![]() |
قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/ بقلم الشاعر إبراهيم بشوات
عنوان الكتاب : الدلفين يأتي عند الغروب الصنف الأدبي :رواية علمية الناشر: دار الفتى العربي بيروت لبنان الطباعة:مطبعة البابا بيروت لبنان الطبعة الأولى 1983 مقاس الأوراق 20 سنتمترا على 14 سنتمترا عدد الصفحات 150 صفحة تقريبا الكاتب: صنع الله إبراهيم،ولد في القاهرة سنة 1937،درس القانون ثم الإخراج السنمائي، عمل في الصحافة،ذاع صيت روايته الأولى( تلك الرائحة) وترجمت إلى الأنجليزية،شغف بعالم الحيوان والطبيعة،وجعل منها موضوعا لعدة روايات تعتبر الأولى من نوعها،حازت روايته(يوم عادت الملكة القديمة)جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للجامعة العربية سنة 1982. قراءتي في الكتاب: [frame="1 10"]كتاب اقتنيته وأنا لم أزل بعد في الخامسة عشرة من العمر،قرأته حينها مراهقا مندفعا ،واليوم أقرأه باندفاع المراهَقة، وعلى ما رسخ في ذهني من أحداث منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما أستغرق من جديد في متاهة واضحة الدروب غير عصيّة على الفكر،فهي قصة علمية تتحسس عنفوان الأطفال وهم على أهبة الغوص ليسبروا أغوار عالم لم يروه بهذه الطريقة، وبإرشاد من الوالدين يتشرب القلب أسمى تعبير وأنبل صياغة، فلا يزال الخيط الذي مده المخرج السينمائي والكاتب صنع الله إبراهيم، يجتذبك فلا تنفك تطارده في غير ملل ولا كلل، وحيثما اغترفتَ أزلت ظمأ المعرفة وحل محله رِيُّ الفكرة وعذوبة القراءة، تلك حكاية الصغيرة نادية في عامها الثاني عشر وقد وعَدها أبوها الذي يعمل في مجالا لأبحاث العلمية البحرية برحلة ممتعة إذا نجحت إلى عام جديد ،وكان الوالد عند وعده، وبدأت التحضيرات على قدم وساق لجمع المتاع اللازم، ثم ركب الجميع السفينة فراحت تمخر عباب البحر، ونادية تقف مندهشة أمام روعة المنظر، فالماء يمتد إلى اللانهاية والدلافين تقفز من حين لآخر فتسحر الصغيرة بقوامها الرشيق، وحركاتها الجذابة، رفع الأب بصره عاليا فأومأ للصغيرة أن الجو ينبئ بعاصفة قادمة،وكان ما كان من صخب وتلاطُم وفوضى وجلبة سببتها الأمواج الهادرة وهي تصفع السفينة من كل جهة، ولما انقضت العاصفة استيقظت الفتاة وحيدة على شاطئ من الشواطئ العربية الجنوبية، أجالت بَصَرَهَا حول جسدها فكانت بعض الخدوش عليه ،وتمزقت سترتها، واستعادت وعيها .تلفتت في كل جهة فلم تر أي أحد تعرفه أولا تعرفه، لاشيء غير الرمال والصخور وصوت الماء يندفع فيغمر طرف الشاطئ، ثم ينحسر في شوق إلى عرض اليم، والكثير من الطيور على الصخور الممتدة، نهضت لتسير فأدركت أنها بلا حذاء، تمالكت نفسها وقاومت لذعات الرمل الحارق، وحِدّة الصخور، فلم تسلم من الجراح، فأشغلتها المسيرة عن همومها وأنستها فقدان والديها، لكن الليل كان سريع القدوم، وما إن أسدل ستاره حتى اندفعت الذكريات أمامها، وانتابها القلق والحزن إلى أن غفت، فما استفاقت إلا على همسات الطيور في الصباح النقي، ولأنها وحيدة فلا مجال للتراجع، استحضرت كل ما تعرف من مغامرات، من السندباد إلى حي بن يقظان، وبادرت لصنع راية بسترتها فوجدت عودا متينا ثبتتها عليه، ومضت إلى أعلى المرتفع وجمعت الأحجار ليزداد صمود العود. وبين الحين والحين يستطرد الكاتب في أسلوب علمي أدبي أنيق، إذ بينما هو يقتادنا مع الفتاة في مغامراتها يلقي درسا حول الحياة في تلك المنطقة، حيوانات بحرية.. سلاحف تحفر لتضع البيض..ومخلوقات غريبة كالسمكة التي تخزن نفسها في الرمل فلا يظهر منها إلا فوهة صغيرة..وطيور تطارد فراخ السلاحف حين فقسها ، ونباتات تأقلمت مع البيئة المائية، فصنعت حولها غشاء مخاطيا حتى لا تُتلف الأمواج سيقانَها، وسراطينُ ضعيفة الجسم تبحث عن قواقعَ على مقاسها فتأوي إليها مدة، حتى إذا نما جسمها وضاق المسكن مضت من جديد في رحلة البحث عن مأوى أوسع. وبين هذه وتلك تستمر الفتاة في مغامراتها، فقد صنعت من النباتات حذاء بسيطا يحمي قدميها الصغيرتين من حرارة الرمل، ويقيها حدة النتوءات الصخرية، واتخذت عصًا تدافع بها وتدفع عنها المتطفلين، ثم يأخذنا الكاتب في مشهد أقربَ إلى السينمائية منه إلى الأدبية، فبينما الصغيرة ملتفة داخل كهفها الضيق هبت العاصفة مزمجرة صارخة، وتلاطم الموج في غضب وعنفوان، حتى بلغ مدخل الكهف،فمضت الفتاة تحاول صده بكل ما أوتيت من قوة، إلى أن وهنت قواها، ثم انحسر الغضب واستكان الأفق، واستعادت الطفلة هدوءها، فمضت تسجل على جدار الكهف هذا المشهد المفزع .. تنقش بصخرة صغيرة كل التفاصيل لتضمها إلى بقية المعلومات المحفورة هناك، فكونت سجلا منظورا عن مغامراتها ليقرأه كل زائر، وتتباهى بنباهتها وذكائها، فكل صغير مكانها كان سينسى كل شيء، فكيف يفكر في تسجيل ملاحظات علمية على جدار كهف مظلم. وفي إحدى جولاتها الاستكشافية المنفردة، كانت الفتاة قرب الشاطئ، فسمعت صراخا جذب انتباهها، تقرّبت فإذا به دلفين صغير، ابتهجت ابتهاجا لا حد له، لكنّ الحيوان متعب مرهق، كاد يغرَق حين انفلت من بين يديها، ثم اختفى، فتجهّم وجهها حزنا، وسرعان ما التقت بصديقها من جديد، فأسمته (فِن فِن)، ووجدت في هذا الوافد ما ينسيها أساها، وراحت تفرغ في مسمعيه ثرثراتِها المعهودةَ،وتمارس معه هوايتَها في الحديث دون انقطاع كما يقول الكاتب. وهكذا كل مساء تترقب نادية الشاطئ وتنادي: هيا يا فن فن ،كأنما هي (علي بابا)حين ينادي افتح يا سمسم.. فيقبل الدلفين مرحا سعيدا، يداعبها وتلاعبه،تتلمس جسمه الذي برع الكاتب في وصفه كما برع في وصف كل الكائنات التي تعيش هناك، وقبل حلول الظلام ينفلت الصغير من بين أحضان الفتاة عائدا إلى الماء ملوّحا في إشارة للوادع حتى اللقاء الجديد. وفي ذات يوم بينما كانت الصغيرة تترقب الأمل، لمحت من بعيد ظلالا، خُيّل لها أنه قارب كبير، اندفعت إلى الأسفل تتأكد مما رأت ،فإذا بها مجموعة من الرجال قدموا للبحث عنها، واستغرقت الفتاة في حزن ممزوج بالفرحة، فهي ستغادر بيئة تربت فيها أياما، وكونت صداقاتٍ بريئةً لا تعرف المراوغة، ومن جهة أخرى ستعود إلى أسرتها التي اشتاقت إليها أيَّما شوق، وراحت الصغيرة تلحّ على الوافدِين أن يصطحبوها ويصورا ما كتبت على جدران الكهف، ويلتقطوا مشاهد لكل متر مربّع في الجزيرة الخضراء الصغيرة. ثم ركب الجميع القارب، ووجّه القبطان الأمر بالعودة، وبينما هم يشقّون عباب البحر، أقبل دلفين من بعيد يقفز ويعود إلى الماء، محاولا اللحاق بالسفينة، تطلعت نادية وبعض الدموع تنحدر على وجنتيها فأدركت أنه فن فن،لعله يريدها أن تبقى معه. وأمر القبطانُ فألقيت الشباك، واصطاد الرجال الحيوان الصغير، وما هي إلا لحظات حتى قبع ممددا على غير إرادة منه فوق القارب ، فاندفعت نادية تبكي وترشه بالماء، وتصرخ.. اُتركوه ..إنه صديقي .. أرجوكم، وأمام إلحاحٍ طفوليٍّ انكسرت شوكة التصلب، فنادى القائدُ :أعيدوه إلى البحر، وارتطم الدلفين بصفحة الماء فسرت الحياة فيه من جديد، وأقبلتْ مجموعة من الدلافين تطارد القارب كأنما تحاول أن ترد جميل الفتاة. رفعت نادية بصرها ولاحت لها الراية التي نصبتها في الأعالي ،ومدت يدها تُرَبِّتُ على عصفورها الصغير (مينو) الذي أبى إلا أن يصحبَها ويفارقَ جزيرته. وعلى شعور الاستكانة والشوق، غادرت الفتاة الأرض العذراء وهي تعلم أنها لن ترى فن فن من جديد، أو تتمنى أن يحالفها الحظ فَتَأُوبَ مرة أخرى لتنعم بالحياة أياما في جنة عرفت منها الكثير الكثير. هكذا كانت الرحلة التي أخذنا فيها الكاتب صنع الله إبراهيم، مع الصغيرة نادية، رحلة أشبه بتلك المشاهد الني نراها في القنوات العلمية حين يبث شريطي صور الحياة البحرية.لكنها مع الكاتب ألذ وأمتع، فالحروف والكلمات لا تنفك تبعث في نفسك الشعور بالنشوة والمتعة مع كل مشهد، وبالسّمة الموسوعية التي تناثرت بين الصفحات متمثلة في سعة المعلومات ودقتها، والصور الفوتوغرافية المبثوثة بين الأحداث، لتأخذ القارئ في رحلة أقربَ إلى الواقعية،تعتريك الدهشة من عظمة الخالق، فلا تملك إلا التسبيح لقدرته التي تفرد بها فأوجد الطبيعة بزخم حياتها، وامتداد أنفاسها منذ الأزل إلى أن يشاء، وأمام ميزة المتعة عند القارئ الكبير، نجد القارئ الصغير فوق ذلك يكتسب المعرفة العلمية، ويخوض المغامرة بعينيه وعقله وقلبه وروحه، فيتشرب اللغة والأسلوب الرصين في طعمها العلمي، ويعرف جانبا من ثراء الطبيعة العربية بشواطئها الساحرة وجزرها اليافعة. ورغم الأسلوب العلمي الغالب في سرد الأحداث، إلا أنّ رهبةَ الحبكة الأدبية، ونكهةً خفيفة من البيان مَنَحَتَا الروايةَ طعما لا أظن أحدا ينساه إذا أَتَمَّ القراءةَ. إبراهيم بشوات 30 جويلية 2012[/frame] |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/27.gif');border:4px double royalblue;"][cell="filter:;"][align=center]
[frame="14 85"]وأمام إلحاح طفولي انكسرت شوكة التصلب، فنادى القائدُ :أعيدوه إلى البحر،وارتطم الدلفين بصفحة الماء فسرت الحياة فيه من جديد، وأقبلت مجموعة من الدلافين تطارد القارب كأنما تحاول أن ترد جميل الفتاة.[/frame] سرد غاية في الإمتاع ،حلو انتصار الإلحاح الطفولي هذا ،،,وانصياع التصلب بقالب إنساني شكرا للإختيار تحيتي [/align][/cell][/table1][/align] |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
استمتعت بقراءتك استاذي الفاضل لرواية الرائع الاستاذ صنع الله ابراهيم ..
هذا الفنان كنت اراسله عندما كنت اعمل في صحيفة محلية في البحرين .. (كان عملي متابعة الصحفيين والكتاب المتعاونين) هو شديد اللطافة ومتعاون لابعد حد .. ساحاول البحث عن هذه الرواية وقراءتها .. شكرا لك استاذي الفاضل ودمت بخير وعافية وروعة :) |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
شكرا لك سيدي الكريم
أسلوب متميز جداً جعلني أطمع بقراءة الرواية |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
رحلة في عالم بحري، طفولي جميل يفتح باب الذكريات في خيالنا.
جميل أن تنقل لنا انطباعاتك وتأملاتك عن كتاب ترك أثره في نفسك وتكرم بذلك صاحبه وتعطي لغيرك فكرة عن مضمونه. تحياتي لك أستاذ إبراهيم |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
الاستاذ ...ابراهيم بشوات .....امتلك اسلوبا سهلا انسانى به الرواية وكاتبها
واستدرجنى من بدايتها الى نهايتها دون ما حاجة الى اى تفصيلة من تفصيلات الرواية سوى ماكان يشير اليه من بعيد دون ما حاجة منى الى ذلك فقد عصر الرواية دون ما نشعر باى اختصار او تلخيص....هذا هو الاسلوب السهل... ..اشكر الادارة.....واشكر...الاستاذ ابراهيم بشوات واهنيه على هذا الاسلوب |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
أخي القطبي قرأتك شاعرا مبدعا وها أقرأ قراءاتك في الآخرين ..مسافات الإبداع تزداد متعة وروعة وإبداعا..دمتَ للحرف نحّاتا بكلّ ألوان الطيف وأروع!!! مودتي أخي إبراهيم..
|
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
[QUOTE=Arouba Shankan;159025][align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/27.gif');border:4px double royalblue;"][cell="filter:;"][align=center]
[frame="14 85"]وأمام إلحاح طفولي انكسرت شوكة التصلب، فنادى القائدُ :أعيدوه إلى البحر،وارتطم الدلفين بصفحة الماء فسرت الحياة فيه من جديد، وأقبلت مجموعة من الدلافين تطارد القارب كأنما تحاول أن ترد جميل الفتاة.[/frame] سرد غاية في الإمتاع ،حلو انتصار الإلحاح الطفولي هذا ،،,وانصياع التصلب بقالب إنساني شكرا للإختيار تحيتي --------------------------------------------------------------------------- أختي العزيزة Arouba Shankan كم هو جميل أن نمنح لذة ما قرأنا للآخرين، يقاسموننا غواية الحصاد دون ملل بين سنابل حباتها حروف طرية لك مودتي |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
[quote=شيماء البلوشي;159055]استمتعت بقراءتك استاذي الفاضل لرواية الرائع الاستاذ صنع الله ابراهيم ..
هذا الفنان كنت اراسله عندما كنت اعمل في صحيفة محلية في البحرين .. (كان عملي متابعة الصحفيين والكتاب المتعاونين) هو شديد اللطافة ومتعاون لابعد حد .. ساحاول البحث عن هذه الرواية وقراءتها .. شكرا لك استاذي الفاضل ودمت بخير وعافية وروعة ----------------------------------------------------------------------------------------- هي حقا رواية شيقة خصوصا للشباب الفتي ،إذ تعطيهم دفقة لغوية وفكرية ،وتحببهم في الأدب بأرقى صوره،حقيقة الرواية مكثت عندي سنوات عديدة حتى قرأتها الآن فقط بطريقة ناضجة تقبلي خالص تحياتي. |
رد: قراءة في رواية (الدلفين يأتي عند الغروب)/الشاعر إبراهيم بشوات
[quote=فاتن عزالدين;159060]شكرا لك سيدي الكريم
أسلوب متميز جداً جعلني أطمع بقراءة الرواية -------------------------------------------------------------------------------------------------------------- أختي الغالية فاتن عز الدين،سعدت بإطلالتك من ربوة التأمل هنا ،وقد يكون وراء القليل من الكلمات كثير من الخواطر. إذا رأت عيناك الرواية ذات مرة فاقرئيها لنتشارك في موسم ثماره رواية فتية لكل فتى حالم . تقبلي تحياتي |
الساعة الآن 48 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية