![]() |
الاستعارة-د/رجاء بنحيدا
إن الاستعارة في رأينا قمة الفن البياني ، وجوهر الصورة الرائعة ، والعنصر الأصيل في الإعجاز والوسيلة الأولى التي يحلق بها الشعراء وأولو الذوق الرفيع إلى سماوات من الإبداع ما بعدها أروع ولأاجمل ولا أحلى .
الاستعارة lقال الله تعالى :“أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين“سورة البقرة lقال الشاعر أحمد شوقي : رفعوا رفاتك في الرمال لواءً ** يسنهض الوادي صباحَ مساءَ ياويحهم..نصبوا منارا من دمِ ** يوحي إلى جيل الغد البغضاء ياأيها السيف المجرد بالفلا ** يكسو السيوف على الزمان مضاء lقال الشريف الرضي: ياظبية البان ترعى في خمائله ** لِيهنكِ اليوم أن القلب مرعاك الماء عندك مبذول لشاربه ** وليس يرويك إلا مدمعي الباكي سهم أصاب وراميه بذي سلم **من بالعراق لقد أبعدت مرمكِ قال عمر أبو ريشة : أين في القدس ضلوع غضة ** لم تلامسها ذنابى عقرب؟ وقف التاريخ في محرابها ** وِقفة المرتجف المضطرب كم روى عنها أناشيد النّهى ** في سماع العالم المستغرب إلى أن يقول : ياروابي القدس يامجلى السّنا **يارؤى عيسى على جفن النبي دون عليائك في الرحب المدى **صهلة ُالخيل ووهجة القضب لمّـــت الآلام مناَّ شمــــــلنا ** ونمت ما بيننـــــــا من نسب. الاستعارة الأصلية والتبعية lالاستعارة الأصلية ماكان اللفظ المستعار أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسماجامدا غير مشتق . ياكوكبا ماكان أقصر عمره ** وكذا عمر كواكب الأسحار الاستعارة التبعية ماكان اللفظ المستعار أو اللفظ الذي جرت فيه الاستعارة اسما مشتقا أوفعلا. ملأت جوانِبُه الفضاء َوعانقت **شرفاتُه قِطع السحاب الممطر. انقلاب الاستعارة التصريحية التبعية إلى استعارة مكنية -ولما سكت عن موسى الغضب -وعانقت شرفاته قطع السحاب الممطر -ولبست ثوب اللهو وهو جديد . شبه الغضب بالإنسان ، بجامع ظهور الانفعال في كل،وحذف المشبه به وهوالإنسان واستعير اللفظ الدال عليه للمشبه على سبيل الاستعارة المكنية . شبهت الشرفات بالإنسان بجامع السمو والعلو الذي يبلغه كل منهما ، ثم حذف المشبه به واستعير اللفظ الدال عليه ، وهو عانقت للمشبه، على سبيل الاستعارة المكنية في المثال الثالث : شبه اللهو بثوب بجامع الإحاطة والشمول في كل منهما ، ثم حذف المشبه به واستعير اللفظ الدال عليه وهو لبست للمشبه .على سبيل الاستعارة المكنية . بعد هذا الإجراء يصح أن نقول أن كل استعارة تبعية تصريحية يصح أن تنقلب إلى مكنية لكن إذا اجرينا الاستعارة في واحدة ، فإنه لايمكننا إجراؤها في الأخرى . ونعني بذلك إذا سرنا في شرح الاستعارة على أنها تصريحية تبعية، امتنع أن نجريها على أنها مكنية ..وكذلك العكس . قال المتنبي : نامت نواطير مصر عن ثعالبها** وقد بشمن وما تفنى العناقيد قال البحتري : يؤدون التحية من بعيد ** إلى قمر من الإيوان باد يقال : رحم الله رجلا ألجم نفسه بإبعادها عن شهواتها قال الشاعر وعد البدر بالزيارة ليلا *** فإذا ما وفى قضيت نُذُوري قال ابن نباتة في وصف فتاة : فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا** وعضّت على العنّاب بالبرد شبه الشاعر الحكام الذين يسرقون حقوق الناس بالثعالب بجامع الغدر في كل ، ثم حذف المشبه وصرح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية والقرينة لفظية وهي إضافة كلمة ثعالب إلى ضمير مصر . وفي ذكر بشمن وما تفنى العناقيد ... ترشيح لأنه يلائم المشبه به وهو الثعالب إذ هي التي تبشم من كثرة الأكل . شبه الممدوح بالقمر بجامع الجمال وحسن الطلعة في كل منهما ثم حذف المشبه وصرح بذكر المشبه به وهو القمر ، والقرينة لفظية وهي : يؤدو التحية .. فالقمر الحقيقي لا تُؤدى إليه التحية . وفي ذ=كر الشاعر من الإيوان باب ترشيح لأنه يلائم المشبه به . شبه القائلُ النفس بالجواد بجامع الانطلاق في كل منهما ، ثم حذف المشبه وهو الجواد ، وبشىء من لوازمه وهو –ألجم- على سبيل الاستعارة المكنية الأصلية والقرينة لفظية وهي إثبات الإلجام للنفس،وفي ذكر إبعادها عن شهواتها ... تجريد لأنه من ملائمات النفس وهي المشبه . إن الحبيب هو الذي وعد بالزيارة ليلا ، لأن البدر الحقيقي لايعد بالزيارة . شبه الشاعر حبيبه بالبدر ، بجامع البهاء والجمال في كل منهما. ثم حذف المشبه وصرح بلفظ المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية والقرينة مذكورة وهي –وعد- وفي ذكر الشاعر : فغذا ماوفى قضيتُ نذوري...تجريد.. لأنه يلائم المشبه ،وهو الإنسان الحبيب . شبه الشاعر دموع فتاته باللؤلؤ، وعيونها بالنرجس ، وخدودها بالورد وأناملها بالعناب وأسنانها بالبرد وحذف المشبهات وصرح بالمشبه بها على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية . وبما أنه لم يذكر شيئايتصل بالمشبه أو المشبه به فالاستعارة مطلقة . يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه . شبه الدهر بإنسان بجامع الهجوم والكر في كل منهما ، ثم حذف المشبه به ، ورمز إليه بشئ من لوازمه وهو يهج على سبيل الاستعارة الكنية الأصلية . وفي ذ كر الجيش ترشيح لأنه من ملائمات المشبه به وهو الإنسا ن . وفي ذكر أيامه ولياليه تجريد ، لأنه من ملائمات المشبه وهو الدهر . وبما أنه اجتمع الترشيح والتجريد في استعارة واحدة فهي مطلقة. |
الساعة الآن 38 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية