منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   ساعي الأحلام (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=15240)

نصيرة تختوخ 07 / 05 / 2010 23 : 06 PM

ساعي الأحلام
 
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:white;border:4px ridge skyblue;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]بعد أن انتصف الليل و نام أهالي القرية المتعبون خرج يطوف البيوت بيتا بيتا ينثر على الوسادات مزيجا من أحداث اليوم و الأمس وبعض المنى الملونة، كلٌّ حسب عمره و مزاجه وسعة خياله.
كان ساعي الأحلام كجاسم صانع الخزف يمارس الطقوس ذاتها لكنه يخرج من الدوران و الانحناء ات شكلا جديدا كل مرة إلا معها هي.
بالقرب من سريرها كان يحضر البحر لا شي آخر غير البحر بزرقته المنعشة وبعض الصخور و بعض النوارس.
كانت تجلس على نفس الصخرة كل ليلة وتستمع لصوت الموج يغدو و يجيء، تغيب خلفه النوارس و تعود لتمشي بالقرب منها دون خوف أو وجل.
في ذلك الصباح استيقظت على صوت ضجيج في الطابق السفلي ، طارت النوارس من حولها و هي تفتح عينيها الناعستين.
الشيخ فواز يقيم مأدبة بمناسبة عودة ابنه المغترب، ذاك الذي كان يقال أنه غادر من أجل تحقيق الأفضل، ذاك الذي كان يحدث أن تسمع جدتها تحكي عن طيبته و أن يشهد والدها بشجاعته و هو من تتعالى الأصوات على ذكره هذا الصباح .
بيت الشيخ رحب،فسيح كسيرة كَرمه يدخله المرء فيشعر بطمأنينة تفتح أزرار الروح و تطرد التشنج والانقباض . جلست مع بنات الشيخ يتسامرن وحين قامت معهن تحمل صحن الحلوى في يدها اصطدمت به يخرج من المطبخ حاملا كوب ماء مالبث كالبحر أن بعثر موجه أمامها و أرسل إليها رذاذه .
بلل كُمَّ ثوبها وانتشر زجاج الكأس من حولها وحطت يده كنورس عليها ماإن لامسها حتى هرب.
'' لم يحدث شيء ' قالتها في ارتباك وانحنت لتجمع زجاجا أبى أن يتركها تلتقطه بيديها الناعمتين.
عادت إلى مكانها بدون نشوتها و ضحكتها وبعد منتصف الليل كان ساعي الأحلام يراها تنقلب يمنة ويسرة و ضوء القمر يفضح دمعات تتلألأ في عينيها.
أبت أن تتناول شاي أمها الساخن وخبزها الصباحي الذي تعودت أن تفرشه بالجبن و العسل ،شربت ماء ا باردا و عادت إلى سريرها .
ساعة الظهيرة باغتتها جدتها وهي تتصبب عرقا في سريرها وجسدها تلهبه حرارة مخيفة.
أفاقت على الصوت ذاته ينتشلها من أمام موج البحر و على النورس الخاطف يلمس يدها الملتهبة ؛ إنه هو ابن الشيخ يضع في فمها ملعقة دواء ويرجوها أن تتجرعها.
نفذت رجاءه وهي تنظر إليه ودموعها تغلبها ، تفيض على يديه فيمتص ملحها وهو في الطريق لبيت والده.
ثلاثة أيام أو أربعة مضت وكانت كافية ليفهم أن المقويات لوحدها لن تخرجها من البحر وأنه قبلها أصيب و الحلوى تتطاير من صحنها على قميصه وتطبع مسائه.
أتى الشيخ وزوجته يطلبان يدها لابنهما وهي تتماثل للشفاء ووجهها الصبوح شاحب كوردة تذبل .
بعد شهر لم يجدها ساعي الأحلام في سريرها، كانت وسادتها الخالية تحمل رائحتها وآثار عبراتها .
في غرفة من غرف المنزل الرحب رآها وعلى ظهرها يد العائد كنورس حط في أمان، أبعد عنها ضوء القمر وعوض أن يُخرج البحر وضع خالا صغيرا على كتفها ورمى برعما ورديا في حلمها ومضى.
Nassira[/ALIGN]
[/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

نبيل عودة 08 / 05 / 2010 38 : 09 AM

رد: ساعي الأحلام
 
نصيرة تختوخ
معلمة رياضيات . كنت أعرف ان الرياضيات قريبة للموسيقى ، ولكني لم أكتشف ان الرياضيات تخلق مبدعا قصصيا الا بين كلماتك .
قصة تكاد تكون قصيدة في لغتها .. او بين الشعر والنثر ..فكرتها شعرية ونصها نثري.
اجل .
هل من ترياق للحب الا اكتمال الحلم ؟!

نصيرة تختوخ 08 / 05 / 2010 43 : 10 AM

رد: ساعي الأحلام
 
شكرا لك أستاذ نبيل حق تشرفني كلماتك ويسرني أن تحظى قصتي بإعجابك وببصمتك الإيجابية هذه.
تحيتي و يوم مزهر بالفرح أتمناه لك

ايمن المغربي 08 / 05 / 2010 38 : 11 AM

رد: ساعي الأحلام
 
هذا مستوى رائع من الكتابة السردية
لعلك استاذة نصيرة الخطيرة ....عن وعي او عن غير وعي تتنفسين بالسرد وتطرقين ابواب الحداثة بيدين ناعمتين وخطى ثابتة
انت تعرفين ان ادب القصة قد تخطى عتبة مكونات السرد المعروفة من اشخاص ومكان وحبكة وحدث وزمان .... الخ الى ما يمكن تسميته ب"القصة الحرة" بالموازاة مع ما سمي في المجال الشعر ب"القصيدة الحرة" او "الشعر الحر " [انا اتكلم هنا عن الاداب العالمية وليس الادب العربي فقط] بحيث اصبحت القصة شكلا من اشكال التعبير الادبي المتحرر من كل قيود وقوالب واصبحت تتمازج مع الفنون الاخرى من شعر وتشكيل ومسرح ايضا... واصبحت تملي على القارئ نفسها بما يسمى بالتداعيات الفنية
واصبح على المتلقي ان يكتب نصبه بازاء قراءتها...
ومن خلال قراءات متعددة يتحو ل النص المفتوح الى نصوص ...
في اقصوصتك ابتعاد كامل عن المباشرية وارهاصات الرمز تتربص بالقارئ [الفاهم] في كل ركن من اركان عالم اقصوصتك

اريد ان اسالك عن شيء ولا تنزعجي منه وسافسر لك السبب الذي دعاني كي اسالك اياه
باي لغة تفكرين عندما تجلسين لتكتبي قصصك
العربية [لست متاكدا]...؟
ام الفرنسية
ام الهولاندية
ام الانجليزية
ام لغة اخرى لا اعرفها
والسبب في طرحي هذا السوال
اني اختي الكريمة كتبت الشعر بالتركية في السنوات الاولى من اقامتي بتركيا فاعجب به اساتذتي وهم اهل الميدان واساتذة مبرزون يحاضرون بالجامعات التركية واصحاب تاليف ومنشورات واشراف على دور نشر ومجلات ... الخ
فكانوا يندهشون لذلك اندهاشا كاملا ثم يقولون لي انى لك هذا [وهم يشيرون طبعا الى ضعف تركيتي حينها ويندهشون كيف اخرجت الحي من الميت هههههههه]؟؟؟؟
ولم اكن اجيبهم الا باجابة سيدتنا العذراء الواردة بالقران الكريم ... كلما دخل عليها زكرياء المحراب....
غير ان الاستاذ الكرسي [المشرف على اطروحتي فيما بعد ] البروفسور الدكتور مصطفى اوزون قال لي ما معناه[ان معرفتي للعربية والفرنسية والانجليزية....وادابها ما جعلني اكتب تلك العبارات المختلفة التي تدهش القارئ التركي واني رغم ضعف تركيتي الا اني املك ما لا يملكه القارئ التركي ... ]
من هنا تبينت ان عملية الكتابة الناجحة هي تلك الكتابة التي تربك افق انتظار القارئ وتخرجه من عالمه المالوف ومن طابور الجمل المتشابهة والصور الواردة في كل نص الى عالم جديد مليء بالالغام والمتفجرات والمفاجات وذلك نصك استاذتي نصيرة
سعدت بالاطلاع على قصتك وفي انتظار باقي ملامح "اليس في بلد العجائب "...!
وشكرا لدعوتك
اخوك ايمن الركراكي

نصيرة تختوخ 08 / 05 / 2010 04 : 12 PM

رد: ساعي الأحلام
 
الأستاذ و الأخ الفاضل تسعدني جدا قراءتك و يسرني أن أجيب على سؤالك بأي لغة أفكر إن كنت أفكر (ابتسامة) أظن أنني مع القصص الأخيرة خاصة أتخيل بدون لغة وأظن أن مايساعدني في ذلك رصيدي المعرفي المتعلق بالفنون سواء ا تشكيلا أو شعرا أو سينما .
سألتني ابنتي منذ أيام ماذا تكتبين فحاولت أن أترجم لها قصتي 'زنبقة الماء ' شفاهيا بالهولندية ولاحظت أن القصة بقيت مقبولة كقصة وأنها نالت إعجابها لحسن الحظ.
لذا أظن أنه التفكير بالصورة قبل الكلمات وأن مخزوني اللغوي يساعدني في تشكيل النص كما أن بعض المشاهد تأتي لوحدها .
ربما بداخلي ولاشعوريا نظرا لتعرفي على لغات أخرى و انفتاحي على ثقافات أخرى صرت أحيانا وتلقائيا أبتعد عن القيود وبعض التفاصيل لكي يكون إطار نصوصي أوسع وهنا أجد أيضا أن ملاحظة أستاذك صحيحة لأن الخروج عن النمطي و المألوف يشد القارئ وأن الاطلاع على ثقافة الغير يزيدنا غنى .
تقبل خالص تحيتي أستاذ أيمن

ميساء البشيتي 08 / 05 / 2010 09 : 12 PM

رد: ساعي الأحلام
 
غاليتي نصيرة

بعد قراءة مداخلة الأخ العزيز أيمن والتي تعكس كل ما يدور بفكري جاء جوابك

ليضع النقاط على الحروف فأنا أتخيلك أيتها العزيزة تنظرين إلى الصور ويذهب خيالك

بعيدا ثم يتدفق شلال الإبداع لديك على شكل قصة .. خاطر.. نثر .. وأحيانا رسالة لي هههه

صدقيني نصيرة أنت من الصعب أن تكوني في يومين متتاليين كما أنت .. متجددة دوما

مزيدا من النجاح والتوفيق أتمناه لك يا غالية ودمت :nic35:

نصيرة تختوخ 08 / 05 / 2010 16 : 12 PM

رد: ساعي الأحلام
 
آه ياميساء أظنك صرت ترينني وتحسين بي وتفهمين تركيبتي كإنسانة..
لك أجمل تحياتي وشكري

زياد صيدم 08 / 05 / 2010 43 : 01 PM

رد: ساعي الأحلام
 
** الاديبة الراقية نصيرة...............

قص فيه الكثير من ابداع ورتابة..

جميل ما خطه قلمك الراقى وفكرك النير.

تحايا عبقة بالرياحين......................

نصيرة تختوخ 08 / 05 / 2010 01 : 02 PM

رد: ساعي الأحلام
 
الأستاذ الفاضل زياد صيدم يشرفني أن تترك بصمتك الإيجابية على متصفحي.
تقديري و تحيتي لك

مسعدالنحلة 08 / 05 / 2010 02 : 04 PM

رد: ساعي الأحلام
 
أختي العزيزة الأديبة المبدعة نصيرة تختوخ
نص هو للشعر أقرب غني بالمعاني والمشاعر ينتعش بالايحاءلت والعبارات ذات المغزى العميق والصور البلاغية الغنية التي تغوص بمهارة في الاعماق بنفس القدرة التي تمرح بها على السطح
مع خالص التحية والتقدير


الساعة الآن 42 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية