![]() |
أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
أمٌّ في باطن الأرض ( أرجو الانتباه إلى عدم ظهور هذه الأسطر لأنها للمساعدة في أثناء الرسم ، هذه الحلقة هي عن (البذرة) حيث يجب أن تظهر في أثناء هطول المطر، منتفخة العينين من طول النوم و في ثياب النوم أيضاً، ويفضل أن يبدو الرشيم (الجنين) في بطنها أو أن تبدو بطنها منتفخة على الأٌقل، وهي تحمل طوال الوقت (أنبوب صمغ لاصق) لأنه جزء من شخصيتها، وسيتبين ذلك أثناء القراءة.. شكراً لكم). وأخيراً أتيتِ لتوقظيني بعد عشر سنوات من النوم يا حبات المطر؟؟ ما كان عليك أن توقظيني متأخرة هكذا، فما الذي سيقوله عني أصدقائي الجدد و أنا على هذه الهيئة الشعثة؟؟ عذراً يا أصدقائي، لقد كانت نومة طويلة و مشبعة حقاً ، ولكن لا تستغربوا لأن النوم الطويل هو من عاداتنا التي نشتهر بها نحن بذور النبات. و أنت أيها المطر الصديق.. أتعلم؟ لقد تعلمت في أثناء تلك السنوات الطويلة الشيء الكثير عني و أخواتي من البذور.. تعلمت أننا نمتلك القوة و الصبر و سر الحياة أيضاً لأن في داخلنا أجنّة النبات التي تسمّى بالرُشَيم، و يا لها من أجنّة قوية حقاً، لقد تحمّلتْ معنا ظروف المناخ القاسية من الحر و الصقيع و الريح العاتية دون أن يصاب غلافها بسوء، ودون أن يطال الفساد جذيرها و سويقها و محفظتها الغذائية التي زودها الله تعالى بها.. لم ينلها عفن أو حتى ضمور، بل بقيت ثابتة على حالها بفضل الله. جبال هائلة كانت قد استسلمت للرياح الشديدة التي نحتتها و غيّرتْ من أشكالها ، لكنني بقيت - والرشيم بداخلي - صامدة تحت الأرض دون يأس، و دون استسلام إلا للنوم العميق. هكذا هي حالنا نحن البذور يا أحبتي ، إننا متشابهون في الأحوال رغم اختلافنا في النوع و الحجم ، فمن جوزة الهند الكبيرة - التي هي بذرة لا ثمرة- إلى بذار تتناهى في صغرها لتكون أشبه بالغبار. وكلنا على اختلافنا أمهات رائعات لأننا نحتضن في داخلنا تلك الأجنّة النباتية القادرة على اختزان الحياة عشرات من السنين قبل أن تتحول إلى نوع من أنواع النبات، فانظروا مثلاً إلى بذار العدس اليابسة يا أحبتي كيف ينمو منها سوَيق أخضر و جُذير أبيض إذا ما وضعت فقط على قطعة قطن مبللة بالماء، فيا سبحان الله! و أنت يا صديقي المطر المنهمر، لقد أغرقتنا بكرمك! تمهل قليلاً كي أستطيع إخبار أصدقائي عن أسفاري في الماضي السحيق قبل رقادي الطويل ، وكيف أنني و قريباتي من البذور رحّالة من الطراز الأول نجوب الأرض بحراً و براً و جواً . هذا صحيح يا أحبتي، فقد وهب الله تعالى بعضنا أجنحة صغيرة جداً تقدر على حملنا عبر قارات بأكملها مئات من الكيلومترات بمساعدة الرياح الصديقة كي نستقر في الأراضي الرطبة ونخرج أشجاراً بارعة الجمال. أما تلك البذور التي يكسوها زغب كزغب الصوف فهي الطائرة لمسافات محدودة قصيرة فحسب لا كتلك المجنّحة المسافرة عبر القارات. ومن قريباتي من لها غلاف عازل كي يحمي الرشيم بداخلها من التلف، لأنها مصممة على السفر عبر السيول و الأنهار إلى مسافات بعيدة. ومنا من لها أشواك تلتصق بأجسام بعض الحيوانات، فتنقلها بلطف من مكان إلى آخر، وللبعض الآخر مادة لاصقة كهذه التي أحملها معي طوال الوقت، والتي مكنتني في أحد الأيام من الالتصاق بقدم الطائر المهاجر، فسافرت معه من بلدي إلى هذا البلاد البعيدة. إننا عائلة مشهورة بالاعتماد على النفس ، حيث يمكن لبعضنا مد الجذور في أعماق الأرض لمسافة تزيد على سبعة عشر متراً في سبيل البحث عن الرطوبة و التقاط الماء، فسبحان من خلقنا فأبدع! حياة طويلة طويلة.. عشتها بحلوها و مرّها، و حلّها و ترحالها، تعلمت فيها الكثير و اكتسبت فيها كثيراً من الأصدقاء.. و الآن قد آن أوانك أيها الماء المنهمر كي تقوم بعملك، و تنعش الحياة في داخل صديقاتك من البذور العطشى، كي تتحول إلى عشب أخضر أو شجر مثمر أو.... انظروا يا أحبتي.. لقد حانت أجمل اللحظات في حياتي ، فقد تحولت أخيراً إلى زهرة فواحة.. اذكروا قصتي و انشروها بين إخوانكم ، و انتظروني في العدد القادم كي أعرفكم إلى قريبتي البذرة المباركة التي نامت آلافاً من السنين ثم استيقظت بعدها لتعانق شمس الحياة من جديد. البذرة |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
ويصلح حتى للكبار!!! رائع ما نثرت هنا رهف..مودتي...
|
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
صدقت أستاذي محمد الصالح
قرأته وكلي شغف أن أنهي هذه القصة، قد استفدت منها صدقاً وازداد يقيني وإيماني بقدرة الله عز وجل سبحان الذي يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي من يستطيع أن ينكر البعث بعد ذلك؟؟ قال تعالى " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلقٍ عليم" شكراً أختي رهف ، سلمت الأنامل التي تكتب هذا الإبداع |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
حضرة الأستاذ محمد الصالح:
أشكر اهتمامك ومتابعتك لعملي المتواضع وأتمنى لقرّائه ومتابعيه أكبر كمّ من الفائدة والمتعة. دمتَ بألف خير. رهف عدنان أبوشعر |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
حضرة الأستاذ علاء:
جزيل شكري لاهتمامك ومتابعتك، وأرجو أن تكون الأعمال القادمة زاخرة بمزيد من التشويق والفائدة والمتعة. أشكر اهتمامك ، وتعبيرك الراقي. دمتَ بألف خير. رهف عدنان أبوشعر |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
رهف حبوبتي
صدقيني يجب أن نكون نحن هنا قبل البراعم أنا ما أتعلمه هنا في صفحتك الكريمة لم أتعلمه قط ربما كانت طفولتنا عابرة وربما حشيت فقط بقصص السندريلا والأميرة النائمة وبياض الثلج لذلك علاقتي بالبذور ضعيفة جدا أشكرك لأنك توليت مهمة جديدة وصعبة وهي القص الذي يحوي المعلومة المفيدة والمهمة وشكرا لك الأديبة الرقيقة رهف وأدامك الله غاليتي . |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
ما شاء الله عليكِ أستاذة رهف , نمط قصصي رائع جداً فيه المتعة والفائدة بانتظار المزيد من إبداعاتكِ الرائعة . دمتِ عزيزتي بكل الخير . |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
حضرة الأستاذة بوران:
أشكر قراءتك لكتابتي المتواضعة، وأتمنى أن نبقى على تواصل دائم. شكراً لمرورك العطر. رهف عدنان أبوشعر |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
الأستاذة رهف أسعد ربي أوقاتك بكل الخير والسعادة
أخذت كيسين صغيرين من تراب أحد احواض الزهور التي كانت على سطح بيتي القديم منذ 12 عاما ونقلتها إلى بيتي الجديد ( حيناها ) والقيت بها في جنينة البيت الصغيرة .. وبالرغم من مرور تلك السنوات ما زالت تظهر لي في كل سنة زهرة من تلك التي كانت على سطح بيتي .. واقسم بأن الشهر الماضي قد أزهرت شتلة واحدة منها .. الحيّ كله لا يوجد به زهرة واحدة من " البتونيا " فهل يعقل أن تستمر البزرة كل هذه السنوات كنت أتساءل .. هنا زال استغرابي فشكرا لك سيدتي وحين قال الصالح أنها تصلح للكبار لم يخطئ بارك الله فيك |
رد: أمٌّ في باطن الأرض-سلسلة شيء صغير يتكلم/ رهف عدنان أبوشعر
غاليتي حبة القلب ابنة أخي رهف:
كم أحب أن أعود الى الوراء ، فأصير طفلا يتلقى عذب المعلومة بقالب بديع ساحر ، فأسرح مع عذب العبارة ودقتها ، وأبهج مع روعة الفن الجميل . رائع كل ما تكتبينه ،لأنه يضيف بلباقة الى صرح الأدب الجاد مانأمله دائما . وكل الشكر لك ، ونبقى معك وجمال عوالمك المميزة . |
الساعة الآن 56 : 11 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية