الدنيــــــا الغَـَــــرور
 

عبد المنعم إسبير ـ ديوان:جاهليّة بعد الإسلام،القسم الأوّل:قضايا إسلاميّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الدّنيـــا الغَـَــرور !


يـارَبُّ إنّـا في المَتـابِ نُنــــــــادي
مِنْ هَوْلِ وَيْـلٍ : يامُغِيـثَ عِبــــــادِ

يارَبُّ إنّـا سُجَّـدٌ لَــكَ نَرْتَجــــــــــي
قَصْدَ السَّبيـلِ(1)، يَقودُنـا لِرَشــــادِ

لَعِبَتْ بِنا الدُّنْيا بِشـَرِّ غَـرورِها(2)
وتَلاعَبَــتْ وازَّيْنَــتْ بِفَســـــــادِ

فتَحَرَّكَتْ فينـا ضـَلالاتُ الهـَــــوَى
فَهـَوَى الفـؤادُإلَى سَحيقِ وِهادِ(3)

صِرْنا ضِياعـاً في صَحارِ جَهالـَــةٍ
لَمْ نَجْنِ مِنْها غَيْـرَ شَوْكِ قَتـادِ(4)

نَزَفَتْ عيونُ الذَنْبِ مِنْ لَومِ النُّهَى(5)
فَتَقَرَّحَـتْ قَلَقـاً وطُـولَ سُهـــــــادِ(6)

كُنّـا نِيامـــــاً، فانتَبَهْنـا عِبْــــــــــرَةً
فوَعيـدُ وَعــْدِكَ كـانَ بالمِرْصــــــادِ
ـــــــــــــــــ
(1) قَصْدُ السّبيل : بيانُ الطريقِ المستقيم الموصِلِ إلى الحقّ.(2) الغَرور:
مايُسَبِّبُ الإنخداع/الدّنيا.(3) الوِهاد، جَمْعُ وَهْدَة:الهُوّةُ في الأرض.
(4) قَتاد: شَجَرٌ صلْبٌ لهُشَوْكٌ كالإبَر.(5)النُّهَى:العَقْل.(6) السّهاد: الأرق.


ـ 2 ـ

فَقْـرٌ، وطُوفـانٌ، وداءٌ حاصـــــــــدٌ
قَحـْطٌ ، حَرائقُ، واسْتِلابُ بِــــــــلادِ

ماكانَ ظُلْماً ، بَلْ عِقابٌ تَهْتَـــــــدي
فيهِ القـُلوبُ إلى ثَوابِ مَعــــــادِ(1)

فبِمِبْضَعِ(2) الجَرّاحِ طِبُّ جُسومِنـا
وبِنِعْمَةِ البَلـْوَى شِفـاءُ فــــــــــؤادِ

فالبَعْضُ يأسَى في لَظَى أقــــدارِهِ
والبَعْضُ يَصْبِرُ في ابتلاءِ الهـادي

لكنَّ فينـا أمّـَةً(3) قـَدْ أظْلَمَــــــتْ
وتظالمت في الفسقِ والإلحــــادِ

عبَدَتْ هَواها، وانْحَنَتْ في ذِلّـــةٍ
لِعُلوجِ كُفْـرٍ في رِضا استــــــبداد

لاذِكـْرَ(4) يُتْلـَى،لااتِّباعَ لِسُنَّـــــةٍ
لافَرْضَ يُؤتَى،لاسُلوكَ سَـدادِ(5)

واللّهُ مَنْسِيٌّ،ويُذْكَرُ في الخَنَـا(6)
وعَلَى المَسارِحِ في تَغَـزُّلِ شادى

ــــــــــــــــــــــ
(1) المَعاد:الآخِرة.(2) المِبْضَع:آلةٌ يُشَقُّ بها الجِلْدُ(3) أمّة: جماعة منَ
النّاس.(4)الذِّكْرُ:القُرآن.(5)السَّداد:الصَّواب.( 6)الخَنَا:الفُحْشُ في الكلام .


ـ 3 ـ

إنْ جـاءَ يَعْبُــدُهُ تَقِــيٌّ ذاكـــــــــــِرٌ
جَمَعوا لَهُ(1)، وأُحيـطَ بالأحقــــادِ

هيَ أُمَّةٌ ، فيها يـُذَلُّ مَنِ اتَّقَـــــــى
ويُعـَـزُّ فيهـا فاسِدٌ ومُعـــــــــــادِ

مِنْ أيْنَ يأتيها انتِصارٌ واعــــــِدٌ
واللـهُ وَحْدَهُ مَصـْدَرُ الإمـــدادِ؟!

ماالنَّصْرُ إلاّ مِنْ مَشيئةِ خالـــِقٍ
لامِـنْ تَوَهّـُمِ فاجِـــــــرٍ مِلْحــــادِ!

ــــــــــ
(1) جَمعوا لَهُ: حَشَدوا لِمحارَبتِهِ.