![]() |
حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
حوار مع الصمت..!
زمجر الصمت في وجهي، فالتصق بصري طويلاً بزاوية السقف وأنا متكئ على حافة سريري، يسري بكوعي تنميل شديد، فرأسي الثقيل محمل عليه، أعتدل.. أشعر بألمٍ أشد.. بيدي الأخرى أدعك ذراعي فتنفرد رويدا.. أتمطى وأتثاءب.. ألقي بظهري إلى المرتبة مرة أخرى.. لا صوت يؤنسني سوى أنين الصمت يحوطني متخبطاً في جدران بيتي كالسكير.. أتململ، أذكرني طفلا أمام بيتنا يعجن التراب بالماء على الشاطئ، يحملني بين ذراعيه وحيداً، فأبني من الطين بيتا وأصنع حمارا وطفلا يركبه. ومن عيدان الخوص غيطاً مليئا بالشجر.. حين يحضر الصبية للعب معي.. أصرخ في وجوههم، فيفرون وأبقى وحيداً.. بعدها بقليل.. يهاجمني الملل.. أهد البيت بقدمي وأقطع رقبة الحمار وألقي بالصغير إلى الماء، ثم أكسِّر أشجار الغيط. وألقيها في قلب الترعة خلف الطفل، حينها يهتز السكون عند ارتطامها بالماء وأعود وحيداً بلا أصدقاء.. حين شببت.. زمجرت يوماً في وجهه، وصحبتها بين شجر الورد.. قدمت لها عقود الفل والياسمين.. ضحكنا بصوتٍ عالٍ وتشابكت أصابعنا.. داعبتنا الريح. وتساقطت أوراق الشجر فوق رؤوسنا.. كدت أهجره ويبتعد.. أشعر بالنصر وأنا معها. ويشعرني بالهزيمة حين أخلو إلى نفسي، فتشق رسائلها شجوني..أراقص صمتي بقلبٍ مشتعلٍ بالعشق، أتوحد بالمكان رويداً وخيالاتها ربما تعود؛ لكنها ذهبت بعيداً ولم تعد.. أطبق عليّ من جديد.. عاد يضمني بين ذراعيه القويتين، فأستكين ولا أقاوم.. في خلوتي أسمعه بلا خيار ويسمعني مرغماً بلا حكيّ. وكأننا متعانقان بلا افتراق.. ورسائلها القديمة تعود إلى يديّ مراتٍ ومرات.. أكرر قراءتها.. أول كل رسالة باسم الحب "حبيبي... وأخرها إلى اللقاء.. حين وصلت إلى الرسالة الأخيرة، كان أولها أحبك وأخرها وداعاَ.. ينتابني شعور يدعوني إلى الضحك.. أحاول أن أقاومه، فلا أستطيع.. أقهقه بأعلى صوتي.. تنطلق ضحكاتي.. تصطدم بالجدران.. ثم لا تلبث أن ترتد إليّ سريعاً.. يهزمني كعادته. ويعود ليفرد جناحيه على المكان مفاخراً، فتنسدل جفوني على دمعتين.. تحرقانه، فيهتز على النحيب؛ لكنه ما يزال يسكنني.. أكور رسائلها بين يدي، وألقي بها رسالة بعد الأخرى عبر فراغ النافذة لعلها تصلها فتعود.. وخزني بإصرار.. رحت أدير عينيّ في أركان البيت بلونها الرمادي الكئيب.. والضوء الباهت.. تحركت رويدا نحو الباب.. تحسسته في وخم وشددت المزلاج بقوة.. فانفتح عن آخره. تضاءل الصمت.. شعرت بوحدتي رحت ألملم رسائلها المبعثرة على الطريق. وانطلق عائدا إليه من جديد.. *** |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور الأديب ثروت عكاشة هل الصمت داخلك ام انت داخل الصمت ؟؟؟ كأنك جسد متوحد مع الصمت ... حتى أنه وإن فر منك فأنت بذاتك تبحث عنه من جديد ...كأنه الملاذ والملجأ لك ليحل لك مشاكلك _حتى مشكلتك معها_ حوار صامت ورائع ينقلنا لحظة بلحظة مع مشاعرك واحساسك بالوحدة حتى تأتى النهاية لتقطع ذلك الحوار وتقلص دور الصمت فى حياتك استمتعت جداً بالقراءة لك وعجبنى الألفاظ المعبرة والفكرة نفسها تقبل مرورى المتواضع جداً وان تابعتك فلا تمل منى << اريد التعلم من استاذ مثلك كل تقديرى واحترامى |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
المبدعة الراقية/ أمال حسين
إنه لمن دواعي سروري يا صديقة الدرب مرورك من واحتي ويسعدني تواصلك مع أعمالي المتواضعة ، فأنت انسانة مرهفة وقوية في آنٍ واحد .. وعلى قدر كبير من الثقافة والدراية.. شكرا لك وتقبلي تحياتي القلبية د/ ثروت عكاشة السنوسي |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
يبدو الصمت هنا في قسم القصة القصيرة بلا نهاية.. إ
إن لم نتبادل المعرفة والرأي يصبح وجودنا هنا بلا معنى.. أين السادة الأعزاء والإخوة الأفاضل المشرفين على قسم القصة، والله حرام أن يقع قسم كهذا في منتدى نور الأدب.. الجميع يبحث عن الرأي والرأي الآخر.. مودتي وتقديري للجميع د| ثروت عكاشة السنوسي |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
د / ثروت عكاشة السنوسي
تحية حب وتقدير هل تعتقد ذلك يا أخي الحبيب ....... أين السادة الأعزاء والإخوة الأفاضل المشرفين على قسم القصة، والله حرام أن يقع قسم كهذا في منتدى نور الأدب.. ربما أتفق معك أن هناك تقصير لظروف بعض الأحبة .. لكنك أيضا ياصديقي مشارك معنا في هذا التقصير أيضا .. أم مطلوب من المبدع أن يضع عمله بالقسم وينتظر رأي الأصدقاء وهو لا يشارك بالتعقيب على أعمالهم المنشورة بالقسم .. ما رأيك يا صديقي .. إذا كان الكلام من فضة فالصمت عند د / ثروت من ذهب مودتي وتقديري |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
** الاديب الراقى و المتميز د . ثروت...........
انه صوت من النوع القاتل ..والذى يقود الى الوحدة والانعزال... انه الماضى الذى ما يزال عالقا فى العقل والقلب ولا يبرح صاحبه الا.... !! تحايا عبقة بالزعتر............ |
رد: حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي
جميل الحوار مع هذا الثاني , أو الآخر وعلى جملة افتراضاته
هل هوالأنا الأعلى ؟ هل هو الأنا الكائن ؟ هل هو الأنا الذين يجب أن يكون ؟ هل هو الأنا المسحوق , والمشطور بين جملتي التابو , والواقع ؟ هل هو الأنا المتصارع مع الأنا على الدوام , سيما في شرقنا ,وبين إقدام وإحجام ؟ جميل حوارك , وبوحك , وعميق , أيها الشاعر , السنوسي . أفتخر بمروري , من هنا حسن ابراهيم سمعون / سوريا / |
الساعة الآن 29 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية