![]() |
(( اعتذاري لم يُقبل ! ))
:
: منذ أيام قليلة خلت، كنت أنكش أرض جنينتي الصغيرة، واثناء إزاحة بعض التراب بيدي علقت على احدى اصابعي دودة أرض صغيرة، قرفت منها ونفضت يدي بقوة أطاحت بالدودة أرضا وأنا ألعن وأشتم ؛ فشكلها مقرف ، ابتعدت وأنا مشمئز من حركتها المزعجة، فتناولت قفازين لألبسهما بيداي حتى لا تتكرر هذه المسألة المنفرة ؛ هممت لألبس اليد الثانية لكنني فجأة توقفت وتبسمت بمرارة المهزوم حين رأيت الدودة ترفع إحدى أطرافها وتلوّح بالطرف الثاني ناظرة إليّ نظرة جعلتني ليس مهزوما فقط بل مرعوبا من التواءاتها فخُيّل إليّ بأنها تهددني وتتوعدني .. فمن يُصدق اني سمعتها ؟! سيقال عني ما يقال ولكنني متأكد مما قالت : هييي، أنت .. نعم انت ! أنت يا من سببت لي الألم يا من دستني وتدوسني بقدميك كل يوم، يا من تقرف من شكلي ولوني وحركتي ! أنت. نعم أنت، إلى أين ستهرب ؟! فمهما حاولت، أنا في انتظارك! ستقتلي ؟ جيد .. ! لكن إن لم أكن أنا ستكون عائلتي بل وفصيلتي كلها بانتظارك! عندما يحين الموعد – موعدك - سوف ننهش كل خلية من خلاياك، سنرتع ونلعب في جميع أنحاء جسدك ! سندخل من أذنيك ،من انفك من عينيك من فمك ونتجول فيك ، في كلك من رأسك حتى أطراف أصابعك دون أدنى حركة منك ..سنبيد بطنك أولا فهل أكلت حراما ؟ سننظف من رأسك لسانك رغم طعمه المرّ وسنصل إلى طعامنا المفضل: دماغك! لا ، ليس لأنه دماغ فيه معرفة بل لنثبت بأن لا شيء يحتويه فهضمه سهل علينا ..! وأصلا ماذا سنفعل بمعرفتك إن وجدت ؟ قتلت أخيك، كذبت على أمك وابيك ؛ فهل رأيت دودة تقتل دودة ، تكذب على دودة ، تأكل مال دود ،أو تتعالى على أختها ؟! على أي حال لا تخشى كثيرا .. سنلتهمك بأسرع مما تتوقع، فهذي مهمتنا؛ لكننا قد نعاقب من عذبنا بأن نأكل نصف جسده ونترك نصفه الآخر ليتعفن أكثر وأكثر حتى تقرف منه كل الديدان فنتركه لمخلوقات مجهرية أقل منا شأنا فأين ستهرب !! حتى عظامك، سنتدبرها مع مرور الوقت مهما كانت صلابتها وقوتها! كانت الدودة تحدثني بشامتة ولؤم، لم تترك لي مجالا حتى لالتقاط أنفاسي، شعرت بضيق شديد في صدري ،اقتربت منها،، خلعت القفاز، حملتها بيدي برفق لعلها تهدأ! وما وجدت لساني إلا وهو ينطق بكلمة: سامحيني ايتها الدودة أعتذر !! اشاحت عني بطرف وقفزت بالطرف الثاني نحو الأرض فانحنيت نحوها بسرعة لأطلق مزيدا من الاعتذارات لكنها بدأت تحفر في التراب سريعا وأخذت تتوارى شيئاً فشيئا وهي تردد كلمات ، منذ تلك اللحظة باتت تؤرقني : "مهما طالت أيامك فوق الأرض، فنحن هنا بانتظارك تحتها أين المفر ّ؟ |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
..ألم تُفكّر أيها العزي في أولئك الذين امتصّوا دماءنا وأكلوا حقوقنا وهمّشونا ؟ ما مصير أجسادهم في حضرة الديدان ؟..أنتَ على الأقل حاولتَ الاعتذار من دودة..هم لم يعتذروا لنا نحن البشر !! مقالة مقالة!! كم كنتَ حكيما أيهذا الحبيب القريب !! شكرا لك..
|
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
اقتباس:
شكرا لك انت شكرا جزيلا |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
حتى الديدان لم تعد تقبل إعتذارنا
ماذا فعلنا في أنفسنا ؟؟؟ أجد أن قلمك الساخر جميل جدا وعليك ألا تحرمنا من هذا الإبداع أخي رأفت أعجبت جدا بهذا النص الرائع وأنتظر المزيد بوركت دائما أخي العزيز ملاحظة .. لا تكرر الإعتذار للنمل هو أيضاً ليس سهلاً .. هههه دمت |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
شكرا لك أيها الكاتب ورحم الله إيليا أبو ماضي حينما قال:
الطين ... نسي الطين ساعة أنه طين حقير فصال تيها و عربد و كسى الخزّ جسمه فتباهى ، و حوى المال كيسه فتمرّد يا أخي لا تمل بوجهك عنّي ، ما أنا فحمة و لا أنت فرقد أنت لم تصنع الحرير الذي تلبس و اللؤلؤ الذي تتقلّد أنت لا تأكل النضار إذا جعت و لا تشرب الجمان المنضّد أنت في البردة الموشّاة مثلي في كسائي الرديم تشقى و تسعد لك في عالم النهار أماني ، وروءى و الظلام فوقك ممتد و لقلبي كما لقلبك أحلا م حسان فإنّه غير جلمد أأماني كلّها من تراب و أمانيك كلّها من عسجد ؟ و أمانيّ كلّها للتلاشي و أمانيك للخلود المؤكّد !؟ لا . فهذي و تلك تأتي و تمضي كذويها . و أيّ شيء يؤبد ؟ أيّها المزدهي . إذا مسّك السقم ألا تشتكي ؟ ألا تتنهد ؟ و إذا راعك الحبيب بهجر ودعتك الذكرى ألا تتوحّد ؟ أنت مثلي يبش وجهك للنعمى و في حالة المصيبة يكمد أدموعي خلّ و دمعك شهد ؟ و بكائي ذلّ و نوحك سؤدد ؟ وابتسامتي السراب لا ريّ فيه ؟ و ابتسامتك اللآلي الخرّد ؟ فلك واحد يظلّ كلينا حار طرفي به و طرفك أرمد قمر واحد يطلّ علينا و على الكوخ و البناء الموطّد إن يكن مشرقا لعينيك إنّي لا أراه من كوّة الكوخ أسود ألنجوم الني تراها أراها حين تخفي و عندما تتوقّد لست أدنى على غناك إليها و أنا مع خصاصتي لست أبعد ... أنت مثلي من الثرى و إليه فلماذا ، يا صاحبي ، التيه و الصّد ... كنت طفلا إذ كنت طفلا و تغدو حين أغدو شيخا كبيرا أدرد لست أدري من أين جئت ، و لا ما كنت ، أو ما أكون ، يا صاح ، في غد أفتدري ؟ إذن فخبّر و إلاّ فلماذا تظنّ أنّك أوحد ؟ ألك القصر دونه الحرس الشا كي و من حوله الجدار المشيّد ... فامنع اللّيل أن يمدّ رواقا فوقه ، و الضباب أن يتلبّد وانظر النور كيف يدخل لا يطلب أذنا ، فما له ليس يطرد ؟ مرقد واحد نصيبك منه أفتدري كم فيك للذرّ مرقد ؟ ذدتني عنه ، و العواصف تعدو في طلابي ، و الجوّ أقتم أربد بينما الكلب واجد فيه مأوى و طعاما ، و الهرّ كالكلب يرفد فسمعت الحياة تضحك منّي أترجى ، و منك تأبى و تجحد ألك الروضة الجميلة فيها الماء و الطير و الأزاهر و النّد ؟ ... فازجر الريح أن تهزّ و تلوي شجر الروض – إنّه يتأوّد و الجم الماء في الغدير و مره لا يصفق إلاّ و أنت بمشهد إنّ طير الأراك ليس يبالي أنت أصغيت أم أنا إن غرّد و الأزاهير ليس تسخر من فقري ، و لا فيك للغنى تتودّد ألك النهر ؟ إنّه للنسيم الرطب درب و للعصافير مورد ... و هو للشهب تستحمّ به في الصيف ليلا كأنّها تتبرّد تدعيه فهل بأمرك يجري في عروق الأشجار أو يتجعّد ؟ كان من قبل أن تجيء ؛ و تمضي و هو باق في الأرض للجزر و المد ألك الحقل ؟ هذه النحل تجي الشهد من زهرة و لا تتردّد و أرى للنمال ملكا كبيرا قد بنته بالكدح فيه و بالكد أنت في شرعها دخيل على الحقل و لصّ جنى عليها فأفسد لو ملكت الحقول في الأرض طرّا لم تكن من فراشة الحقل أسعد أجميل ؟ ما أنت أبهى من الور دة ذات الشذى و لا أنت أجود أم عزيز ؟ و للبعوضة من خدّيك قوت و في يديك المهند أم غنيّ ؟ هيهات تختال لولا دودة القز بالحباء المبجد أم قويّ ؟ إذن مر النوم إذ يغشاك و الليل عن جفونك يرتد وامنع الشيب أن يلمّ بفوديك و مر تلبث النضارة في الخد أعليم ؟ فما الخيال الذي يطرق ليلا ؟ في أيّ دنيا يولد ؟ ما الحياة التي تبين و تخفى ؟ ما الزمان الذي يذمّ و يحمد ؟ أيّها الطين لست أنقى و أسمى من تراب تدوس أو تتوسّد سدت أو لم تسد فما أنت إلاّ حيوان مسيّر مستعبد إنّ قصرا سمكته سوف يندكّ ، و ثوبا حبكته سوف ينقد لايكن للخصام قلبك مأوى إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد أنا أولى بالحب منك و أحرى من كساء يبلى و مال ينفد ودي واحترامي |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
اقتباس:
اي والله نسيت ! نسيت أني كتبت هذا الموضوع حتى قرأت في صندوق البريد فجئت مسرعا وتاه مني الاعتذار عملا بنصيحتك الأديبة الرائعة سيدتي ميساء الجميل هنا هو حضور قلمك الذي لا حُرمنا منه أبدا .ز الشكر لك ومكن القلب لك التحية |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
الدود رغم أني شعرت الإحساس ذاته بينما كنت اُقلب في التراب فإذا بشئ
بارد يلامس أطراف أصابعي، جزعت وهرعت بعيدا وأنا أوجه التأنيب لنفسي من أين جاءت هواية الزرع الآن، ومازلت أخشى تكرار المنظر وسأبقى رغم توراد الصور في مخيلتي وأنا أقرأ النص أعجبني، لكنه لم بنتزع الخوف مني، بل زاده ، إنه بانتظار كل انسان فلنتحسب تحيتي |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
إ
إلى لأخ الفاضل العزيز على القلب رأفت العزي لقد أدرجت قصيدة الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي تعبيرا على تأثري بفكرة النص وتأكيدا على ما جاء فيه لذلك أرجو أن لايفهم منه غير الذي أعنيه كما أنه يمكن أن نختلف في الرأي وفي عدة مواضيع لكن تبقى صداقتنا وأخوتنا وعروبتنا أقوى وأكبر كالحليل والأطلس هذا لتبيان ما أشكل أما بخصوص الشكر أو التعليق أو الرد هو استثناء فقط قكل إناء يرشح بما فيه وشكرا لك أستاذنا الفاضل أيهذا العربي الأصيل على حسن كرمك وضيافتكم لنا في صفحتك ودي واحترامي |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
اقتباس:
استاذي الفاضل زين العابدين كل الود والحترام لك ايها الأديب القدير اسعدني قلمك وسعيك الدائم من أجل الإثراء ، إضافتك رائعة وقعها كوقع الضوء في دجى الليل شكرا لك من القلب |
رد: (( اعتذاري لم يُقبل ! ))
اقتباس:
وربي المعبود لم ارى هذا الرد إلا هذه اللحظة التي كتبت لك ردا على ردك أعلاه .. فوجئت حقا بما كتبت فوالله لم يكن في ذهني أي تفكير سلبي او ما شابه بالعكس كنت ممنونا وفهمت تماما مقصدك وتبسمت في لحظة قراءتي وقلت في سري ما أجمل اللغة التي كان يكتب فيها أدباءنا في زمن القلم انني اكن لك كل احترام ويشهد الله على ذلك واعتبرك من الأشخاص الذين يُهاب قلمهم بثقافته ومعرفته ورقيه ولا أذكر اني اختلفت معك في رأي إلا إن كان في لون العدس هههههه تحيتي احترامي محبتي ولك كل التقدير |
الساعة الآن 57 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية