![]() |
مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
مدرس الفرنساوي
البنت الدلوعة أم ضفائر محلوله .. وضعت يدها في وسطها وقالت: أنا حرة وبحب الحرية. نظر إليها الأب مشفقا محاولا أن يتقبل الوضع في صمت تكسوه المرارة.. إلا أن البنت أكدت المعنى بقولها : محدش ليه دعوه بيا . صدم الأب بعبارتها الأخيرة .. ماذا يفعل .. البنت كبرت وأخذ صدرها يتكور مثل بالونات الهواء المنفوخة.. عقل البنت لا يعرف سوى الأغاني العصرية .. حاول الأب أن يمسك يدها أو يجلس معها ليناقشها في مفهوم الحرية.. احتدت المناقشة قبل أن تبدأ.. البنت وجهت لأبيها السباب واتهمته بأنه أب متخلف ورجعي ولا يفهم أفكار الجيل الحاضر.. جيل الأب يعرف معنى صلة الرحم وبر الوالدين .. جيل تربى على المبادئ والقيم.. أمسكت البنت بشنطة ملابسها وقالت له : إنني ذاهبة إلى بيت آخر . ماذا يفعل الأب .. يضربها .. يكسر للبنت ضلعا فتخرج لها أربعة وعشرين .. البنت تقول له: أنت متقد رش تضربني أو تمد يدك عليا.. أنا معي قانون الطفل .. أروح قسم الشرطة وأعملك محضر زي الزفت . صمت الأب المسكين .. حاول أن يجلس على اقرب كرسي.. ركبتاه تصلبت .. عقله توقف عن التفكير .. قلبه أخذ يدق بسرعة.. عيناه زائغتان في كل أنحاء البيت .. البنت أم ضفائر محلوله .. أمسكت بالمكنسة وأخذت تكنس التراب على أبيها.. المعنى واضح .. أي بنت هذه .. البنت التي جاءت من صلب أبيها تخاصمه بالشهور .. تفضل بيوت الآخرين على بيت أبيها.. أحيانا يسمعها الأب تتمنى له المرض أو الموت.. البنت أم ضفائر محلوله عقلها مشوش إعلاميا تأخذ من الأعلام ما يناسب فكرها المهلل.. الأب المسكين خرج من عذاب البيت يمشي مذعورا في شوارع المدينة .. إنه يحتاج إلى جرعات زائدة من الأكسجين .. البنات اكثر زفيرا في الشوارع بملابسهن المحزقة وصدورهن البارزة .. الشباب اكثر خنوعا لهن .. جلس الأب فوق الرصيف يسترجع ذكريات الزمن الجميل .. عندما كان يعود والده من عمله .. ماذا كانت تفعل الزوجة .. الأبناء .. بكى الأب فوق الرصيف .. الناس ينظرون إليه .. وقف أمامه ثلاثة شبان.. أحدهم قال : انه مدرس الفرنساوي المجنون . وهو ليس كذلك .. إنه إنسان.. إنسان.. جاد في الحياة .. ليس بالهزلي أو بالأراجوز .. تذكر الأب أن الوقت تأخر .. عاد إلى بيته مسرعا .. الباب مغلق وليس معه مفتاح.. الشبابيك مفتوحة .. صفافير الشباب من هنا وهناك .. جلس الأب أمام البيت حتى يؤذن الفجر .. ضحك كثيرا عندما شاهد المئات من الآباء يجلسون مثله . *** |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
إنه جيل العولمة و الحقوق المقلوبة .
كثير من الأبناء من جرفهم بريق "الانعتاق" من الوصاية الأبوية و الاندفاع إلى "الحرية". مبدع أخي نعيم . محبتي . |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته وصف مميز و صادق لبنات اليوم العولمة و كثرة القنوات و مدونة المرأة و حقوق الطفل، كل هده الأشياء لها نصيب فيما يحدث للآباء مع أبنائهم و بناتهم حسبي الله و نعم الوكيل تحيتي و تقديري |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
أخي الفاضل نعيم الأسيوطي
السلام عليكم قصة تربوية مفيدة تعكس لنا الواقع الذي نعاني منه إن صورة الفتاة والانحلال الخُلقي في هذا الجيل كادت أن تكون صاعقة لا مغيث لها بل هنالك ألمزيد من العصيان والمصيبة أن الأبناء يتّهِمون والديهم بالظلم ..وأنهم دوما هم المغلوب عليهم ولكن ما زلت أرى أن النبتة الأصلية لن تخرج وستظل في طينتها التي غُرست فيها إذا المسألة مسألة البيئة لذا الكثير من الفتيات يفشلن عندما يحتك برفاق السوء و ببيئة أخرى منحلة موضوع جديد ورائع بارك الله فيك __________________ |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
مساء الخير أستاذ نعيم.. في البداية حسبتها قصة في أحد الأحياء العربية في فرنسا.. هل وصلت الأمور الى هذا الحد في الشرق؟ انا أقيم في مدينة كليفلاند الأمريكية.. من أجمل ما يميز أبناء الجالية العربية القدامى أنهم قدموا الى أمريكا من بلادهم يحملون إرثاً من القيم و العادات و التقاليد و ما زالوا الى الأن. أشكرك على هذه اللسعة المنبهة. دمت بكل المودة |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
بوركت أيها الأب , فلقد نطقت , واستنطقت ملايين الآباء , في هذا الشرق , الذي كان جميلا ً يوما ً , ولا أصدق ترهات بعضهم بأنه
صراع الأجيال , كلا إنه صراع الثقافات , وللأسف نحن المقهورين , والمثقوبين , فدروعنا , ورق أصفر لايقدم ولا يؤخر وأصبحنا اسفنجا ً نمتص ونقلد ما يلقيه الغرب , وعلى الأغلب يلقيه بسوء نية , لك محبتي أستاذ نعيم |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
يثبت النص وأدعو كل الأحبة بنور الأدب للقراءة
|
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
شكرا على تواجدكم الجميل
|
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
** الراقى الاديب نعيم.............
هذا زمن ارعن.. يشارك فيه الجميع بزيادة رعونته.. فالضغوط الهائلة الخارجية على دولنا فى مقابل الحفاظ على بقاء حكامها تجع بلادنا فى مهب الرياح لقوانين ليست لنا ولا من ثوبنا اذا اين يكمن الخلل ؟؟! تحايا عبقة بالزعتر.................. |
رد: مدرس الفرنساوي - للكاتب / نعيم الاسيوطي
أخي الفاضل نعيم قدمت لنا هنا نصا تربويا هاما يلفت نظر الآباء كي لا يصلوا إلى ما وصل إليه هذا الأب من عجز على إعادة فلذة كبده إلى حظيرة الإستقامة فقد انفلتت منه اللحظة المناسبة لتحويل علاقته بها إلى علاقة صداقة تمكنه من تعديل سلوكها و إنقاذها من رفقة السوء و الحديث يطول و لا مجال للإسهاب به في هذه العجالة *** لا شك أخي الكريم أنك قدمت لقارئك نصا تربويا رائعا مبنى و معنى و قد سرني أنني قرأتك و يسرني أكثر أن أسجل إعجابي بالنص و إكباري لكاتبه دام يراعك باسقا نزار |
الساعة الآن 07 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية