![]() |
على خطاك ...
على خطاك ... فتحت عينيّ هذا الصباح على صوت المآذن والأذكار سبحان الله ، والحمد لله ، ولاالله الا الله ، والله أكبر ،ولا حول ولا قوة إلا بالله ...تتعالى يردّدها الصّدى فقفزت من سريري ... لقد تأخر الوقت وستقام الصلاة بعد قليل ،هو العيد نفسه يعود إلينا لكنه يختلف في كل بلاد وفي كل نفس حسب الطقوس وحسب الأحداث ... ولأول مرّة يمر العيد من دون أمّي ... في مثل هذا اليوم كنت أفتح عينيّ على مائدة مزيّنة بأشهى أنواع الحلوى , رغم كبرها كانت تصر على أن تبدأ لنا العيد بطريقتها أدركت اليوم أنها كانت طعم العيد ...وطعم البيت وطعم كل الحياة . حاولت أن أخبئ عينيّ ... ستفضحني دمعتي مع أوّل كلمة لأولادي ... فأسرعت مهرولا دون أن أشرب قهوتي ، وعند الباب التفت إليهم أصرخ : أسرعوا لقد تأخـّرتم عن الصّلاة . وفي المسجد كنت شاردا لم أسمع حتى الخطبة ...هي نفسها الكلمات يردّدها إمام الجامع كل عيد ... الذي اختلف هو إحساسي ..لم أشعر بهكذا حزن في حياتي ، كنت أحدّث نفسي أبحث في خباياها عن نور يبدّد ظلمتها ، فإذ بابني يمسك يدي ويقول مبارك العيد يا أبي : مبارك العيد يا صغيري هنـّأت جموع المصلـّين وخرجنا من المسجد والبيت كان وجهتنا . أوقفني إبني ممسكا ذراعي وقال : اشتقت لجدتي يا أبي , هلاّ ذهبنا إليها ؟ وهنا لم أستطع إمساك دمع كنت أغالبه حتى لا يراه أبنائي فنزل ليبلل كتفيه .... ومشينا إلى المقبرة والصمت رفيقنا حتى وقفنا على قبرها سلـّمنا وقرأنا الفاتحة ... وأمام تلك القبور وقفت لحظات تأمـّل ، أسال حالي : أترى زادي سيكفي لهذا اليوم وسرحت في ملكوت الله أتذكر مالي وما علي واستوقف أفكاري صوت إبني بعيدا وهو يحدّث قبر جدّته : اشتقت إليك جدّتي وعدتك ألا أبكي وقد فعلت . ووعدتك أن أكون إبنك الصّالح حتى يبقى ذكرك في الحياة حدّثها عن كل شيء حتى عن الجيران . ... وفي طريقنا إلى البيت استوقفنى قائلا : أريد عيديتى يا أبي ، استغربت طلبه فقد كنت أنا من يعطيهم أول عودتي من الصلاة ، في ذهول أدخلت يدي في جيبي وأخرجت ورقة بمائة دينار فقال : زدني يا أبي فمددت يدي وأخرجت أخرى وهنا قال: انتظرني قليلا لن أتأخر ، وجرى مسرعا دون أن ينتظر رأيي ، وفي لمح البصر وصل آخر الشارع المقابل، ولا تزال الدهشة تغمرني طرق الباب وفتحوا له ، مدّ يده إليهم وعاد يحدّثني وهو يبتسم : أتعلم يا أبي؟ لأوّل مرّة أطرق هذا الباب من دون جدتي ، عند هذه الأرملة كانت تخبئ لي عيديتي حتى أكبر فأصبحُ غنيـّا مثلك تُرى كم أصبح عندي الآن؟ ابتسمت وتمتمت قائلا " كانت تفعلها معي أيضا " . فسألني : ماذا تقول يا أبي ؟ فأجبته : دعنا نتسابق من يصل باب البيت أوّلا وأطلقنا ضحكة ردّت صداها السماء . الجزائر 04/02/2012 |
رد: على خطاك ...
لي عودة بإذن الله
|
رد: على خطاك ...
[align=justify]رائعة قصتك أختي فتحية بما حملته من أحاسيس ومشاعر مؤثرة استطاعت أن تتغلغل إلى أعماق قلوبنا ..
ما أقسى فراق الأحبة .. وما أجمل أن نحسن إليهم حتى بعد رحيلهم . شكرا ولك كل مودتي .[/align] |
رد: على خطاك ...
اقتباس:
|
رد: على خطاك ...
الآنسة فتحية عبد الرحمن :
أبكيتني بحرقة ، بل شهقت غصة وأنا أتابع فيض صدق أحاسيسك . أهي دعوة للوفاء ؟ أم هي دعوة لتجدد الحب في عيون كل ذي احساس ؟ أم هي شكوى من الزمن الجاحد؟ الشكر كله لك ، وتبقى طيب صحبة اللقاء . |
رد: على خطاك ...
اقتباس:
سأنتظر عودتك أستاذ رأفت ... تحياتي |
رد: على خطاك ...
اقتباس:
سعيدة أنّ قصتي راقت لك وتغلغلت معانيها الى قلبك بسهولة تقبل مودتى وتقديري |
رد: على خطاك ...
اقتباس:
أعتقد أنّ هذا أطول تعليق كتبته لي أستاذ عددت أحرفه فوجدتها أقل من مودتى وتقديري الكبيرين لك وجمعت معانيه التي نثرتها بين الحركة والحرف فوجدها أعمق منى ومن كل ما أحمله فانحنت روحي تقطف لك من الورود أجملها لعلها إذا وصلت بعبقها تصل اليك بفائق التقدير سررت وأنا أرى ملامح الطفل هنا دمت دائما بألق ودام حضورك الجميل |
رد: على خطاك ...
اقتباس:
شكرا للمرة الألف أنت دائما تلغي السنين بجرة حرف ... وأنا التي أكلت عنها الدنيا وشربت وأبكتها وجعلتها تكتب بالحرف ألوان الوجع ... قصصي تنبع من عمص الصدق في أعماقي تخرج كيفما يشاء لها الله بين الحروف أنا أرسم ملامحي بكل تفاصيلها وسعيدة أنها تروق لكم وتصلكم معانيها شكرا لأنك هنا أستاذ ويبقى النقاء هو أسمى التعابير مودتى وتقديري |
رد: على خطاك ...
أستاذ منذر ...
شكرا للمرة الألف أنت دائما تلغي السنين بجرة حرف ... وأنا التي أكلت عنها الدنيا وشربت وأبكتها وجعلتها تكتب بالحرف ألوان الوجع ... قصصي من منبع الصدق في أعماقي تخرج كيفما يشاء لها الله بين الحروف أنا أرسم ملامحي بكل تفاصيلها وسعيدة أنها تروق لكم وتصلكم معانيها شكرا لأنك هنا ...ويبقى النقاء هو أسمى التعابير تقبل أستاذ مودتى وتقديري |
الساعة الآن 55 : 10 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية