منتديات نور الأدب - الطموح إلى نص مفتوح

[align=justify]
هل استطعنا حقاً أن ننجز نصاً مفتوحاً في الأدب العربي ؟؟.. وإن كنا قد فعلنا بهذا الشكل أو ذاك، فما هو النص المفتوح تعريفاً وتوصيفاً وما هي أبعاد هذا النص؟؟..
ليست هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن هذا الموضوع، وكنت رأيت في عدة إشارات كتابية أن النص المفتوح، هو النص الذي يستطيع أن يختزل ويختصر ويضم كل الأنواع أو الأجناس الأدبية في متنه بشكل يشعرك أنك تعيش نصاً مليئاً بالفيضان والغليان وعلو الحس ونبض المشاعر دون أن تجد غلبة لهذا النوع الأدبي على ذاك.. وهذا الانفتاح الكلي على المساحة الأدبية والإبداعية بتواتر وتلاحق، سيوجد مع الأيام نصاً مفتوحاً حقيقياً يختلف عن كل الأنواع، ويكون كما يراد له، نصاً خاصاً ذا مواصفات فريدة تعطيك الجماليات التي لا تجدها إلا فيه، ولا تعرفها إلا من خلاله.. فهل وصلنا إلى نص كهذا؟؟!!..
يرى البعض أن النص المفتوح نص سردي مشحون بحيثيات السرد، بينما يرى آخرون أنه بين القصة والشعر.. ولا يستطيع البعض أن يوجد تعريفاً، مع أنه يصر على وجود نص مفتوح.. وأعتقد أن كل ذلك مجانب للحقيقة، بعيد عنها كل البعد.. فالسرد صفة ملازمة لأكثر أنواع الأدب، والوقوف في منطقة وسطى بين القصة والشعر لا يعني شيئاً، لأن القصة نثر والشعر وزن، فهل يكون النص المفتوح بين الشعر بوزنه والقصة بنثرها.. وكيف؟؟..
هناك حالة تجريب سعياً لإيجاد نص مفتوح.. والتجريب لا يتيح لنا أن نقول إننا وصلنا لصيغة نص مفتوح.. إذ من غير الممكن الاعتماد على التجريد في صياغة التوصيف النهائي.. والأجدى أن ننتظر حتى تنضج التجربة وتستوي عوداً، لنقول بعدها بتعريف محدد ننطلق منه إلى صياغة نص جديد كلياً، يفتح أمامنا الطريق للوصول إلى أرض صلبة في هذا المجال.. فالنص المفتوح يحتاج إلى عمل أولاً..
يظن البعض أن القول بوجود نص مفتوح يعطينا ميزة في الأدب، وكأن القول بوجود الشيء هو المهم، لا وجود الشيء.. بينما يقول الواقع باتساعه إننا ما نزال في حالة دوران حول هذا النص، مع طموح شديد مشروع لإنجازه والوصول إليه.. ولا يضيرنا أن نسعى ونعمل من أجل وجود نص كهذا.. كما لا يضيرنا القول وبصريح العبارة، إن كل ما كتب من نصوص تحت هذا المسمى، إنما كانت نصوصاً تنوس بين هذا الجنس الأدبي وذاك، غير منتهية إلى حالة ثابتة.. وكل نص يضاف إلى النصوص المنجزة في هذا المجال، يمضي خطوة إلى الأمام في عملية البحث، لكنه بالتأكيد يبتعد عن كونه نصاً مفتوحاً نهائياً.. ومشكلة الأدباء أنهم يستعجلون الوصول، وينسون ضرورة العمل من أجل صياغة حقيقية لمفهوم حقيقي.. كما أنهم يتجاهلون أن البناء على أساس متين يجنبنا الغرق في وجود نصوص باهتة كابية لا تستطيع الوقوف بثبات.
تجربتنا مع قصيدة النثر، ومع القصة القصيرة جداً، يجب أن تكون أمام أنظارنا بشكل دائم.. فخفوت التجربة وصوتها، أو خفوت الإبداع في النصوص المنجزة، إنما كان نتيجة ضعف التعريف والتوصيف، أو بصورة أدق ضياع المفهوم الحقيقي للنص.. فالكاتب يظن أن من حقه أن يكتب أي شيء ليكون قصيدة نثر، أو قصة قصيرة جداً.. وحين تحدق طويلاً في النصوص المنجزة تحار وتشك وينتابك اليأس، فكل النصوص نصوص أدبية، لكنها لا تنتمي إلى هذا أو ذاك.. إنها ببساطة شديدة كتابات فقدت بريقها وجمالها وعلو قامتها، فكانت عبئاً على قصيدة النثر، أو القصة القصيرة جداً.. والعبء يبقى ثقيلاً في كل الأحوال..
نريد نصاً مفتوحاً هذا حقيقي.. نريد نصاً يضيف الجديد إلى أدبنا ويعطي صورة متميزة.. ونريد أن يكون الأدب عالي القامة بإضافة نوع غني بامتداده وعطائه وتميزه.. لكننا بالتأكيد لا نريد تهويمات حول نص ندعي أنه نص مفتوح.. لا نريد اجتهادات تلبس النص ما لا يوافقه بدعوى التجديد.. فالتجديد يحتاج إلى أساس متين حتى لا يضيع في زحمة الموجود.. وحين نصل إلى نص متكامل سنكون معه بكل ما لدينا من قوة.. المهم أن نصل إلى نص يقنعنا..
[/align]