منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   ترجمة الوثائق العثمانية / كمال خوجة أوغلو (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=450)
-   -   من المعارك الفاصلة في التاريخ العثماني: جالديران (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=20661)

كمال خوجة 31 / 07 / 2011 22 : 11 AM

من المعارك الفاصلة في التاريخ العثماني: جالديران
 
معركة جالديران
المعركة التي جرت بين السلطان سليم الياوز وبين الحاكم الصفوي إسماعيل شاه في سهل جالديران بتاريخ 23 أغسطس 1514
بعد أن أسس الشاه إسماعيل دولة في إيران على أساس العقيدة الشيعية في أوائل القرن السادس عشر، أرسل دعاة إلى الأناضول ليقوم بحملة دعائية شيعية كبيرة يفسد على الأناضول وحدتها. وقد نجح شاه قولى بابا تكله لى في جذب الكثيرين إلى جانب الشاه وتقدم حتى وصل كوتاهية وفي عام 1512 استولى الخليفة نور علي على توقاد، وأمر بذكر اسم الشاه في الخطب على المنابر، وخلال الاضطرابات التي تسبب في وقوعها الشاه إسماعيل قتل في الأناضول حوالي خمسين ألفا كما تعرض الكثير من البيوت للنهب. وفي الرابع والعشرين من إبريل 1512 تولى السلطان سليم الياوز عرش السلطنة العثمانية في الوقت الذي كانت الدعوة تتوغل حتى تدخل قصر السلطان، كما أن مراد ابن الأمير أحمد لجأ إلى إيران. طلب السلطان سليم استعاد هذا الأمير من الشاه، فرفض ذلك كما أمر بقتل السفير الذي أرسله لهذا الغرض. وقد أدت النشاطات الشيعية هذه في الأناضول إلى فتح جرح عميق في بنية الدولة والأمة وبلغت مرحلة قد تؤدي إلى الانهيار من الداخل في معركة تقع في الأناضول.
قرر السلطان سليم الأول الذي تولى العرش في ظل هذه الظروف أن يجد حلا جذريا للمسألة الصفوية قبل أي شيء آخر. بدأ باستصدار فتاوى من مفتي استنبول نوري الدين أفندي صارى كورز وكمال باشا زاده لمحاربة الإيرانيين، ثم أعد العدة، وقبل أن يتوجه للقتال حدد حوالي أربعين ألفا من أنصار الشاه إسماعيل في الأناضول وقضى عليهم وبذلك جعل الأناضول وظهر الجيش في أمان.
أما الشاه إسماعيل فقد أعلن الأمير مراد الذي كان عنده وريثا للعرش العثماني. كما أرسل سفراء يحملون الهدايا إلى سلطان المماليك ليساعده في القتال ضد العثمانيين. وصار محمد اوستالجو اوغلى الذي استولى على بكر وما حولها باسم الشاه يتحدى السلطان العثماني، في الوقت الذي واصل خلفاء الشاه تحريض الشيعة في الأناضول على التمرد.
وحيال هذا الوضع عقد اجتماع طارئ في أدرنه وصدر قرار بالحرب، فتوجه السلطان سليم لحملة إيران، وأبلغ قراره هذا في رسالة إلى الشاه إسماعيل. سار الجيش العثماني بطريق يكي شهر وقونية حتى وصل إلى سيواس. ترك السلطان بين سيواس وقيصري قوة احتياطية من المسنين والضعفاء قوامها أربعين ألفا لمواجهة أي تمرد شيعي محتمل، كان الجيش العثماني يتقدم وهو يواجه الصعوبات بسبب حرق المحاصيل والمراعي والبيوت التي تقع على طول الطريق التي يمر بها بأمر من السلطان. وفي أرزنجان أرسل السلطان سليم رسالة أخرى إلى الشاه، دعاه فيها إلى القتال أيضا، وبعد فترة جاءته رسالة من الشاه مع علبة ذهبية محشوة بالأفيون، يقول الشاه إسماعيل في رسالته بأنه لا يريد حدوث الاضطرابات وإلا فإنه هو الآخر مستعد للقتال. أسرع السلطان سليم بالسير حتى وصل إلى جرموك ولمََا يظهر الجيش الإيراني بعد. وهنا أرسل إلى الشاه إسماعيل رسالة ثالثة، يقول فيها بأنه يسير في بلاده منذ أيام لكنه لم يظهر أمامه. ومن جانب آخر فإن عدم ظهور الشاه بالرغم من الوعد الذي قطعه أدى إلى اللغط والانزعاج داخل الجيش الذي كان يعاني من السير في الأراضي الجدباء، وبلغ الأمر بالإنكشارية حدا أطلقوا فيه الرصاص نحو خيمة السلطان في ألشكيرد بتحريض خفي من بعض القادة. لكن السلطان تمكن من تصحيح الوضع بخطاب قوي ومقتضب ومؤثر، وتحرك الجيش مرة أخرى، وفي هذه الأثناء جاء الخبر من القوات المتقدمة عن تقرب الجيش الإيراني. وفي الثالث والعشرين من أغسطس وصل الجيش العثماني إلى سهل جالديران بأذربيجان إيران، وعلى الفور أخذ مواقع قتالية بالرغم من معارضة بعض رجال الدولة. وباستثناء بيري محمد باشا جلبي الدفتردار( باشا) وسليم الياوز اقترح رجال الدولة أن يرتاح الجيش مدة أربع وعشرين ساعة.
فالعساكر العثمانيون الذين يبلغ تعدادهم مائة ألفا وخيولهم كانوا متعبين حيث قطعوا مسافة تبلغ ألفين وخمسمائة كيلو مترا، كما كانوا يعانوا من شح المؤن. أما جيش الشاه الذي يعادل القوات العثمانية في العدد إن لم يكن أكثر، فقد كان ينعم بالراحة حيث قطع مسافة قصيرة من تبريز حتى وصل إلى هذا المكان، بالإضافة إلى أن المقاتلين المجهزين بالدبابيس والأقواس والرماح كانوا يمتطون خيولها عليها برادع فولاذية، وكان السواد الأعظم من الجيش الصفوي من التركمان الأوستالجو والورسق والروملو والشاملو والقاجار والقرمانيين. نظم الشاه إسماعيل جيشه إلى قسمين هما الجناح الأيمن والجناح الأيسر، وتولى قيادة الجناح الأيمن بنفسه، كما ولى محمد خان الأوستالجو قيادة الجناح الأيسر بينما أخذ كل من الأمير عبد الباقي ابن الوزير الأعظم وقاضي العسكر السيد حيدر مكانه في القلب. كانت خطة الشاه إسماعيل الهجوم على جناحي الجيش العثماني دفعة واحدة والإحاطة به ثم ضرب القلب العثماني من الخلف، بالإضافة إلى سحب القزلباش من داخل الجيش العثماني إلى صفه وتدمير خصمه من الداخل. أما الهدف الرئيسي من زج الياوز جيشه المتعب إلى القتال فورا هو للحيلولة دون تنفيذ الشاه لمثل هذه الخطط.
بدأت معركة جالديران يوم الأربعاء الثالث والعشرين من أغسطس بهجوم شنه أربعون ألفا من خيرة الفرسان بقيادة الشاه. وفي نفس الوقت هاجم محمد ابن الأوستالجو قوات الأناضول وقرمان لكن سنان باشا أمير أمراء الأناضول ووفقا للخطة الموضوعة سحب عساكره إلى الخلف بسرعة ليجعل الجيش الصفوي وجها لوجه مع المدفعية التركية التي صبت جميعها النار على الجيش الشيعي مما أدى إلى إرباك وتضعضع جناحه هذا، وقتل عدد كبير من القادة الصفويين وعلى رأسهم ابن الأوستالجو، كما تمكن سنان باشا من تشتيت المشاة الإيرانيين بقيادة عبد الباقي خان، كما قضى على الخان نفسه، وهرب من هرب حيث يوجد الشاه. أما الشاه إسماعيل الذي هاجم قلب القوات العثمانية فقد اضطر إلى الانسحاب أما كثافة النيران التي أطلقت من المدافع والبنادق العثمانية، ثم قرر الهجوم على الجناح الأيسر للجيش العثماني، فهاجم القوات الضعيفة التي يقودها على بك مالقوج اوغلى وأخوه طور علي بك، وبالرغم من إظهارهما بطولات خارقة في القتال فقد استشهدا بعد أن تأخرت قوات الدعم في الوصول إليهما، ثم توجه الشاه بقواته نحو القوات الأصلية وتمكن خلال فترة قصيرة من تشتيت العزب وسار بعد ذلك نحو قوات الجناح الأيسر بقيادة حسن باشا أمير أمراء الروميلي. لم تنفذ القوة العثمانية في هذا الجناح الخطة الموضوعة سلفا، ولم يتمكن من الاستفادة من نيران المدافع كما يجب بسبب تأخر العزب في الانسحاب في الوقت المناسب، الأمر الذي أدى إلى مقتل حسن باشا وانفراط عقد هذا الجناح وفرار العساكر نحو السلطان، وعلى الفور دفع السلطان سليم بقوات جديدة لدعم الجناح الأيسر الذي شكله عساكر الروميلي، كما أن تدخل عساكر الإنكشارية المزودين بالبنادق غير سير المعركة، وعلى الفور لجأ الشاه إسماعيل إلى تغيير وجهة الهجوم فهاجم قوات الدعم العثمانية لكنه لم ينجح في ذلك، عندئذ دخلت قوات القلب العثمانية المعركة، فجرح الشاه إسماعيل برصاصة أطلقت من بندقية كما تدحرجت فرسه على الأرض فواجه الحاكم الصفوي لحظات شديدة الخطورة، وعندما أقدم عليه أحد الفرسان العثمانيين بادر أحد مقربيه واسمه ميرزا علي بالقول " أنا الشاه" وكان شديد الشبه به، فأنقذ الشاه من الموت المحتم.
أدرك الشاه بأنه لم يعد لديه أي أمل، فولى هاربا إلى تبريز ومنها إلى دركوزين. وبعد هربه لم يصمد جيش إيران طويلا فانفرط عقده، وانتهت المعركة بالنصر الحاسم للعثمانيين وكان لإدارة الياوز المعركة بنجاح وتفوق بالإضافة إلى المدافع التي كانت لها قابلية الدوران نحو الجهة المطلوبة دور كبير جدا في تحقيق النصر في هذه المعركة.
وبعد هذا النصر وقع مقر الجيش الشيعي وخزينة الشاه إسماعيل ونساؤه ةأمراؤه بيد العثمانيين. كما قتل عدد كبير من العساكر من الجانبين، وفقد العثمانيون أمير أمراء الروميلي وعشرة من أمراء الألوية، وعقب المعركة توجه السلطان سليم إلى تبريز، وأعطى لأهلها الأمان ودخل المدينة في الخامس من سبتمبر، وبعد قضاء فترة أسبوع غادرها حاملا معه خزائن الشاه، كما اصطحب عددا من أصحاب الفنون المختلفة. أراد قضاء فترة الشتاء في قره باغ لكنه تحرك إلى الخلف بسبب معارضة الإنكشارية فسلك طريق قارص وبايبورد. وفي هذه الأثناء أرسل إلى الدول المجاورة رسائل الفتح.
وعندما كان السلطان سليم في أماسيا جاءه وفد سفراء من الشاه إسماعيل لكنه رفض استقبالهم. وخلال هذه الفترة تم الاستيلاء على قلعة كمخ(19 مايو 1515) وعلى اثر قدوم السلطان سليم إلى كمخ انسحب الشاه إسماعيل إلى أردبيل. كما استولى العثمانيون على بلاد ذي القدرية حيث سبق لذي القدرية أن ضربوا قوافل تموينهم أثناء العمليات، وصارت مرعش وألبستان جزءا من الأراضي العثمانية، وبعد ذلك حول السلطان سليم وجهته صوب استنبول فدخلها يوم الحادي عشر من يوليو، وعلى الفور أمر بإجراء تحقيق حول تمرد الإنكشارية، وبعد استجواب قادتهم، أمر بإعداد عدد من رجال الدولة كان من بينهم جعفر جلبي تاجر زاده، وسبق أن أعفى وهو في أماسيا كلا من أحمد باشا هرسك زاده والوزير الثاني أحمد باشا دوكاكين زاده لثبوت تقصيرها في انضباط الجيش، وعندما تبين أن دوكاكين زاده كان يتآمر مع ذي القدرية ويراسلهم، أصيب بجراح من قبل سليم نفسه ، ثم قتل بأمر منه.
وفي هذه الأثناء جاء سفراء الشاه إسماعيل حاملين معهم رسالة كتبت بأسلوب شديد الرقة، لكن السلطان سليم لم يكن يثق بكلام شاه إيران فأمر بحبس هؤلاء السفراء.
وبعد معركة جالديران أصبحت ديار بكر وكثير من مدن شرقي الأناضول تحت حكم العثمانيين وبذلك عادت وحدة الأناضول مرة أخرى وبصورة دائمة بعد طرأ عليها الخلل بعد السلاجقة. وعين محمد باشا أبو شنب أميرا لأمراء ديار بكر، وعين المؤرخ إدريس البتليسي مستشارا له، وبجهود إدريس البتليسي أصبحت خربوط وميافارقين وبتليس وحصن كيفا وأورفه وماردين وجزره في جنوب شرقي الأناضول وجهات الموصل تحت الحكم العثماني. كما بات طريق الحرير بين تبريز وحلب وتبريز وبروسه تحت السيطرة العثمانية. ووضع حد لانتشار المذهب الشيعي بدرجة كبيرة، وزال الخطر الصفوي ولو مؤقتا. وبعد هذا الانتصار بدأ السلطان سليم يستخدم صفة" الشاه" كما ضربت النقود وعليها عبارة" السلطان سليم شاه" وقد استخدم السلاطين الذين جاءوا بعد الياوز نفس الصفة ونقشت أسماؤهم على النقود ولذلك عرفت هذه النقود بالشاهي.

فاطمة البشر 11 / 08 / 2011 29 : 05 PM

رد: من المعارك الفاصلة في التاريخ العثماني: جالديران
 
موضوع قيم ومفيد
تشكر جهودك المميزة أستاذ " كمال خوجة "
ودي ووردي


الساعة الآن 19 : 05 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية