|
قارب خشبي صغير..
قاربٌ خشبيٌّ صغير، بسيطُ الصنعِ، يحمل في مقدمته شراعاً أبيضَ، يدور في بحيرةٍ هادئةِ المياه، صافيةِ الزرقة، تتوسّطُ مروجاً فسيحةً خضراءَ، مزركشةً بألوان الزهور، تصيخُ السّمعَ من حولك فلا تسمع سوى غناءَ الطيور السعيدة، وأزيزَ الحشرات النشيطة.. وما عدا ذلك.. سكونٌ طبيعيٌّ ساحر. يدٌ عابثة، تنتشل القاربَ من موطنه الذي ما اعتاد العيش في سواه، وتحمله بقسوةٍ لا ترحمُ الخوفَ الذي يعتريه.. يحلّ الظلام.. وتسود أجواءٌ باردة، ورياحٌ هائجة تؤذنُ بساعات مريرة... ولا ينتهي الألم هنا، بل يبدأ، فيُقذف بالقارب في الهواء، ليتلقّفه المحيط؛ محيط من الأمواج المتلاطمة، والمياه الغاضبة، شوّهت الصورة السابقة الهادئة التي لطالما رمزت للسلام.. والأمان. عاصفةٌ ثائرة، تشتد رياحها لتشعل البركان المستعر في قلب الماء، ويستجيب الموج ويغضب، وقاربنا الصغير في وسط المشهد؛ قد تمزق شراعه، تحاول المياه اعتلاء سطحه مهددةً إياه بالغرق، وهو يظهر بطولة نادرة في ألا ينقلب.. كم عسيرٌ هو الحفاظ على التوازن والعصف يشتد من كل حدب وصوب، والخطر محدقٌ به يتحّين الفرصة ليجعله الضحية... وحيداً في كنف الظلام.. فلا رحمةَ، ولا معين. تنقضي العاصفة، ترى المياه هادئةً، كأنْ لم تثر بالأمس، وتسطع الشمس بأشعتها اللطيفة، فتنعكس عليها وتغازلها برقّة، وتغمر جسمَ سفينة عريضة الجوانب.. ماضيةٍ بثبات ملفت، تتحدى الماء برسوخها على سطحه، وعلى شاطئ آخر بعيد، تتناثر قطع خشبية مهترئة، منتفخة من كثرة ما ابتلعت من الماء.. كانت يوماً... قارباً خشبياً صغيراً |
رد: قارب خشبي صغير..
سعيد ابني الغالي مساء الورد
عيني عليك باردة ما شاء الله سعيد اسمح لي أن أقف هنا طويلاً قرأت مرة وأكثر .. أحببت الرمزية جداً وأحببت الصور البلاغية والتشبيهات الرائعة وتستطيع أن تقول أنني انتقلت إلى قلب الحدث وعشت مع هذا القارب صراعه مع العاصفة ومع ثورة الغضب وقدت جدا مقاومته ونضاله وعدم استسلامه أبداً .. ربما ازداد حقدي على جميع القوى الشريرة في هذا العالم .. ربما ازداد تعاطفي مع كل طرف يقع عليه الظلم حتى لو كان قارباً خشبياً بسيطاً .. خاطرة تحمل في طياتها القصة والقصة العميقة والقصة الهادفة والرمز هنا أضفى زخماً عليها وجعلها متميزة ومبهرة وتستدعي فعلا الوقوف طويلاً عندها .. سعيد لا أعلم ماذا أقول .. لكن المهم بالنهاية المطلق الوحيد في هذه الحياة هو الخير ويجب أن يبقى ..مهما اشتدت العواصف لا بد للخير أن يرفع راياته ولو بعد حين .. سعيد كنت أكثر من رائع ومبدع غير عادي .. موفق ابني الغالي . |
رد: قارب خشبي صغير..
مساؤك ورد وأزاهير و أريج عطر يا آنستي، أصارحك القول بأني أحسست بأن هذه الخاطرة ستنال نصيباً متميزاً من التقييم عندك هذه الخاطرة، التي وصفت بأنها مغرقة في الرمزية، هي كما أراها قصة كل واحد منا هي، من أقرب خواطري إلى قلبي أسعدني إعجابك بها، كما هي العادة دائماً لكن يا آنستي، هل تؤمنين حقاً بأن الخير مطلق في الدنيا؟ أولم يقولوا إنه لا شر مطلق ولا خير مطلق؟ هل هناك حقاً ما يدعى بالمدينة الفاضلة خارج أسوار أفلاطون؟ كل احترامي لك أستاذتي |
رد: قارب خشبي صغير..
اقتباس:
جئت لأقول لك صباح الورد .. قد أصبحت عادي عندي أن أتصبح بالورد المطلق .. أنا أرى أن الخير هو المطلق وأن الشر يعم ويغلب لكنه ليس مطلقاً بل محدوداً وجداً ولكن سبحان الله لأنه مؤلم وموجع نرى أنه مطلق لكن بالحقيقة غير ذلك وهي أمور تكاد تكون نسبية بعض الشيء لكن دائماً نحن نتذكر وجعنا مهما كان صغيراً ونشعر أن قوى الشر كبيرة ولا تهزم ونغفل أن ننظر في الخير الذي هو يغمرنا ويحمينا ويحرسنا .. ربما كانت طبيعة البشر .. حتى في دواخلنا لو نظرت الإنسان بداخله قد توجد بذرة للشر ومليون بذرة للخير ومع ذلك يوصف بالشر ؟ على كل حال المدينة الفاضلة خارج أسوار أفلاطون صعب تواجدها لكن يوجد لدينا الإنسان الفاضل ربما مع الوقت يبني مدينته الفاضلة المهم ألا تنقلب الموازين ونرى الشر هو الخير والخير هو الشر عندها تبقى الأمور بخير وفي مكانها الصحيح .. وأرجو ألا أكون أطلت عليك ولا أريد أن أسرق بهجة الخاطرة وروعتها نسيت أن أقول لك بغمرة الخير والشر لقد ثبت الخاطرة أمس بوركت ابني الحبيب سعيد |
رد: قارب خشبي صغير..
خاطرتك جميلة أخي العزيز واضحة الفكرة رمزية العمق
نبيلة الهدف لقد اخترت أن تكون مع القارب الصغير رغم المآسي التي انهالت عليه وأنا أضم صوتي إلى صوتك وأتضامن مع القارب الصغير حتى لو غرقت معه ... لأن القارب الصغير يعني الوطن! ومهما حصل لن نتخلى عن الوطن ونتركه للغرباء! تحياتي لك أيها الرائع تقبل مروري المتواضع |
رد: قارب خشبي صغير..
آنستي الفاضلة حفرت عميقاً في حكاية القارب، وقد سبرت أغواراً جميلة، تحكم متناقضات حياتنا ألف شكر لك يا معلمتي دمت بكل ود واحترام |
رد: قارب خشبي صغير..
الأستاذ علاء زايد فارس مرحباً بك في أولى مشاركاتك في كتاباتي، أثريتها بقراءة المخلص لوطنه، العاشق للخير، الحالم بالاستقرار تقبل خالص امتناني و ودي وكل تحياتي لشخصك |
رد: قارب خشبي صغير..
...أحببتُ كثيرا قاربك الصغير...السفن العملاقة وتغرق..فما أروع وما أقوى هذا القارب رغم صغره...والفكرة الصغيرة البسيطة إذا كانت خيّرة ستكبر ذات يوم لتخلد وتصبح بحجم الكون !!! أسعدني مصافحة نصك الذي يرفل بسحر الضاد وعنفوان الشباب..استمر فأنت صاحب قلم له بصمته التي تجمع بين الأصيل والحداثي بحميمية عجيبة!!! مودتي...
|
رد: قارب خشبي صغير..
الأستاذ الفاضل محمد الصالح قاربي هذا -كما أراه- كان موجوداً عند كل واحد منا، لكننا -وبدخولنا بوابة مرحلة جديدة في الحياة- استبدلناه بتلك السفينة الضخمة لكني لا أفتأ أحن إليه يا أستاذي أسعدني ما أسبغته على نصي من طيب امتداح و لطف تعابير، راجياً أن أكون عند حسن الظن دائماً أعتز بدعمك ليراعي الصغير، فتقبل خالص الود والامتنان |
رد: قارب خشبي صغير..
خاطرة جميلة أخي سعيد
بل رائعة بالفعل أعجبتني كثيرا في كل شئ ولكن تعليقي يعجز احيانا عن البوح كفاني أساتذتي السابقين بتعليقاتهم تجاه روعة الطرح ورقة الكلمات وسلاسة السرد تقبل ودي واحترامي |
| الساعة الآن 21 : 03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية