![]() |
أُمُّهُ التي أحببت...
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/18.gif');border:2px ridge burlywood;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]في المرات القليلة التي سمح لنا وقتنا باللقاء في مكتبي كان لايخفي عدم رضاه عن وضعه الجديد ؛قدرته على التعبير الدقيق عما كان يضايقه أو لا يروقه كانت تدهشني وتجعلني أنتبه لما أمر به ويترك بداخلي أثرا دون أن أمنح نفسا مهلة للتريث و التأمل.
إتفاقي معه لم يكن مجاراة و لا نوعا من التبعية اليسيرة لأنني لم أحدد موقفي بعد من أوضاع الناس و البلد بل كان أبعد وأشد، ذاك أن سنين الغربة و الزمالة التي جمعتنا كونت تلك الذاكرة و التجربة المشتركة التي تختزل طرق التواصل و تقرب الرؤى. كان بيننا عدا ذلك أيضا وجه أمه ووصاياها لي . لاأعرف كيف تسللت تلك المرأة لروحي تحديدا لكنني وجدتها بعد أن تغلغلت غربتنا فينا كل مرة ترمي برموز من شفرة شخصيته في يدي وتستأمنني عليه. تعلمت منها أن حالات الكآبة عنده مثمرة عمليا لدرجة تجعله يتم واجباته ويحقق تفوقا يحسد عليه لكنها تدخله في مايشبه البيت الزجاجي ، يكون مرئيا شفافا وفي الوقت ذاته ينعزل عن الآخرين، صرت أدخل معه الحالة الزجاجية كي لاتؤذيه العزلة وأخرج به منها وهو يحتفل بألقه وشهية الحياة. أمه امرأة من نوع فريد أكسبها حدس الأمومة وحسها الإنساني قدرة عجيبة على قراءة الوجوه وماخلف الكلمات، كانت تستطيع أن توقد شرارة الإرادة حين يلفنا صقيع الإحباط حتى ونحن نخفي عنها ذلك وأتقنت فن زخرفة الصبر وإقناعنا به ونحن نضيق به ذرعا. عندما سمعت خطابه القصير في علبتي الصوتية كانت قد مضت عليه خمس ساعات أوأكثر ، باختصار وبساطة قال' أنا لم أجد مكاني هنا ' وفهمت دون أي شرح مايقصد، تخيلت وجهه في المطار وشكل حقيبته و معطفه المنكمش عليها كقط نائم في هدوء. أمسكت بي قبضة الحيرة بقوة وماأحسست بها تتلاشى إلا وأنا أستحضر وجه أمه تقرأُ عيونها خاطري وتذوب في كياني كقطعة سكر تحيل المُرَّ حلوا. أكانت تعرف أنه سيغادر؟ أم أنه فاجأها كما فاجأني ؟ تراها تتحمل قراره هذا؟ أم أن لصبرها حدود بعد كل هذ ا العمر ؟...أسئلة ظلت تطاردني وعقارب الساعة تشتبك وتتلاحق و تفترق ولم أجرؤ أن أحمل سماعة الهاتف لأكلمها. مستلقية على السرير حاولت أن أتخذ موقفا ما ، أن أخرج بقرار ما ، أن أتصرف بشكل ما وأن لاأستسلم لمطاردة علامات الاستفهام. أصوات عصافير جريئة أيقظتني، انتشلتني من نوم لم أعرف كيف أو متى أخذني من نفسي،أبعدت الستائر عن زجاج النافذة ،ظننت للحظة أنني سأقابل أحد العصافير يتعمد استفزازي لكنني رأيت في الزجاج وجه أمه التي أحببت . عدت أدراجي مسرعة ، لم أغير ثيابي ولم أفطر حملت مايلزمني فقط . من المطار خاطبتها ولم أعد أذكر مما قلناه إلا عبارتي:'سنعود معا أو ستأتين لزيارتنا لاأدري ' ورَدَّها :'الله رحيـــم '. Nassira[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN] |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
حين يكون النضج العقلي و العاطفي في أوجه ، نستطيع تفهم وضع الآخرين دون تشنج أو توتر .. وتكون النهاية دائما في صالحنا لأننا نكتسب قلوبا تبادلنا الحب و الوفاء ..
نزوعك للقصة أختي نصيرة لم يكن اعتباطيا و لا مغامرة .. أشد على يديك لأنني ألمس في نصوصك دوما ذالك النضج العقلي و العاطفي المنبث بين سطورها . أسجل أعجابي . دامت لك المودة . |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
الأخت الأستاذة نصيرة
قصة رائعة جداً , وهذا هو قلب الأم وحدسها الذي لا يخطئ , أنتِ مبدعة دائما , وأسلوبك رائع , بانتظار المزيد محبتي وتقديري . |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
اقتباس:
تقديري وتحيتي لك |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
اقتباس:
تحيتي |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
أختي الكريمة / نصيرة تختوخ
تحية حب وتقدير أسعدني قراءة عملك ( أمه التي أحببت ) واستمتعت بلغتك الراقية .. وعجبني خاتمة القصة حيث أتخذت الشخصية الرئيسيه قرارها ورد فعل الأم ( الله رحيم ) نقلت لنا حالة الأم وعلاقتها بالأبناء والتغييرات الحياتيه لهم .. تصاعد الحدث بشكل طبيعي من خلال جمل سردية تم توظيفها بشكل دقيق ومعبر .. مودتي وتقديري |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
الأستاذالفاضل نعيم الأسيوطي يشرفني أن يكون هذا هو انطباعك على ماكتبت.
دمت بخير وأتمنى أن نلتقي على صفحات نور أدبية أخرى |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
أرجو ألا تندم فيما بعد .. التعامل مع الأشخاص الذين لديهم
حساسية عالية أو مفرطة متعب جدا والصبر يا نصيرة ينفد والإنسان طاقة محدودة .. قد يندفع تحت تأثير ما لكنه بالنهاية لا يستطيع الإستمرار وقد لا يستطيع العودة ..؟؟؟ !!!! لا أعلم هذه وجهة نظري قد أكون مخطئة أو محبطة .. رائعة يا نصيرة .. قصصك تلامس الوجع دائما |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
الأديبة العزيزة نصيرة تختوخ
اللجوء نحو قارب الأم في لجة العبث والبحث عن الذات بل واكتشافها على فجأة وهي التي كانت دائما بقربنا لا يمكن للإنسان أن يعرف قيمة الأم إلا حين يشعر ببعدها الجسدي والعاطفي. إنها كل الدنيا ونصك يفتح الجراح ولكنه يضمدها كذلك مودتي |
رد: أُمُّهُ التي أحببت...
التضحية باستمرار لاشك تتعب و البر ينفذ لكن استثمار العطاء والمحبة قد يثمر عطاءا ومحبة.
يسرني أن أقرأ انطباعك أستاذة ميساء وأبعد الله عنك الإحباط |
الساعة الآن 25 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية