![]() |
الصرصار والضفدع
أصيب يومًا صرصار بالخبل، ربما ضربه أحدهم على رأسه فلم يدرِ كيف يتصرف، وهكذا وجد نفسه في دوامة وحيرة لا تنتهي. في الأثناء قابلته ضفدع في منتهى القبح، كانت ذميمة لكنها ذكية وماكرة، قدحت ذهنها وأعملت الحكمة وسرعان ما أتمت الزواج من الصرصار الذي لم يتمكن من الإبداء برأيه. وجد الصرصار نفسه أسير بيت الزوجية وإلى جانبه كتلة من القبح والنشاز الخلقي، وكان جلّ ما يقلقه مساء كلّ يوم لزوجة فم الضفدع زوجته وتجاعيدها المتراكمة حول رقبتها العريضة الملتصقة بجسدها. كان الصرصار يحاول الانقلاب على ظهره والتملص من معاشرتها، بينما كانت هي تتلذذ باغتصابه ولم تدعه يفلت من بين يديها لحظة واحدة. وعندما كانت تنتهي من وصالها ولهوها كان الصرصار المسكين يجد نفسه ملوثًا بكتل لزجة، وكان يقضي ساعاتٍ طويلة للتخلص من رائحتها الكريهة ودبق لعاب الضفدع الثقيل. بدأ الصرصار يعود لوعيه وأدرك بأنه وقع في مأزق، حاول الهرب من تحت الباب لكن الضفدع قالت له شامتة بأن الخروج من الحمام ليس بسهولة دخوله. وأقسمت على ضربه واضطهاده إذا فكّر يومًا ما بالهرب من أحضانها. فكّر الصرصار طويلاً في طريقة للتخلص من هذا الفخ المحكم حوله، لكن التجارب المتتالية بالهرب من ضفدعه أثبتت له استحالة نجاح ذلك. لم يكن أمامه فرصة سوى التخلص من السبب الذي استوجب هذه العلاقة. وجدته بعض ظهر احد الأيام وقد استلقى على ظهره ضاحكًا باسمًا مبتهجًا، أصيبت الضفدع بالدهشة لكنها أرادت قبل أن تستفسر منه عن سبب فرحه أن ترضي غريزتها الفطرية. جفلت وابتعدت بضع خطوات بينما غرق هو في ضحك هستيري. أدركت بأن حبل لذتها قد انقطع، كان الصرصار قد قطع عضوه الذكوري وللمرة الأولى شعر بأنه قد تحرر نهائيًا من سطوتها. قفزت الضفدع غاضبة حانقة لتجد نفسها خارج المنزل، لم تحاول أن تغلق الباب خلفها، كانت مذعورة وأخذت تلتفت يمنة ويسرة لعلها تجد صرصارًا ثملاً آخر. لكن جهودها باءت بالفشل، كانت الصراصير تهرب منها تباعًا. أمّا الصرصار الأخنث فقد غادر البيت كاشفًا بفخر عن عورته المبتورة، كان متيقنًا من أنه لا توجد قوة أنثوية على وجه الأرض قادرة على اغتصابه. مضت لحظات ملأى بالسعادة ونشوة الحرية قبل أن يقفز فوقه ضفدع آخر عرفته جمهرة الضفادع في الأنحاء بأنّه .. شاذّ! |
رد: الصرصار والضفدع
قد أجد عنوانا لائقا بهذا العصر الذي نعيشه وهو "المسخ" بكل أصنافه ..
ربما يكون فهمي لقصتك أخي الغالي قد أخذ هذا المنحى و فهم دلالته على هذه الكيفية . دائما ما تحمل نصوصك هذا العبق السردي المحكم الهادف . أتابع دوما إبداعاتك . دمت بكل الحب . |
رد: الصرصار والضفدع
[align=justify]صديقي الأديب الرائع خيري حمدان..
استمتعت كثيرا بهذه القصة ، و التي أعادتني الى كتابات ابن المقفع ، جميلة جدا اسقاطاتك على الواقع الذي نعيشه فأنت متمرس في هذا المجال ، ربما يكون تصوري لقصتك أن الصرصار هو بعض من الدول العربية ، أما الضفدعة فهي روسيا أو بما كان يسمى الاتحاد السوفياتي ، فعلا اغتصب الصرصار أي الدول العربية و كان بعد أن اعتقدت أن الاتحاد السوفياتي قدم لها فرصة العمر بالدخول تحت جناحه الملون بالزواج ، فأسال عليها وسخه و لعابه المتعفن بعد أن اعتقدت أنها ستعيش سعادة لا تنتهي . و بعد أن تخلصت منه بعد بتر ذكورتها جاء عليها الدور لكي تغتصب من قبل شاذ هو امريكا و من خلفها الكيان الصهيوني . ربما أكون موفق في تصوري و ربما أكون غير ذلك . أتمنى لك أخي الأديب مزيد من الابداع الجميل .[/align] |
رد: الصرصار والضفدع
اقتباس:
إنه المسخ الذي يذل نفسه ولا يحاول محاربة الأسباب التي أدت لخذلانه وخضوعه للذل وفعل ما لا تشتهيه نفسه. هناك الكثير من الصراصير التي تفضل قطع أعضائها على محاربة الضفادع ذي الرقاب العريضة اللزجة القبيحة شكرا لحضورك مودتي |
رد: الصرصار والضفدع
اقتباس:
تحليلك السياسي منطقي للغاية ولا يحيد عن الواقع بالرغم من أنني لم أحمله هذا البعد المباشر لكني أتفق معك. أردت أن أشرح نفسية الإنسان المنهزم الذي يفضل الانتحار على المواجهة شكرا لحضورك وتقييمك الراقي مودتي دائمًا. |
الساعة الآن 01 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية