منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   أمنيات رجل مختلف (6) (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=10579)

زياد صيدم 19 / 05 / 2009 37 : 08 PM

أمنيات رجل مختلف (6)
 
غرقت سناء في بحر أوهامها المصطنع، وصراعاتها مع نفسها واندفاعها وراء أوهامها ..تماما كما تاهت نغم من قبلها في لجة من سخافات القدر، الذي يتجسد للإنسان أحيانا على أشكال مختلفة من تفاهات لا يشعر بتداعياتها اللاحقة إلا متأخرا، فيخسر حاضره ومستقبله لمجرد كونه لا يستمع ولا يصغى لمن هو أرجح منه إدراكا ووعيا..لكنها تتشافى منها كما سمع عن أخبارها التي لا تزال تهمه، فأحس بشعور من الراحة يملأ قلبه!.. كما بدأت في التلاشي تلك الوجوه الشقراء والحمراء والسمراء والسوداء في عبق من تاريخ جميل يودِعُها في حاضنة من ذكرياته، بني أعشاشها في ركن من قلبه الفسيح ، والذي لم يخب وهجه بعد ! حيث ما يزال يشع لهيبا واتقادا لاسيما بعد أن غمرته وفاء بحنانها الذي افتقده منذ زمن طويل.. مذ ودع آخر أميراته كآخر وجه رآه في ليلته الأخيرة،هناك حيث ماض جميل، ما يزال يؤلب أحلامه الممتدة بين الفينة والأخرى ...

كأنه على موعد مع أمنياته .. أطلت عليه وفاء من شرفة عقله بداية، تحاكى وعيه وثقافته .. ترمقه من شرفة حنانها وحبها الغامر لاحقا، فتحاكى فيه الحرمان و اللهفة لحب اجتاحه حتى رأسه، فيغطس في أريجه وشذاه بلا حدود !.. أطلت عليه من شرفة ودها اللامتناهى والمتأجج عطاء، فتحاكى فيه عطشه وجفاف شرايينه وأوردته.. أطلت عليه من شرفة ألمها وعذاباتها، فتحاكى فيه واقعه وأحزانه ... وتشرق عليه شمسها في وحشة ليله، وقهر اللحظات الفارغات، تشرق عليه ذات الرداء الأحمر، فتحاكى فيه عبق الجورى المكتسي حله قد تناغمت مع ألوانها وشذى عطرها.. وينساب إليه كرّمُها، فتعانق قطوفها نبيذ شفاهه ثمالة .. فتأخذ الألباب سحر حضورها وجاذبيتها وأنوثتها.. تأخذه وفاء إلى سحر العيون ورونقها.. فتذيبه ابتسامات تتبدل سحرا في كل إيماءة منها دلالة.. وكل حركة من لحظها إشارة.. وما أن يزقزق الدوري ألحانه، معلنا إشراقة شمس يوم جديد، حتى يتواعدان في لقائهما المتجدد بعد سويعات قليلة.. تمر وكأنها شهور طوال، لأنه عشق مختلف، تتجسد فيه كل ما عرفته القيم الإنسانية في حياة كل البشر، عبر صفحات الشعر والنثر وسرد الحكايات والأساطير ...

يستيقظ متى انتصف النهار.. يرتشف قهوته النافذة بعطر أريجها المميز المنبعث منها.. يشعل سيجارته .. يآذار / آذار / آذار / مارس بعضا من تمارين يومية.. يتذكر ما نصحه به بعض الأصدقاء، بأخذ ملعقة من عسل النحل كل صباح، ليستعيد ذاكرته التي تخونه مؤخرا من زحام الأفكار وإرهاصات الأحداث، فينطلق على دراجته النارية صوب ملاذه الوحيد، ذاك الأزرق الجميل وان كان الحزن يقبع في أعماقه فيتشح بثوب الكآبة والحزن، لكن شبابه وسر بقائه يكمن في أمواجه التي لم ولن تهدأ أبدا، وهذا الزبد الأبيض على شواطئه، دليل عنفوانه وقوة أمواجه وصموده الأزلي ...

يرن هاتفه المحمول معلنا وصول رسالة ماسج، يفتحها بشوق، تبتسم شفاهه وتتراقص عيناه فرحا، كانت وفاء حبيبته التي أسدلت عليه ثوب الحنان والوداد وغمرته برداء عشقها العبق المنسوج من ورد الياسمين والجورى حتى امتزجا معا ليشكلا عقدا من أبهى ما يكون، ومن أروع ما يمكن تخيله – اشتقتك حبيبي هكذا كانت رسالتها.. يضم هاتفه إلى قلبه بعد أن يجيبها بنفس الكلمات ويمضى...

في الجانب الآخر من حياتهما.. تبدأ وفاء بالإفلات من قوقعتها المتحوصلة .. لتنثر روائع ما يسطره فكرها .. عبر فضاءات مستجدة تملا فيها قلوب الآخرين فرحا وحبورا وإعجابا.. فيصطف من حولها المعجبون بأدب رفيع وذوق راق.. فيزداد احمد ابتهاجا لفرحتها، وتزداد ابتسامتها تألقا، لتذيبه اشتياقا وسحرا.. تعلق قلباهما بحبل من نور يمتد عبر مسافات القهر، وحواجز الألم التي تفصلهما عن بعضيهما.. إلا أن ذاك الحبل ينير وحشة ليلهما ..يحيله إلى نهار يشع وهجا، فيجلى الصدور نوره ويبلج الفؤاد ضياءه..

عندما بدا قمرها يضيء الأرض العطشى في بهيم ليل معتم سواده .. وذات صباح ارتبك احمد مع وابل من هلوسات انطلقت من تلقاء نفسها، لم يفهم احمد ما الذي حدث، كانت كلمات تنطق بها عشوائيا بلا اتزان أومناسبة أو هدف ؟ هكذا فجأة.. كاد يتقرح قلبه وينفطر خوفا عليها، فقد أرعبته عباراتها المبهمة.. لم يمض ساعة من الوقت حتى كانت المفاجأة منها ..فقد شعرت بغيرة جعلتها في حالة هذيان مؤقت،لم تقتصر الطريق لتكون مباشرة في طرحها، هكذا أجابته على استفساراته المتلاحقة.. وهنا بدت على وجهه تقاسيم وعلامات رضا، لكنها لم تتمنطق في رأسه لقد اخفت وفاء أمرا ما.. تساءل في قراره نفسه.. فهل ستجيبه بصدق عن سبب انبعاج هلوستها المفاجئة، والتي لم تكن بالطبع عشوائية أو اعتباطية، هكذا كان إحساس أحمد قويا، فهل يخونه إحساسه هذه المرة ؟.
يتبع ...

إلى اللقاء.

ازدهار الانصاري 25 / 05 / 2009 08 : 04 PM

رد: أمنيات رجل مختلف (6)
 
[align=center]
تستمر أمنيات الرجل المختلف في احتواء المشاعر والبحث عن ذلك الكائن الذي

يحقق له كل الامنيات .. قد تستطيع وفاء بحنانها استيعاب افكار هذا الرجل المميز

والمختلف..

الراقي م.زياد صيدم

مازلنا ننتظر

دمت مبدعا

مودتي
[/align]

زياد صيدم 31 / 05 / 2009 56 : 08 PM

رد: أمنيات رجل مختلف (6)
 
** الراقية ازدهار............

قرائة مميزة للقص.. نعم لننتظر لنرى هذا الرجل المميز والذى ارهقتنى حلقاته حقا.. افكر جديا بوضع نهاية لها .. حتما ستكون سعيدة.. من يدرى.؟
تحايا بعبق الرياحين.........

رشيد الميموني 01 / 06 / 2009 18 : 01 AM

رد: أمنيات رجل مختلف (6)
 
نص حافل بالصور الزاهية الألوان وأسلوب شيق يتسارع إيقاعه دون أن يفقد تلك النكهة القصصية التي تحمل في ثناياها أسرار هذا الرجل المتأرجح بين اليأس القاتل و الأمل المشرق .. ترى هل ستكون النهاية بلسما لجراحاته رغم ما تخللت حكاياته من لحظات سعيدة كانت اهمها تلك الغيرة التي أشعرته بالرضا .. لكن ما يؤرق مضجعه هو الآتي .. ذلك المجهول ..
أخي زياد .. في أسلوبك القصصي أجد دائما تلك الجاذبية التي أستشفها من خلال سردك الذي لا يعرف الكلل .. وهذا ما يمتعني حقا ..
أنتظر الآتي ..
دمت بكل الود .

ميساء البشيتي 02 / 06 / 2009 32 : 04 PM

رد: أمنيات رجل مختلف (6)
 
اخي العزيز زياد

الله يسعد اوقاتك ويعطيك العافية

"فهل ستجيبه بصدق عن سبب انبعاج هلوستها المفاجئة،"

جميلة هذه العبارة يا زياد ..لقد أضحكتني .. ولكن .. هل تظن المرأة

تخبر أحدا ً عن سبب انبعاج هلوستها المفاجئة

رائع يا زياد

دام لك الألق والبهاء

:nic21:

جمال سبع 02 / 06 / 2009 58 : 10 PM

رد: أمنيات رجل مختلف (6)
 
عزيزي المبدع زياد صيدم
أعجبني كثيرا إنتقالاتك بين الكلمات و كانك رسام ماهر يحاكي الحروف بريشته تارة و تارة أخرى يغرد بين ثنايا بوحه
إن جملة ( ...دليل عنفوانه و قوة أمواجه و صموده الأزلي )
تعبر عن تألق الرجل بداخلك سيدي و حرقه لكل الصور القديمة و البحث عن إليادة بمثل أنثى حالمة و متقدة
دمت مبدعا ... أتمنى أن نتواصل في المستقبل - أخوكم جمال سبع-


الساعة الآن 02 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية