منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   رسائل في مهب العمر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=257)
-   -   من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=11488)

فيصل بن الشريف الاحمداني 21 / 07 / 2009 08 : 03 AM

من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
.

قد فكرت بأمور كثيرة في تلك الشهور الخرساء التي مرت بدون خطاب ولا جواب ولكنه لم يخطر على بالي كونك " شريرة" أما الآن وقد صرّحت لي بوجود الشر في روحك فلا يجمل بي سوى تصديقك فأنا أصدق وأثق بكل كلمة تقولينها لي ! أنت بالطبع تفتخرين بقولك – أنا شريرة – ويحق لك الافتخار لأن الشر قوة تضارع الخير بعزمها وتأثيرها . ولكن اسمحي لي أن أقول لك مصرحاً بأنك مهما تماديت بالشر فلا تبلغين نصف ما بلغته فأنا شرير كالأشباح الساكنة في كهوف الجحيم بل أنا شرير كالروح السوداء التي تحرس أبواب الجحيم ! وأنت بالطبع ستصدقين كلامي هذا !.

غير أنني للآن لم أفهم الأسباب الحقيقية التي دعتك إلى استخدام الشر ضدي فهلا تكرمت بافهامي ؟ قد أجبت على كل رسالة تكرمت بها عليّ واسترسلت متعمقاً بمعاني كل لفظة تعطفت بهمسها في أذني فهل هناك أمر آخر كان يجب عليّ أن أفعله ؟ أو لم تبدعي لي من " لا شيء" ذنباً لتبيني لي مقدرتك على الاقتصاص ؟ لقد فلحت وأحسنت البيان , أما أنا فقد آمنت باقنومك الجديد الكلي المطلق الجامع بين أسياف " كالي" ربة الهند وسهام " ديانا" معبودة الأغريق .

والآن وقد فهم كل منا ما في روح الآخر من الشر والميل إلى الاقتصاص فلنعد إلى متابعة الحديث الذي ابتدأنا به منذ عامين . كيف أنت وكيف حالك ؟ هل أنت بصحة وعافية ( كما يقول سكان لبنان )؟ هل خلعت ذراعاً ثانية في الصيف الماضي أم منعتك والدتك من ركوب الخيل فعدت إلى مصر صحيحة الذراعين ؟ أما أنا فصحتي أشبه شيء بحديث السكران وقد صرفت الصيف والخريف متنقلاً بين أعالي الجبال وشواطئ البحر ثم عدت إلى نيويورك أصفر الوجه نحيل الجسم لمتابعة الأعمال ومصارعة الأحلام – تلك الأحلام الغريبة التي تصعد بي إلى قمة الجبل ثم تهبط بي إلى أعماق الوادي .

وقد سررت باستحسانك مجلة الفنون فهي أفضل ما ظهر من نوعها في العالم العربي , أما صاحبها فهو فتى عذب النفس دقيق الفكر وله كتابات لطيفة وقصائد مبتكرة ينشرها تحت اسم " ليف" ومما يستدعي الإعجاب بهذا الشاب هو أنه لم يترك شيئاً مما كتبه الافرنج إلا وعرفه حق المعرفة . أما صديقنا أمين الريحاني فقد ابتدأ بنشر رواية جديدة طويلة في مجلة فنون وقد قرأ لي أكثر فصولها فوجدتها جميلة للغاية ولقد أخبرت صاحب الفنون بأنك سوف تبعثين إليّ بمقالة ففرح وبات يترقب .

بكل أسف أقول انني لا أحسن الضرب على آلة من آلات الطرب ولكنني أحب الموسيقى محبتي الحياة ولي ولع خاص بدرس قواعدها ومبانيها والتعمق بتاريخ نشأتها وارتقائها , فان ابقتني الأيام سأكتب رسالة طويلة في الدوائر العربية والفارسية وكيفية ظهورها وتدرجها وتناسخها .

ولي ميل للموسقى الغربية يضارع ميلي للأنغام الشرقية فلا يمر أسبوع إلا وأذهب مرة أو مرتين إلى الأوبرا غير أني أفضل من البيان الموسيقي الأفرنجي تلك المعروفة بالسنفوني والسوناتا والكنتاتا على الأوبرا والسبب في ذلك خلوّ الأوبرا من البساطة الفنية التي تناسب أخلاقي وتتمايل مع أميالي . واسمحي لي الآن أن أغبط يدك على عودك وعودك على يدك وأرجوك أن تذكري اسمي مشفوعاً باستحساني كلما ضربت نغم النهوند على الأوتار فهو نغم أحبه ولي رأي فيه يشابه رأي " كارليل في النبي محمد ". ( كارلايل : أديب ومؤرخ انكليزي درس بعضا من العربية في جامعة كمبردج سنة 1795 وكتب عن النبي محمد فصلا ضمنه إعجابه بشخصيته البطولية في مؤلفه " الأبطال , عبادة الأبطال , والبطولة في التاريخ "

وهلا تكرمت بذكري أمام هيبة أبي الهول ؟ عندما كنت في مصر كنت أذهب مرتين في الأسبوع واصرف الساعات الطوال جالساً على الرمال الذهبية محدقاً بالأهرام وكنت في ذلك العهد صبياً في الثامنة عشرة ذا نفس ترتعش أمام المظاهر الفنية ارتعاش الأعشاب أمام العاصفة , أما أبو الهول فكان يبتسم لي ويملأ قلبي بحزن عذب وندبات مستحبة .

أنا معجب مثلك بالدكتور شميل فهو واحد من القليلين الذين انبتهم لبنان ليقوموا بالنهضة الحديثة في الشرق الأدنى وعندي أن الشرقيين يحتاجون إلى أمثال الدكتور شميل حاجة ماسة كرد فعل للتأثير الذي أوجده الصوفيون والمتعبدون في القطرين مصر وسوريا .

هل قرأت الكتاب الفرنساوي الذي وضعه خير الله افندي خير الله ؟ أنا لم أره بعد وقد أخبرني صديق أن في الكتاب فصل عنك وفصل آخر عني فإذا كان لديك نسختان تكرمي بإرسال نسخة منهما إليّ وأجرك على الله .

ها قد انتصف الليل فليسعد الله مساءك ويبقيك للمخلص .

نيويورك 24 كانون الثاني 1919

ميساء البشيتي 21 / 07 / 2009 26 : 12 PM

رد: من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
اخي الكريم فيصل


هل تعلم أخي فيصل .. أنا متشوقة لنقلك الرسائل جميعها

ومن ثم قرائتها قراءة جماعية ومناقشتها وتبادل الردود

أتمنى ان تبقى معنا وأن تستطيع الحصول عليها جميعها
فهذه رسائل جميلة جدا وانا أخي بامكاني المساعدة لو أحببت

أشكرك على الجهد الرائع المبذول واتمنى لك أوقات طيبة

:nic108:

ميساء البشيتي 21 / 07 / 2009 08 : 01 PM

رد: من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
اخي فيصل

سأحاول ان ارفق أحدى رسائل مي ولكني

لا أضمن التسلسل .. يعني ربما لا تكون رسالة مي

سابقة لرسالة جبران هذه بالتحديد أو لاحقة لها

لكنها من إحدى الرسائل

للأسف كانت لدي الرسائل مجتمعة وفقدتها

لن أييأس سأحاول العثور عليها مجددا


ميساء البشيتي 21 / 07 / 2009 10 : 01 PM

رد: من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
من مي إلى جبران

...جبران! لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب. إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.

ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.

الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية.. أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت أن لا تقرأ ولا تكتب.

إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك.. وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك، يحرسك ويحنو عليك.

... غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد: جبران).
مي زيادة

حاتم الأيوبي 21 / 07 / 2009 16 : 01 PM

رد: من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
بداية سأورد لكم نبذة عن نشأة كل منهما و كيف التقيا روحيا دون ان يتقابلا و لا مرة واحدة !
ولدت مَيّ _ و اسمها الحقيقي ماري _ زيادة سنة 1886 م في الناصرة في فلسطين من أب لبناني ماروني و اأم فلسطينية أرثوذكسية تعـلـّمت ميّ القراءة و الكتابة في دير الناصرة ثمّ انتقل أبوها ليعمل في التدريس في لبنان فدرست ميّ في مدرسة راهباتو تعـلـّمت مي ّ زيادة عدّة لغات أجنبية و أتقنتها و بعـد ذلك انتقل أبوها إلى القاهرة ليعمل في الصّحافة فانتقلت و أمّها معه و في القاهرة أسس إلياس زخور زيادة_ أبو ميّ _ جريدة " المحروسة "،فحررت ميّ فيها بابا ً اسمته " يوميات فتاة ".

أما جبران فقد ولد في جبل لبنان سنة 1883 م
و في الخامسة من عـمره بدأ يتعـلّم مبادئ العـربية و السّريانية و الفرنسية
ثمّ ذهب مع أمّه وأخوته إلى مدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية و هناك تعـلـّم الإنجليزية
و في الخامسة عـشرة من عـمره عـاد إلى لبنان و بقي فيها ثلاث سنوات
حتى أتقن اللغـة العـربية و رجع بعـدها إلى بوسطن حيث بدأ يرسم و أقام معـارض للوحاته و بدأ يكتب مقالات بالعـربية في جرائد المهجر و أصدر مجموعـتين قصصيتينثمّ سافر إلى باريس ليدرس الرّسم و بقي فيها سنتين وأخيرا ذهب إلى نيويورك التي لم يتركها بعـد ذلك

و كانت مي في السادسة و العشرين حين أرسلت لجبران مبدية إعجابها بكتاباته في عام1912
أجاب جبران عـلى رسالة ميّ وأرسل لها رواية " الأجنحة المتكسّرة " التي كان قد نشرها في نيويورك
و كتبت له ميّ أنـّها لا توافقه على آرائه و خاصة في الزواج و بدأت بينهما مراسلة استمرت تسع عـشرة سنة لم يلتقيا فيها أبدا ً
أرسلت ميّ صورتها لجبران في سنة 1921 ، فرسمها بالفحم و أرسلها لها و تحولت عـلاقة ميّ بجبران _ قليلا ً فقليلا ً _ من الإعـجاب الأدبي إلى صداقة روحية ثمّ إلى حبّ

منقول للفائدة

فيصل بن الشريف الاحمداني 21 / 07 / 2009 36 : 01 PM

رد: من رسائل جبران خليل جبران الى مي........الرسالة الثانية
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ميساء لك مني اعمق تقدير على هذا التفاعل
والف شكر على هذه الرسالة الرائعة وارجوا ان لاتحرمينا
لمسات اناملك النيرة البراقة التي طالما انارت المنتدى
اخي حاتم الايوبي لك مني الف شكر على هذه النبذة الرائعة
عن هذه الحبيبين......عشيقين من نوع اخر .......
اختي ميساء انا في انتظار جديدك ......
ولسوف احاول ان لا اخيب املك واكون عند حسن ظنك....
وسوف يكون لنا لقاء في مساحة البوح ان شاء الله بخصوص هذه الرسائل
:nic103:


الساعة الآن 13 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية