب عن القصة . الأدب هو الحياة بكل ما تحملة من تفاصيل .. والجنس في القص ، كل قصة أو رواية او شعر .. هو قضية انسانية بالمقام الاول . السؤال ما هي مبررات استعمال الجنس ؟ الثرات العربي كان أكثر اباحية ..الجنس في قصص الدين والأحاديث لا يحتاج الى اشارة . أجمل آداب العرب كان الجنس في جوهرها . السؤال : هل نستعمل موضوع الجنس في اعمالنا الأدبية لدفع الناس الى الاباحية ؟ ام نتطرق للجنس كحالة انسانية ؟ ربما الذهنية العربية الماضوية ترى بالجنس أكبر المحرمات .. ولكنهم يمارسون أبشع أشكال الجنس العبودي والقذر تحت صيغ تُختلق باسم الدين والدين منها براء. يجب تحرير عقلنا من الحواجز التي وجودها يجعل الجنس مدمرا للإنسان والمجتمع . اما قضية الاثارة الجنسية في الوصف فهو جزء لا يتجزا من نقل الواقع الذي نعيشه .. ومن اثارة الدهشة لدى القارئ .. هل تعتقد ان اسبدال الوصف الجنسي بخطبة ، بخطبة ،أو موعظة أخلاقية ، أو فتوى فضائية .. سيبقي قيمة للقصة ؟ الأداب والفنون بكل اشكالها تفقد حرارتها بدون الجنس ... اقرا هذه القصة التي ذكرتها في مقال "سياسي ثقافي" عن اسلوب تفكير بعض الساسة والادباء عندنا.. هل يمكن حذف الجنس منها ؟ [frame="13 98"] تزوج عجوز طاعن في السن من صبية ناضجة مثل زهور الربيع. بعد زواجهما بشهر واحد، ذهب العجوز لمرشده الديني ( أو السياسي ) شاكيا همه. قال: تزوجت يا سيدي من صبية تحبني وأحبها، ومع ذلك لم أنجح بايصالها الى قمة اللذة، فتكاثرت شكواها، وهذا الأمر يثقل على حياتي معها، فما العمل؟ قال المرشد الديني بعد تفكير: عليك يا أبني باستئجار شاب يقف فوق سريركما ومعه فوطة يلوح بها حين تعاشر زوجتك .. وعندها لا بد ان يحصل ما ترجوه. وهذا ما كان. استأجرالعجوز شابا، ووقف الشاب يلوح فوق سرير الزوجين بفوطته. ولكن الزوجة لم تتغير حالها وازدادت شكواها .. عاد العجوز الى مرشده الديني شاكيا باكيا حظه العاثر. طالبا حلا لمشكلتة مع زوجته الناضرة. قال له مرشده الديني: لا تجزع ، لكل مشكلة حل. يجب ان نغير الأدوار الآن. الشاب ينام مع الزوجة في السرير، وأنت تقف فوق رأسهما ملوحا بالفوطة. ونفذ العجوز أوامر مرشده الديني ، وقف ملوحا الفوطة فوق رأسي الشاب وزوجته الصبية التي دبت فيها الحياة، وبدأت تتأوه وتتلوى لذة وانبساطا .. فازداد تلويح العجوز بالفوطة توترا وهياجا. وعندما انتهى الشاب من واجبه، نظر اليه العجوز شذرا وصرخ به: يا ابن القحبة، أنت لم تلوح بالفوطة بشكل صحيح، كان يجب ان تلوح مثلي .. هكذا !! [/frame][/align] وهذا حالنا مع رافضي الجنس في الأدب |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
حقا هذا هو الواقع .. لكن بعيدا عن موقف الذين ينددون بالإثارة الجنسية سواء في القصص و الروايا ت أو في الأفلام و يكون تصرفهم مناقضا لما ينادون به ، ألا ترى معي أن الأدب والفن يمكن أن يعبرا عن الجنس بالإيحاء و عدم السقوط في الابتذال مادام الهدف ليس هو الجنس وإنما هو معالجة مشكل ما وإبلاغ الفكرة إلى القراء أو المشاهدين .
دمت بكل الود و التقدير |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
انا كاتب . أمارس حياة طبيعية . لست راهبا في صومعته . ولست ماضويا في تفكيري.. أتعامل مع الواقع ولا انتجه . افككه وأبنيه من جديد بما يتلائم مع اللعبة القصصية .الجنس في الأدب مثل قطرات الماء لظمآن في صحراء ... عندما أكتب أعطي للنص كل ما أستطيع من زخم المشاعر.. حتى لو كان نصا نثريا في موضوع غير قصصي ... في القص الوضع يختلف .. يجب ادخال القارئ لكل الحالات التي تطرحها القصة .. لا لن أكتب ايحاءات لأظهر كأخلاقي .. واذا استعملت اسلوب الايحاء أحيانا فلأني أستطيع عبره ان أدخل القارئ الى حالات أكثر تهيجا في توقعاته ... في "الشيطان الذي في نفسي " لم أتعمق في المشاعر والاثارة .. ربما يصح ان نسميها كتابة من الخارج .. القصة بحد ذاتها تتناول أحداثا جنسية ، وهناك فرق شاسع بين وصف الانصهار بحد ذاته وشد أعصاب القارئ واثارته .... والكتابة شبه الاخبارية في النص القصصي عن العلاقة بين بطلي القصة. ربما أكون قد أضعت فرصة لتوسيع النص في "الشيطان الذي في نفسي ".. لوصف اللقاء في القاهرة والاندفاع لأحضان بعض بتفاصيل مليئة بالاثارة ..السؤال هل كان ذلك سيضيف شيئا يرفع من قيمة القصة ؟ لا أظن .
يجب اعطاء النص حقه الكامل .. ومعرفة مستوى استغلال عناصر الدهشة والاثارة بكاملها ، ولكن ليس أكثر من المطلوب حتى لا نقتل ترابط النص واستمراريته في ذهن المتلقي - القارئ .. الاضافة مثل المبالغة لا تخدم الفكرة القصصية بل تقتلها . على الكاتب ان ينمي جهازه الحسي والعقلي لمعرفة حدود الكتابة والممكن والمطلوب ... والويل لمن يحول القص الى فلسفة ميتافيزيائية... بل الى منطق كما في هذه الحكاية : [frame="10 98"] "جاءت امرأة الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس يقوم الليل ويصوم النهار! فقال رجل في المجلس معقبا : ما سمعت شكوى أمر من هذه . فقال عمر: ما تقول؟ قال : تقول انه ليس لها من زوجها نصيب. فأرسل عمر الى زوجها وأمره بتخفيف العبادة واعطاء زوجته نصيبا من وقته ". [/frame] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
اقتباس:
مساء الخير الأستاذ نبيل عودة قرأت لكم العديد من الموضوعات ولا أنكر عظيم أعجابى بها من ناحية الأسلوب والصنعة والأفكار والتشويق وأن كان هناك ملاحظة على ذكر بعض الكلمات والشتائم السوقية وقد ذكرت للاستاذ فى ردكم عن الاباحية فى قصصك انها (أن الادب هو الحياة بالتفصيل) ألا ترى معى أن الأدب من أهم وأعظم أهدافه الرقى بالمشاعر والالفاظ وخروجها من حيز البوهيميه والغرائز الغير محكومة والدونيه ؟ ولكنى أرى فى قصتكم الاخيره العجوز الذى تزوج صبية والتى ذكرتها فى ردك للاستاذ/ رشيد خروج عن النص فى الالفاظ والمعنى مثال ابن القحبه ومغزى وقوف العجوز يلوح للشاب بالفوطه وهو يضاجع زوجته استاذ /عودة الفن القصصى بلا حدود والانطلاق فى هذا الفن مطلوب ولكن لنكن نحن أصحاب الحدود المنطلقة من الأخلاق والألفاظ الراقية والموضوعات المفيدة لأن كل كلمة عليها رقيب من عند رقيب مقتدر هل يمكن لأبنتك أو حفيدتك أن تقرأ قصتك بصوت عالى أمام والديها ؟؟؟؟؟ أذا أجبت عن هذا السؤال بنعم فانطلق كيف شيئت فى الفن القصصى اللامحدود وأذا أجبت بلا فهناك بعض الضبط لحدود الادب القصصى ولا نكن نحن امتداد للفضائيات المحمومة ولمواقع الاباحية ويمكننا التعرض للجنس من خلال التلميح وليس التصريح :sm153: أرجوك أن تتقبل كلامى بمحمل طيب وقلب صافى من تلميذه تحبو على ركبتيها فى عالم قد تستمر أو لا تستمر فيه كل احترامى وتقديرى لموهبتك التى أسأل الله ان يديمها عليك وتنفع بها الناس ويجزيك الخير بسببها .......... أمال حسين |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الأخت آمال حسين
ما هي الحدود المنطقية في اللغة؟ وهل هناك فصل بين الحياة وين اللغة ؟ وهل تظنين ان حفيدتي أو حفيدتك مستقبلا .. ستسمع ، أو تقرأ ... الكلمة التي " تجرح المشاعر " لأول مرة في نص قصصي ؟ حاولي تغيير الكلمات التي أزعجتك من حكاية العجوز والفوطة ، ماذا سيتبقى من الحكاية ؟ انت تريدين انشاء لغة جديدة ... على قاعدة الرقابة الصارمة ... الى أين ستصلين في الكتابة الابداعية ؟؟ تأكدي الى لا شيء .. الى صياغات تخرج من الثلاجة بلا حرارة. هل يحق لحفيدي ما لا يحق لحفيدتي؟ رجاء انزلوا عن هذه الأفكار العقيمة .. بعض التعابير " التي تجرح المشاعر " هي لغتنا وأدواتنا .. والفن معرفة أين يجوز استعمالها وأين يحظر ذلك ... لا يوجد طابو على الكلمات .. مرة أخرى اردد ما ذكرته بأن تراثنا كان أجرأ في تطرقه للجنس .. فهل نلغي التراث حتى لا تقرأه حفيدتي وأترابها ؟ وهل أمنع حفيدتي من قصص الدين .. وكل الديانات ، لأنها تفيض بالجنس والجنس الاباحي ؟ وهل نلغي الأحاديث التراثية لأن فيها ما يجب توريته واستبداله وضبطه وجعله تلميحا والى آخر هذه الصياغات ..؟ وهل نقوم بثورة أخلاقية ( على غرار الثورة الثقافية الصينية ) نحرق فيها كتب التراث مثل "طوق الحمامة "( نموذجا ) حتى لا يقراه صغارنا ؟ اذا كانت مفردات اللغة تحدد انطلاقتك الابداعية وتبعث الخوف في قلمك ، وتشغلك بما هو جائز وما هو محظور في لحظة الابداع .. فلن تصلي الى شيء واتركي هذا الكار لمن يملك الجرأة ... فلن تبدعي أدبا . اقرأي هذا النص للشاعر مظفر النواب ، واقترحي ان نغير بعض تعابيره النابية - ماذا سيتبقى منه ؟ : [frame="10 98"] القدس عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ووقفتم تسترقون السمع وراء الأبواب لصرخات بكارتها وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفاً وصرختم فيها أن تسكت صوناً للعرض فما أشرفكم! اولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟؟؟ اولاد القحبة لست خجولا حين اصارحكم بحقيقتكم ان حظيرة خنزير اطهر من اطهركم تتحرك دكة غسل الموتى اما انتم لا تهتز لكم قصبه [/frame] وارجعي للروايات الحديثة ارجعي لكل الأدب العربي الرائع الحديث ... ستجدين ان للكلمة "النابية " ، أو التفاصيل "الحرجة - غير الأخلاقية ؟!" لحظتها العظيمة التي لايمكن ايجاد تعبير لغوي أكثر مطابق منها للحظة الروائية . لا لست شديد الحساسية للنقد والرأي المناقض .. نحن نتحاور من أجل الوصول الى أسمى الأشكال الابداعية .. ومن هنا شرعية المواقف .. تحياتي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=justify]
تحياتي أستاذ نبيل .. تحياتي للجميع.. أستاذة أمال حسين كدت لا أصدق ما ورد في مداخلتك، وأرى أنه كان يمكن إيصال وجهة نظرك بأسلوب أكثر انفتاحاً وتعمقاً في معنى النقد وأكثر لباقة مع أديب كبير. سيدتي الكريمة الاختلاف بالرأي أو اختلاف الرؤيا مسألة صحية وإيجابية بشرط ألا نحجر أونتسرع في الحكم الشاعر الكبير نزار قباني قامت الدنيا عليه وسميّ بالشاعر الإباحي ، ومع هذا كل الحروب التي شنّت عليه لم تؤثر مطلقاً على نجوميته وشعبيته الواسعة وحب الناس لشعره خصوصاً وأنه كان يكتب لكل الناس على اختلاف مستوياتهم الثقافية، معتمداً الأسلوب الذي يسمّى " السهل الممتنع ". القاص يوسف السباعي كان يغوص كثيرا في العلاقات وتفاصيلها ومع هذا فرواياته من أنجح الروايات. لكل أديب وقاص أسلوبه والفرق بين الأديب والكاتب الإباحي هو الأدب نفسه بين الأديب والمتطفل على الأدب، فالأديب القاص حين يتناول بعض تفاصيل العلاقات الجنسية إنما ليوظفها في خدمة النص والرسالة التي يود توجيهها أو المشكلة التي يسلط عليها الضوء من خلال أقصوصته، في حين أن الكاتب الإباحي هو من يكتب خصيصاً لإثارة الغرائز بأسلوب رخيص ويكون هذا هو هدفه تحديداً بدون أي رسالة ذات قيّمة يود إيصالها للمتلقي، والفرق واضح تماماً. لكل أديب أسلوبه ورسالته التي يود إيصالها، فالقاص الذي يسلط الضوء على بعض الآفات الموجودة غالباً ما يتناولها بصورة تلامس الواقع إلى حد كبير. أنا أكتب القصة ونلت أول وسام على قصة كتبتها ولم أكن بعد تخطيت سن الطفولة تماماً، لكني أكتب بأسلوبي وشخصيتي، بصمتي التي تعبر عني ولعلّي أجنح كثيراً للخيال لأن هذا طبعي ربما ولأني بتركيبتي خجولة. لو أخذنا القصة التي نتناولها هنا وهي " الشيطان الذي في نفسي" أرى أنها تسلط الضوء على مشكلات موجودة في مجتمعاتنا، مشكلة تحكّم الأهل بمصائر أولادهم والتفرد بالقرار عوضاً عن بناتهم من سيكون شريك حياتها وكيف يمكن لمثل هذا التعنّت أن يؤدي بفتاة عفيفة إلى زوجة خائنة وإمرأة زانية. من جهة أخرى هي رسالة أيضاً للشاب الذي يرضى الزواج من فتاة يتضح له منذ أيام الخطوبة بعدها النفسي وغربتها الوجداية عنه. المرأة التي تحب لا تغفر أبداً الاستهتار بمشاعرها وفرض رجل غريب عن روحها ونفسها ومشاعرها. الرجل قد يستطيع أن يعاشر امرأة غريبة عنه وجدانياً ولكن المرأة جسدها حصن لمشاعرها ومن الصعب أن تفصل بينهما ولهذا يعتبر الزواج بالاكراه إسقاط لحصونها وانتهاك قهري وتشويه لحرمات نفسها وروحها وكيانها ( انتهاك إنسانيتها )، ولعلّ أكثر النساء الخائنات في مجتمعاتنا كان السبب لسقوطهن هو الانتهاك الذي يفرض عليهن باسم الزواج الذي يقرره الأهل. القصة تسلط الضوء على مشكلة اجتماعية حقيقية موجودة تعاني منها الفتيات لتكون هي المجني عليها وهي الجانية جراء تعنّت الأهل على الرغم من وقوف كل الديانات موقفاً واضحاً وصريحاً ضد هذا الإكراه. أنا كمسلمة أعلم أن هذا العرف طمس حتى التحذير الديني الذي وضحه الرسول صلى الله عليه وسلم، في تناوله لمفهوم الزواج وأهم شرط لصحة عقد الزواج هو الإيجاب والقبول وإلا يعتبر العقد فاسداً لو تمّ بالإكراه والزواج باطلاً، أو كما يصفه البعض زنا مشرّع. تحياتي وكل الشكر والتقدير [/align] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
أخي الغالي نبيل ..
في هذه الفسحة الممتعة من الحوارالدافئ .. أود لو تحدثنا عن نفسك قليلا حتى نعطي حقا الدفء لهذا الحوار الممتع .. ولكن هذا لا يمنع من وضع سؤال يؤرقني : - هل تعتقد أن الأدب بكل أصنافه قادر الوقت الحاضر على التأثير في مجريات الأمور على الساحة العربية والإسلامية ، في ظل تفشي الأمية وعزوف الشباب عن القراءة ؟ تحياتي ومودتي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
http://www.nooreladab.com/vb/mwa2008...c/mwa/wait.gif استاذي الكريم نبيل عودة اتيت لتقديم فنجان القهوة بدون سكر حسب طلبك واقول لك مستمتعين جدا بالحوار الدافيء معك أشكر كل الأحبة على تواصلهم الرائع اتركك استاذي للاجابة على الأستاذة هدى الخطيب والأستاذ رشيد الميموني ولي عودة قريبة ان شاء الله |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
شكرا لهدى الخطيب .. مداخلتك قاطعة .. مع ذلك أنا لست ممن يرعبهم النقاش او النقد وتناولت حديث الأخت أمال حسين باطاره الحواري.. وهي أسئلة مشروعة طرحت وتطرح علي دائما .. وأراها تقليدية ولا تطرح في المجتمعات المتنورة التي عبرت هذه المرحلة منذ مئات السنين. ولكن لا بأس .. معركتنا تربوية ثقافية صعة جدا في مجتمع تسوده فتاوي ارضاع الكبير والتبارك ببول الرسول وحق المرأة بضرب زوجها ( طبعا بعد ان يطير كل اسنانها ويورم وجهها ورما تدفن قل ان تقوى على رفع يدها ) وقتل الميكي ماوس وان من يستعمل يده اليسرى يخدم الشيطان ، وان الكرة الأرضية مسطحة وشيخ سعودي " عظيم " اسمه الباز يصدر كتابا "علميا " تحت اسم " الصقر المنقض على من ادعى كروية الأرض " .. وشيخ فضائي يصف نساء الجنة بالبث الحي والمباشر ، ويكاد يدخل في "اورغيا" على الهواء مباشرة ( لدي الرابط المصور لمن يشك بقولي )... ومئات المضحكات المبكيات .. . هذه حقائق حياتنا وعلينا كمثقفين ان نواجهها ونصدها ونقمعها .. وللأسف ، أرى اننا نتطور الى الخلف ..
الأديب رشيد الميموني يطرح تساؤلا يقلقنا جميعا وهو تساؤل هام وخطير - عن الأدب وقدرته على التأثير في مجريات الأمور على الساحة العربية ( ما دخل الاسلامية هنا يا رشيد ؟ ) ، في ظل تفشي الأمية وعزوف الشباب عن القراءة ؟ للأدب كما لكل حركة اجتماعية ، فكرية وسياسية ، تأثيرها المفترض ... لا شك لدي ان المبدعين العرب أثروا حياتنا الثقافية ، وساهموا بتنمية وعينا الثقافي والوطني .. ولكننا في العقود الأخيرة نشهد تقلصا مقلقا لدور الثقافة والأدب .. وتراجعا مؤلما .. الانسان الذي همه الحصول على رغيف الخبز هو خارج الحياة الثقافية للمجتمع ... هو خارج الحياة بفهومها الانساني الواسع. المجتمع الذي لا يقلق لوجود امية واسعة بين أبناء شعبة ،لن يقلق لحال الثقافة والمثقفين ... هل تتوقعون ان نربي أجيالا قارءة في أحضان امهات اميات ؟ المجتمعات التي تعاني من بطالة وانعدام التنمية المتواصلة لخلق فرص عمل جديدة . هل ستهتم بالأدب والادباء؟ عندما يتبين من مصادر بحثية دولية ( الامم المتحدة ) ان أكثر من 85% من ابناء الشعب المصري مثلا دخلها بين دولار واحد الى 3 دولارات يوميا .. هل تظن انه سيبقى للثقافة مساحة لمنافسة الفقر والجوع وكسب قراء والتأثير عليهم ؟ بالطبع لا أنوي التوسع حتى لا يتحول الحوار الى طروحات بعيدة عن الأدب وعن المساحة التي تشغلها القصة موضوع الحوار .. انا متألم من عجزنا الواضح في الانتشار وان يصبح صوت المثقف هو الكلمة الفصل . هناك اشكالية عويصة أخرى ... لغتنا . في دراسة ، قامت بها طالبة من شمال افريقيا كما أذكر .. حول مكانة اللغة العربية .. وما هي اللغة العربية الرسمية في الدول العربية .. هل هي اللغة الكلاسيكية أم لغة القرآن ام لغة عربية مبسطة .. تبين لها ان الفوضى عارمة ، وليس هناك لغة محددة كلغة رسمية ، وكل دولة عربية تنشئ اصطلاحاتها الخاصة ، أحيانا تبدو متناقضة تماما مع اصطلاحات دولة أخرى أو غير مفهومة الا لبعض السكان .. عدا مشكلة اللهجات المحلية الكثيرة جدا ، وبحالة الأمية المنتشرة لا يوجد تواصل ليس بين الشعوب العربية ، انما أحيانا بين مناطق مختلفة في لهجاتها داخل حدود الدولة الواحدة. والأخطر كان انها توصلت الى أن 80% من المواطنين العرب ، لا يفهمون مفردات اللغة العربية البسيطة المستعملة بوسائل الاعلام . . أي لغة الصحافة .. وبالتالي هم خارج الفعل الاجتماعي والثقافي والسياسي لدولهم . هل تتوقع من الذين يعرفون القراءة ، ولكن لا يفهمن المقروء ، أن يقرأوا ويتأثروا بما نكتب؟ المجتمع العربي داخل اسرائيل يبدو أكثر المجتمعات العربية تخلصا من الامية .. ومجتمع حقق انجازات تعليمية كبيرة .. ومع ذلك هناك مشكلة في فهم المقروء لدى اوساط واسعة من المواطنين العرب .. بالطبع هناك تأثير سيء للغة العبرية .. ولكني أرى ان السيء أكثر هو عدم تطوير لغة الضاد . و" تخليصها " من حركة الآخر وعلامات الاعراب الأخرى ، كما حدث في لغتنا المحكية . وعلاماتى الاعراب ، كما لا يخفى على كل مهتم باللغة العربية، عبء على الكاتب والقارئ والمترجم. ان نحو لغتنا الفصيحة بقي صارما ، تحكمه القواعد التي وضعها سيبويه وأقرانه منذ مئات السنين ، فيما عدا تغييرات طفيفة أملتها الحياة المعاصرة، ويعتبرها " الغيورون" خروجا على اللغة طبعا .هل هناك لغة حديثة يحكمها نحو وضعوه قبل مئات السنين، ولم يؤلف فيما بعد - في رأينا- نحو حديث يتناول ضبط اللغة الحديثة؟ كيف يمكن للغتنا ان تخضع لسيبويه والكسائي الى أبد الآبدين...( من بحث لبروفسور سليمان جبران ) كل ذلك يعيق انتشار أدبنا وانتشار تأثيرنا .. وليس سرا اني فشلت في قراءة كتاب الاستشراق لادوارد سعيد مترجما للعربية من مترجم لغوي كبير .. وقرأته باللغة العبرية وزملاء لي أخبروني بنفس المشكلة وبعضهم قرأه بالانكليزية وليس بالعربية لأنهم لم يفهوا لغة الترجمة المعقدة ... اذ كانت هذه حال مثقفين اكاديميين ، فما هي حال الانسان البسيط ؟ عن نفسي ما زال الوقت باكرا؟ [gdwl]أجل .. لا أرفض فنجان قهوة آخر .. شكرا .[/gdwl] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الاستاذ والاديب نبيل عودة
الاستاذة ميساء مستضيفة اللقاء الجميل تحية وبعد الاستاذ الكريم نبيل عودة كلماتك ووصفك في تعرية الواقع وفي فكرية العفوية في نظم الكلمات والمثال الرائع لكلمات الشاعر مظفر النواب وجمالية الكلمة النابية في موقعها المناسب في وصف او تعرية حقيقة معينة ، يؤدي بي في النتيجة الى طرح السؤال التالي عليكم ان كان استاذنا ومبدعنا يرى ان مكانة كلمة الهجاء السياسي والوصف وان كانت نابية لكنها في قلب وصف الواقع ، مناسبة لجهة الكاتب كاستخدام ادبي عند وصف واقع الانظمة والواقع العربي بكل احواله المعاصرة المتهالكة بكل معانيها؟ وهل هناك ضوابط ادبية تحد من استخدامات كلمة الهجاء او الوصف السياسي برايكم؟ دمتم ودام ابداع وحرية حرفكم |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الأستاذ العزيز عمران الشيخ طبعا ارحب بك في هذا الحوار الدافيء واتمنى ان تبقى معنا لنهاية الحوار فقط احب ان الفت نظرك الى موضوع الحوار الدافيء وهو قصة الاستاذ نبيل عودة الشيطان الذي في نفسي فهي التي نريد ان نوسعها نقاشا ً وليست امور جانبية ليس هنا مكانها احبتي النقاش والحوار محدد بالقصة الشيطان الذي في نفسي اتمنى قرائتها بتمعن وطرح الأسئلة المناسبة واعتذر من الاستاذ نبيل لاننا تشعبنا بالنقاش نريد العودة الى القصة لو سمحتم ولي عودة |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الاستاذة والعزيزة ميساء
توجيه سليم وفي مكانه ، وتساؤلي فقط كان مبني على رد وتساؤل الاستاذ الكريم المبدع نبيل عودة ما هي الحدود المنطقية في اللغة؟ وهل هناك فصل بين الحياة وبين اللغة؟ وليكن السؤال هل يستطيع الانسان منا ان يعرُف الشيطان في نفسه؟ وكيف يستطيع الانسان منا ان يعيش وان يصف الحياة بواقعية؟ وشكرا استاذتي لهذا اللقاء الجميل مع الحرف الحر والمبدع نبيل عودة. |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
اخي الغالي عمران الشيخ شكرا ً لتجاوبك الكريم وتفهمك الرائع لطبيعة الحوار اهلا بك دائما وابقى معنا |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=right]
الاستاذ عمران الشيخ .. اذا كان قصدك بالضوابط الأدبية ، الضوابط الأخلاقية ، كما يتبن من صيغة النص .. فهذا قائم دائما في وعي الكاتب ، وبغض النظر عن اللون الثقافي الذي يمارسه. بالطبع هناك قيود .. قيود تطرحها الأتيقا الصحفية والثقافية ويطرحها العقل ، والا تحولت الكتابة الى ردح وشتم مما نسمعه في الشوارع . .. ويمكن ان يستعمل المتمكن من القلم واللغة ، صياغة ظاهريا بريئة ولكنها مؤلمة في تركيبتها أكثر من قذيفة مدفع ، دون الهجاء أو تعابير نابية .. فقط الضعيف يلجأ للتعابير النابية ... أستطيع ، ويستطيع كل مبدع حقيقي ، ان يقول ما يريد دون استعمال الكلمة المؤذية .. وهنا تكمن القوة كلها. [/align] [align=center] [frame="10 98"] قال المنصور لأحد الخوارج : عرفني من أشد أصحابي اقدما؟ فقال: لا أعرفهم بوجوههم ، فاني لم أر الا أقفائهم !! [/frame] [/align] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=right]
الاستاذ عمران الشيخ .. اذا كان قصدك بالضوابط الأدبية ، الضوابط الأخلاقية ، كما يتبن من صيغة النص .. فهذا قائم دائما في وعي الكاتب ، وبغض النظر عن اللون الثقافي الذي يمارسه. بالطبع هناك قيود .. قيود تطرحها الأتيقا الصحفية والثقافية ويطرحها العقل ، والا تحولت الكتابة الى ردح وشتم مما نسمعه في الشوارع . .. ويمكن ان يستعمل المتمكن من القلم واللغة ، صياغة ظاهريا بريئة ولكنها مؤلمة في تركيبتها أكثر من قذيفة مدفع ، دون الهجاء أو تعابير نابية .. فقط الضعيف يلجأ للتعابير النابية ... أستطيع ، ويستطيع كل مبدع حقيقي ، ان يقول ما يريد دون استعمال الكلمة المؤذية .. وهنا تكمن القوة كلها. [/align] [align=center] [frame="10 98"] قال المنصور لأحد الخوارج : عرفني من أشد أصحابي اقداما؟ فقال: لا أعرفهم بوجوههم ، فاني لم أر الا أقفائهم !! [/frame] [/align] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
استاذي الكريم نبيل أعتقد انه جاء دوري في السؤال والاحبة بالتاكيد لن يتركوا لي الفرصة لذلك امنحني انت الفرصة استاذي واجبني عن اسئلتي :sm215: استاذي نبيل عنوان القصة الشيطان الذي في نفسي عندما بدأت في القراءة كنت ابحث عن الشيطان كنت اريد ان اكون اول الممسكين به ظننت انك تقصد الموظف فبت اتربص به ثم أدركت ان الشيطان قد يكون زوجة المحامي أي عشيقته وارتحت الى هذه الفكرة ولكني في النهاية تفاجأت به هو الشيطان الذي في نفسه كل منا بداخله ربما شيطان وربما شياطين لكن كيف استطعت وسط كل هذه الشياطين ان تركز وتلفت النظر الى الشيطان الذي في داخله هو بالرغم من ان الأمر ظاهريا ً يذهب الى الشيطان الذي في نفس الموظف وعشيقته ولكنك أدرت الطرف الى الشيطان الذي بداخله هو ونجحت في ذلك فكيف لك ذلك ؟ بالنسبة لفكرة الانتقام المطروحة في القصة الا يوجد بعد آخر غير الانتقام يعني اثنين التقوا بعد غياب وحرمان فأول شيء بيخطر في بالهم هو اختلاس اللحظات السعيدة وربما كانت هي تريد الحمل لأنها تعشقه فلماذا ركزت على فكرة الانتقام طالما كان زوجها لطيف معها بالرغم من برودها تجاهه ؟ وطبعا لي عودة بإذنه تعالى وبجيب معي القهوة ولا يهمك استاذي نبيل |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الصابرة على مداخلاتنا السيدة ميساء فقط هذه المداخلة
فالحوار مع الاستاذ المبدع مشوق الى ابعد الحدود ، سيدي " اولاد القحبة هل تصرخ مغتصبة؟" جمالية وهول المشهد وبراعة التصوير وقوة التعبير كانت في الكلمة النابية في هذا البيت فكيف نستطيع تفسير قوة الكلمة النابية قوة ام ضعف او الموقع والقلم المناسب في الوقت والتصوير المناسب؟ دمتم بخير |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
ميساء البشيتي .. تحية
أسئلة مشروعة ولكن لاجواب لدي .. صدقيني لا أعرف لماذا ركزت على فكرة الانتقام ... وساكشف لك سرا كنت أعمل مديرا للانتاج في الصناعات المعدنية ، عندما شم شيطاني رائحة القصة .. ورغم ضغط العمل ، حيث ادير مصنعا تكنلوجيا ضخما يعمل فيه أكثر من 120 عاملا .. عدا الجانب الفني الهندسي مع غرفة الهندسة ، والجانب الاداري مع أصحاب المنتوج ، من فحص جودة الانتاج ، ومراحل الانتاج .. وتحضير برامج عمل لمدراء الأقسام في المصنع ، الا ان شيطاني أرغمني على ايجاد فسحات ضيقة من الوقت لأسجل القصة بتفاصيلها الأولى .. وانهيت القصة عبر الكتابة المتقطعة وضغط العمل ، وانا عادة سريع جدا في الصياغة بشكل يثير انفعال من يعرفني. . ربما نوع عملي سببا في سرعتي .. حيث أجد نفسي أحيانا امام فكرة لا تقبل التأجيل .. ولا يتبقى منها شيئا اذا لم اسارع بتدوينها خلال لحظات .. الكاتب حين تحين لحظة الابداع لا يفكر بعقله ، بل يستسلم امام ما انتهى تسجيله في ذهنه ، ويغرق بفرح اكتشاف وبناء الشخصيات والأحداث ... الكتابة كلها فرح ونوسطالجيا واكتشافات تهز مشاعر المبدع .وأرفض من يدعي ان الابداع ألم وولادة ومعاناة . حين يدخل المبدع في أجواء الكتابة الابداعية يصبح بحالة شبه انقطاع عن محيطه .. هذا لا يعني انه ينسى ويغيب عما حوله .. بل يستطيع ممارسة الوعي في تنظيم عمله وأفكاره ، والعودة الى اللاوعي في مواصلة نصه . لذلك الكتابة تنطلق من وعي وتجربة... أما النص فيحدد مضمونه التوهج اللاواعي في لحظة الكتابة. هل كان يمكن ان أغير ...؟ بالطبع أجريت تحسينات في النص عند تبييض القصة ، وعادة اراجعها بوعيي أكثر من مرة حتى أستقر على قناعة بأن نصي قد اكتمل.اما مسألة الانتقام- الحدث فهو نتيجة اللاوعي .. عندما أغرق بالحدث القصصي ، ولكني لا أنفي ان الحدث سبق وتشكل في ذهني بوعي كامل بخطوطه العريضة .... وعادة لا أغير بل أحسن النص وازيل الالتباسات والزوائد التي تضر بكمال النص وقدرته على اثارة الدهشة المتواصلة لدى القارئ كما أفهمها بحسي ووعيي . بتفكير معاد الانتقام هو تصعيد لاظهار خطأ التحكم بمصائر الناس حتى لو كانوا ابناءنا . عمران تحية انت أعطيت الاجابة بجسم السؤال .. هل يمكن ان تكون لقصيدة النواب نفس القوة لو حذفنا كلماته الجميلة الرائعة المناسبة للموقف ، التي نسميها خطأ "نابية" ...؟ هي لغتنا وهي تعابير يجب معرفة استعمالها ... هل من المنطق ان نقول للسارق مثلا شكرا لأنك سرقتنا ، أم نوجه له صفعة تنزل راسه من بين كتفيه ؟ اللغة هي لغة ... السؤال كيف ومتى يصح استعمال هذا التعبير أو ذاك . بردت قهوتي .. ونشف ريقي . كأس ماء من فضلكم ؟ |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
:sm227::sm5: دمت لنا معلما ونبراسا دائما وجميلا وشكر سيدتي ميساء
|
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
:nic12: :nic103: حقك علي ّ استاذي نبيل نشفنا ريقك وهي عصير وقهوة وشو ما بدك بس ما تحرمنا من هالحوار الحلو بتعرف استاذي بنفس الفرح اللي انت بتكتب في القصة لما بيجيك الإلهام بنفس الفرح نفسي أعرج على قصة ( كنت معها ) وأضمها للحوار :sm261: مش عارفة شو رأيك ؟؟ فيهم تشابه أليس كذلك ؟ وبرضه ضميري بيؤنبني أن أثقل عليك على كل حال انا راح أعطي فرصة للأحبة إذا عندهم اسئلة جديدة ولحضرتك استاذ نبيل فرصة تشرب قهوتك على مهل وتشرب عصير وماء والله يعطيك الصحة والعافية يا رب :sm113: |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
مساء /صباح الخير
الأستاذ /نبيل عودة طبعاً بدايةً كلامك مقنع ولكن لى رد برئ على بعض الجُمل أرجو أن تتقبله بصدر رحب كما أرجو من الأستاذه / هدى الخطيب عدم الانزعاج لحوارى مع الاستاذ /نبيل فهو فى جلسة شبه عائلية ولم أخرج عن حدود اللياقة والتفتح كما تفضلتى وذكرتى وإلا ماكان الاستاذ /نبيل رد على كلامى بكل هذا الهدوء والتفهم فكلامى مجرد حوار مع أب أو جد فأنا يا أستاذى / الفاضل لست أستاذه ولا غيره أنا طالبه فى كلية علوم بالفرقة الثالثه فى بداية التاسعة عشر من العمر وأحاول أن اثقف نفسى وأستوضح طريقى فلو ناديتنى يا بنت يا أمال لن أزعل لان هذا واقع الحال ................. 1 اقتباس:
أنا هنا لا أريد قيود أو طابور على الابداع الأدبى على الاطلاق ولكن كل ما طلبته هو الأنطلاق داخل الحدود الشرعية الاخلاقية المتعارف عليها والرقى بالكلمة والتعبير ليصل الهدف من كلامنا والا كانت قصص ألأف ليلة وليلة المنقحة تعتبر من الأبداع الادبى وأيضاً الآدب الأباحية القصصية وأفلام وكليبات البرنو كلها أبداع أدبى لأنها تخدم الهدف الذى عُملت من أجله وألهبت الغرائز . ......... 2 اقتباس:
المعركة تربوية ثقافية صعبة طبعاً لإصلاح مفاهيم المجتمع عندك حق ولكن ليست كل الفتاوى التى تصدر عن علماء الدين خاطئه ومنافية للعقل فلما نعظم تلك الفتاوى ونأخذها هى القاعدة والباقى الصحيح هو الإستثناء ؟؟؟ أليس هناك فتاوى لنفس العلماء صحيحة ؟؟ من نظر لتلك الفتاوى الصحيحة وأنصف هؤلاء العلماء بها ؟؟لا أح للأسف وأنت سيد العارفين أن هذا المجتهد ان أخطأ له أجر وان أصاب فله أجران سبحان الله الخطأ بين كأنه الشمس .................. 3 أسمح لى الأستاذ عودة سأقتبس هذا الجزء بالكامل فى ردك على الأستاذ عمران الشيخ اقتباس:
الحق أننى لم أستطع حذف أى جزء من ردك هذا لأان كلمة القيود الاخلاقيه عجبتنى جداً وهذا الجزء من كلامك أوافق عليه بالكامل وهذا ما كنت أطلبه وما خططته تحته هى جمل مخالفه لما ذكرته فى ردك على فى السابق برقم (1) فهنا أشكرك لموافقتى على وجهة نظرى ............ فى الأخير أشكرك لسعة صدرك لى ولمحاورتى معك وأهتمامك وأرجو من الاستاذه هدى ألا تعتبر كلامى مع الاستاذ عودة وقاحة وعدم تفتح كل تقديرى وأحترامى لشخصك وأسفة أن كنت سببت لك أى ازعاج وأرجو ألا أكون مررت قهوتك |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
قهوة الصبح هي دائما أطيب قهوة .. مفعولها مثل الزيت للمحرك ... تجعله يعمل بأقل احتكاكات ممكنة.
ميساء – اسمحي لي ان نتحاور بدون ألقاب ثقيلة الدم .. ربما من الأفضل ان نضع سقفا للحوار حول "الشيطان الذي في نفسي " .. قبل ان ننتقل لعمل آخر .. حتى لا يصبح الحوار تكرارا مملا.... ولكم حرية القرار .. سانشر مقالا نقديا لناقد ومحاضر جامعي من بلادنا ، عن القصة .. وآمل ان تضيف للمحاوين جوانب اضافية .. قبل ذلك لا بد من طمأنة آمال بان طروحاتها مشروعة ولا تضايقني .. ويا جبل ما تهزك ريح .. وبعض أمثالنا الفلسطينية تقول " يا خوف عكا من هدير البحر " استهتارا بهذه القوة الطبيعية التي لم تهزم أسوار عكا ، وعجز حتى نابليون عن هزمها .. ولكنها صارت مبتذلة ومهانة في عصر الانبعاث القومي العربي .. "؟!" بصراحة يا آمال كل الفتاوي باتت للتجارة ... لا منطق في آلية الافتاء .. والويل لمن يحدد تفكيره وعالمه وحياته وقناعاته لما يتفتق عنه عقل شيوخ الفضائيات ودعاة التجهيل . الايمان هو العلاقة الخاصة بين الانسان وخالقه .. وليس العلاقة عبر متحدثين باسم الله ورسوله دون تفويض. الويل لمجتمع يعيش على تنظيرات الباز وزغلول النجار الاعجازية العلمية . تعالي نشاور شخصيتين اسلاميتين عظيمتين .. عبد الرحمن الكواكي والامام محمد عبدة . [frame="14 98"] ما فرطنا في الكتاب من شيء يفسرها المفكر المسلم المتنور الكبير عبد الرحمن الكواكي بقوله : " ان القصد ما فرطنا في الكتاب من شيء من أمور الدين وليس من أمور الدنيا ". أما المفكر والشخصية الاسلامية الاصلاحية الكبيرة محمد عبدة فيفسر : " بأن الزعم بوجود كل ما يحتاج اليه البشر في المعاش بالكتب المقدسة، هو فكر غريب عن الاسلام ، وقد سبق الاسلام اليه رجال الكهنوت المسيحيين في الغرب ( اوروبا )فهم الذين جعلوا هذا الزعم أصلا من أصول المسيحية بقولهم ان الكتب المقدسة تحتوي كل ما يحتاجه البشر من علوم واعتقادات دينية وآداب ومهن وكل المعارف التي يحتاجها العقل البشري". رفض الامام محمد عبدة هذا المنطق وتساءل بسخرية اذا كان يمكن أخذ علم المعادن مثلا بأكمله من الكتاب المقدس ؟! وقد رأى محمد عبدة بذلك ميلا للانعزال عن العالم . [/frame]وعليه يجب الا تجعلنا فتاوي الفضائيات جسما غريبا في عالمنا ؟ لا اريد نقاش أوسع لحساسية الموضوع ومحدودية الفكر الشرقي في مثل هذه النقاشات .. محدوية ثقافية وعلمية بنفس الوقت. ولن أعود للموضوع . عزيزتي آمال .. نقاشك مشروع تماما .. ولا تقلقي من طروحاتك .. [align=center]مراجعة نقدية لقصة "الشيطان الذي في نفسي" للكاتب نبيل عودة[/align] [align=center]بقلم الدكتور : محمد خليل *[/align] [align=right]كانت العرب تعتقد أن لكل شاعر شيطانا، يوحي له أفكاره، ويلهمه نظمأشعاره، وكان يقول أحدهم في آخر: شيطانه أنثى وشيطاني ذكر! وقد اعتاد الأدباءوالنقاد العرب أن يطلقوا اسم الجن، وأحيانا الشيطان، من وادي عبقر، كثير الجن، وذلكمن باب استحضار ربة الشعر، أو ملكوت الشعر، بالنسبة لكل شاعر وشاعرمن المجموعةالقصصية التي تحمل العنوان ذاته ((الشيطان الذي في نفسي)) تأليف الكاتب نبيل عودة،وتقع في 222 صفحة من القطع الكبير، وهي صادرة عن قسم الثقافة العربية، الناصرة، 2002.للكاتب إسهامات إبداعية، وجهوده ملحوظة وعديدة، في إنتاج وصياغة حركتنا الأدبية المحلية، وله العديد من الإصدارات: القصصية والروائية والمسرحية، والمقالات والمراجعات النقدية، في الأدب والثقافة والسياسة. فله منا تحية مودة وتقدير، متمنين له بالمزيد من العطاء والإنتاج الإبداعي، ودائماً إلى الأمام. تعرضت لك المجموعة القصصية لموضوعات متعددة، تلامس مختلف جوانب حياة المجتمع والناس،ومنها: الاجتماعية والنفسية والثقافية والسياسية، لكن أكثر ما يميزها، أنها ليست فنية أدبية فحسب، بل إنسانية وواقعية بالدرجة الأولى. فهي تنبع من صميم واقع المجتمع وحياة الناس. ويحسب القارئ، أن تلك ميزة بارزة فيها، وهي سمة قلما تفارق أدبنا المحلي، إذ تكاد تلازم معظم ألوانه تقريباً. وقد أظهرت بعض تلك القصص، من خلال موضوعاتها المطروحة، كما يبدو، تأثّرا بالأدب العالمي لا العربي فحسب. ومثال ذلك قصة ((الدرجات)) التي تحاكي، من حيث فكرتها، أسطورة سيزيف.يُشار هنا، إلى أن احتفاء المجموعة القصصية، في غالبيتها العظمى، كان منصبا على الواقع، الذي جاء على حساب الخيال، فيما ظهر الأخير مهمشا وحييا، إلى حد كبير. في المقابل، أبدىالكاتب سعة في الثقافة، وغزارة في المعرفة والخبرة، لاسيما في مشكلات المجتمع وهمومه التي يعرض لها، وبالذات ما يسود فيه من أعراف وعادات وتقاليد بالية، ما زالت تثقل كاهل المجتمع، وتحول دون تطوره وتعيق تقدمه، إنه يعي جيداً ما يدور من حوله أو يحيط به، كما يتجلى ذلك في قصص المجموعة.يُقدّم الكاتب تلك القصص بأسلوب ممتع،حتى يتمكّن، كما يبدو، أن يبلّغ رسالته إلى أكبر قدر ممكن من الناس، كما يلحظ القارئ أن أكثر ما يغلب على تلك المجموعة القصصية، أسلوب السرد المباشر، بلغة ضميرالمتكلم أو الغائب، وقد توسعت في التفصيل في عرض الأحداث ووقائعها، لدرجة أنها كانت تصل، أحيانا، حد الشفافية والصراحة والجرأة، وفي الوقت نفسه، تشف عن نقد بناء، يضع الإصبع على الجرح، دون مواربة أو مداهنة، كما أنها تغوص في أعماق شخصياتها، كشفا وتعرية لها على حقيقتها، تماما كما هي، أمام القارئ.وتشتمل المجموعة على مخزون كبير، ومشبع بالمفردات والتعابير الأدبية، التي برزت من خلال أحداث ومضامين مثيرة ومؤثّرة، كذلك، تشعرك القصص ببساطتها، فهي قريبة منك وأنت قريب منها، ربما يعود ذلك إلى أنها جاءت مطعّمة ببعض الأمثال الشعبية، واللهجة العامية، بَلْهَ أنها تلامس حياة الناس وهمومهم. فالأدب، في نهاية المطاف، ليس مرآة المجتمع أو الكاتب فحسب، بل ومرآة نفس كل واحد بيننا، وهو ما يذكرنا بعميد الأدب العربي الذي أجرى حوارا متخيّلاً بين كاتب وقارئ، على النحو الآتي " قال أحد الكتّاب لبعض قرائه: أي الكتب ؤأحب إليك؟قال القارئ: الذي يعرض عليّ صورة نفسي.قال الكاتب: فإن عرض عليك صورة قبيحة؟قال القارئ: إذاً أعلم أنه لم يُرد إلى تصويري، وإنما أراد إلى تصوير غيري من الناس! " (طه حسين: جنة الشوك ، ص118).العنوان أولاً، يعدّ عنوانا لأثر الأدبي، وكل أثر فني آخر، طرف الخيط الذي يمسكه القارئ حال التقائه به أوتماسه معه، للمرة الأولى. ثمة تسميات كثيرة، تحمل سمة الأولية في ترتيبها، يمكن أننصف بها العنوان، منها: نقطة التماس، أو إشارة المرور، أو الشرارة، أو العتبة (وتعني من بين ما تعنيه المكان المقدّس أو الدرجة الأولى)، أو المِفتاح، أو نقطة الاستطلاع، على طريق العلاقة ما بين المتلقي والنص، وذلك قبيل بدء المتلقي رحلته الاستكشافية، في رحاب النص، والتفاعل معه، بغية استنطاقه، واستقراء دلالاته، وفك شيفرة رموزه.تلك تسميات، قد تغري المتلقي وتشده إلى النص، مثلما يُمكنها أن تُحدث العكس أحياناً ، فتنفّره عنه وتبعده منه، وهي تُحيل إلى وظائف العنوان.يُشار إلى أن وظيفة العنوان لم تعد محدّدة، كما كانت عليه إلى عهد قريب، مثال ذلك: كأن تختزل القصة، ولم تعد تعبيرية أو مرجعية باتجاه واحد فحسب، أو كأن تحصراجتهاد القارئ، أيضا في اتجاه واحد مكشوف، ليس أكثر. من هنا قد لا يكون من المستغرب، أن يكتشف القارئ، اليوم أكثر من أي وقت مضى، بأن العنوان أصبح يخفي أكثر مما يبدي، فهو يحمل في طياته أنظمة دلالية سيميائية، موحية وأخرى رامزة، إذ إنه يعدّ نصا قائما بذاته، لكن بصورة مصغّرة، لذا نجد إمبرتو إيكو يقرر: إن على العنوان أن يشوّش الأفكار لا أن يحصرها! والمعنى: أن العنوان حمّال أوجه متعددة! كذلك، ليس بالضرورة أن يكون العنوان مطابقا لأحداث القصة، هذا لم يعد شرطا واجبا. العنوان،يمكن أن يؤسّس، أو يُحيل إلى غير اتجاه إبداعي واحد، في مجالي التفكير والتخييل،وتلك هي إحدى تجليات النسيج الحداثي، الذي لا يني عن التحرك في كل اتجاه أو انزياح ممكن. من هنا، تنبُع أهمية وضرورة أن يتسلح القارئ بالكفاءة الثقافية، والأدبية،والمنهجية.خلاصة القول، يمكن للقارئ أن يتوصّل، كما يُفترض، إلى الاتساق بين العنوان والمضمون، من خلال السياق التأويلي، إن لم يتوصّل إليه في مجرد ظاهر معناه. * ويحسب المرء أن مقصدية الكاتب من قصته ((الشيطان الذي في نفسي)) تكمن في دلالةعنوانها تحديداً، وبذلك تكون قد نأت قليلاً عن الشيطان المتعارف عليه، ذلك الذي يكره البشر، ويعمل على إبادتهم، وإلحاق كل ما هو شر وأذى بهم، إن كان ثمة شيطان أصلاً، كما يعتقد بعضهم، وإنما قد يكون رمى إلى ذلك ((الشيطان)) الخاص به هو، أي بالكاتب نفسه، وكل مبدع آخر، وهو ما أكده الكاتب وأبرزه في عنوان القصة تحديدا، كماتقدّم. وإن كنا لا نسقط، أيضا، الاحتمال الآخر من حساباتنا بالكامل، وما ذلك إلا منباب التوسّع، يُعزّز هذا الاعتقاد ما لمسناه ورأيناه من أحداث القصة ذاتها، لاسيما تلك العلاقة الغرامية التي كانت تنمو وتتصاعد، بين زميل الراوي الموظف ولولو، خارج إطار الحياة الزوجية الشرعية، وعن تلك المغامرات العبثية بينهما، قبل الزواج، ومن بعده، إنه شيطان الحماقة والخيانة والانتقام والثأر والغرائز، وقد ألمح الكاتب إليه غير مرة حين قال " هل ما ارتكبه حماقة؟! خيانة لزوجتي وأولادي؟! أم انتقام من أهلها؟! ...أم هي غرائز بشرية لا قدرة للعقل على توجيهها...إلى أين تقودنا غرائزنا؟! لا أدري"؟! (ص77). هل حقا هي غرائزنا التي تتحكم فينا وتقودنا؟! هذا سؤال قد يُسأل، أو ما يُمكن أن يشي به ذلك الكلام من صراع أزلي محتدم، بين الغرائز منجهة ، والعقل من جهة أخرى!وقد سبق أن أشار إلى الشيطان ذاته، الشاعر اللبناني المعروف إيليا أبو ماضي في ((الطلاسم)) حين قال: ((وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا))! فالإنسان، كما يبدو، يجمع في داخله الملاك والشيطان، في الآن ذاته، هو الشيطان حال كونه شريرا، وهو الملاك حال كونه خيّرا! يُشكّل العنوان، نقطةارتكاز أساسية في القصة، ومن هذا المنطلق، كان يُفترض بالكاتب أن يُبقي على حضوره،ماثلاً في أجواء القصة، لكن الملحوظ أنه (الكاتب) قد انساق، وراء فتنة السرد، وذلك حين أفرط، بشكل لافت، في سرد أحداث القصة، وكشف أوراقها بأدق التفاصيل، ما أدّى إلى إقصاء حضور العنوان إلى الظل لبعض الوقت. فيما ظهر السارد مستقلاً عن الأحداث،عالما بكل شيء فيها منهمكا، في الوقت نفسه، بالعمل على تطوير الحبكة، وإنجازها في مراحلها كافة، وقد بدت متلاحقة ومتسارعة، بشكل تصاعدي، وصولاً إلى نقطة الذروة، ماجعلها مثيرة في ترابطها العضوي والترتيبي، ومؤثّرة في أحداثها وتداعياتها، إلى حد كبير، على المستوى الفردي والجمعي سواءً بسواء. لقد ولجت القصة جوانب عدة من حياة شخوصها، منها: الاجتماعية والعاطفية والنفسية، وأبقت على الباب مفتوحا على مصراعيه،أمام مشاركة القارئ وتفاعله معها، ولا سيما في محاولة معالجة الإشكالية المعروضة،والبحث عما يناسبها من حلول، بما أثارته من تساؤلات ومشاعر جدية حينا، ومربكةأحيانا، في وجه القارئ، وإن كان من أعمار ومستويات مختلفة، لكنها بقيت تنتظرالإجابة، لذلك نترك للقارئ فرصة قراءتها، والتفاعل معها. وأحيانا قد يختبئ الكاتب نفسه خلف كتابته، أي خلف ذلك الأثر الأدبي الذي يحرره. ما يمكن أن يُشكّل قناعا بالنسبة له، بكل ما للكلمة من معنى، إنه يختبئ خلف قناع، فالكتابة قد تشبه القناع إلى حد كبير! تماما مثلما يتسمّى الأديب، أحيانا، باسم مستعار، لكن على الرغم من ذلك، ما كان لهذا القناع أن يحجب عن القارئ رؤيته!وفي الحق،إن هذا التفصيل بالسرد، الذي فاض به يراع الكاتب، في قصته تلك قد أدى به إلى مطها، أكثر مما هو مطلوب، كي يقول لنا في النهاية: ماذا أفعل بالشيطان الذي في نفسي؟ الأمر الذي جعل القصة تعاني من ترهل أو تورم، لكنه، لحسن الحظ، لم يأت خبيثاً بل جاء حميدا، إذ يبدو أن الراوي قد حاول التمويه، والإغراء بالقارئ، وحرفه عن مساره في تتبع ((الشيطان)) الذي في نفسه، والانعطاف وجهة تلك الأحداث العارمة، بما تضمنته من شبق الجنس، وتأجج العواطف والغرائز والإثارة، وحسبه إن كان قد نجح بالإيقاع بالقارئ في تلك الدوامة! واستطاع ببريق تلك الأحداث المستعرة، أن يصرف نظره، ولو إلى حين، عن الأهم؛ ((الشيطان)) الذي في نفس الراوي، إلى المهم؛ الشيطان الذي في نفس زميله الموظف ونفس لولو عشيقته، وربما في نفس كل واحد من الناس. يُولي الكاتب أحداث القصة حصة الأسد منها، بينما نراه يوجز أثناء الكلام عن شيطانه هو، ولم يخصّص له،فيما عدا العنوان، سوى بضعة أسطر فقط، كما ينعكس ذلك في ثنايا القصة، حتى ليخيّل للقارئ كأنما لم يتناوله إلا عرضا، أو أن يكون حقا، قد رمى أو أومأ إلى كل شيطان،وهو ما نستبعده إن أردنا أن نكون قطعيين في الحكم. وإلا وقع الكاتب في ما يمكن أني قع فيه بعض الكتّاب أحيانا، وهو الابتعاد عن مركزية البؤرة في الأثر الأدبي،والانغماس في الأطراف، وإذ ذاك تصبح القصة عادية، لا أكثر ولا أقل، الأمر الذي كاد يؤدي إلى حرف القارئ عن المقصدية الحقيقية للعنوان والقصة، وهو ما لم يرم إليه الكاتب! ليس يساورني أدنى شك، أن الراوي ها هنا، هو الكاتب ذاته، وربما يكون قد كنّى عن كل مبدع آخر، على الرغم من ذلك التفصيل في السرد، والذي استغرق وقتا وحيزا كبيرين، قد تغيّا التركيز على مضمون العنوان وفحواه بشكل خاص ((الشيطان الذي في نفسي))! وهو ما نرجّحه، لا الشيطان الذي في نفس زميله الموظف، أو في نفس عشيقته لولو، وربما في نفس كل إنسان! يُلمح الكاتب إلى ذلك ((الشيطان)) الذي في نفسه،من خلال ما أورده، على لسان الراوي، في غير مكان من تضاعيف القصة ذاتها، وهو ما يُمكن للقارئ أن يستدل إليه منذ البداية، إنه يقول "...نظرت إليه خطفا وقد بدأ حب الاستطلاع يتملكني.. بل مدفوعا بهوايتي المجنونة إياها، بالنظر إلى الوجوه وتعابيرها، وتغذية ذاكرتي بما هبّ ودبّ من التفاصيل الغريبة.." (ص64). وفي مكان آخرمن الصفحة نفسها يقول "لا أدري ما الذي جعلني مستثارا لهذه الدرجة. ربما ما يمر بي هو جزء من عملية الإبداع؟ البحث عن وجوه جديدة لقصص جديدة، كشف عالم جديد، أو عادة سيئة بدأت تأخذ مكانها في نفسي"! وكذلك، قوله في مكان آخر "وسألت نفسي، كيف يجوز أن أحشر نفسي، لتقديم مساعدة، لم تطلب مني أصلاً؟ نفضت السؤال وبعثرت كلماته، وقلت مطمئنا نفسي إنه لولا وجود هذه الميزة الحشرية عند لفيف من الناس، لما وجد الأدب والأدباء أصلاً" (ص66). ثم جاءت تلك العبارة لتختم القصة بأكملها: "أكدت له ذلك بهزرأسي. ولكن.. ماذا أفعل بالشيطان الذي في نفسي" (ص78)! هذا ((الشيطان)) الذي يسكن في داخل الكاتب، يبدو أنه قد اختمر إلى أن نضج، وبالتالي فقد حان أوان انطلاقه، إنه راغب بل مصمم على الخروج والانعتاق، ومن الصعب حبسه لوقت أطول! إنها الفكرة التي تتخلّق في "رحم" كل مبدع، إلى أن تكتمل، إنه الإبداع الذي يسكن في الصدور، يريد أن يولد ويخرج إلى النور!وفي السياق ذاته، فقد كان العرب يعتقدون أن لكل شاعر شيطانا، يوحي له أفكاره، ويلهمه نظم أشعاره، وكان يقول أحدهم في آخر: شيطانه أنثى وشيطاني ذكر! وقد اعتاد الأدباء والنقاد العرب أن يطلقوا اسم الجن، وأحيانا الشيطان، من وادي عبقر، كثير الجن، كما كان يُعتقد، وما ذلك، إلا من باب استحضار ربة الشعر، أو ملكوت الشعر، بالنسبة لكل شاعر وشاعر.وتُلمح القصة إلى رواية ((الشيطان في الجسد)) للأديب الفرنسي ريمون راديغه Radiguet الذي كتبها سنة 1919 ،لتدل على فهم للحياة ، قد لا يتيسر لكل إنسان !ويلحظ القارئ على القصة، تغييبعنصر الخيال فيها، فالأحداث التي فيها، جاءتتحاكي الواقع، كما يبدو، إلى حدكبير. فالخيال، كما يُحبذ أو يُفترض، كان يجب أن يفوق الواقع ويتفوق عليه، لو أتيحله المجال. وكان يُفضّل أن تعمد القصة إلى وصف الحدث، أو تصوير الشخصية، بدل السرد المطوّل، كذلك أظهرت القصة انكشاف الشخصيات على القارئ، إلى حد كبير، ناهيك بأنها كانت تُفسّر أكثر مما تُصوّر.إلى ذلك، فالقصة تشعرك بالمتعة الحقيقية، وأنت تقرأها، لما يظهر فيها من تسلسل يتناغم مع حركية أحداثها، وأفكارها وغرائزها وصراعاتها، التي تجسّدت في شخصياتها، وهو ما يشدك إليها، على الرغم من أن ما طغى عليها من زخم في السرد المفصّل، كاد يُنسينا، ذلك ((الشيطان)) الذي في نفس الراوي![/align ]المراجـع:* ابن منظور: لسان العرب، ج4، دار الفكر،بيروت، 1990، مادة عبقر.* بسام قطوس: سيمياء العنوان، جامعة اليرموك، إربد، 2002.* جميل حمداوي: السيميوطيقا والعنونة، عالم الفكر، ع3، 1997.* رولانبارت: المغامرة السيميولوجية، ترجمة عبد الرحيم حزل، مراكش، 1993.* طه حسين:جنة الشوك، دار المعارف ، القاهرة، 1977 .* ياقوت الحموي: معجم البلدان، ط2،ج4، دار صادر، بيروت، 1995، مادة عبقر. * الدكتور محمد خليل - محاضر في كلية اعدادالمعلمين العرب في حيفا - ناقد وباحث ادبي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الاستاذ نبيل عودة
قصتك رائعة بل هي مبتكرة وحقيقية تماما.. اقول فعلا ان شيطاني وربما لسنوات كان حبيس وساوسه وعقله وربما نفسه طبيعي بشكل النظر الى العلاقات الانسانية لكن فكرة الالتقاء في المقهى هي فكرة الالتقاء في اي مكان وباي وسيلة ربما يكفي ان نقرا او نحس بالنصف الاخر لتبقى فكرة التعلق قائمة ولكن الحقيقة ان فكرة اللقاء بذاتها صححت مفاهيم كثيرة وان خاضت صراعا عنيفا لأن الشيطان لا يسلم بسهولة وحتى الشيطان نفسه في نفسي قد نظر الى الصورة اكثر نضجا واكثر عقلانية وان كانت العلاقات الانسانية لا تحكم بالعقلانية! ولكن المهم ان الشيطان الذي في نفسه وعى حقيقة العلاقة في قرارة نفسه وانها اسمى من اي فكرة او صورة مشوهه في عقله وان يقر بان الصورة مشوهة لكن في قرارة الحقيقة والنفس هي سامية مشرقة غير مشوهة! دمت ايها القلم المبدع فقد سبرت اغوار النفس في قصتك وارجو ان تقراني لأني في هذه اللحظة اقرا نفسي فيك دمت بخير |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
سيدي كيف نستطيع ان نحكم السيطرة على فكرة الغاء النصف الاخر واخراجه من الصورة الجمالية والانسانية المعقدة بشكل العلاقة وهل نستطيع فعلا ان نسيطر على شيطان النفس برمزية العلاقة مع النصف الاخر؟
|
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
سيدي المبدع لقد طرحت قصة تحتاج الى الف حياة للأجابة عليها النفس البشرية!
ارجو ان تطفيء قليلا من ظمأي لشروحاتك فانا في هذه اللحظة اشعر اني امام بحر من الماء العذب وانا عطش جدا |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
الله يسعد لي هالصباح استاذي نبيل وهذه قهوتك المرة :nic103: الحوار معك استاذي مذهل بكل ما في الكلمة من معنى أنت غني بفكرك وثقافتك واطلاعك وهذا ما يثري قلمك ويجعله ساحر وجذاب انا على فكرة الحوار ما بنهيه في الشيطان الذي بنفسي الا عندما نشبعه بالكامل وهذا لا اعلم متى ؟ علمها عند الله ولكني أحيانا مع انني لست صغيرة في السن ولكني اتصرف كطفلة فأنا أردت ان أحجز قصة كنت معها فقط ولم أقصد ان أقفز عن حوار شيق وجميل وممتع الى هذا الحد بس ان شاء الله استاذي نبيل ما نكون أثقلنا عليه وتكون انت كمان مستمتع معنا ونعود للدراسة القيمة والرائعة التي أجراها الأستاذ محمد خليل هل تعرف استاذي ما هي أهمية الكتابة ؟ لأنها تعبر عما في دواخلنا ولأننا لا نملك موهبتك الرائعة في الكتابة فنحن نقرا انفسنا بل ونفهمها من خلال سطورك ما أريد أن أضيفه أن الأستاذ محمد خليل عبر عما كان يجول بخاطري ولم أستطع أن اوصله وهو انك وببراعة شديدة أستطعت أن تلفت النظر إلى شيطان الموظف وشيطان لولو وكل شياطين الدنيا إلا شيطانه هو ولولا أنك أفصحت بآخر سطور كان بقي القاريء متجه بفكره الى شياطين الموظف ولولو وغيرهم الكتابة ليست مجرد نقل للواقع ولا هي اختيار كلمات منمقة وجميلة او اختيار مفردات صعبة كما يفعل البعض بحيث اشبه نصوصهم بقطعة من الفسيفساء الجميلة ولكن لا روح فيها ولا تبعث فينا اي إحساس الكتابة هي ذكاء ومقدرة قبل أي شيء فهي تجذب القاريء الى حيث يريد الكاتب وتصرفه عما هو يريد ان تنصرف عنه باختصار الكاتب الجيد والمبدع كالساحر يسحرنا ويوجهنا كيف يشاء وهل هناك أجمل من هذا اشكرك استاذي نبيل ليس فقط على القصة بل على كل مداخلة وكل معلومة بتزودنا فيها وأدامك الله ذخراً للادب والأدباء http://www.tafasel.com/vb/images/smi...344[1].gif http://www.tafasel.com/vb/images/smilies/4vqz47o_th.gif ولنا عودة ان شاء الله واستاذي رجاء ان كان لديك اي معلومة او مداخلة الرجاء لا تتردد في طرحها ولا تتنظر ان نبادرك في السؤال فأسئلتنا استاذي تخجل حتى من طرحها امامك الف شكر ونلتقي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
السيدة ميساء تحية
لقد احسنت الافصاح عما في مكنونات انفسنا ونحن في توق شديد الى سماع رأي المبدع الكريم نبيل عودة ولا نستطيع ان نغادر صفحته حتى يجيبنا ونسمعه ونقرا انفسنا فيه دمت بخير |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
تعليقاتكم لم تترك مساحة الا واخترقتها .. من عادة الأديب ان يكتشف نفسة داخل قصته، تماما كما يكتشف القارئ واقعه وعالمه ... مشكلتي ان زمن طويل يفصلني عن "الشيطان الذي في نفسي ".. وبعض التفاصيل تبدو لي بين الحلم - الوهم والواقع ليس من وظيفة الكاتب ان يحلل شخصياته ، وهو الأكثر عجزا عنفهم أسرار ابداعه ، لأن الابداع لحظات بين الوعي واللاوعي. كل ما حاولت طرحه هو نصوري للدوافع والأليات التي أظن انها ساهمت في تشكيل الابداع . . ويمكن اعتبارها آليات دائمة في كتاباتي . مثلا في قصة منشورة في منتدى القصة " الفجر يولد من جديد "لم يكن ظل لفكرة في دماغي عن القصة .. كانت لنا جارة مصابة بلطف الله .. تقوم في منتصف الليل صارخة معربدة ضد جيرانها .. تتهمهم انهم يجمعون الذباب والحشرات ويطيروها في محيط بيتها ،وان أحدى الجارات تحب زوجها .. وزوجها عاجز .. مقعد .. مشلول .. لا في العير ولاالنفير .. وتستعمل الفاظا وتعابير من "الزنار ونازل " ... وتكررت هذه الحادثة عشرات المرات حتى صارت شيئا عاديا يتبادل الجيران الأحاديث والضحك على كلماتها "الفاحشة ".. ولكن من غير العادي أن توقذنا على صراخها قبل آذان الفجر بساعتين أ و أكثر .. حقا كان كلامها مضحكا .. ونحاول ان نقنع أقاربها على ضرورةايجاد ملجأ مناسبا لها ولزوجها ... ولكنها في ضوء النهار أمرأة عادية ونشطة في أعمال بيتها والطبيخ وخدمة زوجها المقعد وتنمية أحواض الزهور ... وزراعة احواض واسعة حول البيت .. الكوسا والقرع والبقدونس والنعناع والبندورة .. وتشجير حاكور صغيرة محاذية للبيت .. وتزور جاراتها ولا يبدو جنونها الا ليلا ، وفقط ضد جيران محددين متهمين نسائهم بعشق زوجها المسكين في فجر أحد الأيام أقلقني صراخها .. استيقظت . بعد هدوء موجة زبدها حاولت العودة للنوم عبثا. وفجأة .. كما في أفلام الرعب ... لمعت فكرة قصصية في رأسي .. فقفزت مثل الملسوع .. وعلى وقع صرخاتها المتجددة جلست في الثانية والنصف صباحا لأكتب القصة اياها.. وانجزتها خلال ساعتين . بعدها اغتسلت ، شربت القهوة ، راجعت النص ، عدلت بعض جمله ، وسافرت لعملي . النص أثار اهتماما كيرا في مواقع عديدة نشرته ، ولدى قراء الصحفة التي خصصتها لنشره . لماذا أشرح ذلك ؟ الضرورة التي جعلتني أكشف دوافع كتابة ذلك النص ، تتكرر بأشكال مختلفة .. نفس الأمر بقصة "الدرجات "... شاهدت عجوزا يساعدها شاب على صعود درج طويل لبيت ميت من أجل التعزية .. وكنت بطريقي لطبيب الأسنان .. واثناء انتظار دوري ، صغت القصة على ألأ طراف البيضاء لمجلة " سرقتها " كي لا تضيع القصة لا يمكن تأجيل اللحظة .. عملي حرمني من عشرات الأفكار ..التي خمد نارها بسبب التأجيل ... لماذا تأخرت القهوة ... في مدينة عربية اسمها شفاعمرو تقع الى الشمال من الناصرة ،التصقت بأهل شفاعمرو فكاهة ( بالطبع ليست صحيحة ، فأهل شفاعمرو أهل كرم ونخوة ..ولكن البلدات تنكت على بعض ) عندما تزور بيت شفاعمري يسألونك " هل تريد ان تشرب القهوة ام مستعجل تلحق الباص ؟ لا يا أحبائي انا سانتظر فنجان القهوة ... عدنية وزيدوها هيل . . وان زودتوها سأبات |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
لا قهوة سيدة ميساء حتى نرتوي من شيطان المبدع نبيل عودة اكثر واكثر !
نريد شرحا اكثر هل الشيطان في القصة يمكن ان يصبح ملاكاً؟ هل يتغير الشيطان؟هل يمكن ان يسيطر على نفسه؟ اكثر شرحا اكثر وبعدين القهوة والعصير كمان! |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
http://www.nooreladab.com/vb/mwa2008...c/mwa/wait.gif حالاً استاذي القهوة بتحضر بس كمان بيحضر معها سؤال صغير :sm281: قصصك كلها من الواقع وبالتأكيد انك بتجري عليها تعديلات وتغييرات ولكن بتضل من الواقع .... شو شعورك لو صاحب القصة احتج عليها ؟؟؟ وأيضا ً هل تتهيب الناس من جلستك كان يقولوا هلأ بيرسمنا في قصصه ؟؟ وهل حصلت معك نوادر او طرائف في هذا المجال ؟؟ اهلا وسهلا بك استاذي نبيل ومنور الحوار . أحنا أهل القدس بيقولوا علينا عنا شوية بخل لما بيجي الضيف من سفر بنسأله والفرحة على وجهنا ايمتى جيت وقبل ما يجاوب بنكمل وايمتى مروح ؟ :sm215: ونلتقي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
ليس من مهمة الكاتب تفسير اعماله .. سؤلت مرة في ندوة أدبية عن الشكل المفضل في كتابتي القصصية ، هل هي القصة الدائرية أم المربعة أم ... وكنت أسمع للمرة الأولى هذه الاصطلاحات . أجبت : انا لا اختار الشكل .. انا لا يزعجني كيف تسمى القصة .. هذه التعابير عقيمة ولا تخدم فن القصة . القصة تتدفق من الوعي والتجربة والقدرة على الموازنة بين الفكرة والخيال ، بين الحدث والصياغة اللغوية .. بين الخطاب التاريخي والخطاب الأدبي..
بالطبع هناك مهنية الكاتب .. وهناك قدرته على اصطياد الحلم .. وهناك قدرته على فهم شخصياته ، على تكوينها .. بقية التفاصيل تترك للقارئ او للناقد .. حقا الكاتب اول ناقد لنصه .. الكاتب العاجز عن نقد نصه لديه مشكله .. كنت أكتب النص وارسله بنفس اليوم للنشر ... اليوم أكتب النص .. واراجعه مرات عديدة خلال أيام أو اسابيع .. ودائما أجد نقصا في مبني الجمل ، في توضيح فكرة ، في صياغة أجمل . في تغيير النهاية .. في اضافة اثارة جديدة .. في الانتباه ان الحوار بين شخصيات مستقلة وليس بين الكاتب ونفسه .. **** هل يمكن ان يصبح الشيطان ملاكا ؟ ربما كان يجب ان اسمي القصة "الملاك الذي في نفسي ".. ونسال هل يمكن ان يصبح الملاك شيطانا ؟ يبدو ان هذا أقرب للواقع ... الكاتب الذي لا يعرف التقاط قصصه من محيطه .. مصاب بالعقم الفكري ولن نجد لديه نصا يستحق القراءة. الموضوع أكثر اتساعا من التصوير الفوتوغرافي.. اللحظة التي يلتقطها الأديب قد لا يكون شيئا فيها بنظر الأكثرية من الناس .. ولكنه قادر على ان يرى ما وراء الصورة الفوتوغرافية المباشرة .ان يبني عالما بسبب لمحة خاطفة.. **** كيف يلتقط الكاتب قصصه ؟ نموذج : تجدون في منتدى القصة القصيرة قصة عنوانها " الفجر يولد من جديد " .. أصل الحكاية ان لنا جارة على بعد 50 مترا هوائيا .. حل عليها لطف الله .. تخرج كل ليلة صارخة شاتمة متوعدة لا تبقي شتيمة من الوزن الثقيل الا وترسلها مجلجلة مدوية ضد جيران لها على بعد 15 مترا. تتهمهم بانهم يجمعون الذباب والحشرات ويفرغونها قرب بيتها .. وان نسائهم يعشقن زوجها .. وأوصاف من ما لذ وطاب للسهرات في الحارة .. عرض كوميدي مجاني . المشكلة ان جنونها لا يبدأ الا بعد الساعة الثانية ليلا .. وينتهي مع انطلاقة أشعة الفجر .. زوجها مريض خالص تماما .. لا في العير ولا النفير ..ينتظر دفشة ليدخل القبر. هذه الجارة في نهارها عادية طبيعية .. تقوم بواجبها مثل أحسن ست بيت . لها أحواض تزرعها .. وحاكورة صغيرة مليئة بالخضار واشجار الفواكه والليمون .. ومن أجمل الحواكير في حارتنا .. الا في الليل .. يبدأ الصراخ والشتائم ضد "عاشقات " زوجها .. ومطيري الذباب والهسهس في محيط بيتها .. في احدى الليالي أيقظني جعيرها .. ووقفت قرب النافذة أتامل حركاتها وأستمع لمنولوجها وتعابيرها .. حين اعتراني فجأة هاجس مجنون أدخلني لجو التهيج الذي يسبق الكتابة الابداعية .. بحثت عن أوراقي وقلمي .. وجلست أكتب وصراخها يصلني كأنه سيمفونية تبطئ وتتصاعد .. تخفت وتتفجر .. وعندما اكتشفت ان الساعة الخامسة ، كنت أضع الجملة الأخير لقصة " الفجر يولد من جديد ".. وقمت لأغتسل وانا بنشوة عظيمة وغير شاعر بالتعب .. احتسيت قهوتي وانطلقت الى عملي وكأني ذاهب الى لقاء غرامي .. الحدث بنيت عليه فكرة مغايرة مما يتوقعه قارئ هذه الكلمات. أيضا قصة "الدرجات " .. تجدونها في منتدى القصة .. شاهدت امرأة عجوز ، بساعدها شاب على صعود درج لبيت حدثت فيه وفاة وكما يبدو جاءت للتعزية . كنت في طريقي لطبيب الاسنان .. وصلت العيادة وكانت فكرة قصصية كاملة قد بدات تدغدغني وتضحكني .. وبدون تفكير التقطت مجلة وبدأت أصيغ تفاصيل القصة على الحواشي البيضاء , "سرقت" المجلة حتى لا أفقد القصة التي كتبتها خلال أقل من نصف لساعة بسرعة لا تقل كثيرا عن سرعة القراءة. طبعا بعد ذلك يبدا العمل الواعي والمهني في تطوير النص . . مبنى الجمل . الوضوح .. الاضافة .. الشطب.. لن اتحدث عن رواياتي لأني لم أنشر على الانترنت الا رواية واحدة .. "حازم يعود هذا المساء" .. العمل الوحيد الذي لم أغير في مبنى الفكرة وشخصياتها .. فقط مهنيتي ككاتب عملت على صياغة الحدث واعادة بناء احداثه .. واستغرقني الأمر 10 سنين كاملة حتى نجحت بايجاد الطريقة الأمثل لنقل الحدث روائيا .. ولم يتيسر ذلك بدن رؤية في اطار حلم حقيقي أعطاني الأسلوب فكتبتها بجلسة واحدة استغرقتني النهار كله., قبل ان أبدأ بالعمل الأكثر مهنية . على النص ... هذه نماذج عشتها .. سأحدثكم ؟ .. لا أعرف .. لم أقرر بعد .. عحدث لقاء غير متوقع أمس ( الثلاثاء 18 - 11 ) بيني وبين بطل قصة "الشيطان الذي في نفسي" وكان معه ابنه .. ولا أذكر اني التقيته منذ المقلب الذي نفذته به لأكتشف تفاصيل القصة .. وما زلت غير قادر على استيعاب ان الحياة تستطيع ان تكون رائعة وان تكون مأساوية بالوقت نفسه !! وليتني ما التقيته ... المادة قد تتطور الى قصة جديدة .. أو فصل جديد "للشيطان الذي في نفسي "... ساشرب قهوتي وافكر .. انتظروني .. انتظروا قراري.. |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
http://www.nooreladab.com/vb/mwa2008...c/mwa/wait.gif تفضل قهوتك استاذي نبيل حياك الله استاذي ونتابع الحوار هل نحن أمام جزء ثاني من الشيطان الذي بنفسي ؟ هل ستخبرنا عما سيجد في الشيطان الذي في نفسي أم ستتركها مفاجاة لنا ؟:sm229: احبائي ما زلت في انتظار اسئلتكم حول الشيطان الذي في نفسي استاذي القدير نبيل هل ترغب باضافة اي معلومة عن القصة غفلنا نحن عن ذكرها وتحب ان تميط اللثام عنها ؟ نحن في انتظارك وانتظار ما يجود به قلمك ولسانك ونهارك سعيد استاذي نبيل ونهاركم سعيد أيها الأحبة ونلتقي |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
[align=right]
خطفتني الكتابة السياسية .. وغبت عن الناصرة ليومين .. حصلت على تفاصيل جديدة .. لم أقرر بعد ان كانت ستقودني لكتابة فصل جديد من الشيطان الذي في نفسي.. حتى الآن لم أخرج من صدمة المعلومات غير المتوقعة التي وصلتني.. .. اريد فترة للتفكير .. أو الدخول في أجواء قصة - أو فصل جديد ...مجرد قرار واع بالبدء بالكتابة لن يثمر عن عمل ترضاه نفسي.. ولا أنوي كشف معلوماتي حتى لا أفقد عناصر الدهشة .. وعناصر الصدمة القصصية .. [/align] |
رد: حوار دافيء مع الأستاذ نبيل عودة
http://www.nooreladab.com/vb/mwa2008...c/mwa/wait.gif استاذي الكريم نبيل عودة الحمدلله على السلامة صدقا ً لقد افتقدنا وجودك البهي وحضورك الجميل في اليومين الفائتين ولولا انك ظهرت الآن لكان افترسنا القلق اهلا وسهلا بحضورك من جديد إذا سنترك الشيطان الذي في نفسي إلى حينها وبانتظار مفاجاة جميلة ان شاء الله استاذي نبيل طالما انك من سكان الناصرة هل تعتقد ان اعلى قراءات تأتيك من الداخل وأقصد على القصص وليس النواحي السياسية ام من الخارج ؟ إذا أرتأيت استاذي ان نتوجه إلى كنت معها أوي أي قصة جديدة تحب ان نطرحها للحوار فنحن جاهزون وما عليك سوى أن تشير لنا عليها بالبنان ونحن الآن في انتظار قرارك ونلتقي |
الساعة الآن 23 : 02 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية