منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القصة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=425)
-   -   قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=21839)

أحمد مليجي 03 / 01 / 2012 42 : 01 AM

قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي
 


قصة ( المنحوس )

بدأ يشعر أن الظروف أصبحت ضده، وأن الحظ تخلى عنه، وأنه منحوس يرافقه التشاؤم: كان حلمه الأول أن يتزوج فتاة جميلة، ليس لجمالها مثيل في قريته، وذات يوم بينما كان يتسوق في المدينة المجاورة لبلدته، وقع نظره على فتاة أحلامه، استولى هاجس الخوف على نفسه من أن يسبقه أحد لخطبتها، فطرق باب أهلها على الفور لخطبتها، وبعد أيام قليلة عقد قرانه عليها، وكانت مفاجأته كبيرة عندما اكتشف أن جمال من آسرته بحبها للوهلة الأولى، جمال زائف: الشعر الأشقر باروكة، والعيون الخضراء التي غرق في بحرها، ما اخضرارها إلا عدسات لاصقة، تيقن أنه منحوس وأمن بالمثل القائل: «المنحوس منحوس ولو علقوا على رأسه فانوس»، فاتخذه شعاراً دائماً له، ولنسيان مرارة زواجه الفاشل قرر السفر والاغتراب بعيداً من بلده.
واتباعاً لعادة أهل الأرياف في تزويد أبنائهم بما يحتاجونه من مؤونة عند سفرهم، قررت أمه أن تطبخ له ذكرين من البط الذي كانت حريصة على تربيته في البيت لمثل هذه الأمور، ولإكرام الضيف، ولسوء حظه، لم تستطع والدته ولا هو الإمساك بالبط الذي طار عالياً فوق سطح البيت، ما حدا بصاحبنا وهو يندب حظه السيئ أن يعمد إلى جمع حقيبة ملابسه مودعاً أمه، وفي طريقه إلى المطار كان يبتهل إلى الله ويتمتم بكلمات أن يفك الله نحسه، ولما استوى قاعداً في مكانه، كان يفكر ماذا لو أعلن عن عطب في الطائرة ما سيعرض سفره للفشل؟
وبينما هو منهمك في تفكيره أذا بمكبر الصوت يعلن عن اضطرار الطائرة للهبوط في أقرب مكان لعطب حل بها، لم يستيقظ إلا وهو مرمي وسط الأشجار بين الحياة والموت في مكان لا أثر له إلا للأشجار والأحجار وبحيرة قريبة منه، ضاقت به الدنيا وظن أنه هالك إذا لم يتداركه ربه برحمته، نظر لوحشة المكان، فأراد أن يصرخ فتوجس في نفسه خيفة هجوم الوحوش الضارية عليه، تذكر مقولته الشهيرة عن المنحوس فتأكدت له صحتها، لكن لا وقت متاح ولا مكان مناسب ليندب حظه السيئ، فعمد إلى بناء كوخ يؤويه في نهاره ويقيه برد الليل وخطر الوحوش.
مضت الأيام في تثاقل كبير. فغدت الساعة يوماً واليوم شهراً، ولا أثر لأدمي يؤنس وحشته، ولا لعابر سبيل ينور طريقه، في صباح اليوم الثامن اصطاد سمكاً من البحيرة القريبة منه، ثم عمد إلى إضرام النار في قش جمعه بولاعته الناجية معه،و ما كاد يبتعد عن مكان النار إلا ببضع خطوات حتى التفت ليلمح كوخه وقد أصبح ركاماً من الرماد
، حينها ركع باكياً متضرعاً، إلى من لا يسأل في الكرب سواه أن يتولاه برحمته فهو العالم بحاله، في هذه الأثناء كان صوت يشبه هدير محرك طائرة يقترب من مكان الدخان المتصاعد من الكوخ المحترق، التفت بتثاقل ويداه لا تزالان ممدودتين إلى السماء، ليلمح مروحية تهم بالنزول بقربه، دبت فيه الروح، وهب مهرولاً نحوها، ليخبروه: أنهم كانوا بصدد مغادرة المكان بعد فقدانهم الأمل في العثور على ناجين من حطام الطائرة المنكوبة، لكن لما رأينا النار والدخان الكثيف يخرج من الكوخ توجهنا على الفور إلى هذا المكان، قال الرجل والدموع في عينيه: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، بعد ذلك علم من الصحف أنه الناجي الوحيد من بين ركاب هذه الطائرة، فقال وهو يبتسم: الحمد لله أنا محظوظ… لقد كتب الله لي عمراً جديداً.

أحمد محمد أحمد مليجي


فاطمة البشر 05 / 01 / 2012 02 : 05 PM

رد: قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي
 

بالنسبة إلي فأنا لا أؤمن بـ" النحس "
لكن دائما هناك حكمة خفية من تصرفات القدر ،،
سررت بتواجدي في متصفحك "أ. أحمد مليجي "
دمت بحب وسعادة وهناء
ودي ووردي

أحمد مليجي 06 / 01 / 2012 43 : 01 AM

رد: قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت العزيزة الأستاذة فاطمة البشر

شرفني واسعدني تعليقك الرائع أختي الفاضلة

جزاكِ الله كل خير

مرمريوسف 06 / 01 / 2012 42 : 04 AM

رد: قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي
 
أحياناً تحدث للإنسان ظروف غريبة ومتلاحقة فيظن السوء ويندب حظه ولا يعلم ان الله يريد له الخير ولكن فى الوقت المناسب وتقول الحكمة :-

إن لمْ تَحصُل عَلىٌ ما أردْت يَوماً
فلا تقُل : [ مِن سوء حَظي ] !
بَل قُل :
[ لعَلّ اللّه أراد لي الأفْضَل ]


شكراً استاذنا الفاضل قصتك الجميلة الهادفه

أحمد مليجي 23 / 05 / 2012 41 : 07 PM

رد: قصة ( المنحوس ) بقلم أحمد مليجي
 
السلام عليكم

الأخت الكريمة الكاتبة مرمر يوسف

اشكرك شكراً جزيلاً أختي الفاضلة على حضورك الرائع

جزاكِ الله كل خير


الساعة الآن 51 : 10 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية