منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مدينة د. منذر أبو شعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=489)
-   -   الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=22957)

د. منذر أبوشعر 28 / 05 / 2012 02 : 03 PM

الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش
 


وقتما تحدثتُ عن طربي ببديع مفردات الأخوين رحباني، ثم إعجابي بسحرك الآتي من أقصى المغرب، لم أقصد أبدا التفريق بين المكانين، فلغة الشعر واحدة، يجمعها صدق التعبير وأصالته.
وما أردته إنما هو عسر فهم مفردات دارج لغة أهل المغرب أو أي ( لهجة) عربية أخرى، وتمكن النص من تخطي خصوصية (اللهجة) بغناء موسيقى النص وفتنته.
وهذا يعني شيئا مهما آخر: ما هو موقفنا من روائع الشعر( النبطي) المحكي بلهجة أهل الخليج، وأزجال أهل الشام، وأشعار دارج ( لهجة ) أهل المغرب عامة و( طريقة ) غنائهم، وهل يعني ذلك، وقتما نفتن به، أننا نساعد، من حيث لا ندري، ابتعادا متعمدا عن الفصحى وترسيخا لتجزؤٍ نرفضه ؟ أم هو نمط من التعبير وشجن ساحر لا يؤدى إلا بهذه الصورة الجميلة ؟
في كتابه ( عيون الأخبار) قال ابن قتيبة، وهو يعتذر عن إيراد طرفة ضاحكة لمزبد المديني دون إعراب الكلام ،أن إعراب الطُرفة يُفقد سحرها، وهذا يعني أنه يتسامح باللهجة المحكية. ومثله قول عميد البيان عمرو بن بحر الجاحظ : وقد يتملح الأعرابي في شعره شيئا من كلام الفارسية .. وكلام الناس في طبقات، كما أن الناس أنفسهم في طبقات. فمن الكلام الجزلُ والسخيف، والمليح والحسن، والقبيح والسمج، والخفيف والثقيل. وكله عربي، وبكل قد تكلموا، وبكل قد تمادحوا وتعايبوا. ولأهل المدينة ألسن ذلقة، وألفاظ حسنة، وعبارة جيدة، واللحن في عوامهم فاش، وعلى من لم ينظر في النحو منهم غالب ( البيان والتبيين 1 / 141 ).
هذا في وقت كانت نعرة ( الشعوبية ) فاشية، وتمسك كل طرف بل تعصبه لأطياف لونه حاضر راسخ مقيت، وغمط كل آخر من سبق التعبير والأداء ظاهر في كل نواحي الأدب.
وأقول إننا مع سحر البيان وروعته، ولا داعي لتقسيم الأنماط الأدبية بين قديم وحديث، وفصيح وعامي، وشعر مقفى وشعر منثور، لأن الحكم في ذلك كله لمطلق الإجادة وحسن ترتيب الأداء.
وما شكواي اليوم إلا( استسهال) البعض لرائع البيان ورحب آفاقه بدعوى الحداثة والتجديد.

حسن الحاجبي 28 / 05 / 2012 15 : 09 PM

رد: الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش
 
الرائع المبدع : منذر أبو شعر
لعلني أطفئ بغضا من عطشك وأنت ترشف معي من كأس مقالة نقدية في الموضوع كنت كتبتها من قبل وفيها إجابات قد لاترقى لمستوى طرحك الراقي ولكن لنجعلها توطئة للكلمة التي طلبت مشكورا , وستكون لي عودة بعدها
تقبل خالص تحياتي الأخوية

آه يابلادنا : قراءة نقدية في الشعر العامي

لعل واحدة من أكثر أوجه الجدل اعتمالا في الساحة النقدية , هي مسألة الصدقية وحدود التجرد في الأعمال النقدية الموجهة نحو مختلف أصناف الأدب عامة , ونحو صنف الشعر خاصة . فجمهور الشعراء لا يفتأون يشتكون ويتبرمون من جماعة النقاد , بل ويعلنون بلا مواربة أن عددا لا يستهان به من النقاد, ضلوا طريق النقد , حين اتبعوا سبل الذاتية البعيدة عن كل المقاييس الذوقية و الجمالية السليمة .
ومجرد الوقوف على مثل هكذا أحكام , يجعل من الصعب على كل ذي اهتمام بالشعر أن يقترب ناقدا أو محللا لأية قصيدة , إلا أن يكون ذلك من باب المخاطرة التي قد تضيع معها الغاية المثلى من وراء كل نقد بناء , لاسيما حين ينزوي الناقد في زاوية الدفاع عن رأي يستميت في التمكين له من خلال ركوب المادة الشعرية كوسيلة .
وإذا كان هذا هو الحال مع شعر التفعيلة , فكيف يكون الأمر حين الحديث عن الشعر العامي ؟ إذ لا يختلف اثنان حول مسألة اعتبار هذا النوع من الشعر , مجرد شعر من درجة ثانوية . على الرغم من جميع الإعتراضات التي تقف في وجه هذا التصنيف الجائر , محاولة تجاوز تلك الإكراهات التي تعطي لمثل هاته الأحكام بعضا من مصداقيتها . لعل في مقدمتها : الوعاء الحامل لفكر القصيدة ومبتغاها , والذي ليس سوى لغة عربية فصيحة , وبحورا وأوزانا وضوابط عروضية مرسومة سلفا , في قصيدة التفعيلة , لكنها باهتة الحضور ــ ولا أقول غائبة بالمرة ــ وغير ضاغطة بالثقل نفسه في قصيدة الشعر العامي ,وبسبب الإختلاف السطحي على مستوى اللهجات التي تمتح في مجملها من معين اللغة الأم .
هكذا إذن يصبح الإصطفاف في خانة نقد الشعر العامي , اختيارا يجعلك خارج دائرة النقاد , والحق أنني لم أكن لأتطاول على هذا الأمر , فأقيس قامتي بهامات الشعراء الأفذاذ من أهل الشعر العامي والزجل , وأشرئب متسامقا إلى مراتبهم العالية , لولا رغبة جامحة تسكنني في أن أبين أن النقد نقد حيثما كان , وأن لقصيدة العامية كما لغيرها من القصائد على بساط المقاربة النقدية , أوجها للتشابه والتلاقي , بما عساه يدفع عن الشعر العامي بعضا مما يرميه به الرامون .
***
تعالوا إذن نجعل من قصيدة : "آه يا بلادنا " للشاعر " محمد عبد المجيد مرسي " مدخلا نستبين منه طرائق الكشف النقدي لقصيدة عامية , لكن ليس قبل أن أوضح أن مساءلة هاته القصيدة نقديا ليس سوى من باب الأخذ بالنموذج , بحيث لن تكون مقصودة لذاتها بقدرما هي توطئة للنقاش , نعبر من خلالها إلى مسألة نقد القصيدة العامية .
فكل قول في حق القصيدة لاينقصها مكانتها بحصولها على جائزة " نور الأدب " . وكل حكم لا يزيدنا إلا إعجابا وتربيتا على كتف شاعر متميز بمكانة الشاعر " محمد عبد المجيد مرسي " . شاكرين له مسبقا سعة صدره , مع خالص التقدير والإمتنان

***القصيدة ***


آه يا بلادنا وكل ما لينا
بصو وشوفو إزاي
أهالينا
بطش الظالم فيهم وفينا
وإزاي نسكت على
أعادينا
**
غزة الغالية تحت النار
فكو حصارها يا أحرار
لازم صحوة كفاية دمار
لازم وقفة ...واستنفار
ياما عانينا فيكي يا دار
ولا نسينا ...الإستعمار
مش لهنفرح حبة عشان
إحنا في هدنة واستقرار
بكرة هيجي شايل صمته
ممكن جنة وممكن نار
**
واحنا الهدف الواضح ليه
ومفيش غالي هيغلى عليه
يبقى ليه نسكت ليه
لازم نثبت كرهنا ليه
ونوريله نتيجة ظلمه
وإنه عدو وما هنخليه
يجري ويلعب ولا على باله
وهو جبان بخ عليه
إزاي يضرب وكلنا ساكت
فين النخوة ما نلعب بيه
أصل دا كله كله مزايدة
ودول العالم راهنو عليه
وقال يعني
بكرة تكون في حبابي عينيه
**
بس شوية لما نصحصح
شوفو هنعمل فيهم إيه
أوعو تقولو أن إحنا هفايا
دا احنا وزير وباشا وبيه
كراسينا شاهدة بكل نزاهة
بنخاف عالحق
ونداري عليه
حتى لدرجة أننا نسكت
وطبعا نشجب وإزاي وليه ؟
وأصل سكوتنا
أصله دا واجب
مالي حياتنا وبنحييه
وشوف بقى لو هنعمل ثورة
هتبقى هلمة وسين وليه
يبقى الأحسن نفضل أحسن
برغيف عيش وكام أبونيه
ليه نتعلم ليه نتنور
ليه نتهور ليه ليه ليه ؟
ويلا يابني بينا هنبني
عش صغير نسكن فيه
وخلو الطاهرة بنت الطاهرة
ماسك روحها ماين أياديه
عدو مخنس يدوب من فترة
واهم نفسه وبيقول أراضيه
وكأنه ما عاد فينا النخوة
أو إسلام ...نسبنا إليه
لازم طبعا شوية رحمة
مع حبة صحوة وقوة عليه
علشان نقدر نرجع غزة
ونطوي كفاحها وآهات لياليه .


غزة إذن هي الموضوع , ومن أجلها يستصرخ الشاعر غضبا في القلوب مكتوما , وصحوة في النفوس موؤودة , عبر سياق متصاعد , متوسلا إلى ذلك باعتماد المصطلحات الدالة على اللفظ , والمصطلحات الدالة على المعنى .
آه يا بلادنا ....مدخل متأوه إختاره الشاعر للإستهلال , وعلى مدى المسار المفصلي للقصيدة , تتماوج الأنساق المفاهيمية في خط حركي وجداني مكثف بالدلالات اللفظية " بطش / نار / دمار / ظلم / آهات / ..." كما بالدلالات الموضوعية " بكرة هيجي شايل صمته / خلو الطاهرة بنت الطاهرة / حبة صحوة وقوة عليه / ..." , حيث ينتقل الشاعر بسلاسة بين الحقول العاطفية من اللوعة إلى استنهاض الهمم , ومن التذكير إلى التنبيه , ومن الأسئلة الإستنكارية إلى السخرية اللاذعة , وصولا إلى استكانة ما تلبث أن تحيل على تساؤل مصيري تكون نتيجته يأس , يكاد يكون قاتلا لولا بصيص من الأمل , وصحوة ولو متأخرة , تتوخاها القصيدة في النهاية .
فالشاعر ينظر متأسيا بعين الحسرة { شوفو إزاي أهالينا , بطش الظالم فيهم وفينا } إلى غزة الرابقة في أرساف الإحتلال , ويدعو إلى إنقاذها , وتحطيم قيودها { غزة الغالية تحت النار , فكو حصارها يا أحرار } .
ومن التذكير { ياما عانينا فيكي يا دار } إلى التنبيه {لازم نثبت كرهنا ليه , ونوريله نتيجة ظلمه } تتدرج إشكالية النص , مستعرضةصورا متضافرة من الأسى البين والواضح , الذي يدفع بصاحبه إلى استنكار الحال بلسان الحال حين يقول :{إزاي يضرب وكلنا ساكت ؟ } .
..." إزاي؟ " و "ليه ؟" .. وجهان لصورة بلاغية مكثفة تلبس في المقطع السادس من القصيدة لبوسا من السخرية اللاذعة , إلى الحد الذي تختفي معه أساليب التورية والتلميح المطلوبة في مثل هكذا مواقف , حيث يتدثر النص برداء من السخرية السوداء ,يصل حد الذروة في قول الشاعر :{أوعو تقولو إن إحنا هفايا , دا احنا وزير وباشا وبيه , كراسينا شاهدة بكل نزاهة , بنخاف عالحق ونداري عليه , حتى لدرجة إننا نسكت , وطبعا نشجب وإزاي وليه }.
ومن الطبيعي جدا أن يسفر هذا الكم من التهكم وجلد الذات عن شبه انهزامية تتخذ من الصمت عنوانا وشعارا { أصل سكوتنا دا واجب } , لولا أنه ذاك الصمت الذي يسبق عاصفة السؤال { ليه نتعلم ليه نتنور , ليه نتهور ليه ليه ليه ؟ } وباعتماد صيغة دلالية لفظية مباشرة , {ليه ليه ليه ؟} تبلغ القصيدة مداها في الجهر بالإشارات والمضامين الصريحة , التي لا تحتاج إلى كبير عناء قصد استجلائها من بين ثنايا الكلمات , لعل أشدها سوداوية , ذلك الإحساس بالغبن الناجم عن قلة حيلة , وقصر يد لا حول معه ولا قوة {وكأنه ماعاد فينا النخوة , ولا إسلام ...نسبنا إليه } ولو كنت مكان الشاعر لقلت { وكأنه ماعاد فينا نخوة , ولا إسلام ننتسب إليه } .
وفي عز الإختناق {ماسك روحها مابين إديه } تنبلج فسحة من صبح قريب {لازم طبعا شوية رحمة , مع حبة صحوة وقوة عليه } هي في حكم القدر المحتوم الذي قد يتأخر قليلا , لكنه آت لا محالة , {علشان نقدر نرجع غزة , ونطوي كفاحها وآهات لياليه } .
...وبين "آه " المقدمة , و"آهات " الخاتمة يعتمد الشاعر منهاج البرهنة والإستدلال والتحليل الساخر , مما يعطي للقصيدة قوة حجاجية , من خلال رؤية شعرية منسجمة وربط للألفاظ بدلالاتها في السياق , وإن كانت غزة الحاضرة ظلا ومعنى , لم تذكر لفظا إلا مرتين , أولاهما استهلالا {غزة الغالية تحت النار } وثانيهما انتهاء { علشان نقدر نرجع غزة }.

... لايمكن أبدا أن ننظر إلى قصيدة ــ مهما يكن تصنيفها ــ بمعزل عن التيار الشعري العام , وحين نود أن نرصد حجم قصيدة ما , لابد أن يكون هذا الرصد بمقياس الخلق الإبداعي في ساحة الشعر بصفة عامة , وفي ساحة الصنف المراد رصده بصفة خاصة .
..لذلك سأسمح لنفسي بتذكيركم أنني لا أقصد هذه القصيدة بذاتها , وإنما أقصد كل عمل يوضع تحت مجهر المقاربة النقدية التحليلية , وساعتها يحق لي ولكم أن نسائل القصيدة , سواء أكانت من الشعر العامي أم من غيره .
أين تقف القصيدة في صف البيبليوغرافيا الخاصة بالشاعر ؟
هل القصيدة مجرد اقتباس ــ على مستوى الفكرة طبعا ــ وإعادات ممجوجة لإبداعات سابقة ؟
هل القصيدة مؤشر على خط شعري مؤسس لمنهج إبداعي ما ؟
هل يمكن للقصيدة مسايرة الزمن أم أنها لا تعدو أن تكون ذات قيمة وقتية ؟
تلك لعمري هي مباضع الجراح التي يمسك بها كل ناقد , ويعلمها القاصي والداني , ولست أقول شيئا من عندي , ولكن الغاية من التذكير بهذا الأمر , هي أنه غير مخصوص بالضرورة لقصائد التفعيلة دون غيرها من قصائد العامية , إذ ليس حراما أن نستنطق القصيدة العامية بمثل ما نستنطق به صنواتها , وبنفس الأدوات النقدية .
لست أنا من يتطاول إلى مشارف الإجابة عن أسئلة تكبرني حجما , وأصغرها إحاطة , وليس القصد أن نسائل القصيدة التي بين أيدينا , إلى أي حد تجيب من خلال مضامينها وتيماتها الفنية والبلاغية عن الأسئلة المطروحة , ولكن القصد أن أبين أن النقد في شموليته الأدبية , يعلو على كل صنافة نوعية . والقصيدة العامية , لها مكانها في ساحة الشعر عامة , حت ولو كانت تقف خجلى في الطابور . وأجدر بأهل الشعر كما بأهل النقد أن يفسحوا للشعر العامي وللزجل موطئا , وساعتها سنكتشف كم هو جميل ورائع هذا الزجل وهذا الشعر العامي .

عود على بدء : وبالرجوع إلى قصيدة " آه يا بلادنا " فقد تمكن الشاعر إلى حد كبير من الحفاظ على الخصائص التي تجمع بين أطراف الشعر العامي شكلا من خلال ترنيمة إيقاعية بسيطة , ومضمونا من خلال قرع أجراس الغضب الممزوج بالسخرية , ما جعل القصيدة تحرك في أنفسنا هياج الشوق إلى غزة .
أن تكون قارئا متلذذا للشعر وأنغامه , شيئ جميل طبعا , ولكن القصائد منها ما يشتعل وينير في القلب والفكر , ومنها ما ينطفئ ويخبو في زوايانا المظلمة العديدة , ووحدها تلك القصائد التي تزيد من وعينا , وتكثف من إدركنا للأشياء , تستطيع أن تعيش , ووحده ذلك الشاعر الذي يتمكن من تسلق قمم الشعر بوثوق وحركية دائبة , من تبقى قصائده مشتعلة وهاجة .

هنيئا لشاعرنا : محمد عبد المجيد مرسي . جائزة نور الأدب

مع خالص المودة للجميع

رأفت العزي 29 / 05 / 2012 44 : 12 AM

رد: الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش
 
شفتم وين انا بضيع ههههه

الأدباء الأجلاء ، الحبيب الأستاذ منذر والحبيب الأستاذ حسن
حتى لو كان المقال أرفع من لغتي وأعمق من ثقافتي ألا أنني قد فهمت وجهتي النظر حول مسألة اللغة وهناتها
احترامي الشديد لعلمكما والافاضة الرائعة لقلميكما وإني من طالبي المعرفة وسأرافقكما إن سمحتما لي بذلك

تحيتي احترامي محبتي

د. منذر أبوشعر 02 / 06 / 2012 05 : 05 PM

رد: الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش
 
الأستاذ الرائع عزة العزي : تواريك خلف جدار الضحك بعيني صقر ، يفضح لعبتك ، ويصرخ عاليا أنك هنا . فعطر تواجدك ينبئ عنك ، وبهيج حلو لقائك، لن يعفيك من ضريبة سماع صوتك الحقيقي الجاد ، وإن قلت بشغب محبب : أنا لا أعرف! دعوني أتفرج !
والخير كله لك، وننتظر حنكة رأيك.

د. منذر أبوشعر 02 / 06 / 2012 16 : 05 PM

رد: الأستاذ المبدع حسن الحاجبي ، كلمة للنقاش
 
الأستاذ المبدع حسن الحاجبي :
لابد أن يأخذ حديثنا اليوم منحى آخر ، لنحدد مرامي الكلام ، فتتوضح الصورة أكثر:
1 بداية ، أنا لست مع من نادى باستبدال الفصحى بالعامية ، وتغيير شكل الحرف العربي بالحرف اللاتيني ، بدعوى ترهل الفصحى وعدم استجابتها لمطلب الحداثة ،( مع ملاحظة أن جميع من تبنى ذلك ودعا إليه، إنما كتب بالفصحى وعلى الجادة في الكلام ) !
2 لكن يجب التفريق بين ( قداسة ) اللغة ، وأنها صارت (مقدسة ) لنزول القرآن الكريم بها ، وتفردها بجمال وفتنة خصائص ساحرة، وبين (الاعتراف) باللغة المحكية كطريقة خاصة بالأداء ، لا تُلغي الفصحى ولاتحل محلها ، إنما يتأدى بها نمط خاص من جمال التعبير. 3 ونكرر إن الجاحظ ،وابن قتيبة ، وكثيرا غيرهم ، وقت فورة احتدام نزعة (الشعوبية)، تساهلوا بتجاوز قواعد الكلام الفصيح، وهم جهابذة البديع وأساتذة فن التعبير ، وما تناسوا أبدا تربص الحاقدين وأصحاب الهوى باللغة الفصحى وما تحمله من دلالات في استمرارها كأداة تخاطب وتعبير. 4 وإن المسلمين غير العرب لم يتركوا خاص لغاتهم في نواحي حياتهم ، وإن كتبوا في العربية ومارسوا شعائر الصلاة بمفرداتها الفصيحة. ففي حديثه عن عجيب ذكاء أستاذه أبي العلاء المعري ، حكى أبوزكريا الخطيب التبريزي يحيى بن علي ، أنه كان قاعدا في مسجده بمعرة النعمان ، بين يدي أبي العلاء، فرأى رجلا من أهل بلدته ، فقام وكلمه بلسان أذربيجان ، فحفظ أبو العلاء ماقالا وإن لم يفهمه. أي أنهما تحدثا بلغتهما الأذربية الأم، ولم يجبرهم الخليفة أو واليه ،على التخلي عن لغتهم والتحدث بلغة أهل البلاط الحاكم (مثلما حدث في بلد المليون شهيد ، ابان الاستعمارالبغيض) ! وهذا يعني بوضوح أنه سهل يسير الجمع بين لغتين كلتاهما أم ، أو لغة وابنتها ، أوبين كافة أطياف اللغات ،.شريطة ترك غباء التعصب والإفراط فيه .
6و بقي زعم آخر ، يأخذ وجها آخر في شجون الحديث ، وهو عسر تعليم العربية، وفرط تعقيد أصولها ! وهو زعم سخيف ، لايؤبه به ، ففي عصرنا اليوم ، استطاعت نشرات الأخبار،على امتداد الوطن العربي، تقديم الخبر الجاد ، بلغة لاتعقيد فيها .وتبعهم بذكاء ،القائمون على صناعة برامج الأطفال المرئية ، في دول اتحاد الخليج العربي، فوصلوا إلى فصحى سهلة ، ابتعدت عن تعقيد النحاة ، ابتدأت في السلسلة الشيقة(افتح ياسمسم ) ،وتتابعت من بعده برامج غاية في الإبداع ، تغنى بها جميع أطفال الوطن العربي ، ولازالوا يتغنون بها ،لشدة جمالها وأسرها وقربها من النفس والروح .
وقبلا استطاع المبدع نجيب محفوظ أن يرفع مستوى اللهجة المحكية إلى حاق السحر والعذوبة والجمال ، في أداء أخاذ في جميع رائع رواياته ، فحقق قول أبي هلال العسكري : وأما الجزل المختار من الكلام ، فهو الذي تعرفه العامة إذا سمعته ولا تستعمله في محاوراتها ( الصناعتين 47 ).
فهل وصلتُ إلى ما أصبو إليه ، أم بقي في النفس شئ ؟!
أرجو أن أكون قد أوجزت وأصبت قدر الإمكان ، ونلتقي على الخير دائما .


الساعة الآن 22 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية