![]() |
placebo
Placebo مأساة كرسي متحرك 1 ابنتي أسماء : هل يصح أن أكتب إليك، وأنت لاتزالين بيننا، أصحو على رقيق صوتك :- بابيتي صباح الخير، صباح الأنوار، يا أحلى أب في الدنيا! كيف حال الحلوين اليوم ؟ وتجيبين على نفسك، وأنت تمسحين رأسي بمنتهى الرقة :- ماشاء الله ! عشرة من عشرة ! تَدَلّل ! حقك تِدْلّل ! وأهز رأسي،متمنيا أن أستطيع الكلام، وأتساءل: هل مشاعر الورق تُغني عن كلمة صدق المخاطَََََبة ؟! وهل تتمنين-كما أتمنى بكل كياني-أن أسمع صوتي، فأعبرعما نفسي بصورة ما،أو بشكل ما،فرحا أو حزنا، سرورا أو ألما ، رضا هادئا أو أسى ثائرا، حركة ما ، تشعرك بضجيج الحياة وصخبها!؟ وكيف يكون ذلك وأنا مقعد على كرسي متحرك ، فاقدُ النطق ، زادي حركة شفاه غير مفهومة ، وعينان ضارعتان سريعتا البكاء، ويد يسرى، نصف يد ، تمسك رأس القلم بجهد وتعب وأحيانا باستياء وسَخَط؟ لقد قسوت عليك بمرضي يا بنيتي،وقسوت أكثر عندما صرت أحب الحياة رغم آياس شفائي، فزعمت أنني أخشى قدوم الموت بحجة خوفي عليك! فاستأثرت بك،وضيّعت عليك فرص الاستقرار! واليوم ضحكتُ من نفسي وأنا أصارحك على الورق! ماذا أستطيع أن أفعل لك وأنا ربع رجل لايملك سوى مخزون ذكريات ماضيات ؟! أمك رحلت من خمس سنوات ، وبقيتُ مع دوام المرض والوحدة وهواجس النفس..وحاولتُ جاهدا في هذه الفترة ، تثبيتَ ما أحفظ من سور القرآن الكريم في ذاكرتي المنهكة، فبكيتُ وأنا أكرر سورة الرحمن، وكأني أقرؤها لأول مرة ، ورددتُ بخشوع : (خَلَقَ الإنسانَ علّمه البيان ) ،فأيقنتُ أننا لا نعرف قيمة الشئ حتى نفقده ! قولي لي يا ابنتي:ما قيمة قراءاتي كلها أمام عجزي ، وصعوبة حركتي ؟ ( وأحرك رأسي ) فتهرعين نحوي :- هل تريد شيئا يا أحلى بابا ؟ رباه ! كيف أعبر لك عن امتناني ؟ وهل يكفي الدعاء ؟ أعرف أنك لا تحتملين منظر دموعي ، لكنني لا أقدر أمام فيض عطائك سوى البكاء ! ربما أبكي عليك ، على حظك السيئ من الدنيا ، أو ربما أبكي على نفسي ! (وتمسحين مدرار دموعي ):- أنا زعلانة،أنت تصر على خَرْق اتفاقاتنا! تَذَكّر دائما أن غدا أجمل برفقتك، ودائما سحر الربيع يختبئ في غافي أنفسنا !وأنا سعيدة لأنني إلى جانبك ،وكلما ضاقت بنا السبل أشعربالقرب أكثر من الله ! بل أشعر يقينا أنه أقرب إليّ من حبل الوريد ! نعم ، أنا أحس به ! هو يعلمني إرادة الصبر والتفاؤل بغد ! ( أيّ تفاؤل يا حبيبيتي! أنا لا شئ! أنا وهم! أنا حزن! أنا شبح ينتظر)! وتمنيتُ صادقا أن لو كان عندي طرفا من يقينكِ ! لكن ما الفائدة ؟! لم يُجد معي أيّ دواء ! فهل أنا وقتما أدعو لا أدعو بيقين مثلك ! وهل غلب عليّ الحذر ففشلت ؟ والله لا يقبل أن نُجَرّب معه ! لا يقبل سوى مطلق الاستسلام واليقين ؟! وأتلفت إلى اليمين، مغمض العينين ، وأتحسر .. ضريبتُكَ قاسية يابنتي ! وسيدنا أيوب عليه السلام مثال وقدوة ، وصابرة أنت ، لكن أنا ! لقد قلتِ لي : أنتَ هدية الله إليّ ! الله يختبر عزم يقيني به بك! وأنا لا أملك إلا مزيدا من الحب له ولك ! وأنا أؤجر ،أعرف ذلك ! لكنني لا أبغي الأجر من الكريم ! يكفيني أنه تذكّرك وتذكّرني معك ! ** ** ** 2 بمشقة أمسكت جهاز التحكم وأخذت أُقَلّب برامج التلفزيون ! كنتِِ في المطبخ تعدين طعام الغداء ، وأنا في مكاني على كرسيي المتحرك ، حيادي المشاعر ! وشدني برنامج طبي يتحدث عن شئ أسموه : بلاسيبو placepo عماده إيهام النفس بالشفاء ! وراقتني كثيرا الفكرة ! فلما لا أجرّب ذلك على نفسي ؟! وارتعشتُ من حماسي الطارئ، وتخيلتُ نفسي أنني سأعاود نشاطي المنسي،وأنني سأحاضر منذ اليوم في كليتي– كلية الآداب – التي أعشقها ،فيأتي مئات الطلبة إلى عندي ،فأشعر أنني قدّمتُ شيئا مفرحا لكِ! وابتدأتُ الخطوة الأولى .. رفعتُ يدي اليسرى نحو رأسي ! ولما فرحتُ بالنتيجة، حرّكتُ أطراف يدي اليمنى وأنا أبكي فرحا، لا أكاد أصدق ! هل هذه يدي التي كتبتُ بها أبحاثي ومقالاتي وصححتُ بها أوراق طلبتي ؟! وعلا صوتي بتعثر، لكنه صوتي ، أسمعه وأتلذذ به :- أسماء .. أسماء . كنتُ ألفظها: ماء .. ماء . وركضتِ نحوي يغمركِ فرح الدنيا وأنت تبكين بصوت مرتفع ضارع : :- يا أحلى بابا في الدنيا .. تقبر قلبي ! تشكل الآس على قبري ! أنا أحبك كثيرا ! الحمد لله ! الحمد لله ! لقد سمعت أحلى صوت في الكون ! قلها ثانية ! أسماء في خدمتك يا عمري ! وسجدتِ شكرا وحمدا برضا ويقين كبير كبير ، وأنت تبكين فرحا وحلاوة يقين! |
رد: placebo
صباحك الألق أستاذ
سأعود إليها فحرفك يستوجب التأمل ... تحياتي |
رد: placebo
المتألقة دائما ، الآنسة فتحية عبد الرحمن :
أهلا دائما بطيب ملقاك .. أنا بانتظارك . وشكرا لك . |
رد: placebo
كنت أعارك الصبر واللحظات وأستجمع كل ذرة حب في أعماقي حتى أحمِلها وأقلبُها أو أقضي حاجة من حوائجها
كانت تتذمر من حالها كلما تذكرت ضعفها بعد قوة وكنت أحايلها فقط لتأكل لقيمات تسُد بها رمقها وكلما اشتاقت للبيت وذكرياتِها أخذتها في كرسيها المتحرك ورحتُ أجوب بها البيت فقط لتشعر أنها الأهم وأنها لا تزال صاحبته الأولى تعاقبت السنين وليسَ سهلا أن تعاركَ صبرا .. زمنا ونفسا مع هكذا ظروف كنت غالبا ما أنتصر فابتسامتها / رضاها كانت تشعرني بنشوة النصر وتخنق غصة تولد مع إحساسي بقيمة وقت ضاع مني ... تسرقه الظروف فأشتريه بلحظة الرضا أهرول اليها لألبي طلبها فأشعر ذروة النصر والإنتشاء ... ليس سهلا على البطلة أن تبيع كل العالم وتشتري وجه الله ووجه والدها جهاد مابعده جهاد خاصة أنها كانت حليمة طيبة وليس سهلا أبدا أن يكون المرء بعد قوته وعنفوانه مُقعدا ينتظر من يَحِن عليه ويرحمه بشربة ماء رافقتُ حرفكَ الرائع أستاذ فأحسستُ كل ذرة من مشاعر أبطال قصتك الجميلة ليسَتْ غريبة عنى لكنكَ صورتها بدقة لا حدود لها دمتَ ألقا ودام حسكَ العالي المرهف مودتى وتقديري |
رد: placebo
الآنسة المبدعة فتحية عبد الرحمن :
أخشى عليك من فرط رقة المشاعر ! فالدنيا من حولنا تحتاج إلى قلب قوي ، ونخبئ في أعماقنا عيني الطفل ! والألفة مع الآخرين ، لابد منها ، فهي نسغ الحياة ، لكننا لا ننساق مع رقيق المشاعر ورهافة الأحاسيس ! وأنا معك ،في همّ التفاعل مع الآخر، لكنني مازلت خائفا عليك! كأنني مع فتحية الصغيرة الخجولة ، تُخبئ أحاسيسها لئلا تؤذي الآخرين ! وكل الشكر لك ، لطيب جمال الصحبة ، ونبقى معا . |
رد: placebo
مساء الورد
لم أقرأها من قبل ولم أكن هنا في يوم بالصدفة جذبني العنوان ودخلت ولكني تسمرت في مكاني أحتاج بعض الوقت حتى ألتقط أنفاسي وأهضم ما قرأت قد أعود .. وقد لا أعود .. ربما لأنني لن أجروء على العودة .. وإلى أن يشاء الله ويقدر لنا ماذا نفعل أتركك أخي منذر في رعاية الله وحفظه . |
رد: placebo
بلى ستعودين !
ولن نهرب من المواجهة بالبكاء ! بل نحن سنتحدى كلَّ ضعف فينا وسنهزمه ! أنت معي،أنا معك،كلنا معك..وجمعنا جمع خير وبركة. ونبقى دائماً مع صدق حلو اللقاء. |
الساعة الآن 33 : 01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية