منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   خدوش وجراح على زجاج العمر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=431)
-   -   زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=21676)

هدى نورالدين الخطيب 15 / 12 / 2011 01 : 01 AM

زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
[align=justify]
أخيراً.. ربع ساعة وأنا أدق على الباب حتى كدت أكسره، لماذا لا تردين على الهاتف ؟!!
وجلست تتحدث وتثرثر....
الهاتف لا يتوقف
الباب يدق
ما زالت هنا وما زالت تثرثر
شعرت بكثير من التشوش ومزيد من الإنهاك، وبكثير من التعب والغضب!!
- عزيزتي أين سرحت، كفاك فـ " الحي أبقى من الميت " ؟
- كنت أخبرك عن...
ههههه ما رأيك،ههههه أتسمعيني أين سرحت؟؟!!
انتابتني نوبة عصبية هيستيرية، لم أعد أستطيع تحمل ضحكاتها التي كانت تشد أوتار أعصابي
صرخت بأعلى صوتي: " آآآآآآه "
كفى
كفى.. أرجوكِ ارحميني
لا أسمعك ولا أريد أن أسمعك!
ارحميني من أحاديثك ومن اقتحامك لخصوصية وحدتي وحزني، ارحميني من محبتك التي تفرضينها على تفاصيل جرحي وأحزاني
أريد أن أكون لوحدي
روحي حزينة ونفسي قتيلة وأحتاج عزلتي بعيدا عن أي اقتحام
نعم أنا دائماً كنت لطيفة وأجامل الناس وأنا أتمزق، لكني لم أعد أستطيع
أخشى أن أجرح وأخاف أن يزعل مني أحد ولا أحب أن أكون جافة مع أحد لكني الآن مرهقة من كل هذا ولا أستطيع أن أكون كما كنت دوماً
اتركيني لحزني حتى أتمكن من التعامل معه وترتيب أوراقه
اتركيني لوحدتي فأنا أحتاج الآن فقط أن أكون معه ومع روحه
لا تقولي لي يا حبيبتي ويا عمري، لا تسرقي حتى خصوصية الكلمة بصوتك النشاز في سيمفونية حزني


إن كنت صديقتي حقاً احترمي حاجتي للوحدة وابتعدي عن صومعتي فنيران أحزاني تشكل مشاعري من جديد وأي خطأ في اقتحام هذه المنطقة الحساسة الآن سيجعلني أكرهك ولن تكوني بعد الآن أبداً صديقتي!
اتركيني لوحدي معه واحترمي خلوة أحزاني
لا تؤكدي لي موته بكل هذه القسوة والجبروت المغلف بطبقة من عسل المحبة!
الموت يخطف الناس كل يوم وغداً قد يخطف غالياً لديك وتشعرين بقدسية خلوتك وتكرهين كل من يحاول تمزيقها عنوة واقتحام معبد أحزانك

أغلقت خلفها الباب وفصلت جهاز الهاتف وتركت العنان لدموعي تغسل صفحات وجهي...
آه كم يخطئ بعض الناس أحياناً في إصرارهم على اقتحام حياتنا في وقت لا نحتاج فيه إلا أن نكون لوحدنا
كم يخطئ بعض الناس في اختراق هذه الخصوصية في ظرف خاص وتحميلنا ثقل وتعب مجاملتهم وتحمل أحاديثهم فيما لا يعنينا
كم يخطئ بعض الناس في تصوراتهم بالحلول مكان الغائب الحاضر فينا واستعمال عبارات تخصه وحده، وإن كنا نتحملها في وجوده فسنتحول إلى كتلة ملتهبة من الألم والغضب في غيابه والدفاع المستميت عنه وعن كل ما يخصه فينا..
كم يقسو بعض الناس ويزيدون في تعذيبنا بعبارة: " الحي أبقى من الميت " وإضافة كلمة المرحوم أمام اسم غالٍ علينا كلما ذكروه أمامنا
من قال لكِ سيدتي أنه ميت في نفوسنا وأرواحنا؟!
من قال لكِ أنه ليس أشد وأطغى حضورا فينا منكم جميعاً؟!
أنتِ لا ترينه لأنه لا يعنيك كما يعنيني ولا تفهمين أنه انتقل من حولنا إلى داخلنا وبات فينا أشد التصاقاً وأقرب من كل الأحياء في أعرافكم...
رفقاً أيها الناس بقلوب معذبة وأرواح نازفة ولا تكونوا كالضباب الذي يحاول أن يحجب وجه الشمس التي تشرق على أرواحنا لنتحمل عناء الغياب وقسوة المصاب
وجهه معلق كالقمر يفرش نوره على ليل حزني وصوته يأتيني من داخلي وفي ذاكرتي، فلا تحاولي سيدتي التشويش على طقوس هذا الحزن المقدس...
أنت حي ولن تموت..
أنت حي في داخلي وفي روحي ونفسي
أنت هنا..
أنت هنا أيها الغالي وستبقى أشد حضوراً وهيمنة في مدينة عمري ومرفأ ذاكرتي من كل تلك الوجوه والأصوات...
...
في خلوتي اتركوني فأنا ميتة إن مات في ذاكرة يومي وعلى قيد الحياة أبقى ما دامت روحه تطوف حولي وصوته وتفاصيله أنيسي في خلوتي...

وأطلقت صوتي المرتعش في أغنية انكليزية قديمة:
أنا يمامة بيضاء في ظل جناحه أعيش
اتركوني معه أعيش وأموت كما أشاء

هدى الخطيب
[/align]

ميساء البشيتي 15 / 12 / 2011 30 : 01 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
الحزن لا يذهب العقل ولا يفقدنا المنطق ..
نحن مهما تغلغل الحزن فينا نبقى نعرف المنطق .. ونؤمن بالقضاء والقدر .. وبمقولة الحي أبقى من الميت ..
لكن الموت ليست كلمة تقال ..الموت هو زلزال نتعرض له فيدمر الكثير من صفاء حياتنا واستقرارها
ويلحق بها الكثير من الخراب لذلك التعامل مع الموت لن يكون في يوم أو أسبوع أو شهر ..
الموت يحتاج الوقت الذي يتناسب مع حجم الزلزال والخراب الذي أحدثه .
فراغ قاتل نسبح فيه على غير هدى ..
أشخاصاً كانوا يسكنونا وفجأة رحلوا وترك أماكنهم فارغة ..
أنا أمي كانت وطني وحين رحلت شعرت بالغربة الحقيقية ..
شعرت بمعنى أن أفقد الوطن ..
وأن أفقد بوصلتي بالحياة ..
وأشعر أن بداخلي حجم من الخراب والدمار كبير .. ولكني لا أجرؤ على البوح به ..
لأن هناك سيفاً يشهر في وجهي .. هذا قضاء الله .. والحي أبقى من الميت ..
نعم أفهم كل هذا ولكن هؤلاء الأشخاص كانوا كل حياتنا ..
ولم يكونوا على هامشها أو في ذيلها .. بل كانوا قلب هذه الحياة ..
كيف سنتعش هذا القلب ؟
يحتاج وقتاً ..
أنا أحتاج وقتاً حتى أعيد ترتيب حياتي دون أمي ..
وأنت يا هدى تحتاجين وقتاً ربما أطول لإعادة ترميم وهيكلة حياتك بعد أن فقدت
أغلى إنسان على قلبك ..
فكيف سنعيد ترتيب حياتنا وكم نحتاج من الوقت ؟
لا أعلم ولكني أؤكد أنني مؤمنة جدا بقضاء الله .. وكذلك أنت ..
ولكننا نحتاج بعض الوقت ..
أمهلونا بعض الوقت .

بوران شما 15 / 12 / 2011 58 : 01 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
أنا زائرة لهذه الصفحة ,ولكني أقف صامتة وعاجزة عن التعبير
أمام هذا الحزن الكبير المليء بالوفاء والإخلاص , والذي أُدركه
تماماً وأستوعبه .
محبتي .

علاء زايد فارس 15 / 12 / 2011 38 : 02 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
قرأت هذا الموضوع الذي يفيض بالحزن والوفاء
لكني سأصمت أيضاً
فأنتم بحاجة إلى صمتنا الآن
لكن من قلوبنا سندعو لكم دائماً

ناهد شما 15 / 12 / 2011 52 : 02 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
الغالية أستاذة هدى
توقفت قليلاً أمام هذه الصفحة حاولت أن أكتب فحار مني البيان
عزيزتي إن فقدان الاحبة يزرع خنجرا في صدورنا كلما اردنا نزعه ارتد المه
00
وما الدهـر إلا هكذا فاصطبر لـه
رزيـة مـالٍ أو فراق حبــيب

لذلك سأحاول أن أستعين ببعض ما جاء من قوله تعالى

فما قدره الله كائن لا محالة وأنه لا يرد شيء من قضاء الله وقدره
وأن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه
"وما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير"0

فالنصبر على ما اصابنا قال تعالى:
"وبشر الصابرين0 الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون.أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
قال صلى الله عليه وسلم:
"يبتلى المرء على حسب دينه،فإن وجد في دينه رقة خفف عنه، وإن وجد في دينه صلابة زيد في بلائه "؛
وما هذا الابتلاء إلا من أجل تطهير العبد من الذنوب0

فالغالي طلعت هو الغائب الحاضر وسيبقى حاضراً فينا , سيبقى الكتاب الفلسطيني . ستبقى أعماله ويبقى وجهه السمح وطيبته وتواضعه
سيبقى الأمل الذي ناضل من أجله حق العودة ولا مساومة على ذلك ..
وسأختصر بما قاله شاعرنا الحبيب طلعت سقيرق ( لنا حبرنا فاحترق .... سنشرب سهم الفراق قليلاً .... سيأتي المساء كما كان يأتي ....
ويأتي النهار كما كان يأتي .... ولا شيء يأتي ....
لا حول ولا قوة إلا بالله
اللهم صبرنا وصبر الغالية هدى على فراق الغالي طلعت
وصبر الغالية ميساء على فراق والديها
اللهم آمين

شيماء البلوشي 16 / 12 / 2011 39 : 08 PM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
احترم وحدة صومعتكما استاذة هدى .. واستاذة ميساء ..
اكثر شيء يزعجني عند رحيل احد الاحبة الغاليين على قلبي .. عندما يكرر لي احدهم كلنا على هذا الدرب .. وهذا قضاء الله .. والحي ابقى من الميت .. وغيره ....
اعلم هذا كله .. ولا اعتراض على قضاء الله .. ولكن دعوني ابكي بصمت ولوحدي ..
فهذا ابسط حقوقي .. فلا تتدخلوا ...

محمد الصالح الجزائري 17 / 12 / 2011 13 : 02 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
قال لي والدي رحمه الله ذات يوم : أدعو الله أن يأخذني قبلك يا ولدي حتى لا أُفجع بعدك !!! ما أعظمهم هؤلاء الذين رحلوا... حزين مثلكم إخوتي...لا حول ولا قوة إلا بالله...

ناجية عامر 18 / 12 / 2011 50 : 03 AM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
تمر ايام و أعوام على رحيل الأحبة و يبقى اثر الألم و الحزن في أنفسنا مما يدفع بنا للبحث عن الانفرادية و الخلوة لوحدنا.
رحم الله أستاذ طلعت و و والدي الأستاذة ميساء و كل موتى المسلمين. اللهم آمين

حسن ابراهيم سمعون 18 / 12 / 2011 38 : 08 PM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 
كثيرون يظنون بأن الحزن حالة سلبية , وهوبالحقيقة حالة إنسانية راقية , شأنه شأن الفرح
فكلاهما من ذات المصدر ,وذات المستوى النفسي ,إلا أن الفرق شكلاني بينهما , فالفرح قد يتطلب
ميكانيزم جسدي حركي متوافق من رقص , أو ضحك أو أي حركة ..
والحزن يحتاج إلى هدوء وسكينة إلى حد أن يسمع الحزين , وجيب قلبه ..
وأرقى أنواع الحزن هو الحزن النبيل , الذي يبقى فيه الإنسان ضمن الوعي وبحالة السيطرة على القوى المدركة لديه ...
أعتقد بأن ماأوردته يا أختي هدى ليس خاطرة , أو مقالة , بل هو حقيقة حاصلة معك , وأكثر من مرة
ومع أكثر من شخص ...
جميل بوحك , وجميلة صومعتك وتعبير رائع لممارسة مناسك الحزن , أيتها اليمامة البيضاء

حسن ابراهيم سمعون

سلمان الراجحي 29 / 08 / 2012 25 : 11 PM

رد: زائرة اقتحمت صومعتي / هدى الخطيب
 

الفقير
في طريق العمر
وزعت وريقاتي
ابكي بدمع ناشف اهاتي
ابكي عويلا صامتا اناتي
واتيه في زحم المرارةطالبا طوق النجاة
واخاف من وقع الحقبقة
ظالما عاداتي
وافقت من حلم الظهيرة لم اجد
الا ك قهرا ظالما لحياتي


الساعة الآن 53 : 07 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية