![]() |
الإبداع بين المطرقة والسندان !!
[align=justify]
قبل أي بداية لا بدّ من الإشارة إلى أن الثقافة العربية مظلومة بكل المقاييس.. المبدع مظلوم ، الناقد مظلوم ، والقارئ بالنتيجة مظلوم.. فهناك نوع من الإهمال العام الذي يطال كل ما هو ثقافي، لنتحول بين ليلة وضحاها ، إلى أمة تنهي مبدعيها ، والاستفتاء القائل إن القارئ العربي لا يقرأ ربع صفحة في السنة ، يحمل دليلا خطيرا على التردي الثقافي المروع، مع العلم أنّ الثقافة تبني الأمم وترفع من شأنها .. ومما يزيد في المأساة ، أنّ المبدعين والنقاد يساهمون مساهمة كبيرة في زيادة مساحة التردي..حتى صرنا فعلا نخشى على ثقافتنا من الذوبان والاضمحلال ، وهذا الكلام لا يقال جزافا ، بل هو مرتكز على ما يحدث في الساحة الثقافية العربية من أفعال تصدر عن المبدع والناقد ، في حملة تنطلق من الذات ، لتطال كلّ شيء ، مما يراكم السلبية في الوضع الثقافي ويدفع نحو انتحار أو نحر للثقافة سيبدو مقصودا،إن فكر كل واحد منا بما نفعله كمبدعين ونقاد!!فماذا أقصد بذلك ؟؟.. المبدع عندنا صار يستسهل الكتابة وينطلق من كونها فعلا يتيح له أن يتجاوز كل شيء من لغة وبناء وفنية وتركيزا على الموضوع، حاملا في الوقت نفسه سلاح الرفض لأي نقد يوجه إلى نصه، فهو يريد مدحا لا قدحا.. وإذا كنا مع المبدع في ضرورة الابتعاد عن القدح والمبالغة في إظهار عيوب النص موجودة كانت أو غير موجودة ، ومعه في انه ليس من حق الناقد أن يكتب وكأنه لا يريد إلا التحطيم !!..فإننا في الآن ذاته ، لا يمكن أن نرضى بنقد يمدح ليس إلا !!.. لأن مثل هذا النقد يضرّ المبدع والقارئ معا ، ويفتح الباب واسعا أمام التجرؤ على خوض غمار الكتابة دون التسلح بأي موهبة وثقافة .. ليكون الأدب فيما بعد ، مجرد كلمات فيها من اللغو ما فيها ، وفيها من تحطيم اللغة والإبداع وأسس الكتابة الكثير وهو ما يجعل الساحة الثقافية ، ساحة جرداء لا تنفع في شيء بالنسبة للقارئ ، مما يزيد في ابتعاده عن كل إبداع .. أما الناقد ، فهو في أكثر الأحيان خاضع لسلطة المبدع الذي لا يريد منه غير المدح ، وإن تجرأ وقال كلمة حق فالويل والثبور له ..إذ انه يتحول إلى ناقد فاشل لا يفقه شيئا بالنقد ، هذا إضافة إلى قطيعة مع الناقد قد تستمر العمر كله ، ولا أقول هذا من باب المبالغة ، بل من باب المشاهدة والمعاينة والمتابعة .. والمحصلة التي نشهدها ، وهي مؤسفة بالفعل ، أن يبتعد الناقد الجاد عن الساحة كلية ، تاركا المجال مفتوحا للنقاد الذين قبلوا أن يتحولوا إلى جوقة تمدح كلّ نص ، وتغمض العين إن شاهدت الخطأ في هذا النص ، حتى وإن كان بحجم جبل !!.. وفي مثل هذا الوضع ، تصير الثقافة هي الضحية الأولى والأخيرة ، ما يستدعي بالتأكيد ملل القارئ وإدارة ظهره لكل ما تنتجه الثقافة ، ما دامت على هذا الشكل من الترهل والانسلاخ عن كل ما هو حقيقيّ أصيل.. وبعد كلّ هذا ، نسأل لماذا وصلت ثقافتنا العربية إلى هذا المستوى من التردي ؟؟.. وربما يكون السائل مبدعا أو ناقدا من تلك العينة التي أشرت إليها ، والذي ترى ما يجعلك تتعجب من سؤاله حين تقرأ له في هذه الصحيفة أو تلك !!.. ومما يؤسف له ، أن يأتي العالم الافتراضي ، أو الشبكة العنكبوتية ، لإضافة تمزق ما بعده تمزق .. فالنشر متاح للجميع دون استثناء، مما يجعل الحدّ الأدنى المفترض أن يوجد في أيّ نص إبداعي مفقودا ..هذا إضافة إلى فتح باب السرقات الأدبية على وسعه، والتخلي بشكل مطلق عن النقد أو ما يشبهه، مما يربك القارئ والمبدع الحقيقي .وكأننا بذلك نطلق رصاصة الرحمة على الثقافة العربية برمتها ، غير آسفين على شيء ، لأن الكاتب في العالم الافتراضي سيكون في أكثر الأحيان - حتى لا نعمم - دخيلا لا علاقة له بالثقافة من قريب أو بعيد ..!!.. [/align] |
رد: الإبداع بين المطرقة والسندان !!
الأديب طلعت سقيرق,
مما لاشك فيه أنك ككاتب و ناقد ناشط في الساحة الأدبية ترى الكثير و تستنتج الكثير وما قد يلفت انتباهنا كقراء عابرين و قد لا نتوقف عنده طويلا تتشعب أسبابه و تتعقد أحيانا. إن إصابة الميدان الثقافي بظواهرغير صحية يضر بصورة شعوب بأكملها ويعرقل التقدم ويزيد من إختلال الموازين فيطفو الرديء على السطح بينما قد تختنق المواهب في القعر. لكن مما يجب الإنتباه إليه ربما أن حتى الساحة الأدبية العالمية لا تخلو من مظاهر قد تكون جديدة و مضرة, أذكر أنه بعد النجاح الساحق الذي لا قاه كتاب شفرة دافينشي لدان براون دخلت المكتبة فوجدت كتبا كثيرة أصدرت بعناوين تجمع بين ألغاز وأسماء رسامين أولوحاتهم و أخرى تتحدث عن ألغاز عن أنبياء أو عن ماريا مجدولين...بدا لي الأمر و كأنه تقليد صرف لتحقيق الربح عوض الخلق و الإبداع وكأن البحث عن الربح و الشهرة مستهدفان أكثر من الابداع و الرقي بالأدب في حد ذاته. أخيرا أشكرك على ماوضحته في مقالك فهذا يقربنا أكثر من الساحة الأدبية العربية ومايدور فيها. تحيتي |
رد: الإبداع بين المطرقة والسندان !!
رائع استاذ طلعت
|
رد: الإبداع بين المطرقة والسندان !!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الموضوعية بشفافية وصدق ... الحل لجميع الاشكاليات ... تقوى الله ... مفتاح لانصاف جميع الاطراف .... موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . |
رد: الإبداع بين المطرقة والسندان !!
الأستاذ القدير.. و الأديب المبدع طلعت سقيرق : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الإبداع الأدبي العربي , يواجه العديد من الصعوبات و المشاكل و العقبات في وقتنا الحاضر , لعل أهمها من وجهة نظري المتواضعة , مايلي : 1. غياب عامل التحفيز للكتابة و الإبداع لدى الأديب .. لمن يكتب ؟ .. من يقرأ ؟ .. هل من يقرأ يقدر و يقيم ؟ .. أين ينشر أعماله ؟ .. وإذا نشرت و طبعت , من يشتريها ؟ 2. دور النشر العربية تبحث عن الأسماء الشهيرة اللامعة في عالم الكتابة و الأدب , بصرف النظر عن المحتوى الأدبى للكتاب . قال لي صديق , صاحب دور نشر شهيرة " صراحة .. إسم المؤلف أهم شئ في غلاف الكتاب .. الناس لا تشتري كتاباً لكاتب مغمور أو مجهول , إلا إذا كان عنوان الكتاب أو الغلاف مثيراً للغاية " !! 3. خوف الأديب العربي المبدع من تهمة التقليد و الإقتباس و السرقة .. التهمة الحاضرة الجاهزة السريعة , لأي عمل أدبي جديد !! .. وهذه التهمة قد توجه إليه – مع الأسف - من قبل نقاد متخصصون أو جهلاء متحزلقون. الموضوع مكرر .. الأسلوب مقلد .. الشخصيات مقتبسة .. الحوارات منقولة.. النشر الإلكتروني فتح للأديب علم اللاحدود .. حيث النشر و المديح و التصفيق و النقد الصريح .. حتى ولو سُرق أو نُهب . ستبقى الأعمال الأدبية الإبداعية يتداولها أحباء الشبكة العنكبوتية , والمؤلف دائماً مجهول أو منقول ... تحياتي . د. ناصر شافعي |
الساعة الآن 03 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية