![]() |
لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
لقاء من خلال جهاز التحكم ، ظهرت فضائية للتعارف فقط ، تستعرض أرقاما كثيرة ، كلها للشباب ، ليتهم ينسقون صفحة للمسنين ،هم بحاجة إلى التسلية أكثر من الشباب، خطر لي خاطر ، لم لا أهاتف شابا ، المعروف عن صوتي أنه صوت شبابي واللكنة ناعمة , أكثر من مرة كان من يخاطبني على سبيل الخطأ يعتقد أني فتية ، ضحكت لتدابير ا لزمن كيف شملت الشيخوخة كل ّشي فيّ وتجاوزت سهوا حنجرتي، ضحكت في قرار نفسي , لم لا أخوض تلك التجربة ، وأعرف كيف يفكر شباب اليوم, وإلى أي حدّ تسير التجربة ,أعجبتني الفكرة للتسلية ، وفرصة للحديث عن تجربة غريبة اخترت رقما سهلا نظرا لعدم قدرتي على الحفظ السريع إذ أن زهايمر الشيخوخة بدأ يلح على الخلايا الدماغية بكثرة النسيان، طلبت الرقم ، في البداية تلعثمت ، ماذا أقول؟ طارت الكلمات ، أغلقت الجهاز ، ما هذا الغباء ، كيف أفكر بهذه الطريقة ، هذه فكرة مجنونة ، قررت إلغاء الفكرة ، لحظات دندن الهاتف ، اعتقدت أن من يطلبني أحد المعارف ، رددت بسرعة حتى أريح نفسي من إرباك المحاولة السابقة -: ألو من المتكلم -: أنت طلبت قبل قليل ، أدركت أأني وقعت في الحفرة التي حفرتها. اعترفت-: نعم أنا اتصلت -: خير -:تعارف فقط أخذت الرقم من التلفزيون- : أهلا -: من أنت ؟-: واحدة -:أعرف-: أسمك -: لا أستطيع -: كيف سأكلمك -: اختر أي اسم يعجبك -: المراوغة من البداية -: اسمع أنا ليلى العامرية -: ولم هذا الاسم -:لأنها أوصلت قيس إلى هاوية الجنون وانتقمت لكل نساء عصرها من الرجال ،-: البداية صعبة ، لكن قيسا جنّ من الحب ،-: المهم أنه أصبح مجنونا ،-: ما رأيك يا قيس ،-: أنا اسمي ...-:انتهى اسمك قيس -:هذه بداية تعارف مذهلة ومبشرة بالخير ، ضحكت من كلّ قلبي، لم يفهم .-: هل أنت جميلة -:أشبه ليلى العامرية -:ومن قال أن ليلى جميلة -: لو لم تكن جميلة لما أحبها قيس وهو شاعر يهوى الجمال -:منطق سليم -: وقد تكون قبيحة والمثل يقول " حب حبيبك لو كان عبدا أسود" ، -:كم عمرك ،-: العمر ليس ضروري المهم التفاهم بين أي عقليتين ونحن نتعارف فقط ، اليوم كفانا كلاما -: انتظري , وسكتت شهرزاد عن الكلام. تتابعت الأيام واستمرت المكالمات ،حتى تميزه اختارت رنة ، كان لا بد من أغنية تناسب السياق ، آه تذكرت هي لمطربة لا تعرف من هي لأنها هجرت سماع الأغاني منذ زمن طويل لكن الرنة هي " يا مجنون مش أنا ليلى ولا بنسمة هواك مايلة يا مجنون " . كل مرة تأخذ منحى جديدا في الدردشة ،في كافة المواضيع الثقافية العامة وامتد زمن الكلام لساعات طويلة . تحول الحوار إلى إدمان من الطرفين ،-:ليلى مللت الحديث عن المواضيع العامة ، أريد أن أعرف عنك كل شيء -: هذا تجاوز لا أقبله -: هذا من حقي أصبحت قريبة جدا لنفسي -: قلت لك نحن أصدقاء فقط -: اسمحي لي أن أوجه لك بعض الأسئلة الخاصة ، إن أعجبك السؤال أجيبي أو أصمتي ، أعجبتني الفكرة ، بدأ يسأل ... تناولت صورة لي نفضت عنها غبار الزمن يوم كنت في العشرين من عمري ، وأخذت أجيب عن الأسئلة بعد أن أحدق في الصورة ، -:تصوري كل الصفا ت التي ذكرتها تشبه فتاة أحلامي ، غرقت في الضحك ، وبدأت الأسئلة تتعمق إلى الصفات الشخصية وبعض الطباع ،-: أنا هادئة جدا ، مطيعة ، مخلصة ، متعاونة مستعدة أن أضحي بالكثير من أجل من أحب ، أتنازل عن أشياء كثيرة حتى لو كانت تمّس كرامتي في سبيل إرضاء الطرف الآخر ، ضحك من الفرح -: أنا أحبك . اخترت أن تكوني رفيقة دربي ، ضحكت حتى امتلأت العيون بالدمع الحزين ، الكلمات ذاتها قرأتها منذ أربعين عاما في رسالة حب استقرت في كتاب -: يعني مستعدة أن نتعاون لبناء المستقبل معا -: وكيف، سوف تستقر داخل مركبة المستقبل معها وتتركني على الرصيف -: عمن تتكلمين ، لاشيء يبدو أن أسلاك الماضي تتضارب في مخيلتي ،-: أنا عصبي جدا هل تتحملين هذا -: نعم لأقصى درجات الذل --: ماذا الكلام لا يصل واضحا -: أنا أقدر المرأة المطيعة، التي لا تخالف الأوامر -: مهما كنت ظالما -: من الظالم؟ -:لا أحد سقطات كلم -: ستكونين رفيقة دربي حتى آخر لحظة في حياتي ، ستكونين فخرا لي في المجتمع -: الحقيقة مرّة وأنا وحيدة بين الجدران الأربعة وأنت معها : أي جدران هذه...؟ ، -:يجب أن نلتقي -: هذا أمر مستحيل ومرعب كيف ألقاك -: من أي شيء تخافين -: إن رفضت سأغضب ، سأنتحر ،-: لا خسارة على شبابك ، ومكسب لامرأة تنجو من قمع رجل -: أحيانا لا أفهم ما تقولين -: هذيان شبكة ضعيفة .أعطني فرصة للتفكير ومرت أيام . طلبته ولأول مرة -:فكّرت : نعم سنلتقي ،-: لكن أنا أحدد المكان خارج الزمان -: كما تشائين ، من المؤكد أنك تعرف شارع الجامعة عند يمين الشارع انتظرني عند الشجرة الخامسة في الساعة الخامسة وهناك مقعد مستطيل نجلس عليه لنتفاهم ، سأرتدي بنطا لا زهريا واسع القدمين ، وبلوزة بيضاء ، شعري لونه اسود ناعم، مستلقيا بدلال على ظهري ،وحذائي أبيض كعبه عال جدا ، صعقته الفرحة . ذهبت متثاقلة للقاء ، ارتديت عباءتي السوداء وأسدلت على شعري الرماديّ شالا أبيض،وحشرت قدميّ في خف زاحف، رأيته من بعيد، مكتوف اليدين، عيونه تائهة تبحث عن صبية حفظ مواصفاتها عن ظهر قلب ، هذا المكان أعرفه، تحدد قدري فيه منذ أربعين عاما , نظرت إليه دعوت الله أن لاتصل حبيبة قلبه إلى ذاك المكان رجوتها أن ترجع ، هذا الرجل لا يحمل لك إلا الأسى ، أرجوك ارجعي قبل فوات الأوان ،قبل أن يسطّر حظك المؤلم ، اتركيه ينتظر ,مررت من أمامه وتعمّدت التعثر ، انحنى ليساعدني على الوقوف ، ويجلسني على المقعد -: استريحي يا خالة ، أني انتظر رفيقة دربي، ابتهلي لي أن تصل ، رفعت يديّ وتمتمت: ليتها لا تأتي ، لو تعرف كم المرارة التي ينتظرها ,تركته ينتظر, تابعت سيري وأنا أردد ليتها لا تأتي حبيبتك ، ليتها لا تأتي . |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأخت الكريمة فاطمة ..
قصتك أوغلت بي في متاهات الحلم .. لكن الواقعية كانت سمتها .. كل كلمة تنطق بالأحاسيس .. وكل التعابير توحي بذاك الحس الإنساني المتجذر في أعماق النص .. هي تعابير بدأت متوهجة لتنتهي كذلك .. إيقاع واحد طبع القصة حتى ليكاد القارئ يستبق الزمن ليصل إلى النهاية .. وما كان أروعها من نهاية . تألق و إبداع مطرد .. أهنئك أختي فاطمة و أتمنى لك دوام هذا التألق . |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى الأخ الأديب السيد رشيد الميموني تحية وبعد أشكر لك هذه القراءة العميقة لمجريات الأحداث في قصة " لقاء" وقد راقني ما كتبته من عبارات تعبر عن رقي حسّك الأدبي وتذوقك للنص بفنيّة عالية وشكرا لك الكاتبة فاطمة يوسف |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأخت العزيزة الأديبة فاطمة يوسف عبد الرحيم :nic69:قصة جميلة وممتعة وتحمل معاني جميلة ورائعة بانتظار المزيد من إبداعاتك , تقبلي تحيتي ومحبتي . |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأستاذة الفاضلة فاطمة .. أهلاً ومرحباً بك معنا في أسرة نور الأدب ..
كل إنسان يمر بمراحل مختلفة خلال رحلة عمره .. مرحلة الطفولة والبراءة, مرحلة الشباب والحيوية , مرحلة الخمسين وما بعدها .. وكل مرحلة ولها جمالها الذي يميزها عن غيرها , ويجب على كل انسان أن يستمتع بكل مرحلة على حدى .. أما مرحلة الخمسين وما بعدها وهي مرحلة حساسة وصعبة في حياة الإنسان لشعوره بالوحدة والتجاهل ممن حوله في بعض الأحيان .. وعليه أن لا يستسلم لأي شعور انهزامي يصيبه بالإحباط واليأس .. ويعلم أنه في هذه المرحلة تحديداً يكون أكثر قدرة على العطاء , ولديه من الخبرات الحياتية ما يكفي لمساعدة وإسعاد كل من حوله .. وقد تفضلت بسرد وتوضيح هذه المرحلة بأسلوب يهز المشاعر .. سلمت يداك .. في انتظار المزيد .. تحياتي [BIMG]http://www.nooreladab.com/vb/attachment.php?attachmentid=1898&stc=1&d=126021491 5[/BIMG] |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
[align=justify]القاصة المبدعة فاطمة يوسف عبد الرحيم
كل تحية وود أهلا بك بيننا قاصة تعطي قصصها نكهة متميزة وجميلة .. قد تختلف هذه القصة عن قصصك الأخرى في القرب من واقعية الحدث والتماهي مع خيال جامح يرسم صورة تقول الكثير .. هناك كلام وراء الكلام .. فالرسالة واضحة من هذه التوليفة الذكية في مقاربة ادوات العصر وتقانته .. هذا لا يعني أنّ قصصك الأخرى تقل قيمة عن هذه ، لكن هذا التشاطؤ بين الواقعي والخيالي وإرسال فحوى تحمل الكثير فيه تناغم ساحر .. تسيرين مع الفعل بمشتقاته سيرا يعلم اين يضع الخطى فالمضارع يشير ، والماضي يروي ، وكل دقيقة تطور حدثا يصل إلى بؤرة ضوئية تجعل الخاتمة مليئة بالكثير .. لك كل تحياتي مرة اخرى اهلا وسهلا بك بيننا طلعت سقيرق [/align] |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
القاصة المبدعة فاطمة يوسف عبد الرحيم أسعدني الإطلال على أحد نصوصك للمرة الأولى لأكتشف أنني أمام قاصة متمكنة من أدواتها أنا معك في تعاطفك مع هذه السيدة فحالة العزلة عن الناس في الأعمار المتوسطة فما فوق حالة مؤلمة يغلفها الضجر و تثاقل الأيام و لكن أن تتلاعب بعاطفة آخر لتقتل مللها فهذا أمر لا أوافق عليه البتة بل أوجه إليها اللوم الشديد أختي الكريمة لقد نجحت باستفزاز قارئك و شده حت الحرف الأخير أهنئك راجيا لك دوام يراعك السيال بمداده الذهبي نزار |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله ةبركاته
الأديب الراقي الأستاذ د . نزار ب الزبن تحية وبعد أشكر زيارتكم الأولى واطّلاعكم على ما كتبت واعتزّ برأيكم السديد الذي عبّرتم فيه عن إعجابكم بما أكتب ، أما رفضك لسلوك البطلة إذ أنها تتسلى بمشاعر الناس ، طبعا الموقف خيالي لكنه إسقاط من الكاتبة على موقف في حياة بطلتها لإبراز معاناة البطلة وأظنك أديب متمكن تدرك ما أريد إيصاله . شكرا للاهتمام فاطمة يوسف عبد الرحيم |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الأديب طلعت سقيرق تحية وبعد لقد أذهلني تعليقك لأنه أعطى النص بعدا تحليليا عميقا ، وأدركت بحسك الأدبي المبدع الإيغال في عمق النص وإظهار الدوافع النفسية للبطلة للقيام بسلوك مغاير لعمرها وكيف سخّرت التكنولوجيا الحديثة للإيقاع بهذا البطل في دوامة الحيرة والتيه . أشكر لك هذه القراءة ودمتم فاطمة يو سف عبد الرحيم |
رد: لقاء قصة قصيرة تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الزميلة الأديبة مرفت شكري تحبة وبعد أشكر لك قراءتك للقصة واهتمامك بالمراحل العمرية للإنسان وتحلبل ما يحدث في هذه المرحلة للبطلة وإطرائك للأسلوب أشكر لك هذا االتذوق الراقي للنص وأتمنى أن نلتقي باستمرار على صفحات نور الأدب ودمت فاطمة يوسف عبد الرحيم |
الساعة الآن 29 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية