![]() |
رسائل اخوانية 1
( الوجود البشري في جوهره عذاب ديني ) قل لي يا أخي : إلى متى سيستمر تراكم ألمي ؟ ومتى سأصل للصدق والحب والحق والجمال ؟ الدنيا ، في عيني ، رغم جميع آفاقها ، مجموعة علاقات بائدة . بل مجموع مبادئ رديئة تعارف عليها الناس ، وتواصوا بها ، فصارت دستورا عطنا يُنفذ عن رضى أو بالإكراه . وأنا ، مع هذا الخضم الجارف ، من الصور ، والألوان ، والأفكار المكررة ، .. مشتت أولا ، حائر ثانيا ، لا مبال ثالثا ، أشعر باللاجدوى والتفاهة . لقد قلت لي : العمر في أوله ، والزمن الشخصي ، مهما طال ، قصير ، لن يتجاوز المئة عام ، والمئة عام في عمر الكون صفر . والصفر يعني لا شئ . وقتها ، حدثتني عن التوازن الجاد ، والماضي المشرق ، والأحلام الممكنة ، والأفكار الحلوة . فكنت ، وأنا معك ، أحاول أن أقنع نفسي بقيمة كل ذلك وبجدواه . ولم تدر أنني ٍ سأكون اثنين في واحد : أكلمك صامتا ، وأنصت إليك محدثا ، وذهني يتطلع إليك بعينين فارغتين ، وعقل خاو ، ومشاعر ميتة . ولأنني كنت اثنين ، كرهتك وأحببتك ، ونقمت وأشفقت عليك ، ثم لعنتك ورضيت عنك .. وعندما بكيت ، وأنت تصف لي روعة التحدي الصادق ، كان في داخلي لسان طويل يهزأ من الكون بسخرية ، ويعيث بالوجود بمرارة وألم . أنا سفينة بلا ملاح ولا اتجاه .. بل مجموعة سفن أ ضاعت ربانها ، وحطمت صواريها ، ومزقت كل أشرعتها ،فبقيتُ مع الموج والملح وطعم الصبار . في حلقي غصة ، وجوفي ينز الصديد والدم ، وأشعر أنني هيكل جاف يتحرك ويسير ضمن آلية رتيبة محددة . وعندما أتساءل عن قيمة العلاقات ، وعن جدوى الحياة ، وعن صدق الرمز وماهيته ، أجد الخواء والوحشة في كل مكان . فبت أخاف من نفسي وحيرتي . وأشعر ، رغم كل شئ ، أنني بحاجة إلى من يضمني إلى صدره الكبير ، ويحتويني بذراعيه القويتين ، فيأخذ صدأي ، ويجلو ران قلبي ، ويقوي موات عزيمتي ، .. ويوصلني إلى الكبير، فتصوغ معجزته جفاف تربتي ، وتصوغ راحتاه دمار قلقي ، وتصوغ عيناه جراح ألمي. فهل أنتظر؟! والى متى أنتظر ؟! وهل سيطول الانتظار ؟! أم أنا أتألم ، وسعيد بألمي وجرحي النازف ؟! قل لي يا أخي ، ماذا أفعل ؟! وماذا أريد ؟! لك تحياتي ، والى لقاء . 16 / 7 / 1986 م ** ** ** أخي د. منذر: ِ.كلما أوغلت في دراسة حالة التمزق المفزع الذي ينتابك بشكل مزمن ، تتوضح أمامي الصورة العويصة الفهم والادراك التي حاول ويليام بكيت رسمها ِبانتظار غودو. فأنت، وبكل جرأة ، واحد من أولئك المتقاعسين الذين يثرثرون بلا جدوى ، ويبحثون بغير ما فائدة ،( ويحسبون أنهم مهتدون ). أنت قمة العبث ، وملك (السأم) ،وتجسيد رجل( ثقب الحائط ) لباربوس . ترقب الأشياء من ثقب الجدار ، ويخطر ببالك ألف فكرة وفكرة ، ولكنك تقبع صامتا متشتتا خلف الجدار ، تحوطك العناكب، ويعلوك ألف حشرة وحشرة ! تبني قلاعا وهمية ، وتطارد بسيفك الخشبي (طواحين هوائية ) وغيلان لا وجود لها . أنت (ايكاروس) بأجنحته الشمعية ، يتجه نحو الشمس ، وكلما ازداد اقترابا ، زادت أجنحته ذوابانا، إلى أن يسقط هاويا إلى جنب (ديادالوس). من أنت ؟! أنت الصمت والحيرة والفراغ اللامتناهي ! كم يعوزك النهوض من غفوة الرقاد والشتات العابث ؟! كم يعوزك أن تنطلق من هذه الزنزانة الصدئة التي بنيتها لنفسك كي تحقق جزءا من مفهوم جورج أرويل؟! ابدأ السير .. فقد أصاب الخمول أطرافك ، وفاض عقلك المتوقِد بالمعرفة الصامتة ! كسِر القيود التي ألزمت نفسك بها ! وعندها ، يمكن لك أن تنال قسطا من الإدراك الواعي والحقيقي للحياة . تعال من خلف الجدار ، واستغرق في المعاناة الحقيقية المادية ! وعندها ستدرك أن حالة التحنط التي تعيشها ،هي قمة التقزيم لهذا العقل المبدع الخلاق . لعمري ، إن الجواب أقرب منك إليك .. انه في تناغم حركة فكرك مع قدمك .. انه حين تصبح ( القدم التي يمشي بها ، واليد التي يبطش بها ) ! أنت سر الوجود ، لا في عقلك منفصلا عن يدك وقدمك ، بل بجماع هذا كله . الباحث عدنان أبوشعر الساعة 12 ليلا . |
رد: رسائل اخوانية 1
الله الله رسالة من أخ إلى أخيه يشكو فيها همه ، فيرد الآخر عليه بصفعة من كلمات ويقول أن سبب حالك أنت ! رسالتك "أ. منذر أبو شعر " لاقت لها صدى في نفسي وكانت رسالة أخيك بمثابة صفعة لي . راقني جدا ما طرحت هناا ، فأعدت قراءته مرات دمت مبدعا متألقا أستاذي ودي ووردي |
رد: رسائل اخوانية 1
الأنسة فاطمة البشر :
ليست صفعة أنستي .. فأخي ، مثلما أم حانية : قد تغضب ، وقد تشتم ، وقد تدعو .. لكنها لا ترضى أبدا أن يقول أحد لها بعد دعائها : آمين . لك طيب ودي ، ولقاؤنا مستمر . |
رد: رسائل اخوانية 1
اقتباس:
ماذا سيكتب ؟ وبماذا سيرد عليه ؟ من المؤكد أن التجارب والزمن ، كانا لتأثيرهما اختلافات جذرية.. يعجبني أن أقرأ فهل حدثتنا إن أمكن ذلك عن ذلك ؟؟ شكرا لك .. وتقبل مروري .. |
رد: رسائل اخوانية 1
الأستاذة الأديبة عزة عامر: لقد وصلتُ، بعون الله، إلى شواطئ الاطمئنان.. وهذا (البوح) إنما كان مقدمة لما سيأتي، وقد شرحتُ تفاصيل ذلك في المقالات التالية: (رقم 2 ورقم 3)، وأظن أن في تلك المقالات ما تأملينه من أجوبة ما زالت تنغر في الذهن بإلحاح. وكل الشكر لك، ومتعة راقية الرحلة معك. |
الساعة الآن 21 : 07 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية