![]() |
محمود درويش تحرجني الكلمات... ويقتلني الحنين إليك - الأديبة مادلين اسبر
[frame="14 98"] دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الخميس 21 آب 2008 مادلين اسبر محمود درويش تحرجني الكلمات... ويقتلني الحنين إليك ماأصغر المفردات وهي تتحدث عنك.. كلما مر الوقت تزداد فجوة الحزن عمقاً ما اصغرني وأنا أنعيك أيها الفارس الغائب الحاضر المعتق بالهوى لهذا التراب أيها السنديانة الرائعة التكوين الخارجة عن كل قوانين الأرض الراسخة في اعماق اعماقنا... بتلافيف أدمغتنا في تاريخنا في مفرداتنا في تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة حتى في هزائمنا مااغربك أيها الموت كيف استطعت وكيف طاوعك قلبك أن تأخذ نوراً نهتدي به في عتمة ظلمة وحدتنا... آه وألف آه لوكنت من الذين يقفون بوجهك لمنعتك في تلك اللحظة الهاربة وأنت تتسلل إليه كاللص لقبضت عليك ومنعتك وسجنتك أما كان الأجدر بك أن تتأخر قليلاً. أي قبر سيتسع لكل هذا الحنين لكل هذا الأنين وهذا القلب وهذه الروح وهذه التراتيل وهذا الصوت الطالع من فضاءات كثيرة. من الذي اغمض عينيك في تلك اللحظة، من جفف هاتين الدمعتين الحزينتين اللتين انحدرتا على خديك وأنت ترتمي على اريكة لايتسع لها لا المكان ولا الزمان من الذي قبل شفتيك القبلة الأخيرة. كيف لهذا الحنين أن يذهب مع الضباب بعيداً بعيداً مع الغياب وأنت تموت في غرفة باردة وبلاد أشد برودة.... وتحن حتى اللحظة الأخيرة الى خبز وقهوة ورائحة أمك لو كان لتلك الأم ان تبصر الآن الرابطة التي بين فراشها وهي تلدك في تلك القرية الصغيرة (البروة في الجليل الغربي) وبين سريرك الوحيد الأبيض الصغير البارد في مشفى (هيستون) بولاية تكساس لو كان لها أن ترى قطرات الحياة وصراخ الرؤية الأولى التي انبعثت في رحمها ومنه تلك الليلة تغور الآن وبعد سبعة وستين عاماً في رحم الموت في رحم الزمان الكئيب وفي بلاد محوطة بكل شياطن الأرض لتحولت بهجتها وفرحها الى رعشة خانقة ولعادت الى قلبها وروحها آلام المخاض لو كان لأمك التي تحن إليها والتي تخجل من دمعها حتى في ساعة موتك والتي غامرت بحياتك مرارا لأجل أن ترى عينيها أن تتلمس الآن الآن حبال الروح الخفية التي تربط ولدها بكل شعوب الأرض وحتى بأرواح لم تحضر بعد بل مازالت خلف ستار الكون لو كان لها أن تتلمس تلك الحبال السرية التي تذهب الآن مع الغياب مع الضباب مع قطرات الندى لتوقف نبضها عن الحركة وماتت حزينة كئيبة وحيدة. أيها الفارس اللاعب المترجل الآن من أعلى صهوة للإحتضار، الكاتب أبدا أنشودة، أزلية لم يهزمك الموت، ولن يهزمك حتى بموتك، فأنت تحيا الآن وغدا وبعد غد وإلى اخر الأزمان... يامن كنت ترى مالانراه، وتشعر بما لانشعر به، ويسكن خيالك عوالم غير عالمنا الأرضي فتترجم تلك الرؤى والمشاهد المحجوبة عنا بتراتيل شعرية ونثرية يقرؤها ويسمعها الناس وهم مصابون بالدهشة... دعنا الآن ندفئ أرواحنا الباردة التي جف دمها بتلك الكلمات، ونحن نلبس ثياب الحداد ونناديك... (من الأزرق يبدأ البحر) ومنك درويش تبدأ المفردات أيها العربي الأول الذي سجل في رأس الصفحة الأولى أنه عربي... هذه هي جثتك نلتقطها الآن وكما قلت دائما نفرغك من القمح ونأخذك الى الحرب... كي تنهي الحرب وكي يولد في الزمن العربي (ربما) نهار جديد. ما أصغرني وأنا أنعيك أيها الفارس...أيها الراحل... أيها العاشق أبداً... فنم ... نم ياحبيبي نوما هادئاً واستفق في آخر المدى... نم فنجمة الصبح ترعاك وكل الأقمار رعاة لك وحرس،... نم ياحبيبي فالفجر يطل حزيناً والشمس لن تشرق ولاالقمر والنجوم، فهم يتناوبون الحراسة عليك، يكافئونك الآن لأنك كنت حارسا للوطن للكلمات في البراري، في البساتين. وكروم الزيتون واللوز والبرتقال والمرافىء نم فكلها تدفنك. فالقبر أبدا لم يكون دافئا ... نم ياحبيبي في أمان وسلام. هاهو الظلام يزحف إلينا من كل ناح وهانحن أصبحنا بدونك؛ عصافير بلا أجنحة ... نم ياحبيبي غدا ستأتي ورد خزامى وحبقا وياسميناً وأقحواناً وعطرا وزهر لوز وخبزا وزعترا ... فشمس بلادي وتراتيلك خالدان الى الأبد... محمود درويش.. نم... فنجمة الصبح ترعاك[/frame] |
رد: محمود درويش تحرجني الكلمات... ويقتلني الحنين إليك - الأديبة مادلين اسبر
المبدعة الأديبة مادلين اسبر كم كانت لكلماتك وقعاً على نفسي كم شعرت بالأسى لوفاة هذا الشاعر الفلسطيني أؤيدك بما عبرتِ عنه (من الأزرق يبدأ البحر) ومنك درويش تبدأ المفردات أيها العربي الأول الذي سجل في رأس الصفحة الأولى أنه عربي... حقاً كان محمود درويش شاعر جيل وأمة ولقبه بشاعر المقاومة كان من حقه فقد صور معاناة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال وفي المخيمات والمنافي , فقد حمل مأساة وطن وكانت قصيدته الدرويشية هي صناعة فلسطينية من تراب الوطن وارتوت بدماء الشهداء واستطاع محمود درويش من خلال دواوينه أن يكون مدرسة شعرية لكل الأجيال كتب من أجل الخبز الذي يمثل ضرورة للإنسان في الآمان وكتب من أجل السلام وحق الكلام إنه شاعر يختزن التاريخ في مفردات اللغة مات محمود درويش ومات معه الشعر رحم الله شاعرنا الحبيب وعزاؤنا أن قصائده ستظل تسطع عبر الأجيال ولكننا خسرنا قصائد جديدة له والتي يحلم بها الشعب الفلسطيني مهما بحنا بحبنا الكبير لهذا الشاعر الرائع لن نفيه حقه بارك الله بك الشاعرة الرائعة مادلين دمت بخير |
رد: محمود درويش تحرجني الكلمات... ويقتلني الحنين إليك - الأديبة مادلين اسبر
الأستاذة الشاعرة الكبيرة مادلين اسبر
بارك الله بكِ على هذا الكلام الرائع والجميل بحق شاعر المقاومة , شاعر فلسطين محمود درويش رحمه الله , ورغم أن الكلمات لا تفيه حقه , ولكن في الحقيقة , أبدعتِ أستاذة مادلين , فقد قرأته أكثر من مرة . وتذكرتُ قيمة هذا الرجل الكبير وما قدمه لقضية وطنه فلسطين , حتى أن العدو الصهيوني رفض أن يدفن هذا الرمز في تراب الجليل , لأن وجوده هناك سيحوله لرمز جديد يؤكد أن الأرض هي لأصحابها وشعبها الحقيقيين . وان هذا الكيان ما هو إلا عابر على هذه الأرض. أشكركِ وتقبلي فائق تقديري واحترامي . |
الساعة الآن 25 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية