منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   (( تاه العيد من دربها )) قصة قصيرة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=18622)

فاطمة يوسف عبد الرحيم 07 / 01 / 2011 59 : 04 PM

(( تاه العيد من دربها )) قصة قصيرة
 
أخذت تجوب الشوارع بسيارتها تبحث عن فرحة العيد التي قد تجدها في عيون الصبايا والأطفال أوفي مظاهر المدينة المشعة بأنوار العام الجديد، فللعيد فرح يزهر في القلوب ودثار له بريق كسحر العيون.
استشرفت الحي القديم حيث منزل والديها، عانقت الأبواب بنظراتها، حنين عتيق لامس قلبها، على أدراج هذا الحي أينعت طفولتها وسمعت صدى ضحكات صويحباتها، وتذكرت فستان الدانتيلا الزهريّ المنفوش، والوردة البيضاء تزين ثنايا حلكة شعرها، وابتسمت حين مرّت قرب الحفرة التي وقعت فيها ذات عيد وبكت فستانها الجديد الذي تبقّع بالتراب، من هذه النافذة اخترقتها أولى نظرات الحب الولهى من ابن الجيران، وأعاد لها الزمن صدى رنين جرس مدرستها وأصداء الهجاء ورائحة الكتب المدرسية وثرثرات الرواق وصدى صوتها حين أدت دور السيدة البتول مريم العذراء على مسرح المدرسة ، وهذه الياسمينه التي كانت تشكل من زهورها طوق ياسمين ونفحات عطر،وفي تلك الساحة لوّحت حبل لعبها وتقافزت عاليا لتلامس الأنجم بكفها، دقت باب البيت،ردّ الصدى"وما في حدا لاتندهي" بعد أن أوصدته يد الموت في وجوه الأحبة، ثمّ تساءلت: لم جئت إلى هنا ؟هي تعرف أنّ الأبواب مغلقة، لكنّه عيد الأزمنة الغابرة وحلاوته التي تفوح بعطر لحظات فرح مازالت في البال استدرجتها إلى هنا تبحث عن العيد حيث كان " بابا نويل" يقف عند مدخل الحيّ ليوزع الهدايا على أطفاله ، لكنّ أهل الحي تغيروا ولم تعد تعرف أحدا، فعادت أدراجها لتحدث نفسها " قد أجده في بيوت الأخوة"، استقبلوها بترحاب، لكنّ الكلّ مشغول بالعيد فأختها تقوم بمساعدة الأبناء على ارتداء الملابس الجديدة، ثم تحتضنهم بكلّ حبّ ويقبّلون يدها لتشدو بفرح أموميّ : الرب يحميكم ،لقد كبرتم، وتهمس لها :في العيد يكبرالأولاد، وأختها الثانية تجهّز للاحتفال بليلة رأس السنة لإدخال الفرح والسعادة إلى قلوب أبنائها وتغزل كلمات حبّ لفلذات الأكباد، لكنّها غادرتهم إلى بيت أخيها لتجده يقدم لزوجه سوارا ذهبيا ويعدها بسهرة ملوكيّة، ويمدّ يده لأخته مهنئا بالعيد ويطبع على جبينها قبلة باردة قائلا: "سنة خير علينا وعليك" التهاني تنهال عليها باهتة مشفقة، فهناك من يردد: يا عمة و يا خالة، ولكن لا صوت يناديها ب " ماما"، لم يقدّر لها أن تكون أمّا وازدادت غربتها عن أهل زوجها لأنها لم تكن من أقربائهم، عادت بقلب أوجعه الحزن إلى منزلها، منذ أسبوع انتظرت" بابا نويل" قد يطرق بابها مخطئا ليقدم الهدايا لكن يبدو أنّه يعلم أن صقيع البيت بدأ من داخله حين فقد دفء الأطفال، هاتفها زوجها من عمله ليقول متكلفا:"happy new year"عزيزتي ،أعذريني لا استطيع الاحتفال بليلة رأس السنة معك، فأنا مشغول جدا،والسهرة ستكون مع أصدقائي "الليلة عيد" وله نكهة مميزة، ردت بانكسار: لقد تاه العيد مني، بحثت عنه فلم أجده!
ردّ ساخرا:أنظري حولك قد تجدينه !
: أنا إنسانة ،تعالَ إلي ليكون في بيتي دفئا وعيدا أو نتجول ساهرين في ضجيج المدينة.
: لكنّ الحياة هنا مع أالأصدقاء أكثر حرارة، في استطاعتك أن تقضي العيد مع إخوتك.
:إلى متى سأظل نبتا طفيليّا يستجدي الظل من الآخرين !!
:كفاك فلسفة باهتة هذا ما أستطيع تقديمه لك، قد آتيك بعد العيد، انتهى.
وبعد أن حرّق الدمع خدّيها كتبت له رسالة تبثه لواعج نفسها، أيقرأ بعد أن رفض أن يستمع إليها ؟؟
زوجي العزيز: إليك أكتب .... وهل بعد العيد عيد؟ أأشكو لكَ ضياع ذاتي.. !! هذه أنا وهذا واقعي، وأنت قدري الذي لم استطع الهروب منه، أنا امرأة بلا جدران وبلا غدٍ، توقعت أن تأتي لتغمرني بجنون وفي عينيك ألق حنين وشوق حبيب وتطبع على جبيني قبلة حنون وتهمس لي بحب "عام سعيد" يا حبيبتي، لكنّ الحياة تسربت من بين كفيّ لا شيء عندي يجذبك لحياتي، فأنا امرأة فقدت توازنها حين فقدت أمومتها في غفلة من مبضع الجراح ومع مرورالزمن فقدت المرأة في داخلي حين همّشتها وأصبح مرورك قسريّا كواجب إنسانيّ تقتضيه نواميس الأمانة الأخلاقية لتدفع لي حفنة مجزية من نقد أولملمات شفقة بائسة، وتجاهل وجودي أقرب الناس إليّ، أحتاج إلى ملح الوجود الحب والحنان، لكنّك هارب مني في زحام الحياة، مستغفل لوجودي، لكم تهفو نفسي إلى يدٍ دافئة تحتضن يدي وإلى كتف أحني رأسي عليها كدالية مثقلة بعناقيد عشق وإلى عينين أغوص في موجهما بلا مجذاف، الحبّ الذي بحثت عنه في عيون الآخرين لم أجده وجفّت ينابيعه حتى من أعماقي وإن عدتَ فلا تطرق الباب فالمزلاج صدئ،ولا تستمطر غيثا من ركام، ولا تستظل تحت شجرة أيبس الخريف ظلالها وبعثر طوق الياسمين .. (التوقيع ....امرأة تبحث عن الحياة)
لكنّ الحروف انصهرت في أتون كبريائها فمزقت الرسالة إربا ونثرت فتاتها في فضاء المكان، وتسربت نظراتها إلى شجرة ميلاد ذبلت أغصانها وأطفأت الوحدة أنوارها وحلوى عيد متكومة في طبق الكريستال تنتظرعيدا ضاعت منه الطريق، وبقلب كسير أقبلت على الحلوى وبعثرتها عاليا، وكثكلى ناحت بخفوت: أيأتي العيد لينكأ الجراح ويستدر دمعا ويذكرنا بمتاهات الوحدة في مساحات العمر الحزين ؟؟

ملاحظة : أتقدم إلى كلّ الزملاء في منتدى نور الأدب بالتهنئة برأس السنة الجديدة متمنية للجميع أن تتحقق أمنياتهم وأحلامهم، وأتمنى أن تكون السنة مليئة بالانتصارات.

زياد صيدم 07 / 01 / 2011 40 : 10 PM

رد: " تاه العيد من دربها " قصة قصيرة
 
** الاديبة الراقية فاطمة يوسف.........

قد يكون عاما احمقا يمر عليها نتيجة زوج عابث بالانسانية والرباط المقدس للاسرة.. وعزاها فى اعوام قادمة فلعله يعود الى رشده !!

تحايا عبقة بالرياحين.......................

وكل عام وانتم بخير.

نصيرة تختوخ 12 / 06 / 2012 33 : 10 PM

رد: " تاه العيد من دربها " قصة قصيرة
 
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]وصلت متأخرة على مايبدو لكن كل الأيام السعيدة أتمناها لك وأهنئك على هذه القصيدة التي تعج بالمشاعر الإنسانية وتذكر بأهمية المقربين والحميمية أيام الأعياد.
دمت و من تحبين بخير أستاذة فاطمة.[/align]
[/cell][/table1][/align]

فاطمة يوسف عبد الرحيم 13 / 06 / 2012 23 : 03 PM

رد: " تاه العيد من دربها " قصة قصيرة
 
العزيزة نصيرة
تحية حب وتقدير
وصولك إلى صفحتي هو أروع تقدير وليس مهما الزمان ، فأهلا بك صديقة مبدعة،
ورأيك أقدره وأعتز به شكرا لك ، وأتمنى أن تقرئي القصة الجديدة " وأدها لحظة الاحتضار"
مع احترامي

مرمريوسف 13 / 06 / 2012 26 : 07 PM

رد: " تاه العيد من دربها " قصة قصيرة
 
الأستاذة العزيزة / فاطمة

قصتك جميلة ومؤثرة وفعلا كثيرا ما يحدث هذا فى الحياة سلمت يمينك

فاطمة يوسف عبد الرحيم 15 / 06 / 2012 19 : 07 AM

رد: (( تاه العيد من دربها )) قصة قصيرة
 
العزيزة مرمر
تحية وبعد
أشكر حضورك الجميل وأعتز برأيك
ولك احترامي وتقديري


الساعة الآن 21 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية